كتاب


المقام العراقي
الى أيـــــن !؟


دراسة تحليلية فنية نقدية فكرية برؤية مستقبلية




















تأليف
حسين اسماعيل الاعظمي بغـداد 2000













الفصل الثاني


















الحلقة (5)














بلا ريب ان ناظم الغزالي وسليمة مراد كانا قد امتازا بغنائهما للبستات التراثية اضافة الى اغانيهما الملحنة(22) ، هذا كّون تصورا لدى الجمهور بانهما متخصصان بالاغاني والبستات دون المقام العراقي ، وبسبب الشهرة الهائلة التي يتمتع بها الغزالي فقد اخذ هذا التصور طريقه الى الجماهير سريعا ، عندها بقيت الجماهير والى الآن لا تنظر الى ناظم على انه مؤد للمقام او كما يقال باللهجة العامية المتداولة ليس ( مقامجي ) بل اطلقت الجماهير عليه كلمة ( بستجي ) أي انه يغني البستات وليس اهلا لغناء المقامات .. وهذا الكلام او هذا التصور الجماهيري حول فن الغزالي فيه اجحاف لا يستحقه لانه كان بارعا في غناء البستة والاغنية وبارعا كذلك في غنائه للمقامات التي اداها على قلتها … لا اريدك عزيزي القارئ بكثرة الحديث والتعليق على هذا الموضوع على انه كلام فقط بل ادعوك الى سماع ناظم الغزالي في مقاماته مثل مقام الصبا وقصيدة سمراء من قوم عيسى وكذلك مقام المخالف ومقام المدمي ومقام الحويزاوي الذي اختار له قصيدة البهاء زهير التي مطلعها :
وقائله لما اردت وداعها حبيبي احقا انت بالبين فاجعي
وكذلك مقاماته الاخرى(23) .. لتطلع بنفسك على مدى نجاحه الفني في اسلوب غنائه المقامي المغاير لاساليب جميع مؤدي المقام العراقي .. وبالرغم من ان المقامات التي اداها كانت معظمها مقامات فرعية ، بيد انني لا اعتقد ان هذا مهما بقدر اهمية كيف اداها . ولابد لي هنا من قول كلمة الحق محاولا فيها ان اساهم في وضع الامور في نصابها واعطاء الحق الى مستحقه … ذلك ان الجماهير المحبة للمقام اعترضت على مقامات ناظم وعابت عليه اداءها والتزمت في منظورها جانب العرض الاصولي التقليدي والتعابير القديمة البالية وطالبت به بالرغم من كل مخلفاته الادائية وقد اغفلت وتغافلت غيرة وحسداّ وبكل تعصب ووقاحة وجهالة الجانب الفني للاداء المقامي المعاصر الذي امتاز به الغزالي ، وطالبت وبقيت تطالب بكل جهالة وتجاهل بالرجوع الى الطرق البدائية المتخلفة في كثير من جوانب الاداء المقامي والبقاء على شكله ومضمونه القديم الذيي اصبح لا يلائم جماليات العصر الراهن ، اضافة الى ذلك اقول .. اثباتا لما سبق ان المقامات التي اداها ناظم على قلتها وعلى حجمها المقامي ، هي في الحقيقة افضل بكثير من حيث الاداء الفني والجمالي المعاصر من جميع المؤدين الذين قاموا بتأدية نفس هذه المقامات ، وما عليك عزيزي القارئ الا ان تستمع الى هذه المقامات الغزالية وتقارنها بنظيراتها باصوات المؤدين الذين ادوا تلك المقامات ، عندها ستكتشف وتطلع على مدى الابداع الفني للعملية الادائية التي انجزها الغزالي .
بعد كل هذا كيف لا يكون الغزالي ( مقامجيا ) ..!!؟ لقد كرس الغزالي جهوده الفنية في ابراز الروح البغدادية في الاداء المقامي في ابهى صورها …
