محمد إسماعيل بطرش
مراجعة معاصرة للأديان الكتابية الثلاث: اليهودية و المسيحية و الإسلام
المقدمة:
مما لاشك فيه أن لهذه الأديان الثلاث أكبر الأثر فيما توصل إليه البشر من حضارة و تقدم و كذلك من مآسي و مظالم. فالعالم اليوم قد عانى و يعاني من تأثير الفهم الخاطئ للدين سابقا و لاحقا فما هي حقيقة هذه الأديان و من هم أولئك الذين يتاجرون بالأديان لتحقيق مآربهم الدنيوية باسم الدين و الدين منها و منهم براء:
الدين تعريفا هو ما يتديَّن به الإنسان و هو اسم لجميع ما يعبد به الله و هو الملّة و الاعتقاد بالجنان و الإقرار باللسان و عمل الجوارح بالأركان و يوم الدين هو يوم الحساب و الدينونة. هذا في الإسلام أما في المسيحية التي استولى عليها الغرب بعد مؤتمر نيقية عام 325 للميلاد فهي العودة إلى الارتباط بالخالق بعد هبوط آدم إلى الأرض و طرده من الجنة بسبب الخطيئة الأصلية التي زينها لهم إبليس انتقاما من تفضيل الله البشر على الجن. أما في اليهودية فهي الالتزام بتعاليم التوراة التي كتبها رجال الدين بعد أن حطّم موسى عليه السلام الألواح الأصلية على رأس أخيه هارون إذ و جد بني إسرائيل عاكفين على عبادة العجل الذهبي الذي صاغه لهم السامري من دون الله عند عودته من ميقات ربه.
إن نزول الوحي بالكتب الدينية الثلاث التوراة و الإنجيل و القرآن على التوالي يدلل أن ثمة تحوير في الدين السابق اقتضى من رب العالمين تصحيحه بالكتاب اللاحق فلو بقيت التوراة كما أنزلها الله على موسى عليه السلام سليمة ما أنزل الله الإنجيل و لو بقي الإنجيل على ما أنزله الله على عيسى عليه السلام لم يتنزّل القرآن و لم يكن محمد عليه السلام آخر الأنبياء و الرسل إذ تعهّد الله بحفظ القرآن حتى يرث الله الأرض و من عليها.
فإذا تصفحنا الموسوعات الحديثة كموسوعة الإنكارتا نجد ما يلي:
أولا في اليهودية:
يعتقد اليهود أن إلههم يهوه إله غير إله بقية الناس فهو اختارهم دون بقية الأمم ليكونوا شعبه المختار يختصون به كما يختص هو بهم. أما التوراة فهي الميثاق الذي تم بينهم و بين إلههم يهوه الذي خلقهم كي يعبدوه دون سائر الخلق الذين لم يدينوا له بذلك فخلق اليهود ليكونوا مملكة من الكهنة يتحملون المعاناة حتى نزول مسيحهم الخاص بهم و هو حتما غير عيسى عليه السلام و يعيدهم إلى أرض الميعاد التي وعدهم يهوه بها. بدأ أحبار اليهود بكتابة الميشنا في القرن الثالث للميلاد و هي النصوص المخصصة للحفظ غيبا ثم كتبوا التلمود كتعليقات على الميشنا ليصبح جيمارا بقصد التعلم او الإكمال و كان هنالك تلمودان واحد أنتج في فلسطين أكمل في عام 450 للميلاد و الآخر في بابل أكمل عام 550 و آخر تعديلاتها تم في القرن السادس عشر و لا يزال الباب مفتوحا للتعديل.
الكتب اليهودية الموجودة الآن:
التلمود الفلسطيني من 135-475 للميلاد
التلمود البابلي من 470 – 740 للميلاد
كتاب الصلاة من 740 -1040 للميلاد
أول قاموس للتلمود عام 900 للميلاد
فأين منها التوراة الأصلية المنزلة على موسى عليه السلام؟
ثانيا في المسيحية:
لم يكتب الإنجيل في عهد السيد المسيح عليه السلام و بقي المسيحيون مدة 325 سنة بلا كتاب مرقوم يتداولون سيرة السيد المسيح عليه السلام و يعتقدون أن السيد المسيح عليه السلام إنما هو رسول قد خلت من قبله الرسل على مذهب آريوس و كما علمهم السيد المسيح عليه السلام و ليس إلها.
في عام 325 للميلاد حدث التحول الكبير في الدين المسيحي قام به بعض رجال الدين متأثرين بما وجههم إليه بعض اليهود الذين كانوا أشد أعداء السيد المسيح عليه السلام إذ كادوا له عند الرومان و حكموا عليه بالصلب الذي أنجاه الله منه برفعه إليه
أتى قسطنطين (274-337م) الذي كان قد ولد في نيش من بلاد الصرب لأبيه القائد قسطنطينوس و والدته هيلينة. أصبح الوالد امبرطورا عام 305 غير أنه توفي عام 306 و كان على قسطنطين الابن أن يقاتل منافسيه للوصول إلى العرش. كان الرومان وثنيين يعتقدون أن إله الشمس المرئي (سول) يرعى الامبرطوربينما كان المسيحيون يلقون أصناف الاضطهاد من قبل الرومان إذ يلقون بهم في ساحات المبارزات أو لتلتهمهم الأسود. رأى قسطنطين في المنام أن السيد المسيح أشار إليه بأن يكتب على تروس جنوده أول حرفين من اسمه ياليونانية كما رأى علامة الصليب مرسومة على قرص الشمس فكانت له الغلبة على منافسه على العرش مكزنتيوس في آخر المعركة. قام قسطنطين بإصدار مرسوم ميلان عام 313م منح المسيحيين فيه حق المواطنة و العبادة و أمدهم بالأعطيات لبناء كنائسهم. رغم أنه بقي بنفسه وثنيا يعبد إله الشمس (سول) كإله مرئي رغم اعتقاده بوجود إله أكبر غير مرئي و لم يتعمّد قسطنطين إلا يوم وفاته في 22 أيار عام 337م .
أوجد ترتوليان (160؟- 220م) فكرة التثليث في المسيحية و كان قد ولد في قرطاج و تحول إلى المسيحية من 190-195م ثم ارتد عنها. اقتنع بالتثليث بعض رجال الدين المسيحيبأن الإله مركب من أقانيم ثلاثة: الأقنوم الأول هو الآب و الثاني الابن و الثالث هو الروح القدس مهمته إعطاء الحياة و لكل أقنوم منهم هوية خاصة لا تتم إلا بانضمام الأقنومين الآخرين. فمنذ الأزل كان هنالك حمَل مذبوح على يمين الآب و الذبيخ هو القربان ليعني أن موت المسيح شرط للقيامة.
رُفِع السيد المسيح إلى ربِّه و لم يكتب ما أنزله الله إليه من الكتاب. و بقي أتباعه بلا كتاب يتناقلون نصوصا مما حفظوه من سيرة حياته و بعضا من أقواله مدة 325 سنة و لكنهم كانوا موحدين على مذهب آريوس يعتبرون السيد المسيح كما علّمهم نبيا قد خلت من قبله الرسل و كانوا يلاقون أصناف العذاب بما يكيده لهم اليهود لدى الرومان بعد أن تخلصوا من السيد المسيح .
اجتمع في نيقية ( بلدة إزنيك الآن بتركية) بدعوة من الإمبرطور قسطنطين أكثر من ألف من رجال الدين المسيحي منهم 700 من الموحدين الذين يعتقدون بالوحدانية كما جاءهم بها المسيح الذي لم يكن غير نبي قد خلت من قبله الرسل و ليس إلها لأنه ولد و مات كما يولد و يموت البشر، بينما كان الثلث الآخر ثالوثيين على ما ابتدعه ترتوليان. و لكي يوحِّد قسطنطين الآراء قام بإخراج ال 700 من الموحدين من المجمع و نفاهم كما قتل آريوس لتوحيده, و انقسم ال 318 الباقين على ثلاثة فرق اثنتان منها أقرت بأن الثالوث من جوهر واحد و وقّعوا جميعا تحت الضغط على عقيدة نيقية المصرِّحة بالتثليث و بألوهية المسيح و استبعدوا الفرقة الثالثة التي تؤمن بالمسيح نبيا. أما بشأن الإنجيل فقد قُدِّم في مجمع نيقية هذا أكثر من 50 نسخة مختلفة مما سموه بالعهد الجديد و 21 رسالة, و من الملاحظ الملاحظ أن 23 من كتبة الرسائل لم يكونوا يعرفون شيئا عن الأناجيل الأربعة التي اختيرت من بين الأربعين أو الخمسين نسخة الأخرى. كما لم يذكر أي من بولص أو يوحنا أو يعقوب أو يهوذا أي شيء عن وجود الأناجيل كما أن متى و مرقس و لوقا و يوحنا لم يذكروا ذلك أيضا عند ذكرهم أن الخبز جسد المسيح و أن الخمر دمه. كما لم تذكر أية رسالة شيئا عن ولادة المسيح أو طفولته و شبابه و لا عن أفعاله و معجزاته و لا عن مواعظه أو تعاليمه كما لم يرد فيها ذكر لمريم أمه, بل ذكرت كتابات عن رجل وهمي قُتِل مصلوبا و اسمه عيسى المسيح. و يقول بطرس أن المسيح بقي ثلاثة أيام بعد موته في جهنم بين الأرواح المحبوسة في السجن و لم تذكر ذلك بقية ال26 رسالة الأخرى. و نتساءل لماذا كشف عن هذا بعد 325 سنة من الصعود كما أن كتابي مرقس و يوحنا لم يذكرا ولادة المسيح و قيامته من القبر.
عُيِّن في هذا المجمع ثلاثة بطاركة لروما و إنطاكية و الإسكندرية و أصبح البابا ممثلا للمسيح على الأرض , كما أصبح رجال الدين وسطاء بين الله و الناس فالله لن يغفر للعبد ما لم يقل له رجل الدين غفرت لك أولا.. و جعلوا تتمة الوحي في رجال الدين الذين باعوا صكوك الغفران للناس و أصبحوا سلطة فوق سلطة الملوك و الحكام إبان القرون الوسطى. أما الأناجيل الأربعة المختارة فهي: الإنجيل على ما كتب متى و الإنجيل على ما كتب مرقس و الإنجيل على ما كتب لوقا ثم الإنجيل على ما كتب يوحنا و قاموا بحرق النسخ الأخرى.
و نذكر هنا أن العهد القديم لم يكن موجودا قبل القرن الثاني أو الثالث الميلادي عندما حاول المسيحيون تفسير معنى حياة و موت السيد المسيح, كما أن اليهود لا يقرون بلفظة العهد القديم لأنهم لا يعترفون بوجود العهد الجديد أصلا.
ثالثا في الإسلام:
لم يُنكِر الإسلام الديانات السابقة عليه قبل تحويرها فالله واحد و دينه الإسلام واحد للناس أجمعين. "قل يا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء بيننا و بينكم أن لا نعبد إلا الله و لا نشرك به شيئا."، " قُل آمنّا بالله و ما أُنزل علينا و ما أُنزل على إبراهيم و إسماعيل و إسحاق و يعقوب و الأسباط و ما أوتي موسى و عيسى و النبيّون من ربّهم لا نفرّق بين أحد منهم و نحن له مسلمون. و من يبتغ غير الإسلام دينا فلن يُقبل منه و هو في الآخرة من الخاسرين."، " كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف و تنهون عن المنكر و تؤمنون بالله و لو آمن أهل الكتاب لكان خيرا لهم منهم المؤمنون و أكثرهم الفاسقون. لن يضرّوكم إلا أذى و إن يقاتلوكم يولّوكم الأدبار ثم لا يُنصرون. ضُربت عليهم الذِّلّة أينما ثُقِفوا إلا بحبل من الله و حبل من الناس و باءوا بغضب من الله و ضُربت عليهم المسكنة ذلك بأنهم كانوا يكفرون بآيات الله و يقتلون الأنبياء بغير حق ذلك بما عصوا و كانوا يعتدون."، " و ما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل أفئن مات أو قُتل انقلبتم على أعقابكم و من ينقلب على عقبيه فلن يضر الله شيئا و سيجزي الشاكرين."، " لا يغرّنّك تقلّب الذين كفروا في البلاد. متاع قليل ثمّ مأواهم جهنّم و بئس المهاد."، " و إنّ من أهل الكتاب لمن يؤمن بالله و ما أُنزل إليكم و ما أُنزل إليهم خاشعين لله لا يشترون بآيات الله ثمنا قليلا أولئك لهم أجرهم عند ربهم إن الله سريع الحساب."، " من الذين هادوا يحرّفون الكَلِم عن مواضعه و يقولون سمعنا و عصينا و اسمع غير مُسمع و راعنا بألسنتهم و طعنا في الدين و لو أنهم قالوا سمعنا و أطعنا و اسمع و انظرنا لكان خيرا لهم و أقوم و لكن لعنهم الله بكفرهم فلا يؤمنون إلا قليلا. يا أيها الذين أوتوا الكتاب آمنوا بما أنزلنا مصدّقا لما معكم من قبل أن نطمس وجوها فنردها على أدبارها أو نلعنهم كما لعنّا أصحاب السبت و كان أمر الله مفعولا. إن الله لا يغفر أن يُشرك به و يغفر ما دون ذلك لمن يشاء و من يُشرك بالله فقد افترى إثما عظيما."، " إن الذين يكفرون بالله و رسله و يريدون أن يفرّقوا بين الله و رسله و يقولون نؤمن ببعض و نكفر ببعض و يريدون أن يتخذوا بين ذلك سبيلا. أولئك هم الكافرون حقا و أعتدنا للكافرين عذابا مُهينا. و الذين آمنوا بالله و رسله و لم يفرّقوا بين أحد منهم أولئك سوف يؤتيهم أجورهم و كان الله غفورا رحيما." ، "يا أهل الكتاب لا تغلوا في دينكم و لا تقولوا على الله إلا الحق إنما المسيح عيسى بن مريم رسول الله و كلمته ألقاها إلى مريم فآمنوا بالله و رسله و لا تقولوا ثلاثة انتهوا خيرا لكم إنما الله إله واحد سبحانه أن يكون له ولد له ما في السماوات و ما في الأرض و كفى بالله وكيلا. لن يستنكف المسيح أن يكون عبدا لله و لا الملائكة المقرّبون و من يستنكف عن عبادته و يستكبر فسيحشرهم إليه جميعا. فأما الذين آمنوا و عملوا الصالحات فيوفيهم أجورهم و يزيدهم من فضله و أما الذين استنكفوا و استكبروا فيعذّبهم عذابا أليما و لا يجدون لهم من دون الله وليا و لا تصيرا. يا أيها الناس قد جاءكم برهان من ربكم و أنزلنا إليكم نورا مبينا. فأما الذين آمنوا بالله و اعتصموا به فسيدخلهم في رحمة منه و فضل و يهديهم إليه صراطا مستقيما." و ورد في سورة المائدة: " لقد كفر الذين قالوا إن الله هو المسيح بن مريم قل فمن يملك من الله شيئا إن أراد أن يُهلك المسيح بن مريم و أمّه و من في الأرض جميعا و لله ملك السماوات و الأرض و ما بينهما يخلق ما يشاء و الله على كل شيء قدير."، " يا أيها الرسول لا يحزنك الذين يسارعون في الكفر من الذين قالوا آمنا بأفواههم و لم تؤمن قلوبهم و من الذين هادوا سمّاعون للكذب سمّاعون لقوم آخرين لم يأتوك يُحرّفون الكَلِم من بعد مواضعه يقولون إن أوتيتم هذا فخذوه و إن لم تؤتوه فاحذروا و من يُرد اللهُ فتنتَه فلن تملك له من الله شيئا أولئك الذين لم يُرِد الله أن يُطهّر قلوبهم لهم في الدنيا خزي و لهم في الآخرة عذاب عظيم." ، " و قفّينا على آثارهم بعيسى بن مريم مصدقا لما بين يديه من التوراة و آتيناه الإنجيل فيه هدى و نور و مصدّقا لما بين يديه من التوراة و هدى و موعظة للمتقين. و ليحكم أهل الإنجيل بما أنزل الله فيه و من لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الفاسقون. و أنزلنا إليك الكتاب بالحق مصدّقا لما بين يديه من الكتاب و مهيمنا عليه فاحكم بينهم بما أنزل الله و لا تتبع أهواءهم عما جاءك من الحق لكل جعلنا منكم شرعة و منهاجا و لو شاء الله لجعلكم أمة واحدة و لكن ليبلوكم في ما آتاكم فاستبقوا الخيرات إلى الله مرجعكم جميعا فينبئكم بما كنتم فيه تختلفون. و أن احكم بينهم بما أنزل الله و لا تتّبع أهواءهم و احذرهم أن يفتنوك عن بعض ما أنزل الله إليك فإن تولّوا فاعلم أن الله يريد أن يصيبهم ببعض ذنوبهم و إن كثيرا من الناس لفاسقون." ، " يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا اليهود و النّصارى أولياء بعضهم أولياء بعض و من يتولّهم منكم فإنّه منهم إن الله لا يهدي القوم الظالمين." ، " و قالت اليهود يد الله مغلولة غُلَّت أيديهم و لُعنوا بما قالوا بل يداه مبسوطتان يُنفِقُ كيف يشاء و لَيَزيدَنَّ كثيرا منهم ما أنزل إليك من ربّك طغيانا و كفرا و ألقينا بينهم العداوة و البغضاء إلى يوم القيامة كلما أوقدوا نارا للحرب أطفأها الله و يسعَون في الأرض فسادا و الله لا يحب المفسدين. و لو أن أهل الكتاب آمنوا و اتّقوا لكفّرنا عنهم سيئاتهم و لأدخلناهم جنات النّعيم. و لو أنهم أقاموا التوراة و الإنجيل و ما أُنزِل إليهم من ربّهم لأكلوا من فوقهم و من تحت أرجلهم منهم أمّة مقتصدة و كثير منهم ساء ما يعملون."، " لقد كفر الذين قالوا إن الله هو المسيح بن مريم و قال المسيح يا بني إسرائيل اعبدوا الله ربي و ربكم إنه من يُشرك بالله فقد حرّم الله عليه الجنّة و مأواه النّار و ما للظالمين من أنصار. لقد كفر الذين قالوا إن الله ثالث ثلاثة و ما من إله ألا إله واحد و إن لم ينتهوا عمّا يقولون ليمسّنَّ الذين كفروا منهم عذاب أليم. أفلا يتوبون إلى الله و يستغفرونه و الله غفور رحيم. ما المسيح بن مريم ألا رسول قد خلت من قبله الرسل و أمُّه صدّيقة كانا يأكلان الطعام انظر كيف نبيّن لهم الآيات ثم انظر أنّى يؤفكون. قل أتعبدون من دون الله ما لا يملك لكم ضرّا و لا نفعا و الله هو السميع العليم. قل يا أهل الكتاب لا تغلوا في دينكم غير الحق و لا تتبعوا أهواء قوم قد ضلّوا من قبل و أضلّوا كثيرا و ضلّوا عن سواء السبيل. لُعِنَ الذين كفروا من بني إسرائيل على لسان داوود و عيسى بن مريم ذلك بما عصوا وكانوا يعتدون. كانوا لا يتناهون عن منكر فعلوه لبئس ما كانوا يفعلون. ترى كثيرا منهم يتولّون الذين كفروا لبئس ما قدّمت لهم أنفسهم أم سخِط الله عليهم و في العذاب هم خالدون. و لو كانوا يؤمنون بالله و النّبي و ما أُنزِل إليه ما اتخذوهم أولياء و لكن كثيرا منهم فاسقون. لتجدنَّ أشدّ الناس عداوة للذين آمنو ا اليهود و الذين أشركوا و لتجدَنَّ أقربهم مودّةً للذين آمنوا الذين قالوا إنا نصارى ذلك بأن منهم قسّيسين و رهبانا و أنهم لا يستكبرون. و إذا سمعوا ما أُنزِلَ إلى الرسول ترى أعينهم تفيض من الدّمع مما عرفوا من الحقّ يقولون ربّنا آمنّا فاكتبنا مع الشّاهدين. و ما لنا لا نؤمن و ما جاءنا من الحق و نطمع أن يدخلنا ربنا مع القوم الصالحين. فأثابهم الله بما قالوا جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين قيها و ذلك جزاء المحسنين. و الذين كفروا و كذبوا بآياتنا أولئك أصحاب الجحيم."، " إذ قال الله يا عيسى بن مريم اذكر نعمتي عليك و على والدتك إذ أيّدتك بروح القدس تكلّم الناس في المهد و كهلا و إذ علمتك الكتاب و الحكمة و التوراة و الإنجيل و إذ تخلق من الطين كهيئة الطير بإذني فتنفخ فيها فتكون طيرا بإذني و تبرئ الأكمه و الأبرص بإذني و إذ تخرج الموتى بإذني و إذ كففتُ بني إسرائيل عنك إذ جئتهم بالبينات فقال الذين كفروا منهم إن هذا إلا سحر مبين. و إذ أوحينا إلى الحواريين أن آمنوا بي و برسولي قالوا آمنا و اشهد بأننا مسلمون. إذ قال الحواريون يا عيسى بن مريم هل يستطيع ربك أن ينزّل علينا مائدة من السماء قال اتقوا الله إن كنتم مؤمنين. قالوا نريد أن نأكل منها و تطمئن قلوبنا و نعلمَ أن قد صدقتنا و نكون عليها من الشاهدين. قال عيسى بن مريم اللهم ربنا أنزل علينا مائدة من السماء تكون لنا عيدا لأولنا و آخرنا و آية منك و ارزقنا و أنت خير الرازقين. قال الله إني منزلها عليكم فمن يكفر بعد منكم فإني أعذبه عذابا لا أعذّب به أحدا من العالمين. و إذ قال الله يا عيسى بن مريم أأنت قلت للناس اتخذوني و أمي إلهين من دون الله قال سبحانك ما يكون لي أن أقول ما ليس لي بحقّ إن كنتُ قلتُه فقد علِمتَه تعلم ما في نفسي و لا أعلم ما في نفسك إنك أنت علاّم الغيوب. ما قلتُ لهم إلا ما أمرتني به أن اعبدوا الله ربّي و ربُّكم و كنتُ عليهم شهيدا ما دمتُ فيهم فلما توفيتني كنتَ أنتَ الرقيب عليهم و أنتَ على كل شيء شهيد. إن تعذّبهم فإنّهم عبادك و إن تغفر لهم فإنّك أنت العزيز الحكيم. قال الله هذا يوم ينفع الصادقين صدقهم لهم جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها أبدا رضي الله عنهم و رضوا عنه ذلك الفوز العظيم. لله ملك السماوات و الأرض و ما فيهنّ و هو على كلّ شيء قدير." صدق الله العظيم.
المفضلات