بايدن ومستقبل منطقة الشرق الاوسط .

انتظر العالم نتائج الانتخابات الامريكية بعين من القلق لاطراف قد ترى من ترامب الرجل المناسب لتوفير غطاء لها واخرين انتظروا فوز بايدين الدبلوماسي العريق في الدولة العميقة الامريكية التي تتغلف سياساتها عادة بالغموض او التوازن الايجابي نحو هذه الدولة او تلك ومنها اسرائيل التي تجد اجماع واتفاق وتوافق من المدرسة الامريكية بحزبيها الديموقراطي والجمهوري نجو تامين امنها وبرامجها مع تباين بسيط في الاليات ، ولكن لكلا الطرفين امؤيد والمعارض لوجود ترامب على رأس المؤسسة الامريكية فان ترامب وان اتى للبيت الابيض مرشحا للحزب الجمهوري ولكنه اتي من خارج المدرسة العميقة للحزب بمنظورها السياسي والمالي والمؤسساتي فهو من قطاع العقارات والمضاربات ، فالمؤيدين له من نفس القطاع عل المستوى الداخلي وخاصة الكنيسة الانجيلية وقطاع الاعمال العقارية اما على مستوى المؤيدين لبقاؤه من الدول وخاصة منطقة الشرق الاوسط فهم انظمة تكاتفت مصالحهم مع نرجسيات ترامب بان التوافق بين تلك الدول العربية وايران مستحيل وبالتالي اصبحت امريكا هي تمثل مظلة الحماية امام الخطر الايراني وتمدده في المنطقة ، وهذا ما حاول ترامب استغلاله بوقاحة حين طلب المال امام الحماية ومن جهة اخرى عدائه للاخوان المسلمين واتهام الحزب الديموقراطي بخلق النطرف وصناعته وخاصة فيما يسمى الربيع العربي ، اتهم ترامب امام بعض القرارات انه اضر بالامن القومي الامريكي سواء في سوريا او العراق او الصومال وانسحاب قواته من تلك الدول وان اتخذ عدة قرارات من العقوبات على ايران وانسحب من الاتفاق النووي مما اتاح لايران الحرية في تطوير برنامجها النووي بدون ااتخاذ اي خطوات مؤثرة تلبي الطلب الاسرائيلي بتطويع الموقف الامريكي بضربة مؤثرة لايران ... وهنا خضع ترامب في نهاية الامر لسياسة الدولة العميقة بخصوص ايران بحيث لا تصل المواجهة الى حد تفجير المنطقة وبعكس ما تريده اسرائيل . اي في المحصلة اتهم ترامب بالعشاؤرية وضعف الاداء بما فيه اتهامه بالتهاون مع فيروس كورونا الذي ذهب ضحيته مئات الالاف من الامريكيين .

اما الذين انتظروا هزيمة ترامب وخروجه من البيت الابيض الامريكي كالصين بالتحديد والفلسطينيين والايرانيين فهم وجدوا من هزيمته هزيمه لمشاريعه في المنطقة وخاصة في المناطق الاكثر توترا مثل ايران والعراق وسوريا وليبيا وفلسطين وانهيار خطه للسلام في الشرق الاوسط وما سميت بصفقة القرن وان كان قد طبق فيها ماهو لصالح اسرائيل بخصوص القدس والجولان والاستيطان وكذلك عل المستولا الاقليمي والدولي قد تجد الصين انهاء للعقوبات ومرحلة جديدة من دبلوماسية العلاقات مع امريكا في حقل التبادل التجاري وكما ترى ايران عودة المفاوضات ونهاء العقوبات عليها ، اما على المستوى الداخلي من عملوا على هزيمة ترامب هي الدولة العميقة باهم مؤسساتها الاعلامية والامنية وموقفه من قانون المهاجرين وجدار المكسيك وكورونا ....ونظرته للسود في المجتمع الامريكي .

فاز بايدن بالانتخابات معبرا عن سياسة الدولة العميقة في الحزب الديموقراطي وان كان تصريحه بخصوص سياساته بانها لن تكون مطابقة او وجه اخر لاوباما وهيلاري كلنتون .... فعلى المستوى الداخلي والمؤسساتي شكل كل اطقم مؤسساته القيادية من جميع الاديان والمهاجرين نحو شعار انه رئيس لكل الامريكيين ، ولكن مع حرصه ايضا على ان تكون نائبته هندية لزوج يهودي وكذلك وجووه اخرى في مؤسساته بالاضافه الل انه القائل ،(ليس شرطا ان تكون يهوديا لتكون صهيونيا ) وفي تصريحات مختلفة اكد هو ونائبته حرصهما على امن اسرائيل التزام ادبي واخلاقي وضرورة للامن القومي الامريكي وهي الخطوط الرئيسية للحزب الديموقراطي تجاه اسرائيل . وان اكدا على اطروحة الرئيس بوش لحل الدولتيت بالتفاوض المباشر ، هذا الخطاب الذي انتظره الفلسطينيون لفوز بايدن وتعهداته بعودة الدعم للسلطة ووكالة الغوث للاجئين وفتح مكتب منظمة التحرير وتجديد العمل القنصلي في القدس فقط....

اما بخصوص ايران فسواء ابان حملة بايدن الانتخابية او في حالة فوزه فقد اعلن عن امتعاظه لقرارات ترامب بخصوص انسحابه من الاتفاق النووي مع ايران مبررا موقفه بان ذلك اتاح الفرصة لايران ان تتقدم للامام في تكنولوجيا الذرة والصوايخ البلاستية ، ولكن من الملفت للنظر منذ يومين اعلن ان الحوار مع ايران لن يكون على قاعدة الاتفاق القديم كما هو ولكن سيشمل الصواريخ البلاستية ايضا وسيعمل على عدم امتلاك ايران لقنبلة ذرية ، بالتاكيد ان سياسة بايدن الداخلية ستشمل محاربة كورونا بالاساس وجدار المكسيك ويعيد وحدة الامريكان بكل الاجناس ، اما على المستوى الخارجي فلقد ظهرت بشائر برنامج بايدن وانعكاساتها على منطقة الشرق الاوسط :
1 – اعلان السلطة الفلسطينية بعودة التنسيق الشامل مع اسرائيل واستلام المقاصة وان حافظت اسرائيل على حقها كما تدعي بخصم 600 مليون دولار اموال ما تسميهم الارهابيين من اسر الشهداء والاسرى .
2 – اعلنت السلطة انها ستتعاون مع ادارة ترامب من اجل المفاوضات .
3 – اعلن غينيتس في رسالة موجهة للسلطة يدعوها للتفاوض والنظر بنظرة واقعية للمتغيرات التي حدثت في دول الاقليم .
4 – التقارب التركي السعودي وانطلاق التبادل التجاري بين البلدين .
5 – انطلاق المصالحة الخليجية التي بدأت بوساطة كويتية بين الامير الراحل الصباح وبرسالة ايجابية من الملك سلمان الان بين قطر والسعودية .
6 – تصريح الرئيس الايراني حسن روحاني عن امنياته بحوار جاد مع السعودية .
7 – تصريح وزير خارجية السعودية لا مانع لدى السعودية بالحوار مع ايران
8 – قامت بعض الدول بالنظر من جديد الى موضوع الحريات لديها .
9 - التطبيع لن يعود للخلف وسيكمل الرئيس بايدن ويدعم هذا السلوك في المنطقة بما يوصف الاستقرار .
10 – هناك تراجع في الموقف السعودي حول نظرية التطبيع واعلان وزير الخارجية الان بان السلام في المنطقة لا يمكن الا ان يتم بحل الدولتين والانسحاب من اراضي 1967 للوصول الى سلام شامل وتطبيع كامل مع اسرائيل اي يعني ذلك الرجوع للمبادرة العربية التي اطلقتها السعودية .

اعتقد ان قيادة بايدن للبيت الابيض الامريكي ستحدث متغيرات شاملة في المنطقة ومراكز القوى الاقليمية وهذه الظاهرة قد بدات فعلا بالظهور من خلال مبادرات وموقف جديدة لدول المنطقة سواء من تركيا او ايران او اسرائيل التي تدعو للتفاوض مع الفلسطينيين ، المنطقة مقبلة لعملية تبريد وليس تسخين وعملية توافق بين جميع القوى الاقليمية ومصالحها في المنطقة ايران تركيا اسرائيل وما يسمى نظرية الامن العربي من خلال تصور حل القضية الفلسطينية على مبدا التفاوض ايضا الذي قدر يستمر عدة سنوات ولكن هذا لا يمنع عملية صياغة جديدة للعلاقات الاقليمية في المنطقة ولكن السؤال هنا بخصوص القضية الفلسطينية هل ستقوم الادارة الامريكية بتبني خريطة ترامب في صفقة القرن ؟! ام ستعود لاساسيات الطرح الفلسطيني الاسرائيلي في المفاوضات بين عباس واولمرت ؟ وهل ستنطلق المفاوضات من البدايات ام الى النقطة التي توقفت فيها المفاوضات في عهد عباس اولمرت ؟ اما على الصعيد الداخلي الاسرائيلي فاعتقد ان امريكا ستدعم المعتدلين مثل غينتس في الادارة الجديدة للاحتلال الاسرائيلي وما يؤكد هذا التوجه نية عقد انتخابات برلمانية جديدة في اسرائيل وخروج نتنياهو من دائرة الحكم ، اما النظام السياسي الفلسطيني ايضا والطلب الاوروبي بتحديث المؤسسات التشريعية ستدعمه الادارة الامريكية الجديدة مما يعني ايضا تجديد وجوه النظام السياسي الفلسطيني من جديد مع التزام الولايات المتحدة الامريكية بدعم المؤسسة الامريكية .

بقلم / سميح خلف