الفصائل والعبء الثقيل

لا نريد هنا ان ندخل في ديناميكية وخلفية وجود كثير من الفصائل في اواخر الستينات واوائل السبعينات والتفريخات والانقسامات التي حدثت في داخلها فمنها ايديولوجي ومنها نتيجة فعل اقليمي ممول ولكن ما يهمنا في هذا المقام وهذا المقال وقبل ان ان نتحدث عن تلك الفصائل ولو برؤس اقلام لا يتسع هذا المقال لافرادها والسرد المطول فيها نوضح:-

عندما تم انشاء منظمة التحرير بقرار قمة عربية وبتوجه مصري بقيادة الزعيم الراحل جمال عبد الناصر واختيار الزعيم الوطني احمد الشقيري الحقوقي والدبلوماسي الذي شغل عدة مواقع عربية واممية ،وان كثرت التحليلات في طبيعة انشاء المنظمة وخلفياتها ولكن بشكل مباشر وبعد سقوط وفشل كحومة عموم فلسطين ، كانت المنظمة المعبرة عن الطموح لكيان سياسي فلسطيني موحد يعبر عن مناخات المرحلة وشعاراتها بتحرير فلسطين والتححدث باسم الشعب الفلسطيني والوجه الحقيقي للشعب الفلسطيني امام المجتمع الدولي ولذلك بعدما اكتسبت منظمة التحرير الشرعية الاقليمية اكتسبتها من كل الانظمة التي تدعم حقوق الشعب الفلسطيني والمحبة للسلام وارتأت حركات التحرر العالمية ان منظمة التحرير هي احد اذرع حركات التحرر الوطني واوطدت علاقاتها بالصين والدول الاشتراكية ومنها في امريكا اللاتنية ودول اسيا وافريقيا .... اما على الصعيد الذاتي فقد سعت منظمة التحرير بقيادة الزعيم احمد الشقيري نقل وضعية المنظمة من حالة التبعية الى حالة صياغة الاليات والبرامج لتجعلها ممثل حقيقي وسيادي للشعب الفلسطيني بميثاقها المقر ومؤتمرها الاول في القدس ،سعت منظمة التحرير ببلورة مؤسسات فلسطينية مستقلة وذراع عسكري ومنهج ثقافي يسعى لوحدة الثقافة والهدف والاليات والبرامج ليكون كل الشعب الفلسطيني شعب موحد ثقافيا وبرمجيا من اجل مهمة التحرير فلا مكان لحزبية او تاويل لتضاريس القضية الفلسطينية .

في لعبوة لعبتها الانظمة تم الانقلاب على الشقيري في داخل التنفيذية التي الاغلبية من اعضائها موالين لانظمة سياسية عربية وصعود احلالي لحركة فتح وبعض من القوميين بعد ان اخذت نتائج معركة الكرامة التي اخذت لب العقول والقلوب التواقة لتعويض حالة اليأس التي اصابت الشعب العربي وجعلت الفلسطيني بكل قواه ينخرط في حرب التحرير الشعبية بصدق كصدق نتائج معركة الكرامة وتوقع الفلسطينيين انهم على الطريق الصحيح نحو التحرير ... سنوات محدودة عاش فيها الفلسطينيون اجواء الثورة والعطاء بلا حسابات ، ولكن نخب الثورة ابو ان يستمر هذا الحُلم باخطأ فادحة في الاردن سلوكيا وسياسيا وميدانيا وذهبت تلك النخب الى نفس الاخطأ في لبنان وبدون مراجعات او اصلاح بل زاد الفساد وزادت البيروقراطية وابتعدوا عن الاعداد الجيد لوسائل الكفاح المسلح عتادا وافراد ونخب ....

اصبحت الساحة النضالية الفلسطينية مرتعا لتدخلات اقليمية وولادة فصائل ممولة ووتقدم ظهور اجهزة متعددة في فتح على حساب التنظيم وظهور المليسيا الموازية للتنظيم في حين ان المليسيا دورها في نصوص حرب الشعب لا توجد الا لحماية المناطق المحررة وتتفرغ القوى القتالية لمهامها في التحرير حسب ما هو مستوجب في برامج المواجهة .... تم القفز كليا عن النظرية والادبيات وكانت امبراطورية الاجهزة لوقتنا هذا التي تفرغت ليست لحماية الثورة والمخيمات بل لاضافة تفسخ وانقسامات ثقافية وسلوكية في داخل المخيم او المدينة او القرية ... بل تم التجهيز عمليا على التنظيم بسطوة الاجهزة على مقدراته ونخبه ... ولا يختلف الحال كثيرا عن اكثر فصيل وولادة جديدة .

هذا ما تقدم باختصار لفقدان قاعدة ارتكازية مهمة سواء في الاردن او لبنان كان يمكن للثورة ان يكون لديها قرار سيادي مواجهة لرغبات الانظمة التي اعتمدت على تمييع الدور الثوري والتوجه بتحالف النخب الفلسطينية لقرارات ما يسمى المجتمع الدولي .. فاكن وحل اوسلو واحد واسلو وخارطة الطريق ومن ثم الانقسام والجمود السياسي تحت ذريعة المبادرة العربية وخارطة الطريق وحل الدولتين التغييبي في ظل نمو للاستطيان وتوغل اسرائيلي في كل الضفة وانصياع النخب التي ما زالت تضع منظمة التحرير وفتح وما يسمى فصائل الشرعية في موقع التحدث باسم الشعب الفلسطيني .

بالتاكيد ان التراجعات التي اصابت فتح ومن ثم باق الفصائل وقضية الانقسام العمودي والافقي سواء في فتح او بين غزة والضفة اعطت انقسام عمودي وافقي ثقافي تناحري بين فئات الشعب الفلسطيني الذي اذا فكرنا جيدا فان تلك الفصائل لم تدمرفقط البرنامج الوطني والحالة الوطنية بل دمرت الثقافة الفلسطينية ودمرت الحالة الاجتماعية المتالفة في المخيم والقرية بل كانت ومضات استباكية مسلحة بين الحين والاخر تعصف بالاستقرار المجتمعي للشعب الفلسطيني .....
الفصائل العبء الثقيل على الشعب الفلسطيني والتي تقف حائلا امام اي خيارات تخرجه من ورطة اوسلو وورطة الانقسام في ظل ادوات قمعية في الضفة تحاول ان تحفظ مصالحها ووجودها لو بالتعاون مع الاحتلال وغزة التي تراوح مكانها من حصار بعد ثلاث حروب و امام محاولة التطويع لشعبها وحرق الوقت لكي يزحف الشعب على بطونه ويصرخ عاليا لا نريد فلسطين نريد ان ناكل ونربي اطفالنا وفي ظل فساد غير موارب سواء في الضفة او غزة .

اذا ما دام هناك وسطاء وما دام هناك مطمطة وترويض والواقع الاقتصادي والوطني كما هو وعلىى اسخم لا يمكن جني اي مكاسب لصالح غزة اذا لم يتوجع ويدفع الاحتلال اثمان باهظة سواء في غزة او الضفة... واما فصائل البلاغات والبيانات ماذا هو دورهاا وماذا تفعل هل تنتظر اذن من دمشق او ايران او حزب الله.


اذا هل نستطيع القول في ظل عدم وجود برنامج سياسي ونظام سياسي فاعل يعبر عن طموحات الفلسطينيين وتعددية لفصائل تتجاوز 17 فصيل تتصارع على الوجود وسلطة لوطن محتل بكامله هل اصبحت كظاهرة العصابات المنظمة وعلى راسها سلطة رام الله واجهزتها ومراكز قوى في غزة وفصائل تقتات في دمشق ولبنان ...فكيف يمكن ان تدار القضية الفلسطينية وكيف يمكن ان نوحد الشعب الفلسطسني وكيف يمكن ان نعيد القضية لعمقها وعناصرها في ظل شعب مشتت ويقتات ويتسول وينتظر من يمد له رغيف خبز.
سميح خلف