اعلان انقرة المتجهات والابعاد

لا يخفى على احد كم من العواصم والبلدان حملت فيه ملفات الانقسام وفشلت جميعا ًفي تحقيق اي مصالحة بين القطبين المتنافرين ، وما يدعو للتساؤول لماذا فشلت جميع العواصم بما فيها مصر التي تحمل الملف الفلسطيني في تحقيق تقارب او توافق ولو نسبي بين فتح وحماس ، ولكن مع كل تلك الزيارات كانت القرار تلو القرار يصدره الرئيس ووزارته بحق غزة وموظفيها وابناء حركة فتح والفصائل واسر الشهداء والجرحى بتعليل اسقاط حكم حماس ، لا نريد ان ندخل في ملفات اعلامية والتهم التي وجهت من قبل حماس للرئيس عباس شخصيا بالخيانة والعمالة وو الخ ، والمفارقة العجيبة هنا هل يمكن ان يكون هناك ائتلاف بين ما يقال عنه عميل وتنازل عن فلسطين التاريخية وبين مقاوم يدعي تحرير فلسطين وكل فلسطين ! هذه هي المفارقة التي تدعونا لان نبحث ونتعمق في هذا التقارب المفاجئ الذي بدأ بلقاء على الفضائيات بين العروري ورجوب وكلاهما اسيرين سابقين وهل انتهت حالة الاحتلال وظهر برنامج جديد يتحدث عن الضم والتهويد لكي يتقارب الطرفين بحجة مقاومة الضم ، اليس الضم هو من نتاج الاحتلال اصلا ومطلوب دحر الاحتلال لكي ينتهي الضم ، وهل نمسك الافعى من رأسها ام من ذيلها ؟ .. فالضم تحصيل حاصل برنامج اسرائيلي مبني على الاستيطان والاحتلال .

من السخف ان تتحدثوا عن مقاومة الضم والاحتلال موجود اصلا وحصار غزة يملي على غزة قوانين الاحتلال واجراءاته ، اذا كيف تخاطبون الشعب الفلسطيني .. الشعب الفلسطيني بحاجة فعلا الى وحدة وطنية وبحاجة الى انهاء الانقسام المخطط له متى يبدا ومتى ينتهي وعلى اي برنامج سياسي يلتقي الفرقاء والمتخاصمين سابقا ، ولكن كما قلت اذا اردنا قطع راس الافعى فيجب السيطرة على راسها لا ان نمسك بذيلها لكي نقوم باعدامها وهذا ما يحدث فعلا في اجتماعات انقرة .. هم مسكوا الذيل الذي يمثل السلطة وتفاوضوا وبحثوا ساعات وساعات برعاية تركية حتى اثمر التوافق على الانتخابات التشريعية اولا وهنا لماذا لم تكن الرئاسية مثلا اولا ً ؟ .. ما علينا فلنبحث في قضية اخرى اهم .. السلطة نتاج اوسلو وحماس في انتخابات 2006 دخلت هذه الانتخابات بتوجه امريكي اسرائيلي وبعرض قطري ويبدو ان التاريخ يعيد نفسه مرة اخرى ، ولكن على حيثيات مكملة لما حدث في 2006 وترتيبات تمضي للامام في تدوير وتحوير النظام السياسي الفلسطيني مع بقاء مؤسسات اوسلو كما هي وتحت مظلة اوسلو ولكن ربما بتوزيع الادوار وربما باستبدال سلطة باجهزتها الضعيفة التي لا تملك شيئا بما يسموه الشراكة مع حماس التي اثبتت قوتها وسيطرتها على قطاع غزة امنيا وقادرة ايضا على ضبط اي اتفاق مستقبلي وبما طرح في الماضي والحاضر سواء بهدنة معلنة او غير معلنة مع ضوابط لانتشارها في الضفة الغربية تحت مسمى الشراكة ، اما المقاومة الشعبية التي يدعي بها الطرفين فليس لها الا وجه واحد وهو مقاومة الاحتلال بكل الطرق والوسائل بما فيها المسلحة والعصيان المدني ، هل يقبل الاحتلال على اجراء انتخابات تحت هذا السقف والغطاء ؟ علما بانني استبعد حدوث انتخابات قادمة ولكن فلنضع عدة فرضيات في الاولويات

الانتخابات المطروحة الان تشريعية اي البقاء في مربع اوسلو وهذا ما يريح امريكا واسرائيل على ان تمضي قدما في مشروعها سواء صفقة القرن او الضم الذي هو موجود حقيقة على الارض ولا يحتاج لاعلان وبدون اي مقاومة تقوم بها السلطة او اجهزتها او ا ن تكون السلطة قادرة على حشد الشعب الفلسطيني حولها في توجهاتها نحو حتى مقاومة سلمية وهذا ما ثبت فشل لجنة المقاومة الشعبية في حث الجماهير على ممارسة ابسط انواع المقاومة وهو رفع العلم الفلسطيني فوق المنازل .

بدلا من ذلك كان من الاولويات اولا الغاء التزامات السلطة نحو الاحتلال وسحب الاعتراف من خلال مجلس وطني طارئ يتم فيه تحديد العضوية بدقة غير التمثيل النسبي المعمول به وهو ظاهر بالنسبة للشعب الفلسطيني وهو نوع من الدكتاتورية والاحتقار للتحدث باسم هذا الشعب .. اذا مجلس وطني فلسطيني يعاد ترتيب عضويته بناء على قوى المستقلين والمفكرين والرجال الوطنيين بحيث لا تتجاوز نسبة الفصائل فيه 40 % .

ثانيا : اعلان سحب الاعتراف باسرائيل واعلان دولة فلسطينية تحت الاحتلال ينتخب لها برلمان بدلا من المجلس التشريعي .
ثالثا : ردات الفعل للسلطة الفلسطينية لم تاتي بشكل عشوائي كما يتحدث البعض ، وهروب من واقع عربي مطبع نحو تركيا التي هي اصلا من اول الدول التي اعترفت باسرائيل ومازال لديها اتفاقيات عسكرية وامنية واقتصادية مع الاحتلال وهذا خطاب مردود على من يطلقه ، وقطر تلعب دورا خطرا في التطبيع مع اسرائيل بين اسرائيل وحماس وبين اسرائيل والسلطة الفلسطينية مستقبلا ... ياترى على ماذا هذا الدور وهذه الوساطة وانجراف عباس وحركة فتح المؤتمر السابع نحو تركيا ... بالتاكيد ان الانظمة العربية منعت المساعدات عن السلطة وما قررته مؤتمرات القمة ليس لان الرئيس عباس قال لا لترامب فقط ، بل لان الانظمة العربية لديها من المعلومات والبيانات بان نسبة كبيرة من المساعدات تذهب لجيوب المتنفذين في السلطة وبالتالي الذهاب نحو قطر هو معسكر جديد لا يبتعد عن اسرائيل بل هو بالقرب من اسرائيل اكثر من الدول العربية التي طبعت ولكن يبدو ان هناك تعهدات قطرية بضخ الاموال على السلطة كما هي على حماس وعلى استعداد لضخ الاموال لما يسمى حكومة الوحدة الوطنية الان من خلال ترتيبات سياسية جديدة تلتزم بها حماس وفتح المؤتمر السابع ، اما باقي الفصائل فهي في مكون الصفر من حيث التاثير والموقف كما عودتنا دائما بل قد ينتقل دورها للتسحيج برغم خطورة هذا التوافق على القضية الفلسطينية .

اذا الوساطة القطرية والدور التركي يلعب لرسم خطوط سياسية لهذه التفاهمات التي لا تخلو من حركات بهلوانية في مقاومة شعبية سلمية تستنزف عواطف الشعب مع تدفق بعض الاموال لكي يتم تغييب فترة كبيرة من المعاناة عاناها الناس من الفقر والبطالة وهذه هي قصة صفقة القرن الامن والاقتصاد .

اذا هناك العصا والجزرة للشعب الفلسطيني العصا في غزة والعصا في الضفة وهو حكم امني ملتزم بتعاليم اوسلو مع بعض قضايا التلميع لهذا الدور او ذاك وهذا لا تعترض عليه لا امريكا ولا اسرائيل ولكن المهم ضبط الشارع الفلسطيني وعليه ارى ان اي انتخابات للمجلس التشريعي هو تجديد الشرعيات لمنظومة اوسلو مع ادخال بعض التعديلات فيها وهي حماس التي اعترف الجميع بقوتها في ضبط الشارع الفلسطيني وجدارتها الامنية وهذا ما تحتاجه اسرائيل وامريكا ولذلك هذا الخط العريض الذي قد تقبل فيه اسرائيل وامريكا حدوث انتخابات .

اذا لو انحاز المجتمعين في انقرة للثوابت الوطنية لتمركزوا في مفهوم وكيفية انهاء الاعتراف الفوري باسرائيل واعلان الدولة الفلسطينية المحتلة واطلاق المقاومة الشعبية والعصيان المدني بخطوات محسوبة سيدعمهم فيها الجميع والاعلان عن انتخابات برلمانية لدولة فلسطين ، هذا جانب والجانب الاخر هو مؤتمر شعبي عام للشعب الفلسطيني على غرار المؤتمر الشعبي الذي عقده الشقيري عام 64 بداية لولادة منظمة التحرير .

اما قصة المناكفة مع الدول المطبعة ولعب دور الحردان والتنقل بين هذا المعسكر او ذاك ليس في مصلحة الشعب الفلسطيني بل يجب على النظام السياسي الفلسطيني والقوى الشعبية ان تكون حاضرة بعطاء ايجابي وحوار مستمر مع كل تلك الدول حتى الدول الافريقية والاسيوية ، فقصة الحردان لا تجعل عقارب الساعة ان تعود للخلف ولكن علينا ان نعدل في مسارها في برنامج وطني حقيقي يحترمنا الجميع فيه .

بقلم / سميح خلف