يُذَكِّرُنِي شَهْرُ الصِّيَامِ وَجَوُّهُ
بِأمِّي وَإخْوانِي وَأهْلِي وَدَارِيَا
بِمَائِدَةِ الإفْطَارِ أجْلِسُ عِنْدَهَا
عَلَى الأرْضِ وَالقُرْآنُ يُقرَأُ عَالِيَا
فَنَمْتَصَّ طَاقَاتٍ تُرِيحُ كَأنَّمَا
تَهَادَت عَلَيْنَا كَالرَّذَاذِ تَهَادِيَا
إذا مَدْفَعُ الإفْطَارِ دَوَّى بِدَارِنَا
دَعَوْنَا وَبَلَّلْنَا عُرُوقَاً ظَوَامِيَا
سَلامٌ عَلى شَهْرِ الصِّيَامِ بِحَارَتِي
وَسُقياً لِأيَّامِي بِهِا وَلَيَالِيَا
لَكَمْ مَرَّتِ الأيَّامُ فِيها سَرِيعَةً
كأنَّ حُلولَ الشَّهْرِ دَامَ ثَوَانِيَا
فَمَا حَلَّ حَتَّى انْفَضَّ عَنَّا مُوَدِّعَاً
فَمَا طَالَ، لَكِنْ طَالَ فِيهِ بُكَائِيَا
أنَا اليَوْمَ فِي عِزِّ اشْتِيَاقِيَ مُحْبَطٌ
لِطِولِ ابْتِعَادِي وَانْقِطَاعِ رَجَائِيَا
وَمَا أنَاَ إلا مِثْلُ صَحْبَي مُجَامِلٌ
أبَدِّدُ جَهْمِي فِي بَرِيقِ ابْتِسَامِيَا
وَمُعْظَهُمْ يَلقَاكَ زَيْفَاً بِغِبْطَةٍ
بِهِ كُتْلَةُ الأحْزَانِ أضْعَافُ مَا بِيَا
يَحِنُّ إلى المَاضِي حَنِينِي لِمَاضِيَا
وَيَحْلُمُ مِثْلِي أنْ يَرَى الرَّبْعَ ثَانِيَا
فَيَا لَيْتَ أنِّي مَا كَبِرْتُ وَلَيتَهَا
حَيَاتِي بِذَاكَ الوَقْتِ ظَلَّتْ كَمَا هِيَا
فَأوَّاهُ مَا أقْسَى المَعَاشَ وَضَنْكَهُ
لِمَنْ بَاتَ لا يَرْجُو لِحِبٍّ تَلاقِيَا
***
ثَكِلْتُ شَبَابِي وَالمَشِيبُ بَرَانِيَا
وَمَا وَاحِدٌ مِنْكُمْ أتَانِي مُوَاسِيَا
فُجِعْتُ بِأيَّامِ الشَّبابِ بِغُرْبَتِي
بَعِيدَاً عَنِ الأحْبَابِ أحْدُو المَآسِيَا
فَوَا مُرَّ عَيْشٍ كانَ أوَّلُهُ نَوَىً
وَآخِرُهُ حُزْنٌ عَلى مُرِّ مَاضِيَا
أأُفْجَعُ فِي فَقْدِ الشَّبَابِ وَلا أرَى
عَلى هذِهِ الصَّفْحَاتِ مِنْكُمْ تَعَازِيَا
لِيَ اللهُ كَمْ مِنْ شَاعِرٍ عَاشَ وَحْدَه
وَمَاتَ وَحِيدَاً مَا رَأى قَطُّ رَاثِيَا