خارطة الصراع في الشرق الاوسط وتفكك نظرية الصراع العربي الاسرائيلي.

تبلور مفهوم الصراع العربي الاسرائيلي بارهاصاته الاولى بالدور الذي لعبته الانظمة العربية في التعامل ووضع المعالجات الفاشلة لمشكلة انهيار الامبراطورية العثمانية ووجود الانتداب البريطاني في فلسطين بتحالفات عربية مع بريطانيا ونمو وصعود الاستيطان اليهودي في فلسطين وتوسع مجالات الهجرة ، ولكن مفهوم الصراع وادواته اخذت بعد اخر واكثر عمقا وتنضيما وشعارات واهداف بعد الحرب العالمية الثانية وظهور الثورات العربية المتتالية والتي صنعت بدايات الدولة الوطنية بثورة يوليو الناصرية وظهور فيما بعد الحلف المركزي وحلف بغداد كقوى اقليمية وشرق اوسطية تواجه المتغير في المنطقة ومحاولة الاستيعاب في صراع وحرب باردة بين امريكا والاتحاد السوفيتي وخروج الامبراطورية العجوز من مناطق نفوذها في الشرق الاوسط، وقيام ما يسمى دولة اسرائيل كوجود جيو استراتيجي في الخارطة العربية بل منطقة الشرق الاوسط وهذا ما يظهر جليا الان في تطور الدور الوظيفي لاسرائيل في ترتيب المتغيرات المستجدة في المنطقة .

بالتاكيد ان الصراع العربي الاسرائيلي بدأ ت مفاهيمه وادواته تختفي وشعاراته ايضا وتحرير كاملل التراب الفلسطيني وزوال دولة اسرائيل بمنظومة وحدة عربية وقوى عدم الانحياز ومنظمات دولية كالاتحاد الافريقي ومنظمات ومنظومات اقليمية اخرى فكانت هزيمة 67 م بداية انهيار مفاهيم ومبادي الفكر القومي العربي وان حاول جمال عبد الناصر احياء وتنشيط الدفع القومي بما يحمله من سمات وكاريزما في ظل قوى اقليمية مهيمنة ومتحالفة ايران شاه ايران واسرائيل الذي حاول السادات فيما بعد استمالة ايران في معركته لتحرير سيناء في حرب اكتوبر ، ولكن المتغير الذي اتى من ايران بظهور الدولة الاسلامية في 79م قد كان بداية احداث متغير في ماهية وجغرافية القوى الاقليمية والحرب العراقية الايرانية فيما بعد في اتجاه القضاء على القوة الثانية بعد مصر واتفاقية كامب ديفيد التي كانت بمثابة تاكل وتلاشي التيار القومي وظهور النزعة الاقليمية في السلوك العربي وبالتاكيد هذا كان يرافقه حملة اعلامية ممنهجة لتغيير طريقة وفكر الجيل العربي من وجود اسرائيل والانتقال من فكرة رفض هذا الوجود الى القبول ثم التطبيع من خلال عدة معاهدات من كامب ديفيد الى وادي عربة وظهور دول كانت تتعامل مع اسرائيل بالخفاء الى العلن وسقوط الاتفاق اللبناني الاسرائيلي الى انهيار الجبهة الوطنية اللبنانية وقوات منظمة التحرير في لبنان عام 1982م وخروجها واللحاق بالقطار الامريكي وكما صرح ياسر عرفات ووعود فليب حبيب بكيان فلسطيني غير مُعرف جغرافيا .

اما في المطقة الشرقية للوطن العربي فقد اانهارت تلك الجبهة بسقوط الدولة الوطنية في العراق بقيادة صدام حسين الذي اختتم الفكر القومي للصراع بمفهوم الصراع العربي الصهيوني برشقات وبعشرات الصواريخ التي ضربت الارض المحتلة . وبالتالي كانت كل الدراسات تتحدث عن الخارطة السياسية في العراق بانقلاب معاييرها من دولة تحمل الفكر القومي الى دولة تحمل فكر الاغلبية المذهبية التي تحالفت مع النظام المذهبي في ايران وما زالت في تحالفها وبقوات ليست بقليلة تخدم التوجهات الايرانية . اما الجبهة الشمالية من فلسطين التي تركتها قوات منظمة التحرير فكان الاحلال المذهبي الجنوبي بما يعرف بالمقاومة اللبنانية نصيبها وهي اكثر شراسة واعداد ومواجهة مع اسرائيل ولم يخفي امينها العام بانه جزء من ولاية الفقيه في ايران . الذي خاض حرب مدمرة مع اسرائيل وسبقها انهيار التحالفات المسيحية مع اسرائيل في جنوب لبنان وانسحاب القوات الاسرائيلية من الجنوب ... بل اصبحت قوات حزب الله ذات فعل مؤثر في حسم الصراع في سوريا مع تواجد ايراني لقوات الحرس الثوري والتقنيات الايرانية .

اما في داخل فلسطين المحتلة فقد انحازت قوات الفصائل وتنظيماتها الى ايران التي زودتها بالعتاد والتدريب كحماس والجهاد والجبهة الشعبية اضافة للقوات العاملة خارج فلسطين المحتلة في سوريا ولبنان . ففي غزة خاضت اسرائيل ثلاث حروب عليها استطاعت فيها المقاومة توفير شرطية نظرية الرعب المتبادل وفي منطقة جغرافية ضيقة تفرض الحسابات الدقيقة للطرفين سواء في مساحة غزة او في العمق الجغرافي لدولة الاحتلال في فلسطين ومدنه ومستوطنية .

اما منطقة البحر الاحملر والخليج الاسترايجيتان فلقد دخلت ايران من اوسع الابواب من خلال الحوثيين للتهديد المباشر لدول المطقة ومصالح اسرائيل في البحر الاحمر وحرب بين دول التحالف والحوثيين ولتي ما زالت رحاها دائرة ولم تحسم .

وبالتالي دخلت ايران بتطورها التكنولوجي ونفوذها الواسع في المنطقة من اوسع الابواب على جنازة الفكر القومي وما كان يسمى الصراع العربي الاسرائيلي الذي تفكك تماما.
معركة غزة الاخيرة والتي سبقتها اظهرت ان هناك متغيرات تحدث في المنطقة بموازين قواها ونفوذها وكذلك ما يحدث في سوريا ولبنان والعراق وتمدد لقطب اخر بقيادة اردغوان في البحر المتوسط والاحمر وتراجع نفوذ اسرائيل امام القوتين الذي دفع بالادارة الامريكية في 2018 بقيادة ترامب وتلاها بايدن بتاييد خطوات وقرارات ترامب التي تدعو للتوسع في اتفاقيات التطبيع تحت مفاهيم سياسية جغرافية جديدة اللمطقة سميت بافاقيات ومعاهدات ابراهام التي تعمل على بلورة حلف جديد ينهي تماما قصة الوحدة العربية ومصطلح وشعارات الصراع العربي الاسرائيلي بحلف( اسرائيلي سني ) حيث كان من نتائجه انفراد منظمة التحرير باتفاقيات اوسلو وخارطة الطريق مع الاسرائيليين بتفهم التحول في ماهية الانظمة وثقافتها الى انظمة قطرية منفردة ووجود جامعة عربية شكلية لا ينفذ اي من بنود ميثاقها .

تدرك امريكا ان القوى الاقليمية الناشئة ايران تركيا لن تستطيع اسرائيل مواجهتها الا بحلف موازي عربي سني . وبالتالي قضية الصراع العربي الصهيوني تلاشت وانتهت على حساب الفلسطينيين الذي يطبع النظام السياسي بوضوح مع الاسرائيليين ويعمل في نظاق تصورهم الامني في المنطقة .

ايران تستثمر وجودها في مباحثات ومفاوضات فيينا لتوثيق قوتها الاقليمية في المنطقة كدولة نووية وكذلك تركيا بوجودها في افريقيا والبحر الاحمر واسيا وشمال العراق وشمال سوريا وقبرص حتى جبال اذربيجان.
اذا هل تنجح فكرة وجود حلف سني اسرائيلي مواجه لايران وتركيا ضمن معاهدات عربية ؟؟..... لا اعتقد ذلك بل اصبحت تدرك دول عربية اهمية اعادة العلاقات مع ايران وتركيا في ظل تقلص قوة المد والففوذ الامريكي امام عمالقة جدد في العالم مثل الصين وروسيا .. وبالتالي ما ازعج الادارة الامريكية تصريحات نفتالي بنت التي تظهر تمرده على سياسات امريكا في مفاوضات فيينا وتهديداته بالخيار العسكري والتي ارتات امريكا بتوصيات للتهدئة بين دول جوار ايران مع الايرانيين ... وخيرا هل ما صرح به نفتالي بنت بان اسرائيل ليست لوحدها في مواجهة ايران بل حلف سني اسرائيلي كفيل بظهور فضاء ثالث موازي اشك فسيي ذلك ولكن في كل الاحوال قصة الصراع العربي الاسرائيلي انتهت تمام ولم يبقى الا جانب اخر يحمل مغهوم الصراع المحلي الفلسطيني الاسرائيلي والصراع في المنطقة على المستوى الاقليمي لجبهة ايران مع اسرائيل وربما نرى مستقبلا الصراع بين تركيا واسرائيل رغم تصريحات ارردوغان باعمية التنسيق والتعاون الامني والاقتصادي مع اسرائيل في هذه المرحلة .
سميح خلف