فيما يلي ترجمتي للفصل التاسع من كتاب دونا م. جونسون، مداخل إلى البحث في تعلم اللغة الثانية، لونجمان،1991 ، والذي اشتركت في ترجمته مع أ. د. علي علي أحمد شعبان، الذي ترجم الفصول من الأول إلى الخامس.

وأتوجه بالشكر الجزيل للزميل الفاضل الدكتور محمد أسليم، الذي يرجع إليه الفضل في ظهور الحواشي في هذا النص، بعد أن قدَّم لي النصح التقني اللازم.

الباحثون والمعلمون والتساؤلات

دونا م. جونسون ، ولي تشن

لقد ركز هذا الكتاب على المناهج البديلة التي يستخدمها الباحثون في إجراء بحوثهم0 ولقد استخدمنا في أغلب الأحوال مصطلح "الباحث" للإشارة إلى شخص يجري البحوث في الجامعات وغيرها من مؤسسات البحث بوصفها - عادة - جزءا أساسيا من دوره المهني0 والحق، أن عددا متزايدا من الباحثين والعلماء يدافعون عن اشتراك المعلمين في البحث، ومن ثم، توجد الآن حركة متنامية للباحث - المعلم ( تسمى أحيانا "بحث الفعل " في مجال اكتساب اللغة الثانية وتدريسها) 0 ولقد أشار هؤلاء الباحثون إلى أن اشتراك المعلم في البحث وسيلة فعالة للقضاء على الهوة القائمة بين النظرية والتطبيق، والإسهام في المعرفة0 وقد أشار كوكران سميث، ولايتل - على سبيل المثال -إلى أن:



ما ينقص الأساس المعرفي للتدريس000 هو أصوات المعلمين أنفسهم، والأسئلة التي يطرحونها،

والطرق التي يستخدم بها المعلمون الكتابة والكلام القصدي في حياتهم المتعلقة بالعمل،

والأطر النفسية التي يستخدمونها في فهم ممارساتهم في قاعات الدرس وتحسينها[1]



ولأن المعلمين مقربون كثيرا من الطلاب على أساس يومي، فإن تساؤلاتهم النابعة من وجهات نظرهم الفريدة يمكن أن تسهم إسهاما مهما في المعرفة بشأن التعليم والتعلم.[2] وبالإضافة إلى ذلك، فإن المعلمين الذين يجرون بحوثهم الخاصة بهم يتوصلون إلى فهم أكثر ثراء لحياتهم المتعلقة بالعمل، ويكتسبون الثقة والمعرفة والدعم اللازم لكي يحدثوا تغييرات مهمة.[3]

إذن، ما الأدوار التي يؤديها معلمو اللغات فيما يتعلق بالبحث؟ هل هم مجرد متلقين بالنسبة إلى الباحثين؟ هل المطلوب منهم أن يقوموا - فحسب – بتلقيه من الآخرين وتطبيقه والتعلم منه؟ أم إنه ينبغي للمعلمين إجراء بحوث بأنفسهم؟ وأية إسهامات يمكن للباحثين المعلمين أن يقدموها للمعرفة؟ وما المحاذير التي ينبغي لهم أن يكونوا على علم بها؟ إن حركة الباحث المعلم قد اكتسبت قوة دفع مؤخرا، ومن ثم، فإن قضايا مثل هذه قد أصبحت تحظى باهتمام متزايد في عديد من المطبوعات المتنوعة.[4] وليس الغرض من هذا الفصل أن نقدم إجابات قاطعة عن مثل هذه الأسئلة، بل الأحرى أن نستكشف بعض القضايا المطروحة للنقاش0





أدوار المعلمين فيما يتعلق بالبحث

قراءة المعلمين للبحوث وتطبيقها


في الفصل الأول اعترضنا على النموذج الاستهلاكي التلقائي في تطبيق البحث. ففي النموذج التقليدي يقوم الباحثون بإجراء البحث، في حين يقتصر دور المعلم على دور المتلقي السلبي للنتائج الذي يُنتظر منه "تطبيق" هذه النتائج في قاعة الدرس. وإحدى المشكلات المتعلقة بهذه الفكرة هي أنها تقوم على افتراض أن الدراسات تقدم إجابات قاطعة عن الأسئلة. ولكنها في أغلب الأحيان لا تفعل ذلك. وبالرغم من أن الدراسات رفيعة المستوى تقدم أفكارا مستنيرة جديدة مهمة فإنها تثير دائما أسئلة كثيرة أيضا. وهي تدفعنا إلى التفكر في قضايا كانت قبل ذلك خارج نطاق وعينا. وثانيا، فإن النتائج كثيرا ما لا يمكن تعميمها على نطاق واسع. ولابد من إصدار أحكام ذكية حول الطرق التي يمكن أو لا يمكن لدراسة ما أن تُطبق على مجموعة مختلفة من الدارسين في مهمة أو موقف تعليمي مختلف أو في سياق ثقافي آخر. أما المشكلة الثالثة الخاصة بالنموذج الاستهلاكي في تطبيق البحث – وفقا لنظرية استجابة القارئ – فهي أن قراء الدراسات يحصلون على أفكار مستنيرة مختلفة من الدراسة نفسها. وعلى سبيل المثال فإنه بعد قراءة دراسة جبسون[5] على طلاب المدارس الثانوية من البنجاب ، قد "يطبق" قارئ ما تعلمه عن طريق محاولة اكتشاف المزيد عن القيم الأسرية لطلابه ووجهات نظرهم بشأن النجاح. في حين قد تحاول قارئة أخرى إعادة صياغة الصورة الذهنية لديها عن طلاب المرحلة الثانوية الآسيويين.

فقراء تقارير البحوث يكوِّنون معاني شخصية إلى حد بعيد من النص وفقا لخبراتهم ومعلوماتهم السابقة واهتماماتهم الحالية وهدفهم من قراءة الدراسة. ونظرا إلى أن قراء البحوث يتوصلون إلى معانيهم الخاصة بهم، فقد اقترحنا نموذجا لتطبيق البحث من منطلق أننا نعيد النظر في المتعلمين، وعملية التعلم، والعملية التعليمية. وهذا النموذج غير الاستهلاكي القائم على الاستفادة من البحث ينطوي على احترام عميق للمعرفة العملية اليومية للمعلمين، ولدورها في التوصل إلى فهم جديد. إذ إن النظر إلى التعلم والتعليم من خلال منظار جديد ومن وجهات نظر مختلفة يمكن أن يؤدي إلى مواقف جديدة وإلى أنماط من الفعل تهدف إلى تحسين الممارسة. وغالبا ما تكون هناك تباينات بين ما نعرفه، وما نعتقده، وما نحب أن نفعله، وما نفعله فعلا. وإحدى وسائل التغلب على هذه المشكلات هي أن نعمل بمقتضى الأفكار الجديدة التي نصوغها من قراءة البحوث المعنية بالأمر. إلا أن مثل هذا العمل قد يحدث فقط بعد مرور فترة زمنية، نظرا لأن الأفكار الجديدة كثيرا ما يجري تنقيتها لوقت طويل قبل أن تصبح جزءا مما نقوم به.





المعلمون الباحثون


بالإضافة إلى الأدوار التي يؤديها المعلمون بوصفهم بناة للمعرفة من البحوث التي يقرأونها والتي يستمعون إلى تقارير عنها، فإن كثيرا من الباحثين والمعلمين والباحثين – المعلمين على حد سواء يدافعون عن قيام المعلمين بأدوار جديدة ومتوسعة في عملية البحث. وتتضمن هذه الأدوار بدء المعلمين أنفسهم بحوثا وإجراءها، والمشاركة في مجموعات بحث من المعلمين، والتعاون مع أساتذة الجامعات في المشروعات المشتركة.

وقد يشعر بعض المعلمين بأن معلمي اللغة الثانية وباحثيها لا يشتركون إلا في النذر اليسير. وبالنسبة للكثير من المعلمين فإن نتائج البحوث تبدو إما غير ذات علاقة بالتدريس أو أنها يتعذر استيعابها. وهم يرون أنها غير ذات صلة، لأن ما يحدد أسئلة البحث – في كثير من الحالات- هو النماذج الإحصائية، والفئات اللغوية، والاتجاهات، ورغبات المشرف، والسياسات الحكومية، أكثر مما تحددها القضايا التي تحير المعلمين وتثير لديهم التساؤلات، ويرون أنها لا يمكن استيعابها لأن بعض البحوث يغلفه ما يرى المعلمون أنه أردية تخص الصفوة، ذلك أنه يلزم لفهم التقارير[6] الخاصة بها الإلمام المتقدم بالإحصاء وبتفصيلات أحدث النقاط الخلافية في النظرية اللغوية. ومن ثم فإنه لا يثير دهشتنا أن المعلمين ينظرون إلى البحث على أنه غير ذي صلة بالموضوع وغير مفهوم عندما لا يكون المعلمون – بل الباحثون الآخرون- هم المتلقين الحقيقيين الموجه إليهم معظم تقارير البحوث، وبخاصة تلك التي تنشر في الدوريات العلمية.

ومع ذلك, فإن للمعلمين والباحثين الكثير من الأهداف المشتركة. إذ إن كليهما يهدف إلى تحسين خبرات التعلم في قاعة الدرس لدى مستخدمي اللغة الثانية. أي إن أحد أهداف معظم الباحثين في اللغة الثانية هو الإسهام في المعرفة التي من شأنها أن ترشد الممارسة في قاعة الدرس، في حين يكون المعلمون المخلصون في بحث دائم عن النظرية والبحوث والأفكار التي يمكن أن تعينهم على إعادة التفكير في برامج اللغة الثانية وصفوفهم الدراسية الخاصة بهم. وفي حقيقة الأمر فإن كثيرا منا يجمعون بين البحث والتعليم في آن. إلا أنه إذا كتب الباحثون لغيرهم من الباحثين، فكيف يتسنى رأب الصدع بين البحث والتدريس، وبين النظرية والتطبيق ؟

ويرى الكثيرون أن الحركة الخاصة بالمعلم بوصفه باحثا تحمل أكبر فرصة لربط النظرية بالتطبيق بوسائل مفيدة للمعلمين. ويدَّعى فان لير[7] وهو في حقيقة الأمر يتبع في هذا ستنهاوس[8] أنه "إذا ما أردنا تحقيق تحسينات مهمة ودائمة في تعلم اللغة الثانية في قاعة الدرس، فإن هذا يمكن تحقيقه على خير ما يرام عن طريق إجراء المعلمين والمتعلمين بحوثهم الخاصة بهم في قاعات درسهم الخاصة".[9] وسوف نلقي الآن نظرة على عدة قضايا نوقشت في إطار حركة الباحث – المعلم، من بينها تحديد مفهوم البحث الذي يقوم به المعلم، والترتيبات التعاونية، وطرق البحث ومعاييره، وموضوعات البحث، وأهداف الحركة.





ما البحث الذي يقوم به المعلم؟


لحركة الباحث – المعلم أسسها الفلسفية في التفكير بمعناه الواسع، كما أنها تقيم بناءها عليه. وتعتمد أسسها المنطقية على وجهات النظر المتعلقة بالبنية الاجتماعية للمعرفة، والنظرية البنيوية، وما بعد البنيوية، ونظرية المنهج الدراسي، والبحث بوصفه تطبيقا عمليا، والنظرية النقدية.[10] كما أن الحركة تنهض أيضا على أساس مفاهيم المعلمين بوصفهم ممارسين مفكرين، ومثقفين، وواضعي نظريات. كما أن أهدافها التي هي سياسية وأيضا فكرية ترتبط بالمفاهيم المتعلقة بالتحرير، والتدعيم، والتحرير، والديمقراطية.

وفي الوقت الذي يبدو فيه الأساس الفلسفي للحركة متماسكا، فإن المفاهيم المتعلقة بالبحث الذي يجريه المعلم بوصفه فعلاً، تختلف اختلافا بيِّنا. وعلى سبيل المثال فإن بيسكس[11] يعرِّف الباحث – المعلم به أو بها ، والذي يصبح – نتيجة لذلك – معلما أفضل. وبالنسبة لبيسكس فإن البحث الذي يجريه المعلم يتضمن ملاحظة ما يجري في قاعة الدرس ومحاولة فهمه. وكما يذكر فإن "كل شيء يحدث في قاعة الدرس يمكن النظر إليه بوصفه معلومات ينبغي فهمها أكثر من كونه أسبابا للوم أو تهنئة أنفسنا أو طلابنا[12]. ويلاحظ الباحثون – المعلمون المشكلات وأيضا النجاحات، ولكن المشكلات يمكن أن تصبح أسئلة للبحث ومناسبات للتعلم. ونتيجة لذلك فإن "المداخل الجديدة للتدريس لم تعد مجرد مخاطرات، بل فرصا للتعلم "[13]. فقاعة الدرس إذن معمل تعلم بالنسبة للمعلم. وهذه النظرة للبحث الذي يجريه المعلم واسعة المدى كثيرا، وذات تركيز قوي على التفكير الواعي. إلا أنها تختلف قليلا عن كيفية تعريف الكثيرين للمعلم بوصفه ممارسا مفكرا. ويجرب معظم المعلمين من ذوي الفكر مداخل جديدة لإبداع مواقف تعليمية في أكمل حالاتها: فيلاحظون بعناية ما يحدث، ويعِّدلون ممارساتهم على أساس مما تعلموه.

ويتبنى كوكران – سميث، ولايتل[14] وجهة نظر مختلفة إلى حد ما. فهما يوافقان على أن رغبة المعلمين في أن يجدوا مغزى لخبراتهم التي يكتسبونها في قاعة الدرس تحفز تساؤلاتهم، وعلى أن الباحثين – المعلمين يتبنون "موقفا تعليميا أو انفتاحا تجاه الحياة التي تجري في قاعة الدرس "[15]. غير أن مفهومهم للباحث – المعلم يُعَرَّف تعريفا أكثر دقة بوصفه "بحثا منظما وواعيا ينفذه المعلمون." ص3). وتتجه وجهة النظر هذه نحو التفرقة بين البحث الذي يجريه المعلم والتدريس الجيد. ويعني هؤلاء الكتاب بكلمة "واع" أن البحث يكون مخططا له أكثر منه تلقائيا. غير أنهم يقدمون إرشادا أقل فيما يتعلق بتعريف كلمة "منظومي"، ذاكرين أن البحث الذي يجريه المعلم يتضمن "جمع المعلومات وتسجيلها، وتوثيق التجارب التي تحدث داخل قاعة الدرس وخارجها، وتكوين نوع من أنواع السجل المكتوب." ص3)

ويذهب كازدن، ودياموندستون، وناسو[16] إلى أبعد من ذلك فيحددون طبيعة البحث الذي يجريه المعلم، فيقولون:



لكي يدخل فيه فإن المعلم يستقطع وقتا من متطلبات الفعل في موقف مباشر ومستمر – ووحده
أو مع زملائه – يفكر في ممارسته خارج تتابع الأحداث، في وقت محدد. ويجد وسائل لجمع

توثيق لتدريسه وتعلم الطلاب، من أجل هذا التفكير.[17]



ويشير هذا المفهوم للبحث الذي يجريه المعلم إلى أنه لا يتضمن التساؤل الواعي فحسب بل إنه يتطلب أيضا تخصيص وقت بعيدا عن التدريس لكي ينخرط في البحث.

وخلاصة القول أن مفهوم البحث الذي يجريه المعلم والذي يقدمه هؤلاء المؤلفون هو أنه يجريه المعلمون، سواء وحدهم أو بالاشتراك مع آخرين. وهو يتضمن جمع المعلومات من قاعات الدرس، ومن حياتهم المدرسية، وتسجيل هذه المعلومات، ثم إعمال الفكر فيما تعلموه. إلا أن وجهات النظر فيما يتعلق بما إذا كان يتطلب وقتا طويلا بعيدا عن فعاليات التدريس العادية، تختلف تماما مثلما تختلف بشأن ما يعد نظاميا. وهذه قضايا ذات صلة بالموضوع، وليست قضايا ضئيلة الشأن، إذا كنا نعرِّف البحث - بوصفه شيئا مختلفا عن التدريس- أي بوصفه تساؤلاً نظاميا.

ومع ذلك فإن التوصل إلى تمييز دقيق بين التدريس عالي المستوى المبني على التفكر، والبحث الذي يجريه المعلم ليس هو القضية المهمة بالنسبة لمعظم من يكتبون عن الحركة. بل إن التمييز مسألة تتعلق بالدرجة وتقوم الحركة بإيجاد تعريف لنفسها خلال تطورها. ويجري إرساء طبيعتها ومتغيراتها وأهدافها وصيغها على يد المهنيين المهتمين. وربما كان الأهم هو توصيف الحركة طبقا لمفهوم فرير للبحث الذي يقوم على الاستفادة من مصادر للمعرفة لم يُعترف بها من قبل بوصفها مصادر مشروعة[18]. وهذا معناه أن ما ينقص البحث حول تعلم اللغة في قاعة الدرس هو صوت المعلمين أنفسهم، ثم تقدم الحركة الفرصة لأصوات المعلمين لكي تُسمع وتُقدَّر. وهي حركة سياسية في المقام الأول تهدف إلى تقوية الذات. ويتحقق هذا عن طريق إيجاد منابر لأصوات المعلمين. وإزاء ثراء خبرات معلمي اللغة الثانية ووجهات نظرهم وتنوعها الثقافي، فإن الأفكار الثاقبة التي يطرحونها يمكن أن تقدم الكثير من الإسهامات المهمة للحركة.





قضايا في البحث الذي يجريه المعلمون


يصور الشكل رقم 9-1 بعضا من القضايا الكثيرة المطروحة للمناقشة ضمن حركة المعلم بوصفه باحثا. وتضم هذه القضايا: من الذي يشارك في البحث الذي يجريه المعلم ؟ ما الفرص المختلفة للمشاركة والتعاون ؟ ما الموضوعات التي يدرسها الباحثون – المعلمون ؟ هل يميلون إلى إهمال موضوعات معينة ؟ وفي أية سياقات يُنَفَّذ البحث؟ ما طرق البحث الأكثر ملاءمة من غيرها ؟ ما أهداف البحث الذي يجريه المعلم ومن الذين يتوجه إليهم البحث ؟ وكيف يمكن إعلان نتائج البحث على عامة الناس ؟ وما القيمة الحقيقية لحركة الباحث – المعلم ؟

ويشبه الشكل 9-1 الشكل 1-1 الذي يوضح العوامل التي تتضمنها جهود البحث في اللغة الثانية. وقدر ركزت المناقشة المصاحبة للشكل في الفصل الأول على كيفية اختلاف البحث وفقا للسياقات المتعلقة بالمؤسسة، وبالنظام وبغيرها من العوامل التي يجري البحث في إطارها. وعلى سبيل المثال فإن البحث الذي يُجرى في إطار الجامعة قد يختلف في هدفه، وموضوعه، وجمهوره المقصود عن البحث الذي يُجرى في مؤسسة بحث خاصة. وتتيح هذه الأفكار نفسها إطارا مفيدا لتحليل البحث الذي يجريه المعلم. وسوف تتناول بعض هذه القضايا في محاولة لإبراز تفرد البحث الذي يجريه المعلم وقيمته، في حين نكشف عن بعض المآزق المحتملة التي قد يواجهها الباحثون – المعلمون.



__________________________________________________ _____



السياقات السياسية – الاجتماعية والثقافية – الاجتماعية

__________________________________________________ ____



الجماعات القومية والثقافية



وضع المعلمين والباحثين وأدوارهم



الأغراض والأهداف



الإسهام في المعرفة

النمو المهني

التحرر

تغيير ظروف العمل الخاصة بممارسة المهنة

صبغ البحوث بالصبغة الديمقراطية



المحفِّزات / قوى الدفع الإعانة والتمويل


أساس المسألة: المعلم المنظمات المهنية
المنظمات المهنية الاتحادية، العامة

الباحثون في الجامعات الشبكات، الجامعات

المدارس: تدريب أثناء الخدمة فترة السماح



الأوضاع المؤسسية



قاعة درسه، مدرسته، معهده

التعاون عبر الأوضاع



خصائص عمليات البحث



الموضوع (بدأه المعلم، بدأه غيره)

المشاركون (المعلمون، الباحثون، الطلاب)

وجهات نظر معينة للمشاركين

طرق البحث (إثنوجرافية، شبه تجريبية)

مصادر البيانات

معايير النوعية

المدى



الجماهير الانتشار استخدام النتائج




الذات الكتب نمو الطلاب

المعهد منشورات الأخبار التفكير

المعلمون المؤتمرات النمو المهني

جماعات أوسع المنظمات المهنية تغيير الممارسات

مجموعات الدعم تغيير البنيات

الإداريون التخطيط

الشكل 9-1 قضايا في البحث الذي يجريه المعلمون





وجهة نظر معلم اللغة الثانية

للمعلمين، وبخاصة معلمو اللغة الثانية بعض الإسهامات الفريدة التي يمكن أن يسهموا بها في البحث. ومن الواضح أن المعلمين يعرفون طلابهم الذين يعلِّمونهم معرفة جيدة. وعن طريق التفاعل اليومي معهم تتكون لديهم معلومات مباشرة عن كفاحهم وتقدمهم في التعلم واستخدامهم لغة ما. كما أن للمعلمين أيضا وجهة نظر معينة بشأن السياقات التي يعملون في إطارها، أي السياقات الوصفية المتعددة الجوانب مثل المناهج، وأسر الطلاب والمجتمع، والضغوط المؤسسية، وأيضا السياقات الزمنية. وهم يعرفون ماذا فعل طلابهم أمس والشهر الماضي، وكيف تتغير اتجاهاتهم ومداخلهم إلى التعلم. ويمكن لوجهات النظر الداخلية هذه أن تكون أساسية في فحص التعلم.

ربما أمكن أن نقول عن كل المعلمين إن لديهم على الأقل وجهات النظر هذه لكي يسهموا بها. أما معلمو اللغة الثانية فإن لديهم ما يقدمونه من وجهات نظر أخرى ومختلفة. ونظرا لأنهم ثنائيو اللغة والثقافة، أو متعددو اللغة والثقافة، فإن الباحثين – المعلمين في اللغة الثانية في مجال تدريس اللغة الإنجليزية للناطقين بغيرها، وفي قاعات الدرس ثنائية اللغة لديهم الكثير مما يسهمون به في فحص القضايا التي تتطلب اكتساب وجهة نظر عامة. وإذا لم يفهم ويتكلم الباحث – المعلم، أو أي باحث، لغة الطلاب الذين يعلِّمهم، فإنه قد يكون من الصعب أو المستحيل التعرف على الظواهر من وجهة نظر الطلاب. ويتطلب التوصل إلى فهم حقيقي تأويل معاني الأحداث أو الأفعال من وجهة نظر الطلاب. وكما يشير جريتز[19] فإن التعاطف ليس كافيا ، مع أنه عامل مساعد. إذ تعطي القدرات اللغوية لمعلمي اللغة الثانية، جنبا إلى جنب مع حساسيتهم الثقافية ومعرفتهم، ميزة معينة في فهم وجهات نظر المتعلمين. وهذا الفهم مهم لدراسة القضايا اللغوية الاجتماعية والثقافية، وأيضا القضايا المتعلقة بالتفكير.





الترتيبات التعاونية. كيف يمكن للباحثين- المعلمين للغة الثانية تنفيذ بحوث بطرق تستفيد من وجهات نظرهم وقدراتهم ؟ هناك مجموعة متنوعة من الترتيبات الفردية أو التعاونية الممكنة. إذ قد يُجري المعلمون بحوثهم منفردين، أو بالتعاون مع معلمين آخرين، أو بالتعاون مع الباحثين من الجامعات، أو غيرهم من الباحثين المهنيين.

وفي إطار كل من هذه الترتيبات يمكن أن تتنوع الأدوار التي يؤديها المعلمون تنوعا كبيرا. فمثلا قد يؤدي المعلمون دورا سلبيا إلى حد ما، حين يتيحون فقط فرصة إجراء بحوث على طلابهم ويساعدون في تسهيل جميع البيانات. ومن ناحية أخرى، يمكن أن يكونوا شركاء متساوين، أو حتى أن يؤدوا دور القيادة في تحديد ما تركز عليه الدراسة ومتغيراتها، وطرق البحث المستخدمة. وكما يشير كوكران – سميث، ولايتل[20] فإن هناك الكثير من الأمثلة الجيدة للدراسات التعاونية المنشورة في النموذج النوعي / التفسيري ، مثل بحوث هيث ، وبرانز كومب[21] وأدلسكي ، وسميث[22]. ومثل هذه البحوث تقدم "نظرات ثاقبة قيِّمة في العلاقات المتبادلة بين النظرية والتطبيق"[23].

والتحذير الذي يقدمه كوكران – سميث، ولايتل فيما يختص بالترتيبات التعاونية يتمثل في أن الباحث قد يحدد مسبقا دور المعلم في عملية البحث. وهما يريان هذا مشكلة في حالة تأطير وجهة نظر المعلم والتدخل فيها من خلال منظور الباحث. وعندما يحدث ذلك، فإن قدرا كبيرا من الإسهام الفريد للمعلم (أي وجهة نظره) يمكن أن يضيع. ونتيجة لذلك، فإن المعلم قد يؤدي أقل دور في توليد المعرفة المتعلقة بالتعلم والتعليم.

ويرى العديد من الباحثين الآخرين أن العلاقات التي تنطوي على قدر أكبر من المساواة سيكون من شأنها تجنب هذه المشكلة. وعلى سبيل المثال درس لنسفورد، وإيد[24] طرائق التعاون وركزوا على مشكلات الترتيبات التعاونية ذات التسلسل الهرمي ، قائلين : "هذا النمط من التعاون ذو بنية خطية ، وتحفز إليه أهداف محددة تحديدا كبيرا ، ويقوم على تنفيذه أناس يؤدون أدورا محددة تحديدا واضحا".[25] وقد وجدا في إحدى الدراسات الخاصة بالكتابة، أن التسلسل الهرمي للتعاون لم يكن يتسم بالكفاءة. وبالإضافة إلى ذلك، فإنه لم يكن مُرضيا سواء بالنسبة لأولئك في قمة الهرم أو أولئك في قاعدته. وكبديل، فإن لنسفورد، وإيد يتحمسان لطريقة حوارية في التعاون، ويعدانها أساسية لإنتاج المعرفة، وأيضا لتحقيق رضا المشاركين. ويتفق لنسفورد، وإيد مع ميللر[26] الذي يجتهد من أجل التوصل إلى دور أكثر سيطرة ومساواة للمعلم في الترتيبات المتعلقة بالبحث التعاوني. ويدعو ميللر إلى بحث ديمقراطي وتعاوني يقوم على العدالة والإجماع.

ويتصل بقضية الأشكال ذات التسلسل الهرمي للتعاون أحد المحاذير التي لابد من ذكرها، ألا وهو استغلال المعلمين من قبل الباحثين الذين يجرون بحوثهم هم في الجامعات. وهذا الأمر لا يمثل قضية في المشروعات الرفيعة المألوفة لنا. غير أن الخطر ماثل إذا ما أبلغ الباحثون المعلمين بأنهم يجب أو لابد من أن يُجروا بحوثا. وخارج إطار مقررات الدراسات العليا فإن المعلمين وحدهم هم الذين يقررون ما إذا كانوا يريدون الاشتراك في البحث ومع من. والسؤال الذي ينبغي طرحه هو: من الذي سيستفيد وكيف ؟ وسوف نعود إلى تلك القضية لاحقا.





التعاون عبر الأوضاع المختلفة. كثير من المناقشات المتعلقة بالمعلم الباحث، كما أشرنا سابقا، تصِّور باحثا مفكرا يعمل داخل حدود فصل دراسي واحد. ومع ذلك فإن إحدى قيم التعاون هي أنها تستثمر إسهامات كل مشارك في وصف الظواهر وشرحها. وهناك احتمالات عديدة متاحة للتعاون عبر الأوضاع المختلفة.

أولاً، يمكن لمعلمي الإنجليزية الناطقين بلغات أخرى دراسة طلابهم في مواقف متنوعة. ويمكن تعلم الكثير من البحث في قاعة الدرس الخاصة بالزملاء المتعاونين. إذ إنه مما يفيد بصفة خاصة أن نتعلم مثلا كيف يتعايش متعلمو اللغة مع المحتوى الأكاديمي في المقررات المختلفة. وقد كشف البحث الخاص بالمعلمين – الباحثين في المدرسة الثانوية في دراسة أدامسون (تحت الطبع) عن معلومات مفصلة حول استراتيجيات طلابهم واحتياجاتهم في المقررات ذات المحتوى الأكاديمي. فقد عرفت إحدى معلمات التاريخ، على سبيل المثال، لماذا كانت اختبارات المقالات تسمح للطلاب بأن يبرزوا المزيد مما يعرفون أكثر مما تسمح به اختبارات الاختيارات المتعددة. ويقدم بحث هوكنز[27] نموذجا لفحص تعلم اللغة الثانية عبر أوضاع مختلفة ويوضح كيف أن التعلم يمكن أن ينشأ من التفاعل (وقد ناقشنا كلتا الدارستين في الفصل الرابع.)

وبالإضافة إلى دراسة طلابهم في قاعات الدرس المختلفة، يمكن لمعلِّمَيْن أن يتعاونا في أن يدرس كل منهم الطلاب في قاعة درس الآخر. والتكنيك الذي يتبعه هايمز[28] في المتابعة الإثنوجرافية يعد تكتيكا مفيدا بصفة خاصة لهذا الغرض. وعلى سبيل المثال، فإن المتابعة الإثنوجرافية التي يصفها كراسكو[29] تقدم طريقة ممتازة للمعلمين لكي يعملوا تبادليا ويقدم كل منهم للآخرين "معرفة موسعة" بطلابهم. وما هو فريد فيما يتعلق بمثل هذه المتابعة هو أن المعلم – الباحث يمكنه أن يرى الطلاب في مواقف لا يوجد فيها معلمهم. فمثلا قد يلاحظ المعلم طالبا في وقت الفراغ أو في نشاط يقوده الطلاب. وتتيح المعرفة المتحصلة صورة أكثر اكتمالا للمدى الكامل لقدرات أحد الطلاب. ويتمتع معلمو اللغة بميزة معينة في هذا النوع من البحوث. إذ عندما يتعاون معلمان، أحدهما يعرف ثلاث لغات هي الصينية وآموى والإنجليزية، والآخر ثنائي اللغة يعرف الأسبانية والإنجليزية فإن لديهما الكثير مما يمكن أن يقدمه كل منهما للآخر. إذ يمكن لكل منهما أن يقدم "معرفة موسعة" بالطلاب الذين يتكلمون تلك اللغات للمعلم الذي لا يتكلمها.

وليست هناك ضرورة لأن تقتصر الأوضاع الخاصة ببحوث المعلم على قاعة درسه أو حتى على قاعات أخرى داخل المؤسسة نفسها. إذ إن المعلمين الذين يتوقفون عن التدريس مؤقتا للدراسة للحصول على درجة جامعية عليا في دولة أخرى يمكنهم توسيع إدراك المعلمين الذين يعملون معهم عن طريق إمدادهم بوجهات نظر عبر الثقافات تشتد الحاجة إليها. فمثلا، يمكن لمعلم ذي خبرة من اليابان يُجري مشروع بحث بالتعاون مع معلم لا يتحدث سوى الإنجليزية أن يقدم معلومات ثقافية مهمة تساعد على تفسير مواقف الطلاب وأفعالهم. وينبغي أيضا للمعلمين الباحثين أن يفكروا في إجراء بحوث في أوضاع تتيح إمكانية توسيع فهمهم عبر الثقافات وحساسيتهم، وهي أهداف مهمة للغاية للتنمية المهنية.





مشاركة الطلاب. هناك جانب آخر غير تقليدي في البحوث التي يجريها المعلم ألا وهو التركيز على مشاركة الطلاب في البحوث. ونظرا لأن العالم الخاص بالمعلم الجيد يتركز حول الطالب تركيزا كبيرا، فإنه ليس فقط من المهم بل مما يشكل دافعا للباحثين المعلمين أن يتبنوا وجهة نظر الطلاب. ولقد أشركت بعض فرق الباحثين المعلمين الطلاب إشراكا فعالا وناجحا في العملية البحثية، ليس فقط لصالح البحث بل لصالح تعلم الطلاب. ولا يمكن لفحص وجهة نظر طلابنا إلا أن يضئ لنا الطريق. ماذا يعرف طلابنا وماذا يريدون أن يعرفوا عن اللغة الثانية تعلما وتعليما؟ ومازال هناك الكثير الذي ينبغي عمله وفقا لهذا الخط، وأمام الباحثين المعلمين في اللغة الثانية قدر كبير مما يمكن أن يسهموا به في هذا المجال.





الطرق والمستويات

ما المداخل والتقنيات التي يمكن للمعلمين استخدامها بحيث تحقق أقصى فائدة ؟ إن معظم بحوث المعلمين ذات توجه نوعي أو تفسيري[30]. وتحبذ الحركة هذه الطرق بصفة عامة، ليس لأنها أقل تصلبا، كما قد يدَّعي بعضهم، بل إن الطرق النوعية يُدافَع عنها جزئيا لأن، وفقا لما يشير إليه إريكسون[31]، المغزى الأساسي للطرق التفسيرية الخاصة بالبحوث المتعلقة بقاعة الدرس هو المحتوى الذي تسمح لنا هذه الطرق بتناوله ، مثل وجهات نظر المتعلمين حول المعنى وقاعة الدرس بوصفها بيئة اجتماعية وثقافية.( ص120). وهذه الأهداف المتعلقة بالمحتوى، جنبا إلى جنب مع القدرات المعنية لمعلمي اللغة الثانية ووجهات نظرهم، تجعل المداخل النوعية جذابة وملائمة بصفة خاصة.

ويستطيع الباحثون المعلمون أن يستخدموا تقريبا جميع المداخل والتقنيات التي يناقشها هذا الكتاب، بالرغم من أن الدراسات الوصفية، ودراسات الحالة، والتقنيات الإثنوجرافية، مثل المتابعة الإثنوجرافية، متاحة ومفيدة بصفة خاصة. كما أن مجموعة متنوعة عريضة من تقنيات جمع البيانات، وبخاصة تلك التي نوقشت في الفصل الخاص بدراسة الحالة، مفيدة. ولقد كان فحص كتابة المذكرات الحوارية واحدا من أكثر المجالات إنتاجية في تعاون الباحثين المعلمين. وعلى سبيل المثال فإن بيتون، وماكينسون[32] تعاونا في دراسة كيف كان الطلاب ذوو المستويات المختلفة من الكفاءة في اللغة الإنجليزية يتواصلون بعضهم مع بعض على شبكة تغطي المنطقة المحلية. ومن خلال تسجيل التواصل الكتابي للطلاب وتحليله، اكتشفا كيف تمكنوا من خلال كتاباتهم من تنويع استخدامات اللغة للشركاء المختلفين وكيف تطورت لغتهم الإنجليزية. وقد استخدم الباحثون المعلمون الذين نعرفهم إجراءات استبطانية واسترجاعية، وإجراءات التفكير بصوت عال لفحص عمليات القراءة والكتابة الخاصة بطلابهم. وقد وجد هؤلاء المعلمون أن النتائج قد غيرت من مواقفهم تجاه طلابهم وأدت بهم إلى تطبيق استراتيجيات تعليمية أكثر حساسية وفعالية.

ويمكن لعدد من المداخل الخاصة بطرق البحث التي لا تستخدم عادة في البحوث الخاصة باللغة الثانية أن تقدم نظرات ثاقبة أيضا. وتعد "الخبرة التربوية" الخاصة بأيسنر[33] واحدة من هذه المداخل. كما يمكن أن تكون التفسيرات الثرية الفنية لأحداث قاعة الدرس، وبخاصة من وجهات نظر ثقافية متباينة تباينا كبيرا، تتسم بالتنوير. وقد يساعدنا التطبيق المعدل لـ "الطريقة التفسيرية التفاعلية" الخاصة بدنزن[34] ، والتي تحاول "جعل عالم خبرة المشكلات المعيشية للأناس العاديين متاحة بشكل مباشر للقارئ".( ص7) قد يساعدنا على أن نرى بشكل أبعد مدى الصلة بين التثقيف، واستخدام اللغة، والتواريخ الشخصية. ويجب أن يعتمد اختيار أحد المداخل واختيار التقنيات على الخبرة التي يستحضرها المعلم إلى البحث والغرض من المشروع.

ويرفض معظم المنافحين عن حركة الباحثين– المعلمين الطرق الكمية والتفكير الإيجابي المرتبط بها (انظر الفصل الثاني). ومن ناحية أخرى فإن بيريتر[35] يأسى لعدم استعداد ما يسميه "التحالف" لاستخدام طرق بحث مثل التجارب لكي يؤكد الفرضيات التجريبية. ويحث الباحثين – المعلمين على وضع فرضياتهم النظرية من خلال تجارب مقارنة تفحص النتائج التربوية. ونحن نتفق مع المدافعين ذوي الاتجاهات الكيفية على أن الطرق الارتباطية والتجريبية اقل إتاحة، واختزالية بصفة عامة، وأقل عملية، ومن ثم أقل فائدة فيما يتعلق بمشروعات البحوث التي يجريها المعلمون. ومن ناحية أخرى، فإن التجارب محدودة المدى التي تُجرى بحساسية، وأشباه التجارب التي يكملها وصف كافٍ، وتجارب مبنية على تنفيذ المهام القصيرة، يمكن أن تكون مناسبة لبحوث المعلمين. ومن المهم للغاية أن نأخذ في الحسبان خبرة الباحث واهتماماته أيضا. ونحن نعرف باحثا – معلما دخل إلى مجال اكتساب اللغة الثانية وتدريسها بدرجة ماجستير في علوم الحاسب الآلي.، واتخذت اهتماماته البحثية شكل تطوير برنامج حساب آلي للتدريب على اختبار التويفل وفحص تأثيراته في الطلاب عن طريق استخدام كل من بيانات كمية ينتجها الحاسب والمقابلات الشخصية. فكانت الخبرة التي أتى بها إلى بحثه ملائمة للأسئلة التي أثارها، مع أنها كانت مختلفة اختلافا كبيرا عن خبرة زملائه المعلمين.

وبقطع النظر عن طرق البحث التي تُختار، فإن هناك سؤالا ذا صلة بالموضوع هو: هل ينبغي أن تخضع بحوث المعلمين للمعايير المتعارف عليها (والآخذة في التطور) الخاصة بتقاليد البحث ؟ ومن الواضح أنه إذا أُخضعت بحوث المعلمين لهذه المعايير وفشلت في تحقيقها, فإن جمهورها سيقل بين جماعة البحث الأكاديمي.

ولتجنب هذه المشكلة، اقترح بعضهم أنه ينبغي أن نعد بحوث المعلمين نوعا جديدا. وعلى سبيل المثال فإن كوكران – سميث، ولايتل[36] يريان أن بحوث المعلمين تعد نوعا قائما بذاته له ملامحه المحددة له الخاصة به. إلا أنهما لا يشيران إلى ماهية تلك الملامح. كما أن ميرز[37] يشير إلى الحاجة إلى مجموعة مختلفة من المعايير. ويرى أن "بحوث المعلمين سوف يُحكم عليها على أساس وضوح لغتها، واتساقها التنظيمي، ومدى توافقها مع حدس مجتمع المعلمين، في كل من تحديدها للمشكلات ونتائجها".[38]

وهناك مشكلات خطيرة تتعلق بالمعايير التي يقترحها ميرز، وبخاصة من وجهة نظر عبر ثقافية. إذ إن البحث يُعبَّرعنه بصفة عامة عن طريق الكتابة، ولكن مفاهيم مثل الوضوح، والاتساق التنظيمي، والوسائل المستخدمة لتحقيق الترابط تختلف ثقافيا[39]. وبالفعل فإنها تختلف فيما بين عارضي البحوث في المجلة العلمية الواحدة. ويمكن للمعيار الخاص بمدى التوافق مع حدس مجتمع المعلمين أن يكون خطيرا جدا عندما يكون الحدس الشائع السائد خاطئا.

وعلى سبيل المثال، فإن الفكرة الشائعة (والتي يدعمها بعض البحوث التلازمية) التي تقول بأن المستوى التعليمي للآباء يتنبأ بالنجاح الأكاديمي للطلاب يتوافق جيدا مع حدس الكثيرين، ولكنه ليس بالضرورة صحيحا بالنسبة لمجموعة ثقافية[40] أو أي فرد. وحدس كثير من المعلمين من غير ذوي الدراية باكتساب اللغة الثانية كثيرا ما يكون على غير هدى. كما أن الحدس الذي يشترك فيه المعلمون قد يضم أيضا قوالب ثقافية ضارة لا ينبغي أن تؤخذ على أنها معايير، بل يجب مواجهتها. والادعاء بأن البحث صادق إذا كانت خبرة أحد المعلمين تتوافق مع خبرة معلم آخر، قد يعرقل التوصل إلى معرفة جديدة. وفي بعض الحالات، فإن تلك النظرات الثاقبة التي تتعارض مع الحدس هي ذاتها التي تسهم في المعرفة بأكبر قدر، وبخاصة في المواقف عبر الثقافية. وتتمثل وجهة نظرنا في أن المعايير الآخذة في التطور فيما يتعلق ببحوث المعلمين من المحتمل أن تركز على قضايا الصدق، وجدة النظرات الثاقبة وحيويتها، وتأثير هذه النظرات في المعلمين والطلاب. وفي النهاية، فإن الخطوط الإرشادية لما هو ذو قيمة تُرسى اجتماعيا عن طريق الحوار في مجتمع الباحثين – المعلمين.





الموضوعات


لقد كان واحد من أكثر الجوانب تشويقا وتجديدا بالنسبة لنا فيما يتعلق ببحوث المعلمين هو الأسئلة التي يثيرها المعلمون. وتأتي هذه الأسئلة، التي كثيرا ما تتحدى تحديا نقديا الادعاءات النظرية في الأدبيات، مباشرة من خبرات المعلمين. وقد أجرت كازدن وزملاؤها[41] مسحا لموضوعات بحوث المعلمين حول الكتابة. ووجدوا أن الدراسة ركزت على موضوعات مثل الحوارات الفردية بين المعلمين والطلاب، والمراجعة، والكتابة لاستكشاف المعنى (في سجلات التعلم، مثلا)، والكتابة في مجالات المواد ذات المحتوى، والعلاقات بين الكتابة الشخصية والمعلوماتية. وهذه الموضوعات، كما هو متوقع، تميل إلى التركيز على أفعال الطلاب والمعلمين وتفاعلاتهم.

ويشير بعض الباحثين إلى أن موضوعات معينة قد اُستبعدت من بحوث المعلمين. ويرى بريتر[42] أن هناك عدم قبول لفحص كيفية عمل العقل.[43] وينظر إلى الاستبعاد النظامي لموضوعات في علم النفس الإدراكي للكتابة على أنه قصور خطير في بحوث المعلمين، ويشير إلى أن العلم بموضوعات مثل نظم الكتابة. ونظام الإشارة ، على سبيل المثال ، يمكن أن يثبت أنها ذات قيمة كبيرة للمعلمين بطرق غير متوقعة. ويرجع بريتر عدم الميل إلى الموضوعات الإدراكية إلى "صدام الثقافات" بين الإنسانيات والعلوم الاجتماعية. ويقول:



إن التحالف الذي نشأ بين الباحثين – المعلمين والباحثين – الباحثين هو تحالف يقوم على إحساس
قوي بالقيم الإنسانية في التعبير الكتابي. إلا أنه على الأقل من جانب بعض الباحثين – الباحثين،

فإن هذا الإحساس يبدو أنه يصاحبه عدم الميل المشار إليه أنفا إلى الانغماس في كيفية عمل العقل.

وهم يرون في البحوث الإدراكية كل أنواع الإشارات الإرشادية والقيمية التي لا وجود لها هناك.[44]



كما يتنبأ بريتر أيضا بأن الباحثين – المعلمين المهتمين بدراسة الموضوعات المتعلقة بالإدراك باستخدام الطرق التجريبية سوف يشعرون بالاغتراب عن زملائهم. ولسوء الحظ، فإن هذا القلق ربما يكون له ما يبرره. غير أن اختيار الموضوعات التي يجب دراستها ينبغي أن يترك للمعلم، وليس شيئا يُفرض عليهم من خارجهم ومن أعلى. إذ إن الباحثين لا يسهمون في تسهيل دعم المعلمين عندما يملون الموضوعات وطرق البحث.

ولقد وجدنا من واقع خبرتنا أنه في حين يختار معظم المعلمين الذين يقومون بمشروعات بحث أوليِّة في إطار مقررات الدراسات العليا أن يفحصوا التفاعلات الصريحة بين المعلمين والطلاب، فإن بعضهم يهتم اهتماما كبيرا بفحص كيفية عمل العقل. وعلى سبيل المثال فقد قرر المؤلف الثاني لهذا الفصل استكشاف كيف أن ابنه البالغ من العمر ست سنوات، والناطق باللغة الصينية، والذي وصل لتوه إلى الولايات المتحدة فهم اللغة الإنجليزية. وعن طريق عرض شرائط فيديو لقصص بالرسوم المتحركة ناطقة بالإنجليزية ومناقشة فهمه للقصص باللغة الصينية، اكتشف لي كيف تناول العقل الصغير لابنه المُدخل الذي يبدو أنه غير قابل للفهم. واكتشف كيف توصل ابنه إلى استنتاجات تقوم على خبراته الثقافية في كل من الصين والولايات المتحدة.

وحتى لو اُستبعدت موضوعات معينة من بحوث المعلمين, فإن هذا الأمر لا يمثل لنا مشكلة. وكما يحدد الباحثون في الجامعات مجالات اهتمامهم الخاصة بهم (بعض الباحثين في اكتساب اللغة الثانية ربما لا يتناولون السياق الثقافي – الاجتماعي؛ وبعض الباحثين في الإثنوجرافيا ربما لا يكتبون عن النحو العمومي) فإن الباحثين – المعلمين يشقون مجالات البحث الخاصة بهم. وقد لا يثير المعلمون الأسئلة حول الموضوعات اللغوية المعروفة في النظرية، مثلا؛ بل إنهم يثيرون أسئلة تشير إلى العيوب والقصور في نظريات اكتساب اللغة الثانية، ويثيرون مجموعة من الأسئلة الثاقبة الأخرى التي لا تتناولها الأدبيات. ولا يمكن تجاهل أسئلة المعلمين ونظراتهم الثاقبة النابعة من جذور الخبرة، والإسهامات التي تنبع من وجهات نظرهم، ذلك أنها ينبغي أن تضيف إلى معلوماتنا جميعا وتثري كلا من التدريس والبحث.





أهداف الباحثين – المعلمين


إن أهداف الباحثين – المعلمين متعددة ومثيرة للجدل. وأحد الأهداف هو التنمية المهنية. ويمكن للبحث أن يكون قيِّما إلى أقصى حد لأفراد من المعلمين الذين يرغبون في تدبُّر تدريسهم وفي تحسينه، ومن ثم يحققون نموا في قدراتهم المهنية الشخصية. وما يتعلمونه من خلال البحث قد يؤثر في ممارستهم تأثيرا معينا، إذ قد يؤثر في اتجاهاتهم أو توقعاتهم بشأن قدرات طلابهم ونموهم، كما قد يؤثر البحث في المعلمين والطلاب بطرق مدهشة تماما تفصح عن نفسها إفصاحا مباشرا أو فقط بمرور الزمن. وكما قالت لنا إحدى المعلمات بعد الانتهاء من مشروع بحث أوَّلي حول كتابة المذكرات الحوارية التي يقوم بها البالغون : "ما تعلمته عن طلاب من مذكراتهم كان مثيرا للعقل تماما. إذ إنني لن أكون الشخص نفسه أبدا." وفيما يخص هذه المعلمة، كان النمو المهني هو الهدف، بالرغم من أنها وُجهت إليها الدعوة لاحقا لكي تقتسم ما توصلت إليه مع جمهور أعرض من معلمي الإنجليزية لغة ثانية للكبار.

والنمو المهني الشخصي هو أحد الأهداف المشروعة والمعتبرة. وفي حقيقة الأمر موَّل المجلس القومي لمعلمي اللغة الإنجليزية في عام 1990 بتمويل مشروعات بحوث للمعلمين تستهدف النمو الشخصي. أما تيسول (معلمو الإنجليزية للناطقين بلغات أخرى) فلم تقدم مثل هذه المنح. بل أعلنت تيسول عن منحة لمشروع بحث للمعلمين يتخذ قاعة الدرس أساسا له. والغرض من المنحة هو التعرف على الامتياز في التدريس من خلال البحث، وبخاصة البحث الذي يركز على الممارسات ومبادئ تعلم اللغة واستخدامها في قاعة الدرس. كما دعمت تيسول أيضا بحوث المعلمين والبحوث التعاونية عن طريق المطبوعات على المستويين المحلي والقومي.

إلا أنه فيما يتجاوز النمو الشخصي فإن الغرض من بحوث المعلمين مازال متعدد الأهداف. فعلى المستوى المحلي، لا يقتصر الأمر على إمكانية تحسين الفصل الخاص بالمعلم، بل يمكن للمشروعات أن تسفر عن تحسين المدرسة بأسرها. وعلى سبيل المثال فإن المشروعات يمكن أن تقدم دليلا قد يقنع القائمين على إدارة المدرسة بقيمة مداخل معينة للتعلم.

وعلى المنوال نفسه، وعلى مستوى أوسع، يمكن للمناطق التعليمية، ومعاهد تعليم اللغات، ومهنة تدريس اللغة الثانية بصفة عامة أن تتوقع الاستفادة من أكثر هذه البحوث تمتعا بالنظر الثاقب عندما يتبادلها المعلمون مع مجتمعات أكبر من خلال المؤتمرات، وجماعات الدعم، والنشرات الإخبارية، والبريد الإلكتروني، والكتب، والمقالات. ويمكن أن يكون الجمهور الموجهة إليه تقارير المشروعات هو المعلمين الآخرين بشكل أوَّلي، ولكن كثيرا من المنافحين عن بحوث المعلمين قد حاولوا قائلين بأن العالم الأكاديمي بحاجة أيضا إلى الاستماع لأصوات المعلمين[45]. ووجهة نظرنا أن مشروعات بحوث المعلمين تقدم لنا نظرات ثاقبة ذات فائدة لنا جميعا.

وهناك هدف آخر لبحوث المعلمين ألا وهو صبغ البحث بالصبغة الديمقراطية. إذ يشعر بعضهم أن حركة بحوث المعلمين قد ظهرت كرد فعل للبيئات الأكاديمية التي ينظرون إليها على أنها استبعادية وللصفوة، والتي لا تُطَوَّر فيها النظرية تطويرا ديموقراطيا. وعن طريق إجراء بحوثهم الخاصة، يمكن للمعلمين أن يسهموا في المعرفة بطريقتهم الخاصة. ولقد كان هناك سبب آخر متعلق بهذا السبب - ولكنه أكثر قوة- لإجراء المعلمين بحوثا وهو تحرير المعلمين. إذ عن طريق إثارة أسئلتهم هم وبحثها بطرقهم الخاصة، رأينا الكثير من المعلمين يكتسبون معنى جديدا لقدرتهم الإبداعية. وكما يقول ميللر[46] فإنهم يرون أنفسهم "مُتحَدِّين وخلاقين أكثر منهم مجرد ناقلين ومتلقين لكيفية بناء الآخرين للمعرفة."[47] وحينئذ يستطيع المعلمون ، وقد استندوا إلى ثقة جديدة من خلال المعرفة المكتسبة مباشرة ، أن يؤدوا أدوارا أقوى في بدء حوارات قصيرة وتغيير البنى التي يجدون أنها ثقيلة الوطأة على أنفسهم ، وعلى زملائهم ، وعلى طلابهم. وهذه البنى قد تتضمن مناهج مقررة ولكنها ذات نوعية فقيرة، وترتيبات انسحاب غير مُرضية، ونقص في المواد، أو ظروف عمل دون المستوى.

ومع ذلك، فإننا نستشعر في بعض الكتابات الحالية حول الحركة اتجاها لفرض مفهوم من التقوية على المعلمين. بمعنى أننا نسمع الباحثين يقولون إنه ينبغي للمعلمين أن يناضلوا من أجل تقوية أنفسهم. ونحن نشعر بأن كل موقف فريد. ففي الولايات المتحدة فإن ما يُعَدُّ أمرا من شأنه تحرير معلم لغة ثانية في مدرسة ثانوية قد يكون مختلفا اختلافا تاما عما يعد تحريرا لمعلم في معهد أو مركز لتعليم اللغة. وما هو أكثر مغزي من ذلك أن التحرير عن طريق بحوث المعلمين قد ينظر إليه نظرات مختلفة اختلافا تاما في الثقافات المختلفة. وسوف يكون من المدهش حقا أن نرى أن ما يُعد شيئا ذا قيمة في الولايات المتحدة لا يُعد كذلك في مجتمع آخر. ولابد من أن يحدد المعلمون أنفسهم مغزى بحوثهم وقيمتها ونتائجها، بما في ذلك دورها في تحرير المعلمين، وذلك في إطار أوضاعهم الثقافية – الاجتماعية الخاصة بهم، تماما مثلما أن القرار الخاص بإجراء بحوث من عدمه أمر متروك للمعلم.



ملاحظات



1. خذ، مثلا, المواقف المتغيرة للمعلمين ذوي الدراية بقضايا مثل الفروق بين الأطفال فيما يتعلق بالمرور بـ "فترة صمت" والفترة الزمنية اللازمة لتعلم لغة أخرى جيدا.

2. تشجع تيسول TESOL وفروعها بحوث المعلمين من خلال إتاحة منابر في نشراتها الإخبارية (مثل "استكشافات في بحوث المعلمين" في نشرتها الإخبارية AZ-TESOL , و "طرح الأسئلة" في نشرة تيسول الإخبارية. كما أن مجلة تيسول الجديدة, التي تختص بالتدريس وبحوث قاعة الدرس, تتيح منبرا آخر, وهو ماتتيحه الكتب أيضا (مثل بيتون, 1990).

















--------------------------------------------------------------------------------

[1] Cochran-Smith & Lytle, 1990, p. 2,

[2] Cochran-Smith & Lytle, 1990; Miller, 1990.

[3] Miller, 1990: van Lier, 1990.

[4] Nunan, 1989.

[5] Gibson, 1987.

[6] Johnson, 1987.

[7] Van Lier, 1990.

[8] Stenhouse, 1975.

[9] P.174.

[10] Brodkey, 1987; Miller, 1990; Schubert, 1990.

[11] Bissex, 1986.

[12] Bissex, 1986, p.483.

[13] Bissex, 1986, p.483.

[14] Cochran-Smith & Lytle, 1990.

[15] P.3.

[16] Casden, Diamondstone, and Nasso, 1989.

[17] P.2.

[18] Miller, 1990, pp, 73-74.

[19] Greetz, 1984.

[20] Cochran-Smith & Lytle, 1990.

[21] Heath and Branscombe, 1985.

[22] Edelsky and Smith, 1984.

[23] Cochran-Smith & Lytle, 1990, p.3.

[24] Lunsford and Ede, 1990.

[25] P.235.

[26] 1990.

[27] Hawkin, 1988.

[28] Hymes, 1981.

[29] Carrasco’ 1981.

[30] Cochran-Smith & Lytle, 1990.

[31] Erikson, 1986.

[32] Peyton & Mackinson, 1989.

[33] Eisner, 1985.

[34] Denzin, 1989.

[35] Bereiter, 1989.

[36] Cochran-Smith & Lytle, 1990.

[37] Myers, 1985.

[38] P.5.

[39] Smith, 1987; Grabe & Kaplan, 1989.

[40] Gibson, 1987.

[41] Cazden and her colleagues, 1989.

[42] Breeiter, 1989.

[43] P.8.

[44] Breeiter, 1989, p.8.

[45] Cochran-Smith & Lytle, 1990.

[46] Miller, 1990.

[47] P.3.