مدخل إلى علم الدبلوماسية
الدبلوماسية
هي كلمة يونانية اشتقت من كلمة دبلوم او دبلون ومعناها طبق أو طوى أو ثنى فلقد كانت تختم جميع جوازات السفر ورخص المرور على طرق الامبراطورية الرومانية، و قوائم المسافرين والبضائع على صفائح معدنية ذات وجهين مطبقين ومخيطين سوياً بطريقة خاصة وكانت تذاكر المرور هذه تسمى (دبلومات ) و اتسعت كلمة دبلوما حتى شملت وثائق رسمية غير معدنية التي تمنح المزايا أو تحتوي على اتفاقات مع جماعات أو قبائل أجنبية.
يتفق الخبراء في أن الدبلوماسية علم وفن في آن واحد فهي علم لكونها تستند على دراسة وإجادة نواحي المعرفة تلك المعرفة التي تقوم على قواعد وقوانيين وأصول، وهي فن لأنها مهنة دقيقة وحساسة فالدبلوماسي بحاجة الى مهارات خاصة حتى يتمكن من تطبيقها
انتقلت كلمة الدبلوماسية اليونانية الى اللاتينية والى اللغات الأوروبية ومنها الى اللغة العربية، فالدبلوماسية في اللاتينية تعني الشهادة الرسمية او الوثيقة التي تتضمن صفة المبعوث والمهمة الموفد بها ، والتوصيات الصادرة بشأنه من الحاكم يقصد تقديمه و حسن استقباله أو تسير انتقاله بين الاقاليم المختلفة وكانت هذه الشهادات او الوثائق عبارة عن أوراق تمسكها قطع من الحديد ( تسمى دبلوما ).، أما الدبلوماسية في اللغة العربية فكانت كلمة ( كتاب) للتعبير عن الوثيقة التي يتبادلها أصحاب السلطة بينهم والتي تمنح حاملها مزايا الحماية والامان، و كلمة سفارة تستخدم عند العرب بمعنى الرسالة أي التوجه والانطلاق الى القوم ، بغية التفاوض وتشتق كلمة ( سفارة من سفر) أو ( أسفر بين القوم إذا أصلح ) و ( كلمة سفير هو يمشي بين القوم في الصلح أو بين رجلين ).
تعريف الدبلوماسية :-
الدبلوماسية هي علم العلاقات القائمة بين الدول كما تنشأ عن مصالحها المتبادلة و عن مبادئ القانون الدولي، و نصوص المعاهدات و الاتفاقات و معرفة القواعد والتقاليد التي تنشأ وهي علم العلاقات أو فن المفاوضات أو فن القيادة و التوجيه
ان الدبلوماسية هي عملية سياسية تستخدمها الدولة في تنفيذ سياستها الخارجية في تعاملها مع الدول والأشخاص الدوليين الآخرين وإدارة علاقاتها الرسمية بعضها مع بعض ضمن النظام الدولي.
لدبلوماسية هي استعمال الذكاء والكياسة في إدارة العلاقات الرسمية بين حكومات الدول المستقلة.
الدبلوماسية هي إدارة العلاقات الدولية عن طريق المفاوضات او طريقة معالجة وإدارة هذه العلاقات بواسطة السفراء والممثلين الدبلوماسيين فهي عمل وفن الدبلوماسيين .
إن الدبلوماسية هي ممارسة عملية لتسيير شؤون الدولة الخارجية وهي علم وفن علم ما تتطلبه من دراسة عميقة للعلاقات القائمة بين الدول ومصالحها المتبادلة ومنطوق تواريخها ومواثيق معاهدتها من الوثائق الدولية، في الماضي والحاضر وهي فن لأنه يرتكز على مواهب خاصة عمادها اللباقة والفراسة وقوة الملاحظة.
لعل أشهر تعريف للدبلوماسية في العربية هو تعريف معاوية بن أبي سفيان يقول : " لو أن بيني و بين الناس شعرة لما قطعتها إن أرخوها شددتها وإن شددتها أرخيتها".
وتعرف الدبلوماسية بشكل عام انها
§فن التفاوض، تبرز الدبلوماسية كوسيلة او اداة للتفاوض من اجل اقناع طرف او اطراف، ولا يوجد تعريف محدد للدبلوماسية
§فن يصنع برامج السياسة
§هي فن ادارة العلاقات الدولية
§ادارة المعاملات بين الدول بأساليب الحوار والتفاوض
اذن الدبلوماسية هي لغة الحوار والنقاش والإقناع وفن التعامل بين المنظمات الدولية وحل مشكلاتها وهي لغة العقل الهادئ لا الحرب والصراع، وتعمل على تحقيق ما تعجز الة الحرب عن تحقيقه وتدخل في المجالات الاقتصادية والسياسية والإعلامية والثقافية.
تاريخ الدبلوماسية
هناك رأيان في تاريخ الدبلوماسية، يقول الرأي الأول بقدمها و أن تاريخها يرجع إلى القبائل البدائية والجماعات البشرية الأولى قد عرفت الحرب والسلم وإجراء الصلح ، و مراسم الاحتفالات الدينية والسياسية والاتصالات التجارية و هذه الجماعات كانت لها مراسم خاصة عند وفاة الزعيم و عند تولي زعيم جديد للسلطة، ظهرت أثارها على الألواح الآشورية وفي التاريخ الصيني والهندي والاغريقي و الروماني، وأن العلاقات الاجتماعية داخل المجتمع القبلي أدى الى بروز
ويذكر تاريخ حضارة الشرق الأوسط القديمة أن الدبلوماسية قد بزغت شمسها في حضارة الفراعنة، و حضارة بلاد الرافدين، وكانت العلاقات الدولية تمتد من مصر الى سوريا و بلاد فارس حتى الهند والصين، فكانت الدبلوماسية والعلاقات الدولية تنفذ لخدمة السياسة الخارجية التي تحدد أهدافها الأباطرة والملوك كما ان جميع المشكلات العامة و الخاصة كانت تحل (عادة بالحرب) أو (بالسلم) ، ضمن اتفاق او تعاهد يجري بعد التفاوض عن طريق مبعوثين أو رسل.
ولعل أول ما عرفه التاريخ عن الدبلوماسية كان ما سطرته حضارة الفراعنة في مصر التي كانت تتبع قواعد تقوم على انتهاج سياسية خارجية قائمة على مبدأ التوازن القوي و سياسة تقديم المعونات المالية و الهدايا الى الملوك المجاورين بالإضافة الى المصاهرة وهذا ثابت في ألواح رسائل دبلوماسية أرسلها فراعنة مصر إلى ملوك بابل والحيثيين وسوريا وفلسطين، وكذا معاهدة قادش بين الفراعنة والحثيين منذ ما يزيد على 1300 سنة ق.م.
وقد عرفت الصين القديمة الدبلوماسية و اتبعت قواعد ومبادئ ارتبطت بنظرتهم الفلسفية و أسبغت عليها هالة من القدسية النابعة من الديانة البوذية والبراهمية، دعا كونفوشيوس الفيلسوف في القرن السادس قبل الميلاد الى اختيار مبعوثين دبلوماسيين يتحلون بالفضيلة ويختارون بناء على الكفاية و ذلك ليتمثل دولهم في الخارج سواء على المستوى الدولي ام جماعة الدول.
وكذا من خلال كتب الهنود المقدسة خاصة الفيدا والمانوا ،أو قانون مانو الذي يتضمن بعض القواعد الخاصة بالسياسة الخارجية والسفراء و شؤون الحكم وهذه القواعد عن العلاقات الدبلوماسية في حضارة الشرق القديم.
ثم يقول طور الإغريق نظماً دقيقاً للاتصال الدبلوماسي من خلال التسوية بالتراضي او المصالحة، الهدنة، الاتفاقات العلنية و المعاهدات ولعل أشهر الأنشطة الدبلوماسية لدى الاغريق كان الهدنة المقدسة التي تعقد في فترة الألعاب الأولمبية، وكذا فقد عرفوا التحكيم وايفاد الممثلين الدبلوماسيين مثلاً نصت المعاهدة المبرمة بين طيبة و اثينا... أما الرومان فقد عرفوا المعاهدات و صياغتها وأشكالها حيث أقروا مبدأ احترام العهود وقدسية المواثيق كأساس لاستقرار العلاقات الدولية، لكن ما سجله التاريخ عن الرومان هو تفضيلهم استعمال القوة على استعمال الأساليب الدبلوماسية.
وبعد انهيار الامبراطورية الرومانية جاء البيزنطيون وكانوا أكثر مهارة في استخدام الدبلوماسية وممارستها، واتبعوا أسلوب التفاوض، وشراء صداقة الشعوب والقبائل المجاورة بطريق الرشوة و الهدايا، واعتمدوا أسلوب الدبولماسي المراقب بدل الدبلوماسي الخطيب وهذا الأسلوب يستند الى شخصية الدبلوماسي المحترف ذي الخبرة و الدراية، وكان البيزنطيون أول من أنشأ البيزنطيون ديواناً خاصاً للشؤون الخارجية في القسطنطينية يقوم باعداد تقارير عن الاوضاع الداخلية في البلاد الموفد اليها السفير.
أما الرأي الثاني فيقول بأن تاريخ الدبلوماسية يرجع الى عهد الكرسي البابوي حيث كانت الخطوة الاولى للدبلوماسية في ايطاليا قد خطتها الدبلوماسية البابوية، ودبلوماسية المدن الايطالية ( و خاصة دبلوماسية البندقية). لكن الثابت أن الدبلوماسية كانت في كل العصور ولا تزال ذات اهمية كبيرة ومستخدمة بصورة فعالة وأصبح دورها من اهم الامور المحركة للسياسيين بعد الحرب العالمية الثانية وبعد الاثار المدمرة التي خلفتها هذه الحرب، حيث اصبح توجه البشرية الى زيادة الاهتمام بالسلام ومعالجة أية خلافات عن طريق الحوار والتفاوض والعلاقات المتبادلة بدل من استخدام العنف والحروب بين البشر
وظائف الدبلوماسية
التمثيل: ينوب الدبلوماسي عن دولته وحكومته لدى الدولة المعتمد لديها ويقوم بتبليغ المعلومات ونقل وجهات النظر الى حكومة الدولة المعتمد لديها ويعمل على نقل المواقف الرسمية وغير الرسمية
التفاوض: وتشمل فتح حوار مع الدول المختلفة من اجل تحقيق الاستقرار والسلام وتحقيق مصالح مشتركة بين الدول
الملاحظة: يقوم الدبلوماسي بملاحظة كل التطورات والأحداث التي تحدث داخل الدولة المضيفة والتي تؤثر على مصالح دولته كالتطورات السياسة انتخابات، والتغيرات الاقتصادية ...وغير ذلك
وكل الامور التي يعمل يلاحظها الدبلوماسي يجب ان يبعث بها تقارير الى بلده لتوضيح الامور وعرض التطورات خاصة التطورات السياسية.
رعاية المصالح: يحمي الدبلوماسيين مصالح رعايا الدولة التابع لها ويشمل هذا الواجب حماية المصالح والحقوق
البعثات الدبلوماسية:
§الملحقون الدبلوماسيون: وهم موظفون السلك الدبلوماسي والذين يقومون بوظائف التفاوض والأمور المتعلقة بالسياسة
§ الملحقون الفنيون: وهم يقومون بالأعمال التخطيطية والإدارية ومتابعة العمل وكتابة تقارير فنية وإدارية
§ الملحقون الثقافيون: وهم يقومون بنشاطات ثقافية رسمية للعمل على نشر ثقافة ولغة بلادهم وتنظيم الحاضرات العلمية وتبادل اساتذة الجامعات وتقديم المنح الدراسية لطلاب الدول الموجودين فيها
الحصانة الدبلوماسية:
تعبير يشير إلى حرمة الأشخاص والأماكن، وحرية الاتصال (الحقيبة الدبلوماسية)، والمزايا الضريبية التي تحمي العاملين الدبلوماسيين وبدرجة أقل العاملين القنصليين
من المقرر فقها وقضاء في القانون الدولي ان ممثلي الدول الاجنبية الدبلوماسيين يتمتعون بحصانة دبلوماسية ولا يخضعون لولاية القضاء الاقليمي في الدولة المبعوثين لديها، وان من اهم مظاهر الحصانة عدم جواز التعرض لدار البعثة الدبلوماسية فلا يجوز للسلطات المحلية ان تتخذ اي اجراء من الاجراءات القضائية بشان هذه الدار
المفضلات