آخـــر الـــمـــشـــاركــــات

+ الرد على الموضوع
النتائج 1 إلى 5 من 5

الموضوع: ترجمة مسرحية "خطاب لورد بايرون الغرامي" لتنيسي ويليامز

  1. #1
    أستاذ علم اللغة - قسم اللغة الإنجليزية
    كلية اللغات والترجمة - جامعة الأزهر
    الصورة الرمزية Prof. Ahmed Shafik Elkhatib
    تاريخ التسجيل
    27/09/2006
    المشاركات
    1,295
    معدل تقييم المستوى
    19

    افتراضي ترجمة مسرحية "خطاب لورد بايرون الغرامي" لتنيسي ويليامز

    خطاب لورد بايرون الغرامي

    مسرحية من فصل واحد

    للكاتب الأمريكي تنيسي ويليامز*



    الشخصيات :

    العانس

    المرأة العجوز

    الزبونة

    الزوج

    قاعة الاستقبال في منزل قديم حائل اللون في الحي الفرنسي في نيو أورليانز[1] في أواخر القرن التاسع عشر. تفتح أبواب الحجرة ذات المصاريع مباشرة على الرصيف ، ويمكن سماع الضوضاء المنبعثة عن احتفالات ثلاثاء المَرْفَع[2] على نحو خافت. الداخل مظلم جدا. وإلى جوار مصباح يحيط به غطاء وردي اللون ، تقوم العانس ، وهي امرأة في الأربعين من عمرها ، بالحياكة. وفي الركن المقابل ، تجلس المرأة العجوز دون حراك على الإطلاق ، وهي ترتدي فستانا حريريا أسود اللون. يدق جرس الباب.

    العانس:[وهي تنهض] من المحتمل أنه شخص جاء ليلقي نظرة على الخطاب.

    المرأة العجوز: [تنهض مستندة على عصاها] أعطيني بعض الوقت لكي أتوارى. [تنسحب تدريجيا إلى خلف الستار. مازال يمكن رؤية إحدى يديها اللتين تشبهان المخالب ، وهي تمسك بستار فاتحة إياه قليلا حتى يمكنها أن ترقب الزوار. تفتح العانس الباب ، وتدخل الزبونة ، وهي امرأة في منتصف العمر ، إلى الحجرة.]

    العانس : هلاَّ تفضلت بالدخول ؟

    الزبونة : شكرا لك.

    العانس : هل أنت من خارج المدينة ؟

    الزبونة : أوه ، نعم ، لقد أتينا من بعيد ، من ميلووكي. لقد حضرنا من أجل احتفالات ثلاثاء المَرْفَع ، زوجي وأنا. [فجأة تلاحظ طائر كناريا محشورا في قفص صغير قرنفلي وعاجي اللون.] أوه ، هذا الطائر الصغير المسكين في مثل هذا القفص الصغير ! إنه أصغر من أن يوضع فيه طائر كناريا !

    العانس : إنه ليس طائر كناريا حيا.

    المرأة العجوز : [من خلف الستائر] لا. إنه مُحنَّط.

    الزبونة : أوه. [تلمس بوعي منها لنفسها طائرا محنطا على قبعتها.] إن ونستون بالخارج يتسكع في الشارع ، خشية أن يفوته الموكب. إن الموكب يمر من هنا ، أليس كذلك ؟

    العانس : نعم ، لسوء الحظ أنه يمر من هنا.

    الزبونة : لقد لاحظت لافتتكم الموضوعة على الباب. هل صحيح أن لديكم أحد خطابات لورد بايرون الغرامية ؟

    العانس : نعم.

    الزبونة : كم هذا مثير للاهتمام ! وكيف حصلتم عليه ؟

    العانس : لقد كُتب إلى جدتي ، أيرينيه مارجريت دى بويتفنت.

    الزبونة : كم هذا مثير للاهتمام ! وأين قابلتْ لورد بايرون ؟

    العانس : على دَرَج الأكروبول في أثينا.

    الزبونة : كم هذا مثير للاهتمام جدا ! إنني لم أكن أعرف أن لورد بايرون قد زار اليونان على الإطلاق.

    العانس : لقد قضي لورد بايرون السنوات الأخيرة من حياته المضطربة في اليونـان.

    المرأة العجوز : [وهي مازالت خلف الستائر] لقد نُفي من إنجلترا !

    العانس : نعم ، لقد ذهب من إنجلترا إلى منفى اختياري.

    المرأة العجوز : بسبب إشاعات فاضحة في محكمة رجنت.

    العانس : نعم ، بشأن أخته غير الشقيقة !

    المرأة العجوز : لقد كان هذا غير صحيح ـ تماما.

    العانس : إنه أمر لم يتأكد أبدا.

    المرأة العجوز : لقد كان رجلا عاطفيا ولكنه لم يكن رجلا شريرا.

    العانس : إن الأخلاق أمور غامضة ، فيما أظن.

    الزبونة : هلاَّ أتت السيدة التي خلف الستائر ؟

    العانس : عليك أن تعفيها من ذلك. إنها تفضل أن تظل بالداخل.

    الزبونة : [بجفاء] أوه. أفهم ذلك. وماذا كان لورد بايرون يفعل في اليونان ، إذا جاز لي السؤال ؟

    المرأة العجوز : [بفخر] يقاتل من أجل الحرية !

    العانس : نعم ، لقد ذهـب لـورد بيرون إلى اليـونان لينضم إلـى القوات التي قاتلت الخونة.

    المرأة العجوز : لقد ضحى بحياته دفاعا عن قضية الحرية العالمية !

    الزبونة : ماذا كان ذلك الذي قالته ؟

    العانس : [وهي تكرر بصورة تلقائية] لقد ضحى بحياته دفاعا عن قضية الحرية العالمية.

    الزبونة : أوه ، كم هذا مثير للاهتمام !

    المرأة العجوز : كما أنه عبر نهر الهلسبونت سابحا.

    العانس : نعم.

    المرأة العجوز : وحرق جثمان الشاعر شللي الذي غرق إثر عاصفة في البحر المتوسط ومعه كتاب يضم قصائد لكيتس في جيبه !

    الزبونة : [غير مصدقة] ماذا قلتِ ؟

    العانس : [تكرر] وحرق جثمان الشاعر شللي الذي غرق إثر عاصفة في البحر المتوسط ومعه كتاب يضم قصائد لكيتس في جيبه.

    الزبونة : أوه ، كم هذا مثير للاهتمام ، جدا ! حقا . بودي كثيرا لو سمع زوجي هذا. هل تمانعين في أن أخرج للحظة لكي أناديه ؟

    العانس : تفضلي. [تخرج الزبونة بسرعة ، وهي تنادي "ياونستون ! ونستون !"]

    المرأة العجوز : [وهي تطل برأسها للحظة] راقبيهما جيدا ! لا تبعدي عينيك عنهما !

    العانس : حاضر. اهدئي. [تعود الزبونة مع زوجها الذي كان يحتسي الخمر ويرتدي قبعة ورقية تناثرت عليها قصاصات من الورق الملون.]

    الزبونة : يا ونستون ، فلتخلع تلك القبعة. اجلس على الأريكة. إن هاتين السيدتين سوف ترياننا خطابا غراميا من لورد بايرون.

    العانس : هل أستمر ؟

    الزبونة : أوه ، نعم. هذا ــ إه ــ زوجي ــ السيد تاتوايلر.

    العانس : [ببرود] تشرفنا.

    الزبونة : وأنا السيدة تاتوايلر.

    العانس : بالطبع . فلتظلي في مكانك من فضلك.[3]

    الزبونة [بعصبية] لقد كان ــ يحتفل قليلا.

    المرأة العجوز : [وهي تهز الستار الذي تختفي وراءه] اطلبي منه من فضلك أن ينتبه إلى السيجار الذي معه.

    العانس : أوه ، هذا لا بأس به ، يمكنك أن تستخدم هذه السلطانية لتضع فيها الرمـاد.

    المرأة العجوز : إن التدخين عادة غير ضرورية !

    الزوج : ماذا ؟

    الزبونة : هذه السيدة كانت تحكي لنا كيف أن جدتها قابلت لورد بايرون مصادفة. في إيطاليا ، أليس كذلك ؟

    العانس : لا.

    المرأة العجوز : [في صرامة] في اليونان ، في أثينا ، على دَرَج الأكروبول ! لقد ذكرنا ذلك مرتين ، على ما أظن. يا أريادني ، يمكنك أن تقرأي لهما فقرة من المذكرات أولا.

    العانس : حاضر.

    المرأة العجوز : ولكن من فضلك كوني حذرة بشأن ما تختارين قراءته !

    [وكانت العانس قد أخذت من الخزانة دفترا ملفوفا في قماش رقيق ومربوطا بشريط.]

    العانس : مثلها مثل كثير من الفتيات الأمريكيات الصغيرات الأخريات في تلك الأيام وهذه الأيام ، ذهبت جدتي إلى أوروبا.

    المرأة العجوز : في السنة السابقة لتلك التي كان سيتم فيها تقديمها للمجتمع !

    الزبونة : كم كانت سنها ؟

    المرأة العجوز : في السادسة عشرة ! لم تكد تبلغ السادسة عشرة ! لقد كانت جميلة جدا ، أيضا ! من فضلك أريها الصورة ، أري هؤلاء الناس الصورة ! إنها في مقدمة المذكرات. [تنزع العانس الصورة من الدفتر وتناولها للزبونة.]

    الزبونة : [وهي تلقي نظرة] يالها من شابة جميلة. [وهي تعطيها لزوجها] ألا تعتقد أنها تشبه أجنس قليلا ؟

    الزوج : آه.

    المرأة العجوز : انتبهي يا أريادني ! عليك أن تراقبي ذلك الرجل . أعتقد أنه كان يشرب خمرا. إنني أعتقد بشدة أنه كان ــ

    الزوج : [بطريقة لاذعة] نعم ؟ ماذا تقول تلك التي هناك ؟

    الزبونة : [وهي تلمس ذراعه محذرة] يا ونستون ! اصمت !

    الزوج : إه !

    العانس : [بسرعة] قرب نهاية جولتها ، ذهبت جدتي وعمتها إلى اليونان ، لدراسة الآثار القديمة لأقدم حضارة.

    المرأة العجوز : [مصححة] أقدم حضارة أوروبية.

    العانس : لقد كان في الصـباح الباكـر من أحد أيام شـهر إبريل سنة ألف وثمانمائة و ــ

    المرأة العجوز : وسبعة وعشرين !

    العانس : نعم ، في مذكرات جدتي تذكر أن ــ

    المرأة العجوز : اقرأيها ، اقرأيها ، اقرأيها.

    الزبونة : نعم ، من فضلك اقرأيها لنا.

    العانس : إنني أحاول أن أجد المكان ، إذا صبرتم عليَّ.

    الزبونة : بالتأكيد ، معذرة. [تلكز زوجها الذي يومئ برأسه من النعاس.] ياونستون!

    العانس : آه ، ها هو ذا.

    المرأة العجوز : خذي حذرك ! تذكري أين تتوقفين ، يا أريادني !

    العانس : صه ! [تعدل من وضع نظارتها وتجلس إلى جوار المصباح] "لقد خرجنا مبكرين في ذلك الصباح لنتفرج على بقايا الأكروبول. أعرف أنني لن أنسى مطلقا كم كان الجو نقيا على غير العادة في ذلك الصباح. فبدا الأمر كما لو كان العالم ليس قديما جدا ، ولكن حديث العهد جدا ، جدا ، تقريبا كما لو كان العالم قد خُلق لتوه. لقد كان هناك مذاق من البكور في الجو ، شعور بالجدة ، ينعش حواسي ، ويرفع من روحي. كيف أقول لك يا مذكرتي العزيزة ، كيف بدت السماء ؟ لقد كانت تقريبا كما لو كنت قد بللت طرف قلمي في وعاء ضحل مملوء باللبن. كم كان اللون الأزرق لطيفا في قبة السماوات. كانت الشمس لم تكد تشرق بعد ، وعبث نسيم متردد بأطراف وشاحي ، وبالريشات على القبعة الرائعة التي كنت قد اشتريتها من باريس وجعلتني أنتشي فخرا كلما كنت أراها وقد انعكس ظلها على الأرض ! الصحف في ذلك الصباح ، لقد قرأناها ونحن نتناول القهوة قبل أن نغادر الفندق ، وتحدثنا عن احتمال نشوب الحرب ، ولكنها بدت غير ممكنة الحدوث ، غير حقيقية : لم يكن أي شيء حقيقيا ، حقا، فيما عدا سحر القِدَم الثمين والعاطفة الوردية اللون الذي كانت تتنفسه تلك المدينة الخرافية."

    المرأة العجوز : دعكِ من هذا الجزء ! انتقلي إلى حيث تقابله !

    العانس : نعم. ... [تقلب عدة صفحات وتواصل.] "من ألسنة القدماء ، الأصوات الغنائية لشعراء من أزمنة غابرة حلموا بعالم المثل العليا ، والذين كانت في قلوبهم الصورة النقية والمطلقة ــ"

    المرأة العجوز : دعك من هذا الجزء !انتقلي إلى حيث ــ

    العانس : نعم ! هنا ! فلتدعينا دون مزيد من المقاطعة ! "لقد توقفت المركبة عند سفح التل ، وحدث أن خالتي ، التي لم تكن على مايرام تماما ــ"

    المرأة العجوز : لقد كانت تعاني من ألم في حلقها في ذلك الصباح.

    العانس : "فَضَّلَتْ أن تبقى مع السائق بينما قمت أنا بالصعود المنحدر إلى حد ما على قدميَّ. وبينما كنت أصعد الدرجات الطويلة والمتداعية للسلالم الحجرية القديمة ــ"

    المرأة العجوز : نعم ، نعم ، هذا هو المكان ! [تنظر العانس إلى أعلى في ضيق. تقرع عصا المرأة العجوز في نفاد صبر خلف الستائر] استمري ، يا أريادني!

    العانس : "لم يكن بوسعي تجنب أن أرى فوق رأسي بصورة مستمرة رجلا كان يمشي وهو يعرج بشكل لا يكاد يُلاحظ ــ"

    المرأة العجوز : [في تعجب مكتوم] نعم ــ لورد بايرون !

    العانس : "ــ وبينما كان يستدير من حين إلى آخر ليشاهد أسفل منه المنظر البديع ــ"

    المرأة العجوز : في الواقع لقد كان ينظر إلى الفتاة التي خلفه !

    العانس : [بحدة] هلاَّ تركتني من فضلك انتهى من مهمتي ؟ [ليس هناك رد من خلف الستائر ، وتستمر في القراءة.] لقد انبهرت بصورة لا يمكن مقاومتها من النبل غير المعتاد ومن دقة ملامحه ! [تقلب صفحة]

    المرأة العجوز : أكثر رجل وسامة سار على وجه الأرض ! [تؤكد كلامها بثلاث قرعات بطيئة ولكنها عالية من عصاها]

    العانس : [في اهتياج عصبي] "إن قوة ورشاقة رقبته ، مثل تلك التي تميز تمثالا ، الخطوط العريضة الكلاسيكية لهيئته الجانبية ، الشفاه الحساسة وفتحات الأنف المنتفشة قليلا ، خصلة الشعر السوداء التي سقطت على جبهته بشكل ــ"

    المرأة العجوز : [وهي تقرع عصاها بسرعة] دعك من هذا ، إنه يستغرق صفحات.

    العانس : "... وعندما وصلنا إلى أقصى قمة الأكروبول مد ذراعيه بإشارة عظيمة رائعة مثل إله شاب. والآن ، هكذا فكرت في نفسي ، لقد أتى أبوللو[4] إلى كوكب الأرض في لباس حديث."

    المرأة العجوز : استمري ، دعك من هذا ، انتقلي إلى حيث تقابله !

    العانس : "ولما كنت أخشى أن أقطع عليه وحيه الشعري ، فقد أبطأت خطوي وتظاهرت بأنني أرقب المنظر. واحتفظت ببصري مُحَوَّلا عنه بعناية إلى أن فرض عليَّ ضيق الدرجات أن أقترب منه."

    المرأة العجوز : وبالطبع فقد تظاهر بأنه لا يرى أنها كانت قادمة !

    العانس : "ثم أخيرا واجهته."

    المرأة العجوز : نعم !

    العانس : "والتقت أعيننا !"

    المرأة العجوز : نعم ! نعم ! هذا هو الجزء !

    العانس : "وحدث شيء بيننا لم أفهمه ، فقد سرت في كياني كله ومضة إدراك ! مما لوَّن ــ "

    المرأة العجوز : نعم ... نعم ، هذا هو الجزء !

    العانس : "مُعذرة" ، هكذا صاح ، "لقد سقط منك قفازك !" ومما أثار دهشتي حقا أنني اكتشفت أن هذا قد حدث بالفعل ، وبينما كان يعيده إليَّ ، ضغطت أصابعه بخفة شديدة على تجويفيِ كَفَّىَّ."

    المرأة العجوز : [بصوت أجش] نعم ! [وأخذت أصابعها الهزيلة تمسك بالستار في مكان أعلى ، كما تظهر اليد الأخرى أيضا ، فتوسع قليلا من انفراج الستار]

    العانس : "صدقيني ، يا مذكرتي العزيزة ، لقـد خارت قـواي وأصبحت لاهثة الأنفاس ، حتى أنني كدت أتساءل عما إذا كان بإمكاني مواصلة تجولي وحدي خلال الآثار. وربما أكون قد تعثرت ، وربما أكون قد ترنحت قليلا. فاستندت للحظة على جانب أحد الأعمدة. وبدت الشمس ساطعة بصورة مخيفة لدرجة أنها كانت تؤذي عينيَّ. وخلفي وعلى مقربة مني سمعت ذلك الصوت مرة أخرى ، وكدت أشعر بأنفاسه علي ــ"

    المرأة العجوز : توقفي هنا ! هذا يكفي ! [تغلق العانس المذكرات]

    الزبونة : أوه ، هل هذا كل ما هناك ؟

    المرأة العجوز : هناك قدر كبير من المزيد مما لا يمكن قراءته على الناس.

    الزبونة : أوه.

    العانس : أنا آسفة. سوف أريكما الخطاب.

    الزبونة : كم هذا لطيف ! إنني أتحرق شوقا لرؤيته ! يا ونستون ؟ فلتعتدل في جلستك !

    [وكان قد استسلم للنوم تقريبا. وتُخرج العانس من الخزانة لفافة صغيرة أخرى تفتحها. تضم اللفافة الخطاب. تناوله إلى الزبونة التي تبدأ في فتحه]

    المرأة العجوز : انتبهي ، انتبهي ، لا يمكن لتلك المرأة أن تفتح الخطاب !

    العانس : لا ، لا ، من فضلك ، ينبغي ألا تفعلي. إن محتويات الخطاب خاصة بصورة قاطعة. سوف أمسك به هنا على مسافة قريبة حتى يمكنك أن تري الكتابة.

    المرأة العجوز : ليس قريبا جدا ، إذ إنها ترفع نظارتها !

    [تخفض الزبونة نظارتها بسرعة]

    العانس : بعد ذلك بوقت قصير قُتل بايرون.

    الزبونة : وكيف مات ؟

    المرأة العجوز : لقد قُتل في خضم الأحداث ، وهو يدافع عن قضية الحرية !

    [تنطق هذا بقوة شديدة حتى أن الزوج يفزع]

    العانس : عندما تلقت جدتي خبر موت لورد بايرون في المعركة ، اعتزلت العالم وظلت في عزلة تامة طوال ما تبقى من حياتها.

    الزبونة : تؤ ـ تؤ ـ تؤ ! يا للفظاعة ! أعتقد أن هذا كان حماقة منها.

    [تقرع العصا في غضب خلف الستار]

    العانس : إنك لا تفهمين. عندما تكتمل حياة إنسان ما فإنها ينبغي أن تُعزل بعيدا. إذ أنها مثل سونيتة[5]. فعندما تكتبين الدوبيت[6] الأخير ، فلماذا تذهبين أبعد من ذلك ؟ إنك فقط تدمرين الجزء الذي كُتب بالفعل !

    المرأة العجوز : اقرأي لهما القصيدة ، السونيتة التي كتبتها جدتك إحياء لذكرى لورد بايرون.

    العانس : هل تبالين بهذا ؟

    الزبونة : نحن نحب ذلك ــ حقا !

    العانس : إنها تسمى السِّحْر.

    الزبونة : [بتعبير عن النشوة] آ آ ه ه ه !

    العانس : [تقرأ] موسم ساحر ! استغرقتُ في التفكير. وأزجيت وقت فراغي وبدا الزمان نفسه ، بطرقه التي كانت على غير هدى فيما مضى وقد نسيته لفترة قصيرة ، ظل هنا وابتسم ، وقد وقع في شِبَاك الأيام الزرقاء والذهبية.

    المرأة العجوز : ليست زرقاء وذهبية ـ أيام ذهبية وزرقاء سماوية !

    العانس : وقد وقع في شباك ـ الأيام الذهبية والزرقاء السماوية ! ولكن كانت تعوزني الفطنة لكي أفهم كم كان يسير الزمان وأنت ، إلى التشرد ــ

    [تبدأ المرأة العجوز في الاشتراك في القراءة بصوت أجش. يمكن سماع موسيقى خافتة تعزفها فرقة] حتى أنه مع لمسة القمر في أحد أيام أكتوبـر من سحر الصيف الهادئ يمكنك أن تنطلق !

    المرأة العجوز : [تزداد حدة صوتها نتيجة لحدة مشاعرها فتصبح أعلى من صوت العانس] هل تظنين أن حبك مكتوب على روحي بالطباشير ، ويمكن أن تزيله دموع الفراق القليلة ؟ إذن فأنت لا تدرك بأية خطوة بطيئة أسير الطريق العقيم لتلك السنوات الشتوية ـ حياتي عبارة عن فترة اختفت ، قوقعة جدرانها هي قُبلتك الأولى ـ ووداعك الأخير !

    [الفرقة التي تقود الموكب، بدأت في التحرك في الشارع ويأخذ صوتها في الارتفاع بسرعة. وتمر مثل السنوات الطائشة المضطربة. ]الزوج ، وقد أفاق من سُباته ، يندفع إلى الباب]

    الزبونة : ما هذا ؟ ما هذا ؟ الموكب ؟ [يضع الزوج القبعة الورقية على رأسه ويندفع متجها إلى الباب]

    الزوج : [عند الباب] هيا بنا يا ماما ، سوف يفوتك !

    العانس : [بسرعة] نحن عادة نقبل ـ هل تفهمين ؟ ـ مبلغا صغيرا من المال ، فقط أي شيء تظنين أنه يمكنك الاستغناء عنه.

    المرأة العجوز : أوقفيه ! لقد خرج ! [كان الزوج قد هرب إلى الشارع. يدوي صوت الفرقة الموسيقية من خلال الباب]

    العانس : [وهي تمد يدها] من فضلك ـ دولار …

    المرأة العجوز : خمسون سنتا !

    العانس : أو ربع دولار !

    الزبونة : [لا تلقي بالا إليها] أوه ، يا إلهي ـ يا ونستون ! لقد اختفى في الزحام! ونستون ـ ونستون ! معذرة ! [تندفع خارجة إلى عتبة الباب] ونستون! أوه ، يا إلهي ، لقد انطلق مرة ثانية !

    العانس : [بسرعة] نحن عادة نقبل القليل من النقود لقاء عرض الخطاب. أي شيء تشعرين أنه بإمكانك أن تمنحيه. في واقع الأمر إن هذا هو كل ما نعيش عليه !

    المرأة العجوز : [بصوت عالٍ] دولار واحد !

    العانس : خمسون سنتا ـ أو ربع !

    الزبونة : [متناسية ، عند الباب] ونستون ! ونستون ! أياما سعيدة. إلى اللقاء! [تندفع خارجة إلى الشارع. تتبعها العانس إلى الباب ، وتحمي عينيها مـن الضوء وهي تتبع الزبونة ببصرها. تيار من قصاصات الورق الملون يُلقى عبر مدخل الباب في وجهها. تدق الطبول بشدة. تدفع الباب بقوة وتغلقه بالمزلاج]

    العانس : الغوغاء ! ... الرعاع !

    المرأة العجوز : ذهبا ؟ دون دفع ؟خدعانا ؟

    [تفتح الستار]

    العانس : نعم ـ الرعاع ! [تنزع خيط الورق الملون بغضب من على كتفها. تخرج المرأة العجوز من خلف الستائر ، وهي متصلبة من الغضب]

    المرأة العجوز :يا أريادني ، خطابي ! لقد وقع منك خطابي ! إن خطاب جدك يرقد على الأرض !

    ستار







    --------------------------------------------------------------------------------

    * يعد تنيسي ويليامز (1911-1983) واحدا من أبرز كتاب المسرح الأمريكيين في منتصف القرن العشرين. ويعتبره كثير من النقاد أعظم كاتب مسرحي أمريكي بعد يوجين أونيل. ولا ينافس ويليامز على تلك المكانة إلا آرثر ميللر.

    وبالرغم من أن ويليامز لم يكن كاتبا مسرحيا فحسب ، فإن شهرته بوصفه كاتبا مسرحيا تفوق شهرته في الأنواع الأدبية الأخرى. فقد كان ويليامز روائيا ، وكاتب قصص قصيرة ، وشاعرا ، وكاتب سيرة ذاتية ، بل وكاتبا سينمائيا أيضا.

    وقد فاز ويليامز بجائزتي بوليتزر وهي جائزة تمنحها جامعة كولومبيا الأمريكية وذلك في عامي 1948 و1955 ، كما فاز بعدة جوائز توني ، وأيضا بجوائز من حلقة نقاد المسرح في نيويورك.

    ويشتهر ويليامز بأعماله التي تسبر أغوار العلاقات الإنسانية وما يعتريها من فشل وخيبة أمل وتوتر. كما يمتاز بابتكاراته في التكنيك المسرحي جنبا إلى جنب مع حواره الجذاب.

    وقد كتب ويليامز نحو سبعين مسرحية ، منها ما يقرب من خمسين مسرحية من ذوات الفصل الواحد. ونظرا لأن معظم مسرحيات ويليامز المعروفة ـ إن لم يكن كلها ـ من ذوات الفصلين أو الفصول الثلاثة ، فإننا في هذه المسرحية التي قمنا بترجمتها والتي تحمل عنوان "Lord Byron’s Love Letter" (قبل 1946) نحاول تقديم نموذج لإنتاج ويليامز من مسرحيات الفصل الواحد.

    أما لورد بايرون الذي يشتمل عنوان المسرحية على اسمه فهو جورج جوردون بايرون (1788- 1824) الشاعر الإنجليزي الرومانتيكي الكبير.

    [1] نيو أورليانز هي كبرى مدن ولاية أريزونا ، وتقع على نهر الميسيسبي. (المترجم)



    [2] ثلاثاء المرفع هو يوم احتفال يسبق أربعاء الرماد. (المترجم)



    [3] يبدو أن الزبونة كانت على وشك النهوض لتسلِّم على العانس ، كما هو معتاد عند التعارف. (المترجم)



    [4] أبوللو هو إله الشعر والموسيقى والجمال الرجولي عند الإغريق. (المترجم)



    [5] السونيتة sonnet قصيدة تتألف من 14 بيتا. (المترجم)



    [6] الدوبيت couplet مقطع شعري مؤلف من بيتين. والمقصود به هنا البيتان الأخيران في السونيتة. (المترجم)

    أ. د. أحمد شفيق الخطيب
    أستاذ علم اللغة - قسم اللغة الإنجليزية - كلية اللغات والترجمة - جامعة الأزهر
    (حاليا أستاذ بكلية التربية للبنات - الطائف - السعودية)
    مشرف على منتدى علم اللغة
    محرر باب (مقالات لغوية (وترجمية)) على بوابة الجمعية

  2. #2
    كاتبة
    تاريخ التسجيل
    01/12/2006
    العمر
    67
    المشاركات
    1,363
    معدل تقييم المستوى
    19

    افتراضي

    عند شعورنا وإحساسنا بنبض الحرف وتفاعلنا الكلي والجزئي مع النص القصصي او المسرحي ... ألخ
    نبدع في نقل ما أبدعنا بصورة اروع مما كتب ... ولكن هنا بحرفية المترجم صيغ العمل بكل صدق الحرف مع بث حماسة لا تغيب بل يستشفها القارئ لروح كل من الكاتب والمترجم .
    تقديري وإحترامي لنص مسرحي جدير بالترجمة
    والشكر والتقدير لبراعة المترجم أ د. أحمد شفيق


  3. #3
    أستاذ علم اللغة - قسم اللغة الإنجليزية
    كلية اللغات والترجمة - جامعة الأزهر
    الصورة الرمزية Prof. Ahmed Shafik Elkhatib
    تاريخ التسجيل
    27/09/2006
    المشاركات
    1,295
    معدل تقييم المستوى
    19

    افتراضي

    الأستاذة الكريمة عبلة محمد زقزوق

    أشكركم على تفاعلكم البناء مع النص، وعلى تقييمكم الرائع له.

    سعدت بوصفكم للترجمة بالبراعة، راجيا أن تستحق هذا الوصف.

    تحياتي.

    أ. د. أحمد شفيق الخطيب
    أستاذ علم اللغة - قسم اللغة الإنجليزية - كلية اللغات والترجمة - جامعة الأزهر
    (حاليا أستاذ بكلية التربية للبنات - الطائف - السعودية)
    مشرف على منتدى علم اللغة
    محرر باب (مقالات لغوية (وترجمية)) على بوابة الجمعية

  4. #4
    كاتبة
    تاريخ التسجيل
    01/12/2006
    العمر
    67
    المشاركات
    1,363
    معدل تقييم المستوى
    19

    افتراضي

    ليس كل عمل إبداعي يوجد لدينا الحافز للرد ...
    ولكن مع هذا التص وجد الحافز بقوة الدفع لمتانة الصياغة مع تماسك العناصر الحوارية ودقة المواقف التي أخذتني من نفسي ولو لسويعات قليلة .
    شكرا أستاذنا الفاضل أ د. أحمد شفيق
    فالترجمة عمل إبداعي حيث انها تضع المترجم بين خياريين إحداهما صعب
    1 ـ عند إحساسه بصدق العمل وجماله فيتأثر له وينفعل فيسعي للإضافة لإبراز الصور الجمالية ...وهنا يكون قد تعدى على حقوق الإبداع لصاحب النص .
    2 ـ او ان يستسلم لمفردات الكلمة ويرصها رصا ... وهنا يفقد الموضوع روح الكاتب ويفشل النص المترجم من المترجم .
    حيث ان كل كلمة بالنص تستمد الروح من روح الكاتب .
    تحياتي لروح المترجم وفكر الكاتب النابضان بين حروف المسرحية .


  5. #5
    أستاذ علم اللغة - قسم اللغة الإنجليزية
    كلية اللغات والترجمة - جامعة الأزهر
    الصورة الرمزية Prof. Ahmed Shafik Elkhatib
    تاريخ التسجيل
    27/09/2006
    المشاركات
    1,295
    معدل تقييم المستوى
    19

    افتراضي

    الأديبة المتميزة الأستاذة عبلة زقزوق

    وأنا بدوري يسعدني أن أكرر الشكر والتقدير لك على موقفكم الواعي من الترجمة.

    وتقبلي تحياتي.

    أ. د. أحمد شفيق الخطيب
    أستاذ علم اللغة - قسم اللغة الإنجليزية - كلية اللغات والترجمة - جامعة الأزهر
    (حاليا أستاذ بكلية التربية للبنات - الطائف - السعودية)
    مشرف على منتدى علم اللغة
    محرر باب (مقالات لغوية (وترجمية)) على بوابة الجمعية

+ الرد على الموضوع

الأعضاء الذين شاهدوا هذا الموضوع : 0

You do not have permission to view the list of names.

لا يوجد أعضاء لوضعهم في القائمة في هذا الوقت.

المفضلات

المفضلات

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •