قَالُوا لِمَ الهَمُّ وَالدُّنْيَا مَفَاتِنُهَا
تَجْلُو الهُمُومَ وَتُغْرِي كُلَّ ذِي حُلُمِ


لِمَ المَلالُ وَأفْقُ الفَجْرِ مُصْطَخِبٌ
بِالفَنِّ والسِّحْرِ وَالتَّغْرِيدِ وَالنَّغَمِ


لِمَ الهُمُومُ وَلَيْلُ الأمْسِ مُنْصَرِمٌ
وَعِنْدَكَ الغَدُ يَمْحُو كُلَّ مُنْصَرِمِ


فقلتُ فِي القَلْبِ نِيرانٌ مُدَوِّيَةٌ
كَزَعْزَع بكياني هَبَّ كَالحِمَمِ


أنَّى لِيَ النَّومُ أنَّى فِي دُجَى ألَمِي
وَالدَّمْعُ مِنْ مُقَلِي يَنْسَابُ كَالدِّيَمِ


أنَّى أنَامُ وَمَوْجُ البَحرِ مَضْطَرِمٌ
مُنْذُ الطُّفُولَةِ لَمْ يَهْدَأْ وَلَمْ يَنَمِ


مُأرَّقٌ أنا دَامي القَلْب مُتْعَبُهُ
مُحَشْرَجُ الرُّوحِ إنْ أقْعُدْ وَإنْ أقُمِ


مُعَطَّلُ الفِكْرِ أسعَى مُدْلِجَاً كَعَمٍ
يَسُوقُنِي الشَّكُ فِي الآفَاقِ وَالظُّلَمِ


تنْسَلُّ مِنِّيَ آهاتٌ مُصَعَّدَةٌ
تَنْعَى الشَّبَابَ بِلا شَيْبٍ ولا هَرِمِ


عقيمةٌ هذه الشكوى وَمُؤلِمَةٌ
فأينَ أذهَبُ بالشَّكوى وَبِالالم


كيفَ التَّبَسُّمُ وَالاعْمَارُ فَانِيَةٌ
وَكلُّ شَيْءٍ ـ خَلا رَبِّي ـ إلى عَدَمِ


مَا أكْذبَ الثَّغْرَ بِي إنْ لاحَ مُبْتَسِمَاً
أحْرَى بِهِ أنْ تَرَاهُ غيْرَ مُبْتَسِمِ


وَفِي خِضَمِّ اكْتِئابِي لاحَ لي مَلَكٌ
يَقُولُ فِي رِقَّة ما رُدِّدَتْ بِفَمِ


يَا ماشِيَاً فِي شِعَابِ اللهِ مُكْتَئِبَاً
مُبَعْثَرَ الخَطْوِ مَا إنْ تَهْتَدِي كَعَمِ


لا تِيْأسَنَّ فَعَيْنُ اللهِ سَاهِرَةٌ
تَرْعَى العِبَادَ فَلا تَحْزَنْ وَلا تَهِمِ