ما ننتظره من التيار الاصلاحي في حركة فتح

ثمة ما هو مهم وواجب وطني وبعيدا عن عقد و تصنيفات قد يتناولها البعض بقراءة سطحية لما سأكتبه في هذا المقال مبنية على قاعدة التوصيف الفصائلي بمواقفه المختلفة بل سأكتب هذا المقال بناءا على الخريطة الفصائلية على ارض الواقع و المرتبطة بمنظور واحد ومدى فاعلية تلك الفصائل في التجاوب مع ازمات شعبنا سواءا كانت سياسية او اجتماعية او ثقافية وبالجمع (الوطنية) .

ليس المقصود من هذا المقال ان اكون اداه من ادوات التسحيج لهذا الفصيل او ذاك او هذا التكوين او ذاك بأنا لا امثل اي مصنف اعتباري لاي فصيل بل امثل حالة وطنية لها جذورها وامتداداتها في كل مراحل التجربة الحركية وعندما اقول التجربة الحركية اقصد هنا ايضا التجربة الفتحاوية بكل منعطفاتها وازماتها وتحولاتها .
بالتأكيد نحن بحاجة لنظرة واقعية على كل المخرجات والنتائج التي اتت بها اوسلو والتي لا تخفى على احد حتى المنظرين لها وازماتهم النفسية مع الذات وبعضهم الذي مازال يتمادى في تبني تلك النتائج الفاشلة التي قد تصل الى محطة الخطيئة والخطايا و ما افرزته من انهيار للبرنامج الحركي المرحلي والمحدود اما الاستراتيجي فلا تحدثوني عنه الان فكل شيء اصبح خاضع لنظرية الانهيار سواءا مرحلي او استراتيجي في ظل فشل حل الدولتين و ماهو معمول به الان ادارة الواقع وسحب الوطنية الفلسطينية الى هذا التعريف ليبقى الوضع كما هو عليه فلسطينيا اما اسرائيليا فالخطة او البرنامج الاسرائيلي مازال يتقدم كل يوم نحو غاياته في السيطرة على الحجر والبشر في ارضنا و مدننا وقرانا .

يبدو في خلال العشر سنوات الماضية ان الفصائل في حالة انفصال عن الحاضنة و التي تمثل بالتعريف الشمولي الشعب الفلسطيني واذا ما اخذنا دور السلطة فأصبح تتبلور حالتها الوظيفية في ادارة الواقع اي واقع الاحتلال بما يستوجب عليها تقديم خدمات بيروقراطية وظيفية المستفيد الوحيد منها الاحتلال و مخططاته مبتعدين رويدا رويدا و تدريجيا عن الاستحقاقات الوطنية التي تستوجب النهوش بالحالة السياسية والاقتصادية والاجتماعية للشعب الفلسطيني حيث اصبح الشعب الفلسطيني هو بؤرة تنفلت عليه كل الازمات في جميع الاتجاهات من فقر وبطالة وانهيار اقتصادي و تذويب ثقافي كل ذلك يحتاج معالجات لم تعتني بها الفصائل الفلسطينية كحتمية لتحقيق الاهداف الوطنية و خلق الانسان الفلسطيني القادر على التعاطي مع كل الازمات وما تفرضه من ظواهر .

و من هنا امام عجز كثير من الفصائل عن المساهمة الفعلية في فكفكة تلك الازمات امام حصار خانق وتغييب للانسان الفلسطيني في الساحات الاخرى كالساحة اللبنانية ودول المنافي واللجوء اذكر هنا الاتي .

على مستوى الوضع الداخلي :-

ما قام به التيار الاصلاحي من خطوات وبرامج فاعلة تعالج الازمات الفلسطينية على مستوى النهوض الثقافي و فكفكة الازمات سواءا في غزة او القدس او مخيمات الضفة او لبنان فهي قد عالجت ولو بالقدر طاقات التيار المادية بل ربما اكثر من طاقاته في حين ان هذا التيار لا يمثل جهة رسمية فهو تيار ناهض من داخل فتح وليس من خارجها مع قيمه الادبية والسياسية المحافظة على شرعية القرارات السابقة فلقد عالج التيار مشاكل اولياء الدم الناجمة عن الانقسام المؤسف والاحداث الاليمة في عام 2007 التي اعترف فيها الاخوة بالنقد الذاتي بأن الجميع كان على خطأ في اطراف هذا الصراع المؤسف بل قد اقول ان مساهمات التيار في كل المجالات في قطاع انشطة المرآة والصحة والتعليم والمشاريع الاقتصادية الصغيرة والعقم وحالات العنسة الناجمة عن الازمات الاقتصادية بل عشرات الالاف من مطعمات كوفيد 19 ، نلاحظ هنا ان تلك الانشطة التي طالت توصيل الطاقة الكهربائية للاسر الفقيرة والمساعدات النقدية لكثيرمن الاسر سواءا في غزة او في مناطق خارج الارض المحتلة هي تلك الانشطة التي ساهمت ومازالت تساهم في رفع طاقة الصمود والروح الايجابية لطبقات الشعب بعد ان دب اليأس في نفوس الكثيرين ، نلاحظ هنا ان الحالة الوظيفية النضالية للتيار تتناسب مع المرحلة ومعطياتها وظروفها فبناء الانسان هو من الاهمية الان في ظل سياسة ممنهجة تسعى لاحباط الانسان الفلسطيني وتجويعه للوصول الى لحظة شطب المعادلة الوطنية الفلسطينية وما ساهمت فيه قرارات السلطة ورئيسها من حصار وقطع رواتب لغزة واهمال الساحة اللبنانية ومخيماتها واهمال القدس وما تطلبه من حالة عطاء تقدر بأهمية القدس ورمزيتها ايضا هذا على المستوى الداخلي .

اما على المستوى الخارجي : -
اعتقد لا احد يخفى عليه دور التيار الاصلاحي في نهوض المخيمات الفلسطينية في لبنان والنهوض بالجاليات الفلسطينية وتبني كثير من الحالات الفردية للشعب الفلسطيني وحل ازماتها وبمؤشر اخر فتح المجال لتبني منح دراسية لكثير من الطلبة ومحاولة بناء وطني في كل الساحات الخارجية .

هنا لا اتحدث عن البنية التنظيمية للتيار فأنا بعيد عنها ولكن اتابع كرجل وطني كل مكونات الساحة الفلسطينية و السياسية بفصائلها المختلفة وبمقدار ايجابية كل فصيل في التصاقه بالهموم الفلسطينية .
بلا شك سواءا من يؤيد هذا التيار او يهاجمه لخلفيات لكل منهما موقفه ورأيه وهذا حق ولكن مالا يمكن انكاره الدور الذي لعبه التيار الاصلاحي من انشطة تصب في صقل الحالة الوطنية امام اجحاف واضح من السلطة الممثل الرسمي للشعب الفلسطيني وهي مهام قام بها التيار وهو لا يمثل دولة او سلطة او فصيل له تمثيله في مؤسسات الشعب الفلسطيني برغم قاعدته العريضة التي كان ينتظر فيها الانتخابات ليضع الشعب الفلسطيني المنتخب قراره وخياراته في من يمثله في النظام السياسي الفلسطيني والتي اغلق ابوابها الرئيس الفلسطيني محمود عباس .

وامام تلك المنجزات التي حققها التيار الاصلاحي لحركة فتح بمنظوره الوحدوي التشاركي الذي يطرحه دائما ارى من واجبي الوطني امام ازمات التمثيل الرسمي للسلطة وعجزها واهمالها الساحات الخارجية بما فيها الساحات الداخلية اضع الاراء الاتية والاقتراح الاتي .

بالتأكيد ان الساحات الخارجية تعاني من فساد السفراء واهمال الجاليات فيها ولا تمثل بشكل حقيقي استحقاقات الشعب الفلسطيني سواءا في الخارج او في الداخل مما يتطلب اهتمام التيار بشكل اكبر بالساحات الخارجية اقصد هنا ليس الجاليات بل التمثيل على مستوى الدول في العلاقات الثنائية بين التيار والدول المختلفة من خلال فتح مكاتب فائدتها الاولى تجميع الجاليات ثقافيا ووطنيا ونضاليا بما افتقدته تلك الساحات من دور السفارات .

كذلك تلك العلاقات الثنائية بين التيار الاصلاحي وتلك الدول تفتح المجال لتبادل الخبرات والتدريب والبعثات الدراسية وانشطة اقتصادية اخرى .

يمكن ان نقول ايضا اذا ما نجح التيار في فتح مكاتب مختلفة في دول متعددة له فائدة كبرى لدعم القضية الفلسطينية ونقل الصورة بشكل حقيقي مخالف لما ينقله السفراء عن حال شعبنا في الداخل و معاناته و فشل الطرح السياسي في ظل الانسحاب الاسرائيلي من اي تصور سياسي لحل القضية الفلسطينية المرتكز على قرارات الشرعية الدولية و الحقوق الفلسطينية وهنا اشير الى الزيارة الرسمية التي قام بها قائد التيار الاصلاحي والوفد المرافق له الى موسكو ومقابلة وزير الخارجية الروسي لافروف وهي زيارة مهمة لها مؤشر مهم نأمل ان يستمر هذا النشاط مع دول اخرى لكي يعاد الحالة الاعتبارية والسياسية والدبلوماسية للسياسة الفلسطينية الناقلة للموقف الفلسطيني هذا مجرد رؤية واقتراح نأمل ان يؤخذ في الاعتبار .

بقلم / سميح خلف