المظاهر السياسية للحرب الرابعة على غزة


بدأت متغيرات سياسية واقتصادية وقبل وقف اطلاق النار تحدث على الساحة الفلسطينية والتعامل مع غزة مباشرة ودخول مصر بشكل مباشر في اعادة الاعمار المدعوم من قوى دولية واقليمية .. تعني ان الساحة الفلسطينية والنظام السياسي الفلسطيني سيشهد متغير كبير ، موقف السلطة برئاسة عباس يحاول ان يفؤرض نفسه لاول مرة في الضفة بما يتناقض مع مواقفة السابقة منذ سنوات للاحتلال فهو الان اغمض عينية ولربما بتوجه بوجود اطلاقات رصاص على الاحتلال ودخول المواطن الفلسطيني بشكل مباشر في الاشتباك واهمها مع مستوطنة بيت ايل التي يوجد بها قيادة الاحتلال للضفة ... عباس يلحق بالقطار للمتغير ولكن في اعتقادي ان القطار لن يستوعبه حتى في الضفة .

بالتاكيد ان هناك اكثر من عامل ودافع عن سابقتها من حروب خاضتها غزة مع الاحتلال والدوافع قد تكون مختلفة ايضا ، ففي الحروب السابقة كانت غزة تبحث فقط عن كيانيتها الوطنية وان كانت في نطاق الوجه الحزبي لقيادة قطاع غزة ، واستطاعت غزة بقواها الفاعلة ان تستفيد من تجربة المواجهة مع الاحتلال وتفهم عقيدته العسكرية وردود فعله المختلفة بما فيها قد طورت امكانيتها الدفاعية والهجومية ايضا ً في تصور دقيق للقدرات العسكرية الاسرائيلية وما تستطيع ان تقوم به ضد غزة ، هذا الامر قد اختلف تماما الان ، فهذه الحرب والمواجهة التي فاقت في قوتها التدميرية الحروب الثلاث السابقة كان لها توجه اخر ، فحين انطلقت تلك الحرب والمواجهة كان لها اكثر من سبب :
1 – ان القوى التي تحكم قطاع غزة وفي مقدمتها حماس والجهاد وباقي الفصائل اصبحوا يشكلون مكون وطني قوي باكانياته التصنيعية والعددية والتكنولوجية ايضا ً من غواصات محدودة القدرات والطائرات المسيرة ومدفعية وراجمات صواريخ وكثير من الاشياء قد لا نعلمها الان موجودة لدى الفصائل التي تفوق ذلك.

2 – اصبحت القوى الفلسطينية مقتنعة تماما ً امام المشاريع المختلفة واخذ غزة كشبه دولة منفصلة عن الجغرافيا الفلسطينية غير مقبولة لدى كل غزة بكافة اصنافها مما يتيح تهويد الضفة الغربية امام تقاعس او منهجية محمود عباس وقيادة حركة فتح التي يسيطر على تيار فيها بما يحدد الخطورة الكبرى لتهويد الضفة والقدس وباقي الاجزاء .

3 – اصبحت دوافع المواجهة الحالية هي الثقة الكاملة بان غزة قادرة على توازن الرعب واحداث تاثير كبير على الاحتلال ومجمعاته في داخل الارض المحتلة في اي حرب قادمة او مواجهة مما يعطيها مكاسب سياسية تعيد القيمة الاعتبارية للجغرافيا الفلسطينية ,

4 – المحددا السياسية اظهرتها الشروط التي طرحتها قيادة حماس والفصائل الاخرى والتي بدات بالاستجابة لنداءات الشعب الفلسطيني في الاقصى وفي الشيخ جراح وهذا يثبت فشل الحل الجغرافي لما تبقى من الارض الفلسطينية في غزة .

5 – المواجهة للان ولليوم الثامن تثبت ان المقاومة كانت على ثقة كاملة بالخطوات التي اعدتها منذ شهور لتلك المواجهة التي ربطت غزة بعمق الضفة ومركزها القدس والشيخ جراح .

6 – مازال العدوان من قبل الاحتلال على غزة وان احدث دمار كبير هذا لا يعني انه حقق انتصارا بل هزيمة ساحقة له عندما تشل كل قدراته الاقتصادية وحياته اليومية ومواطنيه ويتحكم فيها قائد اركان القسام محمد ضيف ويحدد لهم متى يخرجوا من الملاجئ ومتى يعودوا .

*المظاهر السياسية قبل نهاية المواجهة المتوقعة خلال ايام :
1 – الكيان الاسرائيلي ومنذ عام 1948 وما سماها " حرب التحرير" و لم يستطيع فرض سيادته على الارض الفلسطينية بكاملها وان حقق بعض الانتصارات منذ ذاك الوقت على الواقع العربي ولكن غزة الان تحدث معادلة جديدة بان كان هناك خللا كبيرا في المواجهة بين العرب واسرائيل يجب ان يدرس بدقة وان كان مفهوما للكثيرين .

