أعوذ بالله من الشيطان الرجيم
باسم الله الرحمان الرحيم
أشكرك جزيل الشكر أستاذ منذر هواش على إجابتك عن تساؤلاتي وأرجو أن يتسع صدركم لما سيأتي فنحن تلاميذكم ونتمنى ألأ نثقل كاهلكم بما يجول في خواطرنا وما يؤرق منامنا
قصدنا من وراء هذه الأسئلة البحث عن الحقيقة التي تنبني على الحجة والدليل
أستاذ منذر
من قال بأن الجن يدخل في معنى الغيب المطلق فقد جانب الصواب
هل هناك في القرآن أو الحديث ما يقول أن الجن يدخل ضمن المعنى العام "الغيب"
لو كان الجن فعلا من "الغيب" لما رأتهم الكلاب والحمير ولما ادعى كثير من الناس رؤيتهم
معنى "الغيب" في موضوع الجن: لا يخرج عن كونه غائب عن أعيننا وليس معناه الغيب المطلق الذي لا يعلمه إلا الله
نحن مطالبون، بما أننا أمة مسلمة أرشدها ربها إلى عدوها الأول والأخير، أن نعرف عدونا وأن نبحث عن نقاط ضعفه وقوته وعن خصائصه ونحن مقصرين في هذا المجال وعلينا أن نؤسس- وهذه دعوة إلى كل عقلاء هذه الأمة- علما قائما بذاته قد نسميه "الجنلوجيا" أو "الشيطانلوجيا" يبحث في قضايا الجن والشياطين ويدرس في المعاهد والجامعات هذا ليس بالكثير أما ما ينفق على الأسلحة التي نشتريها لأعداء وهميين....
سيدي الكريم أنا لم أقل أن الكائنات المجهرية هي الجن بل قلت يمكن أن تكون الكائنات المجهرية "نوع" من الجن وضع سطرين تحت نوع
وقد أوردتم في إحدى مداخلاتكم : حديثا جاء فيه:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: الجن ثلاثة أصناف : فصنف لهم أجنحة يطير بها في الهواء, وصنف حيات وكلاب, وصنف يحلون ويظعنون.
تساؤلنا مشروع ألا يمكن أن يكون صنف من الجن -على الأقل ذلك الذي يطير في الهواء- هم الكائنات المجهرية التي اكتشفها العلم وعبرت عنها الأحاديث بمعنى الجن خاصة أن المعنى اللغوي يؤيد طرحنا هذا.
لا أريد أن أعود إلى سرد التعريف اللغوي لكمة "جن" لأن المعنى واضح لا لبس فيه فكل ما ستر عنك ولم تره عينك يمكن أن يدخل في المعنى العام للجن والكائنات المجهرية بالمعنى اللغوي العام هي "جن" بالحتمية اللغوية...
أما المعنى الخاص فالجن كائنات لا نراها بأعيننا، تعيش معنا على سطح الأرض وتشاركنا كل النعم ومنها الصالح ومنها الطالح...والجن هي كائنات حية، أصلها من النار، عاقلة، فاعلة بالإرادة، مأمورة ومنهية، تأكل مما نأكل وتشرب مما نشرب، ويحصل لأجسامها بذلك نمو وبقاء على حسب المأكول، تؤثر فينا ونؤثر فيها دون أن نراها...
أما عن تفسيرنا المادي للجن فهذا ما تؤكده الأحاديث الصحيحة
تقول لنا الأحاديث أن الجن كائنات حية لها كل صفات الكائنات الحية المادية التي على وجه الأرض فهي تأكل وتشرب وتتزاوج وتتناسل وتموت وتشاركنا الأموال والأولاد
كل ما لم يذكر عليه اسم الله فهو طعام للشياطين
كل اللحوم التي تذبح في المذابح الغربية والتي لم يذكر عليها اسم الله وكل الطيور التي تنفق من جراء الأمراض هي غذاء للجن والشياطين
حينما نقول لحوم نحن لا نتحدث عن أشياء مثالية بل عن أشياء مادية
فنوع "الجن" الذي يقتاة عن المادة لا بد له أن يكون مادة أيضا.......
من ناحية أخرى حينما نقرأ في كتب السيرة أنه قبل 14 قرنا قام جبريل عليه السلام بأول عملية جراحية للقلب في تاريخ البشرية، عملية في غاية الدقة والكمال، لا يستطيع القيام بها أبرع الجراحين اليوم، بوسائل خاصة ومتميزة من أهمها: ماء زمزم، وكان الغرض منها نزع حظ الشيطان من قلب النبي صلى الله عليه وسلم (غسل قلب النبي صلى الله عليه وسلم مرتين، الأولى وهو غلام عند بني سعد، والثانية ليلة الإسراء. انظر صحيح البخاري، صحيح ابن حبان ج 14، ص 242 كما أخرجه مسلم في صحيحه و النسائي في سننه و ابن حنبل في مسنده.).
ألا يمكن أن يكون حظ الشيطان ـ المذكور في الخبر ـ "مادة" أفرزها الشيطان في الدم عن طريق اللغاديد وعروق الحلق، فاستقرت في القلب وتجمعت على شكل علقة، لتوزع بعد ذلك على أي عضو من أعضاء البدن وتؤثر فيه سلبا بإحداث خلل في توازن مواده الطبيعية...
أستاذنا غالب ياسن اشكركم على سعة صدركم وعلى الكم الهائل من المعلومات في هذا الموضوع
لكنكم استشهدتم بكلام لا يقبله العقل
لقد أبنتم أنكم ضد الخرافات والقصص الخيالية لكنكم في نفس الوقت تستشهدون ببعض هذه الخرافات
قلتم قال شيخ الإسلام ابن تيمية : " الجن يتصورون في صور الإبل، والبقر، والغنم، والخيل، والبغال، والحمير، وفي صور بني أدم... وبذلك أطلقتم العنان للخيال ليتصور الجني كما يشاء دون ضابط أو رادع.
ما هو دليلكم الشرعي أو العلمي على أن الجن تتصور في صورة الإبل والبقر ...وكل الحيوانات الأليفة التي تعيش مع الانسان
يورد بعض السلف قصصا خيالية لا أصل لها في الواقع :
أورد عبد الله بن عبد الرحمن الجبرين، في الفتاوى الذهبية، من أن بعض الجن يتصور للإنسي في صورة امرأة ثم يجامعها، وكذا يتصور الجني بصورة رجل ويجامع المرأة من الإنس كجماع الرجل للمرأة...
ويروي ابن كثير ، وغيره ، قصة عن بلقيس، ملكة سبأ، جاء فيها: «كان أبوها من أكابر الملوك وكان يأبى أن يتزوج من أهل اليمن، فتزوج بامرأة من الجن اسمها ريحانة بنت السكن، فولدت له هذه المرأة بنتا يقال لها تلقمة أو يقال لها بلقيس...»، ونظير ذلك نقرأه في "الكامل": قال كثير من الرواة إنّ أم بلقيس جنية ابنة ملك الجن، واسمها رواحة بنت السكر، وقيل: اسم أمها بلقمة بنت عمرو بن عمير الجني، وإنما نكح أبوها إلى الجن لأنه قال: ليس في الِإنس لي كفؤة فخطب إلى الجن فزوجوه. واختلفوا في سبب وصوله إلى الجن حتى خطب إليهم فقيل: إنه كان لهجاً بالصيد فربما اصطاد الجن على صور الظباء فخلى عنهن، فظهر له ملك الجن وَشَكَرَهُ، واتخذه صديقاً فخطب ابنته فأنكحه على أن يعطيه ساحل البحر ما بين يَبْرِين إلى عَدَن، وقيل: إنّ أباها خرج يوماً متصيداً فرأى حيتين تقتتلان بيضاء وسوداء وقد ظهرت السوداء على البيضاء فأمر بقتل السوداء وحَمَلَ البيضاء وصب عليها ماءً فأفاقت فأطلقها وعاد إلى داره وجلس منفرداً فإذا معه شاب جميل فذعر منه، فقال له الشاب: لا تخف أنا الحية التي أنجيتني، والأسود الذي قتلته غلام لنا تمرد علينا وقتل عدة من أهل بيتي، وعرض عليه المال وعلم الطب فقال: أما المال فلا حاجة لي به وأما الطب فهو قبيح بالملك ولكن إنْ كان لك بنت فزوجنيها، فزوجه... وقيل: في سبب نكاحه إليهم غير ذلك
وعن عثمان بن حاضر قال: كانت أم بلقيس من الجن يقال لها بلعمة بنت شيصان. قال الماوردي : والقول بأن أم بلقيس جنية مستنكر من العقول لتباين الجنسين، واختلاف الطبعين، وتفارق الحسين؛ لأن الآدمي جسماني والجن روحاني، وخلق الله الآدمي من صلصال كالفخار، وخلق الجان من مارج من نار، ويمنع الامتزاج مع هذا التباين، ويستحيل التناسل مع هذا الاختلاف....
يحكي ابن تيمية قصصا كثيرة عن تشكل الجن في صور الإنس، وعن قدراتهم الخارقة، وعن تسخير الإنس لهم في شتى الميادين، من ذلك ما ذكره في دقائق التفسير قال: كان أصحاب الحلاج، لما قتل، يأتيهم من يقول إنه الحلاج فيرونه في صورته عيانا... وكان صاحب سيما وشياطين تخدمه أحيانا... وفي إحدى المرات كانوا معه على جبل أبى قبيس فطلبوا منه حلاوة، فذهب إلى مكان قريب منهم وجاء بصحن حلوى، فكشفوا الأمر فوجدوا ذلك قد سرق من دكان حلاوى باليمن حمله شيطان من تلك البقعة... ومثل هذا يحصل كثيرا لغير الحلاج، ممن له حال شيطاني ونحن نعرف، يقول ابن تيمية، كثيرا من هؤلاء في زماننا وغير زماننا مثل شخص، هو الآن بدمشق، كان الشيطان يحمله من جبل الصالحية إلى قرية حول دمشق، فيجيء من الهوى إلى طاقة البيت الذي فيه الناس فيدخل وهم يرونه... وآخر كان بالشويك، في قرية يقال لها الشاهدة، يطير في الهواء إلى رأس الجبل والناس يرونه وكان شيطان يحمله ...
ويضيف ابن تيمية في مجموع الفتاوى ج 1/83: كثير من الناس يطير في الهواء وتكون الشياطين هي التي تحمله...، ومن هؤلاء من يحمله الشيطان إلى عرفات فيقف مع الناس، ثم يحمله فيرده إلى مدينته تلك الليلة... ومن الشيوخ من يخاطبهم أولئك الأشخاص (من الجن والشياطين) ويحملونهم ويذهبون بهم إلى عرفات فيقفون بها، وإما إلى غير عرفات ويأتوهم بذهب وفضة وطعام ولباس وسلاح وغير ذلك... ويخرجون إلى الناس ويأتونهم أيضا بمن يطلبونه، مثل من يكون له إرادة في امرأة أو صبي فيأتونه بذلك إما محمولا في الهواء وإما بسعي شديد... وقد يقتلون له من يريد قتله من أعدائه أو يمرضونه... فهذا كله موجود كثيرا لكن، يستنتج ابن القيم، من الناس من يعلم أن هذا من الشيطان وأنه من السحر، وأن ذلك حصل بما قاله وعمله من السحر، ومنهم من يعلم أن ذلك من الجن، ويقول هذا كرامة أكرمنا بتسخير الجن لنا، ومنهم من لا يظن أولئك الأشخاص إلا آدميين أو ملائكة ... ومن زعم أن هؤلاء ملائكة قال، إن كانوا غير معروفين، هؤلاء رجال الغيب (أي الجن) وإن تسموا قال هذا هو الخضر وهذا هو إلياس وهذا هو أبو بكر وعمر وهذا هو الشيخ عبد القادر أو الشيخ عدي أو الشيخ أحمد الرفاعي أو الشيخ فلان أو علان أو غير ذلك...
كما قيل إن مسيلمة الكذاب كان معه من الشياطين من يخبره بالمغيبات ويعينه على بعض الأمور، وأمثال هؤلاء كثيرون مثل الحارث الدمشقي الذي خرج بالشام زمن عبد الملك بن مروان وادعى النبوة، وكانت الشياطين يُخرجون رجليه من القيد وتمنع السلاح أن ينفذ فيه، وتسبح الرخامة إذا مسحها بيده، وكان يرى الناس رجالا وركبانا على خيل في الهواء، ويقول لهم هي الملائكة وإنما كانوا جنا، ولما أمسكه المسلمون ليقتلوه طعنه الطاعن بالرمح فلم ينفذ فيه، فقال له عبد الملك إنك لم تسم الله فسمى الله فطعنه فقتله...
وشيخ آخر ، يذكر ابن تيمية، كان له شياطين يرسلهم فيصرعون بعض الناس، فيأتي أهل ذلك المصروع إليه ويطلبون منه إبراءه، فيرسل إلى أتباعه فيفارقون ذلك المصروع ويعطون ذلك الشيخ دراهم كثيرة. وكان أحيانا تأتيه الجن بدراهم وطعام تسرقه من الناس، حتى إن بعض الناس كان له تين في كوارة، فيطلب الشيخ من شياطينه تينا فيحضرونه له، فيبحث أصحاب الكوارة عن التين فيجدوه قد ذهب... وكثير من الكفار بأرض المشرق والمغرب يموت لهم الميت فيأتي الشيطان بعد موته على صورته، وهم يعتقدون أنه ذلك الميت ويقضي الديون ويرد الودائع ويفعل أشياء تتعلق بالميت ويدخل على زوجته ويذهب، وربما يكونون قد أحرقوا ميتهم بالنار، كما تصنع كفار الهند، فيظنون أنه عاش بعد موته، ومن هؤلاء شيخ كان بمصر أوصى خادمه فقال: إذا أنا مت فلا تدع أحدا يغسلني فأنا أجيء وأغسل نفسي، فلما مات رأى خادمه شخصا في صورته فاعتقد أنه هو دخل وغسل نفسه فلما قضى ذلك الداخل غسله، أي غسل الميت، غاب وكان ذلك شيطانا.
ومن الناس من زعم أنه يرى أكثر من ذلك، يرى عرشا في الهواء وفوقه نور، ويسمع من يخاطبه ويقول أنا ربك، فإن كان من أهل المعرفة علم أنه شيطان فزجره واستعاذ بالله منه فيزول. ومنهم من يرى أشخاصا في اليقظة، يدعي أحدهم أنه نبي أو صديق أو شيخ من الصالحين، وقد جرى هذا لغير واحد.
* يقول ابن تيمية في مجموع الفتاوى 11/ 289: من الناس من يرى في منامه أن بعض الصحابة إما الصديق، أو غيره، قد قص شعره أو حلقه أو ألبسه طاقية أو ثوبا فيصبح ويجد على رأسه طاقية وشعره محلوق أو مقصر وإنما الجن، يقول ابن تيمية، قد حلقوا شعره أو قصروه، وهذه الأحوال الشيطانية تحصل لمن خرج عن الكتاب والسنة.
ويورد شيخ الاسلام الكثير من الروايات التي تبين قدرة الجن على التصور بصور الإنس والتلبس بهم، وحملهم في الهواء أو فوق الماء، بل وقتل الإنس أو مساعدتهم على قضاء حوائجهم أو دعوتهم للإسلام.
يقول في مكان آخر من الفتاوى:... وتارة يأتون (أي الجن) إلى من هو خال في البرية، وقد يكون ملكا أو أميرا كبيرا ويكون كافرا، وقد انقطع عن أصحابه وعطش وخاف الموت فيأتيه (أي الجني) في صورة إنسي ويسقيه ويدعوه إلى الإسلام، ويستتيبه فيسلم على يديه، ويطعمه ويدله على الطريق، ويقول: من أنت؟ فيقول: أنا فلان، ويكون من مؤمني الجن، كما جرى مثل هذا لي (الكلام لابن تيمية): فقد كنت سجينا في قلعة مصر عندما وقع مثل هذا لبعض الترك من ناحية المشرق، حيث أتاه شخص وقال له «أنا ابن تيمية، فلم يشك ذلك الأمير أني أنا هو. وأخبر بذلك ملك ماردين، وأرسل بذلك ملك ماردين إلى ملك مصر رسولا، وكنت في الحبس، فاستعظموا ذلك وأنا لم أخرج من الحبس ولكن (يجزم ابن تيمية) كان هذا جنيا يحبنا، فيصنع بالترك التتر مثل ما كنت أصنع بهم لما جاؤوا إلى دمشق، كنت أدعوهم إلى الإسلام فإذا نطق أحدهم بالشهادتين أطعمتهم ما تيسر؛ فعمل معهم مثل ما كنت أعمل، وأراد بذلك إكرامي ليظن ذاك أني أنا الذي فعلت ذلك. قال لي طائفة من الناس: فلم لا يجوز أن يكون مَلَكا؟ قلت: لا إن المَلَك لا يكذب، وهذا قد قال أنا ابن تيمية، وهو يعلم أنه كاذب في ذلك. وكثير من الناس رأى من قال إني أنا الخضر وإنما كان جنيا...» (ابن تيمية، مجموع الفتاوى 13 / 92)
وفي رواية أخرى، عن شيخ بمصر يقال له الدسوقي، بعد وفاته، كان يأتي أصحابه من جهته رسائل وكتب مكتوبة وأراني ـ يقول ابن تيمية ـ صادق من أصحابه الكتاب الذي أرسله فرأيته بخط الجن، وقد رأيت ـ يؤكد ابن تيمية (دقائق التفسير 2 /143) ـ خط الجن غير ما مرة وفيه كلام من كلام الجن... وقد تقضي الشياطين بعض حاجاتهم وتدفع عنهم بعض ما يكرهونه، فيظن أحدهم أن الشيخ هو الذي جاء من الغيب حتى فعل ذلك، أو يظن أن الله تعالى صور ملكا على صورته فعل ذلك، ويقول أحدهم: هذا سر الشيخ وحاله، وإنما هو الشيطان تمثل على صورته ليضل المشرك به المستغيث به... وأعرف من ذلك، يقول شيخ الإسلام، وقائع كثيرة في أقوام استغاثوا بي، وبغيري في حال غيبتنا عنهم، فرأوني أو ذاك الآخر الذي استغاثوا به، قد جئنا في الهواء ودفعنا عنهم، ولما حدثوني بذلك بينت لهم أن ذلك إنما هو شيطان تصور بصورتي وصورة غيري من الشيوخ الذين استغاثوا بهم ليظنوا أن ذلك كرامات الشيخ..( ابن تيمية، مجموع الفتاوى 1/360)
أليس هذا يا أساتذتنا الكرام تصوير هوليودي لقدرات الجن؟
ولنا أن نتساءل بعد كل هذا، وغيره: إذا كان الجن يقرأون و يكتبون، ولهم خط وتأليف، فأين هي كتبهم وتآليفهم؟ وبأية لغة يقرأون ويكتبون؟ وهل لهم لغة واحدة أم لغات متعددة؟ وهل لهم جنسيات وحدود مثلنا؟ هل فيهم الهندي والفرنسي والأمريكي والمغربي والفلسطيني والصيني...؟
لا أظن أن أحدا من عقلاء القرن 21 يصدق هذه القصص عن الجن والعفاريت لقد أطلق العنان للخيال في وقت ساده الجهل والظلام فأصبح الصغير كبيرا والكبير جبلا وأصبح إبليس يتلاعب بأفكار البسطاء بل وحتى بعض العلماء...
أما استشهادكم بقول عبد الله ابن أحمد ابن حنبل حول كلام الجني من داخل الانسي:
قال عبد الله بن أحمد بن حنبل قلت لأبي إن قوما يزعمون أن الجني لا يدخل في بدن الإنسي فقال يا بني يكذبون هو ذا يتكلم على لسانه .
فلا أرد عليه إلا بقول أعجبني أخذته من كتاب لابن قيم الجوزية، بدائع الفوائد، ص 284
جاء فيه : يعتبر الكلام مع الجني جهل محض، وقلة عقل وخرافات ملفقة حيث يقول: نهض إبليس يلبس ويزخرف ويفرق ويؤلف، وإنما يصح له التلصص في ليل الجهل، فلو قد طلع عليه صبح العلم افتضح. والوسواس جهل محض... ويضيف، ههنا اليوم معزمون يكلمون الجني الذي في باطن المجنون فيكلمهم بما كان ويكون، وما شاكل ذلك من الخرافات، فمن رأى مثل هذا قيل بقلة عقله وقلة تلمحه...
ضاعت الحقيقة حينما تراكمت القصص، وتعددت الروايات، وطال الزمن، واختلطت المفاهيم، واختلف العلماء. وعلينا اليوم أن نخلخل التاريخ ونعيد صياغة الأسئلة وتركيبها من جديد، بطريقة مغايرة، لفهم أبعاد الإشكالية وفرز وغربلة ما قيل، وما يقال، لضحد الخرافات وتقويم الانحرافات...
----------------------------------------
"اللهمَّ إنِّي أعوذ بك أن أضلَّ أو أُضلَّ، أو أزلَّ أو أُزلََّ، أو أظلم أو أُظلم، أو أجهل أو يجهل عليَّ". (سنن أبو داود والنسائي)
اللهم علمنا ما ينفعنا وانفعنا بما علمتنا وزدنا علما ...
المفضلات