فاظت نفسه ... وفاضت نفسه !!!!
أَفَاظَهُ اللهُ تَعَالَى: أَمَاتَهُ، ويُقَالُ: ضَرَبْتُهُ حَتَّى أَفَظْتُ نَفْسَهُ، وأفاظ الله تعالى نفسه
قال :
فهَتَكْتُ مُهْجَةَ نَفْسِه فَأَفْظْتُهَا =وثَأَرْتُه بمُعَمِّمِ الـحِـلْـمِ
قال الجَوْهَرِيّ: وكَذلِكَ فاظَتْ نَفْسُه، أَي خَرَجَت رُوحُه، عن أَبِي عُبَيْدَةَ والكِسائيّ، وعن أَبِي زَيْدٍ مِثْلُهُ. وقال الأَصْمَعِيّ: سَمِعْتُ أَبا عَمْرِو بنَ العَلاءِ يَقُولُ: لا يُقَالُ: فَاظَتْ نَفْسُه، ولكْنْ يُقَالُ: فَاظَ، إِذا ماتَ. قالَ: ولا يُقَالُ: فاضَ بَتَّةً. وحَكَى الكِسَائِيّ: فَاظَتْ نَفْسُه، وفَاظَ هو نَفْسَهُ، أَيْ قاءَهَا، يَتَعَدَّى ولا يَتَعَدَّى، هكَذَا نَقَلَهُ الجَوْهَرِيّ عنه: فعَلَى هذا قَوْلُ شَيْخِنَا. قُلْتُ: الصَّوابُ فَاظَتْ نَفْسُ. وقولُه: قَاءَهَا من قَبِيحِ التَّعْبِيرِ لا يُلْتَفَتُ إِلَيْهِ، فإِنّ الَّذِي ذَكَرَهُ المُصَنِّف هو نَصُّ الكِسَائيّ، وكَأَنَّ شَيْخَنا اشْتَبَه عَلَيْهِ الحالُ وغَفَلَ عن النُّصُوص، أَوْ إِذا ذَكَرُوا نَفْسَه ففاضَتْ بالضَّادِ، وهو قَوْلُ الأَصْمَعِيّ. وأَنْشَدَ لِدُكَيْنِ بنِ رَجاءٍ الفُقَيْمِيّ بالضّادِ وذلِكَ أَنَّهُ أَتَى عُرْساً فحُجِبَ فَرَجَزَ بِهِمْ :
اجْتَمَعَ النّاسُ وقَالُوا عُرْسُ
إِذا قِصاعٌ كالأَكُفِّ خَمْسُ
زَلَحْلَحَانق مُصْغَرَانٌ مُلْسُ
ودُعِيَتْ قِيْسٌ وجَاءَتْ عَبْسُ
ففُقِئَتْ عَيْنٌ، وفَاضَتْ نَفْسُ
هَكَذا هو بالضّادِ. ورَوَاهُ الجَوْهَرِيُّ: وفاظَت، بالظَّاءِ، وقِيلَ: فَاضَتْ بالضّادِ لُغَةُ دُكَيْنٍ وَحْدَهُ. ولُغَةُ سَائِر العَرَبِ: فاظَتْ نَفْسُه.
وقالَ أَبُو حاتِمٍ: سَمِعْتُ أَبا زَيْدٍ يَقُول: بَنُو ضَبَّةَ وَحْدَهُمْ يَقُولُون: فَاظَتْ نَفْسُهُ. قُلْتُ ورَوَاهُ مِثْلَهُ المازِنيُّ عن أَبي زَيْدٍ. وقَالَ اللَّيْثُ: فَاظَتْ نَفْسُهُ، إِذا خَرَجَتْ، والفاعِلُ فائظٌ.
وقال الفَرّاءُ: أَهْلُ الحَجاَزِ وطَيِّئ يَقُولُونَ: فَاظَتْ نَفْسُهُ. وقُضَاعَةُ وتَمِيمٌ وقَيْسٌ يَقُولُون: فاضَتْ نَفْسُهُ مِثْلُ فَاضَتْ دَمْعَتُه. وقالَ أَبو زَيْدٍ، وأَبُو عُبَيْد: فَاظَتْ نَفْسُه بالظاءِ لُغَةُ قَيْس وبالضاد لُغَةُ تَمِيمٍ. ومِمّا يُقَوِّي فاظَتْ بالظّاءِ قَوْلُ الشّاعِر :
يَدَاكَ يَدٌ جُودُهَا يُرْتَجَـي =وأُخْرَى لأعدائها غائظه
فأَمَّا الَّتِي خَيْرُهَا يُرْتَجَي =فَأَجْوَدُ جُوداً مِنَ اللافِظَهْ
وأَمَّا الَّتِي شَرُّها يُتَّـقَـى =فَنَفْسُ العَدُوَّ لَها فـائظَةْ
ومِثْلُهُ قَوْلُ الحُضَيْنِ بنِ المُنْذِرِ.
ولاَ هِيَ فِي الأَرْوَاحِ حِينَ تَفِيظُ
وقد مَرَّتِ الأَبْيَاتُ في غيظ.
وقال أَبُو القَاسِمِ الزَّجّاجِيّ :
يُقالُ فَاظَ المَيِّت، بالظّاءِ، وفَاضَتْ نَفْسُه، بالضاد، وفاظتْ نفسُه، بالظاءِ جائِزٌ عِنْدَ الجَمِيعِ إِلاّ الأَصْمَعِيّ، فإِنّهُ لا يَجْمَعُ بَيْنَ الظَّاءِ والنَّفْسِ. والَّذِي أَجازَ فاظَتْ نَفْسُهُ يَحْتَجُّ بِقَوْلِ الشاعِرِ: كادَتِ النَّفْسُ أَنْ تَفِيظَ عَلَيْهِ =إِذْ ثَوَى حَشْوَرَيْطَةٍ وبُرُودِ
وقَوْلِ الآخَرِ :
هَجَرْتُكَ لا قِلىً مِنِّي ولكِـنْ =رَأَيْتُ بَقَاءَ وُدِّكِ فِي الصُّدُودِ
كهَجْرِ الحَائماتِ الوِردَ لَمَّـا =رَأَتْ أَنَّ المَنِيَّةَ فِي الوُرُودِ
تغيظ نفوسها ظمأ وتخشـى =حمامأ فهي تنظر من بعـيد
وحَانَ فَيْظُه، وفَوْظُه، أَي مَوْتُه. على المُعَاقَبَةِ، حَكَاهُ اللِّحْيَانِيّ.
( انظر : تاج العروس ، على جواهر القاموس ؛ للمرتضى الزَّبيديّ)
المفضلات