و ان غاب عباس ؟! هل يغيب النهج؟!

ما ان تنقل وسائل الاعلام شيئا ما عن صحة الرئيس الفلسطيني المنتهية ولايته الا و تنشغل الاقلام في التنبؤ بما سيحدث من استقراءات لما بعد الرئيس و من هو الرئيس القادم ؟ وما هي المحاور التي تتنافس او تتصارع على موقع السلطة الذي سيمكن صاحب هذا الموقع من السيطرة على منظمة التحرر وباعتبار بأن حركة فتح مازالت هي المهيمنة على مؤسسات السلطة مع متغير يحدث الان من انتخابات حدد مواعيدها الرئيس في عدة مراسيم وتعديلات في قانون الانتخابات و تغييرات في القضاء وربما ايضا كان في الامن اي يحطاط الرئيس سواءا استمر في السلطة او لم يستمر المهم ان يبقى النهج السائد وبرنامجه هو المسيطر و الذي يلاقي دعما اقليميا و امريكيا و اجهزة الامن الاسرائيلية و في تغيير السياسة الامريكية بفوز بايدن استبشر هذا النهج بأن يستمر الدعم له فها هي الادارة الامريكية تستمر في دعمها للسلطة ب 150 مليون دولار و اعتقد ان غالبية هذا المبلغ موجه للاجهزة الامنية داعمة الوجود الحقيقي للسلطة ولهذا النهج و لعملية التنسيق الامني المقدسة كما ذكر الرئيس الفلسطيني عباس في احد خطاباته امام النخب الفتحاوية .
الرحلة المفاجئة للرئيس عباس الى المانيا و التكتم الاعلامي عن ماهية وهدف هذه الزيارة انطلقت الاقلام لتحلل وتمنطق وتستقرئ بين من هو يتمنى غياب الرئيس و منهم من اطلق العنان لقلمه ليقارن بين نهاية ابو عمار ونهاية ابو مازن و منهم الوسطي الذي لا يدعو للشماته في المرض وان اختلفوا مع محمود عباس .
اعتقد ان التغيير هو مطلب وطني ولكن ليس على قاعدة الامن والغذاء والمطالب الحياتية فتلك المطالب هي احد اعمدة التغيير المطلوبة من عمق البرنامج الوطني الذي يحاولون استبعاده الان على الامن والغذاء طبعا هذا المنطق يعزز مفهوم الحل الاقتصادي الذي طرحه بلير وطرحه قادة اسرائيليين وصفقة ترامب التي لن تتخلى عنها ايضا الادارة الامريكية الجديدة حتى بمنطق حل الدولتين التي عبر عنها المسؤولين الامريكان الجدد بأن الفلسطينيين مازالوا غير قادرين على ادارة دولة ذات سيادة و هذا يعطينا متجه عن ماهية الطرح الامريكي القادم بين الدولة واللادولة و التي ستكون ايضا امنيا واقتصاديا في الكُم الاسرائيلي .
مازال حلم تغيب عباس الذي مازال يأمل بأن يستمر رئيسا لكل السلطات التنفيذية والتشريعية والقضائية حلم الكثيرين من المعارضين سواءا من مربع اوسلو او المربعات الاخرى التي تدعو الى الثورة الشعبية من خلال عصيان مدني و استمرار نظرية الحرب الشعبية الداخلية والمباشرة مع الاحتلال متمسكين بوجهة نظرهم بأن اسرائيل قد تنتصر في حرب خارجية مع الجوار ولكن لا يمكن ان تنتصر و تحسم في حرب امنية عسكرية شعبية داخلية وانا من احد المؤيدين لهذا الطرح .

اعتقد منذ زمن اي منذ عقود كان هذا النهج التفريطي موجود في حركة فتح وكان الصراع موجودا ايضا مع الثوار و المناضلين والذين يرتكزون على الاسس التاريخية والاصولية للصراع مع المشروع الصهيوني ، ولكن النتيجة القائمة الحالية وعبر كل المراحل انتصر فيها التيار التسووي بعمق ارتباطاته الخارجية وبعمق التمويل وهذا ارتبط ايضا مع المتغيرات الدولية بسقوط الاتحاد السوفيتي والكتلة الشرقية وسقوط انظمة وطنية عربية مما سهل على التيار التفريطي ان يبدأ بنقطة الانطلاق نحو تسوية مذلة لحركة النضال الوطني الفلسطيني ومذلة للشعب الفلسطيني ومذلة للامن القومي العربي باعتبار ان فلسطين هي ملتقى وعمق الامن القومي العربي .

ولكن السؤالا لذي يطرح نفسه هل مشكلتنا في محمود عباس ؟ وقراراته ؟ سواءا من المساهمة في حصار غزة او القضاء على الحركة الوطنية في الضفة الغربية وغزة او تهميش فلسطينيي الخارج الذين يمثلون ثلثي التعداد الفلسطيني او قراراته بخصوص قطع الرواتب والتقاعد المبكر و غيره من قرارات اعتقد تصب لصالح اسرائيل في ضرب النسيج الوطني الفلسطيني وتفكيكه و تفكيك حركة فتح التي انحصرت في داخل الاطار الرسمي على نهج واحد هو نهج اوسلو وهو الصراع القائم في مربعها الان من فصل و استبعاد على قائمة هذا الصراع من اجل تحديد مراكز القوى التي يمكن ان تسيطر على السلطة في داخل النهج الواحد اما نهج الثورة الشعبية فهو مستبعد تماما عن كل انشطة اوسلو و قضاياها و صراعاتها ولا اعتقد ان يكون هناك لقاء بين نهج التسوية ونهج الكفاح المسلح .

هم يتحدثون عن وحدة حركة فتح كمفتاح لسيطرة نهج اوسلو في مربع المصالح المتنافس عليها ولكن في الحقيقة لاي دارس لحركة النضال الوطني الفلسطيني لم تكن حركة فتح موحدة منذ الاتفاق على خليتها الاولى وتفجير وحدتها منذ السنوات الاولى الى وقتنا هذا فهو صراع على النهج ولم تحسم حركة فتح بأدبياتها قضية التناقض الداخلي اقصد التناقض الفكري الذي اوصت بتأجيله الى ما بعد التحرير فسرعان ما تفجر التناقض على البرامج و من فاز في هذا هم من التحقوا بالانتماء او التوجه الى ما يسمونه الشرعية الدولية وفرضياتها و التي تقودها امريكا وتعمل لصالح اسرائيل .
اعتقد ان مشكلتنا ليست في شخص عباس وقراراته الميدانية التي تمس الحياة للشعب الفلسطيني فهي ذات تأثير كبير وان كانت تصب في عمق المشكل والازمة الوطنية وهو تشويه الوعي والثقافة الفلسطينية وخاصة في الاجيال الجديدة التي اقتصر وعيها على ما وفرته اوسلو من طرح ثقافي يستهدف بجنون قضية التاريخ والجغرافيا والواقع الوطني .

هذا النهج سواءا اليوم او غدا سيغيب عنه عباس ولكن من المبكر ايضا ان نقول ان العالم الذي تقوده امريكا قد رفع الكارت الاحمر بوجوب انتهاء فترة محمود عباس و ان كانت هناك بعض الانشطة لتي يقودها بعض المحاور تحاول ان تروج نفسها و تسوق لنفسها ضمن مربع مفاهيم اوسلو عند امريكا واسرائيل بخطاب اوسلوي يتحدث عن قضايا معيشية فقط ربما ما هو متوفر الان والذي يلاقي نوع من الشرعية الدولية الاقليمية هي تلك التيارات المتنافسة في داخل المربع الواحد ومنها التجمع الذي يقوده ناصر القدوة و البرغوثي الذي لن يخرج عن القواعد الاساسية لهذا النهج اي نهج محمود عباس و خالد الحسن وابو عمار فهو المُنطق دوليا واقليميا الان ولكن تبقى المشكلة هو التقييم الدولي لامريكي والاسرائيلي وبعض دول الاقليم ايهما يمكن ان يحقق المعادلة الاسرائيلية الامريكية هل محمود عباس ام هذا التجمع الذي استعان بمروان البرغوثي لكسب الاصوات فقط ، و هل يمكن ان يكون هناك في ظل التفاهمات بين حماس وبعض المؤسسات الامريكية والغربية التي تنقل وجهة النظر للاسرائيليين ان تكون حماس هي الوجه الاخر لشراكة حول تدوير اوسلو و مفاهيمها والتي لا تعدو ان تكون بين الدولة واللادولة والاقرب الى روابط المدن في الشمال والجنوب مع تهويد مشرع امريكيا ل 35% من الضفة هو الاقرب ؟ هنا التقديرات الاقليمية والدولية هي التي ستقرر وليس صندوق الانخابات والمشكلة تبقى ليس في عباس كشخص بل في نهج نخر حركة فتح منذ السنوات الاولى من السعينات من القرن الماضي .

سميح خلف