اليوم الاسود في حياة امريكا الظواهر والابعاد

هكذا وصف الرئيس المتخب بايدن ما حدث للديموقراطية الامريكية التي طالما تغنت بها امريكا وما يمثله الكونجرس الامريكي من رمز للنظام السياسي الامريكي الذي لا يبتعد مفهومه عن تمثال الحرية وتأسيس امريكا والفدرالية الامريكية ، ولم يبتعد الاعلام الامريكي عن هذا الوصف واستنكار نائب الرئيس الامريكي بنس واعضاء في الحزب الجمهوري لما حدث من اقتحامات لمبنى الكونجرس من انصار الرئيس الامريكي المنتهي صلاحيته في 20 سناير القادم ، وموقف الحزب الديموقراطي الذي طوال فترة حكم ترامب كانت محاولات جادة في التشكيك بقدرات ترامب العقلية ومحاولة عزله ، وتزعمت هذا التحرك نانسي بيلوسي رئيسة مجلس النواب التي تتزعم محاولات عزل ترامب بعد اقتحامات انصار ترامب بدعم من اكثر من 200 مشرع امريكي اما الرئيس الديموقراطي الصابق علق على الحدث الفوضوي بانه يوم مخزي وعار عل امتنا في حياة امريكا .

نعم لقد اهتزت في هذا اليوم صورة الديموقراطية الامريكية وهذا ما عبر عنه الرئيس الامريكي السابق بوش الابن ""إنه مشهد مقزز ويحزن القلب.. هذه هي الطريقة التي يتم بها الخلاف على نتائج الانتخابات في جمهوريات الموز، لا في جمهوريتنا الديمقراطية"..

منظر مقزز ونحن نرى اعضاء الكونجرس منبطحين او مخفي رؤوسهم تحت المقاعد والاثاث .امام زحف الترامبيين .. اعتقد هذا المشهد في الموقع التشريعي للولايات المتحدة الامريكية يتجاوز كل قصائد الشعر بالديموقراطية الامريكية ونتائجها ، وعندما نرى مقتنيات رمزية للكونجرس تعرض للبيع على صفحات التواصل الاجتماعي بالاف الدولارات ....والسؤال هنا ؟ اين القدرات الامنية الامريكية التي جعلت من امريكا القوة الاولى في العالم والتي كانت ترعب كثير من الدول ، اين الاف بي اي الامن القومي الامريكي والوكالة الوطنية للاستخبارات الجغرافية والامن الفدرالي وغيره من اجهزة الامن الشرطية والامن الوطني .... اعتقد ماحدث استهدف الامن القومي الامريكي بشكل مباشر وهنا يضع جو بايدن وادرته على المحك كيف سيعالج الانقسام الحاد في المجتمع الامريكي وما احدثته الظاهرة الترامبية في المجتمع الامريكي من انقسام بين السود والبيض ، اعتقد ايضا وان امتلكت القوة الاولى في الاسلحة التدميرية الاانها كانت تعاني من اكبر مديونية داخلية واضيف لها الان الانقسام ربما له وجه ديموغرافي ووجه مختلط في المدن الكبرى وخاصة واشنطن عاصمة الحرية الامريكية .

ربما بعض المعالجات التي اتخذها جو بايدن في تشكيل ادارته اعتماده على الكفاءات المجربة وتحوز احترام الجمهور الامريكي من كافة الاعراق والجنس واللون والاهم انه مناصفة بين الذكور والاناث ونائبته هرتس هندية الاصول . ولكن ماذا سيفعل بايدن 75 مليون منتخب ومواطن امريكي معبئين لخدمة ترامب ويمتثلن لتعليماته وهذا مجرب في تحريضهم على الخروج مما ادى لاقتحام الكابيتول ... امريكا لن تهود كسابقتها منذ 200 عام بل ربما سنشهد انشقاقات في الحزب الجمهوري واضعاف له اذا لم يعتمد الحزب الجمهوري ترشيح ترامب في انتخابات 2004 م وربما يسحب ترامب جمهوره لتكوين حزب جديد ، هذا اذا لم تنجح خطوات عزله ومحاكمته من قبل الكونجرس قبل 20/1 وهو يوم تسلم بايدن .

بلاشك كراي شخصي ومن خلال تمحص وتفحص وجه ترامب ومنذ تسلمه الرئاسة وما قبل ذلك من حفلاته الانتخابية ومن خلال ملامح الوجه وتعبيراته حكنت اشك في قدراته العصبية والنفسية وهذا ايثضا كان محل شكوك لكثير من الشخصيات الامريكية واولهم نانسي بلوسي .....ولكن كيف لديموقراطية امريكية تاتي برجل يحكم امريكا ويتحكم في اقدارها ويرسم سياساتها الخارجية ويؤثر في مناطق التوتر في العالم .. لقد شهدت فترة حكمه اشعال التوتر في العالم بعكس سياسة الدولة العميقة في العالم بخصوص مناطق التوتر مع الصين وروسيا والاتفاق النووي الايراني واشعال واذكاء حالة الصراع في منطقة الخليج والقرصنة وابتزاز دول المنطقة على خلفية هذا الصراع، ومحاولة فرض حلول غير عادلة على الفلسطينيين بما يسمى صفقة القرن الذي اعترف بموجبها بالقدس عاصمة لاسرائيل واقر الاستيطان وقطع المساعدات عن السلطة واغلاق مكتب منظمة التحرير وتهويد الجولان السورية ، ان لنسحاب امريكا من التفاق النووي اعطى فرصة لايران ان تزيد من تخصيب اليورايوم وما العقوبات الاقتصادية على ايران الا كانت حافز للايرانيين ان يتمسكوا بنفوذهم في المنطقة في العراق واليمن ولبنان وسوريا وبعض الفصائل في فلسطين المحتلة وهي ذراع ايران الاستراتيجي في اي مواجهة عسكرية او حالة لتقسيم النفوذ في المنطقة بين القوى الاقليمية .
اذا امام الرئيس الجديد جو بايدن ان يعيد رؤية الدولة العميقة في التجارة الدولية ومناطق التوتر في العالم وان يعود للخلف بخصوص الصراع في منطقة الشرق الاوسط وفي مقدمته القضية الفلسطينية والمبني ع8لى حل الدولتين والقرار الاممي 242 والمبادرة العربية واعادة فتح مكتب منظمة التحرير ولكننا نعتقد ان بخصوص سوريا سيكون موقف الادارة الجديدة اكثر تطرفا وفي العراق وافغانستان وموقف معتدل مع ايران مما ينعكس على الحرب التي تقودها دول الحلف العربي في اليمن وتغيير بعض المواقف الامريكية بخصوص الحريات في دول المنطقة بعد ما حدث في الكونجرس ، وهناك ازمات متعددة تحتاج لتغيير المواقف في ليبيا والعراق وافغانستان والصين .

اعتقد ان مشاكل صعبة على المستوى الداخلي تواجه جو بايدن اولها الانقسام الحاد في الجمهور الامريكي وفيروس كورونا الذي ما زال يحصد الالاف الارواح الامريكية واعادة سيكولوجية المواطن الامريكي الى عهدها .... هل ينجح جو بايدن امام جمهور عريض لترامب وان تم عزله مما قد يتسبب باعمال عنف من مليشيات مسلحة تدين بالولاء له ... انها اربع سنوات عجاف ستواجه امريكا ربما تصل لتفكك بعض الولايات .اذا لم تكن حكمة في معالجة ظاهرة ترامب الذي يهدد بل يقر بانه سيدعم تأسيس شبكة تواصل اجتماعي لانصاره بلا من تويتر والفيس بوك ويعني ذلك خلق دولة في داخل دولة .. اذا الى اين تتجه امريكا .... هل تصدق مقولة ماركس انجلز بان الامبريالية اعلى مراحل الرأسمالية وسينهار اتحاد الولايات الامريكية ..؟ السنوات الاربع القادمة ستجيب على هذا التساؤل.
سميح خلف