آخـــر الـــمـــشـــاركــــات

+ الرد على الموضوع
النتائج 1 إلى 3 من 3

الموضوع: الوعي الفكري وتحقيق التقدم

  1. #1
    أستاذ بارز الصورة الرمزية د. تيسير الناشف
    تاريخ التسجيل
    27/10/2006
    المشاركات
    159
    معدل تقييم المستوى
    18

    افتراضي الوعي الفكري وتحقيق التقدم

    الوعي الفكري وتحقيق التقدم

    د. تيسير الناشف

    تحقيق تنمية العرب الإجتماعية والثقافية والسياسية والإقتصادية وتقدمهم العلمي والتكنولوجي وإيجاد وتعزيز دورهم الحضاري الايجابي (وسيشار في هذا المقال الى هذا التحقيق والتقدم والإيجاد والتعزيز بعبارة "التغيير المنشود") من الأهداف التي يسعى إليها عرب أو يدعون ويتوقون اليها أو يكتفون بمجرد الحديث عنها. بيد أنهم لن يستطيعوا تحقيق هذا التغيير المنشود إلا باتخاذ وسائل ذات شأن من أهمها القيام بالنقد الفكري الرشيد أو العقلاني. عن طريق هذا النقد من المستطاع تحقيق الوعي الفكري. وعند استعمال كلمة "نقد" لا حاجة الى وصف هذه الكلمة بصفات مثل الصراحة والنزاهة وتوخي الحقيقة والجدية وما الى ذلك من النعوت، فكلمة "نقد" تتضمن متضمنات، في رأيي، هذه النعوت وغيرها. فلا نقد دون الصراحة والنزاهة وتوخي الحقيقة والجدية والصرامة في النقد.
    ولا تمكن إتاحة الفرصة لممارسة النقد الفكري الرشيد دون توفر المحيط المؤاتي لممارسة ذلك النقد. وحتى يكون ذلك المحيط مؤاتيا لتلك الممارسة يجب أن يتسم بسمات منها الديمقراطية السياسية والإجتماعية والتحرر من الخوف السياسي والإقتصادي ومن البطش السياسي والعسكري، وتحقيق الحرية الفكرية. والمقصود بالحرية هنا حرية الحوار الفكري الهادف والمستنير وحرية التعبير عن الرأي كتابيا وشفويا في مختلف المجالات. ومن الجلي أن تحقيق هذه الحرية من شأنه ان يشكل جزءا هاما من التنشئة على الديمقراطية.
    والوعي الفكري لا يقبل إلا ما يستسيغه أو يقبله الفكر، لأن الفكر صفة هذا الوعي. والوعي الفكري يعني الوعي النقدي لأن الوعي الفكري لا يقبل القيود الفكرية التي تتناقض مع طبيعة النهج النقدي الذي لا يقبل القيود الفكرية.
    والوعي الفكري يتضمن الوعي الذاتي والوعي الموضوعي، بمعنى أن هذا الوعي يشمل الذات ويشمل الموضوع الذي تسلط عليه الطاقة الفكرية الناقدة.
    وحتى يتحقق الوعي الفكري النقدي يجب أن ينبع من منابع أو مناهل فكرية مختلفة ومتعددة وغير محدودة بحدود اصطناعية ولا تحد إلا بنهاية الإنسياب أو الإنطلاق الفكري. المنابع الفكرية تنطوي على التيارات والاتجاهات والحركات والمذاهب والأبعاد والمناظير والمواقع والمواقف الفكرية. الوعي الفكري النقدي لا يتحقق اذا حددت او قيدت منابعه الفكرية. لا يتحقق الوعي الفكري النقدي بالارتكاز على منبع فكري واحد. في الإطار الفكري الأحادي المنبع لا يمكن أن يتحقق الوعي الفكري النقدي، وذلك لان الفرد المفكر في إطار منبع فكري واحد لا يمكن أن يكون واعيا لمنابع فكرية أخرى هو لا يدركها، ولا يمكن أن يكون في غياب إدراكه للمنابع الأخرى ناقدا لفكره.
    حتى يتحقق الوعي الفكري النقدي يجب بالتالي أن يؤخذ بالديمقراطية الفكرية التي تجعل من الممكن نشوء وعدم قمع المنابع الفكرية المتعددة، وأن يؤخذ بالحرية السياسية والاجتماعية لأن قمع هذه الحرية مساس بإمكانية نشوء وتحقيق المنابع الفكرية. ومن الجلي أن الحرية تتنافى وتتناقض مع القمع والقهر، وأن الحرية تنطوي على المساواة في المواطنة والحقوق والواجبات بمقتضى القانون وفي ظل الديمقراطية، إذ بدون المساواة يستطيع من لديه قدر أكبر من المعطيات الاجتماعية والسياسية والاقتصادية أن يسيطر أو يتغلب أو يدوس بالأقدام على من لديه قدر أقل من تلك المعطيات.
    وحتى يقال إنه يؤخذ بتعددية المنابع الفكرية لا يكفي التصريح بأنه يؤخذ بهذه التعددية. الأخذ بهذه التعددية لا مفر من أن يتجلى في الممارسة الفعلية والعملية لنهج التعددية هذا بدون أن يتعرض الشخص الممارس للاعتداء والفتك والبطش من جانب حاملي أفكار أخرى لا يقرون بأفكار ذلك الشخص.
    محك أو مقياس الأخذ بالتعددية الفكرية هو مدى إمكانية الممارسة لنهج التعددية بدون التعرض للاعتداء من جانب من لا يقرون بالفكر الآخر المختلف أو المعارض. إتاحة التعددية الفكرية - والتعددية تنطوي على امكانية الاختلاف والتناقض - شرط مسبق، إذن، لنشوء الوعي الفكري النقدي.


  2. #2
    عـضــو الصورة الرمزية مصطفى ربعي
    تاريخ التسجيل
    06/10/2007
    العمر
    47
    المشاركات
    134
    معدل تقييم المستوى
    17

    افتراضي

    " ان التقدم وحده الذي يتخلف ، والتخلف وحده الذي يتقدم في الوطن العرب " !

    مطاع صفدي ..


    شكرا لك دكتور تيسير ...


  3. #3
    أديب وكاتب الصورة الرمزية سعيد نويضي
    تاريخ التسجيل
    09/05/2007
    العمر
    68
    المشاركات
    6,488
    معدل تقييم المستوى
    23

    افتراضي

    بسم الله الرحمن الرحيم

    الدكتور تيسير ...سلام الله عليكم و رحمته و بركاته...

    كم هي جميلة عبارة"التغيير المنشود"...كل فرد في هذه الأمة يحلم بهذا التغيير...و كل فرد يقف حائرا في الوصول إلى هذا التغيير...من المثقف إلى الإنسان البسيط...ذلك أن الوضع السائد...و إن كانت هناك بشائر الخير تلوح في الأفق...لكن السير بطيء...و كأن الزمن العربي يحمل من الثقل ما يجعله غير قادر على مواصلة ما وصل إليه الآخر...بل يمكن القول حتى الاطلاع على ما توصل إليه الآخر...

    كلمة "نقد" تحمل كل الصفات الإيجابية و المعاني السامية التي على الفرد أن يتحلى بها...كقيمة معرفية يضيفها إلى باقي القيم التي تشكل منظومته الثقافية...لذلك فالوعي الفكري لا يتجدد إلا بالنقد...و كأن النقد هو عملية تنقية الفكر من المعوقات و المثبطات و العديد من الاشياء التي علقت بالوعي أثناء ممارسته لعملية التفكير...

    لكن السؤال قبل أن نصل إلى "توفير مناخ مناسب و محيط مواتي" لممارسة عملية النقد...علينا أن نستعمل هذه الأداة البناءة...أداة النقد الواعي لخلق شروط هذا المناخ و توفير ظروف هذا المحيط...فمن الذي سيجعل الظروف مواتية؟أليس ممارسة الفكر بكل أدواته؟ و من أدواته أداة النقد...

    فالسمات التي من المفروض توفرها لممارسته نشاطه حتى يعطي"التغيير المنشود" من الذي سيخلقها و يرسم معالمها؟ أليس الفكر ذاته المنطلق من الذات؟ أم أننا سنستورد منظومات جاهزة جديدة غير تلك التي تم استيرادها كما هو الشأن في الواقع الحالي...

    ففي انتظار تهيئة الظروف المواتية لممارسة النقد الفكري القويم...يجب الوصول إلى تحقيق فكر ناضج مثمر مسئول...و من بعد ذلك ننتقل من الفكر القويم إلى النقد السليم...على أساس أن هذا الأخير هو قراءة جديدة لحصيلة من الجهد و التعب الجاد من أجل غد أفضل "و تغيير منشود"...

    لذلك يبدو لي ان الوعي في الحالتين في حالة البناء و في حالة النقد...يجب أن يأخذ بعدا اجتماعيا...أي أن تكون النخبة المفكرة على اتفاق تام على الحد الأدنى من التصور العام الذي يشكل الأساس في عملية البناء و عملية النقد...

    و التاريخ خير شاهد على صمود حضارات معينة لم تقم في أساسها على فكر المتناقضات...بحجة أن حرية التعبير تحتضن و تمتص التناقضات الحاصلة بين التيارات الفكرية...فتلك التناقضات لم تكن في الأساس...و لكن كانت نتيجة الاحتكاكات و التفاعلات بالأمم الأخرى و بحضاراتها بغض النظر عن علاقتها بالهوية...و منها من كانت هويتها هي ركيزتها...فلما تسربت تلك التناقضات إلى الأساس انهارت رغم شموخها...

    فمعرفة الفكر النقيض...أو فكر الاختلاف هو شرط ليس لبناء الأسس و لكن للوصول إلى تقوية الأساس من الانهيار...فذاك ما فعلته الرأسمالية مع الاشتراكية...أو الفكر اللبرالي مع الفكر الاشتراكي...و داك ما حصل للإمبراطورية العثمانية عندما تسربت لها الأفكار المناقضة لأساسها...و ذالك ما حصل من قبلها للفارسية عندما استنارت بدين الحق...باعتبار أن دين الحق كان يشكل الفكر النقيض للفكر الفارسي أنداك...فالفكر النقيض عن تسرب للأساس...فانتظر للانهيار كما حدث للاتحاد السوفيتي لما تسرب إليها تدريجيا الفكر النقيض...

    فمعرفة الفكر النقيض أو فكر الاختلاف شيء ضروري...أما أن يكون من الأسس؟ فمسألة تحتاج لتفكير و وعي نقدي...يستخلص من التاريخ العبر...

    أما كلمة الأستاذ مطاع صفدي"إن التقدم و حده الذي يتخلف،و التخلف وحده الذي يتقدم في الوطن العربي"
    الذي استشهد بها الأستاذ مصطفى...هي حقيقة لأن التخلف هو الطابع الغالب على هذه الشعوب...و المعروف أن التقدم بمقياس الغرب يسير بسرعة لا مثيل لها في حين أنه في العالم العربي يسير سير السلحفاة...الشيء الذي يعطي السبق للتخلف في سيره...لأن التخلف لديه آلياته التي يجدد بها نفسه و ينتج تخلفه الذي يطمئن إليه...

    دمت بألف خير و السلام عليكم و رحمة الله و بركاته...


+ الرد على الموضوع

الأعضاء الذين شاهدوا هذا الموضوع : 0

You do not have permission to view the list of names.

لا يوجد أعضاء لوضعهم في القائمة في هذا الوقت.

المفضلات

المفضلات

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •