Warning: preg_replace(): The /e modifier is deprecated, use preg_replace_callback instead in ..../includes/class_bbcode.php on line 2958
الوطن والموت في قصص "زكي العيلة"

آخـــر الـــمـــشـــاركــــات

+ الرد على الموضوع
النتائج 1 إلى 6 من 6

الموضوع: الوطن والموت في قصص "زكي العيلة"

  1. #1
    أستاذ بارز الصورة الرمزية حسام الدين نوالي
    تاريخ التسجيل
    19/10/2006
    العمر
    46
    المشاركات
    641
    معدل تقييم المستوى
    18

    افتراضي الوطن والموت في قصص "زكي العيلة"

    الوطن والموت في قصص زكي العيلةــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــ

    إن كانت قراءة المنجز الإبداعي الفلسطيني في كتب الدراسة هي قراءة واقع متفجر، فلأن ظلّ النص الفلسطيني في الغالب هو ظل "إيديولوجي" مستند إلى عالم واقعي متفجر سياسيا وإعلاميا وثقافيا واجتماعيا وربما تاريخيا أيضا؛ واكتشاف المعنى يقتضي –كما يقول روبرت شولز- "إحداث الروابط بين العمل والعالم" ، وهذه الروابط تحددها علاقة التاريخ بالوعي وهي علاقة تأسيسية تنبني على جدل وتراكم زمنيين، إذ يتفجر النص من تاريخ ما ويستند إليه لخلق المرجعيات القرائية، ثم يسير نحو بناء وعي بالأبنية التاريخية ومن ثمة التأسيس للفعل كحصيلة اشتغال يقود إليها الوعي الجديد أو تفجير "التاريخ اللاحق".
    إنها صيرويرة تتوالد ليس بشكل دائري يعيد إنتاج المرجع، بل تتنامى أيضا "كحلزونة" تقود نحو الإدراك من جهة والتغير من جهة ثانية، ومن هنا فاعلية الخطاب الإبداعي على مستوى علاقته بالوعي والثقافة والتاريخ.
    ولعل قراءة نسق ممتد من النصوص التي تشكل مادتَها الخام الرؤيةُ التنظيرية أو التأسيسية الواحدة –كما في أغلب النصوص التي تأتينا من فلسطين- هي قراءة نص "أكبر"، منسجم ومتظافر ومتوالد، يكون فيه أي جزء مكوِّن قابلا لتشكيل المركز، مركز الرؤية، ورغم تنويعات المواضيع و "شحنات الوعي والإبداع"، لكن ببصمة موحدة هي "التراجيديا"، يقول سامي اليوسف: "الجماعة الفلسطينية هي جماعة شهيدة وتراجيدية بإطلاق (...) ومن أعسر الأمور أن يؤخذ التاريخ في ذاته ليصير لا الحامل المطلق للتراجيدي –كما هو الحال عند شكسبير وبعض التراجيديين اليونانيين- بل أن يكون التاريخي حصرا وعينا هو التراجيدي إياه"
    ولعل أفقا فكريا كالذي يسِم النصوص الخمس الأولى لـ "زكي العيلة" المنشورة في منتدى "واتا" يسعى لخلخلة مكونات عقل سياسي أشمل هو العقل العربي، لذا فهي نصوص متفجرة ليس على مستوى خارطة التناول السردي -الذي يختاره صاحبها- فقط، بل أيضا على مستوى الموضوعات وأفق الانخراط الفكري والنقدي الذي تفتحه إزاء قضايا الوطن.
    الوطن أضيق من عين إبرة، صحيح.. لكم البلاد العربية من رأسها إلى أخمص قوانينها ومناخها السياسي توقظ في المتدعين حساسية ما..
    وطن ما الذي يربطنا به؟
    قال شاعر:
    بلاد ألفنــاها عــــلى كــل حـــــــالة * * * وقد يؤلف الشيء الذي ليس بالحسَنْ
    وتُستعذَب الأرض التي لا هوى بها * * * ولا مــــاؤها عذبٌ ولكــــنها وطــنْ.
    وحين يضيق الوطن دائرته فإن مبدعيه يتنفسون داخل "كيس بلاستيكي مغلق"، وحتما ستختنق القيم الفكرية الكترى وسنضيع.
    في "فلتان" بطل يشبهنا، "وحيد... مزدحم بالملايين" ، كاتب يملك قلما وممحاة، وبينهما استشراف يقيس به مسافة عنقه عن سيف السلطان، يهاجم روايته الحديثة بالممحاة باحثا عن طريق آمن يعيد رأسه إلى جسده، لكن العنوان الذي اختاره لروايته وهو "فلتان" يظل يتلوى أنيابا في أعناق الأوراق النمطية الممحوة".
    إنها أزمة المادة 19 ، وإيحاء "فلتان" -عنوان الرواية- يقود نحو دوئر انزياح القيم، وفلتان السيف في مواجهة القلم. أليس في كل دساتير الدول العربية بنود تتحدث عن حرية الصحافة والتعبير والرأي؟
    بالطبع بلى..
    لكن بالمقابل، ألا ينفلت شيء حين تُعرض عبارات من مثل: "حماية المجتمع من الآراء الهدامة" أمام أقلام عديدة؟ إنه الانفلات الذي أسماه سليمان العسكري في إحدى افتتاحياته "الرقابة المقنعة". لكن مقال الحال يفضي إلىانفلاتات أو انفلات متعدد، فروايةالمؤلف –بطل القصة- هي انفلات من خطوط الرقابة، والممحاة انفلات مآخر من قائمة وظائف المثقف، والانفلاتان هما وجها انفلات مجتمعي وثقافي وبالتالي انفلات حضاري لن يقود إلا إلى دوائر فلَك السلطان.. ولن يغدو الانفلات منه آنئذ إلا الكتابة بالسيف بدل القلم والممحاة، كديدن أحمد مطر:
    ...
    سمّيتها قصائدي
    وسمِّها يا قارئي: حتفي
    وسمّني منتحرا بخنجر الحرف
    لأنني في زمن الزيف
    والعيش بالمزمار والدفّ
    كشفت ضدري دفترا
    وفوقه
    كتبت هذا الشعر بالسيف .
    قصة "فلتان" هي قصة سياق يجمع القلم والسيف في دائرة حيث يضيق الوطن ويصير الرأئ والفكر سطحا لا يتجاوز –ولا ينبغي له- اختيارات السلطة. ما يقود بالضرورة إلى انهيار قيم المواطنة والقومية والانتماء لحد الفجيعة، ولنتأمل مثلا أن ما بين "1998 و 2000 غادر إلى الغرب أكثر من ألف طبيب، و75 ألفا من الكفاءات الأخرى" ، وهي صورة وطن أضحي يسقط من ذاكرة أهله، مثل علَم أضحى "الضقيع يتربع فوق أنحائه"، ذاك العلم الذي "يبحث عن ملامحه في مدن تسابق غبار رايات القبائل في احتلال أسطح دورها وأعالي أعمدة الهاتف والانارة فيها، وذاك الذي هو بطل أقصوصة "العَلم"، بطل في أقبية المخازن تكدّست بطولته في ذاكرة وتاريخ ساحرين.
    التاريخ سحر قومي، جارف في حال العمل على امتلاكه تدل محاورته ومحاورة خطوه الحضاري من أجل رسم خط السير الآتي، فاختلاف القبائل في "موت أسرع" حول تسب الفتي الذي رمته القذيفة هو اختلاف حول الامتلاك، واحتضانٌ قوي لم يُفض إلا إلىموت آخر أسرع، فيما التاريخ يظل كزهرة لو عانقناها بقوة –ولو عشقا- تذبل على صدورنا وتموت.
    فإن كان الفتى في "موت أسرع" قد سار وحيدا، ومات وحيدا، فإنه -مثل فتى "معين بسيسو"- نفي مرتين..
    "وسار وحده ومات وحده وعاد
    يصيح: متّ ولم تزلْ
    بقية من الكلام في فمي
    نُفيت مرتين: مرة هنا
    ومرة هناك في الحديقة المعلقة"
    هكذا إذن، فالوطن يتعفن برقاباته وسيوفه وضيقه(فلتان)، وضيقُه يفضي لانطفاء قيمة الانتماء الحاضر (العَلم)، ويوغل في الغياب، وبالتالي في الموت (موت أسرع)، لكن الكاتب يقترح بدائل أخرى لفاعلية جديدة منبنية على الفعل.
    ففي "صورته"، وسط المركز الانتخابي، تضع امرأة بدل الأوراق الملونة صورة طفل "حملته رصاصة العسكر إلى القبر مبكرا".
    وسواء أكان هذا العسكر وحشا اسرائيليا مجنونا أو أية سلطة عربية أخرى حيث الرصاصة ضيق الوطن، فإن اختيارصورة الطفل هو اختيار يوحي بالمستقبل النامي القابل للتطور، في انتظار عودة الطفل من موته. أليس الموتى ينهضون في قصص زكي العيلة؟، فإن أحبونا بقوا معنا وفينا، وإلا بحثوا عن موت أسرع وغادرونا...
    وعلى كل فإن اختيار الفعل عبر اختيار الشهيد هو استضمار للفعل الفلسطيني البناء، إذ الطفل الفلسطيني يحمل في محفظته الحجر كما يحمل الخبز والدفتر، وأليس الحجر نفسه يبني حيطانا؟ الحيطان التي تمتلئ برسومات "لشموس تتشح بعيون الصبي محمد الدرة" ضدا على بيان كاتب المراسيم في "القبض على محمد الدرة".
    إن النصوص الخمسة تضعنا أمام عالم دلالي تشكله تيمتي "الوطن" و "الموت"، على أن الموت في النصوص استدعى "اللاموت" في ردة الفعل، وسيبدو جليا أن الوطن نفسه سيقدم نقيضا لحضور الموت (علاقة ضدية)، أو بعبارة أخرى فالموت يقدم مقابلا للا وطن (علاقة اقتضائية).
    ولعل القراءة تبين النسق المتكرر لبنية الحكي في النصوص الخمسة، إذ في النهاية تظل هذه الأخيرة تنويعات لخطاب واحد بالإمكان التعرف على عنصره الثابت ضمن خط يوحد النصوص جميعها تنطلق من حالة بدئية مرتبطة بالوطن، لتعود إليه عبر اختيارات الشخصيات ومواقفها ومشاعرها، إي عبر وعي بالنقص يدفعنا السارد إليه بعد توتر يخلقه الوضع في اللا وطن.
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي
    وإن كانت النصوص متفاوتة من حيث البناء الدرامي، ووتيرة تنامي الحكاية، وعلاقات الشخصيات فيما بينها ، وغير ذلك، فإنما هي تنويعات ممكنة لتسريد خطاب موحد تؤسسه العلاقة بالوطن، والرؤية الشخصية للكاتب نحو الموت باعتباره العنصر المضاد، واالحالة التي يسعى لتجاوزها بقيادة الشخصيات نحو وعي جديد يفضي إلى اللاموت الذي يقتضي اختياره اختيار الوطن.
    وإذ يمكن تلخيص كل هذا في الجدول:

    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي
    فإن نسق هذه العلاقات بين الوطن واللا وطن والموت يقودنا في الختام إلى النموذج التكويني أو المربع السيميائي :

    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

    إن ارتباط زكي العيلة بالوطن والموت هو ارتباط أسسه انتماؤه لجيل إيديولوجي سعى في مرحلة مبكرة إلى بناء وعي وطني استشعارا بخطريدنو من الهوية والذات من جهة، ومن جهة أخرى هو ارتباط بالانتماء إلى بلد اختمر الوعي الابداعي فيه وتشكل داخل فضاء يمثل فيه الوطن والموت خبزه اليومي.

    حسام الدين نوالي- المغرب

  2. #2
    أديبة / قاصة
    سفيرة واتا في المغرب
    الصورة الرمزية صبيحة شبر
    تاريخ التسجيل
    25/09/2006
    العمر
    79
    المشاركات
    1,496
    معدل تقييم المستوى
    19

    افتراضي

    الاخ العزيز حسام نوالي
    دراسة قيمة لأعمال مبدع فلسطيني
    انتمى لمتناقضين الوطن والموت فجاء ابداعه
    متغنيا بكليهما
    الشكر لك ايها الاخ المبدع والناقد
    لقد اشتقنا لكتاباتك

    ( ان مت يا وطني فقبر في مقابرك الكئيبة
    أقصى مناي
    ياريح ،، يا ابرا تخيط لي الشراع : متى أعود
    الى العراق ؟ متى أعود ؟ )

    للسياب

  3. #3
    أستاذ بارز الصورة الرمزية حسام الدين نوالي
    تاريخ التسجيل
    19/10/2006
    العمر
    46
    المشاركات
    641
    معدل تقييم المستوى
    18

    افتراضي

    العزيزة صبيحة..
    شكرا لمرورك، وشكرا لتعليقك..
    هي فقط محاولة بسيطة من كاتب بسيط قرأ نصوصا لمبدع كبير هو السيد زكي، فاستمتع و أراد أن يشاركه الآخرون الاستمتاع ببهاء نصوص سرد حامل لقضية.
    وإذ أغيب عن المنتدى لحظات فإنما هي ظروف العمل فقط، ثم إني أشتاق إليكم جميعا، وأشتاق لجلسات الفكر والابداع هذه.
    مع مودتي

    حسام الدين نوالي- المغرب

  4. #4
    أديب وناقد| في ذمة الله الصورة الرمزية زكي العيلة
    تاريخ التسجيل
    05/01/2007
    المشاركات
    166
    معدل تقييم المستوى
    18

    افتراضي

    الناقد القاص المبدع: حسام الدين نوالي

    أجمل تحية

    أحيي فيكم قدرتكم الواضحة على الكشف واستبصار خبايا النصوص.

    لقد شكّلت دراستكم إبداعاً موازياً.

    كل الشكر والتقدير لكم، راجياً أن تتقبلوا عذري بالتأخر في الرد، حيث شغلني البحث في الشهور الماضية، عن تتبع الكثير من الأشياء المسكونة بالجمال، وفي صدارتها بحثكم المميز الذي أفخر بأن أضيفه إلى رابط الدراسات في موقعي

    http://zakiaila.net/

    محبتي ومودتي وتقديري

    د. زكي العيلة


  5. #5
    أديب وناقد| في ذمة الله الصورة الرمزية زكي العيلة
    تاريخ التسجيل
    05/01/2007
    المشاركات
    166
    معدل تقييم المستوى
    18

    افتراضي

    الأديبةالمبدعة المميزة: صبيحة شبر

    أجمل تحية

    الشكر موصول ممتد لكلماتك المشعة المثمرة دائماً

    دمتِ مبدعة نفخر بحضورها.

    احترامي وتقديري.


  6. #6
    أستاذ بارز الصورة الرمزية حسام الدين نوالي
    تاريخ التسجيل
    19/10/2006
    العمر
    46
    المشاركات
    641
    معدل تقييم المستوى
    18

    افتراضي

    بعد التحية الطيبة..
    المبدع زكي،
    هذه تهنئتي بحصولكم على درجة الدكتوراة،
    وفخر لي أن أتواصل مع نصوصكم.. كما أرحب بإضافة هذه القراءة إلى رابط الدراسات على موقعكم..
    مع محبتي

    حسام الدين نوالي- المغرب

+ الرد على الموضوع

الأعضاء الذين شاهدوا هذا الموضوع : 0

You do not have permission to view the list of names.

لا يوجد أعضاء لوضعهم في القائمة في هذا الوقت.

المفضلات

المفضلات

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •