ورقة عمل الكاتب الصحفي موفق مطر - بعنوان: قتل النساء بإسم الشرف ... تمييز وجريمة عنصرية.
تبرز جرائم قتل النساء ازدواجية معايير ومراجع القيم الأخلاقية والروحية التي يدعي الفرد في المجتمع انه يحتكم إليها , فهو من ناحية يدّعي الإيمان بالشرائع السماوية التي اعتبرت قتل النفس التي حرم الله كقتل الناس جميعا , والامتثال بشريعة رب الناس التي حرمت قتل النفس إلا بالحق ثم نراه يرتد إلى جاهليته من الناحية الأخرى وينقض على هذه المرجعية عندما تصطدم مع سلطان ذكورته ورغبات فحوليته والتي على أساسها نظم القوانين لإخضاع نصف المجتمع إن لم يكن أكثره , وتوظيف قدراته في إطار نظام اجتماعي وسياسي واقتصادي يقوم على ركيزة تفوق جنس الذكر وقوامته ,والانتقاص من عقل جنس الأنثى والحط من شانها حتى ولو دمغت تفوقها العقلي والإبداعي بالبراهين والأدلة القاطعة , نظام يضمن فيه الرجل الفحل الذكر التحكم والحكم والسيطرة , وسبل توزيع الثروات والميراث , وهو نظام إذا ما أخلصنا في قراءة أدبياته , وبحثنا في سلوكيات أنصاره , وتبريراتهم وتفسيراتهم لاستنتجنا الطرائق المتعددة لنفي العلم , الحرية , العدالة , السلام , المحبة , المساواة , والحوار ومحاولاتهم المستميتة لإبقاء مضامين النظام ونصوصه وتطبيقاته خالية منها , فأصبح للجهل مدارس وللعبودية تخريجات , وقدست الحروب , وباتت الكراهية للآخر معيارا للانتماء إلى قواعد الأحزاب , ونشرت أبجدية سفك الدماء , ورخصت لعجلة قوانين التمييز العنصري بالانطلاق لهدر دماء الإنسان الأنثى وجسدها ولانتقاص من قيمتها , واعتبارها كسلعة بلا روح , وفي أحسن الأحوال روح لا تفقه !!
خلفية الجريمة وتعبيراتها
* ان جريمة القتل على خلفية الشرف هي تعبير عن الأزمات المتلاحقة والمتتابعة في منظومة العلاقات الاجتماعية والاقتصادية والثقافية والفكرية للفرد بصفة خاصة وللمجتمع عموما , وهي بالتالي أسوأ تعبير عن تخلف السلطة السياسية الحاكمة والتي هي بحد ذاتها انعكاس طبيعي لواقع حال العلاقات الاجتماعية , والمفاهيم السائدة , وتدني مستوى الثقافة الأصيلة وانكسارها وتراجعها أمام التعاليم والتعاميم الدخيلة أو المستورد أو المنبوشة من دفاتر وسجلات العادات والتقاليد التي لطالما كانت السبب في إبقاء الأمة في مساحة البشر الهمجيين الذين لا يقيمون وزنا لقيمة الإنسان وقدسيته !
* هذا النوع من الجرائم هو خير دليل على قصور نظريات ورؤى وأدبيات ودساتير وأنظمة ولوائح المنظمات والأحزاب, ودليل وحجة على التناقض مابين نظرياتها وتطبيقاتها , وضعف أدواتها , وعدم جدوى أساليبها , وهي برهان قاطع على فشل قوى الحركة الوطنية المعاصرة ومؤسساتها بكل مسمياتها , وسلطاتها التشريعية والتنفيذية والقضائية , والسلطة الرابعة , ولا نستثني منظمات المجتمع المدني , فبعد عقود من النضال تحت رايات ومسميات وطنية وقومية ودينية كان مشهد التحلل الثقافي هو السائد , فيما تراجع مشهد التغيير الجذري ( الثورة الثقافية ) حتى انطوى في سجلات الهزائم والتراجعات والانكسارات كمشاهد النضال الميداني الكفاحي المتعارف عليه بمصطلح " الكفاح المسلح " الذي غلبناه على كل المشاهد حتى بدا وكان نضالنا وكفاحنا كان مجرد تجارب للرجال الذكور لبيان قدراتهم على المنازلة بالسلاح الناري في ميادين الحرب ليس إلا . فيما انكفأت المنازلة في ميادين الفكر والإبداع , وما برز منها كان عملا فرديا خارقا قدمه الإنسان الفلسطيني , فكان مرة مدموغا باسم أنثوي ومرة ثانية باسم مذكر .
* لم يكن الإنسان هو الهدف , فالذين بيدهم مفاتيح القرار والمسؤولية تعاملوا معه كمادة للموت والدمار تتغير مؤشرات قيمتها وفقا لقوانين العرض والطلب !! فبات الإنسان بحد ذاته أزمة مثله كأزمات الوقود والدقيق والدواء , اذ سرعان ما يستهلك إذا توفر عبر هجوميين الأول يتم فيه استغلال قدراته الإبداعية وتوظيفها لخدمة السلطان , فيما الهجوم عليه من الجبهة الثانية من الأنا الحاقدة الجاهلة الكارهة لمنطق الحياة , والتي يغيظها رؤية فكرة تنويرية ينتصر لها وعي الإنسان..
* عند كل شعوب العالم المناضلة من أجل الحرية والاستقلال كان ظلم الاحتلال دافعا يمكن تصنيفه تحت عنوان العوامل الايجابية الدافعة للتحرر من المفاهيم والعادات والتقاليد التي يحرص الاحتلال على استمرارها كبدائل عن الثقافة التنويرية المتناقضة أصلا مع قوانين الاحتلال , ونرى بان شعوب العالم كانت تناضل لإقامة سلطة تعمل على تنقية القيم الفاضلة مما علق بها, وتكافح بكل الوسائل للارتقاء بمفاهيم المجتمع التي تحرص على ان تكون عصرية تحرره من هيمنة صناع الخرافة والأساطير , العاملين على شد المجتمع لإخضاعه لسلطتهم كبديل عن سلطة الاحتلال لا تحريرا للناس منها ,فبعضنا الفاشل يحمل الاحتلال الإسرائيلي مسؤولية جهله وقصوره وانحراف رؤاه فيحرر نفسه من المسؤولية عند زعمه فيطرح نفسه " كمفسر أحلام " بدل أن يكون مفكرا أو معلما أو مثقفا ثوريا أو طبيبا معالجا أو عاملا أو مزارعا منتجا أو مبدعا يخلق الثورات في وعي الناس لتحريرهم من قيود الخرافات ...
اغتصاب مفهوم الشرف والجريمة
يتكون الشرف من مجموعة القيم والوصايا المقدسة التي يربى عليها الإنسان منذ ولادته , وينضج وينمو معنى الشرف إلى حد يصبح فيها هو البناء الشخصي المتكامل للإنسان , فالصدق والوفاء والمروءة والإيثار وقول الحق والعدل , واحترام رأي وحقوق الآخر وقيمته الإنسانية , والتسليم بحرية الإنسان و احترام مشيئته وقراره في الاختيار هي سمات للشرف الإنساني , أما التهافت على جعل الأنثى عنوانا للشرف ما هو إلا استعباد للإنسان الأنثى واغتصاب معنوي لكيانها , وتحقيرا لعقلها وعواطفها ومشاعرها وأحاسيسها, وعليه فان الخطيئة الجريمة تبدأ في طرح العرض أي النساء كمرادف لمعنى الشرف, وان القتل على خلفية الشرف هو الحد الذي ينفذه القاتل متسلحا بتفسيرات لمعنى الرجم حتى الموت وتفسيرات الزنا النمطية السائدة والتي لا يخلو بعضها من انعكاسات الذكر المريض نفسيا , فهؤلاء يعتبرون الأنثى شيطان غواية , وعورة , وأنها السبب في أخطاء الرجل آدم ( تفاحة آدم ) مثلا وإنها سبب الصراعات بين أبناء آدم الذكور ( قتل ابن آدم لأخيه )
فالقتل والجريمة فعلان تعاقب عليهما شريعة السماء ولا يمكن ان تقرهما شريعة سماوية لأنهما يتناقضان مع الحياة كجوهر للشريعة , ومنطق العفو والغفران والتوبة والرحمة , وقانون الخلق الذي أكد على أن الانسان مخلوق غير كامل وانه قابل للوقوع بالخطأ , ,انه قادر على تجاوز أخطائه بالتعقل والحكمة واللجوء إلى الصبر والعمل الصالح.
* ما زلنا نحتاج لثورة ثقافية يتحرر فيها العامة من الناس من سيطرة الذين أوهموهم أن لقادرون على التفكير والعمل نيابة عنهم والتوسط لهم عند رب السماء والأرض والناس , فأهم ما يجب أن نفعله حتى تنتفي ظاهرة جريمة القتل العنصري للنساء إقناع الناس في البلد بجدية التفكير بكل أمر مهما كان صغيرا أو كبيرا والمساهمة ولو بجزء من الحل . فمعنى الشرف يرقى باضطراد مع سمو وارتفاع الخط البياني لوعي الإنسان وقدرته على الاستفادة من المعرفة والعلوم الإنسانية , , فالإنسان الشريف قد لايون بالضرورة مؤديا لمناسك الدين , وكذلك لايمكن القول بأن كل من يبدو لنا أنه يؤديها هو شريف !!
إن جريمة قتل الإنسان وتبريرها بالشرف هي نموذج مستنسخ للعنف المادي والمعنوي اللفظي والمسلح الذي ألبسه بعض المشرعين ثوب القانون الطبيعي والشرعي عنوة !! بل ذهب بعضهم إلى حد تقديس العنف , وفرضوه على الناس كأسلوب لحل قضايا الإنسان , الأمر ليس بمفاجأة إذا علمنا أن وراء كل هذا فحول الأحزاب الطامعين بالسلطة بأي ثمن !!
نفي الثقافة عن الجريمة
قتل النساء على خلفية الشرف هي نتاج لتراكم موروثات العادات والأعراف التي لايمكن تضمينها في قائمة المؤسسات الثقافية للإنسان بقدر ما هي استجابة لضغوط الأنا الكورية السلطوية الساعية أبدا للحفاظ على ذاتها في خضم الصراع مع الآخر والحفاظ على التفوق الذي اكتسبه البشر الذكور وحافظوا عليه باستخدامهم أساليب العنف الدموي المرعبة لإخضاع البشر الإناث أولا , وكأن في الأمر استنساخ لسيرة حياة القطعان البرية الوحشية ,لضمان الشعور بلذة السلطة وممارستها , فالجريمة لايمكن بأي حال من الأحوال أن تكون ثقافة في عصرنا , وإلا فانا سنقر بالجهل والكراهية والأحقاد والتمييز العنصري كعناصر ثقافية في زمن ثورة تقنيات الاتصال التي أوصلت تعميم الثورة العلمية والفكرية الإنسانية إلى كل بيت في المدينة .
* لقد أسهم تدني الثقة بالنفس, وهبوطها السريع إلى تجميع حالة في قاع مجتمع المدينة كما في مجتمع القرية والبادية حيث يعتقد الفرد هنا بان قتل إنسان على خلفية الشرف عمل بطولي!! هذا ناهيك عن الشكوك والظنون الآثمة باعتبارهما سمتان كالجوهرتين على تاج صاحب السلطة الجاهل , وبما أن الذكر في المجتمع يرث السلطة الأبوية والعائلية والاجتماعية والسياسية بغير كفاءة معرفية أو علمية ويسيطر على الموارد الاقتصادية فهو رهين الشك والظن, يتخذ قراراته من تفاعلهما في نفسه ترسمان توجهاته , فيحكم على قبوله القيم الفاضلة بمقدار حجم الشكوك والظنون التي غالبا ما تكون متوفرة إلى الحد التي يؤهلها لأن تغير القوانين وفقا لمصلحة الأنا السلطوية الفحولية الذكورية الضعيفة الثقة بالذات جدا .
دور وسائل الإعلام والاتصال والفنون السلبي
* لابد من التوقف والإشارة الى مساهمة وسائل إعلام وانتاجات أدبية إذ هدف منتجوها إلى تعزيز مداخليهم المادية وتوسعة نفوذهم المالي مدفوعين بشهوة الشهرة والسلطة معا بتعزيز العنف ضد النساء , إذ قدمت أعمال سينمائية ومسلسلات وهي كثيرة .قدمت صورة سلبية عن النساء فرأيناهن محرضات للرجال الذكور على الأفعال الشائنة , أو أنهن شريرات يسعين للمال والشهرة باي ثمن , وأنهن يوظفن جمالهن وأنوثتهن للإيقاع بالرجل , لذا لم يكن مستغربا ولا مستبعدا تأثيرات هذه الصورة الخطيئة على موقف الرجال الضعفاء النفوس من النساء , إذ شكلت أرضيات خصبة لتكوين فكرة الجريمة والانتقام من الأنثى ألأضعف !! والتي قد تكون في هذه الحالة الأخت أو البنت , او الزوجة , أو حتى العشيقة , فالقتلة مطمئنون الى وجود المخارج القانونية للإفلات من قبضة العدالة والقانون , تماما كمخرج ما يجد إلف طريقة لإخراج النهاية السعيدة بأفلامه !!.
ماذا يجب أن نفعل ؟!
* قد لا يكون تطوير نصوص القوانين والتشريعات وتنقيحها أو وتجديدها هو الحل الشافي للقضاء على ظاهرة القتل العنصري هذا ( قتل النساء على خلفية الشرف ) . فالأمر يتعلق بإرادة التقويم والتقييم , واستخلاص العبر والحكمة , وإجراء المحاكمات العقلانية الفردية منها والجمعية للوصول إلى صيغة القوانين والأحكام الواجب تنصيصها من اجل ضبط خطط وبرامج التنمية الفكرية والثقافية والاجتماعية والاقتصادية , ويمكن تمثيلها بنظام سياسي ديمقراطي يجسم معنى حرية الكانسان عبر مؤسسات الحكم , معتمدا المبادئ الأساسية لحقوق الإنسان كمرجعية في دستور البلاد , ويتعلق برقابة شعبية فاعلة من خلال مؤسسات المجتمع المدني , والسلطة الرابعة الصحافة , والمنظمات الحقوقية , إلى جانب السلطة التشريعية , وحزم السلطة التنفيذية في تطبيق القوانين المتعلقة بالموضوع , وعلى رأس كل ما ورد هو سلطة قضائية يخضع لقوانينها وتسري أحكام وقرارات محاكمها المنصوبة في ظل ميزان العدالة على الأشخاص المساواة بين الإنسان الذكر والإنسان الأنثى في قوانين العقوبات , وإلغاء القوانين التي تبيح التخفيف على أساس الجنس , وتطهير القوانين من كل المصطلحات التي من شأنها تفضيل جنس على آخر في الأحكام والعقوبات . والتي إذا ما بقيت فيجب النضال ضدها على اعتبار أنها قوانين عنصرية .وهذا يتطلب إعادة النظر في فلسفة السلطة القضائية ومرجعياتها , والقوانين والمبادئ ألأساسية الحاكمة والضابطة لعمل وقرارات المحاكم وأحكامها.
* تكوين رأي عام ضاغط ودائم يعمل ويناضل من أجل إقرار أحكام على مرتكب الجريمة المسماة " بالقتل على خلفية الشرف" وفقا لأسس وحيثيات الجرائم الجنائية المكتملة المكونات , باعتبارها جريمة قتل تتم مع سبق الإصرار والترصد , غير قابلة للتخفيف , كما يجب إيصال العقوبة إلى أقصى درجاتها " المؤبد مع الأشغال الشاقة " وإقرار قانون يجيز حرمان المجرم القاتل على خلفية ما يدعى بجريمة الشرف من التمتع بحق العفو العام أو الخاص الصادر عن الجهات التي يخولها القانون إصداره .
التركيز في التقارير الإعلامية والتحقيقات على اعتبار الاعتداء الجنسي مع سبق الإصرار والترصد على شخص آخر جريمة قتل جنائية , وتكوين الرأي العام المقنع للمشرع لتبني تنصيص ذلك في مواد قانون العقوبات , سواءا كان المعتدي ذكرا أو أنثى أو كانت الضحية أنثى أو ذكرا , والحكم على المعتدي جنسيا على أي قاصر من الجنسين الذكور أو الإناث ( دون سن 18 ) بأعلى درجات العقوبة وأقساها , واعتبار الجريمة هي عملية قتل للنفس والروح , حتى لو بقي الجسد حيا , واعتبار التحرش الجنسي بأنثى أو ذكر سواء كان المتحرش ذكرا أو أنثى جريمة يعاقب عليها القانون ,مع تأكيد التنصيص على التالي : إذا اعتدى شخص ذكر على شخص ذكر أو إذا اعتدى شخص ذكر على شخص أنثى , أو إذا اعتدى شخص أنثى على شخص ذكر, أو إذا اعتدى شخص أنثى على شخص أنثى , ومثله في موضوع التحرش الجنسي حتى تكون المساواة بين الجنسين أمام القانون بائنة في نصوص الأحكام , والعدالة وأحكامها لا تفرق بين الشخص الذكر والشخص الأنثى فالأشخاص من كلا الجنسين يتحملون تبعات تصرفاتهم وسلوكياتهم وأعمالهم وقراراتهم وكل ماله علاقة بحياتهم التي نفترض أنهم يناضلون جميعا من أجل شخصية إنسانية حرة ومستقلة .
مبادئ لابد من الاتفاق عليها وهي أن :
• جميع الناس يولدون أحرارا ومتساوين في الحقوق والقيمة.
• لكل إنسان حق ممارسة حريته ، دون أي تمييز على أساس الجنس
• مساواة المرء والمرأة بجميع الحقوق السياسية والمدنية لاقتصادية والاجتماعية والثقافية .
• التمييز ضد المرأة يشكل انتهاكا لمبادئ وشرعة حقوق الإنسان
• التمييز ضد المرأة يعيق تقدم المجتمع وتحقيق أهداف برامج لتنمية نظرا لتغييب قدرات المرأة في المجتمع.
• العدل والمساواة بين المرء والمرأة لن يكون صحيحا وكاملا إلا بالقضاء على جميع أشكال التمييز العنصري والاحتلال
ونشر ثقافة السلام .
• مشاركة المرأة مع المرء في جميع الميادين.
كلما كان ذلك ممكنا والعمل بإخلاص لتحقيق هذه الإمكانية.
• تقاسم مسؤولية الأسرة بين الوالدين , مع تأكيد مسؤولية المجتمع في تنشئة الجيل .
• تحديث معنى دور كل من المرء المرأة في المجتمع والأسرة. والانتصار على المعاني التقليدية السائدة لدور كل منهما عبر رفضها وتأسيس مناهج تربوية وسلوكية وأخلاقية تجعل من الأدوار التقليدية خلف قاطرة المجتمع المتقدمة دائما .
• مصطلح " التمييز ضد المرأة " حسبما جاء في المادة 1 من اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة التي اعتمدتها الجمعية العامة وعرضتها للتوقيع والتصديق والانضمام بقرارها 34/180 المؤرخ في 18 كانون الأول / ديسمبر 1979 أنه :" أي تفرقة أو استبعاد أو تقييد يتم على أساس الجنس ويكون من إثارة أو أغراضه توهين أو إحباط الاعتراف للمرأة بحقوق الإنسان والحريات الأساسية في الميادين السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والمدنية أو في أي ميدان آخر ، أو توهين أو إحباط تمتعها بهذه الحقوق أو ممارستها لها ، بصرف النظر عن حالتها الزوجية وعلى أساس المساواة بينها وبين الرجل "
مقترحات عملية
إذا اتفقنا على أن ما يسمى بجرائم قتل النساء على خلفية الشرف هي جريمة قتل عنصرية وان ثقافة التمييز على أساس الجنس بين افراد المجتمع هي واحدة من أبرز أسبابها , فانا قد نتفق أيضا على ان مقترحات ورقة عملنا التي نلخصها في الأفكار والرؤى التالية قد تشكل جبهة مناهضة لهذا التمييز قادرة مع أحكام ضبط برامج عملها ,وتنظيم قواها أن تقضي على ظاهرة قتل النساء وسفك دمائهن وإزهاق أرواحهن , وتلغي نهائيا فرص النجاة للمجرمين أذا ما أوقفتهم سلطة القانون ومثلوا أمام العدالة .
واجبنا على صعيد السلطات الثلاث : التشريعية , التنفيذية والقضائية يقتضي :
1- النضال من أجل إلغاء الساري من القوانين والأحكام التي تنص في مضامينها أو تشير أو تحتوي تفسيرا يشكل تمييزاً ضد المرأة , سواء التي أقرتها السلطة التشريعية أو تلك التي مازالت السلطة القضائية تعتمدها كإرث من من جملة القوانين التي كان معمولا بها ما قبل قيام النظام السياسي الفلسطيني (السلطة)
2- رفض التعامل مع أي شخص أو منظمة أو مؤسسة ما لم تتخذ الإجراءات الفورية لإلغاء كل ما يمكن أن يكون تمييزا ضد المرأة في أفكارها , أو أدبياتها أو أنظمتها ولوائحها , أو برامجها وخططها ’ إلا إذا كان هذا التعامل في إطار التشاور والحوار والبحث في السبل والمنهجية الكفيلة بالقضاء على التمييز .
3- النضال من أجل سن القوانين في إطار السلطة التشريعية وإقرارها بنصوص صريحة وبالتفصيل تجرم الأعمال والأفعال التمييزية ضد المرأة من أي جهة كانت في البلاد , وإلغاء حصانة أيا كان إذا بشر لهذا التمييز أو دعا له أو برره أو مارسه قولا أو فعلا .
4- النضال من اجل توضيح النصوص المؤكدة على مبدأ المساواة بين المرء والمرأة في مواد القانون الفلسطيني ( الدستور ) السلبي , والكيفي , وتخليصها من ازدواجية التفسير .
5- النضال من أجل إنشاء مؤسسات رسمية حكومية وغير حكومية عاملة تحت القانون تؤمن الحماية القانونية للمرأة , وتعتبر المساس بالمرأة التي تلجا لهذه المؤسسات طلبا للحماية اعتداء على سلطة القانون وإقرار العقوبات الرادعة
6- من اجل ضمان فاعلية الحماية القانونية ا للمرأة، لابد من أن تأخذ سلطة القضاء المبادرة لإنشاء المحاكم ذات الاختصاص , للنظر بقضايا التمييز أو بقضايا الانتهاكات للحقوق الإنسانية للمرأة المدفوعة بعوامل التمييز الموروث أو المكتسب أو الطارئ .
والنظر أيضا في قضايا التمييز المعروضة أمامها والمشتكى فيها على مؤسسات حكومية أو خاصة أو منظمات أو أحزاب او جماعات أو أفراد 7- التأكيد في القوانين والتشريعات على أن الامومة استجابة طبيعية للخلق الذي فطرت عليه المراة كانسان انثى , وأن كل القوانين سواء الصادرة عن السلطة التشريعية , أو الالقوانين الصادرة عن السلطة القضائية وكذلك قرارات السلطة التنفيذية والمؤسسات التابعة لهذه السطات هي قوانين عادلة لايمكن باي حال من الاحوال اعتبارها تمييزا لصالح المرأة بل حق طبيعي لها يتلائم وطبيعتها كأنثى , وان هذه القوانين تهدف لحماية الامومة وضمان صحة الأجيال النفسية والبدنية .
على صعيد المجتمع والتربية والتعليم والإعلام والتثقيف فانه يجب :
1- اعتماد الحوار العقلاني في الرسائل الإعلامية والثقافية كوسيلة نضال من أجل إحداث أنماط اجتماعية وثقافية نوعية وكمية تؤكد المساواة في القيمة والقدرات العقلية والحقوق ما بين الجنسين إذا ما توفرت الفرص , لتسهيل عملية استئصال السائد من الأعراف والعادات المتحيزة في معظمها للذكر .
2- اعتماد الحوار عبر وسائل الإعلام لإقناع المجتمع بان مسؤولية الخروج عن القيم الأخلاقية المتنافية مع مبادئ الحرية والحقوق الفردية والجمعية , أو تلك السلوكيات المخالفة التي لا يقرها ولا يحميها القانون جريمة يتحملها الطرفان معا المرء والمرأة , إذا كانا متوافقين على فعلها , فيما يتحملها الطرف المبادر المرء الذكر مثل حالات الاعتداء الجنسي , أو التحرش أو التغرير بالأنثى القاصر أو البالغة السن القانونية وما فوق , أو غيرها من أشكال الجريمة كالخطف بغرض الزواج .
3- النضال من أجل كشف المسؤولية المباشرة عن المتاجرين بجسد المرأة , ومستغلي فقرها , أو حالتها النفسية , ودعم كل الوسائل القانونية لتقديمهم لسلطة القانون ,وضمان عدم انفلاتهم من قانون العقوبات الذي يجب أن ينص صراحة على تجريم الاتجار بالجسد أو دفع مقابل مادي أو تقاضي اجر مقابل ممارسة الجنس .
4- النضال لضمان مساواة الإناث والذكور في قوانين التعليم وفرص مواصلته , والاستفادة من المنح الدراسية وكذلك تضمين المناهج الدراسية المبادئ ألأساسية للمساواة وحقوق الإنسان , والحرص على خلوها من أي إشارة أو نص تمييزي على أساس الجنس ، واقتراح المناهج التعليمية في جميع مراحل التعليم التي تساهم في تذويب وتبخير المفاهيم النمطية السائدة عن دور المرء الذكر المتميز عن دور المرأة. وإيصال معنى المساواة عبر حضور الجنسين منذ الصغر على مقعد دراسي واحد بدءا من مرحلة الحضانة وصولا إلى التعليم العالي مرورا بالتعليم ألأساسي و وتشجيع الإناث على خوض تجارب التعليم المهني والتقني .و ضمان ملائمة أدوات التعليم وأساليبها للجنسين
6- النضال من اجل دفع الجهات الرسمية الحكومية أو منظمات المجتمع المدني لتبني إنشاء مراكز بحثية متخصصة في الصحة النفسية للأسرة, ونظم البرامج والخطط الكفيلة بتأمين الرفاهية للأسر المستهدفة , والعمل على إنشاء بنك معلومات وإرشادات لتقديم الدعم النفسي والصحي للأسرة , وكل ما يلزم بشأن تنظيمها ورعايتها .
7- تحديد الفئات المستهدفة في الدراسات والأبحاث , والاعتماد على نتائجها عليها لنظم مبادئ أساسية وأهداف لخطة وبرامج إعلامية تتفق على عناوينها وسائل الإعلام باعتبارها جزءا من منظومة تكوين الشخصية في عصرنا , وإخضاع الخطة لعملية تقييم دورية ومقارنة التغيير مع حجم الرسالة الإعلامية ومضامينها وأساليبها وأدواتها .
نعتقد ختاما أن الوصول إلى انجاز المجتمع النظيف من الجرائم العنصرية على خلفية ما يدعى بالشرف لا يمكن أن يتم إلا بثورة ثقافية يأخذ الإعلاميون والحقوقيون والمثقفون , والسياسيون , وفقهاء القانون , والفقهاء بالشرائع السماوية المتنورون بالمبدأ القائل : " إن الحياة هي غاية الإنسان " وأنها القانون الذي يضبط حركة الكون إلى مالا نهاية .
يتبع
المفضلات