قناة المديح الفضائية هل هي سنية أم شيعية؟

لاشك أن الذي يتابع قناة "المديح" الفضائية ( المصرية) و ما يقدمه شيوخ الصوفية من أناشيد دينية يكون أكثر انجذابا لهم و هم يبتهلون خاصة شيوخها الكبار على غرار فارس الإنشاد الديني الشيخ محمود التهامي و الشيخ أسامة فتحي و الشيخ مختار النحاس و الشيخ مصطفى جمال، و الشيخ ايمن هريدي و غيرهم و على عكس الصوفيين أو الطرقيين كما يسميهم الإمام عيد الحميد ابن باديس فهذه الإبتهالات ترافقها موسيقى يستعمل فيها الناي، و الكمان و أدوات موسيقية أخرى ، و الحقيقة لقد زادت هذه الموسيقى من جمال الأداء حيث تترك اثرا في القلوب، إلا أن الملاحظ ن هذه الإبتهالات و إن كانت تناجي الله و الرسول ، و تتودد لهما لكسب رضاهما كما تعبر عن شوقها إلى لقياهما ، إلا أننا نقف على أن البعض يناجي في مديهم سيدنا الحسن و الحسين و فاطمة ويطلبون منهم المدد، و آخرون يتحدثون عن الحب و العشق و الهوى و الغرام و لكن من مفهوم الهي و هذا ما لم يستوعبه بعض الناس.
فنسمع مثلا قول أحدهم :
يا مدد..يا مدد.. مالهوى سهلُ .. احذر قُبلة و خلّ عقلك عاقل ، فالحب بلاءٌ و العشق سمٌّ قاتلُ، إن شئت أن تعيش سعيدا فمت شهيدا و إلا فالغرام له أهلُ
و نسمع الشيخ مختار النحاس و هو يردد بخشوع يا جد القمرين،، يا ذا اللؤلؤين نعم يا مولانا يا سيدنا الحسن و الحسين
و نسمع الشيخ مصطفى جمال يقول: يا سيدنا النبي أنا وحيدُ رغم كل من حولي.. ،أناديك يا ابا الزهراء ، ثم يقول: يا سيدي النبي حبك في قلبي و ربنا ، نورت قلبي و حينا و القلب حَبّك من زمان من قبل ما نشوف بعضنا
ثم نسمع للشيخ ايمن هريدي:
تمكن مني الحٌبُّ
وعلى عرش القلب توسّع
قلبي بحبكم يطير و يافرحتي عند ذكركم
غبتم و أنتم في الفؤاد حضور
بعدتم و لم يبعد عن الفؤاد حبكم
ففي الفؤاد حضوركم
فذكركم يعطر الوجود
ثم يقول:
يا باخلا بالوصال ومن العجائب أن يُحَبَّ الباخلُ
البدر يكتمل كل شهر مرة و جمال وجهك كاملُ
و يقول:
يا قريبا في الفؤاد و بعيد عن النظر
حبيبي أنت روحي، ما سكن في قلبي سواك
أنت أعز مهجتي أهذا جزائي يا معذبي
هي أجواءٌ روحية و مشاعر جياشة تجاوب معها من يسمونهم بـ: "عشاق الله" و ها يحضر من يسمع هذه المدائح مهما كان لونها "شيعي سني" المهم أنها تناجي الروح الإلهية للتقرب منها و تناجي نبي الأمة محمد و آل بيته الكرام، و قد خاض في قضية الصوفية في العالم الإسلامي كثير من الباحثين الذين اسلوا حبرا كثير حول مفهوم التصوف و مكانته في الشريعة الإسلامية و موقف السلفية الغلاةة من الصوفية ، و كانت للبعض قصصا حية عن تحولهم إلى التصوّف مثلما نقرأه عن قصة الدكتور خالد محمد خالد و كيف طلق العمل السياسي من أجل التحاقه بالصوفية، و تأثره برسالة الإمام القشيري التي وجّهها إلى جماعة الصوفية فيما سميت بالرسالة القشيرية، كتبها الإمام القشيري في سنة 437 من هجرة النبي ( صلعم) لتصحيح بعض الإنحرافات على المنتسبين للتصوف، قال في مقدمة رسالته : فقد جعل الله هذه الطائفة صفوة أوليائه و فضلهم على الكافة من عباده بعد رسله و أنبيائه و جعل قلوبهم معادن اسرارهم و اختصهم من بين الأمّة بطبائع أنواره، فهم الغياث للخلق...الخ.
