آخـــر الـــمـــشـــاركــــات

+ الرد على الموضوع
النتائج 1 إلى 4 من 4

الموضوع: الحلقة الثانية....سُلطة النص وولاء المترجم

  1. #1
    عـضــو الصورة الرمزية aliali
    تاريخ التسجيل
    24/10/2006
    العمر
    57
    المشاركات
    22
    معدل تقييم المستوى
    0

    افتراضي الحلقة الثانية....سُلطة النص وولاء المترجم

    اشارة الى ما كنت قد بدأتُ به من مناقشة مستفيضة لمفهوم الأمانة وشبهة الخيانة التي طالما يُنبز بها المُترجِمون.. استكمل هذا النقاش..
    بداية.. وقبل الخوض في تفاصيل حوار اليوم... لا بد من لنا من التسليم بحقيقة أحسبها معروفة لدى كافة المشتغلين في ميدان الترجمة، لكنها قد لاتكون كذلك بالنسبة لغيرهم.هذه الحقيقة هي أن لا وجود لترجمة تتطابق تطابقا كاملا مع النص الأصلي( Source Text )المراد نقله للغة الهدف ( Target Language ) ، واعني بهذا التطابق هو أن المترجم بوسعه أن ينجز ترجمة لذلك النص تتطابق مئة بالمئة من شكله ومضمونه الأصلي كما وُجدَ في لغة الأصل.. أو كصورة منعكسة بالمرآة. وهذه هي ذات الحقيقة الذي اعتمدها كثيرٌ من المُنظـّرين في ميدان الترجمة كقانون ٍ فاعل ٍ من قوانين صنعة الترجمة سموه بفرضية الترجمة المطابقة( Exact Translation Hypothesis ) حيث اعتبرها Quine(1978) بمثابة الفرضية الصفرية الغير قابلة للتحقق. وكان حكمه على عدم صحة هذه الفرضية مستندا إلى أساس منطقي هو أن " النص( Text) هو فِعلًٌ(Event) في الواقع لا يمكن ان يُكرر نفسه على الإطلاق، لا سيما في ذات المكان وذات الزمان. فهو.. أي النص.. فعل قد سجل وجودا في العالم المادي والزماني لحظة الفراغ من انتاجه أو صياغته .ومن غير المقبول منطقيا أن يعيد الزمن نفسه والمكان نفسه ليولد نفس النص في ذات المكان والزمان حتى في ذات اللغة التي وُلد فيها".اذا فكيف الحال بترجمة ذلك النص ونقله الى لغة جديدة؟؟!!
    ومن هنا تتضح لنا استحالة وجود نص ٍ آخر يتطابق مع النص الأول مطابقة كاملة وكلية في أي لغة ٍ من لغات البشر.
    فأنت – أخي القاري – لو نطقت بجملة ما الآن وبلغة ما .. ولتكن العربية مثلا، ليس بوسعك قطعاً أن تعيد عجلة الزمن الى الوراء أو أن تعيد خلق موقف جديد مطابقٌ تماماً للموقف الذي قِيلت فيه تلك الجملة لكي تعيد قولها من جديد... بل يكفي أننا بتنا نتحدث عن قديمٍ وجديد ، أو عن أولٍ وثان ٍ. نعم بوسعك أن تتفوه بنفس تلك الجملة . ولكن متى؟ بعد أن تكون قد دخلت في زمن جديد، حتى ولو بعد طرفة عين، ناهيك عن احتمالات تغير المكان الذي كنت فيه، وطريقة القائك لتلك الجملة، والكثير الكثير من المتغيرات التي يمكن أن نتصورها والتي تصاحب ذلك الموقف الجديد.. ولعل من الحكمة أن نتحدث عن نسبية هذا المكافيء الترجمي ) Relative Translation Equivalence ) بدلا من المكافيء التام أو الكلي ( Exact Equivalence )
    أردت من هذه المقدمة أن أخلـُص لنتيجة واحدة هي أن عنصر القصور الذي سيلمسه قاريء النص المُترجَم لا محال... هو أمر حتمي لا نقاش في فيه ولا حُجة لنا نحن المترجمين لرده .. اللهم الا اذا كان هذا القصور ناجما عن قصور قصدي أو ناجم عن قصور في قدرة المترجم نفسه.. وهذا ما لست معنيا فيه هنا على الإطلاق مادمتُ أضع في مخيلتي ذلك المترجم الكفوء ذو القدرة على النهوض بواجبه وحمل الأمانه بمها هو معهود به من شعور بالمسؤولية... وما دمت أهدف من مناقشتي هذه لأن أبرّءَ ساحة المترجم من شبهة الخيانة

    أجد الفرصة سانحة الآن لأن أفصِّل في العامل الأول الذي يؤثرعلى اداء المترجم ويضعه عرضة لشبهة الخيانة أو عدم الأمانة - بأقل تقدير- دون حَول ٍ له ولا قوة. وأعني بهذا سُلطة النص ) Text Authority) .
    إن للنص ِ – ومهما صغر أو كبُر حجما أو منزلة ً – سلطة ً وهالةً لا يكاد يدركها إلاّ من يتعامل مع هذا النص عن مقربة أو كثب. ولعل المترجم هوأحد أقرب المقربين ما دام معنيا بهذا النص بكافة أبعاده وتفاصيله. فهو معنيُ به من حيث الشكل( Form) والمضمون(Content) ، إما بكليهما على قدم المساواة أو بأحدهما على حساب الآخر، تبعا لإعتبارات تختص بنوع النص نفسه ( ( Text Type أو بهدف الفعل الترجمي ( Purpose of Translation) أوبالطريقة أو النظرية((Approach or Theory of Translation التي يتبانها هذا المترجم في للتعامل مع ذلك النص.
    وبالعودة الى بُعدي الشكل والمضمون (Form and Content) تتشكل سُلطة النص التي لا حِراك للمترجم خارجهما معاً أو كلٌ منهما على إنفراد، إذ يجد قاريء النص الجديد في لغة الهدف(Target Reader) أن المترجم قد كان حبيسا بينهما وتحت رحمتهما معا أو أحدهما مهما علا شأن النص أو تدنى ومهما إتسعت مقدرة ذلك المترجِم أو تضاءلت.
    وهنا لابد لي من ألفتَ انتباه القاريء الكريم إلى علاقة هذين البعدين وتلازمهما مع بُعدٍ ثالث يؤثر فيهما سلبا وإيجابا من حيث تحديد ولاء المترجم وميله لأي من البُعدين الأولين... وأعني بهذا البٌعد نوع النص أو جنسه اللغوي (Text Type). وبعبارة أخرى، إن هذا البعد الجديد هو الذي يرسم معالم أداء المترجم ويؤثر تأثيرا حاسما على قراره بالتضحية بواحد من الُبعدين الأولين على حِساب البُعد الآخر... فنراه يميل تارة نحو بُعد الشكل (Form of the Text) وتارة نحو بٌعد المضمون(Content of the Text) وكأني به كالرجل المتزج بإمرأتين " فلن تعدلوا بين النساء ولو حرصتم" . ومن غير الوارد في الحسبان مطلقاً أن يوفق المترجم الى أن يشطر ولاءه لهذين البُعدين بدرجة متكافئة بالكمِّ والمقدار. ولو قُدَّر لنا أن نعبِّر عن هذا القول بصيغة رياضية فليس بوسعناأن نطل من المُترجِم أن يشطر ولاءه للنص الأصلي كما يشطر العدد (100 ) إلى نصفين متساويين:(50) لبُعد الشكل و (50 ) لبُعد المضمون. وهذا ما كنت أعنيه بقولي بإستحالة تحقق فرضية الترجمة المتطابقة تماما ( Exact Translation Hypothesis ).
    أقول : ان المترجم ليس له من محيص أن يميل ولو بمقدار درجة واحدة نحو أياً من هذين البعدين ، وسيكون قراره هذا مستندا الى الجنس اللغوي أو الأدبي للنص(Text Type) الذي يشتغل عليه سواء كان ذلك النص قصيدة شعر(Poem) ، أو تعبيرا إصطلاحيا(Idiom) أو نصا دينيا(Religious Text) أو قانونيا(Legal) أو نصا علميا(Scientific) من علوم الفيزياء أو غيرها من باقي العلوم الصرفة أو أغنية(Song) أو نصا تاريخيا(Historical) أو تقريرا صحفيا(News Report)الخ، والقائمة تطول مع ما لا أحصيه عددا من الضروب اللغوية المتعددة والأجناس الأدبية المختلفة. وكلما إرتبط النص الأصلي بثقافة وحضارة وعادات وتقاليد مستخدمي لغة الأصل، كلما تصاعدت وتيرة الخسارة التي لا حول ولا قوة للمترجم في تفاديها وكلما كان أقرب لشبهة الخيانة التي تلصق به دونما عدل أو انصاف...
    وستكون لي وقفة أخرى قادمة للتفصيل بهذا الموضوع لكي ندفع عن المترجم هذه الشبهة التي لا يد لهُ فيها على الإطلاق.. بل إنها الأمانة بعينها أن يميلَ المترجم الى جهة بعينها .. ولولا هذا المَيل لما تسنى لفعل الترجمة أن يكون!!

    الدكتور / علي الحَسناوي
    (أ.م . اللسانيات والترجمة)

  2. #2
    سفير واتا في جامعة بابل|عضو هيئة تحرير مجلة واتا الصورة الرمزية باقر جاسم محمد
    تاريخ التسجيل
    29/09/2006
    العمر
    72
    المشاركات
    68
    معدل تقييم المستوى
    18

    افتراضي نظرية الترجمة بين الخيانة و الأمانة

    يثير موضوع " سلطة النص و ولاء المترجم" بذكاء و عمق مشكلة طالما كانت موضع نظر في كتب الترجمة النظرية و في اللسانيات التطبيقية باعتبار أن الترجمة فرع من منها. و تستند مقولة خيانة المترجم للنص إلى فرضية سابير-ورفSapir - Worf Hypothesis
    التي تؤكد حقيقة أن لكل لغة رؤيا خاصة بها مستمدة من ثقافة المجتمع و من الطبيعة الجغرافية و من بنية اللغة نفسها. فإذا أضفنا إلى ذلك كون الكلام، و النص مهما كان نوعه هو نوعه هوتجسيد للكلام، واقعة فريدة محكومة بشروط السياق كافة، صار واضحا ً أن الترجمة الكاملة( من الكمال) غير ممكنة. و صار التباين بين النص الأصلي و النص الأصلي حقيقة مقررة لا تدعو إلى الإدانة. و لكن تبقى مسألة الإبداع في اللغة الهدف، أي في النص المترجـَم هي المعيار الأهم في تحديد قيمة ما أنجزه المترجم باعتبار أن المترجم مؤلف ثان للنص و ليس مجرد ناقل له. و هذا يعني أنه سيضيف للنص الأصلي تأويله الخاص به.و ترتبط مسألة النص بوصفه واقعة فريدة بنظرية النقد الأدبي عموما ً. فلقد صار من ثوابت الفكر النقدي أن الكاتب نفسه لا يستطيع أن يكرر نفسه في أي نص يكتبه لاحقاً. ذلك أن ما سوف يكتبه سيكون مختلفا ً بهذه الدرجة أو تلك عن النص السابق. هذا القول لا ينفي إمكانية الحكم على كاتب و عمل أدبي بأن فيه تكرارا ً لأن معى التكرار هنا سيكون عدم الإتيان بشيء جديد جوهريا ً.
    أحيي جهد الدكتور علي الحسناوي على ما تفضل به من تفصيل لبعض مشكلات الترجمة و أدعو الأخوة المترجمين إلى قراءته و التعليق عليه.


  3. #3
    عـضــو الصورة الرمزية نهاد عبد الستار رشيد
    تاريخ التسجيل
    04/10/2006
    العمر
    78
    المشاركات
    233
    معدل تقييم المستوى
    18

    افتراضي النص وولاء المترجم / بقلم نهاد عبد الستار رشيد

    الزملاء الأفاضل

    تحية حوارية جادة

    يؤكد ماكس ايستمان Max Eastman ، مجادلا ، فيقول : " ان جل المترجمات سيىء " ، فهي تترجم من قبل اناس عاديين يكافئون التعبير الأجنبي الفريد بالتعبير العادي المبتذل في لغتهم الأم . وفضلا عن ذلك فهي تضفي صبغة الأحتقار على ما تلحقه من ضرر نتيجة سعيها اليائس لكي تكون تراجم ادبية .
    يخضع المترجم لضغط متواصل يفرضه التضارب بين الشكل والمضمون ، فاذا اقترب من خصائص اسلوب العمل الأصلي ، فربما يضحي بالكثير من المعنى ، بينما يسفر الألتصاق الشديد بالمحتوى الحرفي عن فقدان نكهة الأسلوب . من ناحية ثانية ، يتوجب على المترجمين التعامل بوسيلة للأتصال تعتبر خاضعة للتغيير والتحول المستمر .
    لابد للمترجم ان يمتلك تجربة غنية في لغة المصدر ، وسيطرة على موارد اللغة التي يترجم اليها . فهو لا يستطيع ان يكافيء بين الكلمات مقتصرا على القاموس ، بل لابد له ان يخلق بالمعنى الحقيقي صيغة لغوية جديدة لكي ينقل المفهوم الذي تعبر عنه لغة المصدر ، كما يجب ان تخلق الترجمة ، لدى القارىء ، نفس الأنطباع الذي يحدثه انطباع النص الأصلي على قرائه .
    كلما ابتعدنا عن الأدب ، واقتربنا من النصوص البراغماتية ، اتسعت الترجمة الى نقل المعلومات المفيدة . والمترجم الذي ينقل نصا ادبيا الى لغة اخرى يسعى الى هدف جمالي اساسا ، عبر اشكال التعبير المتجددة ، في حين لا يسعى مترجم النصوص البراغماتية الى توصيل رسالة بعينها ، باكبر قدر ممكن من الأمانة والفاعلية، اذ ان النص البراغماتي تعليمي في المقام الأول . من ناحية ثانية ، لا ينبغي ان تظهر شخصية المترجم في ترجمته ، في حين يتسم موقف مترجم النص الأدبي بالذاتية ، وينبغي ان يترك بصماته على النص ، كما يفعل الفنان المبدع ، بل باستطاعته ايضا اعادة كتابة النص في صياغة جديدة .
    لا تقتصر ترجمة الأعمال الأدبية على نقل المعنى او الأسلوب فقط ، بل ينبغي نقل الأثر . اذ تتميز الأعمال الأدبية الجيدة بناحية جمالية هي النتيجة النهائية للغة والمعنى والأسلوب ، وهي تظهر في تأثير العمل الأدبي في القارىء كما تؤثر القطعة الموسيقية في المستمع . والمترجم الناجح هو الذي يستطيع نقل هذا الأثر الى القارىء الجديد .
    وهذا يتطلب موهبة وخبرة من المترجم بحيث يستطيع نقل افكار المؤلف ومشاعره بنفس الدرجة التي يهدف اليها النص الأصلي .
    مع فائق التقدير.

    نهاد عبد الستار رشيد
    مترجم وقاص وصحفي مستقل
    سفير واتا في فنلندة


  4. #4
    أستاذ بارز الصورة الرمزية نصر بدوان
    تاريخ التسجيل
    26/10/2006
    المشاركات
    483
    معدل تقييم المستوى
    18

    افتراضي

    الأساتذة الأفاضل

    هل لي أن أقول أن المترجم الناجح والأمين هو الذي الذي ينقل المادة العلمية والإخبارية بشكل مجرد وبما يشبه النقل الحرفي ( المطابق ) . وأما في حالة النص الأدبي هو الذي يستطيع نقل روح النص من لغة لأخرى بحيث يحتفظ النص الأصلي بأثره غير منقوص وقد يستطيع المترجم نقل هذه الروح بعمق أقل أو أكثر قليلا . ومن هنا نقول أن من ينقل النص الأدبي من لغة لأخرى يفترض به التمكن من لغة الأصل , وأن يكون أديبا يمارس نفس النشاط الأدبي الذي ينقل عنه , فالشاعر يترجم الشعر , والقاص والروائي يترجم القصة والرواية مثلا .


    تحياتي
    نصر بدوان
    شاعر

    [poem=font="Simplified Arabic,6,deeppink,normal,normal" bkcolor="transparent" bkimage="../backgrounds/4.gif" border="groove,4,teal" type=3 line=0 align=center use=ex num="0,black"]
    وجعلت لي قلبا قد من رحمة =ومن قد من رحمة كيف يقسو؟[/poem]

+ الرد على الموضوع

الأعضاء الذين شاهدوا هذا الموضوع : 0

You do not have permission to view the list of names.

لا يوجد أعضاء لوضعهم في القائمة في هذا الوقت.

المفضلات

المفضلات

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •