آخـــر الـــمـــشـــاركــــات

+ الرد على الموضوع
النتائج 1 إلى 2 من 2

الموضوع: دخول الإسلام بنجلاديش وأندونيسيا بالحرب لا بالدعوة والتُجار

  1. #1
    أستاذ بارز الصورة الرمزية سامح عسكر
    تاريخ التسجيل
    19/07/2010
    العمر
    44
    المشاركات
    2,677
    معدل تقييم المستوى
    16

    افتراضي دخول الإسلام بنجلاديش وأندونيسيا بالحرب لا بالدعوة والتُجار

    خدعوك فقالوا أن الإسلام دخل الهند وأندونيسيا بالدعوة والتُجار، بينما في الحقيقة أن الإسلام دخل وانتشر في الهند الكبرى (باكستان والهند وبنجلاديش وسريلانكا) وأندونيسيا بالحرب، وسأذكر مشهدين لهذه القصة:


    أولا: نشر الدين في (بنجلاديش) بدأت قصته بغزوات "محمد بن القاسم الثقفي" في إقليم السند خلال العصر الأموي، كانت وقتها أرض البنغال (هندوس وبوذيين) ولم ينجح الثقفي في العبور شرقا للهند وبنجلاديش، لكن بعض الذين أسلموا من تجار ورحالة ذهبوا لسواحل الهند الغربية ومنها لبنجلاديش واستقروا هناك دون أي دعوة ونشاط تبشيري لخطورة ذلك على حياتهم.. كالرحالة "مالك بن دينار " أواخر العصر الأموي ت 748م الذي سافر للهند ومات على سواحلها الغربية المقابلة لبحر العرب..


    ثم اشتعلت القصة بغزوات القائد الأفغاني "محمد بن بختيار الخالجي" أواخر العصر العباسي تحديدا سنة 1200م ، حيث بدأ بنشر الإسلام في شرق الهند ثم دخل بنجلاديش سنة 1204 م وظل ينشر الإسلام بالقوة العسكرية وإخضاع المدن والقرن البوذية والهندوسية إلى أن اغتيل سنة 1206م، وقبل اغتياله بعدة شهور حاول (غزو التبت) لكنه لم ينجح وهزم الجيش الأفغاني من قبائل التبت البوذية وهذا تفسير كيف أن قبائل التبت حتى الآن لم تتحول، أولا: لوعورة أراضيها العالية والثلجية التي شكلت صعوبة على جيش الخالجي في اقتحامها، وثانيا لأن تلك القبائل كانت مدعومة عسكريا من الأسر الصينية الحاكمة، وهزيمة الخالجي كانت كارثية حيث قتل معظم جيشه وهو الذي تسبب لاحقا في اغتياله..


    غزوات الخالجي لبنجلاديش كانت بدعم "سلطنة دلهي" الإسلامي التي صنعتها غزوات "محمود سبكتكين الغزنوي" و "محمد الغوري" لشمال الهند، والتاريخ يثبت أن الغزنوي والغوري فعلوا مجازر بشعة في الهندوس راح ضحيتها الملايين، وإلى الآن شخصية (الغزنوي والغوري) مقدسة في باكستان باعتبارهم فاتحين أبطال، وبرنامجهم الصاروخي فيه صواريخ باسم هؤلاء لتذكير الهنود بمصير أسلافهم..


    المهم: بعد مقتل الخالجي توقف نشر الإسلام في بنجلاديش وانحصر وجوده في جنوب أرض البنغال، بينما الشمال تحكمه أسر بوذية، إلى أن جاء (الشاه جلال) وهو أمير عربي أو تركي – يوجد تنازع حول أصوله العرقية - فطلب الدعم العسكري من سلطان دلهي الإسلامي، وبالفعل حصل على الدعم وقرر غزو ما تبقى من بنجلاديش أوائل القرن 14 م تحديدا سنة 1303 م تقريبا، وبعد انتصاره بدأ في نشر الإسلام عن طريق جنوده واستقدم التجار والشيوخ لهذه المهمة، علما بأن بنجلاديش ظلت أغلبيتها غير مسلمة في العصر المملوكي..حتى أوائل العصر العثماني بشهادة المؤرخ "أبو الفضل بن مبارك" المتوفي عام 1602م في كتابه عن تاريخ سلطنة المغول، حيث ذكر أن بنجلاديش كانت متعددة الديانات خلافا للجزء الغربي من إقليم البنغال الذي يشكل الهندوس أغلبيته، أشبه بتحول المصريين للإسلام كأغلبية في العصر الفاطمي علما بأن قصة تحولهم بدأت منذ الغزو العربي قبلها ب 5 قرون، مرورا بثورات البشموريين في العصرين الأموي والعباسي.


    وهنا أذكر معلومة: أن أرض البنغال مقسومة لنصفين شرقي وغربي، الشرقي وهو بنجلاديش الحالية، والغربي يقع في الهند وعلى إسمهم سمي البحر المجاور ب "خليج البنغال" فيكون النصف الشرقي أغلبيته مسلمة والنصف الغربي هندوس..وهذا التصنيف كان سببا في اتهام الهندوس للبنغال المسلمين في تحولهم أنهم متأثرين بالعقيدة البوذية، فلولا (تبوذهم) ما أسلموا، والمقصد أن الشعوب التي تحولت للإسلام بعد الغزو السابق لضعف عقيدتهم الدينية واستسلامهم لضغوط الحكام المسلمين..ويستدلون على ذلك في أنهم قاوموا الإسلام في البنجاب والسند فترة غزو الأمير "القاسم الثقفي" وسلطنة دلهي التي كانت تفرض الإسلام أيضا كشريعة وتجبر الهنود على التحوّل لكنهم قاوموا ذلك وظلوا على هندوسيتهم..


    وفي هذا الادعاء إشارة لقوة العقيدة الهندوسية وضعف البوذيين في المقابل، لكنه يظل ادعاء هندوسي لتبرير ما حدث من تحول ديني..وتصديق لرؤيتهم للبوذية على أنها بدعة دينية قام بها "بوذا" في الألف الأول ق. م..وبرأيي أنه ادعاء كاذب جملة وتفصيلا، فجمهورية (بورما) البوذية والمجاورة لبنجلاديش لم تتحول وكذلك قبائل التبت البوذية لم تتحول، وإلى الآن هذا التوتر بين الإسلام والبوذية قائم في محاور التماس وأشهر تلك المحاور قضية مسلمي "الروهينجا" في بورما..التي يعود محورها الرئيسي لرفض بوذيين الشرق لمسلمين الغرب الهنود..


    أما قصة تحول المسلمين في بنجلاديش لأغلبية حصل في نهايات العصر العثماني وبدء الاكتشافات الجغرافية على يد البرتغاليين والأوروبيين، بعوامل عديدة منها التبشير بالفعل وزيادة المواليد، فالمسلمين أكثر مواليد من غيرهم في تلك المناطق، لكن أساس دخول الإسلام في بنجلاديش كان (بالحرب) وحماية السلطات السياسية من الخالجي وجلال شاه والغزنوي والغوري..حتى ممالك المغول المسلمة التي ظلت على نفس الخط بحماية ودعم المُبشرين الذي ترافقت جهودهم مع نشاط مسيحي تبشيري بدأ في ذلك الزمن..وتلك قصة أخرى تفسر لك كيفية ظهور المسيحية في وسط وشرق آسيا ذلك الزمن.


    ثانيا: نشر الإسلام في أندويسيا حيث بدأت قصته بوجود مملكتين يحكمهما بوذيين وهندوس حتى أوائل القرن 16م، الأولى: "ماجاباهيت" majapahit التي تعرضت للغزو العسكري من مملكة "ديباك" الإسلامية Demak sultanate وبعد فشلها في صد الغزو بدأ الإسلام ينتشر في أندويسيا بفعل السلطة الديباكية وحمايتها للمبشرين والدعاة، أما الثانية: فهي مملكة سوندا Sunda kingdom والتي تعرضت أيضا للغزو من مملكة ديباك الإسلامية، ومملكة أخرى إسلامية تدعى "بانتين" Banten sultanate وكلا الممالك الإسلامية استفادت من قوة مملكة "ملقا" التي نشرت الإسلام في ماليزيا خلال القرن 15


    كانت هذه الفترة صراعا عسكريا بين ملقا وماجاباهيت وبقية السلطنات البوذية والهندوسية في أندونيسيا..مستفيدين من دعم أسرة "مينغ" الصينية لممالك المسلمين ضد ماجاباهيت لأسباب دينية تخص الخلاف الطائفي بين الهندوسية والبوذية، أي أن الإسلام في أندونيسيا دخل عن طريق الملايو في شبه جزيرة ماليزيا وبمساعدة صينية عسكرية لها دوافع دينية وإمبراطورية تتعلق بمحاولات الصينيين غزو أندونيسيا لكنهم فشلوا أمام المقاومة الهندوسية للماجاباهيتيين، والمُطلع على الخريطة لن يجد هناك فارقا جغرافيا بين سومطرة الأندونيسية وأراضي ماليزيا وسنغافورة، أرض واحدة تقريبا متصلة عن طريق جزر صغيرة أشهرها جزيرة "كوندور" وبالتالي الشعب هناك واحد وثقافته متشابهة ولغاته المتعددة قريبة ومفهومة لبعضهم البعض.


    كانت طريقة نشر الدين في العصور الوسطي من جهة المسلمين هي (الحرب) ثم تأتي المرحلة اللاحقة بتمكين الدعاة والفقهاء لنشر الدين واستغلال حاجة هذه الشعوب لأموال الجزية وللوظائف العامة ، وقد يغضب مسلم عادي من تلك الحقيقة لكن هذا هو تاريخ أسلافه الذي يجب فصله عن جوهر الدين الحقيقي الذي يرفض نشر الإسلام بالغزو، وعقد السلام مع الشعوب المؤمنة بالسلام ..لذا فتبيان هذه الحقيقة لا شأن له بجوهر الدين فهذه قصة أخرى مرتبطة بالإلهيات والعقليات والنقاش فيها واسع وممتع..


    كانت مصالح أمراء وحُكام هي التي أدت لنشر الأديان في الماضي، ولا زال إلى اليوم مبدأ "الناس على دين ملوكهم" قاعدة لم تتغير وستظل ثابت من ثوابت علم الاجتماع والسياسة والدين..


    المهم: أن الأسطورة الشائعة عن أن الإسلام دخل أندونيسيا وانتشر بالدعوة والموعظة الحسنة أساسها (تضخيم) دور الشيخ " مالك إبراهيم" المتوفي عام 1419م واعتباره ناشر الإسلام هناك مع 8 فقهاء آخرون عرفوا إسلاميا بالحكماء التسعة ، ومالك هذا تاجر فارسي كانت له علاقات جيدة مع ملوك ماجاباهيت البوذيين والهندوس، وما لا يدركه هؤلاء الذين ضخموا دوره أن علاقته الجيدة مع الملوك دليل على أنه (ليس منافسا لهم) وأنه استفاد من تسامح البوذيين للإقامة في جزيرة جاوة..ووضعيته تشبه وضعية "مالك بن دينار" في الهند، فمالكا كان رحالة يجوب البلدان استقر في الهند ومات هناك ..ضخّم الإسلاميون دوره ليُصبح هو ناشر الإسلام في الهند..وهذا غير صحيح..


    التحول الكبير للإسلام في أندونيسيا حدث بعد غزو مملكة "ماجاباهيت" والقضاء على حكم البوذيين والهندوس فيها، وبالتالي فهناك فارق بين دخول الدين إلى أرض ما كعقيدة شعبية وسلطوية وبين دخول بعض أفراده، شبيه لما يأتي هندوسي يقيم في مصر مثلا..هنا لا يؤرخ على دخول وانتشار الهندوسية مصر إلا إذا حكمت سلطة هندوسية القاهرة ونشرت معتقدها وتحول المسلمين إلى الدين الوافد الجديد، وهذا ما حدث في أندونيسيا بفضل مملكتي (ديباك وبانتين) في القرن 16 أي بعد وفاة مالك إبراهيم ب 200 عام، علما بأن تاريخ تحول أندويسيا للإسلام حدث بالتوازي مع نشر المسيحية على أيدي المبشرين الأوروبيين في عصر الاستعمار، حتى وصل عدد مسيحيين أندونيسيا حاليا إلى 10% من عدد السكان تقريبا، وهو رقم كبير حدث بفعل القوة السياسية للهولنديين والأسبان والإنجليز..


    يبلغ عدد مسلمي أندونيسيا اليوم 85% من عدد السكان تقريبا، وهذا التحول الكبير للأغلبية حدث على مدار عدة قرون واختتم في ستينات القرن الماضي حين تحول كثير من الأندونيسيين للإسلام هربا من المذابح ضد الشيوعيين وأنصار الرئيس (سوكارنو) بتهم الإلحاد وتهديد القيم الأندونيسية المحلية، كان الناس يعتنقون الإسلام وإظهار التدين خشية الملاحقة الأمنية والشعبية..علما بأن هذه المذابح سقط فيها 2 مليون أندونيسي أغلبهم شيوعيين لادينيين، مع اتهامات لأنصار حزب "ماشومي" الإسلامي المحظور – إخوان أندونيسيا – بمسئوليته على التحريض وقتل الشيوعيين بزعامة الشيخ "محمد ناصر"، وماشومي هذا كان يدعو لإحياء الخلافة الإسلامية متخذا شعار (تركيا) النجمة والهلال.


    معلومة أخيرة: الإسلام في أندونيسيا الآن علماني عدا إقليم "أتشيه" وهو جزيرة صغيرة حكمت بالشريعة هناك، لكن الدولة بالعموم هي علمانية وثقافتها لا زالت متأثرة بالبوذية والهندوسية قبل الغزو الإسلامي للملايو، من ذلك عدم تقبيح المثلية الجنسية، فالمثلية في أندونيسيا منتشرة رغم سن قوانين سلطوية ضدها بدعوات من الفقهاء، والعقيدة الهندوسية لمن لا يعلم بها شق جنسي كبير عرف بالكاماسوترا الذي يصور أوضاعا مثلية، ولا زالت الكاماسوترا مؤثرة في مجتمع أندونيسيا بصفتها حضارة قديمة وثقافة شعبية، وقريبا أكتب عن أوضاع المثليين في جنوب شرق آسيا، فالثقافة هناك متشابهة..والمجتمع نشط في إثارة مواضيع حقوق الإنسان عموما..


    ومما سبق تبين بشكل مؤكد أن الإسلام دخل وانتشر في أندونيسيا بالحرب عن طريق مملكتي ( ديباك وبانتين) بمساعدة صينية شمالية ضد هندوس جاوة وسومطرة لأسباب مذهبية، وكذلك في بنجلاديش حيث دخل الإسلام هناك وانتشر بالحرب والغزوات العسكرية من أمراء الأفغان والفرس كالشاه جلال والخالجي وغيرهم، وأن الدعوات بانتشار الإسلام في تلك المناطق بالحكمة والموعظة الحسنة هو ادعاء لا يؤيده التاريخ ، وهروب نفسي من حقيقة عنف الأسلاف ونشر معتقداتهم بالحرب.


  2. #2
    مشرف المنتدى الفرنسي و الترجمة الأدبية و ترجمة الشعر
    عضو القيادة الجماعية للجمعية
    الصورة الرمزية Edward Francis
    تاريخ التسجيل
    01/05/2007
    المشاركات
    865
    معدل تقييم المستوى
    10

    افتراضي رد: دخول الإسلام بنجلاديش وأندونيسيا بالحرب لا بالدعوة والتُجار

    السيد / سامح عسكر

    تحية

    من فضلك ، الرجاء ذِكر المراجع ، التى إعتمَدتَ عليها فى كتابة المقال.

    دمتم


    Edward Francis


+ الرد على الموضوع

الأعضاء الذين شاهدوا هذا الموضوع : 0

You do not have permission to view the list of names.

لا يوجد أعضاء لوضعهم في القائمة في هذا الوقت.

المفضلات

المفضلات

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •