أن العالم سيؤمن بضرورة التعايش والسلام وكف شرور الأغبياء والطامعين، فقط بعد انحسار موجة المرض سيعود العالم لنقطة الصفر في بناء علاقاته السياسية...


إعلم أن الإنسان يفعل الخير غالبا لأنه ضعيف أو لا يشعر بالقوة، وقيل قديما أن أول خطوة في طريق الشر هي القوة، بعدها اصطلح الناس على مفهوم (توازن القوة) لمنع الشرور، ووصل لأن تحكم وسيادة دولة ما أو مجموعة أو فرد دون منافس متكافئ يعني فعل الشر حتما...


التاريخ يشهد...


١- الأنفلونزا الأسبانية التي قتلت ١٠٠ مليون إنسان في القرن العشرين كانت سبب (نفسي) لإقناع العالم بعبثية الحرب العالمية الأولى..فانتهت الحرب حتى قبل انحسار المرض...


٢- لولا الأنفلونزا الأسبانية وجرائم الحرب العالمية الأولى ما عاش العالم فترة سلام دامت ٢١ عام سوى بعض الحروب الصغيرة...


٣- لولا سقوط ملايين القتلى البريطانيين في الوباء والحرب ما تنازلوا عن مستعمراتهم وأشهرها لدينا مصر فقد نالت استقلالها بعد الحرب ب ٤ أعوام سنة ١٩٢٢ م، وكذلك لولا الحرب الأهلية الأمريكية في القرن ١٩ لاستولت أمريكا على كل أراضي المكسيك ليس فقط تكساس وكاليفورنيا قبل الحرب بسنوات..


٤- لولا الحرب والوباء ما وصل العالم لفكرة تأسيس عصبة الأمم سنة ١٩ بهدف حل مشاكله وتنظيم حياته السياسية..كما أنه لولا الحرب العالمية الثانية ما وصل العالم لفكرة الأمم المتحدة والعرب للجامعة العربية..


٥- لولا الحرب والوباء ما سقط أعتى نظامين دينيين في القرون الوسطى ..النظام العثماني التركي والقيصري الروسي..ولما وصل العالم ومفكريه وفلاسفته للشك في ثقافتهم والاقتناع بضرورة تغييرها أو تطويرها...


٦- لولا شعور العثمانيين بالضعف أمام ملوك إيران وروسيا في القرون الوسطى لغزوا آسيا وأوروبا، لكن سلسلة الحروب العثمانية ضد الصفويين والقاجاريين والقياصرة لمئات الأعوام أعادت للعالم توازنه وحفظت أوروبا وآسيا من سلطة دينية واحدة كانت تعمل على عولمة العالم حسب مذهب السنة...


٧- مبررات الحروب سهلة جدا وقصة إيجاد سبب لفعل الشر بسيطة، ومن يظن أن الحرب العالمية الأولى توقفت لشعور الزعماء بالخطأ دون قوة عليا لا يمكنهم السيطرة عليها وشعور جماعي بالضعف فهو واهم، ومن يظن أن إسرائيل ستنسحب من أراضي فلسطين دون شعورها بالضعف فهو مخدوع..


الآن بعد وباء كورونا الذي سينحسر حتما عن خسائر أقل من الأنفلونزا الأسبانية ستقف معظم الحروب الصعبة وتحل مشاكل كانت في الماضي مستحيلة الحل، وتعود للدول سيادتها المفقودة..مما يعني أن الشعب السوري سينال سيادته على أرضه ويُرفع الحصار الدولي على كل من سوريا واليمن وإيران وفنزويلا وغزة، ويعاد النظر بجدية في حل مشكلة فلسطين..


لحظات الرعب التي يعيشها العالم الآن وقياداته ستدفعهم للخيار الصعب الذي لم يفكروا فيه وهم أقوياء، وكما بطشوا وقتلوا وظلموا لطمعهم وجشعهم سيعودوا عن ذلك لشعورهم بالضعف والخوف من اكتساح الفيروس الضعيف الذي يقف العلم حتى الآن عاجزا عن التصدي له...


سيتأسس نظام دولي جديد رسمت معالمه منذ سنوات وأصبح العالم مجهزا لاستقبال ذلك النظام والتعايش معه دون تمرد، ولأنه النظام العادل الذي يجب أن يكون، ثم تعود الكرّة بعد فترة بظهور زعماء أغبياء وجشعين ليشعلوا حروبا أخرى وأزمات أخرى مركبة ومعقدة.. وحين تصل في تعقيدها وشدتها لحظة اليأس..يأتي الحل البسيط غير المتوقع لتدوم الحياه كما دامت ملايين السنين بنفس الطريقة..