دحلان والواقع الذاتي والاقليمي المرير

من المهم ان ننتبه الى سلوكيات ترافق اي حدث او متغير او مؤثر يخص الساحة الفلسطينية سواء ببعدها الاقليمي او الدولي الا ونجد اثارة موضوع خلافة عباس والاشخاص المرشحين لذلك تثيره جهات مختلفة وفي الغالب في الاعلام الاسرائيلي ، ويبقى الفلسطينيين بقياداتهم وبقواهم الشعبية وفصائلهم في موقف المتلقي للخبر او الاستقراء او الاشاعة او كما تسموها سموها ... وبعدها تتبلور المواقف المختلفة لمراكز القوى في ردات فعل قد تخلو من المنظور الوطني الى المشادات اللفظية والتشويه والتشكيك في هذا او ذاك وكأن الاسرائيليين واعلامهم وامنهم يشكلون لنا مربع الصراع وملعبه وبين من الاشخاص واللاعبين ، وللاسف يشارك بعض الفلسطينيين من خلال ما يسمى مراكز استطلاع الراي ومواقع مختلفة في اشعال نار التناحر والصراع والحشد والاستقطاب في داخل هذا المربع على وليمة ما زال طباخيها في دور الاعداد لها وهل تكون او لا تكون وتحت اي ظروف واي مناخات واي جغرافيات ونظام سياسي افرزته اوسلو في مهب الريح اذا ما نظرنا للقوى الاقليمية والدولية الحاكمة ومواقفها التي احبطت برنامج منظمة التحرير بما يسمى الشرعية الدولية والمبادرة العربية وحل الدولتين وظهور خيار اخر تقوده امريكا ودول اخرى تحت مسمى صفقة القرن والحل الاقتصادي الامني واختبار حسن النوايا لمدة 4 سنوات والسلام مقابل السلام والتنمية بدلا من السلام مقابل الارض . والرهان على اسقاط تلك الصفقة بكلمة (لا) لا تغني ولا تشبع شعب يواجه العديد من الازمات المميته سواء وطنية او ثقافية او معيشية ، في حين ان بوابات الضفة وغزة محكومة كما هي منظومة اوسلو التي لا تستطيع الفكاك من ماضيها ومن التزاماتها ، وتعجز للان من وضع اي برنامج او اليات لتمكين الشعب من تعديل او تغيير بعض المعادلات بحيث تؤثر على المعادلات الاقليمية والدولية .
وامام تلك اللوحة والتخبط واثارة زوبعة مختلطة التناقضات وفي وقت حساس ودقيق وخطير وطرح مقولة من يخلف عباس في تعددية ممنهجة وليختفي مروان البرغوثي وتختفي ادوات الاعلام من تسليط الضوء عليه وهو ممنهج للتركيز على صراعات داخلية بين من هم حول الرئيس وليجتمع هؤلاء في شن حرب شعواء وتشويهية على محمد دحلان يدعونا للتوقف حول هذا السلوك الممنهج والذي يخلو من اي تصور وطني لمرحلة قادمة قد تعصف بالنظام السياسي ومنظمة التحرير والسلطة والفصائل التي هي في واقع العجز الان لاحداث اي ملبيات وطنية واستحقاقات تناسب كل المتغيرات التي تحدث بشكل متسارع والذي يحاول فيها ترامب تنفيذ تصوره على المنطقة قبل نهاية هذا العام .

ليست المرة الاولى الذي يثار فيها قصة خلافة عباس واخرها ما صرح به فريدمان سفير امريكا والمستوطن الصهيوني الاسرائيلي في نفس الوقت عل ان امريكا تفكر في استبدال الرئيس عباس بدحلان ، ثم يعاد تصحيح الخبر بعدم فهم سياق التصريح السابق ، الا ان الحملة الاعلامية من اللجنة المركزية والاجهزة الامنية في الضفة استمرت في حملات الهجوم والتشكيك في محمد دحلان ولم تتراجع وهذا يبين ان ما قاله فريدمان متفق عليه للاساءة بل حرق محمد دحلان والقضاء عليه سياسيا ووطنيا اي اغتيال بكل المواصفات المخابراتية بعد ان عجزت كل المحاولات السابقة في التوقيت والظرف وخاصة بعد تطبيع بعض الدول كانت الفرصة الذهبية كما يعتقدون ولحساسية الشعب الفلسطيني من التطبيع والهدف الاخر بعد ان نال محمود عباس شرعيته الداخلية في رئاسته لامناء الفصائل الوطنية والاسلامية يريد هؤلاء ان يؤكدوا شعبية للرئيس اعتقد لن يكون لها اذان مسموعة امام المتغير القادم .

سريعا دحلان في رد له وفي جمل مركزة اكد قائلا (من لا ينتخبه شعبه لن يستطيع القيادة وتحقيق الاستقلال الوطني وأنا محمد دحلان كلي إيمان بأن فلسطين بحاجة ماسة إلى تجديد شرعية القيادات والمؤسسات الفلسطينية كافة وذلك لن يتحقق إلا عبر انتخابات وطنية شاملة وشفافة ولم يولد بعد من يستطيع فرض إرادته علينا، وإذا كان ما نسب للسفير الأمريكي لدى دولة الاحتلال صحيحا، فذلك لا يزيد عن كونه تكتيكا مخادعا هدفه إرهاب البعض وزعزعة الجبهة الداخلية وأتمنى من الجميع أن لا نقع في شرك مثل هذه التكتيكات المهندسة بدقة، ولنعمل معا لاستعادة وحدتنا الوطنية والاتفاق على ثوابتنا الوطنية ووسائل تحقيقها، فلا شيء يستحق الصراع حوله داخليا، وكل القدرات والطاقات ينبغي أن تكرس وجوبا لتحرير وطننا وشعبنا العظيم .) اعتقد وهذا يكفي للرد على كل الابواق التي تصدر من هنا وهناك .

حقيقة حملة الارهاب والشتائم والمسبات والتخوين التي ترافق وتتوجه لكل من يكتب في هذا الاتجاه وفي اتجاه كشف هؤلاء التي عوراتهم مكشوفة تاريخيا وتجربة لكي يشككوا ايضا في كل ما يكتب عن طبيعة المعادلة الوطنية وتناقضاتها وخاصة اذا الامر يتعلق باي ايجابية تذكر عن محمد دحلان هو اسلوب مخابراتي ممنهج يستهدف التاثير على العامة والجمهور .

ولكن دعوني وان كان مقالي ليطول للكشف عن مواقف محمد دحلان واطروحاته منذ عام 2011م وبداية الحالة الخلافية وما تبعها من اتهامات وتشويه وساستشهد فقط بلقاءه مع وكالة عمون الاردنية حينها ايضا ظهرت قصة البديل او خلافة محمود عباس ، في حديثة مع وكالة عمون الاردنية وكعادته وبساطته وذكاءه وتواضعه وقوته تحدث الرجل وككل اللقاءات سواء على الفضائيات او وكالات الانباء بواقعية شديدة وبخطاب جذاب عنوانه الحقيقة وما يدور حول حقائق متعددة في الشأن الداخلي والاقليمي والدولي، كان لقاء وضع المفاصل والهمزات التعريفية لجمل سياسية متعددة.

ومن أهم ما يشغل الساحة الفلسطينية ما يثار في الشارع الفلسطيني وعلى المستوى الاقليمي والدولي عن خليفة لعباس او بديل لعباس وهل القادم بديل ام خليفة يرث نهج عباس وانتكاساته وفشله وضعفه ودكتاتوريته ونرجسياته، قد يكون دحلان وفي لقاءه هذا تحدث عن المضيعه والتوهان الفلسطيني في فترة وحقبة لا لون سياسي ولا مؤسساتي ولا برنامج يقود الساحة الفلسطينية سوى اثبات انه الرئيس..!!!فويل لكل من يجعله يفهم حقيقة ضعفه فله الاقصاء والتشهير والمنع وغيره من صلاحيات منحت له وفي ظل فقدان اي هوية سياسية تعبر عن مرحلة قادها، اما عن الشرعيات فلا شرعيات غير شرعية القرصنة لواقع متأزم ومازوم تلبي اغراض مرحلة اقليمية ودولية تم من خلالها فتح الفجوات والثغرات والانقسام والبطالة والتهميش لكل ظاهرة خيرة في حياة الشعب الفلسطيني، انه الرئيس بلا شرعية الذي يتجاوز سن الثمانين وثروة اصبحت تقدر 300 مليون دولار له ولاولاده واحفاده، ومن هنا تحتاج الساحة الفلسطينية بعد تلك المرحلة ليس خليفة لعباس بل بديلا عن نهجه يرسي قوة المؤسسة والقانون للحساب والثواب لما سبق من جرائم بحق الشعب الفلسطيني والقضية، ثوب جديد فاوسلو انتهت بموت عرفات وهذه حقيقة ترجمتها سلوكيات الاحتلال وغباء القيادة الفلسطينية.

قد يلعب المكون الاقليمي والدولي دورا في مفهوم الخليفة او البديل والرؤية الاقليمية والدولية المتعلقة بالصراع الفلسطيني الاسرائيلي وماهية الحلول المطروحة وايقونات القوة والضعف في الساحة الفلسطينية، وان مر خبرا مرور الكرام لخبر تسرب منذ اسبوعين لاجتماع ثلاثي في القاهرة يبحث عن خليفة لعباس مشكل من اجهزة امنية مصرية واسرائيلية وامريكية، ومحاور عربية كل لها وجهة نظر في شخصية البديل او الخليفة القادم... وقد تكون املاءات ضاغطة على واقع فلسطيني ضعيف مشتت مختلف ومتناقض حتى في اكبر فصائله حركة فتح التي ينتمي لها الرئيس ويرأسها.

صراحة دحلان لم تجعل شيئا غامضا، هو لا ينوي الترشح للرئاسة مفضلا مروان البرغوثي وفياض واضعا بصمات لمرحلة قادمة، هذا قول رجل قوي له علاقات اقليمية ودولية ضخمة تؤهله لقيادة الشعب الفلسطيني بل رئيسا وقائدا وزعيما بالتعريفات الثلاث للمفردات ....... ولكن لماذا دحلان نسي ذاته والايثار عن النفس امام وجهة نظر لمرحلة قادمة، قد تكون شخصية مروان برغوثي شخصية وطنية نضالية عليها عدة مؤبدات ولكي تكون مرحلة مانديلا ارادها دحلان او فياض الاكاديمي الذي يحتاجه الشعب الفلسطيني دوليا وايمانه بحكم المؤسسة لا الفرد وهذا ما ينادي به دحلان من قيادة جماعية وقانون ومؤسسة معبرا عن ذلك بقوله """ انتهاء عصر الفهلوة""

دحلان من الذكاء والفطنة والعلاقات تجعله اكثر قربا من ملامح المرحلة القادمة...... ولكن هل اختار دحلان وهو الرجل القوي وله قاعدة شعبية واسعة في الشارع الفلسطيني والرجل الاول في فتح ان يكون في المرحلة القادمة جنديا مجهولا يخدم شعبه ويخدم فقراءه ويخدم مخيمات اللجوء اينما كانت..؟؟؟؟ وهل المرحلة الانتقالية قد تمهد لنظام سياسي وحكم مستقر ..... هذا كله مرتبط بمقدار المضي قدما في دحر الاحتلال وممارسات الفلسطينيين سياسيا وامنيا واقتصاديا كدولة ولو كانت في ظل الاحتلال.

ولكن..........

هل تقبل القاعدة العريضة من الفتحاويين وانصار محمد دحلان بقراره بعدم الترشح للرئاسة..... اشك في ذلك..... فالواقع الذاتي وضغوطه قد تغير من المواقف وقد تبدل ايضا خيارات اقليمية....... وفي كل الاحوال قوة محمد دحلان وانسانيته ووطنيته وشعبيته هي التي ستحدد بالدفع بمحمد دحلان لانتخابات الرئاسة القادمة والقصة ليست خيار ذاتي وشخصي بل هي خيار وطني ملح وواجب.......او ربما قد نعيش التجربة الروسية لشخصيتين مكملتين لبعضهما وطنيا بين بوتن ومدفيدف .

في كل الاحتمالات قد ركل دحلان بقدميه كل الصغائر والصغار والفهلاونيين وما قيل وما يقال..... ولان دحلان يعبر عن تطورات نضالية فلسطينية فهو الفمتمرد على الفساد يبغض حكم الفرد والدكتاتورية وسلوك الطغاه.... ولانه الانسان بكل تواضعه ولذلك هو القائد بمواقفه ةوانسانيته واحاسيسه الوطنية ونكران ذاته...وهذا هو المطلوب
سميح خلف