تسليح الولايات المتحدة الامريكية للمجموعات السنية التي تطلق علي نفسها قوات صحوة العراق هو احد مظاهر تخبط ادارة الرئيس جورج بوش واختلال بوصلتها السياسية بعد العسكرية في العراق. لان هذه الخطوة تعكس حالة يأس وانعدام رؤية، الي جانب كونها غير مضمونة النتائج.
الادارة الامريكية تبرر تسليحها لهذه الجماعات بانها، اي الجماعات السنية العشائرية هذه، تعمل لاجتثاث تنظيم القاعدة من مناطقها، ومنع عناصره من شن اي هجمات ضد القوات الامريكية او الشرطة والحرس الوطني العراقيين انطلاقا من هذه المناطق.
بمعني آخر تريد الادارة الامريكية انشاء ميليشيات سنية مسلحة لحماية قواتها في العراق، وتحويل الانظار عن احتلالها ومشروعها السياسي في هذا البلد، وجعل تنظيم القاعدة هو العدو المشترك للعراقيين سواء كانوا سنة او شيعة.
في بداية الغزو، ومن ثم الاحتلال، وضعت الادارة الامريكية السنة في خانة الاعداء، والشيعة والاكراد في خانة الاصدقاء، وبدأت في حل الجيش العراقي، واصدار قانون اجتثاث البعث، وشكلت جيشا وقوات امن من لون طائفي واحد امدتهما بأحدث انواع الاسلحة والعتاد.
الان وبعد ان تغيرت الاستراتيجية الامريكية، وحلت ايران محل النظام العراقي السابق، نقلت هذه الادارة بندقيتها من الكتف الشيعي الي الكتف السني، وبدأت تستعد لمرحلة ما بعد ضرب ايران. اي انها تتبع نهجا هو اقرب الي نهج فرق تسد، وتأليب هذه الطائفة ضد تلك تحت اعذار وحجج متعددة.
بعض شيوخ العشائر تحركهم الاطماع المالية والمكاسب الشخصية، ويقدمون هذه الاطماع والمكاسب علي مصلحة الوطن، ومثلما انقلبوا علي تنظيم القاعدة بعد احتضانه لاكثر من اربع سنوات، سينقلبون حتما علي القوات الامريكية، خاصة اذا جاء من يقدم لهم عروضا مالية افضل.
تنظيم القاعدة ارتكب اخطاء في العراق لا شك، وبعض عناصره لم تتعامل بايجابية مع كرم الضيافة، وحاول هؤلاء فرض اسلوب حياة مختلف علي العراقيين قوبل بالرفض من قبل بعضهم، وهو رفض شكل ثغرة استغلتها القوات الامريكية والمسؤولون في الحكومة العراقية المتعاملة مع هذه القوات ومشروعها الاحتلالي.
وربما يكون مفهوما ان ينقلب بعض شيوخ العشائر علي تنظيم القاعدة الذي زعزع قاعدتهم القبلية، واضعف نفوذهم، ولكن ما هو غير مفهوم ان يذهب هؤلاء الي النقيض، ويتحولوا الي ادوات في ايدي قوات الاحتلال، اي ينافسون حكومة المالكي والائتلاف الشيعي في التودد الي قلب المحتل وجيبه. وينسون انهم تحت الاحتلال.
نخشي ان تكون عملية تسليح جماعات الصحوة وميليشياتها مقدمة لتثبيت قرار التقسيم الذي اقره الكونغرس والبدء في تنفيذه عمليا علي الارض. بحيث يصبح لكل كانتون عراقي قواته المسلحة. فالاكراد يملكون جيشهم البيشمركة والشيعة لهم ميليشياتهم وشرطتهم وحكومتهم، والآن جاء دور السنة.
http://www.alquds.co.uk/index.asp?fn...=&storytitlec=