من جانب آخر فانه من الناحية الاستاتيكية يعتمد الاداء على تصميم داخلي معقد ينطوي بناؤه ادائيا وفكرياً على معان مختلفة تنبثق من روابط المكونات بعضها ببعض للحصول في نهاية الامر على الوحدة المتماسكة المكتملة في عملية النتاج الفني للاداء.
وارى ان الاهتمام يجب ان ينصب بصورة رئيسية على الطابع الفكري والحسي مجتمعين ، في عملية البناء هذه … لانها تحتوي على مدلول استاتيكي يعمل على تنمية معنى العمل الفني عموماً الذي ينبعث من داخل الاداء وكذلك يعمل على تنمية الروابط المثبتة التي تربط النتاج هذا بالمتلقي والتعبير عن احاسيسه .. ولهذا يصبح من الحاجة بمكان ان يتحدث عن القوة الكبيرة الكامنة في الاداء بكل مقوماتها ومدلولاتها الديناميكية .. لان غايتنا الاساسية هي النجاح بالعمل بكل ابعاده الفنية والعلمية والاستاتيكية .. الخ . فكلما تماسك وتعاظم شأن الاسلوب وقيمته الجمالية ، ازدادت القوى الداخلية الكامنة التي ينطوي عليها الاداء ، الذي لا يخلق الخيال فحسب ، وانما محور الاداء برمته فنياً.. فلا بد اذن ان تتكون وتقوى العلاقات المتبادلة الفعالة بين الفنان في عمله وبين نتاجه الفني .. وللاسف لا زال المحتوى الادائي للمقامات نفسه لم يطرأ عليه تغيير ولا اضافة ، اما الاسلوب فمغاير ولا يعبر بدقة عن محتوى الاداء المقامي وبهذا فأن المحتوى هذا مختلف رغم انه يقول الشيء نفسه ..
لا يجوز لنا على الاطلاق ان نمنع أي مؤدٍ للمقامات في ان ينتقل بالاداء الى التجديد والتحديث او الخوض في مسألة المشاعر والاحاسيس التي يحتاجها المتلقي والتي يحاول المؤدي ان يعبر عنها بأسلوبه الخاص في صورها وافكارها، وان عدم اتاحة هذه الفرصة للمؤدي يجعل الحديث عن الاداء المقامي ودراسة وتحليل وحدة شكله ومضمونه دون جدوى .. هذه هي المهام التي تقع على عاتق المؤدي للحصول على عمل فني ناجح بكل المقومات المطلوبة فنياً وعلمياً وجمالياً لنصل الى امتن الروابط بين مكوناته ليتجلى لنا ذلك الايقاع الحسي ّ ، وتلك القيمة الشاعرية اللتان تظهران في النتاج بعد اكتماله ..
ومن ناحية اخرى وفي غضون المناقشات الراهنة في القرن العشرين على وجه العموم ومن خلال المؤتمرات والندوات والقاء المحاضرات او المقالات الصحفية حول الاداء المقامي والتهجمات التي تعرض لها بأعتباره مادة غناسيقية تراثية قديمة أنتهى مفعولها حسب ما يزعمون او يتصورون ، بيد ان الحقيقة عكس ذلك تماماً إذ أكد العلماء الفلكلوريون(24) والانثروبولوجيون(25) والاثنولوجيون(26) وكل المدارس الفكرية السوسيولوجية(27) بأن الظواهر التراثية الاصيلة بكل نواحيها لا تموت ولا تنتهي ما دامت الجماعة التي تعبر عن هذه الظواهر قائمة وموجودة منذ ان نشأت واستمرت الى يوم الناس هذا ، وما فترات التطور التي تحصل للتراث وظواهره الا دلالات جديدة ومحاولات لملائمتها لروح العصر ، لذلك فقد كان الاداء المقامي شأنه في ذلك شأن كل عناصر ومواد التراث ، يخضع لهذه التطورات والتجديدات من خلال ابداعات المؤدين وافكارهم وثـقافتهم.

المقام والمعاصرة
ان قلة الثقافة الموسيقية للمؤدي ادت به الى الابتعاد وعن مواكبة روح العصر(28) والتعبير عنه ، فقد تخلى المقام العراقي عن واقع الحياة في فترات مختلفة من تاريخه .. عندما اوغل الكثير من المؤدين في محاكاة القدماء وتعابيرهم القديمة .. ولا تزال كثرة منهم .. وعلى هذا المنوال يميلون الى محاكاة من سبقهم في مزاجهم وتذوقهم للفن والحياة .. واصبح كل منهم من الناحية الفنية يدين بطريقة اداء القدماء ، يلتزم أساليبهم واصولهم .. حتى اصبح المؤدي الذي غرق في كلاسيكية(29) سابقيه القدماء ، يقول ويعبر في غير ما يشعر به لان القدماء قالوا او عبروا مثله .. دون ان يدرك بأن كلاسيكيته هذه في تعابيره الادائية المقامية قد فسدت واستنفذت اغراضها في هذا العصر ، لانها تعبر عن عصر سابق قديم كل شيء فيه قد تغير ..
ان هذه الدعوة هي ليست في الابتعاد عن القديم وتكلف المحال والاتيان بما لا يمكن ان يكون .. بل ان الادراك والوعي الجمالي بما مطلوب في دقة أختيار التفاصيل المميزة لطرق اداء المقامات الجمالية ومزاوجتها بالقديم في استمرارية متصلة لا تتوقف كما مر بنا في مفهوم الثوابت والمتغيرات …
ان الجمالية في الاداء هدف مهم وضروري بلا شك ، يسعى لتحقيقه كل ابداع فني على شرط الاحاطة بأمر خطير ، هو ان الجمالية بنت الواقع وان واقعها يستقي بعضاً من مقوماته من الماضي .. وهذا يعني اننا لا يجب ان نقيد عملية الابداع والخلق الفني ، فجمالية العاطفة لذة رفيعة تساعد على انطلاق الخيال عند الفنان الواعي لواقعه والمغترف بتذوق من ماضيه ، من النبع الاصيل.

سماع المقام
قد يقول البعض ان الاستماع الى الاغاني عامة والمقام خاصة ليس له وقت محدد ولا يشترط له ذلك . وهذا رأي مطروح بيد انه ينطلق من حيث العموم ولايأخذ الحالة المزاجية والنفسية .. فساعات اليوم تستغرق الإنسان في بحر من الاعمال المضنية تأخذ عليه البابه وتشغله عما حوله ، لذا فأنه وان استمع في الصباح اوفي الظهيرة ، فأن هذه الحالة لا تعدو ان تكون حالة لا تصل الى الذروة المزاجية في معظم الاحيان .. لذا فأن الليل بما يتضمنه من خلود الى الراحة وانعاش النفس والروح والاستلقاء والاسترخاء ومناجاة الحبيب … الليل وحده بما يحمله من سر الهي في هدوئه وسكونه .. فإذا بصوت المؤدي ينفذ الى اعماق المستمع فيهزه هزاً ويطير معه في فضاءات الخيال الروحية وينفصل عن الواقع فيبتعد عنه سابحاً في اجواءٍ اخرى . فالسماع بالليل له خصوصية تختلف بالتأكيد عن اوقات اليوم الاخرى ، فأنه حين يحث خطاه قادماً الينا يوقظ أحاسيس ومشاعر مختلفة في الاستماع الى الموسيقى والغناء ، فيندمج الفكر بالاحساس وتصبـح هنـاك حياة خيالية يعيشهـا المستمع .. حياة كأنها واقعية ، فيها اناس
يشعرون ويتحركون .. وهذه الخيالات التي يعيشها المتلقي عند سماعه للموسيقى والغناء وغناء المقامات والتراث عموماً ، قد تسمو به اوتعذبه .. يبقى فيها عاجزاً عن فهم احاسيسه مستسلماً لها. وهنا يتمنى المتلقي حين يستثار من المؤدي ان يكون موضعاً للثقة ، سواء أكان ذلك في قيمة العمل المجردة او اسلوب العبير او صدقه في الاداء وانفعالاته الحقيقية فيه .. وفي الحقيقة ان المتلقي يطالب المؤدي من خلال ادائه ام يجيبه على بعض التساؤلات والهموم والمعاناة التي يعيشها في حياته .. ومن ناحية اخرى فان المتلقي عندما يتأثر بعمل ادائي ما سواء كان هذا العمل رديئاً ام جيداً في حقيقته المجردة .. ففي هذه الحالة يكون هذا العمل اواي عمل اخر بشكل عام قد ادى الى نتيجة مثمرة لان المتلقي سوف يرى بوضوح الميزات الموجودة في الاعمال بشتى مستوياتها … وعندما نطلق هنا عن النتاجات الفنية صفة الرديء او الجيد ، فأننا نقصد الاعمال الرديئة غير المستوفية لمقومات العمل الفني الصحيح والسليم من الاخطاء من حيث القواعد العلمية والاصولية والبنائية والى غير ذلك … والعكس صحيح فأن العمل يكون جيداً .. ولكن أيضاً من الناحية الاخرى نطلق على الاعمال عموماً صفات اخرى مثل عمل جميل او عمل غير جميل .. نرى ان هذه الصفات نسبية تماماً لان ما كان غير جميل لدى البعض يكون جميلاً لدى البعض الاخر ما دام هذا العمل مستوفياً للشروط الصحيحة المجردة في بناء الاعمال الادائية .. ولما كان الامر كذلك .. اذن لا وجود لعمل جميل او عمل غير جميل ، حيث تكون المسألة نسبية في رؤية المتلقي عموماً ، وللناس فيما يعشقون مذاهب .
ان الاستماع الى المقامات في المساء يكتسب لمسة سحرية ، حيث ان السامع في هذه اللحظات يريد ان يتزود بكمية وافية من الخيال والعواطف ، بل هو يريد كذلك ان يستسلم الى تهدئة نفسه من خلال سلطان اللحن والكلمات الشعرية التي يغني بها المقام ، ليصنع عالماً يكون هو بطله أو ضحيته أو مخرجه .. وهكذا فالمقام عموماً يندمج في اصله بأحلام اليقظة وهي تظهر كأمتداد لحالة باطنية تتكلم بالصور والخيال والعاطفة .. من هنا فلابد للمستمع ان يحدث له شيء ما في هذه الحياة ، أي انه لابد ان يمر بتجارب وعلى قيمتها يتعامل ويتفاعل مع الموسيقى والغناء ، بل الحياة عموماً .. هذه الحياة التي قد لا يحدث فيها شيء ، اذن يجب ان تتخلل الحياة اليومية تجارب تتكلم فيها المغامرة والحب والترف والحزن … يقول علماء النفس (اننا نسمع الغناء والموسيقى للتعويض عن بعض النقص في التجربة .. لان المستمع يجد فيما يسمع من موسيقى وغناء ، التصرفات المحرمة عليه من قبل المجتمع ، بشتى جوانبها ، حتى ليجد في سماعه تجارب يصعب تحقيقها في الواقع فيعيشها في الخيال... لأنه في الغالب ، ان هذه التصرفات التي يراقبه المجتمع عليها يخالطه شعور بالذنب تحاول الموسيقى او الغناء ان تعلله او تمحوه ، فهي ترضي هذه التطلعات بأن تضع نقاباً عليها يجعلها مقبولة في نظر السامع لكي يكون بأمكانه الاعتراف بها والاستسلام لها . ان سماع الموسيقى والغناء يحررنا ويكشف لنا انفسنا أي يجسد مخاوفنا ورغبتنا ويمنحها شكلاً معيناً) (30).
اذن لابد ان نطرح مشكلة اندماج السامع مع نفسه ، ولكي يحقق هذا الاندماج لا بد ان يكون هناك نوع من الوحدة او نوع من الابتعاد والعزلة .. عندئذ يكون في وسع السامع ان يعيش مع احلامه وخيالاته وتطلعاته بعد ان يفترض مسافة يضعها بينه وبين اللحظة الزمنية التي يحس بها والمكان الذي يشغله ، لحظات السماع والراحة التي تساعده في ان يكون معها بشكل مباشر ، ولهذا فأننا نضع الواقع بين حالين خلال فترة سماعنا ..
اذن فالسامع يحاول الهروب من مشاكل العالم اليومية ، بل مشاكله المباشرة هو ، عن طريق عالم آخر وهمي ، بغض النظر ان كان جميلاً وساحراً اوغير ذلك بل يكفي ان يكون متماسكاً .
ان متذوق الغناء التراثي والمقام العراقي يعيش كل هذه اللحظات ، فهذا السماع يخلق له الوحدة وفي نفس الوقت يتيح له الخروج منها ، فهو في هذه الحالة يكون بوسعه ان يعيش اللحظات الممكنة التي لا يسمح بها محيطه وبيئته الاجتماعية او عصره ..
ان المقام العراقي يقرب بين المؤدي والمستمع ويحاول التوفيق بينهما في شعور مشترك .

مكانة المؤدي في الاداء
ثمة حقيقتان واضحتان تبينان مكانة المؤدي في الغناء المقامي ، أما الاولى فقد بحثت فيما تقدم وهي التركيز على الطريقة والشكل والمضمون ، التي تجسدت في اداء القبانجي وبعض من نحى منحاه التجديدي مثل حسن خيوكة ويوسف عمر وناظم الغزالي ونجم الشيخلي وآخرون غيرهم… واما الثانية فيمكن القول انها كانت ذات تأثير مباشر على تاريخ الاداء المقامي ، وتشمل هذه الثانية على الاختلاف في النظرة الى ما كان يعرف على وجه التحديد بالمعنى الجمالي للاداء… ولم تكن هذه مغايرة لمسألة (الفن الجمالي للاداء المثالي) .. التي أثارها القبانجي ومن تبعه في هذا المنحى … غير ان المسألة لم تكن هنا مسألة تأكيد او انكار للمسؤولية الجمالية للاداء المقامي نحو الجمهور السامع ، وانما كانت تحديداً لطبيعة تلك المسؤولية بشكل واضح…
ان هذا الحديث يذكرنا بالمؤدية الرائعة مائدة نزهت التي أشتهرت بأغانيها الجميلة ذات الروح البغدادية، التي كانت تضفي عليها شكلاً جمالياً جذاباً ، وكانت اجمل اغانيها قد ادتها في العقد الخمسيني والعقد الستيني من القرن العشرين ، وقد ساهمت مائدة نزهت في أغانيها وفنها في معالجة الموضوع الجمالي للاداء البغدادي من خلال الاغنية البغدادية الملحنة بشكل يثير الاعجاب.
اما تجربتها الاخيرة التي بدأتها في النصف الاول من العقد السبعيني حتى النصف الثاني من العقد الثمانيني في اداء المقامات العراقية ، فقد كانت ناجحة بحق ، أضافت فيها الكثير للاداء المقامي البغدادي النسوي … ورغم نجاح مائدة في المقامات التي غنتها ، الا انها كما يبدو كانت شهرتها في مجال الاغنية طاغية بحيث اثرت كثيراً على استمرارها في مجال اداء المقامات فلم ينتبه اليها بسبب ذلك جمهور كافٍ ، شأنها في ذلك شأن سليمة مراد ، مع ان مائدة غنت مقامات أكثر عدداً وأدق اداءاً وأصولا…!!
عاصرت السيدة مائدة نزهت فنياً لاكثر من عشر سنوات ، كنا فيها ننتمي الى فرقة التراث الموسيقي العراقي(31) التي أسسها الفنان الكبير منير بشيرعام 1975 رسمياً .. هذه الفرقة التي قّدر لاعضاءها ومن خلالها ان يتجولوا في بلدان كثيرة من العالم بما كانت تشارك به في ارقى المهرجانات والمؤتمرات الدولية والفنية الموسيقية التي اقيمت في شتى انحاء العالم وعلى وجه الخصوص دول اوروبا الغربية .
لا أعتقد ان المؤدية مائدة نزهت كانت تفكر في يوم ما ان تكون مؤدية للمقام ، ولكن الحاجة دعت الى ذلك بعد انضمامها الى الفرقة ، ولعبت المصادفة(32) دوراً بأن اكون معها في فرقة واحدة ولقاءنا المستمر من خلال دوام الفرقة اليومي كموظفين فيها طيلة أكثر من عشر سنوات عمل وسفر وتجربة حية خالصة تجسدت بالمشاركات الدولية ، عكفت خلالها على تعليمها بعض المقامات الفرعية التي غنتها في وسائل الاعلام وكذلك في المسارح العالمية وبقينا على هذا الحال الى ما بعد اواسط الثمانينيات ولحين اضمحلال الفرقة ومن ثم اعتزال مائدة نزهت وابتعادها عن الفن بشكل نهائي ، ولذلك فأن هذه السيدة تعد واحدة من اللواتي غنين المقام العراقي بدقة وحسب الاصول التقليدية للمسارات اللحنية التراثية ولكن باسلوب وتعبير عصري فذ ساعدها على ذلك تجربتها الكبيرة في الغناء عامة ولا زال مقام الحويزاوي الذي ادته بالقصيدة ادناه للشاعر عبد المجيد الملا من أروع المقامات المؤداة ..
يامن هواه اعزه واذلني
كيف السبيل الى وصالك دلني
واصلتني حتى ملكت حشاشتي
ورجعت من بعد الوصال هجرتني
الهجر من بعد الوصال خطيئة
أي ليت قبل الوصال قد أعلمتني
أنت الذي حلفتني وحلفت لي
وحلفت أنك لا تخون فخنتني
وحلفت أنك لا تميل مع الهوى
أين اليمين واين ما عاهدتني
لاقعدنِ على الطريق وأشتكي
كشكوى مظلومٍ وانت ظلمتني
ولادعون عليك في غسق الدجى
يبليك ربي مثلما أبليتني


أخوكم your,s
مطرب المقام العراقي singer of Iraqi maqam
حسين إسماعيل الأعظمي hussain ismail al aadhamy
عمّان amman jordan
00962795820112 gabel al hussain
الأردن ، عمّان ، جبل الحسين b.x 922144
ص . ب 922144 hussain_alaadhamy@yahoo.com