بسم الله الرحمن الرحيم




فكـــــــرة كانـــــت كامنــــــه
بدأت فكرة البحث تلتصق بذهنى رويدا رويدا منذ ذلك اليوم البعيد الذى كان يجلس فيه الباحث المعروف استيليو كوميتسوس الجرسون السابق بمقهى (امبريال) بميدان محطة الرمل بالاسكندرية ، امام بئر صغيرة تتدفق منها المياه من عمق قريب جدا من سطح الارض أما الباب الشمالى لمبنى غرفة الاسكندرية التجاريه وكان ذلك حوالى سنة 1960 م .
كنت فى هذا الوقت لا اتعدى الرابعة عشرة من عمرى عندما علمت بأنه يبحث عن قبر الاسكندر والناس من حوله يقولون انه متشوق لرؤية الذهب والاحجار الكريمه التى يمتلىء بها القبر.
كنت متحيرا ... كانت امامى اسئلة كثيرة فى حاجة الى ماسة الى اجابات كثيرة ايضا . على الرغم من انى فى ذلك الوقت لم اكن احيط بأنى المعلومات عن قبر الاسكندر اللهم الا القليل جدا عن الاسكندر نفسه وذلك مما تلى علينا فى المرحلة الابتدائيه وهو لا يتعدى اسمه وبلده وفتحه لمدينة الاسكندرية المسماة بأسمه .
لكن هذه الافكار وان كانت ضئيله الا انها كانت تكون عندى فكرة على ان قبر الاسكندر ذو أهمية كبرى ، ولا يمكن بحال من الاحوال أن يكون فى تلك المنطقه .
... كنت اتحدث الى نفسى حول الموضوع فأجد انه لا بد وأن يكون هناك مهندسون اكفاء خططوا لبناء تلك المقبرة وهم يعلمون تمام العلم بأنهم يخططون لبناء اعظم مقبرة فى ذلك العصر ، هى مقبرة امبراطور من أندر أباطرة اليونان فى ذاك الوقت ، فلا يمكن أن يقيمونها الا فى مكان أمين تبقى فيه للمشاهدين اكبر فترة ممكنه من الزمن محتفظه بشكلها ورونقها ، ويستبعد ان يختاروا مكانا منحرفا ـ بجوار شاطىء مثلا ـ والمعروف أن شاطىء الاسكندريه كان معزولا عن المدينة بواسطة السور.
....ومن خلال هذه الاعتبارات القليلة كنت انفى وجود المقبرة فى هذا المكان الذى يحفر فيه الباحث سالف الذكر ، فهو يحفر فى نقطه اقرب ظنى انها كانت خارج السور.
ومرت الايام تعقبها الشهور وتجمعت لتصبح سنوات ، والجرسون اليونانى ينتقل من أمام تمثال سعد زغلول الى امام مبنى غرفة الاسكندرية التجارية ناقلا معه المعاول والفؤس والحفارين ، ثم تحول الى شارع نبى الله دانيال ومنه الى منطقه كوم الدكه وكانت النتيجه موحدة .. ثم رحل الى بلاده .
وظلت الفكرة لاصقه بذهنى لا تغيب عنه الى ان جاء عام 1967 حيث اتيحت لى فرصه البحث والاطلاع ومن ثم كانت بدايه العمل .

رحلـــــــة من أجـــــــــل مقبــــرة أمبراطــــــــــــــور

بدأت الرحلة تسير قدما منذ ان التقيت بالسيد ممدوح سالم حين كان محافظ لثغر الاسكندريه المجيد حيث كان لترحيبه بالفكرة من بداياتها اكبر الاثر فى دفعى نحو الاجراءات العملية للمشروع ، وقد طلب منى سيادته مذكرة عن الموضوع .
بعد أسبوع من لقائى بسيادته ، أخطرتنى محافظة الاسكندرية تليفونيا بضرورة الذهاب الى المتحف اليونانى الرومانى لعمل مناقشه حول هذا الامر ، وفى هذه الاثناء
كانت محافظة الاسكندرية قد حولت المذكرة المختصرة والمقدمه للسيد المحافظ كطلبه ، الى المتحف اليونانى الرومانى بالاسكندرية وأوصت باجراء اللازم .
التقيت بالسيد مدير المتحف ومساعده وتم بذلك عمل محضر رسمى كان مختصرا جدا .
.. أبلغنى مدير المتحف بعد ذلك بأن على الانتظار لحين وصول الرد من المختصين بالقاهره فى هذاالشأن على ما كتبوه فى هذاالخصوص مرفقا بالموضوع .. وانتطرت سنة كاملة والرد لايصل .
... بتاريخ 5 /9/1971 نشرت جريدة المساء ملخصا عن الموضوع تحت عنوان ( يطلب عشرين جنيها لاكتشاف مقبرة الاسكندر الاكبر) قالت فيه السيدة المحرره / ناديه
يوسف ، أن فكرة البحث عن قبر الاسكندر لم تغب عن افكار ابناء الاسكندريه ويعيدها الى الاذهان هذه الايام شاب سكندرى قام بعمل دراسه علميه حول موضوع المقبرة.
..وبتاريخ 1/11/1971 نشرت جريدة السفير موضوعا لى تحت عنوان ( بحث علمى لاكتشاف مقبرة الاسكندر) حاولت فيه توضيح جوانب البحث بشكل موجز ومختصر جدا رغبة فى تعميم القضيه على مستوى كل الناس .
..وفى شهر اكتوبر عام 1971 م قدمتنى اذاعه الاسكندرية المحلية من خلال برنامج ( الفن والفكر فى الثغر) .
.. ثم التقيت بعد ذلك بالاستاذ الدكتور لطفى عبد الوهاب يحيى وهومن أعمدة التاريخ بجامعة الاسكندرية وبناء على رغبته فى متابعة البحث ، قدمت له ملخصا وافيا حول الموضوع ، وظل يناقشه معى على مراحل مختلفه فى زمن استغرق اكثر من خمس شهور . ونظرا لما وجد فى البحث من أصالة وجديه فقد ارتاح تقديرى للامور اكثر من ذى قبل.
.. وبعد ان انتهت فترة المناقشه التى استغرقت حوالى خمس شهور تفضل سيادته مشكورا بتحرير الكتابين الآتيين احدهما بعنوان ( الى من يهمه الامر) والآخر بعنوان
( السيد الاستاذ / سكرتير عام محافظة الاسكندرية وكانت الصيغة فى كلا الكتابين واحدة ونصها كالآتى :

جامعة الاسكندرية
كلية الاداب - قسم الحضـــارة
ــــــــــــ

السيدالاستاذ المهندس رفعت زعلوك
السكرتير العام المساعد ـ محافظة الاسكندرية

تقدم الى السيد / صلاح محمد على ببحث عنوانه ( تقرير عن البحث عن قبر الاسكندرالاكبر) بتاريخ 10 /1/1972 وقد عدد فى هذا البحث الاحتمالات التى تدور حول المكان الذى يظن ان قبر الاسكندر موجود به والتى ظهرت حتى الآن ، وتعرض لها بالمناقشه والنقد ، ثم عرض بعد ذلك رأيه الذى يرجح فيه وجود هذا القبر عند تقاطع شارع البيضاوى ( امتداد الحرية) بشارع الفراهدة فى الارض المحيطة بالزاوية المسماة ( زاوية سيدى اسكندر) ، وقدم الادله التى بنى عليها ترجيحه هذا .
والرأى الذى يقدمه السيد/ صلاح محمد على له قيمته دون شك ، حيث انه يستكمل مناقشه الاحتمالات المحيطة بهذا الموضوع ( موضوع مكان قبر الاسكندر) .
ولا شك أن تسهيل مهمة الحفر فى هذه المنطقه للباحث سيخدم الموضوع المطروح حتى ولو كان من قبيل تضييق دائرة الاحتمالات المحيطه به ـ وهو أمر يعتبر فى حد ذاته كسبا من الناحية العلميه .
رئيس قسم الحضارة اليونانيه والرومانيه
امضــــــــــــــــاء
د. لطفــى عبد الوهاب يحيى
23/5/1972

توجهت بالكتاب المذكور الى محافظة الاسكندرية للسيد سكرتير عام مساعد محافظة الاسكندرية مرفقا به طلب التصريح لى بالحفر على نفقتى الخاصه ، وكان احد مواطنى الاسكدرية الاصلاء قد رفع الى يد ه بالعون عازما على أن يقوم بنفسه ومن أمواله بعملية الانفاق الكلى على الحفائر بعد طلب التصريح ، وذهب فى تواضعه الى ابعد من ذلك عند اقر انه لن يأخذ مليما واحدا فى حالة فشل الحفائر وعدم كشفها عن شىء ، وانى لاشكر للسيد/ نمرود يوسف دميان فام موقفه الجدير بالذكر فى هذا المقام .
ثم اخذت تأشيرة السيد سكرتير عام محافظة الاسكندرية الخالدة ، وتوجهت بها الى السيد مدير المتحف اليونانى الرومانى وكان نصها ( السيد مدير المتحف الرومانى / برجاء الافادة بالرأى وشكرا) .
وأخبرنى السيد مدير المتحف بأنه مشغول وعلى أن آت اليه فى وقت آخر أو انه سيقوم بارسال رأيه للمحافظة فيما بعد.

وبعد محاولات بين تلغرافات وشكاوى حصلت من المتحف الرومانى على خطاب صغير جدا يتضمن أن المتحف ارسل المذكرة الاولى المقدمه من سنتين الى المسئولين بالقاهرة حيث أفادوا بأن الموضوع مرفوض لان الباحث لم يقدم الدلائل الاثريه المقنعه لعملية الكشف .
رأيت أن الرحلة بدأت تشق على وبدأ الممر يضيق شيئا فشيئا نحو السير فى اجراءات الحفر ، فتركت الامر ، لاننى لست المصرى أنا وحدى فمثلما يقع العبىء على فهو يقع على الجميع لانهم يشاركونى فى بنوة هذا الوطن العزيز ( مصر) ، فان خفى توقف أحد عن المسيرة اليوم لابد وأن يظهره النهار غدا.

زاويــــــــــــــــــة سيـــــــــــــــــــدى اسكنــــــــــــــــــــدر
والســـــــــــر الكبيــــــــر المدفــــون بأسفلهـــا

فى شهر غسطس عام 1972 تلقيت مكالمة تليفونيه تقول ( زاوية ذى القرنين قد تهدمت عن آخرها ) ............
ومن فورى ذهبت الى هناك حيث مكان الزاوية فوجدت أن البناء قد تهدم فعلا وتساوى بالارض ولسوف تعلمون فيما بعد من بين طيات هذا الكتاب العلاقه بين مسجد ذى القرنينه المشار اليه ومكان وجود قبر الاسكندر الاكبر.
ولما ذهبت لتقصى المعلومات من أهالى الحى علمت أن المسجد قد تهدم أو بالاحرى هدم بفعل فاعل فى عشية يوم الجمعة الموافق الثامن عشر من شهر اغسطس سنة 1972 م وان الاهالى جمعوا فيما يقال - تبرعات من بينهم لانشاء مسجد آخر بديل .
فى يوم 20 /8/1972 م ذهبت لالقى نظرة على الابار التى يحفرها الاهالى ( الحفارين) من اجل انشاء المسجد الجديد ففوجئت بالآتى :
أولا انه بعد ازلة ارضية المسجد الحجرية عثر على بداية لشكل دائرى يشبه الى حد كبير الفسقيه أو النافورة وهو من الحجر وله حافة سميكه مستديرة بارزه من باطن الارض فى شكل دائرة يبلغ قطرها اكثر من متر ، وهى تتوسط مساحة صحن المسجد القديم ، ولم تكن ظاهره فى اليوم السابق لرؤيتى للانقاض ، ولكنها ظهرت فى اليوم التالى ، وقد رأيت بنفسى الحفارين يفتتون الجزء البارز منها والذى يرتفع عن سطح الارض لمساواته بالتربه الحاليه التى ستكون ارضيه للمسجد الجديد.
ثانيا ان هناك بوادر ظاهرة بوضوح لأبنيه من الحجر الجيرى تقوم أسفل المسجد وتبدو واضحة من خلال اضلاع الابار التى يحفرها العمال وتسير الى اسفل مع عمق
الابار.
ثالثا ان هناك تعرجات تبدو واضحه فى سطح ارضيه المسجد القديم بعد كشف طبقة الاسمنت التى كانت معبدة بها ، حيث تبدو غير مستوية فهناك نتؤات وانخفاضات
حجرية صلبة مما يدل على أن هناك نهاية - من أعلى - لبناء آخر أسفل منه .
رابعا شاهدت بنفسى فى بادىء الامر استخراج كمية من العظام من داخل فجوة سطحية فى الارض اثناء عملية حفر الابار ، مما يدل على أن المنطقه كانت بها مقابر
للمسلمين ، وأنها كانت مهجورة خاصه بعد الفتح العربى لمدينة الاسكندرية ، وتلك العظام استخرجت من أول بئر حفر من ناحية غرب المسجد.
واثناء عودتى من هناك التقيت صدفه بالسيد وكيل وزارة الثقافه الذى كان فى زيارة لقصر ثقافه الحريه وأبلغته بالامر فطلب منى أن احرر له مذكرة بذلك وقد فعلت
ولكن لا أعلم بشىء بعد ذلك .
وأخيرا وليس بآخر لم يصبح فى مقدورى الا ان اعطى أبناء بلدى الغاليه ( الاسكندريه ) هذا الكتاب الصغير تذكارا ..............

اكتشــــــــــــــــــاف مكـــــــــــــــان وجــــــــود المقبــــــــــــــــــــرة

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله رائد الانبياء وخاتم المرسلين ، وعلى آله وصحابته والتابعين ، ومن تبعهم باحسان الى يوم الموقف العظيم .
أما بعد .........
فان مدينتنا - الاسكندرية - حفظها الله من كل عابث وعاد وجعلها مفخرة لسائر الامصار والبلاد - قد سعدت على مر العصور والازمان بعدد هائل من العظماء الافذاذ المشهود لهم بأجل الاعمال .
ومن مفاخر مدينتنا أن يكون واضع لبنتها الاولى الاسكندر بن فيليب المقدونى ذاك الامبراطور الشاب الذى يخلده التاريخ الى الابد ...
وان هذا الكتاب يحتوى على سلسلة من الدراسات لها طابعها الخاص وقد تكون الاولى من نوعها التى تتناول البحث المنفرد عن مقبرة هذا الامبراطور العظيم ، لان الاسكندر يمتاز من بين كافة العظماء بانه شخصيه فريدة رمقتها أعين العالم القديم والحديث معا ، ونظروا اليها نظرة اجلال واحترام واعجاب حتى صار الحديث عنها اسطورة محببة الى النفس .
وما احوج قراء لغتنا العربية بل قراء ثغر الاسكندرية المجيد بصفة خاصه الى دراسة علمية وافيه تتناول مكان مقبرته العظيمه التى لا تزال أملا كبيرا وخيالا يداعب أفكار الباحثين ورجال الاثار.
ولم يقف هذا البحث عند حد المقبرة بل تعداه الى البحث فى شخصيه ة الاسكندر الاكبر الخاصه ولكن فى حدود ضيقه اضطرتنى اليها الدراسة نفسها ، وكذا اضطرتنى اليها الاتهامات الظالمة التى لصقها به خصومه من الكتاب والفلاسفه الغيورين منه والمدفوعين ضده بدافع العداء والحقد والكراهية .
لذلك وجدت نفسى فى هذا المجال مضطرا الى الدفاع بحق وبأسانيد علمية عن هذه الشخصية النقيه غاية النقاء والتى لا تستحق بأى حال من الاحوال أن يحكم عليها بالطغيان والقسوة والشذوذ فى الا خلاق والتهور ، والافراط فى شرب الخمر ، بينما هى تستحق كل ثناء وتقدير من القريب والبعيد .
وأن الاسكندرية لتعتز بأن يكون مثوى الاسكندر فى ثراها الطيب
المؤلــــــــــــــــــــــــــــــــف

ينايــــــر 1972

( البقيـــــه فى الحلقه القادمه باذن الله تعالى )






نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي