حكايات صينية

شاو هوا: كيف تلتهم الثعابين الضفادع



يقال إنه كلما كانت الكلمات مُبالِغة في الرقة كان قائلها لا يعنيها.

ويقال إن الثعابين تبتلع الضفادع ، وهذا غير صحيح على الإطلاق ، لأن فم الثعبان لا يمكنه أن يبتلع في حقيقة الأمر. وما يحدث في الواقع هو هذا :

كان ثعبان مُرَقَّش يحتمي من حرارة الجو بين جذور شجرة عجوز عندما رأى ضفدعة قادمة. "أهلا أيتها الضفدعة" هكذا ابتدرها قائلا وهو يبتسم. وأضاف : "إن ذلك الجلد الأصفر الجميل يجعلك تبدين كما لو كنت قد صُنعت من ذهب !"

وَنَقَّت الضفدعة وقفزت مسافة طويلة.

ومضى الثعبان يقول : "ويا صديقتي العزيزة ، مع كل هذه البقع الخضراء الجميلة ربما كنت مُرَصَّعة بالجواهر !"

ونقت الضفدعة وقفزت في خيلاء.

"ما أبدع الطريقة التي تجثمين بها على ورقة اللوتس." واستمر الثعبان في قوله : "إنك أكثر سحرا من زهرة اللوتس !"

ونقت الضفدعة وقفزت في حياء.

ومضى الثعبان يقول : "كما أنني أسمع أيضا أنك يمكنك أن تحشري نفسك خلال أصغر الفتحات. انظـري إلى كل تـلك الانحناءات في أمعائي. لماذا لا تُرينني كيف تفعلين ذلك ؟"

وفتح الثعبان فمه ، ونقت الضفدعة وقفزت في رشاقة داخلة إياه.



لو دهوا : ثعلب ضد ثعلب



كان ثعلب عجوز يسير في إعياء خلال التلال. فقد كان يجري هنا وهناك طوال اليوم دون أن يأكل أي شيء. وكان الجوع يعذبه.

وفجأة التقى مصادفة بثعلب صغير السن كان قد اصطاد طائرا وكان على وشك التهامه. وكان بإمكان الثعلب العجوز أن يتقدم للاشتراك في الوليمة مباشرة ، ولكنه رأى أن الثعلب الصغير كان يُحكم الإمساك بفريسته وكان يزمجر ويحملق كما لو كان يُبدي استعداده للقتال حتى الموت. "إن الاقتتال لن يؤدي بي إلى شيء" هكذا فكر الثعلب العجوز. "من الأفضل أن استخدم ذكائي."

وتراجع مسافة ، وأخيرا هداه تفكيره إلى خطة. وبدأ يتنهد معبرا عن سخطه. ونظر الثعلب الصغير بينما ينتف ريش الطائر إلى الثعلب العجوز وسأله : "ما ذا ترمي إليه من هذا ؟ إنك جائع وتريد بعضا منه ، أليس كذلك ؟"

فقال الثعلب العجوز : "إنني فقط أعتقد أنك عارٌ على الثعالب." ومضى يقول في تؤدة ، وهو يرقب الثعلب الصغير وهو ينشب مخالبه في صدر فريسته : " في حقيقة الأمر ، لقد تسببت في أن نفقد سمعتنا."

وَرَدَّ الثعلب الصغير بسرعة وهو يمضغ اللحم قائلا : "ماذا تعني بقولك عار على الثعالب؟ إنني لن أقدم لشهرتنا خيرا كثيرا إذا أعطيتك ما اصطدته أنا، أليس كذلك . "

فقال الثعلب العجوز في ثقة ، وقد لاحظ في قلق أن الثعلب الصغير قد انتهى من التهام الصدر: "ما أريد قوله هو أن الثعالب ينبغي أن تكتفي باصطياد حيوانات الحقول مثل الأرانب البرية والفئران ، وأن تدع الطيور وشأنها."

"لا يمكنني أن أجد سببا لذلك" قال ذلك الثعلب الصغير ، وهو يبدأ في التهام إحدى القدمين. وأضاف : "إن الطيور حيوانات جميلة جدا ولحمها يحبه الجميع." عندئذ قال الثعلب العجوز في حزم ، وقد ساءه أن يرى أن كلتا القدمين قد اختفتا : "وماذا تقول جميع الحيوانات الأخرى في التلال إذا ما آذينا الطيور ؟"

"يمكنهم أن يقولوا ما يحلو لهم"، قال الثعلب الصغير في رضى عن نفسه وهو يُعمل أنيابه في فخذ سمين ويتلمظ قطعا من اللحم. وأضاف : "كل ما أعرفه هو أن طعمها رائع ، ولتقل أنت ما شئت."

"توقف عن الأكل ! إنه سام ! "، هكذا صاح الثعلب العجوز ، وهو يندفع إلى الأمام في الوقت الذي كان مازال هناك بعض اللحم. "لا تأكله كله وإلا فإنك ستلقي حتفك !"

ووقف الثعلب الصغير مشدوها للحظة ، ثم أتى على الطائر ، ورقد في استرخاء على الحشائش وقال : "إن الموت السريع هو ما يستحقه من هو عار على الثعالب ، وليس لأن هذا من شأنه تحسين سمعتنا على أية حال."

وبالرغم من كل الذكاء الذي يتمتع به الثعلب العجوز فإنه لم يتمكن أبدا من الحصول على قطعة واحدة من لحم الطائر وذلك لأن خصمه كان ثعلبا هو أيضا.

تشنج نايخيانج : ذيل الكلب البني*



رأى أحد الجزارين في السوق الكلب البني وهو يسرق اللحم فجرى وراءه وقطع ذيله.

وهكذا أصبح الكلب ذا مؤخرة عارية. وكان أصدقاؤه يتعجبون ويتحدثون عما حدث له.

ولاحظ الكلب البني أنهم كانوا يتصرفون بشكل غريب ، لذا فقد ابتدرهم قائلا : "لدي شيء مهم جدا أود أن أخبركم به" قال ذلك في جدية وأضاف : "صباح أمس قطعت ذيلي الذي لا ضرورة له ، بالرغم من الألم المبرح الذي سببه لي ذلك."

"لقد كان ذيلا جميلا جدا. لماذا أردت قطعه ؟" سأله الكلب الأسود ، وهو يشعر بالحيرة.

"ظننت أنه ، بالنسبة لكلب ، فإن الذيل لم يكن ضروريا. وأضاف الكلب البني بحرص تدرب عليه : "فلو رفعته فإنهم يقولون إنك مغرور ، أما لو دسسته بين رجليك فإنهم يقولون إنك تضمر السوء ؛ ولو هززته فإنهم يقولون إنك تتلمس الإحسان. ولقد توصلت إلى نتيجة أنه كان عائقا وقررت أن أقطعه. والآن فإنهم لا يمكنهم أن يقولوا أي شيء !"

وكان الكلب البني مازال في قمة زهوه عندما قاطعه الكلب المنقط قائلا بصوت عال : "ومتى أدركت أنه كان عبئا أثقل من أن تتحمله؟"

"لقد كان ذلك ـ إيه ـ فلأَر ـ هل تعرف ، لا يمكنني أن أتذكر بالضبط."

"دعني أُنَشِّط لك ذاكرتك" قال الكلب المنقط ، وقد كشف حيلة الكلب البني. "أعتقد أنه أصبح عبئا عليك في اليوم نفسه الذي أُجريت لك فيه عملية جراحية كبرى بسبب سرقتك اللحم في السوق !"

وجعلت هذه الكلمات جميع الكلاب ينفجرون في الضحك ، وجرى الكلب البني منكسا رأسه ، وقد لاحظ وهو يتلفت حوله أن بقية ذيله المقطوع قد احمر خجلا!



جاو لي : حتى لا ينسى شيئا



"فلتخبروني إذا اقترفت أي خطأ"، هكذا كان زيتو يقول لأصحابه، "حتى أستطيع أن أصحح أخطائي وأن آخذ حذري."

وسعدت زوجته بسماع ذلك فقالت : "لم أحب أن أذكر لك ، ولكن هل يمكنني أن أقترح عليك أن تساهم في أعمال المنزل ؟ على سبيل المثال فإنني ليس بمقدوري أن أحمل كل كمية الأرز التي يجب عليَّ أن أشتريها. إن ابن عمك دائما يحمله لأسرته بنفسه."

"يا بابا" قال ابنه الصغير "إنك دائما تُسقط الطعام عندما تأكل ، مثلي تماما. ويالـها من خسارة !"

"لا أريد أن أؤذي شعورك" ، قال جاره. "ولكنك تسلك طريقا عبر حقل القمح الخاص بي. وإني لأتساءل عما إذا كان من الممكن أن تدور حوله ؟"

وابتسم زيتو ودوَّن كل ذلك بمنتهى الدقة في دفتره.

"أنتم على حق تماما !" هكذا كان يقول لنفسه طوال الوقت. "ينبغي أن أكون مهذبا مع النساء ، وألا أُسقط الطعام ، وألا أُفسد المحاصيل. ينبغي أن أفعل ذلك دون أية مشاكل."

وبعد ذلك بقليل ذهبت زوجته إلى بيت أمها وعادت متأخرة على وقت طهي الطعام. وفقد زيتو صوابه في الحال قائلا : "إن ضعفك لم يمنعك من إضاعة الوقت خارج البيت ، أليس كذلك أيتها المرأة ؟ من الواضح أنك تكاسلت عن شراء اللوازم من السوق !"

ونسى ابنه جملة في درسه فجلده مباشرة. "لا تستطيع أن تتذكر الكلمات ، هه ؟ ومع ذلك فإنك تتذكر عندما يسقط مني القليل من الطعام. سوف أعلمك كيف تتورم قدماك فلا تدخلان في حذائك !"

وبمجرد أن ذهب جاره إلى المدينة لشراء بعض الحاجات ، أطلق زيتو خرافه في حقل القمح فأتت على المحصول.

وأخذ زيتو يتأمل الحقل قائلا : "هذا هو جزاء ثرثرتك !"

ومنذ ذلك الحين كان زيتو يبتسم دائما ويحمل كراسة يدون فيها النقد الموجه إليه. ولم يُرد أحد أن يجلب لنفسه المتاعب ، فقد أصبح معروفا للجميع أن لديه ذاكرة قوية فيما يتعلق بمن ينكر عليه أمرا.







--------------------------------------------------------------------------------

* نُشرت في جريدة الندوة , 14 صفر 1416 هـ.