عـابــــر سبيــــــل


أنا مجرَّدُ عابر سبيل سيدى.. في زمن لم يُكتب تاريخُه بعدُ بنزاهة. لكنني مثل أىّ باحث عن الحقيقة ، قد أستشعرُها فى طَىّ الأوراق المتراكمة .. أو قصاصة ورق تغافل عنها الرواة. أو حتَّى فى وجهة نظر قد يرميها البعضُ بالجنون. لستُ مؤرِّخاً ممن تعلمهم و لا يعلمونك.. و لستُ روائيّاً ممن يكتبون عنك من علياء مكاتبهِم دون أن يروك أو يسمعوك ، وكانَّك أبداً لم تتغيَّر منذ أن كانوا معك على ناصية الطريق ، قبل أن يفقدوا هويَّتَهُم ويحملوا بدلاً منها صكوكَ الغُفران وكاسَ الخمرِ والسيجار.

أنا مثلك لا زلتُ أحملُ هويَّتي التى يحقدونَ عليها ، لا زلتُ أهتفُ فى أعماقِ نفسي .. أنا جُنديٌّ أنا مسلم ، لا عَرَبِىّ أو أعجم ، أنا جُنديٌّ أخشى الله ، لا أخشي مَن كان سواه .. أنا سيفُ الحقّ البتَّار ، أنا إعصارُ يقذفُ نار، أنا ثورةُ عدلٍ إن قامت ، لا يبقى فى الكونِ طُغاة .

أبوحُ لك اليوم بما قالته لى قصاصةُ ورق .. قبل أن يلطمُها موجُ النسيان ، ويُكتبُ عليها مصيرُ الغرق ، فى عرض موجز بلا إفراط أو تفريط . وعليك أنت أن تتَّخذَ القرار. فهذا التحقيق لا يُقرُّ حقيقة وإنَّما يعرض حقائق تاريخيَّة ، لتستلهِمَ منها .. وجهة نظر....!!! كى لا تقع فى فخ نصبه لك أكثر مفسدي الأرض حنكة وحيطة، وسوَّقَه لك نفيرهم العالي وإعلامهم المضلل.

ودعنا نتفق منذ البداية، أن إثبات الحقيقة شىء ضرورى وليس ترفاً فكرياً أو تسليةً تجلبها لقلبك قصة حب ساخنة أو رواية بوليسية مشوقة. لقد إنتهى عصر كل ذلك، وقفز العالم قفزات واسعة نحو واقع حقيقى يفوق بكل المقاييس ما كان يأخذ بألبابنا من قصص خيالية.

ولم تعد الحبكة البوليسية لأمثال أجاثا كريستى أو ألفريد هيتشكوك أو إدجار آلان بو، لتأخذنا عن تلك الأحداث الأسطورية المحبوكة والتى سطرت أحداثها بدماء الملايين من البشر الأبرياء. وليس بؤساً مثل الذى كنا نجده فى كتابات ديستويفسكى ولا فيكتور هوجو، إلا شذرات قليلة مما نجده حالاً فى عالمنا المعاصر من أشلاء مبعثرة هنا وهناك، وبقايا أجسادٍ على حافة الطريق، وسجون مفتوحة فى قاع الأرض وفى جزر معزولة، تضيع فيها آدمية الإنسان ولا يخرج منها إلا كهلاً محطماً أو عميلاً مروضاً أو مسخاً آدمياً لا تربطه ببنى الإنسان سوى هيئته وهيكله الجسماني.

دعنا نتفق، على أن للمعرفة واجبات تترتب عليها، وليست بالضرورة أن تصبح عضواً فى تشكيل أو حزب ما، ولكن على الأقل، أن تصبح من القلة الذين يعرفون ثم لا يكتمون ما يعرفون. فكتمان العلم هو آفة قد باء بها من قبلُ بنوإسرائيل ثم أورثوها لكل من هو على شاكلتهم، حتى أصبح التاريخ يخفى فى طياته أكثر مما يبدى.

دعنا نتفق على أن مايدور فى أقصى الأرض أو دانيها قد يكون مؤثراً مباشراً علينا، وأننا كمسلمين أولى بالمعرفة الحقة وننأى بأنفسنا عن أى مصدر يحتمل الغش ولو من بعيد. فنحن أصحاب رسالة وقد مَنَّ الله علينا بمعرفة أساليب التحقق والتثبت واتقناها حتى شكلت علماً أصبح مضرب الأمثال ولا يكاد بحث علمى حقيقى يخلو من وسيلة من وسائل التحقق التى أثبتها هذا العلم، علم الحديث. ولا جرم أن الله سبحانه وتعالى قد فتح لأسلافنا فى علوم البحث ما لم يتسنَّ لغيرهم من السابقين أو اللاحقين ولا لمن أبوا أن يكونوا من المنصفين وغرهم بالله الغَرور. فقد إعتنى السلف الصالح بعلوم الحديث عناية يندر أن يتحقق مثلها فى زمان أو مكان. وصرفوا فى هذا العلم وتقنينه من الجهد والتحرى، ما لا يكاد يصدقه عقل. ومن أراد أن يتأدب بمثل آدابهم ويطرب لسماع أخبارهم فعليه بكتاب الخطيب البغدادي " الرحلة فى طلب الحديث " الذى جمع فيه أخبار الصحابة والتابعين ومن تبعهم فى طلب الحديث. فلا يحق لنا من بعد ذلك كله أن نرتد على أعقابنا بعد أن هدانا الله، كالذى استهوته الشياطين فى الأرض حيران. ولا أن يكون مبلغ علمنا من الأمور هو ما ترميه لنا أبواق التزييف من قصاصات مفتعلة أو رواياتٍ منتحلة. وقد أورثنا الله برحمة منه وفضلٍ؛ إرثاً عظيماً من العلوم التى لو عملنا بها لما تسنى لأحد أن يكون له الغلبة على المسلمين ولو كان أهل الثقلين معه ظهيراً.

ودعنا صديقي نتفق، على أن شهادة الزور ليست فى المحكمة وحدها، وليست فقط فيما يختص بحقوق الأشخاص المعاصرين، وإنما هى مفهومٌ عام لكل ما يكون من شأنه إخفاء الحق وإبداله بما نعرف أنه باطل. ولهذا وجب على المسلم أن يتقصى الحقيقة وأن لا يصدق ما يصل إلى مسامعه بغير بحث وتدقيق. وأن يكون مصدر الخبر عندنا من الثقاة المشهورين بالصدق والأمانة والتحرى، فضلاً عن معايير العقل وقوة الملاحظة والذاكرة. وهى معايير تتضاءل إلى حد كبير إذا ما قورنت بمعايير علم الحديث. ولا جرم أن الإخلال بمعايير التحرى هذه لهو السبب الأساسى فى ذلك الخلل فى معارفنا الحالية ومعلوماتنا التى نبنى على أساسها أحكاماً سوف يحاسبنا الله عنها يوم القيامة.

وإنه إذا كانت أكثر مصادر معلوماتنا العربية هى مجرد أنواعٍ مختلفة من الببغاوات، وما تنقله لنا فهو ترجمات حرفية لما يبثه إعلام الغرب الحاقد على الإسلام والمسلمين. فإن المصدر الحقيقى المتاح تنطبق عليه معايير الكفر، وهو ما يجعله فى مرتبة أدنى بكثير من الفسوق الذى يستوجب التبيُّن بنص الآية القرآنية الكريمة " وإن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا "، حيث إن ما تبثه مؤسساتنا الإعلامية نقلاً عن أبواق الغرب الإعلامية، لا يرقى إلى مرتبة الخبر بحال من الأحوال، فكيف بنا نقيس عليه إستدلالاتنا ونتخذه حجة نحتج بها فى محاوراتنا، بل كيف نحكم على العالم بناءً على أقاويل لا تمت إلى عالم الأخبار بصلة؟

لقد سبقنا الغرب بمسافات مترامية فى المجال التقني، واستحدث بأيدى علمائنا فى المهجر أدوات بالغة الدقة والتعقيد، ومما لا شك فيه هو أن جهلنا بهذه التقنيات مع وجود تواطوء ملموس من جهات وأفراد يكتمون ما يعلمون، أو شياطين خرسٍ لايتكلمون، كل ذلك يجعل من الصعب إن لم يكن من المستحيل فى بعض الأحيان أن نفهم ما تنطوي عليه أكاذيبهم من حقائق.

وقد يؤدى إنبهار البعض منا بذلك التقدم التقنى إلى تصديق كل ما يمليه علينا الغرب من روايات وأكاذيب، وهو خلاصة ما يسعى الغرب إليه منذ أن ظهر الشعاع الأول للحضارة الإسلامية. إلا أن أجدادنا الذين فهموا دينهم أكثر، لم يتركوا باباً للعلم إلا وطرقوه، ولم يكتم أحدٌ منهم علماً أفاض الله عليه به وهو يعلم فى إفشائه فائدةٌ للمسلمين. ولو أن علماء المسلمين فى الغرب أفضوا بما يعلمون لتغيرت موازين الأمور عند الكثير منا ولصدرت أحكامٌ مغايرة تماما لتلك التى تتناقلها ألسنة العامة والدهماء، ويلقنونها من بعدهم لأبنائهم إمعانا فى الجهل. ولكن أنَّى لهم ذلك وهم قد رضوا بما يلقيه لهم الغرب من إغراءات اقلها نعومة الحياة وزخرفة الشهادات ومعسول الكلمات، فى حين تلفظهم أرحام بلادهم وإن يعودوا إليها تائبين تغدر بهم وتحنث بعهودهم وتخشى طواغيت الحكم الجاهلة أن تكشف علومهم ما طاب لهم أن يؤسسوا من بنايات التشويش والتجهيل.

وإنه لمن المحزن حقيقةً أنَّ رجالاً ذوى عقلٍ وحكمة، يصبحوا بين يومٍ وليلة فى عداد الحمقى. بل ويدافعون بضراوة عن أكاذيب واضحةٍ لكل ذى لب. دونما بحثٍ أو تمحيص، والذى إنحدر بهم إلى ذلك المستوى إنما هى كراهية شديدة للتعنت الأميركى وتمنى زوال هذه الدولة الظالمة، فما أن سمعوا أبواق الإذاعات المضللة تزعق بأن أميركا تحت العدوان إلا وصفقوا جميعاً لمن إتهمته أبواق الغرب دون أن يتحروا. وهم فى واقع الأمر لم يسمحوا لأنفسهم بالشك فى كون بن لادن هو الفاعل أم لا. فهم قد أرضى غرورهم وشفى بعض ما فى صدورهم أن يكون الفاعل عربى أو مسلم. وتلك هى القاعدة التى إرتكز عليها اليهود فى ترويض العقل العربى والإسلامى طوال الأزمة وحتى يومنا هذا.

وكل ما وصلت إليه قريحة العرب أنهم إنقسموا فيما بينهم إلى قسمين كلاهما جانبه الصواب وهو يصب فى مصلحة العدو فى ننفس الوقت. فالقسم الأول يهتف باسم بن لادن الذى أذل كبرياء أميركا الطاغية الباغية، فى حين أن القسم الثانى يلقى باللوم على بن لادن لما سببه من مشاكل للإسلام والمسلمين فى مشارق الأرض ومغاربها. أما بن لادن نفسه فلم يصل صوته إلى أحد من الفريقين. وكنا نظن دائماً أنه مادام هناك تناقض، فإن هناك طرفٌ على الحق وآخر على الباطل، حتى جاءت هذه الحالة الفريدة فحركَت كثيراً مما كنا نظنه من الثوابت التى أسسها المَنَاطقَةُ.

