يعرفونك بظنونهم ... و يحملون فأسك القاسية ... و يمشون بين الناس و هم يكشرون عن أنيابك و يبرزون مخالبك و يطيفون البراري و أركان الأرض بجسدك الضخم المخيف ...
لقد كانوا حفاة ... عراة ... غرلا ... عزلا ... مساكين ... عالة ... لا يملكون قوت يومهم ... ضالين ... حتى عثروا على وجهك مسجى بلفائف الحكايا العجيبة و الأساطير الغريبة ... الموغلة في القدم ...
و ارتدوا جبروتك و عنفوان قدرتك و مسحوا ببقايا الدم المنثور على بردتك العتيقة ... جباههم و عمدوا إلى السبي و النهب و التقتيل و إهانة الصامتين ... باسمك ...و لك ... و بك ... و حتى ترضى ...
و تبتسم ...
و لو أنهم أدبوا المجرمين و مروا بالنخلات الفتية الباسقة دون أن يحرقوها لرحبت بهم العقول و صفقت لأدبهم الحنايا و لزفتهم الأرض ملائكة إلى عنان سماء الحضارة و القبول ... و لكنهم ...
زعموا القيامة للفقراء و المسحوقين و المغبونين ... و لما تمكنوا و لما ارتفع نقع سنابك خيلهم و أفراسهم ... و انعقد غمامة سوداء تحيق بكل الآفاق التي خلقتها الطبيعة رحبة صافية ... إنهم لما صاروا ذئابا ضارية
نبتت لهم النيوب و المخالب و طغى جوعهم و أعماهم ... تنكروا ... و نكثوا عهد السلام و المودة و استبدلوا قلوبهم بأحجار قاسية لا تتفجر منها الأنهار و لا تهبط من خشية و لا يأتي منها خير ... أهون خير ...
لقد قلبوا وجوههم في السماء ... و انعزلوا و اعتزلوا المخلوقات ... لاهثين ... باحثين ... عنك ... و عن حبك ... و رحمتك ... و شريعتك ... و ندائك ... و اختيارك ... عن حماك ... و لما لم يجدوا يدك تختار قلوبهم ...
و لما لم ينزل عليهم من سمائك رسول و لا دعاء ... ابتدروا أسنة الخوف و الترهيب ... و كتبوا على أوداج العالمين ملتهم جراحا نازفة نافرة حامية الدم ما تزال تفور ... تفور ... تفور ...


يتبع ....