الشعر فى العهد القديم

**محمد سلومه** · 26/09/2007, 03:59 AM

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

اليوم احب اعرض عليكم موضوع الشعر فى العهد القديم والذى ينقسم الى نوعين 1- الشعر 2-النثر.
وسوف ابدأ ومن لدية اضافة من زملائى واساتذتى يمكنه الاضافة او التعقيب على الموضوع ونبدأ على بركة الله

الشعر فى العهد القديم

ان السمة الاساسية التى تتميز بها النصوص فى العهد القديم هى الايجاز وهذا الايجاز هو تفسيرا للمضمون وهو لا يخل بالوضوح وانما يسمو به ويضيف اليه ويتميز هذا الاسلوب ايضا بكلماته المعدودة فكل حديث وكل تعبير ياتى فى موضوعه ولهدف معروف وهو لايقبل الزيادة او النقصان فلا يؤدى نقص اى كلمة الا الى افساد النص الادبى وانما ايضا اى اضافة بسيطة كانت تعيبه وتخل به وتقلل من شكله ومضمونه وهذا هو سر الفن الراقى واذا كان الاسلوب النثرى يقبل ذلك فان اسلوب الايجاز الشعرى هو مصدر جماله وسموه فكون الشعر لغة النفس المشحونة بالمشاعر والانفعالات فانه يعبر بماهية الموجزه عن بيت القصيد ويكتفى بالاشارة الى باقى الامور وعلى القارئ او السامع استكمال هذا النص وبذلك يصبح شريكا للشاعر فى ابداعه وهذا هو سر التأثير العظيم للشعر على النفس البشرية.

ادب العهد القديم
ينقسم الادب فى العهد القديم الى نوعين
1-الشعر
2-النثر

1-الشعر : وهو الحديث والكتابة بلغة بلاغية تنظمها قواعد محدودة من الوزن والايقاع الفنيين.
2-النثر : وهو الحديث والكتابة بلغة بسيطة وحرة تخضع لقواعد الايقاع الفنى ولكن ادب العهد القديم لا يفرق بين هذين النوعين فالانفعالات والاحاسيس التى تعتبر مصدر الايقاع الشعرى يمكن ان تثار ايضا فى الكتابة النثرية وعندئذ يميل النثر الى السمو والاقتراب من لغة الشعر ومن هنا ياتى الهدف فى تحديد ماهية الشعر من حيث طبيعه وانواعه واغراضه وقيمة الفنية فالاضافة الى سفر المزامير الذى يتألف من 150 مزمور تنسب الى داود عليه السلام ويتضمن اناشيد دينية وتسابيح حمد وشكر واشعار للصلوات والمواعظ كانت تنشد بمصاحبة الالات الموسيقية ولذلك فان طابع انشادها الغنائى الموسيقى قد ترك اثره على مضمونها وبنائها الشعرى ومن ثم كان من السهل التفرقة بينه وبين الاشعار فى الاسفار الاخرى للعهد القديم مثل الاشعار النبوية فى اسفار الانبياء الاواخر واشعار الحكمة فى الامثال وايوب الا ان هناك اشعار اخرى كانت تنشد بمصاحبة الالات الموسيقية من خارج سفر المزامير مثل نشيد الانتصار الذى يتميز ببنائه الشعرى والفنى وهو انشودة تسبيح يهوه انشدها موسى وبنو اسرائيل بعد عبور البحر الاحمر وغنتها مريم النبية مع نساء بنى اسرائيل وهن يرقصن على دقات الدفوف "راجع الخروج 15" وكذلك الانشودة الوعظية التى تنسب لموسى عليه السلام "التثنية32" واناشيد البداية والنهاية فى بركىة موسى "التثنية 33:2-5, 26-29" وكذلك نشيد انتصار دبورة الذى تضمن بعض الفقرات الغنائية "القضاة 5: 2-5, 29" وايضا تتضمن الانشودة النبوية لبلعام فقرات غنائية "العدد 23: 9-10 , 21-24 ,24 :5-6" وايضا تنسب الى هذا النوع من الشعر الغنائى جزء من قصيدة تدشين الهيكل لسليمان عليه السلام "الملوك الاول 8: 12-13" اما سفر مراثى ارميا "من اسفار المكتوبات " فينسب كذلك الى الشعر الغنائى وخاصة الاصحاحين الخامس والسادس ويبدو ان هذه الاشعار الدينية الغنائية كانت تنشد لمناسبات عبادية خاصة عند تقديم القرابين فبعد ان قدمت حنة "ام صموئيل" تغنت قائلة "اسألك يا سيدى حية هى نفسك يا سيدى انا المرأة التى وقفت لديك هنا لتصلى الى الرب فرح قلبى بالرب ارتفع قرنى بالرب اتسع فمى مع اعدائى لانى ابتهجت بخلاصك " "صموئيل الاول 1: 24 , 2: 1" ومثل ذلك مانجده فى سفر يونا : "اما انا فبصوت الحمد اذبح لك واوفى بما نذرته "يونا 2: 10" وكذلك جدير بالقول ان قصيدة دبورة عند انشائها قد صاحبها تقديم قرابين الشكر ليهوه بعد الانتصار على العدو.

الاشعار الفردية والجماعية........ وهى ما ابدء بها الجزء الثانى غدا ان شاء الله

להתראות

تحياتى
محمد سلومه

**محمد سلومه** · 26/09/2007, 08:17 PM

الاشعار الفردية والجماعية

وهى اشعار تنشد وسط الجمهور وبمصاحبة الات موسيقية واذا تقبلها الجمهور ادخلت ضمن الصلوات والابتهالات . ولم يحدد العهد القديم الفروق الدقيقة بين الاشعار الفردية والجماعية, حيث ان الشعر الجماعى هو فى ابداع فردى خاص ولذلك نجد فى الشعر الجماعى خصائص فردية, فترنيمة البحر التى انشدها موسى وبنوا اسرائيل تتحدث بصيغة الافراد "انا" : "ارنم ليهوه فانه تعظم.. يهوه قوتى ونشيدى. وقد صار خلاصى. هذا الهى فأمجده. الهى ابى فأرفعه." (الخروج15 :1-2).

وكذلك الترنيمة التى تغنت بها دبورة وباراق بن ابينوعم , تفتتح ايضا بصيغة الافراد: "انا ليهوه انا اترنم. ازمر ليهوه اله اسرائيل. "وذلك على الرغم من انها استهدفت الجمهور: "باركوا يهوه" , "اسمعوا ايها الملوك" (القضاة5 : 2-3)

وكذلك ترنيمة الشكر التى تغنى بها بنوا اسرائيل بعد خلاصهم قد تمت صياغتها بصيغة الافراد:
"احمدك يا رب لانه اذ غضبت ارتد غضبك فتعزينى
هو ذا الرب خلاصى فأطمئن ولا ارتعد
(اشعيا 12: 1-2)

اما الترنيمة التى انشدها بنو اسرائيل بعد خلاصهم والتى جاءت بصيغة المتكلمين فانها تتضمن ايضا ابيات بصيغة المتكلم يتحدث بها الشاعر نفسه:
فى طريق احكامك يا رب انتظرناك الى اسمك والى ذكرك شهوة النفس
بنفسى اشتهيتك فى الليل ايضا بروحى فى داخلى اليك ابتكر
(اشعيا 26: 8-9)

البيت والوحدة التقابلية

التناغم هو السمة الاساسية للشعر اى تساوى النسب والايقاع والتطابق بين اقسامه حيث يتم التعبير عن الفكرة الشعرية بكلام موزون ايقاعى "بالوحدات التقابلية חרוזים" ايضا الوحدة التقابلية نفسها المرتبطة بالموسيقى المناسبة لها والتى تنقسم بالضرورة الى اجزاء متساوية تشكل بدورها ايقاعا داخليا فالاجزاء المتساوية فى وحدة تقابلية تنشد بنغمة واحدة ولذلك نجد ان من شروط الشعر الموزون تساوى الوحدات التقابلية فى بناء اجزائها الداخلية والتى ستصبح متطابقة مع بعضها البعض فى الوحدات التقابلية المرتبطة والمتقابلة معا.
وحيث ان عددا معينا من اقسام الكلام يشكل الوحدة التقابلية فان عددا معينا من الوحدات التقابلية المرتبطة معا والذى يعبر عن جزء كامل من الفكرة الشعرية يشكل البيت הבית...."
اذا لا ينقسم الشعر فى العهد القديم الى ابيات ذات عدد متساو من السطور (اربعة او ستة او ثمانية ) حيث يتحدد حجم الابيات وفقا لمضمونها فاذا كانت كل محدة تقابلية تعبر عن فكرة كاملة فانه يمكن لعدة ابيات ان تتكون من وحدة واحدة (من شطرين او خمس شطرات) وكذلك يمكن لعدة وحدات تقابلية ان تنضم معا لتكون بيتا واحدا ففى قصيدة "لامك" (التكوين4 : 15) توجد ثلاث وحدات تقابلية ترتبط معا بالكلمة "כי لأن" وتشكل هذه الوحدات الثلاثة وحدة فكرية واحدة ولذلك ينظر اليها كبيت واحد من ثلاث وحدات تقابلية وتوجد فى قصيدة "البحر" ثلاث وحدات تقابلية ذات بناء خاص (الخروج15 :6 ,11 , 16) ويوجد فى هذه الوحدات الثلاثة تقابل متكرر ימינך יהוה-ימינך יהוה,מי כמוך-מי כמוך;עד יעבור-עד יעבור. يمينك يا يهوه-يمينك يا يهوه , من مثلك -من مثلك , حتى يمر -حتى يمر. وتنقسم هذه الوحدات التقابلية قصيدة"البحر" الى اربعة ابيات.

الترتيب الابجدى للقصيدة.................هذا ما ابدأ به غدا ان شاء الله

لكم تحياتى
محمد سلومه

**أبوبكر خلاف** · 27/09/2007, 02:35 AM


	تحياتي الى اخي سلومة اصبحت من رواد المنتدى..مازلنا ننتظر منك الكثير دمت في توفيق وتقدم..

**محمد سلومه** · 29/09/2007, 05:52 AM

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

الترتيب الابجدى للقصيدة

يقول الدكتور محمد القصاص "يدلنا الاداب المختلفة على ان عصر ارتقاء الشعر يتلوه عادة عصر انحطاط تهمل فيه الاشكال التقليدية شيئا فشيئا وتتعقد بالتدريج الى ان يصبح نوعا من الحيل الصناعية والتلاعب اللفظى ونوعا من المهارة الفنية ان صح هذا التعبير . وقد عرف الشعر العبرى القديم مثل هذا الطور فقد شهد ذلك عصر ما بعد خراب الهيكل الثانى حيث بدأ الشعراء فى تزيين وزخرفة قصائدهم بالنظام الابجدى אקרוסטיכון (من اليونانية بمعنى طرف السطر , اى يأخذ ترتيب الفقرات ترتيب الابجدية العبرية) وان كان هذا النظام يرتبط فى بعض الاحيان بقانون التقابل القديم ولكن العلاقات اللفظية البحتة هنا تحتل مكان الصدارة , وتزداد تعقيدا ويتداخل بعضها فى بعض ويبدوا ان الشعراء فى هذه الفترة كاوا يعمدون اولا وقبل كل شيئ الى اظهار المهارة فى التغلب على صعوبات يخلقونها هم انفسهم , اكثر مما يقصدون الى ابراز الفكرة عن الطريق المسلك الشعرى .
ويقدم لنا الاصحاحان الاول والثانى من "مراثى ارميا" مثالا صارخا لهذا التلاعب المعقد. فقصائدهما من القصائد الابجدية وتتكون كل قصيدة فيهما من عدة مجاميع كل مجموعة تضم ثلاثة ابيات وتبدأ الكلمة الاولى بحرف من الحروف الابجدية على التوالى ابتداء من حرف الالف حتى الحرف الاخير وهو حرف التاء فى العبرية فنظام القصيدة يسير على هذا النحو : فى القصيدة الاولى (الاصحاح الاول) 22 مجموعة الاولى منها تبدأ بحرف الالف والثانية تبدأ بحرف الباء وهكذا حتى اخر حرف من حروف العبرية التى تتكون من 22 حرف وبذلك يصبح سهلا على الباحث تقسيم القصيدة الى فقرات مادامت كل فقرة او مجموعة تبدأ بحرف جديد ولسنا نعدم ان نجد فى هذا النوع من القصائد ضروبا من التضمين بين الفقرات المتقابلة اى بين الفقرة الاولى والاخيرة ثم بين الفقرة الثانية والفقرة السابقة للأخيرة وهلم جرا حتى نصل الى منتصف القصيدة.

وللحديث بقية ان شاء الله

تحياتى
محمد سلومه

**محمد سلومه** · 07/10/2007, 05:20 PM

ايضا القصيدة الجميلة "אשת חיל מי ימצא امرأة فاضلة من يجدها" والتى تضمنها الحادى والثلاثون من سفر الامثال , مرتبة وفقا للترتيب الابجدى فى بداية كل بيت , والذى يتكون بدوره من وحدتين تقابلتين , وفى الوزن الثلاثى.
ويبدو لاول وهلة ان البناء الفنى يتطلب تكلفا معينا ولكن من ناحية اخرى يلاحظ فيه ايضا تطلعا للكمال .. ففى اعتقاد مؤلف المزمور عن "المرأة الفاضلة" على ما يبدو ان المرأة التى تتمتع بكل المميزات الممكنة , جدير بمدحها بكل حروف اللغة.
كذلك المزمور (119) والذى يدعى "תמניה אפי" والذى يتحدث عن مدح التوراة - قد نظم وفقا للترتيب الابجدى المتكرر ثمان مرات, فينقسم المزمور الى اثنين وعشرين بيتا , وكل بيت الى ثمان وحدات تقابلية تنقسم بدورها الى باب ومصراع, وذلك خلال مهارة فنية .. وهكذا اعتقد مؤلف هذا المزمور ان التوراة لا يكفيها مدحها بترتيب الفقرات الاثنين والعشرين وفقا لترتيب الابجدية العبرية, بل يجب تكرار كل حرف ثمان مرات .. لكن هذه الزخرفة الشكلية المتكلفة لم تضف الى القيمة الشعرية الداخلية لتلك المزامير , بل ادت الى ضعف العلاقة المنطقية بين الوحدات التقابلية , وايضا الى الاطالة الزائدة التى انتقصت من جمالها الشعرى .

ويبدو ان اسباب استعمال الترتيب الابجدى هو رغبة الشاعر فى التخفيف على الذاكرة , اى يصير الانسان متذكرا لفقرات القصيدة وفقا للترتيب الابجدى . ولذلك رتبوا فى البداية المراثى وفقا للترتيب الابجدى لانها حسب تقاليدهم كانت تتلى فى الصلاة , ثم اعتادو بعد ذلك هذا الترتيب فى مزامير اخرى , كانت جماهير الشعب تتلوها فى صلواتها. وهناك من يقول ان القدماء قد نسبوا الى تلك الحروف قوة خفية غير مرئية وتأثير سرى علوى فالحروف فى حد ذاتها ناشطة ومؤثرة , وبصورة خاصة فى مزامير الصلاة التى تهدف الى امتداد التأثير الالهى لنصوصها.

وبذلك اكون قدمت لكم مدخل فى للشعر فى العهد القديم وللمذيد يمكنكم الاطلاع على كتاب الشعر فى العهد القديم الأغراض والسمات الفنية تأليف الاستاذ الدكتور سعيد عطية استاذ الادب العبرى القديم

لكم تحياتى
محمد سلومه