وكل ما نهدف إليه فى بحثنا هذا هو أن نجتمع والفريقين على رأىٍ واحد لا يرتكز على التكهن والتخمين، ولا على العاطفة والإنفعالات، وإنما على التحليل العلمى المنظم وإعمال القوانين الراسخة فى البحث والتحرى. فالمعرفة الحقة هى أول طريق الحل. ولسنا بحاجة لشىء أكثر من حاجتنا للشجاعة الأدبية، حتى نكون قادرين على أن نصوب أخطاءنا ونتخذ موقفاً من الأمور يستند إلى قاعدة معلوماتية راسخة، وليس إلى مجموعة من الأخبار الملفقة المغرضة، التى تهدف إلى إقصائنا عن فهم الحقائق الغائبة والمغيبة، إلى التعلق بأوهام وترهاتٍ لا يربطها بالواقع شىء سوى ما للعدو من ادعاءات وافتئاتات.

إذا كان من المتفق عليه من الناحية المبدئية هو أن المتهم برىء حتى تثبت إدانته، وإن البينة على من ادعى واليمين على من أنكر، وأن الإعتراف هو سيد الأدلة، وعلى أنه لا تجريم إلا بنص، وغير ذلك من المسلمات البديهية والتى تحفظ لكل إنسان فرصته فى الدفاع عن نفسه كاملة غير منقوصة. فإننا سوف نعرض فى بحثنا هذا لحالة فريدة من نوعها، تخلى فيها الناس عن هذه المسلمات، وسمحوا لأنفسهم بمصادرة حق الغير فى الرد أو الدفاع. هذه الحالة هى حالة السيد بن لادن ورفاقه.

ولسنا هنا فى معرض الدفاع عن الرجل أو الحط من قدره أو منحه ما قد لا يستحق، وإنما نحن هنا لنعرض للقضية بحيادية، تاركين للقارىء مهمة التقييم والحكم أو الترجيح. والذى نضيفه هنا هو أننا سوف نراجع الموضوع دون أن نتخلى هذه المرة عن المسلمات التى طالما إتفق عليها العقلاء من البشر وقدمها لهم الإسلام فى سياق منظمٍ ودقيق.

القضية حافلة بالأكاذيب، وهى طريقة الغرب المعتادة فى الإقناع. كلما انتهيت من أكذوبة عالجوك بأكذوبة غيرها ثم بأخرى وهكذا، لا يتركون لك الوقت لتفكر فى مصداقية أىّ منها. وكل أكذوبة هى محاولة جديدة لإثبات أو تثبيت الأكذوبة السابقة لها. حتى تجد نفسك بين كومة من الأوراق والأكاذيب التى يصعب عليك أن تنعتها كلها بأنها مضللة. ثم انهم لايَمَلُّونَونَ ترديدَ الأكاذيب حتى يملّ مناظروهم من الرد عليهم فيصمتوا، فلا يجد السامع غير أكاذيبهم ليل نهار. وإن أكاذيبهم لمن الحبكة بمكان بحيث أن هناك ما يكفى من البلهاء لنصرتهم بل والمجادلة عنهم، حتى أنك لتكاد تتراجع أمام كثرة مصدقيهم أو تفقد الأمل فى نصرة الحق. ولكن الله غالب على أمره ولو كره الكافرون.

عرض تاريخى
حينما بوغت العالم الإسلامى بعملية الحادى عشر من سبتمبر، كان على الناس أن يفكروا بسرعة ولساعات معدودة قبل أن تبدأ وسائل الإعلام الغربية فى سرد قائمة المتهمين الجاهزة وصب جام غضبها على الإسلام والمسلمين. وكان المفروض هو أن التفكير فى هذه المفاجأة سوف يستند إلى ما لدى العالم الإسلامى من خبراتٍ تاريخية بمثل هذه الأزمات. ولكن الكارثة هى انه لم تكن هناك أية دولةٍ إسلامية قد وضعت لنفسها آلية للتعامل مع مثل هذه الأزمات. وبات واضحاً أن المفاجأة قد أذهلت مفكرى العالم الإسلامى وتركت المسلمين يتخبطون بين التكهنات المتضاربة.

إن الفائدة الكبرى للتاريخ هى ان نأخذ منه مايفيدنا فى تحليل ملابسات المواقف المختلفة التى قد يصعب علينا حلها دون توافر الخبرة أو الأطر المعلوماتية المناسبة. فربط الأحداث المعاصرة بالتاريخ، قد أثبتت التجارب العديدة أن التاريخ يفسر لنا الكثير. بل إن هناك من الحوادث التاريخية ما قد يتكرر رغم إختلاف الظروف والمؤثرات. ولدينا دلائل واضحة على أن الغرب يعنى بالتاريخ فى حين يغط قادة المسلمين اليوم فى سبات عميق. بل إن منهم من لا تتجاوز معرفته بالتاريخ المرحلة الثانوية. فغالبيتهم العظمى من العسكريين الذين تتوقف معارفهم عند حدود الخبرة العسكرية فحسب وليس لهم حظ من العلم إلا القليل. ومن أمثلة ذلك تدافع القادة العرب إلى ما سمى بمؤتمر مدريد 1992، والذى يعد إعترافاً عملياً بإسرائيل، وتكريساً للحقوق الإسرائيلية المزعومة. إلا أن الكارثة هى أن ذلك المؤتمر قد تم إختيار موعده ومكانه لأسباب تاريخية مهينة للإسلام والمسلمين. فهو يتوافق مع إحتفالات الغرب بمرور خمسمائة سنة على طرد المسلمين نهائياً من الأندلس، ومدريد التى هى مركز الأندلس هى مكان الإحتفال، والمحتفلون مَن؟ إنهم قادةٌ ليس لهم حظٌ من العلم إلا النذر اليسير، أو هم خائنون لله ولرسوله والمسلمين، فأى الفريقين هم وأى الصفتين يرتضون؟

من هنا علمنا أن محرك التاريخ لا يزال يعمل، وأن عدونا لا ينسى ,وأن أحقادهم أكثر من أن تنتهى مع الزمان. علمنا من هنا أن أوهام السلام ما هى إلا أداة من أدوات الحرب لديهم، وأنهم يحصلون بالسلام المزعوم وبالخيانة على أشياء ليس لهم أن ينالوها بالحرب ما دارت الأيام والليالى. وهم لايضيعون فرصة من الحاضر أو من الماضى. فها هم اليهود يبتزون العالم بما يسمونه تعويضات عن ممتلكاتهم التى تركوها ورحلوا مختارين إلى فلسطين. ولم يجرؤ زعيم عربى واحد، أن يطالبهم بتعويضات عن كل ما سببوه للعرب الفلسطينيين من آلام، ولا عن إحتلالهم للأرض العربية منذ ما قبل 1948 وحتى اليوم. ولا عن تدميرهم بلاد المسلمين وسعيهم فى الأرض بالفساد. ولو أنصف الزعماء لطالبوهم حتى بتعويضات عن الذهب الذى سرقوه فى زمن نبى الله موسى وصنع السامرى لهم به العجل، الذى نسفه موسى عليه السلام فى اليم نسفاً. هذه ليست فكاهة، إنها لغة الحقوق التى ندفع أموالاً طائلة من حقوق فقراء المسلمين، التى جُمعت من أقواتهم وأقوات عيالهم لتصب فى بطن العدو، قتلة المسلمين وقتلة الأنبياء والمرسلين من قبل. الذين سبُّوا الله ولعنهم الله والملائكة والناس أجمعين، فلا تجد أمة على ظهر الأرض إلا وتلعنهم.

إن من ضاع منه التاريخ كمن فقد هويته و بطاقته الشخصية، وليس لديه غيرها لإثبات ما له من حقوق وممتلكات. ضاعت هويته الثقافية، فأصبح بلا هدف ولا مرجعية، تائهاً فى خضم الأحداث، متقلباً تارة بين الملكية أو الجمهورية والنظام الرئاسى أوالنظام الوزارى، والقومية أوالوطنية، والإقطاع والرأسمالية والإمبريالية أو الإشتراكية والشيوعية، والصوفية أوالعلمانية. كلها مشارب ومآرب، قادنا إليها فقدان الهوية التاريخية والمرجعية الإسلامية. لماذا لا يريد زعماؤنا أن يدركوا أننا لا نصلح إلا أن نكون مسلمين؟ الله جبلنا على الخير وهم يريدوننا أن نضل السبيل، ويريد الذين كفروا أن نميل ميلاً عظيماً.

وكما لايجب أن يضيع منا تاريخنا، لا يجب أيضاً أن ننسى تاريخهم الأسود الدامى، ولا يجب أن ننسى صحيفتهم الجنائية، منذ تزييفهم كتاب الله التوراة والإنجيل، وإضطهادهم لمسيحيى مصر وإحتلالهم بلاد المسلمين، وهى كل أرضٍ فتحها الله للإسلام، من متاريس أبواب فينا (النمسا) حتى بكين (الصين)، ومن متاريس أبواب باريس(فرنسا) إلى شواطة البحر المحيط (الأطلسى)، وغالب أفريقيا والهند والقوقاز وأرخبيل الملايو وخراسان كلها أرض إسلامية حقٌ للمسلمين. وكل الأرض لله وحق للإسلام.

ومن الفوائد الهامة لإعادة ترسم إحداثيات التاريخ التى كفرتها عمليات التزييف والمغالطة من قِبل المستشرقين والمستغربين المتواطئين مع نوازع الثقافة الغربية المشوهة ودعاة الحداثة الداعرة، أننا نستعيد إدراكنا لموقعنا الحاضر ومدى إبتعادنا عن مركز الثقل الرئيسى ونقاط الإرتكاز التاريخية. وينكشف هذا الغطاء وتنجلى أبصارنا فنرى ما لم نكن نراه ونسمع ما لم نكن نسمع ونقرأ ما بين الكلمات، نعود إلى الحياة من جديد. نستعيد الثقة فى أنفسنا وفى معطياتنا وفى مرجعيتنا الثقافية المتمثلة فى كتاب الله وسنة رسوله وفى إقتفاء آثار الصحابة والتابعين وتابعى التابعين. يكشف لنا التاريخ ألغاز الحاضر بمفردات الماضى ومبشرات المستقبل. أما مفردات الحاضر فهى مفردات مستعارة من ثقافة نائية وبعيدة عنا. مفردات بشرية الصنع منحازة غير متعادلة. مفردات ميكافيليةٍ تنزع إلى تبرير كل جريمة على أنها ضريبة لابد منها للنجاح وللوصول إلى الغاية. فهى ثقافة غائيَّة متعثرة فى الخطايا والذنوب متنصلة من الأخلاق والأعراف.

من هنا، وبعد تحرير عقولنا من سيطرة الأفكار الغوغائية واستراتيجية الأحكام الإنطباعية غير المؤسسة على مدخلات (معطيات) وتحليل علمى فمخرجات (أحكام) منطقية ذات تأسيس إستدلالى شرعى. سوف يكون من السهل علينا أن نحكم فى الفتنة الأخيرة التى أسدل بها الستار على فتن القرن العشرين، قرن الجاهلية الثانية. وسوف نصل إلى إنعدام مربعات الخطأ للأحكام، ويكون علينا أن ننحاز إلى الحق وتتوحد كلمة المسلمين. فالمشكلة هى الفرقة وليس الجُبن، والفرقة منشاؤها عدم واحدية القرار، وذلك ناتج عن أن الحاكمية فى الأمر لا نردها إلى الله وإلى الرسول، وإنما إلى هيجل وديكارت ونيتشة وميكافيلى وجان جاك روسُّو، وأن ثقلفتنا قد لوثتها مفاهيم الإنحلال التى لطختنا بها حداثة بودلير ورامبو ومالارميه وفاليرى وإليوت وباوند.

ومع بزوغ أول شمس لعودة الروح الإسلامية، واستعادة الحرية المفقودة، سوف تتصدر عناوين الصحف كلها، قصة الخديعة الكبرى، التى جعلت من مجاهد يقطن جبال تورا بورا، علامة تصم بها أميركا الطاغية الباغية كل مسلم بالإنحراف والرغبة فى التخريب. وسوف نجد أنه من المستحيل أساسا أن يكون هناك من قاد الطائرتين اللتين ضربتا أحد البرجين من الداخل، وذلك ببراهين علمية وشهادة خبراء فى مجال الطيران. ووجود دلائل تحليلية للرحلتين على التحكم عن بُعد عقب السيطرة على الطيار التلقائى الذى يكون محملا بتفاصيل الرحلة خلا الصعود والهبوط فيتركان للطيار الآدمى ومساعديه. بل سوف نجد أن عدد الأبراج ليست إثنين وأن وقوع برج واحد على الأقل هو أمر مستحيل أن تحدثه طائرتان بغير وجود متفجرات داخل البرج وديناميكية هدم هندسية مدروسة Demolishing Process وفقاً لبيانات هيكلية للبرج المراد إسقاطه. ولا سيما إذا كان البرج معدنياً. وعملية قيادة الطائرات بالتحكم عن بعد تنفى إحتمال نسب ذلك إلى بن لادن، وإلا فلماذا لم يقم بعملية واحدة على مدى السنوات الست التالية لذلك النجاح الباهر (بفرض حدوثه) رغم العدد الفلكى للرحلات المدنية التى غالباً من تترك القيادة فيها للطيار الآلى Auto Pilot بعد أقل من عشرين دقيقة من الإقلاع؟ أليس فى مقدوره حتى أن يأسر أى قائد أو زعيم ويأخذ بطائرته إلى سفح جبال تورا بورا وكأنه يلعب بالأركاد؟ وكيف يمكن أن يقوم فرد أيا كانت مهارته بقيادة عملية مثل هذه وبهذه الكفاءة المزعومة وهو بين الجبال وعلى بعد آلاف الأميال؟ إن أسهل عملية سرقة لبنك فى الريف قد تستلزم وجود قائد العملية.

وإذا ما أضفنا ذلك كله إلى عملية الفبركة المكشوفة لإدخال أسماء عربية على قائمتى الركاب للطائرتين، ومنهم من يمشى على قدميه لليوم فى بلده، وسقوط أبراج مجاورة من تلقاء نفسها دون أى دفع خارجى أو خلخلة أرضية، وتوافق البث الواضح المجانى لجميع دول العالم والمشاهدة الحية للعملية وهى لا زالت فى طور الحدوث، والغياب التام لجميع وسائل الدفاع الأميركية، وتركيب صور بن لادن القديمة على صوته المقلد رقمياً Digital fake وإستنطاقه بما لم يقله من إعترافات ينخدع بها عامة البسطاء ويتشجع بها المغرضون على تأكيد رواياتهم، ومحاصرة الإعلام الباحث عن الحقيقة فى العالم كله، وعدم إطلاع العالم على تسجيلات الصندوقين الأسودين والتى لا شك ستماثل تسجيل القبطان البطوطى فى الطائرة المصرية التى أقتيدت بنفس الأسلوب إلى منطقة الصواريخ الذاتية الأميركية مما حقق إسقاطها بالتأكيد، وإشاعات الحرب الكيميائية التى يديرها بن لادن اللاحقة لكذبة سبتمبر. إذا أضفنا كل ذلك إلى ما ثبت من كذب واضح للرئيس الأميركى (غير الشرعى) جورج بوش الثانى فى قضية الأسلحة النووية العراقية (الغير موجودة أصلا)، وعملية الفبركة والتقرير المفبرك الذى بنيت عليه كل العمليات فيما بعد، وكذبه فى كل ما رواه تقريبا حتى اليوم. سوف نجد أنفسنا أمام إختيار واحد، وهو أن نقرر براءة بن لادن من كل ذلك وفقاً لمقررات العلم التى لا تكذب، أو أن نكون بلهاء ونصدق كذاب العصر ومغتصب إرادة الأميركيين جورج بوش الثانى. فهل يكون جزاء من جاهد فى سبيل الله منذ السابعة عشرة من عمره وهزم الروس فى موقعة جلال أباد التى انسحبوا بعدها صاغرين، أن نحمله كل ذلك؟ " يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا أن تصيبوا قوماً بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين"(الحجرات/6)، أولسنا الأن بنادمين؟