خط شائع


وهو تسمية الرافضة لخصوم الإمام "زيد بن علي" أو الذين لم يوافقوه في الترحّم على أبي بكر وعمر


الحكاية أن مصطلح الرفض (سياسي) ضارب في الثقافة العربية للممتنعين عن بيعة الإمام، فالبدو ذوي ثقافة أبوية ترى أن رفض البيعة جريمة وخروجا عن تقاليد العشيرة، وتهديد لوحدة القبيلة من الداخل إذا اختلفت على تولية زعيمها، فكان انعقاد مجلس البيعة يعني (قرار مقدس) على الجميع سمعا وطاعة..ولا زال هذا التقليد معمولا به إلى اليوم..


مفهوم الرافضة المتداول في التراثين السني والشيعي كان يُطلق على رافضي ولاية "أبي بكر" في البداية وطال عددا من الصحابة ثم من رفض ولاية عثمان، ثم استقر على رافضي ولاية "معاوية بن أبي سفيان" وحاربوا أولاده من الهاشميين، أي أنه أطلق على جيش الحُسين بن عليّ وجماعة التوّابين والمختار الثقفي، لكنه لم يُطلَق على العباسيين رغم تشيعهم والسبب أنهم كانوا ملوكا..إنما أطلقوه على خصومهم من العلويين الذين رفضوا ولاية "أبي جعفر المنصور"


يعني الرفض هنا ليس عقائديا بل سياسيا، تطور ليصبح عقائدي في العصر العباسي الثاني بعد اشتعال الحروب المذهبية بين الأسر الشيعية (بني حمدان وبني بويه والفاطميين) وبين الأسر السنية (العباسيين والسلاجقة والأيوبيين) وفي هذا العصر وضعت كافة أحاديث قتل الرافضة منسوبة إلى الرسول منها " يكون في آخر الزمان قوم ينبزون الرافضة، يرفضون الإسلام ويلفظونه، فاقتلوهم فإنهم مشركون" (مسند ابن حنبل 808) و (فضائل الصحابة 702)


وواضح من رواية ابن حنبل أنها قيلت في زمن ترسخ فيه مفهوم الرفض بشكل عقائدي، علما بأن كتب ابن حنبل كتبها أولاده في بدايات العصر العباسي الثاني المشهور ب (موالي الأتراك) وهؤلاء مختلفين عن الفرس الأقرب للتشيع الهاشمي في العصر العباسي الأول، وهذا سر غياب الأمر بقتل الرافضة في عصر الأئمة الأربعة – الأموي والعباسي الأول - وظهور إشارات تتهم بعضهم بالرفض كالإمام الشافعي الذي كان يحب آل البيت فاتهموه بالرفض واشتهر عنه بيت شعر يقول " لو كان حب آل البيت رفضا فليشهد الثقلان أني رافضي" ويظهر أن مصدر هذا الاتهام للشافعي كان مؤيدي المنصور وأبنائه ضد من يظهر أو يبالغ في طقوس ومشاعر حب آل البيت لمقاومة الجواسيس العلوية التابعة لمحمد النفس الزكية وأبنائه وأنصاره الذين قدسوه بعد موته..


أما الشيعة الأوائل فهم قبلوا هذا المصطلح عليهم لأنه لم يكن سبّه دينية وقتها بل اتهام سياسي وهم أنفسهم اعتبروه أمرا جيدا، وفي التراث الشيعي علامات لذلك منها اعتبار رفض معاوية كرفض فرعون والتشيع لموسى، ومشهور ذلك عن الإمام جعفر الصادق قوله " أما علمت يا أبا محمد أن سبعين رجلا من بني إسرائيل رفضوا فرعون إذ استبان لهم ضلالته و لحقوا بموسى إذ استبان لهم هداه فسموا في عسكر موسى الرافضة لأنهم رفضوا فرعون و كانوا أشد ذلك العسكر عبادة و أشدهم حبا لموسى و هارون و ذريتهما فأوحى الله إلى موسى أن أثبت لهم هذا الاسم في التوراة فإني سميتهم به و نحلتهم إياه" (فضائل الشيعة للصدوق 1/ 12)


ولم أتحقق من صحة نسب موسى للرافضة في التوراه، لكن المعنى صحيح وينطبق على الأنبياء جميعا لأنهم رفضوا الشرك والظلم معا..


لكن المفهوم أصبح سبّة لاحقا كما قلنا لتطوره بشكل عقائدي في العصر العباسي الثاني ليصبح مرتبطا بالكفر والزندقة، فلفظ رافضي يساوي لفظ كافر..وهكذا، حتى بداية العصرين الأيوبي والمملوكي تكون قد انتهت كل الدول الشيعية ليستقر المفهوم إلى مجرد (شتائم وتكفير واتهامات) في كتب الفقهاء بعضها كانت أحيانا ضد فقهاء سنة وزعماء سنة لوحظ فيهم ميلا لآل البيت ورفض الترحّم على معاوية تحديدا..