2 – الموقف الدولي الان الذي يتيح مجالا من الوقت لكلى الاطراف لكي يحسم كل منهما ما يستطيع قطفه وهذا ليس في صالح اسرائيل وان كانت امريكا بخطابها المعتدل من وزارة خارجيتها تدخل في الحرب ضد غزة من خلال الاسلحة المتقدمة كالقنابل الارتجاجية والفراغية التي ارسلتها للاحتلال منذ ايام لتلاحق منازل قيادات المقاومة وتدمير الابراج واثارة الرعب النفسي .

3 – الاقتصاد الاسرائيلي كله متوقف بما فيها حركة المستوطنين والطيران الدولي والخ بما يثبت ان اسرائيل فقدت سيادتها على الارض الفلسطينية المحتلة منذ عام 1948.

4 – دخول الفلسطينيين من عام 1948 من خط المواجهة اثبت ان هناك وحدة للارادة والحلم الفلسطيني وهو لم يتحقق منذ الانتفاضة الاولى ، ولكن الان بخطوط سياسية اخرى وهنا اسقط الشعب الفلسطيني واسقطت غزة برنامج منظمة التحرير الذي استثنى فلسطينيي الداخل المحتل في البرنامج السياسي الفلسطيني واعتبرهم بتسمية عرب اسرائيل وهو مغالط للحقيقة فهم فلسطينيين اولا ولهم احلامهم في الارض الفلسطينية كمثلهم في الضفة وغزة والشتات .

5 – بالتاكيد امام عجز السلطة سقوط برنامجها لا تمتلك اي اوراق في الاحداث الحالية بخطوطها السياسية وامام الحروب السابقة على غزة لم تحرك ساكنا ً ولم تدفع الفلسطينيين في الضفة للخروج لمواجهة الاحتلال الى الايام الاولى من المواجهة الحالية ولكن ادركت السلطة ان نهايتها قد قربت وانها لن تضيف شيئا او تعطي شيئا في التصورات السياسية القادمة لانها لا تمتلك اي اوراق قوة ، ولذلك من اليوم السابع للمواجهة مع غزة دفعت ببعض المسلحين لاطلاق النار على بعض الكمائن الاسرائيلية واخرجت القوى الشعبية في الضفة للاشتباك المباشر مع الاحتلال في بيت ايل وطولكرم وبيت لحم وجنين وهذا يعاكس مواقفها السياسية التي يعملون بها من تحت الطاولة مع الاحتلال او ما يحاولون ان يصنعوه من مواقف سياسية او دبلوماسية مع القوى الدولية والاقليمية التي تدرك ان السلطة لا تمثل ولا تمتلك من اوراق في التاثير على المعادلة القائمة ، ولذلك السلطة ارادت ان تقول اننا نمتلك اوراق قوة قوية اذا كانت المعركة على الضفة الغربية والقدس فهاهم جماهير الضفة الغربية تخرج لتعيد معادلة الامن مع الاحتلال بما يؤرق الاحتلال ويمنع الاستقرار ، ولذلك خرجت تلك الجموع لتعيد السلطة توازن المعادلة بينها وبين غزة .

6 – بالتاكيد ان ابناء حركة فتح هم من خرجوا على الحواجز والمستوطنات وهم من اطلقوا الرصاص وهنا لا نستثني القوى الوطنية الاخرى والاسلامية ايضا ، ولكن فتح اظهرت انها تستطيع ان تغير كثير من المعادلات وان تتحول من الحالة السلمية التي قادها اليها محمود عباس الى حالة المقاومة الشعبية بكل الطرق والمواصفات .

7 – بالتاكيد ان قرار مصر باعادة اعمار غزة بـ 500 مليون دولار هو موقف مصري استراتيجي لمعادلة سياسية قادمة تستثني السلطة ايضا وبعلاقة مباشرة مع غزة مباشرة وهو ما يغضب السلطة وما تقول انها تمثل الشعب الفلسطيني ولكن مازالت الامور متاحة الان في التصعيد الموجود في الضفة الغربية وعمق التشابك مع الاحتلال وما تقدمه من شباب وضحايا في المواجهات واحداث تاثير كبير على حركة الاحتلال مما يؤهلها لان تكون دبلوماسيا وسياسيا في داخل المربع في تغيير الاحداث في فلسطين ، هذا الموقف المصري الداعم للقضية الفلسطينية بالتاكيد مدعوم من قوى اقليمية ودولية ماديا وسياسيا ومعنويا .

اذا هذه المواجهة مع الاحتلال في غزة وكل شبر من فلسطين هي التي ستحدث متغير في النظام السياسي الفلسطيني وتوجهاته وخطوطه السياسية واستحقاقاته ماعجزت عنه التصورات القائلة بان الانتخابات ستعيد الشرعية للنظام السياسي الفلسطيني او تغيير النظام السياسي الفلسطيني ... انتظروا ماهو آتي من جديد من صمود غزة وشباب الضفة الغربية وام الفحم واللد والرملة والقدس .

بقلم / سميح خلف