( بصراحة)اجتماعات القاهرة و معادلات التوازن في الضفة

وجهت القاهرة الدعوة لفصائل المقاومة الفلسطينية و لحركة فتح الحاكمة في الضفة وبقوتين رئيسيتين للحوار هي حماس في غزة و فتح التيار الرسمي في الضفة الغربية ودخل على تلك المعادلة الثنائية حركة الجهاد الاسلامي كطرف ثالث في المعادلة بعد مواجهتين او اكثر مع الاحتلال على جبهة غزة و على فعل مؤثر في الضفة الغربية من خلال كتيبة جينين و تشكيلاتها في نابلس .

اذا حوار القاهرة في هذه المرة ليس على قاعدة انهاء الانقسام فهو بعيد المنال لفوارق في البرامج والتركيب والايديلوجيات و القوى الداعمة سواءا اقليمية او دولية ولكن بالحد الادنى تسعى القاهرة في لقاءاتها مع الفصائل لعدة مرات سابقة و منذ وثيقة الاسرى بعد احداث عام 2007 الى الان التي تجاوزت العشر لقاءات او اكثر مضافا اليها اللقاءات التي تتم عبر الحروب والمواجهات التي تعرضت لها غزة منذ عام 2009 الى الان و هي اربع او خمس حروب .

بالتأكيد ان ما هو خلف الستار هو النيل على الجماع فلسطيني لتقوية دور السلطة وهو ما اتفق عليه مؤخرا في العقبة و شرم الشيخ و قرارات وتوجهات السلطات العسكرية و الامنية في اسرائيل المرسلة الى حكومة ناتنياهو المتطرفة "رأي الشخصي ان تلك الحكومة ليست هي فقط المتطرفة بل كل الحكومات السابقة متطرفة منذ بنغوريون وجولدا مائير وليفي اشكول و شامير و اسحاق رابين صاحب تكسير العظام والاستيطان الى شمعون بيرز و حكومة الائتلاف يائير الى حكومة التطرف الحالية " و مجرد تسليط الاعلام على ان تلك الحكومة تختلف عن سابقاتها هو تبرير و عجز و اتكال في معالجة برامج الحكومات السابقة واطماعها في الارض الفلسطينية .

ونعود مرة اخرى الى طبيعة اجتماعات القاهرة في اواخر هذا الشهر يوليو بمكون فاعل بحضور الجهاد الاسلامي ومقدرته على ادارة المعركة و الاشتباك مع الاسرائيليين بمفرده ، اذا الموضوع خطة فنزل المقررة في شرم الشيخ و العقبة والمعدة سابقا من قبل المخابرات المركزية الامريكية و دوائر الامن الاسرائيلية و استشارة دوائر امن عربية اقليمية هذه الخطة التي يتسم فيها الموقف الامريكي بالنقد الشديد لحكومة الائتلاف بقيادة ناتنياهو و سيطرة عضوين اساسيين فيها بنغفير وسمورتيتش على الامن الوطني والمالية و هما قد ينجحان حكومة ناتنياهو او يسقطانها و قد نتخيل ان عدد الوحدات الاستيطانية منذ بداية العام الى الان 3000 وحدة استيطانية بالاضافة الى العمليات المزعجة في القدس والمسجد الاقصى و التي تبرهن على اطماع ذات الاصول الصهيونية الدينية على السيطرة بالكامل على ارض يهودا و السامرة "كما يدعون " .
تعرضت جنين لعدة غزوات واجتياحات منذ ما قبل حكومة التطرف للان لاضعاف كتائب المقاومة في جنين و خاصة كتيبة جنين و استهداف مركز لعناصر الجهاد الاسلامي فيما كانت حماس في اخر معركة للمواجهة قد دخلت على الخط لتثبت انها موجودة وبقوة ايضا في المعادلة القادمة بالاضافة الى انها قد سيطرت على انتخابات النقابات و المجالس الطلابية في اكبر جامعات الضفة .
كانت معركة جنين و التقنيات القتالية التي استخدمتها المقاومة الفلسطينية امام القوى التكنولوجية الفتاكة للجيش الاسرائيلي من المشاة و المدرعات والسلاح الجوي قد اذهلت قادة الجيش الاسرائيلي واحرجته كما اذهلت الدوائر ذات الاختصاص في الدول الاقليمية واوروبا وامريكا عندما يتحدى المقاتل الفلسطيني الجغرافيا و التقنيات ليثبت ان هناك معادلة جديدة يجب ان تصاغ ليكف الاحتلال عن اجتياحاته وقتله للفلسطينيين و تماديه في الاستيطان و قد يكون طرف المعادلة الاخر لتثبيت تلك الطموحات هي نابلس و مخيم بلاطة لتكتمل دائرة التوازن في المعادلة بعيدا عن اي نشاط سياسي يؤدي الى دولة فلسطينية بل كما هي خطة فنزل لتقوية وتعزيز دور السلطة وسيطرتها على الضفة الغربية بالوضع القائم و من هنا كانت زيارة وفد حركة فتح التيار الرسمي وما لاقاه من "صد" من ابناء جنين المدينة و المخيم و من ثم بعد ذلك السعي لتوافقيات لكي لا تحرج السلطة اكثر من ذلك و فتح فكانت زيارة الرئيس لجنين بعناصر الامن المدججة بالسلاح وتصريحات محافظ جنين ليثبت ان جنين لم تخرج عن اسس سيطرة السلطة عن مناطق "أ" .

ولكن هل ستستطيع القاهرة هذه المرة لرسم توافقيات بين دور السلطة وسيطرتها على شمال الضفة ووسطها وتجميد عمل كتيبة جنين و القسام و الاقصى و الشعبية و لكن ما هو المقابل لذلك هل ستلتزم اسرائيل بالتوقف عن اقتحاماتها للضفة مقابل ان تبقى كتائب المقاومة تيارا رسميا يحمي المواطن الفلسطيني ويوقف عملية القتل لللفلسطينيين والاجتياحات و هل السلطة ستخفف من ملاحقتها للنشطاء و هل ستوقف اسرائيل الاستيطان و هل ستوقف كتائب المقاومة الفلسطينية عملياتها في العمق الاسرائيلي ، اذا هي تلك المعادلات التي في اعتقادي ستحاول القاهرة ان تعمل عليها مع السلطة وفصائل المقاومة و اسرائيل و ان تبقى الضفة ملحقة بعملية التهدئة مقابل عاجل من معونات اقتصادية وانفتاح اقتصادي في جانب المنطقة الصناعية سواءا في الضفة او غزة و استغلال غاز غزة و مطار جنوب اسرائيل و تخفيف الحصار اذا هي تلك المعادلة المطروحة الان ... ولكن ايضا هل قبول فصائل المقاومة في الضفة بتثبيت الوضع الراهن في الضفة الغربية من تهدئة وتعزيز دور السلطة التي ستلتزم بعدم ملاحقة اسرائيل في المنظمات الدولية و الجنائية الدولية هو مفيد للحركة الوطنية الفلسطينية والطموحات بدولة فلسطينية ذات سيادة وعاصمتها القدس امام وضوح اسرائيلي كامل بأنه لا يوجد طرف سياسي فلسطيني يمكن التفاوض معه و تصريحات ناتنياهو الاخيرة بعدم تمكين الفلسطينيين بدولة ، الامور معقدة جدا امام فصائل المقاومة من القبول والرفض فإذا اين ستتجه المعادلة ..

بقلم : سميح خلف