د. نظام الدين إبراهيم أوغلو
باحث أكاديمي تركماني ـ تركيا

بسم الله الرحمن الرحيم

مقدّمة

ممّا لاشكّ فيه، أن موضوع تساوي حقوق المرأة وواجباتها في نظر النّظامين الإسلامي والمدني وعلاقتها مع الرّجل من المواضيع المهمّة والمثيرة في كافة العصور، من جانب أنّ المرأة تمثل قبل كلّ شيء نصف المجتمع البشري ولها دورها الفعّال في تكوين الأسرة الصّالحة وإدامة المجتمع السّعيد وتنشئة أطفال صالحون، فتخرج منهم رجال ونساء عظام، ومن جانب أخر يُمكن أن يحدث عكس ذلك عند إهمالنا لهم قد تؤدي إلى تنشئة أطفال غير صالحين، وإهمالهم تعني عدم سعادتهم وسعادة الاسرة عدا ظهور المشاكل النفسية والروحية والاخلاقية عندهم. وكذلك سنتطرق هنا إلى مفهوم المساواة عند العلمانيين واللادينيين الذين يدعون الى التساوي المطلق بينهما، أما مفهوم المساواة عند الإسلام هو عدم تساوي المرأة والرجل في جميع الصفات بل هما مكملان إحداهما للأخر، وتكون التساوي في الواجبات الدينية وفي عمل المعروف وإعطاء الزكاة وفي الثواب والعقاب والحرية والعدالة وفي حق التعيلم والتعلم والتصويت والترشيح للانتخابات ونحو ذلك. ولكن في حق الطلاق والميراث فيها اختلاف بسيط، وذلك اعطى للرجل صلاحية ادارة الإسرة ولكننا نجد انتشار فكرة مفهوم المساواة الغير العادلة في أكثر الدول الأوروبية وحتى في بعض الدول الأفريقية والاسيوية. وسوف نتطرق الى ذلك بشكل مفصل. علمًا أننا نجد بشكل عام المجتمعات الاسلامية أكثر وعيًا ومعرفة لأهمية المرأة، من أنظمة وقوانين دول الاعداء، والمسلمون يعرفون أن للمرأة مكانة دينية مقدسة، وللقرآن الكريم اهتمام خاص بهن، فمثلاً يوجد سورة باسم النساء والتي تتحدث عن زواج المرأة وحقوقها وميراثها. وسورة النور والأحزاب وتتحدثا عن عفة المرأة وتسترها وسورة مريم تتحدث عن سيدنا مريم عليها السلام. والله تعالى يسمع تحاور الزوجين والمرأة وهي خولة بنت ثعلبة تشتكي إلى رسول الله، وظلت تشكوا الى الله فإستجاب الله تعالى شكواها وقال تعالى (قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا وَتَشْتَكِي إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ يَسْمَعُ تَحَاوُرَكُمَا إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ)[1]، وتتحدث سورة النمل عن النبي سليمان (ع) وملكة السبأ بلقيس التي قادها عقلها الحكيم لتشاور وزراءها وأخيرًا إقتناعها بالدين الإسلامي. وهناك أيات عن حرمة وأد البنات وظلمهن وعن مكافأة المؤمنات القانتات المحصنات، بالإضافة إلى الأحاديث النبوية الكثيرة والتي يمكن الوصول إليها من كتب الأحاديث منها (الجنّة تحت أقدام الأمّهات) رواه أحمد والنّسائي والحاكم، وقوله (أوصيكم بالنّساء خيرًا وبالصّلاة وأولي الأمر منكم). وأنظر إلى عدد الآيات التي ذكرت في القرآن الكريم حول اسم النساء وهي 59 آية ، وحول اسم المرأة 26 آية ، وحول اسم الأُم وهي 35 آية. أمّا عن عدد آيات الرجل فقد ذكر 56 آية، وعن آدم 25 آية أي أقل عددًا من المرأة.
هكذا إهتم الإسلام بالمرأة اهتمامًا كبيرًا ونظر إليها نظرة تكريمٍ واعتزازٍ، فالمرأة في الإسلام هي الأم والأخت والابنة والعمة والخالة والجدة والزوجة شريكة الرجل في تحمل مسؤوليات الحياة، وقد كلَّفها الله مع الرجل في النهوض بمهمة الاستخلاف في الأرض، وتربية الأبناء وتنشأتهم تنشئة سوية، وجعلها على درجة واحدة مع الرجل في التكريم والإجلال، وتشجيع الرجال على حبهن والإهتمام بهن وعدم ظلمهن عند توزيع الميراث. هكذا اهتم الإسلام بالنّساء كإهتمامه بالرّجال، ووضع الشريعة الاسلامية للأسرة دستورًا ونظامًا كاملاً لأجل سعادة ورفاه الأسرة، ولكن الحضارة الغربية أو الحضارة الأوروبية والأمريكية الروسية الماركسية و اللينينية الطاغية والظالم، لقد غزت العالم الإسلامي وفرضت عليها القوانين والأنظمة المدنية والعلمانية والشيوعية الفاشية الطاغية، والتي لم نر في تطبيقها إلاَّ الذل والشقاء والظلم وفساد المجتمعات. وبعد غزو واحتلال الدول الغربية والروسية للدول الاسلامية قامت هذه الدول بفرض المبادئ والقوانين الغربية والروسية الشيوعية الماركسية الظالمة، وبسبب عدم تلائمها مع مبادئ المجتمع الإسلامي، ظهرت مشاكل أخلاقية وعقائدية كبيرة في داخل الأسرة وفي داخل المجتمع الاسلامي وحتى ظهرت مشاكل في مكونات الدولة. وأخيرًا ظهرت مشاكل طائفية ومذهبية فتمزقت الأمة الاسلامية إلى دويلات. علمًا أن المسلمين طبقوا القوانين الشريعة الاسلامية 14 قرنًا، وكانوا في آمان واستقرار وسعادة واطمئنان، والشريعة الاسلامية هي التي وحدت صفوفهم، وعلم كل فرد واجباته وحقوقه تجاه الافراد والشعوب والامم. وبعد هذه المقدمة سنذكر في بحثنا أدناه عن حقوق وواجبات المرأة والرّجل في النّظامين الإسلامي والعلماني، مبينًا الاختلافات والحقائق الموجودة بين الزوجين وكذلك بين النّظامين. وهذه المقالة أيضًا بمثابة الرّد على الذين يدّعون ويكتبون في الصّحف والمجلاّت عن تساوي الرّجل والمرأة في كافة النواحي والواجبات.

حقوق وواجبات المرأة في النظام الإسلامي

1ـ لها الحريّة الشّخصية والدّيمقراطية التّامة في الحياة العامة: بشرط عدم اهمال عملها الأساسية وهي تربية الأطفال، ومن هذهِ الحريّات: الحرّية الدينية (الاعتقادية) والاقتصادية والاجتماعية والسّياسية وحرية التّربية والتّعليم، وحرية الحضور في حلقات العلم ومجالس التّعليم والتّعلم والإرشاد وحرية العمل والكسب للعيش والاختراع، فهي تستطيع أن تداوي المرضى من الرجال وأن تأخذ تحية وسلام الرجال وأن تُعلّم الرجال أو أن تتعلم العلوم من الرجال وأن تعمل في مهنة التدريس وأن تعمل في تجارة مع الرجال وأن تعمل في طبابة المرضى كطبيبة وكل أعمال تليق بدنها وتحفظ كرامتها وعفتها، وكذلك تستطيع أن تصلّي جماعة كالرّجل في البيت أو في المسجد لكافة أوقات الصلاة وحتى صلاة الجمعة والتّراويح مع الجماعة إلاّ إذا خيفت الفتنة[2]. قال (ص) (من أتى الجمعة فليغتسل من الرّجال والنّساء) رواه البخاري. وتصوم شهر رمضان وتحج بيت الله إذا كانت قادرة، ولها حرية الزّواج والطّلاق من الرّجل إذا كان الزوج ظالمًا، ولكن جعل الطلاق بيد الرجل لآن الله تعالى أمرنا بذلك وهو يعرف حال الأزواج والرجل له قابلية حماية الأسرة أكثر من المرأة لاسباب كثيرة مدونة في كتب الفقه بالنفصيل، ولها حرية التّملك والتّمليك والإجارة والضّمان وتستطيع أيضًا فتح الجمعيّات والأوقاف والمدارس والمستشفيات وإصدار الجرائد والمجلاّت ولها حق حرية الرأي والانتخاب أيضًا، وحرية تمثيل الشّعب في البرلمان. وفي كل هذه الحريات عليها أن تراعى أداب وأخلاق إسلامية منها أوجب الإسلام ظهورها بمظاهر الحشمة وعدم الخلوة بالرّجال الأجانب من أجل حماية عفتها، الإسلام يهتم بعفة المرأة اهتمامًا كبيرًا، قال النبي ﷺ (لا يخلون رجل بامرأة إلا ومعها ذو محرم)، متفق عليه، وقوله ﷺ (لا يخلون رجل بامرأة فإن الشيطان ثالثهما)، أخرجه الإمام أحمد بإسناد صحيح، فليس للرجل أن يخلو بالمرأة، لا في مكتب، ولا في سيارة، ولا في غرفة، بل يجب عليه أن يحذر ذلك؛ لأن الشيطان قد يدعو إلى ما لا تحمد عقباه، ولهذا قال: فإن الشيطان ثالثهما.
2ـ الإسلام يصون كرامة وعزّة المرأة في العمل ويحترمها لإنسانيتها ويستحب أن يشاورها في المواضيع الأسرية: لذا نجد أن مفهوم العمل عند المرأة المسلمة مختلفة عن المرأة الغربية، وتكون عملها تناسب مع حشمتها وقوّتها. ولكن هذه الحرية عند النظام الأوروبي فهي تحرير المرأة كليًّا، والحرية المطلقة الغير المقيدة تعني الفساد وعدم ضبط الأخلاق والتجاوز في الحقوق، فمثلا هذه الحرية تجعل المرأة ان تلبس ملابس شبه عارية، وتشرب الخمر والمخدرات وتحضر أماكن الدعارة، وجعل حقوقها أكثر من حقوق الرجال، وتشجيعها على الطلاق وعدم الأنجاب وإشتغالها في أماكن صعبة لا تليق لها ولا تتحمل قواها البدنية ونحو ذلك وكل هذه تبعدها عن عملها الأساسي وهي تربية الأطفال.
يأمر الإسلام الرّجال على تقدير المرأة لإجرائهن أعمال شاقة وهي الأمومة والرّضاعة والعطف الشّديد على الأطفال وإدارة البيت ورعاية الرّجل. وعلى الرّجال عدم ضربهن وظلمهن على تقصيرٍ هي في غنى عنها، لأن الله أعطاها مزايا خاصة مثل: ضعفها وغلبة عاطفتها على العقل، وكثرة بكاءها التي تقوم بتصفية الذهن وتهدئة الأعصاب وكثرة نسيانها لأجل نسيانها تعب وقساوة عملها في تربية الاطفال. وعند الرّجل عكس ذلك لتوازن العدالة بين الرّجل والمرأة. وعلى الرّجال حماية شرفهن وكرامتهن وعدم استغلالهنّ وتجارتهن كسلعة عند التّزويج أو بغائهن أو إظهار زينتهن وعوراتهن لأجل الكسب من ورائهن. وعدم إشغالهنّ في الأعمال الشّاقة خارج البيت، لأن الرّجال هم مسؤولون عن المرأة والله تعالى أمره بذلك لأسباب سوف نبينها في المواضيع السابقة. وعلى الرّجال أخذ رأيهنّ في الأمور الحياتية ومشاورتهن في كافة المواضيع وخاصة في شؤون الحياة الزوجية تقديرًا لها ولتجربتها وعلمها في بعض الأمور، إن استطاع أن يستشير زوجته في شؤون البيت، فليفعل، فإنه بذلك يطيب خاطرها، وتقوى به العشرة، ويكتسب به مودتها، ثم إنها قد تشير عليه بما هو أنفع وأصلح، كما فعلت أم سلمة ـ رضي الله عنها ـ حين استشارها النبي صلى الله عليه وسلم يوم الحديبية، فإن النبي (ص) لما صالح قريشاً على الرجوع، وعدم دخول مكة عامهم هذا، قال لأصحابه: (قُومُوا فَانْحَرُوا)، قال الراوي: (فَوَاللَّهِ مَا قَامَ مِنْهُمْ رَجُلٌ حَتَّى قَالَ ذَلِكَ ثَلاَثَ مَرَّاتٍ، فَلَمَّا لَمْ يَقُمْ مِنْهُمْ أَحَدٌ دَخَلَ عَلَى أُمِّ سَلَمَةَ، فَذَكَرَ لَهَا مَا لَقِيَ مِنَ النَّاسِ، فَقَالَتْ أُمُّ سَلَمَةَ: يَا نَبِيَّ اللَّهِ، أَتُحِبُّ ذَلِكَ، اخْرُجْ ثُمَّ لاَ تُكَلِّمْ أَحَدًا مِنْهُمْ كَلِمَةً، حَتَّى تَنْحَرَ بُدْنَكَ، وَتَدْعُوَ حَالِقَكَ فَيَحْلِقَكَ. فلما فعل ذلك، قاموا فنحروا).
3ـ لها الحب والاحترام وإحسان المعاشرة كأم وزوجة: حيث قال تعالى (فلا تقل لهما أف ولا تنهرهما وقل لهما قولاً كريمًا)[3] (وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً)[4]. قال نبينا محمد (ص) (خيركم خيركم لأهله، وأنا خيركم لأهلي) رواه ابن ماجة والحاكم. (جاء رجل إلى النّبي (ص) وقال: من أحقّ النّاس بصُحبتي؟ قال أمك، قال ثم مَن؟ قال أمك، ثم مّن؟ قال أمك ثم مّن؟ ثمّ أبوك) رواه البخاري ومسلم. (إنّما النّساء شقائق الرّجال، ما أكرمهنّ إلاّ كريم، وما أهانهن إلاّ لئيم) رواه الإمام أحمد. (أكمل المؤمنين إيمانًا وأقربهم مني مجالسٌ، ألطفهم بأهله) رواه الترمذي والحاكم. وقال أيضًا (استوصوا بالنّساء خيرًا، فإنهنّ خُلقن من ضلعٍ وإنّ أعوج ما في الضّلع أعلاهُ فإن ذهبتَ تُقيمهُ كسرتهُ، وإنْ تركتهُ لم يزل أعوج فاستوصوا بالنّساء خيرًا) متفق عليه رواه الشّيخان، ومعنى ذلك أن في طبع المرأة عوجًا فيها صلابة خلقية، لحكمة في ذلك، فهي كالضّلع في عوجه وتقوسه، فيجب على الرجل أن يحاول تقويم هذا العوج بقوة العقل، وأن يستوصي بها خيرًا على ما هي عليه مما طبع لها[5].(حبّب إليّ من دُنياكم الطّيب والنّساء، وجعلت قُرّة عيني في الصّلاة) رواه النّسائي واحمد. وفي حجة الوداع يقول أيضًا (اتّقوا الله في النّساء، فإنّكم أخذتموهنّ بأمانة الله واستحللتم فروجهنّ بكلمة الله) رواه مسلم والبخاري، والرّسول (ص) لم يأمر أزواجهنّ بخدمتهنّ أبدًا، وحتى أنّه كان يخيط ملابسهُ المشقوقة والممزّقة. وهناك حديث حول قوله (ص) قبل وفاته لعائشة (أوصيكم بالنّساء خيرًا وبالصّلاة وأولي الأمر منكم).
4ـ لها حق النّفقة والمهر كزوجة: فلها حقٌ في أموال الرّجل وهي عطية للمرأة عندما تتزّوج تلبي لها كافة طلباتها الضّرورية في الحياة، وعند الطّلاق عليها أخذ المهر وزينتها من الرّجل لإدامة حياتها (وآتوا النّساء صدُقاتهنّ نِحلة)[6] (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَحْلَلْنَا لَكَ أَزْوَاجَكَ اللَّاتِي آَتَيْتَ أُجُورَهُنَّ)[7]، والمهر إما أن يكون على شكل مبالغ مالية جيّدة دفعة واحدة أو كراتب شهريّ.
5ـ لها حق العمل في داخل وخارج البيت: العمل في داخل البيت أولى التي فيها تربية الأطفال، أما العمل خارج البيت مباح فلا مانع من ذلك، إعطاء دروس الوعظ والإرشاد للنساء في العلوم الشرعية والعمل في مهنة الطب والوظائف التي تلائم قوتها ولا يستحب عملها في الأعمال الشاقة، والاشتراك في الحروب وزوجات الرسول خير مثل على ذلك، من أجل تأمين حياة الأسرة الضرورية إذا لم تكفي الأجرة المأخوذة، علمًا أنّها غير مسؤولة عن كسب الرّزق في خارج البيت والاسلام يشجع على ذلك. ولكن نرى في الدّول الغربية أنهم يدّعون عكس ذلك ويريدون إخراج المرأة المسلمة من بيتها ووظيفتها الأساسية، لتفتن الشّباب وتنشر الميوعة والفساد والانحلال، كما هم يُعانون من هذا الانحلال الخُلُقي. وقد بدأت بعض الدّول تغير رأيها فتعتبر تربّية الأطفال كمهنة صعبة تستحق الرّاتب الشهّري كضمان لها كما نجد في دولة يابان وإنكلترا تبحث فيها. وهذا لايعني أن الاسلام حرّم عمل المرأة، ولكن أساس عملها تربية الأطفال.
6ـ وهي مسؤولة عن إدارة الأسرة واحترام أهل الزّوج وأصدقاءه: وعملها هذه سنة من سنن الرّسول (ص) وعبادة في الدّين، بالإضافة إلى ذلك لها فوائد أخرى كثيرة، مثل الإتحاد والتّعاون والتألف والتّحابب والقوّة والغنى بين أفراد المجتمع الواحد ونحوه.
7ـ ومن واجباتها إطاعة الرّجل إلاّ في معصية الخالق: فقال تعالى (وأطيعوا الله والرّسول واُولي الأمر منكم)[8]. وقال (ص) (حقّ الزّوج على زوجته أن تُطيع أمره وأن تبرّ قسمهُ ولا تهجر فراشهُ ولا تخرج إلاّ بإذنه ولا تدخل عليه من بكره) رواه الطّبراني وغيرهم.
8ـ ومن واجباتها أيضًا، إرضاء الزّوج ثمّ أن لا تغضب وترفع صوتها عليهِ، لأمور تافه: فالغضب خُلق ذميم، ولا شك وهو رأس المشاكل وأمها، ولا يمدح الغضب إلا إذا كان لله تعالى إن انتهكت حرمات الله، ولما جاء رجل إلى النبي (ص) وقال له أوصني قال له لا تغضب فردد مرارا فقال لا تغضب. ولكن بشكل عام حق كون حق الزوج أعظم لكونه أولي الأمر كما قال تعالى (أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم) النساء، 59، وقال (وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ ۚ وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ ۗ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ)، وقوله: (الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ وَبِمَا أَنفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ). وعلى هذا الأساس يجب إحترامها للرجل.
أما عن موضوع إرضاء الزّوج بمقتضى الفطرة والعادة هو الطّالب للناحية الجنسيّة، والمرأة هي المطلوبة، وأنّ الزّوج هو أشدّ شوقًا إليها وأقلّ صبرًا عنها. على خلاف ما يشيع بعض النّاس أنّ شهوة المرأة أقوى من الرّجل، طبعًا باستثناء فترة المراهقة. ولهذا قال (ص) (إذا دعا أحدكم إمرأته إلى فراشهِ فلم تأتهِ لعّنتها الملائكة حتى تصبح) متفق عليه لفظ البخاري. مالم يكن لديها عُذر مُعتبر من مرضٍ أو إرهاقٍ أو مانع شرعي أو غير ذلك، وعلى الزّوج أن يُراعي ذلك [9]. وقال أيضًا (إنما إمرأة ماتت وزوجها عنها راضٍ دخلت الجنّة) رواه ابن ماجة والحاكم. لا أقصدُ هنا الشّواذ من الرّجال الذين يظلمون النّساء ويُحرّمون من حقوقهنّ. أما عن واجبات الرّجل تجاه المرأة في هذه الحالة، فكذلك هناك أحاديث نبوية كثيرة على كيفية معاملة المرأة في الفراش.
9ـ تجب عليها أن تُراعي بعض الأمور الاسلامية المشروعة: لقد ذُكرت في الفقه الإسلامي مثل عدم خروجهنّ من البيت وأن لاتُسافر وحدهنّ كما ذكرت أعلاه، ولا تصدّقن ولاتصومن إلاّ بإذن الرّجل، وعليهنّ أن يحتشمن في ملابسهنّ كما ذكرت، وأن يغضضن من أبصارهنّ، وأن تستيقظ قبل أن يستيقظ الرجل، ولاتجوز أخذ أموال الرّجل إلاّ بأذنه وفي الحالات الضّرورية، قال (ص) (لاتصوم المرأة وزوجها حاضرٌ إلاّ بإذنه) رواه البخاري عن أبي هريرة .(لايحلّ لإمرأة تؤمن بالله واليوم الأخر تُسافر يومًا وليلةً إلاّ مع ذي محرم من أهلها) رواه البخاري ومسلم. (كانت عائشة وحفصة عند النّبي جالستين فجاء ابن أم مكتوم فقال لهما النّبي (ص): قوما فقالتا، إنه أعمى فقال: وأنتما عمياوان)[10].(وقُل للمؤمنات يغضضن من أبصارهنّ)[11]. ونحوه ذلك. وعند عدم قبولها قد تؤدي إلى مشاكل عائلية.
10ـ عند أكثرهنّ تقصير في عدم قبول الأمر الإلهي المهم: ممّا تجرّ أكثرهن إلى الوقوع لبعض الأخطاء، والعُلماء يربطون هذه إلى الغيرة العالية عند المرأة، فمثلاً عدم قبولهنّ ببعض حقائق القرآن كما في قول الله تعالى في الزواج (فانكحوا ما طاب لكم من النّساء مثنى وثلاثة ورباعى فإن خفتم الاّ تعدلوا فواحدة أو ما ملكت أيمانكم ذلك أدنى ألاّ تعولوا)[12]. علمًا أنّ الله تعالى لايُشجّع بتعدد الزّواج فيقول (ولن تستطيعوا أن تعدلوا بين النّساء ولو حرصتم، فلا تميلوا كل الميل فتذروها كالمعلقة)[13]، بالرّغم من كونها مباحًا وليس واجبًا في الإسلام، ولكن عند الضرورة وبعد توفّر الشّروط المبينة في كتب الفقه يجوز ذلك فمثلاً عند وجود تقصير في المرأة كمرض مزمن أو عقم أو شدة كراهيتها للزوج لأسباب ما أو عند قلة أعداد الرّجال في الكوارث والحروب أو حاجة المجتمع إلى كثرة النّسل أو القوة الجنسية عند الرجل ونحو ذلك. "وهناك جانب آخر لإكمال شروط الزّواج: من الناحية الاجتماعية أن تتوفر ثروة مالية كفيلة لتوفر العيش السّعيد، أو من الناحية التربوية إمكان الأباء من إعطاء وتوفير التربية السّليمة للأطفال وكل هذا يبعد الزّواج من الاضطراب وتوتير الأعصاب وتشتيت الفكر وتغيير الطّباع وعند توفير الشّروط تتم السّعادة والزّواج السّعيد. وهناك شروط أخرى على المرأة أن لاتُربي ابنائها على الحقد والعداء لابناء أبيهم من غيرها، وعلى الرّجل عند الزواج بأكثر من واحدة أن لايميز إحداهن على الأخرى في مسكن أو ملبس أو نفقة ونحوه فعند عدم توفر هذه الشّروط يكون الزّواج حرامًا"[14].
علمًا أننا نرى أنّ أكثر رجال المسلمين مكتفين بواحدة في كافة العصور، إلاّ القلّة منهم يتزوجون بأكثر من واحدة لضرورة، فعلى الرّجال المؤمنين المنصفين رعاية الشّروط حتى لا نقع كمسلمين في مشاكل وننحرج أمام الشّعوب الأخرى، كما وقع أكثرنا في أخطاء كثيرة في مواضيع اسلامية أخرى مثل التّعصب القومي والطّائفي والمذهبي والفكري والابتعاد عن أوامر الله من الظلم والفسوق والفحشاء والسّكر وفي الكذب والافتراء والحسد والإسراف في الأموال وأكل مال الحرام ونحو ذلك.
لذا يجب الحذر من ذلك لأن التّقصير في تطبق شرائع الله تكون مصيبة كبيرة على المسلمين، فالمرأة والمجتمع تتحمّل نتائجها، فيكثر الزّواج الغير الشّرعي والطلاق وتكثر الفواحش وتجارة الزانيات. وعلى المرأة كذلك أن تراعي شروط الزواج وواجباتها تجاه الزّوج، وأن لا تعتبر الزواج تجارة أو متاع لأجل تطمين واشباع رغباتها النفسية والمالية، فتتزوج من عدة رجال بزواج غير شرعي لأنّ الله أمرها بالزّواج لزوج واحد، وعند الطلاّق يجوز لها بالثاني أو الثالث.

حقوق وواجبات الرّجل في النّظام الإسلامي

1ـ له حق الميراث من الأب بضعفين عندما يكون له الأم والابن مع البنت: فيُعطى للذكر مثل حظّ الأنثيين. والسّبب في ذلك: أـ لأنّ الابن يتعرّض حال الكُبْر والاكتساب لمسؤلية الانفاق على أبويه. ب ــ بالإضافة إلى مسؤولية الانفاق على زوجته. ج ـ ومسؤولية المهر إليها، في حين أختها لا تتعرّض لهذه المسؤولية ولا تتحمّل شيئًا منها. أما عند توزيع الميراث بين الإخوان لأب والأخوات لأب، أو بين الأم مع الأب، أو بين الزّوج مع الزّوجة ونحوه. ويكون توزيع الميراث سواسية. وقد يكون عكس المطلب كذلك فمثلاً عند وفاة المرأة ولها زوجها وابنتها فيكون للزوج الرّبع وللبنت النّصف[15]. علمًا أنّ موضوع حقوق الميراث عندما تطبق في المجتمعات قاطبة يكون لها معنى وحكمة إلهية، فالمرأة عندما تذهب إلى بيت الرّجل تتقسام ميراث الرّجل معها ثم لها المهر وليست مكلفة بأن تنفق على أبويها، وعلى هذا الأساس فهي ليست مغبونة أيضًا.
2ـ أن يكون الطّلاق بيده مبدئيًّا، لأنه رئيس العائلة، وهذا لايعني أنّه ليست للمرأة حقّ الطّلاق: كما ذكرنا أعلاه لأنه المسؤول الأول عن كافة مصاريف المرأة والأطفال، وعن إعطاء المهر والنّفقات. وصاحب المال والمسؤولية أولى بهذا الحكم، ولكن ليس هذا أنها لاتملك الحق عند عدم أداء الرجل واجباته تجاه المرأة، ولكن الإسلام يشدّد على الرّجل في موضوع الطّلاق قال تعالى (أمسك عليك زوجك واتّق الله)[16]. وقال (ص) (أبغض الحلال عند الله الطّلاق) حديث صحيح عند أكثر العلماء، الألباني ضعفه. وقال أيضًا (ثلاثٌ ليس فيهنّ لعبٌ الطّلاق والعتاق والنّكاح) حديث صحيح. وقال الرسول (ص) (لَوْ كُنْتُ آمِرًا أَحَدًا أَنْ يَسْجُدَ لِغَيْرِ اللَّهِ ، لَأَمَرْتُ الْمَرْأَةَ أَنْ تَسْجُدَ لِزَوْجِهَا) رواه ابن ماجة، صححه الألباني.
3ـ شهادة الرّجل تساوي بشهادتين من المرأة في أمور خاصة، وليست دائمًا: كما نعلم أنّ للشهادة شروط فيجب مراعاة ذلك، وعند توفر أو زوال الشّروط يؤخذ بنظر الإعتبار شهادة الرّجل أو المرأة. ومن هذه الشّروط أنّ المرأة لا تتعامل مع الجرائم وجنايات القتل والمعاملات المالية والشّؤون التّجارية، فيؤخذ هنا شهادة الرّجل، لأنّ المرأة ليست لها علم بها وتكوينها لا تتحمل من العمل والتعامل معها. أمّا في أمور الرّضاع والحضانة والنّسب ونحو ذلك فإن الأولوية الشّرعية فيها هو أخذ شهادة المرأة، إذ هي أكثر إتصالاً بهذه المسائل من الرّجل[17].
4ـ على الرّجل رعاية كافة شروط المسؤولية الملقات على عاتقهِ بالعدالة والانصاف: وإذا لم يلتزم بالشّروط يكون مسؤولاً أمام الله، لأنه رئيس العائلة وأولي أمر العائلة، ولأنه هو الحاكم الأول ولا يوجد شخص أخر يساعده في كلّ الأمور إلاّ شريكها في العُمر وهي زوجته فيجب مشاورتها وأخذ رأيها، حتى تشترك هي أيضًا في خير الأمور وشرّها وإذا يوجد أطفال بالغين كذلك يجب أخذ رأيهم وبذلك تطمئن العائلة بالقرار الجماعي مهما كانت نتيجتها بسلام دون نزاعٍ، لأنّ هذه مسؤوليّة على عاتق الرّجل من قبل الله تعالى. وأمّا في موضوع التّساوي بين الرّجل والمرأة في الإمارة أو إدارة البيت فهذا غير ممكن لأن الإسلام يأمرنا أن لايكون أميران أو مسؤولان في مكان واحد، (إذا سافرتم إلى مكان فليؤم أحدكم) رواه ابن حبان وصححه الألباني، وقال النبي (ص) (إذا كان في الأرضِ خليفتانِ فاقتلوا آخرَهُمَا) رواه الطّبراني عن ابن مسعود والأوسط ، (إذا بُويِعَ خليفتانِ، فاقتلوا الآخِرَ منهم) حديث صحيح رواه مسلم.
5ـ هو مسؤول عن كسب الأموال ثم معيشة وكسوت وتداوي المرأة والأطفال: فمسؤولية الرّجل المسلم كبيرة وعبئها ثقيل أمام الله، أما المرأة فمسؤوليتها محدودة فإذا راعتها تدخل الجنة. (ياأيها النّبي إنا أحللنا لك أزواجك اللاتي أتيت أجورهنّ)[18]. والمرأة غير مسؤولة عن ذلك.
6ـ مسؤول عن حماية المرأة من المآثم وحفظ شرفها وعزّتها: قال تعالى (ياأيها اللذين آمنوا قوا أنفسكم وأهليكم نارًا)[19]. (والّذين يرمون أزواجهم ولم يكن لهم شهداء إلاّ أنفسهم فشهادة أحدهم أربع شهادات بالله إنّه لمن الصّادقين)[20].
7ـ مسؤول عن تلاطفها وترويحها وشفقتها: وإنّ مفاجأة سارة، أو نزهة قصيرة للترويح، أو هدية رمزيّة، أو كلمة تقديرية أو تعبير عاطفي عميق، أو وزيارة أقاربها كل هذا أو بعضه له أثر سحري في الحياة الزّوجية التي تجدد العاطفة فيها نفسها حيث تتخللها هذه المواقف الإنسانية النّبيلة، وذلك السّلوك الرّقيق[21]. وعلى الرجل أيضًا معاملة المرأة في الفراش معاملة حسنة كما أمرنا ديننا.
8ـ مسؤول عن احترام أهلها وصديقاتها: وهكذا تصبح العائلة المسلمة، المثل الأعلى لكافة المجتمعات، فينشر بينهما الحب والإخلاص والتّعاون وإلخ.
9ـ مسؤول عن مساعدتها في بعض أمور البيت عند الحاجة، وبالأخص في حالة مرضها: فالمرأة مسؤولة بشكل ما في انجاز أعمال البيت إذا كانت غير مريضة، وهي ربّة البيت، ولكنّها ليست مجبورة إذا كانت لا تُريد العمل ولا إثم عليها والله أعلم.
10ـ عند عدم استطاعة المرأة إنجاز أعمال البيت وإرضاع أطفالها: فالعُلماء يقولون حينئذٍ يجب على الرّجل شرعًا بتأجير خدّامة لانجاز عمل البيت أوالزّواج بثانية لرضاعة الأطفال.

مفهوم المساواة بين الرّجل والمرأة في الإسلام

المساواة التي متّعَ الله بها الإنسان على أساس الأهليات الإنسانية وقواسم القابليات والملكات المشتركة، موجودة ومقرّرة فيما بين الرّجال بعضهم مع بعضٍ، وفيما بين النّساء بعضهنّ مع بعضٍ، وفيما بين الرّجال والنّساء معًا [22]. وما نذكر من المواضيع أدناه هي أوامر إسلامية.
1ـ المساواة بينهما أمام القانون في الحقوق والواجبات، وكذلك في العبودية والعبادات لله ونحوها: (ومَن يعمل من الصّالحات من ذكرٍ أو اُنثى وهو مؤمن فأولئك يدخلون الجنّة ولا يُظلمون نقيرًا)[23] ، (والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعضٍ يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ويُقيمون الصّلاة ويؤتون الزّكاة ويُطيعون الله ورسوله، أولئك سيرحمهم الله إنّ الله عزيزٌ حكيمٌ)[24]. (وجعلوا أعزّة أهلها أذلّة)[25] .(أذلّةٌ على المؤمنين أعزّةٌ على الكافرين)[26]. (فمن يعمل مثقال ذرّة خيرًا يره، ومن يعمل مثقال ذرّة شرًّا يره)[27].(ياأيها النّاس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبًا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم)[28]. (إنّ المسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات والقانتين والقانتات والصّادقين والصّادقات والصّابرات والخاشعين والخاشعات والمتصدّقين والمتصدّقات والصّائمين والصّائمات والحافظين فروجهم والحافظات والذّاكرين الله كثيرًا والذّكرات أعدّ الله لهم مغفرةً وأجرًا عظيمًا)[29]. (ومن عمل صالحًا من ذكرٍ أو أنثى وهو مؤمنٌ فأولئك يدخلون الجنّة)[30]. وقال الرسول (ص) (حق الله على العباد ان يُعبدَ ولا يُشركَ به شيء، وحقّ العباد على الله إذا عبدوه ولم يُشركوا به شيئًا أن لا يُعذبهم) حديث صحيح. وقال (لا فضل لعربي على أعجمي إلاّ بالتقوى) حديث صحيح.
2ـ سواسية في الحماية والأمان: لقد كرَّم الله الإنسان دون النظر إلى جنسه أو إلى عرقه أو لونه أو انتمائه، بل كرمه لبشريّته المحضة قال تعالى (وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ) الإسراء،7، فلم يختص الكلام بالرجل دونًا عن المرأة، وقد كفل الله تعالى للجنسين أن يعيشا بأمان واستقرار؛ فعصم دماءهما بشرعِهِ ما لم يأتيا بذنب يُريق الدماء، ومن أخلّ بذلك النظام الذي شرعه الله كان من الظالمين، وورد في ذلك حديث قدسي رواه أبو ذر الغفاري: (يا عِبَادِي إنِّي حَرَّمْتُ الظُّلْمَ علَى نَفْسِي، وَجَعَلْتُهُ بيْنَكُمْ مُحَرَّمًا، فلا تَظَالَمُوا)، رواه مسلم. فضمن الإسلام حقّ العيش بأمان للمرأة كما للرجل فلا يُهضم لها شيء باسم العادات.
3ـ سواسية في نشر الحب والسّعادة فيما بينهم وفي قداسة زواجهما: حيث يسكن كل زوج إلى زوجته فيشعر بالرّاحة والأمن والطمأنينة. وتنشأ بينهما عواطف المحبة والمودة والرّحمة مما يؤدي إلى استمرار الحياة الزّوجية في وفاق وتعاون مما يهىء الجو السّليم لتنشئة الأطفال ورعايتهم وتكوين شخصياتهم تكوينًا سليمًا[31]. (ومن أياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجًا لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودّةً ورحمةً)[32].(هُنّ لباس لكم وأنتم لباس لهنّ)[33].
4ـ سواسية في طلب العلم والتعلم والتفقه: قال (ص) (طلب العلم فريضة على كلّ مسلم ٍ ومسلمة)[34]
5ـ سواسية في مراعاة البيت والأطفال وحسن المعاشرة: قال (ص) (كلكم راعٍ وكلكم مسؤول عن رعيتهِ فالأمير راعٍ والرّجل راعٍ عن أهل بيته، والمرأة راعية على بيت زوجها وولده، فكلكم راعٍ، وكلّكم مسؤول عن رعيتهِ) رواه الشّيخان والإمام أحمد. ويأمر الله تعالى الجنسين بحسن المعاشرة، كأن للرجل والمرأة على حدٍّ سواء، فزورق الحياة لا يسير إلا بحسن القيادة وطيبها، فالمرأة مأمورة بحسن معاشرة زوجها فلا تُبذِّر ماله ولا يرى منها ما لا يحب، ومن حسن معاشرتها أن تراعيه في أموره كلها فلا تُكلفه ما لا يطيق من الأعباء مجاراة لقريباتها ممن يحظين بأفضل ما تحظى به، وكذلك من حسن معاشرة الرّجل للمرأة أن يسمع لشكواها، ولها أن تبدي رأيها في شؤون البيت وله أن يسمع ويأخذ بمشورتها حال كانت صوابًا. وكذلك فقد كانت نساء النبي عليه الصلاة والسلام يُراجعنه في أمور كثيرة كما يظهر في قصة مراجعة زوجة عمر بن الخطاب رضي الله عنه، ومن حسن المعاشرة أيضًا أنّ الرجل لو رأى من المرأة ما يكره أن يصبر على ذلك، فلا ينطق بالطلاق بل يحاول أن يجد مخرجًا معها.
6ـ سواسية في حفظ الضّروريات الخمس: الدّين والعقل والمال والنّفس والنّسل.
7ـ سواسية في تخير الرجل المرأة الصالحة، وتخير المرأة للرجل الصالح: وأولي الأمر إذا كانوا سببًا لمنع تخير الزوج يكون مذنبًا أمام الله وأمام القانون.
8ـ المساواة بين الزوجين كما وضحه لنا الإمام علي (رض): (النّاس من جهة التّمثال أكفاء، أبوهم أدم والأم حواء، خُلقوا من تُراب ومن علقٍ ومن مضغةٍ، وفي اللّون والشّكل الخارجي أكّفاء، وأنّهما أشرف المخلوقات، وأكفاء في أخذهم نفس المواد الغذائيّة من النّباتات والحيوانات، وأكفاء في النّسب والحسب والقوميّة).
9ـ سواسية في القيام بكافة الأعباء المنزلية وبتبادل المساعدات بينهما في كافة الأمور: على الطّرفين مراعاة ظروف بعضهم البعض كمرض أحدهم، وفي القيام بأعمال البيت التي تخصّ المرأة دون الأخر، أو أعمال خارج البيت التي تخصّ الرّجل ونحو ذلك.
10ـ سواسية في الجزاء والحساب والعقاب والدّخول في الجنّة أو النّار: قال تعالى (يا أيّها الإنسانُ إنّك كادحٌ إلى ربّك كدحًا فملاقيه)[35]. لقد ساوى الإسلام بين الرجل والمرأة في الجزاء في الدنيا والآخرة، فليس أحمدهما مكلف بتطبيق الشريعة الإسلامية والآخر معفيٌّ من ذلك، قال تعالى (مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَىٰ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ)[36]، فالمرأة مكلفة في التعاليم الشرعية كما الرجل تمامًا، ولو خالفت المرأة التعاليم الشرعية فتُحاسب كما يُحاسب الرجل لا أقلّ منه ولا أكثر، مثل أنّها لو أتت بجرم القتل فتنطبق الأحكام عليها كما عليه قال تعالى (وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ)[37].

مفهوم المساواة بين المرأة والرّجل في النّظام المدني وتناقضات المفكّرين السّياسيين

لقد اتخذ الأوربيون النّظام المدني كدستور سياسي لهم لأجل السيطرة على دول العالم، وبنظامهم اعتبروا الدين أفيون الشعوب، وبنظامهم لايحترمون الأديان ويدّعون بأن المتدينون هم جهلاء غير متطورين ويحاربونهم في كل مكان، وحتى أنهم لا يعترفون بالعلوم الصحيحة، وفي كل أقوالهم وأعمالهم كاذبون خادعون الناس. وعلماء الغرب هم يقولون أنه يوجد ما يقارب 1200 فرقًا بين المرأة والرجل، من الناحية النفسية والجسمية. ولكن لو سألنا السياسيين العلمانيين والشيوعيين من المنافقين لأدعوا بالمساواة المطلقة كذلك. وإليكم من هذه الفروق:
1ـ أن أهل العلم يقرّون على وجود الفروق بين الرجل من الناحية الفسيولوجية والبيولوجية: والاختلافات واضحة، فقد ذكر الباحثون أن المرأة أنقص تكوينًا من الرجل، وأقل جَلَدًا وأضعف مقاومة، هذه هي الصفة العامة التي تنطبق على كل أجهزتها وأعضائها، ثم أوردوا تلك الفروق على اختلافها. ونبدأ بالهيكل العظمي للمرأة، فإنه في مجموعه أصغر وأرق من هيكل الرجل، وعظامها أقل سماكة ووزنًا من عظام الرجل. ويعود ضعف الهيكل العظمي عند المرأة عن الهيكل العظمي عند الرجل لأربعة أسباب: 1ـ ضعف عضلات المرأة عن عضلات الرجل. 2ـ الحيض عند النساء. 3ـ الحمل والولادة والرضاعة. 4ـ وأقروا في الوراثة على التناصف بين الرجل والمرأة ، ولكن تقسيم الميراث تختلف حسب القرابة. وحتى يرى العّلماء فروق النساء في ألعابهن وحركاتهن ومشيتهن وقعودهن وجلوسهن وصوتهن النّاعم وملابسهن واختيارهن ألوان خاصة ومميّزة وجذّابة، ويرون الاختلاف في كل ذلك عند الرجال. فالطّفلات يحبن شراء لعّابات لطفلات وحاجيات البيت، ولعّابات لحيوانات أليفة ونحوه من الألعاب البسيطة التي ليس فيها القسوة، أما الأطفال يحبون شراء التّكنولوجية والألعاب التالية كالطائرات والسّفن والسّيارات والدّراجات وكذلك الخيل والمسدس والبندقية، وألعاب حيوانات وحشيّة. والسّياسيون ينكرون كل هذه الفروق.
2ـ ونرى عند أهل العلم الطّفلة تمثّل رمزًا للسّلام والحب: ففي وجهها علامات البراءة والعصمة والنّقاء لأنّها لا تُحب القسوة والحرب وتنفر من الظّلم والطغيان. أما عند الذّكور فنرى نوع من الوقاحة والدّلالة وإظهار الخشونة وعدم الخوف من القسوة والظّلم. فهذا التّمثيل والتّصوير يدلّ على وجود فرق بينهما أيضًا. والسّياسيون ينكرون هذا الفرق أيضًا ويُصرّون على المساواة.
3ـ ويقول أهل العلم المرأة خُلقت مُرهفة الإحساس تحب النّقاش اللّطيف: أنها رقيقة العاطفة تشفق على أطفالها وترحم والداها، ودقيقة في عملها، وذكيّة في حفظ الكلمات أكثر من الرّجل فتكون جميلة الخطاب والإحترام وماهرة في إدارة الأعمال. إذن فهي مصدر الرّفق والعطف والحنان والدّقة في العمل، أمّا الرّجل عكس ذلك فيحب الجدل الخشن دون أنْ يملّ وعطفه أقل من المرأة ودقتهِ في العمل أقلّ منها.
4ـ ويقولون أن للمرأة صفة خاصة، فعند زواجها تحب زوجها أكثر من الأقرباء وعند الانجاب تتحوّل حُبّها وعطفها إلى أطفالها: فتتحول إلى طفلها الأول، ثم تتحول حبّها وعطفها إلى الطفل الثّاني وهكذا. وهذا التّغير نراه في المرأة دون الرّجل كما يدّعي العلماء، وهذا أيضًا نوع من الاعتراف على وجود الفروق. وهنا أريد القول على المرأة العاقلة الملتزمة بالإسلام أن لا تُظهر هذا السّلوك التي فطره الله عليها بشكل واضح لا على زوجها ولا على أطفالها حتى لا تشكل حساسية وتأثير على نفوسهم ثم يؤدي إلى النزاع والخصام.
5ـ يقول أهل العلم أنّ قابليتها في العمل وفي القتال والدّفاع عن الوطن محدودة وأقلّ من الرّجل: ولكن السّياسيون بالرّغم من معرفتهم هذا يصرّون على التّساوي. والإسلام لاتشدد على المرأة وتحمل عليها العبء الثقيل وإنّما تشوّقها على العمل من أجل تربية أطفالها وفي تداوي وتضميد المقاتلين وإطعامهم، ولاتوجب عليها القتال إلاّ في الضّرورات، وتشجعها على التعليم والطبابة والتجارة المحللة.
6ـ تستعمل المرأة سلاح البكاء لكي تعوض عن قوّتها: بما أن الرجل يستعمل قوة العضلات والقسوة ومنع المرأة من الخروج إلى الأقارب وجرح شعورها بكلام سيء ونحو ذلك في حل وتفادي المشاكل. وكذلك المرأة في أغلب الأحوال تستعمل كيدهن عند وقوعها في الظلم والغدر مع الرجل. ومن كيدهن البكاء الزائف وقد قيل عنها بدموع التماسيح وكذلك استخدامها الكذب على الزوج وعلى أقارب الزوج، مع استعمالها الحروب النفسية على الزوج عن طريق اساءة الاقارب وتكفير العشير أي انكار الجميل أو عن طريق هجرة الفراش ونحو ذلك. وأريد القول هنا أنّ الطرفين متساويين في ظلم الأخر. ولهذا القرآن لا يفرق بين المرأة والرجل في موضوع التقوى والجزاء، لذا على الطرفين عدم استعمال مثل هذه الحلول التي نهى الله عنها الاسلام في حل مشاكلهم. بل أمرنا بحلول اسلامية أخرى مثل الصبر والتسامح والعفو والمغفرة والرحمة والعطف.
7ـ يقول أهل العلم في كافة العصور لم نر منهن أنبياء أوزعماء أومخترعين إلاّ ما ندر: وقد تظهر منهن أهل العلم والإرشاد والتّقوى والمخترعات والمكتشفات بعدد أقل من الرجال، ولكن السّياسيون يدّعون قدرتها على العمل في كافة السّاحات وفي كلّ المناصب والمقامات حتى في قيادة الجيش وفي مناجم المعادن وفي المصانع الثقيلة.
أمّا الإسلام فيقول أنّ المرأة بالإضافة إلى تربية الأطفال تستطيع العمل في المهن التي تُليق بدنها كمهنة الممرّضة والطّبيبة والتّدريس في كافة المرحل الدّراسية كما ذكرنا، وتستطيع أن تكون عالمة وباحثة في أكثر العلوم وأن تعمل في التّجارة وفي المؤسّسات الادارية ومرشدات ومصلحات وفي الحرف والفنون الجميلة كالرسم والخياطة والطبخ والتّطريز والحياكة بأنواعها، وحتى لها الحق في إبداء أرائهن السياسية، وقد عملت نساء الخلفاء المسلمين وكن تبدين أرائهم مع الخليفة ولعصور عديدة، وزوجات الرسول خير مثل لأداء أعمالهن مع الرّسول عليه الصلاة والسلام. ويجب أن لا ننسى أنّ "وراء كل رجل عظيم إمرأة". أما عن موضوع لماذا لا لم تكلف المرأة بأن تكون نبيًا أو زعيمًا، فهذا أمر إلهي، ونحن نقول ولماذا الأسد أصبح ملك الغابة، واللبؤة ملكة الغابة؟ فلابد أن يولى أمر الأسرة والجماعة رئيسًا. والرئيس لابد أن يكون حائزًا على الفطانة والحنكة والتفكير لمسقبل بعيد وعدم النسيان والقوة وعدم الخوف والعدالة والصبر ونحو ذلك. وهذا الموضوع يحتاج إلى شرح مفصل.
8ـ يقول العلماء أنّ المرأة لا تُحب الاختلاط مع الرّجال بل تحب الاختلاط مع جنسها ولا السّهر الطّويل: ولكن السّياسين يدّعون عكس ذلك ويدّعون أنّ المرأة تحب الاختلاط مع الرّجال، والرّجل مع المرأة وبناء على ذلك جعلوا المدارس مختلطة، وحتى في غرف الدوائر أصبحت مختلطة، فازدادت المشاكل وقلة تفوق النجاح. ولكن الرّجال يحبون السّهر الليلي الطّويل وتلقي الدّروس مع الأصدقاء.
9ـ يقول أرباب العلم أنّ مهارة الرّجل في المهن والتّصنيع تفوق مهارة المرأة: فيرون أنّ أحسن طبّاخ في العالم وأحسن خيّاط في العالم وأحسن صانع المعجنات وأحسن منظّف وأحسن مربّي وأحسن مدرّس وأحسن طبيب وأحسن مهندس هو الرّجل. ويقولون أنّ نسبة العلماء والمخترعين 97% من الرّجال. وأنا أقول وهل هذهِ النسبة الكبيرة تقبل العدالة والانصاف؟ فلماذا لايشجعون النساء في اتخاذهن حقوقهن المشروعة؟ والدّول الغربية هم المسيطرون على مصير ومقدرات أكثر شعوب دول العالم، سواء منذ عصور قديمة عدا فترة الخلافة الإسلامية، أي إلى ما بعد سقوط الخلافة الاسلامية وإلى الآن. وهؤلاء الحكام والعلماء والمنافقين الطاغين هم الذين ظلموهن وغصبوا حقوقهن واعتباروهن شيطانة ملعونة ولعصور طويلة. فأستغلّوا المرأة وظلموها وتجاوزوا عن حقوقها المشروعة. ولكن الدين الإسلامي لم تقصّر في حقوقها فأعطت لها دورًا كبيرًا في كافة المجالات في الأسرة والمجتمع وحتى في إدارة الدّولة.
10ـ يقول أهل العلم أنّ المرأة تحب الاعتناء بالزّهور والورود ولبس الحلي والذّهب والفضّة والحرير، مع استعمال أنواع الطّيب والزّينة والحناء وتسريح الشّعر والتسوق في المحلات التجارية أكثر من الرّجل: ولكن السياسيين يشجعهن على المنكرات وتدخين السيجارة وشرب المسكرات ولعب القمار والسّهر في خارج البيت في أماكن قذرة، وحتى اتجارهن في أسواق الدعارة.
11ـ يقول أهل العلم حتى أنَ الألوان التي تحبّها تفرق عن الرّجل فهي عمومًا تحب الألوان النّاعمة والفاتحة والزّاهية الجذّابة: وخاصة تحب الأحمر والأصفر والأخضر الصّافي وكذلك الأزرق الصّافي والرّمادي والوردي والبرتقالي والأسود والبنفسجي والأرجواني الفاتح، في كافة أغراضها وملابسها ونحو ذلك. أمّا الرّجال عمومًا يحبون الألوان الخشنة والغامقة والمعتمة وخاصّة الأسود والأزرق والأرجواني الغامق والرّمادي والقهوائي والكستنائي، ولا أذكر هنا الألوان المشتركة المرغوبة من قبل الطّرفين. ولكن السياسيين مصرّون على مساواة الرّجل مع المرأة.
12ـ يقول أهل العلم أن المرأة تحب عمومًا الأفلام العاطفية والصحية وبرامج الطّبخ وبرامج الغناء والطّرب: والرّجال عكس النساء فهم يحبون الأفلام البوليسية والمغامرات وأفلام الدّعارة وبرامج الرّياضة والسّياسة والاقتصاد ونحو ذلك. وفي دراسة قام بها باحثون من جامعة برشلونة في إسبانيا، ونشرت في 2019، وجدت أن الرجال يقضون جزءا أكبر من اليوم في ممارسة الأنشطة الترفيهية مقارنة بالنساء، مثل مشاهدة التلفزيون وممارسة الهوايات والتواصل مع العائلة والأصدقاء وممارسة الرياضة أو حضور أحداث ثقافية أو تنظيم حفلات منزلية. مع كل ذلك السياسيون يدعون بالمساواة.
13ـ ويقول أهل العلم أيضًا أنّ المرأة ضعيفة جسميًّا وأقل قوّة من الرّجل: فمثلاً حاسّة سمعها وشمّها أقل من الرّجل. وحتى الأعضاء الفيزيائية وغيرها من الأعضاء مختلفة عن الرّجل. ويقول الفيلسوف الإشتراكي الشّهير برودون في كتابه (ابتكار النّظام) إنّ وجدان المرأة أضعف من وجداننا بقدر ضعف عقلها عن عقلنا ولأخلاقها طبيعة أخرى غير طبيعة أخلاقنا. وطول المرأة أقل وثقلها وقلبها والجهاز التّنفسي والحواس الخمسة عندها أقل وأضعف من الرّجل [38].
وأنظر كذلك إلى فروق بين الرجل والمرأة. وأما جسم المرأة فيكون عادة أقصر من الرجل، فمتوسط طول الرجل يختلف بين 170 و172 سنتيمترًا في أوربا. وأما وزن جسمي الرجل والمرأة، فإن معدل وزن الطفل المولود حديثًا 3250 غرامًا، والطفلة 2900 غرام، وقلما يفرقان بعد ذلك إلى ما بعد السنة الثانية عشرة، ثم يزيد هذا الفرق جدًا برجحان الذكر، فيبلغ حسب تعديل الوزن من أربعة إلى خمسة كيلوغرامات، ثم يتناقص في الشيخوخة. وأما من وجهة الفوارق الفسيولوجية فذكر مايم: إن الكريات الحمراء أكثر عددا في الرجال منها في النساء، ومتوسطها بنسبة 5 للرجال إلى 407 للنساء. وقد وجد أن الحرارة التي تتولد من جسم الرجل خلال الراحة، تزيد من 5 إلى 8 في المائة عنها في المرأة التي في نفس السن والمساوية للرجل في الوزن وطول القامة، غير أن المرأة عندها استعداد للسمن، أكثر من الرجل. وعضلات المرأة على العموم أضعف من عضلات الرجل، وقوة المرأة من سن الخامسة والعشرين إلى الثلاثين، ثلثا قوة الرجل في هذه السن، ولوحظ أن عضلات المرأة تحتوي سائلاً مائيًّا أكثر من عضلات الرجل، ويظهر الدهن في جسم المرأة في صدرها وعجزيها وفخذيها، وعلى كل فإن جسم المرأة يحوي كمية من الدهن أكبر نسبيًّا من الكمية الدهنية الموجودة في جسم الرجل. وحنجرة المرأة أصغر من حنجرة الرجل، وأقل تصلبًّا منها. وأما أوتار الصوت الموجودة في حنجرة المرأة فتختلف عما عند الرجل ولذا فإن صوت المرأة أرفع وأرق من صوت الرجل عادة، ويظهر ذلك بالأخص عند البلوغ. والحوض عند المرأة أوسع في فتحته من حوض الرجل وأن حوض الرجل أضيق وأعمق من حوض المرأة، وتوجد اختلافات أخرى بين حوضي المرأة والرجل. ينحصر الفرق بين المرأة والرجل فيما يتعلق بقفص الصدر والذراعين والساقين واليدين الخ.. في أن عظام المرأة أضعف وأقصر في طولها نسبيًّا عن عظام الرجل إلا في بعض أجزاء قليلة. وأما العمود الفقري فإنه أقل طولاً في المرأة عن الرجل وفقراته قليلة الوزن والقسم القطني منه (الخاصرة) أطول من مثله عند الرجل وأكثر انحناء. وأما القفص الصدري فيختلف عن صدر الرجل اختلافًا واضحًا، فصدر المرأة على العموم أقصر وأكثر استدارة وبروزًا للأمام من صدر الرجل، ويأخذ في الضيق من أسفل حتى نهاية الصدر، وهو ما يجعل للمرأة خصرًا رفيعًا، وأما العضلات بين الإضلاع فإنها قليلة النمو، ويزيد عنها النسيج الخلوي والدهني، فإنه كثير النمو في صدر المرأة مما يجعله لين الملمس والغدد الثدية تنمو كثيرًا عندها لأنه يطلب منها تأدية وظيفة من أعظم الوظائف الحيوية ألا وهي الرضاعة. وجذع المرأة أطول من جذع الرجل بالنسبة إلى اليدين والرجلين، وقامة المرأة أقل انتصابًا من قامة الرجل، وقدمها أقل ثبوتًا من قدمه. وأوتار الصوت أقصر في المرأة منها في الرجل، ولذلك فصوت المرأة أعلى وأحد، وحنجرتها أصغر وأعلى في حلقها وغدتها الدرقية أكبر من غدته، ورئتا المرأة أصغر من رئتي الرجل بالنسبة إلى جسمها، وهي تزفر من الحامض الكربونيك أكثر مما يزفر الرجل. ويختلف معدل دم المرأة عن دم الرجل، لأن الكريات الدموية عند المرأة أقل من عدد الكريات عند الرجل. والماء في دم المرأة أكثر من الماء في دم الرجل، وثقل دمها النوعي أخف من ثقل دمه النوعي، ونبضها أسرع من نبضه من ثماني نبضات إلى اثنتي عشرة نبضة في الدقيقة. وقلب الرجل أكبر من قلب المرأة حجمًا وأثقل وزنًا، وشرايين الرجل وأوردته أوسع من شرايين المرأة، وحوائطها أسمك من حوائط الأوعية الدموية عند المرأة ونبض الرجل ينقص في دقاته عن نبض المرأة. وتنفس المرأة صدري، وأكثر اتساع الصدر عند الشهيق يحصل في الأضلاع العليا. والدورة الدموية عند المرأة لا تختلف عنها عند الرجل إلا في الحمل، غير أن قوة الدورة الدموية عند المرأة أقل منها في الرجل، والتبادل الغازي يختلف بين الذكر والأنثى، فالمرأة يتصاعد فيها قليل من حمض الكربونيك وتمتص من الأوكسجين أقل من الرجل وتزداد حركة التنفس في الفتاة حتى البلوغ، ثم تقف عن الزيادة إلى اليأس، ثم تزيد بعده، وفي الحمل تزيد حركة التنفس والتبادل الغازي. وجلد المرأة يختلف عن جلد الرجل، ولوحظ أن جلد المرأة أكثر نعومة وأقل سماكة من جلد الرجل، وأن جلد المرأة أفتح لونًا من جلد الرجل، وهذا ينطبق طبعًا على الأمم البيضاء والصفراء، ولوحظ أن جلد المرأة أكثر إحساسًا باللمس من جلد الرجل، وأن جلد المرأة أكثر تأثرًا بالمؤثرات الجوية كالحر والبرد من جلد الرجل. وأما شعر المرأة أطول من شعر الرجل وأن شعر الفتاة الصغيرة الوسطى يكون دائمًا أطول من شعر الولد الصغير الذي لا يقص شعره. ولوحظ أن الشعر يكثر نموه على أجزاء كثيرة من جسم الرجل، ولكن الشعر لا يظهر على جسم المرأة في أكثر الأحوال إلا في ثلاثة مواضع: على رأسها وتحت إبطيها وحول عضوها التناسلي، ولو أن كثيرًا من النساء ينمو عندهن الشعر أحيانًا على الأذرع والصدر والساقين وأجزاء أخرى بشكل ظاهر[39].
14ـ ولها ميّزة خاصة وهي قابليّتها على مقاومة الأمراض، ومتوسط عمرها أكثر من الذّكور، فولادة الذّكور من الأطفال أكثر من الإناث ولكن بسبب تعرض الذّكور للأمرض فيموت أكثرهم فتتتعادل النّسب عدا حالة الحروب. وأسأل السياسيين أين موضوع مساواتهم؟
15ـ يقول أهل العلم أنّ المرأة تحب الأمومة وتربية الأطفال وتنشأة رجال عظام والاعتناء ببيتها وزينتها: ويابان تعطي أجر أو راتب لربة البيت وإنكلترا تبحث في إعطاء المرأة راتب لربة البيت، لأنّهم بدأوا يعرفون مهمة تربية الأطفال مهنة كبيرة ومقدسة. والرّجل يهمّه أن يكون له أطفال أقوياء ومطيعون لأوامره ويُساعدونه في أعملهم.
16ـ يقول أهل العلم أنّ المرأة تعرف كيف تواسي أباها وأخاها أو زوجها عند المرض أو المصائب أكثر من الرّجل. ولكن السياسيون المنافقون لا يرون كل هذه الفروق.
17ـ يقول أهل العلم أن الطّب أثبت على أنّ مخ المرأة 1250 غرام، ومخ الرّجل 1400 غرام، وكذلك أثبت العلم أنّ المرأة أكثر استيعابًا للمواضيع، ولكنّ الرّجل أكثر تعمّقًا للمواضيع وفي تشغيل عقله للمواضيع الدّقيقة والحاسمة، ويقولون أن المرأة تتكلّم (مابين 17 ألف الى 20 ألف ) كلمة أمّا الرّجل يتكلّم (7 ألاف) كلمة تقريبًا. فأين المساواة يارجال السياسة. "علمًا أنّ نقص وزن المخ لايدلّ على نقص ذكاء المرأة، لأنّ مخ الحمار أكبر حجمًا من مخ الإنسان، فلو كان كبر الحجم قياسًا للذكاء لكان الحمار أذكى من الانسان."
18ـ أثبت علماء النّفس وعلماء التّربية، أنّ المرأة أقوى عاطفة وتأثرًا للانفعالات والإحساسات من الرّجل، ولهذا لا تتأثر ولا تمل من نظافة أطفالها وبيتها والرّقود معهم عند المرض أيّام طوال: هذا هو سرّ سعادة كُلّ من الرّجل والمرأة، فلو أصبح الزوجان في نفس المزاج والصفات لما تحمل أحدهم على الثاني، وهذه حكمة إلهية بالغة من أجل تعادل التّوازن بينهما في سير أمور الحياة. والمرأة سريعة النسيان عمومًا، عند أرهاقها في أعمالها المنزلية وتربية أطفالها وأذائها في الولادة والأمرض النسائية تنسى كلّ هذه المشّقات بمجرد مجيئ فرح أخر بعدها، أو حصولها على مكافأة لأتعابها. وهذه حكمة إلهيّة أخرى. ودراسة المخ ومقارنة مخ المرأة بمخ الرجل، لها علاقة كبرى بتقرير حقيقة المرأة، لأنه هو المركز الأصلي للعقلية الإنسانية، بل هو المحطة الرئيسية لشعور ونفسية الإنسان. فمقارنة المخ عند المرأة والرجل، تساعد كثيرًا على فهم عظمة الجهازين الخاصين بكل حركة وعاطفة وشعور وإحساس وتمييز عند المرأة والرجل، وعلى تقدير تفوق كل منهما على الآخر. ويرى بورت ومور: وجود فروق دقيقة في صورة المخ عند الرجل البالغ وعند المرأة البالغة، فبينما تكون قشرة المحيط الخارجي للمخ عند الرجل البالغ أوضح في تكوينها، نجد السرير الصعبي الذي هو في أسفل جذع المخ عند المرأة البالغة أوضح في تكوينه منه في الرجل، وبما أن القشرة المخية من بعض وظائفها أمور التمييز الحسي بخلاف جذع المخ الذي هو أدنى من أن يكون متصلاً ببعض وظائف الشعور الحسي والانفعالات، فمن المحتمل كثيرًا أن عقلية المرأة أدنى إلى أن تكون متأثرة بالانفعالات بخلاف عقلية الرجل التي هي أدنى إلى أن تكون متأثرة بالتفكير. ولاحظ ريدنجر أيضًا أن مخ الطفلة لا يختلف في ميزاته فقط عن مخ الطفل بل إن التعاريج التي على سطح مخ الطفلة قليلة وأن هذه التعاريج والارتفاعات والانخفاضات التي على سطح مخ الطفلة متعددة وأكثر جدًا مما هي عند الطفلة. وقيل: إن هذه التعاريج علامة مميزة لأنواع المخ الراقي، فكلما كثرت وتعددت، كلما كان نوع المخ أرقى[40]. وينبغي أن نشير إلى أن الفرق الذي تحدثه المدنية بين الأفراد مشاهد أيضًا بين الجنسين، فالرجل والمرأة متساويان على التقريب من جهة العقل عند الأمم المنحطة وفي الطبقات الدنيا من الأمم الراقية، ويظهر ذلك الفرق وينمو كلما ارتقت الأمة في المدنية. وقال فورل: والظاهر من اختلاف العلماء أنه لم تقم حتى الآن أدلة كافية على تقرير منزلة المرأة من حيث نسبة قواها العقلية إلى قوى الرجل العقلية.
19ـ للمرأة الغيرة على العمل أكثر من الرّجل، وقد تُفرط في غيرتها فتعمل حتّى في الأعمال الشّاقّة، وإن كانت قوّتها وطاقتها أقل من الرّجل: هذا إدّعاء غير صحيح لأنّ عند تحمّلها بعبئ خارج البيت، فلا تبقى عندها مجال في حضانة وتربية وتنشأة الأطفال، مما يؤدي إلى وضع أطفالها إلى دار أو ملاجئ الأطفال، وهنا تتضرّر الأطفال، وأعلنت الإحصائيّات أن الأولاد هنا ينشئون قليلي الذّكاء والمواهب. فيجب على الرّجل الأخذ كلّ هذا بنظر الاعتبار[41].
20ـ وحتى في نشأتهما نجد الفروق: أبونا آدم خُلق من طين، وحواء خُلقت من ضلع آدم: قال تعالى (هو الّذي خلقكم من طين ثم قضى أجلاً)[42]. (استوصوا بالنّساء خيرًا، فإنهنّ خُلقن من ضلعٍ وإنّ أعوج ما في الضّلع أعلاهُ فإن ذهبتَ تُقيمهُ كسرتهُ، وإنْ تركتهُ لم يزل أعوج فاستوصوا بالنّساء خيرًا)[43].
21ـ وفروق أخرى كثيرة بين المرأة والرّجل: منها فالمرأة تتباهى في المجتمع بزواجها وزوجها، والرّجل يتباهى بعمله وأصدقائه وأطفاله بصورة عامة. المرأة تحب العطاء من الهدايا والصّدقات دون تفكير مسبق، أمّا الرّجل يُفكر في ذلك ويحسب ألف حساب. المرأة تحب الكلام الكثير مع سماع كلام الغير دون ملل، أمّا الرّجل تتأثر وتنزعج من الكلام الطّويل. المرأة تحب تغيير ديكورات البيت والعمل المستمر في أي عمل كان، أمّا الرّجل لا يحب كل ذلك عمومًا. وحتى يقال أنّ نوعية الأطعمة التي تأخذها وتحبها المرأة كذلك تختلف عن الرّجل نسبيًّا. ومن صفات أن المرأة عدا القيام بفطرة الامومة فهي تفكر أيضًا في تحبيب نفسها عند الاطفال قد يحتاجهم ويراعونها في الشيخوخة، أما الرجل فلا يفكر في ذلك.
لقد تم تفسير أية (الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ وَبِمَا أَنفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ)[44]، أي كل منهما خاصية التفضيل، وقيل أن المرأة التي تملك المال ستكون قد فقد الرجل هذا القوام. وهذا خطأ وإنما القوامة تكون في النفقة وفي الادارة والمسؤولية الرجل، وإذا كانت المرأة تملك المال فصرفها تكون صدقة عليها.

مفهوم حقوق المرأة عند الحضارة الغربية وفي قوانين الأمم المتحدة

لقد نشأت وترعرت المرأة في الغرب على المادة وهي مكلّفة بهذا الدّافع المادي، بإعالة نفسها سواء كانت فتاة في بيت أبويها أو زوجة في دار زوجها ما دامت قادرة على طريق أي باب لأي كسب، إن فلسفة تقديس المادّة، والنّظر إليها على أنها الدّعامة الوحيدة لإقامة المجتمع الإنساني الرّغيد، تبُّث في روع كلّ فرد في المجتمع الغربي. يقينًا قدسيًّا مؤداهُ أن مُتع الحياة كثيرة لا حدّ لها وكلّها يتطلّب تقديم الأثمان الباهظة، لذا فإن على الجميع أن يركضوا في سباق لاهث، إبتغاء جمع أكبر قدر من المال، لإداء الضّريبة التي لابدّ منها إبتغاء الحصول على سلسلة المتع التي لا حصر له[45]. وعندهم مفهوم الحريّة المطلقة لكافة أفراد المجتمع، وهذا مستحيل لأنّ هذا مخالف لفطرة الإنسان والحياة البشرية، إذ لا يمكن أن يكون لأيّ مخلوق في الأرض حرّية مطلقة، فالإنسان مقيّد منذ طفولته على العيش مع والديه دون استعمال إرادته في اختيارهم، وفي تطبيق أوامر والديه إلى أن يبلغ، ومقيد في العيش في الأرض دون السّموات، وهو مقيّد في إرادته الكليّة، أي أنّ الله تعالى قد وهب الله له إرادة جزئيّة فقط، ومقيّد أيضًا لأوامر وأعراف المجتمع والدّولة والأمم، فالذين يدّعون أنهم أحرار كليًّا يكذبون لأنّنا رأينا قوانينهم مملؤة بالممنوعات أكثر من الدّول الإسلاميّة. وكل أعمالهم وقوانينهم مبنية على الفساد والمصلحة الشخصية، من تبرج المرأة واختلاطها مع الرّجال وعملها في كافة الأعمال وأمكان الدّعارة وتحديد النسل وأخذ الجنين عند الزنا ومثل ذلك. وهم يقولون مالا يفعلون وهدفهم معروفة وهو تدمير كيان المجتمعات ثمّ ضعفهم والسّيطرة عليهم. ووراء كلّ هذه الألعاب السّياسة نجد كافة أعداء الله والكفرة والانتهازيين من النّاس وهدفهم دمار حضارة وثقافة وأخلاق الشعوب ثم السيطرة عليهم. وأخيرًا نتمنى من الله تعالى النصر للمسلين.

القرارات الخاطئة التي أُتخذت من قبل الدول الغربية (الأوروبية)

1ـ رئيس العائلة في البيت تتكوّن من رئيسين وهما (الرّجل والمرأة) وهما يقومان بجميع أعمال البيت بالتناصف ويحصلون على الميراث بالتناصف: بهذا يكون الطّلاق من حق المرأة والرّجل معًا، ولهذا نرى زيادة نسبة الطلاق في الدّول الأوروبية. ويردّ عليهم الشّيخ محمد متولي الشّعراوي: إنّ الذين يُنادون بمساواة المرأة مع الرّجل لماذا لا يقولون بمساواة الرّجل بالمرأة؟ يطلبون من المرأة أن تقوم بعمل الرّجل فكان من الواجب أن يطلبوا من الرّجل أن يقوم بعمل المرأة، وإلاّ جاروا على مبدأ المساواة التي يطلبونها، فإذا قامت المرأة بالعمل المطلوب من الرّجل وظلّت هي بعملها الخاص الذي لايؤدي إلاّ من جهتها، لكان معنى ذلك إلقاء حمل جديد على المرأة وهكذا فهم لايطلبون مساوتها بل يطلبون غبنها وظلمها فلو أنصفت المرأة نفسها لرأت في الذين يطلبون مساواتها بالرّجل فيما تجنح إليه فكرة المساواة خصومًا لها. ولو أنصفت الذين يطلبون مساواتها لطلبوا لها أن تزول كلّ أعمال الرّجل وإلاّ يقتصر طلب المساواة على الأمور الهيّنة غير الشّاقة ولا المجهدة [46]. ويمكن القول أنّ حكومات الدول الأوروبية يفرطون في إعطاء حقوق للمرأة أزيد من الرّجل فأذلّوهم ولا يستطيعون حتى في الدّفاع عن أنفسهم، وهناك أيضًا عوائل إسلامية متطرفة غصبوا حقوق المرأة فأذلوها، والإسلام يحرّم الظلم وأعطت للمرأة ما لم تعطيها الحضارات السابقة، وكل ذلك بمقدار وتوازن ويؤخذ بنظر الاعتبار الظروف. الفسيولوجية والبيولوجية.
2ـ عدم تقييد الزّوجين بضوابط الزّواج المعروفة لدى كافة الآديان والأعراف: وبهذا تنجم عن هذه الاختلافات خصام وسوء تفاهم مستمر بين الزوجين. ونهاية الاختلافات تنتهي بالطلاق، لأن قوانين الدولة تشجع ذلك.
3ـ المرأة الغربية لم تنل إلى اليوم حقوقها بما فيها الكرامة الزّوجية وحتى أجرها العادل من العمل الذي تؤديها كما ينالهُ الرّجل في أكثر الساحات:
وللأسف تعاني المرأة الأوروبية من الكثير من الممارسات السلبية في مجتمعاتها ، وهو بالفعل ما يسميه الغرب : “التمييز ضد المرأة، حيث أظهر المجتمع شعارات تنادي “مساواة الرجل بالمرأة “، وعلى الرغم من تقديم المساواة بين الطرفين من قبل الحكومة إلا أنها لا زالت المرأة تعاني من سوء المعاملة والاضطهاد .فيذكر أنه في فرنسا وحدها قد وصلت حالات العنف ضد المرأة نحو حوالي مليون وثلاثمائة حالة وذلك حدث في عام 2001م، وهذا العدد يعتبر كبير جدا مقارنة بحالات العنف التي يتم رصدها في المجتمعات الشرقية. بالإضافة إلى ظهور ظاهرة الشواذ جنسيا، والمطالبة بحقوق المثليين، والتي بالفعل قد وصلت إلى البرلمانيات الأوروبية جميعا وتم أعتمادها، وقد أقرت في بعض الدول، لتنتقل بعد ذلك إلى الكنائس! وبسبب وجود تلك الظاهرة أصبح من الصعب وجود حياة أسرية بعد الأستغناء عن الكامل عن الزوجة. كما نعلم أن أغلبية النساء يتقاضين نصف رواتب الرجال في الوظيفة نفسها، والصحافة الأوروبية تكشفت دائمًا ظلم أصحاب العمل النساء، وأن الأمر الذي أشعل أزمة شديدة انتهت بالتحديد في منتصف نوفمبر/تشرين الثاني للدفاع عن عدم المساواة في الرواتب، التي يبدو أنها لم تحل أزمتها حتى الآن بنهاية 2019، وما زالت النساء في بريطانيا يعانين من المشكلة نفسها. ومؤخرا فجرته الإعلامية سميرة أحمد في شبكة الإذاعة البريطانية (بي بي سي) بسبب عدم مساواتها مع زميلها الرجل، الأمر الذي وصل إلى القضاء البريطاني، ومنه إلى المنابر الإعلامية التي طرحت العديد من الزوايا في تلك القضية.
4ـ تستدرج المرأة أو الفتاة عن طريق الإغراء لعقود أعمال متنوعة وحتى استغلالهن في الفحوشات: كل هذه مقابل أجور سخيفة وما تكاد تستدرج عن عشّها وتستسلم بثقة عمياء لرجال الأعمال فرحة بالحلم المالي ثم تباع كرقيقة وتجبر على ممارسة الجنس تحت أنواع مرعبة من الضّغط والضّرب [47].
5ـ نجد للمرأة الأوروبية الحريّة الشّخصيّة بالمفهوم الغربي: أي تحرير المرأة من تبرّج المرأة وإظهار زينتها وجمالها للرّجل وحريّتها في السّلوك الأخلاق بالشّكل التي تريد هي لا الشّارع، واختلاطها مع الرّجل، والعمل في كافة الأعمال حتى الثّقيلة والصّعبة.
6ـ ويريد الآوروبيون للمرأة الامساواة مع الرّجل في الأمور التي يريدوها السياسيون، مثل تحريرها من قيود ومفهوم العائلة، وعدم اهتمامها وارتباطها بالرّجل والأطفال والبيت: تخرج كيفما تشاء وتصادق الرّجال كيفما تشاء وتنشأ الأطفال في ملاجئ الأطفال كيفما يشاؤون.
7ـ ونقول لدول الغرب الذين يحاربون المسلمين، أين المساواة التي ترددونها: فلماذا أنتم وراء المكر الجديد والحيل الكبيرة؟ كنتم تذلون المرأة في السابق وتعتبرونها أنها بدون روح وأنها شيطانة. والآن تقولون مساواة المرأة والرجل، ولكن في الحقيقة تعطون للمرأة حقوقها أكثر من الرّجل فتذلّون الرّجال أكثر من المرأة، فمثلاً عند إساءة المرأة للرجل ليست لها عقوبات، وعكس ذلك للرجل عقوبات كبيرة؟ ألم تستحوا من الله والناس أجمعين لأن أكثر شرفاء دول الغرب لا يقبلون هذا الفساد الخلقي؟
8ـ لقد شجعت الدول الغربية الرجل أن يعيش النساء، والنساء مع الرجال بدون زواج: والدول الأوروبية بهذا العمل السيء الشعب لم يكتفوا بذلك بل بداؤا بالتفاخر في إنتشار الفساد الخلقي ويعتبرونها حرية وديمقراطية، والدّولة تصون هذا العمل بقوانينها. والدين الاسلامي عندما حلل الزّواج من الثّاني وجعلها في أطار شرعي لهن حقوقهن. قامت القيامة واتهموا الاسلام بالفساد الخلقي وتشجيعهم الشهوة الجنسية.
علمًا أن تعدد الزوجات، وحرمة زواج المرأة من عدة رجال موجودة في أديانهم كما في الإسلام، والآن يبيحون زواج المرأة بعدة رجال، ويشجعون الزنا باسم الحرية.
9ـ عند الطّلاق والوفاة الميراث توزّع الأموال بالتّناصف: أي عند وفاة الأب فأولاد الذّكر يأخذون مثل الأنثى بالتّناصف. فهل يبقى للرجل هنا كيان شخصي واعتبار عند حسم المواضيع المهمة في العائلة. أليس للشركة وللمدرسة وللدولة مسؤول ومدير! فلماذا لا نجهل لمؤسسة العائلة رئيسًا؟
10ـ تتساوى عندهم شهادة الزوجة (المرأة) تقابل شهادة الزوج (الرجل): يريدون بهذا العمل أن يبعدوها عن عملها الأصلي في تربية اطفالها في بيتها وأخذها كشاهدة في كافة الأمور التي لا تخصها وغير مكلفة بها.
وأخيرًا أريد أن أقول أن شباب المسلمين تأثروا في هذا العصر على الحضارة الأوروبيّة واهتموا في تقليد حضارة أوروبا بشكل عمياء، ولهذا نرى عند اتّخاذ أي قرار أو وضع مشروع أو التلفظ بالقول من هذه الدّول تؤخذ بجدّية بالغة وإن كانت خاطئة ومن هذه القرارات قرار <حقوق المرأة ومساواة الرّجل والمرأة>، بالرّغم من وجود أفضل منها في الدّين الإسلامي، ولكن عمّ هذا القرار الأوروبي في الدول لإسلامية لأنّ الحكومات يعملون لأجل إرضاء هذه الدول المستعمرة. وهذا يؤدي إلى تفكيك الروابط العائلية ودمار الأطفال.
والله الموفق

[1] المجادلة، 1.

[2] الإسلام والإنسان ، الشّيخ محمود عكام ص 83.

[3] الإسراء، 23.

[4] الروم، 21.

[5] منهج السّنة في الزّواج، محمد الأحمدي، محمد الأحمدي أبو النّور، ص 389.

[6] النّساء، 4.

[7] الأحزاب، 50.

[8] النّساء، 59.

[9] هدى الإسلام فتاوي معاصرة، د. يوسف القرضاوي، ص 485.

[10] تهذيب التّهذيب، للعسقلاني، ج 1 ، ص 208

[11] النّور، 31.

[12] النّساء، 3.

[13] النّساء، 129

[14] المصدر السّابق ، محمد الأحمدي أبو النّور، ص 201، 205.

[15] المرأة بين النّظام الغربي ولطائف التّشريع الرّباني، محمد سعيد البوطي، ص 106، 107.

[16] الأحزاب، 37.

[17] المصدر السّابق، ص 148.

[18] الأحزاب، 50.

[19] التّحريم، 6.

[20] النّور، 6.

[21] المصدر السابق، محمد الأحمدي أبو النّور، ص 414.

[22] المصدر السابق، للبوطي، ص 97 .

[23] النّساء، 123.

[24] التّوبة، 75.

[25] النّمل، 34.

[26] المائدة، 54.

[27] الزّلزلة، 8.

[28] الحجرات، 13.

[29] الأحزاب، 35

[30] غافر، 40.

[31] القرآن وعلم النّفس، د. محمد عثمان نجاتي، ص 36 .

[32] الرّوم، 21.

[33] البقرة، 187.

[34] رواه مسلم.

[35] الإنشقاق، 6

[36] النحل، 97.

[37] البقرة، 179.

[38] دائرة معارف القرن العشرون، محمد فريد وجدي، جلد 8، ص 599، 601.

[39] مقتبس من كتاب المرأة في القديم والحديث عمر رضا كحالة.

[40] مقتبس من كتاب المرأة في القديم والحديث لعمر رضا كحالة.

[41] كتاب الاقتصاد، للإمام حسن الشّيرازي، ص 67.

[42] الأنعام، 2.

[43] متفق عليه رواه الشّيخان.

[44] النساء، 34.

[45] المصدر السابق، للبوطي ص، 27.

[46] المصدر السابق، لمحمد متولي الشّعراوي، ص 246، 247.

[47] المصدر السابق، للبوطي، ص، 32 ، 56 ، 57، 58.