المقدمة طويلة و هي منشورة في مذكرات خالد محمد خالد بعنوان : "قصتي مع التصوف"، إلا أن هذه الطريقة لاقت انتقادات كثيرة من بعض الطوائف ألأخرى و خاصة التيار السلفي، باستثناء بعض الطرق الصوفية التي كان اصحابها معتدلون وكانوا على الطريق الصحيح و على الصوفية الحقة أمثال عبد القادر الجلالي، الإمام حجة الإسلام حامد الغزالي و الشيخ ابي مدين الغوث و الشيخ ابي الحسن الشاذلي و الشيخ ألأكبر محي الدين بن عربي، و الصوفية وحدهم يملكون أدوات الدعوة الإسلامية و يذكر ألإمام ابو زهرة مآثر الطريقة السنوسية في الدعوة إلى الإسلام ، و يجدر هنا الإشارة إلأى تاريخ نشاة التصوف ، فقد نشا التصوف كعلم و فلسفة و سلوك من اجحل تهذيب النفس و بعث المثل العليا للوحي و للإسلام، و يعتبر الإمام الجنّيد رضي الله عنه رائد التصوف و الطريق، و ظهوره كان لما غشي المجتمع الإسلامي و الدولة الإسلامية من استهتار و خطايا، فكان وثيق الصلة بالإسلام و هذا ما لم يفهمه الكثيرين فراحوا يرون فيه بدعة و خروجا على اصول الإسلام و حقائقه زاعمين أن الكلمة لم تكن موجةدة ايام الرسول ( صلعم) و بذلك اعتبروه لغوٌ طالما الرسول لم يجعل له من قبل سميّا.
ليس من السهل الغوض في بحار الصوفية فهذا يحتاج إلى دراسات معمقة و بحوث اكاديمية منذ نشأة الصوفية في العالم الإسلامي إلى يومنا هذا، لكن السؤال الذي يتوجب طرحه هلأولئك الشويخ الذين تمت الإشارة إليهم في قناة "المديح" هل يمثلون الصوفية الاصيلة أم يمثلون الصوفية المعاصرة بعد إدخال عليها الناي و الكمان و أدوات موسيقية أخرى، و ما هو راي الفقهاء أو المختصين في الفكر الصوفي من إدخال هذه الأدوات الموسيقية، ثم إن هؤلاء الشيوغ هل يمثلون التيار السني أم التيار الشيعي، لاسيما و نحن نسمعهم يرددون يا سيدنا الحسن و الحسين مدد..مدد؟ اسئلة كثيرة تطرح حول الصوفية و طرقها، و موقف السلفية منها، خاصة فيما تعلق بمسالة "الحُب" إذ يقول أحد شيوخ المتصوفة : "إن الحب هو جوهر الحياة، إن الحب يولد في النفوس طاقة لا تعدلها طاقة أخرى في الكون و لا تقاربها، و لما كان الصوفية هم أهل القلوب، كان احتفاؤهم بموضوع الحب بالغا ، فهو عندهم أعلى مراتب الإيمان ( أنظر الصفحة 54 من كتاب خالد محمد خالد)، ربما هذه واحدة من اسباب معاداة التصوف، لدرجة سوء الظن بالأولياء، فالسلفيون الذين يحاربون الصوفية حكموا على الصوفية و قرروا محاربتها من خلال بعض التصرفات امتطرفة لفئة قليلة لم تع حقيقة للتصوف، وكما جاء في الكتاب ، فإن هؤلاء السلفيون لم يدرسوا تاريخ التصوف الطويل و لم يقرأوا افكار الغزالي و لو قرأوا افكاره و رفاقه من شيوخ الصوفية لعرفوا عطمة التصوف إن يرون قلب الأشياء في كل شيئ ، لا نرى فيه شكله بل قلبه و جوهره.
علجية عيش