رأي الأدباء الفنلنديين بالجمعية

كانت الكافتريا مكتظّة بالأدباء ، الذين اعتادوا على التواجد هنا في الأحاد من كل اسبوع . وفيما كنت اشقّ طريقي نحو الركن البعيد عن المدخل ، لمحت الناقد الأدبي الفنلندي ، اولي فيكاري ، مع الروائية ( كرتو ) ، فتقدمت باتجاه مائدتهما ، التي انتصب عليها اناء من الكرستال ، صفت فيه باقة زهور متناسقة الألوان ، جلست قبالتهما ، وعرفتهما بنفسي ، فتعانقت ايدينا ، وقالت وهي تبتسم :
 قاص عراقي ، اليس كذلك ؟
 نعم . ولكن كيف عرفت ذلك ؟
 سمعت محاضرتك عن الدراما الفنلندية الحديثة ، التي القيتها في الندوة الثقافية العراقية – الفنلندية في بغداد ، في الثمانينات ، على ما اتذكر .
 ما اقوى ذاكرتك !
 وهل استطيع ان انسى معالم الجمال ؟
 وكيف وجدت العراق ؟
 كانت زيارة العراق ، بالنسبة لي ، حلما ، رغم ان شقيقي كان يعمل هناك في احدى الشركات الأجنبية ، ثم اتاحت وزارة الثقافة والأعلام الفرصة لأبدأ في تحقيق هذا الحلم الجميل . اُعجبت ايما اعجاب بمعالم العراق الحضارية ، والعمرانية ، والآثارية العريقة ... وتبدت لي بغداد عروسا بالغة الروعة والجمال ، والتقيت باناس تنبض نفوسهم بالمودة والبهجة ، وتتسع صدورهم لكل ما هو جديد ونافع ، ولكن لم تكن في جعبتي سوى ايام ستة ، وهي ليست كافية لأستيعاب آثار وادي الرافدين الزاخرة بكنوز الحضارة الأنسانية .
 وهل تحقق حلمك في هذه الزيارة ؟
 في الواقع ، كنت ابحث عن اعمال ادبية عربية مترجمة الى اللغة الأنكليزية ، ولكن خاب املي في الحصول عليها . وافاضت في حديثها ، وهي تحدق الي ، واظهرت مدى توقها للأطلاع على الأدب العربي المترجم . فاوعدتها خيرا ، وحدثتها عن نشاطات الجمعية الدولية للمترجمين واللغويين العرب في هذا المجال ، ففرحت واخرجت من حقيبتها مفكرة صغيرة ، وطلبت مني كتابة العنوان الألكتروني للجمعية ، فاعطيتها بطاقة تعريف بالجمعية ، كنت قد اعددتها قبل ايام ، ثم اضافت قائلة بنبرة حزينة :
 كان العراق ، في ذلك الوقت ، يعيش حياة ازدهار واستقرار... وليس كما هو الآن تتحكم فيه القوى الطائفية ، والعنصرية ،والميليشيات الطائفية ، التي تنشر الموت والدمار في ربوع العراق ... ولكن ، برغم كل ذلك ، ما يزال العراق يحتفظ بروحه الأنسانية ، ولم ينل منه العسف الذي اصاب جسده ، ولم يمهد لليأس سبيلا الى قلبه ... ما زال صابرا ، ويقود مقاومة باسلة فاقت حدود طاقة البشر .
واخيرا اكدت على اهمية الجمعية الدولية للمترجمين واللغويين العرب ، واعتبرتها النبراس الذي ينير الطريق للغرب ليطلع على الثقافة العربية الحقيقية .