Warning: preg_replace(): The /e modifier is deprecated, use preg_replace_callback instead in ..../includes/class_bbcode.php on line 2958
الإنسان بين الروح و النفس...

آخـــر الـــمـــشـــاركــــات

+ الرد على الموضوع
صفحة 1 من 2 1 2 الأخيرةالأخيرة
النتائج 1 إلى 20 من 30

الموضوع: الإنسان بين الروح و النفس...

  1. #1
    أديب وكاتب الصورة الرمزية سعيد نويضي
    تاريخ التسجيل
    09/05/2007
    العمر
    68
    المشاركات
    6,488
    معدل تقييم المستوى
    23

    افتراضي الإنسان بين الروح و النفس...

    بسم الله الرحمن الرحمن...

    الإنسان بين الروح و النفس...

    يقول الله عز و جل: {وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُم مِّن الْعِلْمِ إِلاَّ قَلِيلاً }الإسراء85
    ويسألك الكفار عن حقيقة الروح تعنتًا، فأجبهم بأن حقيقة الروح وأحوالها من الأمور التي استأثر الله بعلمها، وما أُعطيتم أنتم وجميع الناس من العلم إلا شيئًا قليلا.[التفسير الميسر]...

    بداية القول بأن هناك تشبيه بين النفس و الروح..يحتاج إلى دليل يثبت مسألة التشابه...فإذا كان الله عز و جل استأثر بتعريف الروح...فكيف نشبهها بالنفس التي لم ترد أية إشارة في القرآن لهذا التشبيه...

    لذلك فالإنسان باعتباره من بني آدم فهو أولا من مادة...يقول الحق عز و جل: {الَّذِي أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ وَبَدَأَ خَلْقَ الْإِنسَانِ مِن طِينٍ }السجدة7
    الله الذي أحكم خلق كل شيء, وبدأ خَلْقَ الإنسان, وهو آدم عليه السلام من طين.
    وفي آية أخرى يقول الله جل و علا: {إِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي خَالِقٌ بَشَراً مِن طِينٍ }ص71
    اذكر لهم -أيها الرسول- : حين قال ربك للملائكة: إني خالق بشرًا من طين.

    ثم نفخ الله عز و جل من روحه في هذا المخلوق من طين...يقول الله عز و جل: {فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِن رُّوحِي فَقَعُواْ لَهُ سَاجِدِينَ }الحجر29
    فإذا سوَّيته وأكملت صورته ونفخت فيه الروح, فخُرُّوا له ساجدين سجود تحية وتكريم, لا سجود عبادة.
    و في آية أخرى: {فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِن رُّوحِي فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ }ص72
    فإذا سوَّيت جسده وخلقه ونفخت فيه الروح، فدبت فيه الحياة, فاسجدوا له سجود تحية وإكرام, لا سجود عبادة وتعظيم؛ فالعبادة لا تكون إلا لله وحده. وقد حرَّم الله في شريعة الإسلام السجود للتحية.

    فالإنسان عنصران ...عنصر مادي و عنصر روحي...و المادي يمكن تتبع أثره و قياسه و تحليله إلى غير ذلك...أما العنصر الروحي...فهو العنصر الذي استأثر به الله عز و جل...حتى يظل الإنسان مهما أوتي من علم عاجز عن بلوغ الحقيقة بشكل كلي و شمولي...لأن الله عز و جل قبل أن يخلق الإنسان كان قد خلق الملائكة و من بينهم الشيطان...و هو العليم بكل شيء...العليم بما مضي و ما هو كائن و ما سيكون...فالشيطان خلقه الله عز و جل كمنافس للإنسان من اجل اختبار هذا الأخير في مجال الإيمان و العمل و مجال الصبر و التبات على الحق...

    فالسؤال الذي يجب الحسم فيه بداية هل الروح هي النفس[ و المقصود هنا بالروح التي لها علاقة بالإنسان، و ليست تلك التي لها علاقة بالملائكة أو الجن أو باقي المخلوقات]؟ أم أن النفس شيء آخر تتعايش مع الروح في قالب واحد هو الجسد؟ وهل تأخذ النفس مكان الروح؟ و هل العكس صحيح؟

    إذا كانت الروح قد حسم أمرها الله عز و جل في الآية السابقة الذكر...فماذا عن النفس؟
    يقول الله عز و جل: {وَمَا أُبَرِّئُ نَفْسِي إِنَّ النَّفْسَ لأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ إِلاَّ مَا رَحِمَ رَبِّيَ إِنَّ رَبِّي غَفُورٌ رَّحِيمٌ }يوسف53...قالت امرأة العزيز: وما أزكي نفسي ولا أبرئها, إن النفس لكثيرة الأمر لصاحبها بعمل المعاصي طلبا لملذاتها, إلا مَن عصمه الله. إن الله غفور لذنوب مَن تاب مِن عباده, رحيم بهم.

    {وَلَا أُقْسِمُ بِالنَّفْسِ اللَّوَّامَةِ }القيامة2وأقسم بالنفس المؤمنة التقية التي تلوم صاحبها على ترك الطاعات وفِعْل الموبقات، أن الناس يبعثون.
    {يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ }الفجر27يا أيتها النفس المطمئنة إلى ذِكر الله والإيمان به, وبما أعدَّه من النعيم للمؤمنين,

    فالنفس نوعان:آمرة بالسوء...أو نفس لوامة...و هذه الأخيرة تلحق بها النفس المطمئنة...
    1- النفس الأمارة بالسوء...
    2- النفس اللوامة...

    1ـــ فالآمرة بالسوء هي تلك التي لا تبحث إلا عن ارتكاب المعاصي و فعل السوء و الشر ،للذات و للآخرين...و بصفة عامة هي النفس الباحثة عن تلبية الشهوات و الرغبات و تحقيق الملذات بغض النظر عن كونها شرعية أو غير شرعية...كما أنها لا تعير اهتماما للوسيلة هل هي كذلك شرعية أو غير شرعية...

    2ـــ أما النفس اللوامة فهي التي تأخذ بعين الاعتبار...هل الفعل المراد القيام به يتطابق مع ما يرضي الله عز و جل أي مع ما شرع الله جل و علا...أو لا يتطابق؟فإن كان لا يتطابق مع الشرع فإن هذه النفس تلوم صاحبها قبل ارتكاب الفعل و تحاول أن تصده إما بتذكيره بآيات الله عز و جل و عقابه على الفعل و جزائه عن الترك...بواسطة الضمير...ذاك الصوت الداخلي الذي يذكر الشخص إذا ما نسي...
    فإذا ما عظم شأن النفس اللوامة في تركيبة الشخص...و أصبحت جزءا لا يتجزأ من سلوكه...و ذلك بفضل من الله جل و علا و منة منه على خلقه...أصبحت نفس مطمئنة على حالها و مآلها بعد وفاتها...و ليس قبل وفاتها...لأنها في واقع الأمر هي نتيجة للنفس اللوامة...لأن النفس اللوامة يكون فعلها ساري الأثر إلا في الحياة الدنيا...أما بعد الموت فتكون النتيجة المنطقية التي وعد بها الله عباده للنفس اللوامة أنها تصبح مطمئنة لحالها[أي النجاة من النار] و مآلها [أي الفوز برضا الله عز و جل و رحمته أي الجنة]...

    و لكي يتم الفرق بين النفس و الروح...يقول الله عز و جل عن النفس التي تخاف الله جل و علا و تبتغي رضوانه: {وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى }النازعات40...وأمَّا مَنْ خاف القيام بين يدي الله للحساب،
    فالنفس ميالة بطبيعة تكوينها للهوى...فما هو الهوى؟ الهوى هو كل ما تشتهيه النفس و ترغب في الحصول عليه و التمتع به و التلذذ بمتعته...
    يقول الله عز و جل: {زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاء وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالأَنْعَامِ وَالْحَرْثِ ذَلِكَ مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَاللّهُ عِندَهُ حُسْنُ الْمَآبِ }آل عمران14
    حُسِّن للناس حبُّ الشهوات من النساء والبنين, والأموال الكثيرة من الذهب والفضة, والخيل الحسان, والأنعام من الإبل والبقر والغنم, والأرض المتَّخَذة للغراس والزراعة. ذلك زهرة الحياة الدنيا وزينتها الفانية. والله عنده حسن المرجع والثواب, وهو الجنَّة.
    فالنفس تهوى متاع الحياة الدنيا...و هذه خصوصية طبيعية في النفس البشرية...لكن أين تكمن المشكلة؟ المشكلة تأتي عندما يختل ميزان بين ما أشتهيه و بين ما هو فعلا حقي الذي وهبني الله عز و جل إياه لتلبية شهواتي و رغباتي و حاجاتي...فاختلال الميزان يجعل من إحدى كفتين المعادلة تطغى على الأخرى...لذلك فالنفس الآمرة بالسوء لا تخاف مقام ربها في شهواتها و رغباتها و طرق تلبية تلك الحاجات...و ذلك بدافع الهوى...فتكون النفس اللوامة التي تجعل من الله عز و جل رقيب عليها في تصرفاتها تحد من طمعها و جشعها و ظلمها و جبروتها...لتعيد كفة الميزان إلى الوضع الذي يريده الله عز و جل من عباده...
    فميزان النفس قد يبدو في الحياة الدنيا لأن ما نضع في كفتيه قد يبدو من الأعمال التي تحدد سلوك الفرد من تقوى و ورع و حب الخير و ما إلى ذلك من أعمال البر...و لكن حقيقة الميزان لا تبدو جلية إلى عندما تنقضي و تنتهي الأقوال و الأعمال في هذه الدنيا...يقول الحق جل و علا: {وَالْوَزْنُ يَوْمَئِذٍ الْحَقُّ فَمَن ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ فَأُوْلَـئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ }الأعراف8...و وزن أعمال الناس يوم القيامة يكون بميزان حقيقي بالعدل والقسط الذي لا ظلم فيه، فمن ثقلت موازين أعماله -لكثرة حسناته- فأولئك هم الفائزون. وهنا يكون حصاد النفس اللوامة بأن تنتقل إلى درجة النفس المطمئنة....

    فالله عز وجل عندما يتحدث عن مصير الإنسان في الدنيا قبل الآخرة...أي من لحظة التكليف و بلوغ سن الرشد...أي عندما يصبح المرء ذكرا كان أو أنثى قادرا على الإنجاب...فمرحلة البلوغ هي حد فاصل بين الطفل غير المكلف و الراشد المكلف...فإذا ما أصبح مكلفا...أي قادرا على التمييز بين الخير و الشر...بين ما ينفع و بين ما يضر...قادرا على معرفة الحق و تمييزه من الباطل...أصبحت أقواله و أفعاله مسئولة منه...لذلك قال الله عز و جل في سورة الشمس: وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا{7} فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا{8} قَدْ أَفْلَحَ مَن زَكَّاهَا{9} وَقَدْ خَابَ مَن دَسَّاهَا{10}... وبكل نفس وإكمال الله خلقها لأداء مهمتها, فبيَّن لها طريق الشر وطريق الخير, قد فاز مَن طهَّرها ونمَّاها بالخير, وقد خسر مَن أخفى نفسه في المعاصي.

    فالنفس هنا هي المخاطب و ليست الروح...فالروح هي أمر من رب العالمين لتكون للنفس حياة و حيوية و رغبات و شهوات و ما إلى ذلك يحملها و يحتضنها جسد،زوده الخالق بكل الأجهزة الممكنة ليكون على الشكل الذي أراده الله عز و جل...
    لأن النفس هي التي تموت عندما تخرج الروح منها هذه النفس التي يحتضنها الجسد... ففي الحديث الآتي كما استدل به الأخ الأستاذ نظام الدين ابراهيم أو غلو...فلقد ورد عند الشيخ الألباني رحمه الله: تخريج السيوطي : (حل) عن أبي أمامة.
    تحقيق الألباني : (صحيح) انظر حديث رقم: 2085 في صحيح الجامع.‌
    إن روح القدس نفث في روعي أن نفسا لن تموت حتى تستكمل أجلها وتستوعب رزقها فاتقوا الله وأجملوا في الطلب ولا يحملن أحدكم استبطاء الرزق أن يطلبه بمعصية الله فإن الله تعالى لا ينال ما عنده إلا بطاعته .

    و على هذا الأساس يمكن القول أن العقل و الفكر هما من مكونات النفس...و هما أحد آثار النفس التي تتركها في الواقع و المحيط الخارجي...و ليسا من قبيل الروح...لأن الروح هي أمر من عند الله عز و جل بخلق الحياة في النفس...و سيأتي الحديث عن ذلك إن شاء الله...‌

    دمتم في حفظ الله و رعايته...نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي


  2. #2
    عـضــو الصورة الرمزية ميلود حميدات
    تاريخ التسجيل
    02/05/2008
    المشاركات
    20
    معدل تقييم المستوى
    0

    افتراضي رد: الإنسان بين الروح و النفس...

    موضوع مهم مشكور عليه أخي الكريم، الموضوع الذي أثرته بُحث بعمق في الفكر الإسلامي، وهناك تمييز بين النفس والروح لدى فلاسفة الإسلام، هناك من تاثروا باليونان كإبن سينا، والفارابي، وهناك من زاوجوا بين الإسلام والفكر اليوناني كالغزالي، وتميز البعض بالأصالة والإلتزام بما جاء به الإسلام فقط كابن قيم الجوزية.
    هذا بإختصار وقد تكون لنا عودة بتوسع إلى الموضوع إنشاء الله.


  3. #3
    أديب وكاتب الصورة الرمزية سعيد نويضي
    تاريخ التسجيل
    09/05/2007
    العمر
    68
    المشاركات
    6,488
    معدل تقييم المستوى
    23

    افتراضي رد: الإنسان بين الروح و النفس...

    بسم الله الرحمن الرحيم...

    الأخ الأستاذ ميلود حميدات...سلام الله عليك و رحمته و بركاته

    الحقيقة كما أشرت لذلك أن الموضوع قد تم البحث فيه مند القديم من قبل الفلاسفة القدامى و من اشتغل بهذا الشكل من التفكير...و لذلك قد أخذ الموضوع اتجاه آخر من حيث البحث مع تطور المناهج العلمية في التحليل...و من تم لم يعد الموضوع محصورا في نطاق الفلسفة بل أصبح من صلب العلم بمختلف ميادينه...فتشعب أكثر من ذي قبل...و أصبحث الحقيقة ذات أوجه متعددة...

    فهل هي من امتلاك الدين وحده أو من امتلاك الفلسفة أم من صلب العلم؟ و هل هذه المجالات تتكامل فيما بينها و لا تتناقض في جوهرها؟ و بالتالي تكون الحقيقة واحدة...و يكون النظر إليها من خلال الزاوية التي يشغلها الفكر و الأدوات التي يستعملها للكشف عن هذا الجوهر الذي اختلف الأقدمون و المحدثون...فلا يتفقون حتى يختلفون...

    و تظل الحقيقة كشعاع يبرز حينا فيضيء الدرب ثم يختفي حينا و يظل البحث مستمرا...

    دمتم في رعاية الله عز و جل و للحديث بقية إن كان في العمر بقية...


  4. #4
    أديب وكاتب الصورة الرمزية سعيد نويضي
    تاريخ التسجيل
    09/05/2007
    العمر
    68
    المشاركات
    6,488
    معدل تقييم المستوى
    23

    افتراضي رد: الإنسان بين الروح و النفس...

    بسم الله الرحمن الرحيم...

    سلام الله على الأهل و الأحباب من قارئي هذه الكلمة...

    أعتقد و لا أجزم في القول أن المفكرين المسلمين الذين بحثوا في الموضوع من غير المتأثرين بأي فكر غير الفكر الإسلامي أنهم لم يبحثوا في الروح...و لكن تناولوا بالدرس و التحليل "النفس" و ليس "الروح"...فإذا كان الحق جل و علا أجزم في القول في مسألة الروح... يقول الله عز و جل: {وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُم مِّن الْعِلْمِ إِلاَّ قَلِيلاً }الإسراء85...

    فهل هذا يعني أن الله عز و جل قد استأثر في علمه الذي لم يعلمه أحدا من خلقه بالتعريف الشامل لمعنى و مفهوم للروح...فقد ذكر الله جل و علا في كتابه الكريم مجموعة الأجوبة التي سأل عنها عباد الله عز و جل و غيرهم من بني آدم الذين كانوا إما يبحثون عن الحقيقة أو يحاولون تعجيز الرسول الكريم عليه الصلاة و السلام من اليهود و النصارى و غيرهم من المشركين...فبدأ القول من باب أنه سميع عليم و محيط بكل شيء و لله المثل الأعلى...و يسألونك...

    1- يَسْأَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرَامِ قِتَالٍ فِيهِ قُلْ قِتَالٌ فِيهِ كَبِيرٌ وَصَدٌّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَكُفْرٌ بِهِ وَالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَإِخْرَاجُ أَهْلِهِ مِنْهُ أَكْبَرُ عِنْدَ اللَّهِ وَالْفِتْنَةُ أَكْبَرُ مِنَ الْقَتْلِ وَلَا يَزَالُونَ يُقَاتِلُونَكُمْ حَتَّى يَرُدُّوكُمْ عَنْ دِينِكُمْ إِنِ اسْتَطَاعُوا وَمَنْ يَرْتَدِدْ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ فَأُولَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالْآَخِرَةِ وَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (217) سورة البقرة
    2- يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَإِثْمُهُمَا أَكْبَرُ مِنْ نَفْعِهِمَا وَيَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنْفِقُونَ قُلِ الْعَفْوَ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآَيَاتِ لَعَلَّكُمْ تَتَفَكَّرُونَ (219)
    وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْيَتَامَى قُلْ إِصْلَاحٌ لَهُمْ خَيْرٌ وَإِنْ تُخَالِطُوهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ الْمُفْسِدَ مِنَ الْمُصْلِحِ وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَأَعْنَتَكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (220) سورة البقرة
    3- وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ وَلَا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ (222) سورة البقرة
    4- يَسْأَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْسَاهَا قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِنْدَ رَبِّي لَا يُجَلِّيهَا لِوَقْتِهَا إِلَّا هُوَ ثَقُلَتْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لَا تَأْتِيكُمْ إِلَّا بَغْتَةً يَسْأَلُونَكَ كَأَنَّكَ حَفِيٌّ عَنْهَا قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِنْدَ اللَّهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ (187) سورة البقرة
    5- يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَهِلَّةِ قُلْ هِيَ مَوَاقِيتُ لِلنَّاسِ وَالْحَجِّ وَلَيْسَ الْبِرُّ بِأَنْ تَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ ظُهُورِهَا وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنِ اتَّقَى وَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ أَبْوَابِهَا وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (189) سورة البقرة
    6- يَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنْفِقُونَ قُلْ مَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ خَيْرٍ فَلِلْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ (215) سورة البقرة
    7- يَسْأَلُونَكَ مَاذَا أُحِلَّ لَهُمْ قُلْ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ وَمَا عَلَّمْتُمْ مِنَ الْجَوَارِحِ مُكَلِّبِينَ تُعَلِّمُونَهُنَّ مِمَّا عَلَّمَكُمُ اللَّهُ فَكُلُوا مِمَّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ وَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ (4) سورة المائدة
    8- يسأَلُونَكَ عَنِ الْأَنْفَالِ قُلِ الْأَنْفَالُ لِلَّهِ وَالرَّسُولِ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَصْلِحُوا ذَاتَ بَيْنِكُمْ وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (1) سورة الأنفال
    9- وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا (85) سورة الإسراء
    10- وَيَسْأَلُونَكَ عَنْ ذِي الْقَرْنَيْنِ قُلْ سَأَتْلُو عَلَيْكُمْ مِنْهُ ذِكْرًا (83) سورة الكهف
    11- وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْجِبَالِ فَقُلْ يَنْسِفُهَا رَبِّي نَسْفًا (105) سورة طه
    12- يَسْأَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْسَاهَا (42) سورة النازعات


    و معروف أن باب المعرفة لا يفتح إلا بالسؤال...و أن الأجوبة هي التي تخلق نوع من الاطمئنان في النفس البشرية...لأن النفس بحكم الفطرة وبما أودع الله عز وجل من حب للمعرفة تواقة للإشباع من أجل تحقيق الطمأنينة على جميع المستويات...طمأنينة مادية و أخرى معنوية...بمعنى طمأنينة ذات طبيعة مادية و طمأنينة ذات طبيعة معنوية...

    و من تم كانت الأسئلة التي طرحوها على الرسول عليه الصلاة و أزكى التسليم تختلف بحسب الظروف و بحسب الأحوال...فكانت الأجوبة تأتي تباعا لمشيئة الله عز و جل...فتبين ما هو غامض حتى تتضح الأمور التي يسألون عنها...أما بعض الأسئلة فلم تتم الإجابة عنها لأن الله جل و علا لحكمته البالغة استأثر بها في علمه...فهو العليم الحكيم و هو الفعال لما يريد...و من ضمن تلك الأسئلة سؤال "الروح"...و بالتالي لم يأت ذكر من قبل الله عز و جل في كتابه الكريم عن تشبيه للروح حتى يمكن أن يتم تحديدها و بالتالي تعريفها...كما هو الشأن بالنسبة "للساعة" فهي الأخرى من علم ربي...لكن الله عز و جل مكن الرسول الكريم عليه الصلاة و السلام من الإشارة إلى علاماتها...كما ذكر الله عز و جل في القرآن الكريم في بعض الآيات الكريمة كإشارات لقيام الساعة...لليوم الفصل...ليوم سماه الله عز وجل يوم الدين و اليوم الآخر...اليوم الآخر من أيام الحياة الدنيا...

    و من هنا أعتقد أن الحديث عن الروح هو نوع من التخمين الذي لا يستند إلا إلى الظن...و إن الظن لا يغني من الحق شيئا...و من تم فالحديث عن النفس و مستوياتها و تجلياتها و مظاهرها هو المجال الذي يمكن اعتباره خاضع للدراسة و البحث و التأمل و التدبر و القياس و الملاحظة و حتى التجربة على أساس أن الوعاء الذي يحتضن النفس "كشيء غير مادي" هو الجسد " و هو شيء مادي"...و من تم يمكن يصبح السلوك كمظهر خارجي هو المعبر عن "الفكرة" أو "النية" أو " الرغبة" أو "الشهوة" التي تسبق السلوك الخارجي إما كدافع طبيعي غريزي أو كدافع مكتسب من الواقع الاجتماعي و البيئي...

    و للحديث بقية إن كان في العمر بقية...


  5. #5
    أديب وكاتب الصورة الرمزية سعيد نويضي
    تاريخ التسجيل
    09/05/2007
    العمر
    68
    المشاركات
    6,488
    معدل تقييم المستوى
    23

    افتراضي رد: الإنسان بين الروح و النفس...

    بسم الله الرحمن الرحيم...

    الإنسان بين الروح و النفس و الجسد...

    الواقع إذا نظرت إلى الإنسان من خارج الذات و من زاوية معينة ستجده كتلة من الاحتياجات يتحرك وفقها لإشباعها و إرضاء الطلبات التي تصدر إما من الروح أو من النفس أو من الجسد...و قبل أن ننظر بشكل أكثر تحديدا في تفاصيل كل حاجيات على حدة...آثرت أن أذكر ولو بإيجاز لنظريتين حاولتا تحديد حاجيات الإنسان.

    فـــ"ماسلو" حدد نظرية الاحتياجات الإنسانية في خمس حاجيات أساسية:
    1- تحقيق الذات
    2- التقدير
    3- الاحتياجات الاجتماعية
    4- الأمن و السلامة
    5- الاحتياجات الفسيولوجية .
    و يضيف أنه لما يتم إشباع هذه الحاجات على مراحل بحيث يندفع الفرد لإشباع إحداها فإذا فرغ منها و أشبعها انصرف إلى الثانية و هكذا."

    أما "كوفي" فنظريته تسمى نظرية "التوازن" و تقوم على أربعة حاجيات لا خمسة و هي حاجيات الروح و العقل و الجسد و العاطفة.و يؤكد "كوفي" على ضرورة إحداث التوازن في تلبية تلك الاحتياجات تحت شعار "أن أعيش و أحب و أتعلم و أترك ورائي أثرا طيبا".
    و المفتاح الأساسي لهذا التوازن هو التفاعل و إعطاء لكل ذي حق حقه.

    و يضيف "كوفي" أن هذه الاحتياجات تتطلب قوة لتحقيقها و من تم فالإنسان يتمتع بقدرات أربع تشكل كل قدرة المحرك لتلبية تلك الاحتياجات و هي:
    1- إدراك الذات (قوة الشخصية)
    2- الضمير الحي (قوة الإيمان)
    3- الإدارة المستقلة (قوة الاستجابة)
    4- الخيال المبدع(قوة العقل)

    و لكي تتم الشخصية السوية من المفروض أن تكون هذه القوى في حالة من التوازن...

    و من هنا يتضح أن "ماسلو" و "كوفي" قاما بجرد شبه عام للاحتياجات التي تحرك الإنسان و تشكل دوافعه الأساسية...فالأول حددها في خمسة و الثاني حددها في أربعة و قد تكون في الحقيقة ثلاثة ليس إلا في الروح و النفس و الجسد...

    و للحديث بقية إن كان في العمر بقية...


  6. #6
    عـضــو الصورة الرمزية يحي غوردو
    تاريخ التسجيل
    19/03/2007
    العمر
    57
    المشاركات
    647
    معدل تقييم المستوى
    18

    افتراضي رد: الإنسان بين الروح و النفس...

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة سعيد نويضي مشاهدة المشاركة
    بسم الله الرحمن الرحمن...

    الإنسان بين الروح و النفس...

    يقول الله عز و جل: {وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُم مِّن الْعِلْمِ إِلاَّ قَلِيلاً }الإسراء85
    ويسألك الكفار عن حقيقة الروح تعنتًا، فأجبهم بأن حقيقة الروح وأحوالها من الأمور التي استأثر الله بعلمها، وما أُعطيتم أنتم وجميع الناس من العلم إلا شيئًا قليلا.[التفسير الميسر]...

    بداية القول بأن هناك تشبيه بين النفس و الروح..يحتاج إلى دليل يثبت مسألة التشابه...فإذا كان الله عز و جل استأثر بتعريف الروح...فكيف نشبهها بالنفس التي لم ترد أية إشارة في القرآن لهذا التشبيه...

    لذلك فالإنسان باعتباره من بني آدم فهو أولا من مادة...يقول الحق عز و جل: {الَّذِي أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ وَبَدَأَ خَلْقَ الْإِنسَانِ مِن طِينٍ }السجدة7
    الله الذي أحكم خلق كل شيء, وبدأ خَلْقَ الإنسان, وهو آدم عليه السلام من طين.
    وفي آية أخرى يقول الله جل و علا: {إِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي خَالِقٌ بَشَراً مِن طِينٍ }ص71
    اذكر لهم -أيها الرسول- : حين قال ربك للملائكة: إني خالق بشرًا من طين.

    ثم نفخ الله عز و جل من روحه في هذا المخلوق من طين...يقول الله عز و جل: {فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِن رُّوحِي فَقَعُواْ لَهُ سَاجِدِينَ }الحجر29
    فإذا سوَّيته وأكملت صورته ونفخت فيه الروح, فخُرُّوا له ساجدين سجود تحية وتكريم, لا سجود عبادة.
    و في آية أخرى: {فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِن رُّوحِي فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ }ص72
    فإذا سوَّيت جسده وخلقه ونفخت فيه الروح، فدبت فيه الحياة, فاسجدوا له سجود تحية وإكرام, لا سجود عبادة وتعظيم؛ فالعبادة لا تكون إلا لله وحده. وقد حرَّم الله في شريعة الإسلام السجود للتحية.

    فالإنسان عنصران ...عنصر مادي و عنصر روحي...و المادي يمكن تتبع أثره و قياسه و تحليله إلى غير ذلك...أما العنصر الروحي...فهو العنصر الذي استأثر به الله عز و جل...حتى يظل الإنسان مهما أوتي من علم عاجز عن بلوغ الحقيقة بشكل كلي و شمولي...لأن الله عز و جل قبل أن يخلق الإنسان كان قد خلق الملائكة و من بينهم الشيطان...و هو العليم بكل شيء...العليم بما مضي و ما هو كائن و ما سيكون...فالشيطان خلقه الله عز و جل كمنافس للإنسان من اجل اختبار هذا الأخير في مجال الإيمان و العمل و مجال الصبر و التبات على الحق...

    فالسؤال الذي يجب الحسم فيه بداية هل الروح هي النفس[ و المقصود هنا بالروح التي لها علاقة بالإنسان، و ليست تلك التي لها علاقة بالملائكة أو الجن أو باقي المخلوقات]؟ أم أن النفس شيء آخر تتعايش مع الروح في قالب واحد هو الجسد؟ وهل تأخذ النفس مكان الروح؟ و هل العكس صحيح؟

    إذا كانت الروح قد حسم أمرها الله عز و جل في الآية السابقة الذكر...فماذا عن النفس؟
    يقول الله عز و جل: {وَمَا أُبَرِّئُ نَفْسِي إِنَّ النَّفْسَ لأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ إِلاَّ مَا رَحِمَ رَبِّيَ إِنَّ رَبِّي غَفُورٌ رَّحِيمٌ }يوسف53...قالت امرأة العزيز: وما أزكي نفسي ولا أبرئها, إن النفس لكثيرة الأمر لصاحبها بعمل المعاصي طلبا لملذاتها, إلا مَن عصمه الله. إن الله غفور لذنوب مَن تاب مِن عباده, رحيم بهم.

    {وَلَا أُقْسِمُ بِالنَّفْسِ اللَّوَّامَةِ }القيامة2وأقسم بالنفس المؤمنة التقية التي تلوم صاحبها على ترك الطاعات وفِعْل الموبقات، أن الناس يبعثون.
    {يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ }الفجر27يا أيتها النفس المطمئنة إلى ذِكر الله والإيمان به, وبما أعدَّه من النعيم للمؤمنين,

    فالنفس نوعان:آمرة بالسوء...أو نفس لوامة...و هذه الأخيرة تلحق بها النفس المطمئنة...
    1- النفس الأمارة بالسوء...
    2- النفس اللوامة...

    1ـــ فالآمرة بالسوء هي تلك التي لا تبحث إلا عن ارتكاب المعاصي و فعل السوء و الشر ،للذات و للآخرين...و بصفة عامة هي النفس الباحثة عن تلبية الشهوات و الرغبات و تحقيق الملذات بغض النظر عن كونها شرعية أو غير شرعية...كما أنها لا تعير اهتماما للوسيلة هل هي كذلك شرعية أو غير شرعية...

    2ـــ أما النفس اللوامة فهي التي تأخذ بعين الاعتبار...هل الفعل المراد القيام به يتطابق مع ما يرضي الله عز و جل أي مع ما شرع الله جل و علا...أو لا يتطابق؟فإن كان لا يتطابق مع الشرع فإن هذه النفس تلوم صاحبها قبل ارتكاب الفعل و تحاول أن تصده إما بتذكيره بآيات الله عز و جل و عقابه على الفعل و جزائه عن الترك...بواسطة الضمير...ذاك الصوت الداخلي الذي يذكر الشخص إذا ما نسي...
    فإذا ما عظم شأن النفس اللوامة في تركيبة الشخص...و أصبحت جزءا لا يتجزأ من سلوكه...و ذلك بفضل من الله جل و علا و منة منه على خلقه...أصبحت نفس مطمئنة على حالها و مآلها بعد وفاتها...و ليس قبل وفاتها...لأنها في واقع الأمر هي نتيجة للنفس اللوامة...لأن النفس اللوامة يكون فعلها ساري الأثر إلا في الحياة الدنيا...أما بعد الموت فتكون النتيجة المنطقية التي وعد بها الله عباده للنفس اللوامة أنها تصبح مطمئنة لحالها[أي النجاة من النار] و مآلها [أي الفوز برضا الله عز و جل و رحمته أي الجنة]...

    و لكي يتم الفرق بين النفس و الروح...يقول الله عز و جل عن النفس التي تخاف الله جل و علا و تبتغي رضوانه: {وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى }النازعات40...وأمَّا مَنْ خاف القيام بين يدي الله للحساب،
    فالنفس ميالة بطبيعة تكوينها للهوى...فما هو الهوى؟ الهوى هو كل ما تشتهيه النفس و ترغب في الحصول عليه و التمتع به و التلذذ بمتعته...
    يقول الله عز و جل: {زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاء وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالأَنْعَامِ وَالْحَرْثِ ذَلِكَ مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَاللّهُ عِندَهُ حُسْنُ الْمَآبِ }آل عمران14
    حُسِّن للناس حبُّ الشهوات من النساء والبنين, والأموال الكثيرة من الذهب والفضة, والخيل الحسان, والأنعام من الإبل والبقر والغنم, والأرض المتَّخَذة للغراس والزراعة. ذلك زهرة الحياة الدنيا وزينتها الفانية. والله عنده حسن المرجع والثواب, وهو الجنَّة.
    فالنفس تهوى متاع الحياة الدنيا...و هذه خصوصية طبيعية في النفس البشرية...لكن أين تكمن المشكلة؟ المشكلة تأتي عندما يختل ميزان بين ما أشتهيه و بين ما هو فعلا حقي الذي وهبني الله عز و جل إياه لتلبية شهواتي و رغباتي و حاجاتي...فاختلال الميزان يجعل من إحدى كفتين المعادلة تطغى على الأخرى...لذلك فالنفس الآمرة بالسوء لا تخاف مقام ربها في شهواتها و رغباتها و طرق تلبية تلك الحاجات...و ذلك بدافع الهوى...فتكون النفس اللوامة التي تجعل من الله عز و جل رقيب عليها في تصرفاتها تحد من طمعها و جشعها و ظلمها و جبروتها...لتعيد كفة الميزان إلى الوضع الذي يريده الله عز و جل من عباده...
    فميزان النفس قد يبدو في الحياة الدنيا لأن ما نضع في كفتيه قد يبدو من الأعمال التي تحدد سلوك الفرد من تقوى و ورع و حب الخير و ما إلى ذلك من أعمال البر...و لكن حقيقة الميزان لا تبدو جلية إلى عندما تنقضي و تنتهي الأقوال و الأعمال في هذه الدنيا...يقول الحق جل و علا: {وَالْوَزْنُ يَوْمَئِذٍ الْحَقُّ فَمَن ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ فَأُوْلَـئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ }الأعراف8...و وزن أعمال الناس يوم القيامة يكون بميزان حقيقي بالعدل والقسط الذي لا ظلم فيه، فمن ثقلت موازين أعماله -لكثرة حسناته- فأولئك هم الفائزون. وهنا يكون حصاد النفس اللوامة بأن تنتقل إلى درجة النفس المطمئنة....

    فالله عز وجل عندما يتحدث عن مصير الإنسان في الدنيا قبل الآخرة...أي من لحظة التكليف و بلوغ سن الرشد...أي عندما يصبح المرء ذكرا كان أو أنثى قادرا على الإنجاب...فمرحلة البلوغ هي حد فاصل بين الطفل غير المكلف و الراشد المكلف...فإذا ما أصبح مكلفا...أي قادرا على التمييز بين الخير و الشر...بين ما ينفع و بين ما يضر...قادرا على معرفة الحق و تمييزه من الباطل...أصبحت أقواله و أفعاله مسئولة منه...لذلك قال الله عز و جل في سورة الشمس: وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا{7} فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا{8} قَدْ أَفْلَحَ مَن زَكَّاهَا{9} وَقَدْ خَابَ مَن دَسَّاهَا{10}... وبكل نفس وإكمال الله خلقها لأداء مهمتها, فبيَّن لها طريق الشر وطريق الخير, قد فاز مَن طهَّرها ونمَّاها بالخير, وقد خسر مَن أخفى نفسه في المعاصي.

    فالنفس هنا هي المخاطب و ليست الروح...فالروح هي أمر من رب العالمين لتكون للنفس حياة و حيوية و رغبات و شهوات و ما إلى ذلك يحملها و يحتضنها جسد،زوده الخالق بكل الأجهزة الممكنة ليكون على الشكل الذي أراده الله عز و جل...
    لأن النفس هي التي تموت عندما تخرج الروح منها هذه النفس التي يحتضنها الجسد... ففي الحديث الآتي كما استدل به الأخ الأستاذ نظام الدين ابراهيم أو غلو...فلقد ورد عند الشيخ الألباني رحمه الله: تخريج السيوطي : (حل) عن أبي أمامة.
    تحقيق الألباني : (صحيح) انظر حديث رقم: 2085 في صحيح الجامع.‌
    إن روح القدس نفث في روعي أن نفسا لن تموت حتى تستكمل أجلها وتستوعب رزقها فاتقوا الله وأجملوا في الطلب ولا يحملن أحدكم استبطاء الرزق أن يطلبه بمعصية الله فإن الله تعالى لا ينال ما عنده إلا بطاعته .

    و على هذا الأساس يمكن القول أن العقل و الفكر هما من مكونات النفس...و هما أحد آثار النفس التي تتركها في الواقع و المحيط الخارجي...و ليسا من قبيل الروح...لأن الروح هي أمر من عند الله عز و جل بخلق الحياة في النفس...و سيأتي الحديث عن ذلك إن شاء الله...‌

    دمتم في حفظ الله و رعايته...نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
    الأخ الكريم سيعد النويضي شكرا لك على هذه المعلومات القيمة وعلى هذا الطرح المميز...

    نحن بحاجة إلى إعادة فتح ما كتبه من سبقنا بمنهج مغاير وبآليات البحث العلمي المتطور، أشد على يدك وأرجو أن تقبلني ضيفا على موضوعك...


    سؤال أول أثار انتباهي بعد قراءة الموضوع:
    يوقل تعالى في كتاب ه العزيز : {وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى }النازعات40
    نلمس من خلال قراءة هذه الآية الكريمة وجود سلطة عليا هي التي تخاف وهي التي تنهى النفس عن الهوى ... وأعتقد والله أعلم أنها سلطة العقل والفكر...
    و على هذا الأساس يمكن أن نقول أن العقل و الفكر هما مكونات خارجة عن النفس...
    بحيث يستطيع العقل إرجاع النفس إلى حالة من حالاتها الثلاث : -1 النفس الأمارة بالسوء -2 النفس اللوامة -3 النفس المطمئنة
    فالنفس يمكن تشبيهها بالترموميتر له سقف علوي(الاطمئنان) ووسط (اللوم والمحاسبة)وسقف سفلي (الأمر بالسوء التي ينفذ من خلالها الشيطان)

    والله أعلم

    تقبل مروري

    إِنْ أُرِيدُ إِلَّا الْإِصْلَاحَ مَا اسْتَطَعْتُ وَمَا تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ(88)


    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

  7. #7
    أديب وكاتب الصورة الرمزية سعيد نويضي
    تاريخ التسجيل
    09/05/2007
    العمر
    68
    المشاركات
    6,488
    معدل تقييم المستوى
    23

    افتراضي رد: الإنسان بين الروح و النفس...

    بسم الله الرحمن الرحيم...

    الأخ الأستاذ يحيى غوردو عندنا يا مرحبا يا مرحبا...

    كم أسعدني أن تكون من بين قرؤوا و تفاعلوا مع الموضوع بشكل يأخذ من الموضوعية إيجابيتها و من الذاتية فطرتها. فأهلا بك أخا عزيزا و أهلا بأسئلتك و محاوراتك...

    الخوف هو أساسا حالة نفسية مرتبطة بكل الكائنات التي خلقها الله عز و جل.فالكائن الحي من أصغره إلى أضخمه تنتابه هذه "الحالة" كلما شعر بالخطر.خطر إما محتمل الوقوع و إما واقع في لحظة الشعور بذلك. و الله عز و جل زود كل مخلوق من مخلوقاته بما يناسبه للدفاع عن "نفسه" في مواجهة حجم الخطر المحيط به. و الإنسان يخضع لهذه الحالة باعتباره مخلوقا تتوفر فيه صفات مشتركة مع باقي الكائنات و يتميز عن هذه الكائنات بصفات أخرى هي التي كرمها الله عز و جل بها ليكون مصداقا لقوله جل في علاه:" وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آَدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا (70)" سورة الإسراء.

    و من جملة هذه الصفات العقل و الفكر و الوعي التي تميز الإنسان عن باقي المخلوقاتن و غيرها كثير. و الجميل في خلق الله عز و جل أن مبدأ ربط الأسباب بالمسببات إلى أن تنتفي هذه العلاقة مرتبط بقدرة الإنسان على استعمال كل من العقل و الفكر و الوعي، لأن هذا الثلاثي يشتغل بشكل لا مثيل له، داخل هذا الجسد الذي يبدو على الشكل الذي خلقه الله عليه. فالإنسان لما يصل إلى الحالة التي ترتبك فيها المعادلة المعروفة بان كل نتيجة هي قائمة على سبب أو أسباب كانت أساسا لحدوثها.قف العقل عاجزا عن تخطيها.و هنا يأتي دور الوعي الذي أعتبره أرقى درجات التفكير العقلاني في مسألة العلم بالأشياء. ليقول للعقل لديك حدود التقصي في مجال المادة لا حصر لها لكن من المفروض أن تعلم و تعي أن هناك أشياء لا يصلها العقل و لا يخضها لا للتجربة و لا لغير ذلك.لكنه إن استعان بمن خلقه سيريه و يعلمه ما لا يعلم.فالوعي قرين للعلم. لذلك جاء في سورة الحاقة : إِنَّا لَمَّا طَغَى الْمَاءُ حَمَلْنَاكُمْ فِي الْجَارِيَةِ (11) لِنَجْعَلَهَا لَكُمْ تَذْكِرَةً وَتَعِيَهَا أُذُنٌ وَاعِيَةٌ (12). فالعلم بلغة العصر"معلومة" إما صادقة أو كاذبة ، بناءة أو مدمرة، كاشفة لشيء مجهول أو مؤكدة لشيء معلوم، لذلك فالمعلومة تنقلها الأذن. و من جملة الأحاديث التي يقول الإنسان هذه أذن موسيقية و هذه أذن خير و هذه سميعة سماعة أي تتذوق الفن و حلاوة الكلام. لكن أصدق الحديث كتاب الله عز و جل. "و تعيها أذن واعية" هي "معلومة" تاريخية حدثت على أرض الواقع فنجا منها قوم و أهلك آخرون. و هي ما قص الله عز وجل في القرآن الكريم من قصة نوح عليه السلام. و قد وردت كتذكرة ليتذكر من يخشى مقام ربه يوم الفصل بين الحق و الباطل فسمية السورة بالحاقة كما ورد في شرح "فتح القدير"الحاقة" هي القيامة، "

    أعود لأقول أن العقل هو مكون من مكونات النفس، الذي يقرأ ما تمده به الحواس الخمس التي تعتبر نوافذ على العالم الخارجي، فيكون بمثابة الجسر الذي يبرمج الذات مع الموضوع في علاقة تفاعلية على مستوى التأثير المتبادل. و من تم يكون التفكير حالة من الطرح و النصب و الإضافة و المقارنة و القياس و ما إلى ذلك من أدوات التفكير ليصل في نهاية الأمر إلى قرار. هذا القرار لو كان يسير في الاتجاه كما هو الشأن بالنسبة للأنبياء عليهم صلوات الله و سلامه يكون تحت مظلة الوحي و إن كان يصدر من بني آدم يكون تحت مظلة الوعي. فلذلك لا يخطأ الأنبياء عليهم صلوات الله و سلامه و إن حادوا شيئا ما عن الطريق الذي يريد الله جل و علا أن يسيروا فيه لكونهم بشر جاءهم العتاب ليعيدهم إلى الطريق القويم. و لبين لهم قدرته و علمه و حلمه...

    أما الإنسان المعرض للخطأ في كل وقت وحين أمده الله بالوعي ليأخذه من الوحي(القرآن الكريم و السنة النبوية الصحيحة). مع الأخذ بعين الاعتبار كيف تم التفسير من طرف السلف و ماذا أضاف الخلف لما تركه السلف دون طعن في القديم ولكن بقراءة القديم بشكل جديد على ضوء ما أقره العلم الذي لا يتناقض إطلاقا مع الدين الصحيح.

    و من هنا لا أتفق معك كون العقل خارج عن الإنسان بل هو مكون من مكونات النفس.فالنفس لما بين الله عز و جل أنها تنقسم إلى ثلاثة أقسام : النفس الأمارة بالسوء و اللوامة و المطمئنة. فهي نفس واحدة تتقلب بين هذه الحالات بين نزوع إلى فعل المنكرات والشر و ما جاور ذلك من فساد وسوء.و بين نفس تقف سدا منيعا و حاجزا قويا تتحكم في آليات تنفيذ القرار حتى لا يصبح فعلا في الواقع و ينتج ما لا يرضاه رب العالمين.و نفس مطمئنة جعلها الله عز وجل بفضله و منة مسيطرة على الكيان النفسي برمته فلا تأمر إلا بالخير و لا تسعى إلا في الخير و لا تريد إلا الخير.

    و هنا يظل السؤال أين مكان العقل في كل هذا و ما دوره؟

    لذلك إذا عدنا إلى الآية الكريمة: وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى (40) سورة النازعات. ورد في تفسير "فتح القدير" ما يلي: "وأما من خاف مقام ربه" أي حذر مقامه بين يدي ربه يوم القيامة. قال الربيع: مقام يوم الحساب. قال قتادة: يقول إن الله عز وجل مقاماً قد خافه المؤمنون. وقال مجاهد: هو خوفه في الدنيا من الله عز وجل عند مواقعة الذنب فيقلع عنه، نظيره قوله: "لمن خاف مقام ربه جنتان" والأول أولى "ونهى النفس عن الهوى" أي زجرها عن الميل إلى المعاصي والمحارم التي تشتهيها. قال مقاتل: [هو] الرجل يهم بالمعصية فيذكر مقامه للحساب فيتركها.

    و قبل توضيح الفكرة ،أريد أن أقول أن العقل كمكون من مكونات النفس موجود لدى المؤمن و الكافر على السواء.لا فرق في وجود "الأداة" لكن ما تحمله هذه الأداة هو ما يشكل الفرق بينهما.فلو كان العقل سلطة خارجية عن الذات، أي منفصلة انفصال تام عن الذات و تمارس نفوذها بشكل من الأشكال،سوف لن نجد اختلاف في "العقليات" لأن مصدر السلطة واحد و نفوذه شامل للكل، و بالتالي تنتفي خصوصيات المجتمعات من حيث الإنتاج الحضاري.لذلك أعتقد أن العقل مزود بحمولة معرفية تمارس نفوذها من داخل الذات و ليس من خارجها. لكن الزاد التي تحمله الأداة تستقيه من الخارج كما تسقي الأرض الميتة بالماء فتحيى بإذن ربها. فالنفس اللوامة هي النفس التي تقف حاجزا في فعل أو عدم فعل الأشياء.ومن تم يكون العقل في حركة مستمرة تشبه الذرة إلى حد ما في حركتها، أي تشتغل في حالة منتظمة/و في حالة غير منتظمة في صيرورة زمنية لا تعرف التوقف إلا في حالات معينة.

    فالعقل كمجموعة من العمليات الذهنية تشكل قسما من الأقسام الخفية للنفس في وحدتها.ومن تم يشتغل العقل في كل مستويات النفس اللوامة و الآمرة بالسوء و المطمئنة.ولكل حقل و مجال تمارس فيه أفعالها مع العلم أن الأفعال أساسا تنقسم إلى أفعال يقبلها الله عز و جل و يرضى عنها و أخرى يرفضها و لا يرضى عنها. و من تم ينشا الصراع بين الشهوة أو الرغبة في الفعل و صد الرغبة عن الفعل.فالرغبة مشروعة كحاجة من الاحتياجات الطبيعية، فمن المفروض أن تكون وسيلة تحقيقها مشروعة، وهنا مشروعة يجب أن تكون مطابقة للشرع.

    و من هنا يكمن الاختلاف بين العلم الذي لا يأخذ بعين الاعتبار "الروح" كمعطى من عند رب العالمين لا يمكن بأي حال تعريفها أو تحديدها أو الاشتغال على مكوناتها، و العلم الذي يقر بوجود الروح دون الدخول في وصفها أو شرحها و بالتالي يكتفي بوجود "النفس" التي تم تقسيمها إلى ثلاث أقسام: اللوامة و الأمارة بالسوء و المطمئنة. و التي لها آثار مادية ملموسة و أخرى معنوية غير ملموسة،كما هو حال الموضوع. و للمقارنة سأعود إن شاء الله لذلك مع النظرتين السالفتين الذكر نظرية مسلو و كوفي.

    لذلك يكون الوعي هو الذي يجعل من العقل جزء من النفس اللوامة. فيبن له أن الخوف المنتج لسعادة و طمأنينة لا يمكن قياسها بأي شكل من الأشكال هو الخوف من الله جل في علاه و ليس الخوف ممن سواه. فالعقل لما يصدر أمرا انطلاقا من حاجة ملحة.يجري هذا الأمر في الأعصاب ليصل إلى الأطراف التي تقوم بتنفيذ الأمر. على سبيل المثال و ليس الحصر. و سيأتي الحديث عن ذلك إن شاء الله رب العالمين.

    أما بخصوص التشبيه للنفس بكونها تشبه "الترمومتر" فلماذا لا نستبدل الأداة بأداة أخرى لها علاقة كذلك بمسألة غاية في الأهمية هي "الفعل" الذي يرضاه الله عز و جل و الذي لا يرضاه، و الأداة هي "الميزان" فللميزان كفتان. كفة الرضا [ و جعلها الله جل في علاه من نصيبنا] و كفة السخط [نجانا الله عز و جل منها]. و للميزان لسان الوسط.فلو غلبت أفعال الرضا على أفعال السخط كانت النفس في قمة الاطمئنان و السعادة. و إن غلبت أفعال السخط كانت النفس في قمة الشقاء، و العياذ بالله.

    و الأنبياء و الرسل و إن كانت لهم طمأنينتهم لا تعادلها سوى طمأنينة الملائكة...تدبر قول الله عز و جل:" قُلْ لَوْ كَانَ فِي الْأَرْضِ مَلَائِكَةٌ يَمْشُونَ مُطْمَئِنِّينَ لَنَزَّلْنَا عَلَيْهِمْ مِنَ السَّمَاءِ مَلَكًا رَسُولًا (95) سورة الإسراء. لكن قلقهم كان أكبر.قلقهم على الآخرين الذين لا يعلمون.فالعلم الذي لدى الأنبياء و الرسل عليهم صلوات الله و سلامه علم اليقين القاطع الجازم. أما علم من سواهم فهو يتأرجح بين اليقيني و الظني و الوهمي لأنهم بشر ولأن النفس التي بين صدورهم تتجاذبها قوى متناقضة في الاتجاه و مؤثرة في سلوكهم إلى أبعد الحدود، فقوة الهدى تقابلها قوة الهوى. و النفس اللوامة من قوى الهدى.و النفس الأمارة بالسوء من قوى الهوى. و قوة الوحي تقابلها قوة الوعي.فالوحي يقين مطلق و الوعي يقين يجمع بين المطلق و النسبي. و علم الأنبياء و الرسل عليهم الصلاة و السلام علم يقيني لأن مصدره الوحي.أما بنو آدم فعلمهم يقوم أساسا على الوعي الذي يتأرجح بين اليقيني و الظني بين المطلق و النسبي. بين الحقيقي و المزيف.بين الصادق و الكاذب.بين الخرافي و الواقعي.

    فأعتقد أن كلمة الميزان و هي كلمة دقيقة في القرآن الكريم تكون مناسبة أكثر لما كان القصد.و الله أعلم باليقين.

    دمتم في رعاية الله جل علا و لحديث بقية إن شاء الله رب العالمين...


  8. #8
    عـضــو الصورة الرمزية يحي غوردو
    تاريخ التسجيل
    19/03/2007
    العمر
    57
    المشاركات
    647
    معدل تقييم المستوى
    18

    افتراضي رد: الإنسان بين الروح و النفس...

    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
    سعيد أنا أخي الكريم سعيد بالانضمام إلى هذا النقاش الماتع جعله الله في ميزان حسناتك...

    لا يمكنن أن نتكلم عن النفس البشرية دون الخوض في ما يسمى "علم النفس"


    علم النفس، خلافا لبقية العلوم المادية، وكأكثر العلوم الانسانية ليس علما بالمعنى المتعارف عليه، أي مجموعة قوانين وثوابت أثبت الوقت والتجربة صحتها كالفيزياء والكيمياء والبيولوجيا وغيرها من العلوم المادية، لذلك يختلط في أذهان الناس، وكثير من المهتمين بالعلوم النفسية التفريق بين الجسد والنفس والروح، وخاصة بين النفس والروح فيجعلونهما في معنى واحد. ولقد ساهم في هذا الغموض كثرة النظريات والمدارس النفسية والفلسفية التي عالجت ماهية النفس، والظواهر النفسية ومنشأها عند الانسان والحيوان. والباحث المؤمن يجد في كتاب الله الكريم، وهو كتاب الهداية والصيانة للنفوس، كلمة الفصل في التفريق بين الجسد والنفس والروح، والثابت الذي نعتمده للتعريف بالظواهر النفسية ومسبباتها وسبل الوقاية منها، فهو الفيصل وفيه تبيان كل شيء:
    وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ(89) (النحل)



    النفس في التعريف القرآني:

    الكل يتكلم ويكتب في النفس، والقلة تستطيع تحديدها وتعريفها بكلمات بسيطة. فهل من تعريف لهذه الأمارة بالسوء، كما جاء وصفها القرآني على لسان سيدنا يوسف: (وَمَا أُبَرِّئُ نَفْسِي إِنَّ النَّفْسَ لَأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ إِلَّا مَا رَحِمَ رَبِّي إِنَّ رَبِّي غَفُورٌ رَحِيمٌ(53) (يوسف).
    ما كنه هذه النفس التي وصف مجاهدتها الرسول عليه الصلاة والسلام بالجهاد الأكبر فيما روي عنه "جئتم من الجهاد الأصغر، إلى الجهاد الأكبر، قالوا وما الجهاد الأكبر يا رسول الله ؟ قال: جهاد النفس"

    وردت كلمة النفس في القرآن الكريم في مئتين وخمس وتسعين آية كريمة، تبين لنا من دراستها أن لكلمة النفس قرآنيا معاني عدة كأكثر الكلمات في كتاب الله.

    1) وردت كلمة النفس في بضع آيات فقط، تعني كلمة النفس فيها، ذات الله تعالى أو صفاته, ففي قوله عز من قائل:
    تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي وَلَا أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ إِنَّكَ أَنْتَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ(116) (المائدة)
    ثُمَّ جِئْتَ عَلَى قَدَرٍ يَامُوسَى(40)وَاصْطَنَعْتُكَ لِنَفْسِي(41) (كتب على نفسه الرحمة) (كتب ربكم على نفسه الرحمة)
    النفس في الآيات الكريمة السابقة تعني، كما ذكرنا، ذات الله تعالى.
    ولا نسمح لأنفسنا، ولا ننصح أحدا بأن يبحث في ذات الله... فالمولى عرف ذاته بقوله (ليس كمثله شيء) والقاعدة النبوية الشريفة تقول: "تفكروا في خلق الله، ولا تتفكروا في الله، فإنكم لن تقدروا قدره) رواه الاصبهاني في الترغيب...

    أما في قوله تعالى: وَيُحَذِّرُكُمْ اللَّهُ نَفْسَهُ وَإِلَى اللَّهِ الْمَصِيرُ(28)(آل عمران)
    وَيُحَذِّرُكُمْ اللَّهُ نَفْسَهُ وَاللَّهُ رَءُوفٌ بِالْعِبَادِ(30) (آل عمران)
    فالنفس هنا تعني صفة من صفات الله، ولله أسماء وصفات هي سبعة وتسعون اسما هي من أسماء الله الحسنى أما "الله" و"الرحمان" فهما اسما ذات، ومن الواجب التفكر في صفات الله ودعوته بها: (ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها) ومن أسماء صفاته الجبار والمنتقم...

    إِنْ أُرِيدُ إِلَّا الْإِصْلَاحَ مَا اسْتَطَعْتُ وَمَا تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ(88)


    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

  9. #9
    عـضــو الصورة الرمزية يحي غوردو
    تاريخ التسجيل
    19/03/2007
    العمر
    57
    المشاركات
    647
    معدل تقييم المستوى
    18

    افتراضي رد: الإنسان بين الروح و النفس...

    2) من معاني النفس قرآنيا: الروح، والله أعلم، إذا قرنت كلمة النفس بصفة المطمئنة. ولقد ورد هذا المعنى في آية واحدة من كتاب الله: (يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ) الفجر
    أما الروح فمن العبث البحث في ماهيتها أي كنهها وتركيبها لقوله تعالى: (ويسأونك عن الروح قل الروح من أمر ربي، وما أوتيتم من العلم إلا قليلا) لذلك لا نسمح لأنفسنا أن نبحث في ماهية الروح، فالروح هي سر الخالق في الخلق ومن أمره...


    3)أما بقية الآيات الكريمة التي وردت فيها كلمة النفس، فإننا نستطيع أن نستخلص من خلالها القول بأن النفس هي مخلوق له كيانه الخاص وصفاته المميزة. فالنفس تموت وتفنى كبقية المخلوقات (كل نفس ذائقة الموت) (ولا تقتلوا النفس التي حرم الله إلا بالحق) والانسان قد يظلم نفسه:(قالا ربنا ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين)(الأعراف).
    والنفس قد تكون أمارة بالسوء (وما أبرئ نفسي إن النفس لأمارة بالسوء) لذلك وجبت تزكية هذه النفس بذكر الله بالغدو والآصال لكي لا تكون من الغافلين (وَاذْكُرْ رَبَّكَ فِي نَفْسِكَ تَضَرُّعًا وَخِيفَةً وَدُونَ الْجَهْرِ مِنْ الْقَوْلِ بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ وَلَا تَكُنْ مِنْ الْغَافِلِينَ(205) (الأعراف).
    فللنفس إذن معنى ثالث في القرآن الكريم، فهي مخلوق له كيان مميز خاص به، وكل مخلوق من مخلوقات الله من أصغر جسيم في الذرة إلى أكبر مجرة، مؤلف من مادة وروح إلا الروح فلها كيان روحي فقط.



    ********************************
    النفس = الدم

    يمكن أن نعرف النفس، (معنى ثالث غير ذات الله وصفاته- والروح) بأنها الدم.
    فالدم هو المخلوق الوحيد في الجسم الذي نستطيع أن نقول بأنه مصدر جيمع الظواهر العضوية والنفسية التي ننسبها إلى النفس. وكما بدأ علم الكيمياء العضوية وعلم معالجة الأمراض النفسية بالمواد الكيميائية يثبت ذلك.

    منذ منتصف القرن العشرين بدأ علماء الكيمياء العضوية يكتشفون تباعا أن كل القوى العقلية والانفعالات والتصرفات التي تدرس اليوم تحت اسم الظواهر والأمراض النفسية والعقلية ما هي إلا نتيجة لتداخلات ومؤثرات مادية بواسطة مواد بيوكميائية تفرزها مجموعات من الخلايا، وتصب كلها في الدم أو السوائل الناشئة منه والذي ينقلها بدوره إلى مختلف أعضاء الجسم التي ستكون مسرح الانفعالات والتصرفات التي ندعوها بالنفسية، سواء كانت سليمة أو مرضية: من حبور وسرور وانشراح أو غضب وخوف وقلق أوهلوسة وضياع...

    والله أعلم
    ************************************************** ****
    (...)

    إِنْ أُرِيدُ إِلَّا الْإِصْلَاحَ مَا اسْتَطَعْتُ وَمَا تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ(88)


    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

  10. #10
    عـضــو الصورة الرمزية يحي غوردو
    تاريخ التسجيل
    19/03/2007
    العمر
    57
    المشاركات
    647
    معدل تقييم المستوى
    18

    افتراضي رد: الإنسان بين الروح و النفس...

    2) من معاني النفس قرآنيا: الروح، والله أعلم، إذا قرنت كلمة النفس بصفة المطمئنة. ولقد ورد هذا المعنى في آية واحدة من كتاب الله: (يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ) الفجر
    أما الروح فمن العبث البحث في ماهيتها أي كنهها وتركيبها لقوله تعالى: (ويسأونك عن الروح قل الروح من أمر ربي، وما أوتيتم من العلم إلا قليلا) لذلك لا نسمح لأنفسنا أن نبحث في ماهية الروح، فالروح هي سر الخالق في الخلق ومن أمره...


    3)أما بقية الآيات الكريمة التي وردت فيها كلمة النفس، فإننا نستطيع أن نستخلص من خلالها القول بأن النفس هي مخلوق له كيانه الخاص وصفاته المميزة. فالنفس تموت وتفنى كبقية المخلوقات (كل نفس ذائقة الموت) (ولا تقتلوا النفس التي حرم الله إلا بالحق) والانسان قد يظلم نفسه:(قالا ربنا ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين)(الأعراف).
    والنفس قد تكون أمارة بالسوء (وما أبرئ نفسي إن النفس لأمارة بالسوء) لذلك وجبت تزكية هذه النفس بذكر الله بالغدو والآصال لكي لا تكون من الغافلين (وَاذْكُرْ رَبَّكَ فِي نَفْسِكَ تَضَرُّعًا وَخِيفَةً وَدُونَ الْجَهْرِ مِنْ الْقَوْلِ بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ وَلَا تَكُنْ مِنْ الْغَافِلِينَ(205) (الأعراف).
    فللنفس إذن معنى ثالث في القرآن الكريم، فهي مخلوق له كيان مميز خاص به، وكل مخلوق من مخلوقات الله من أصغر جسيم في الذرة إلى أكبر مجرة، مؤلف من مادة وروح إلا الروح فلها كيان روحي فقط.



    ********************************
    النفس = الدم

    يمكن أن نعرف النفس، (معنى ثالث غير ذات الله وصفاته- والروح) بأنها الدم.
    فالدم هو المخلوق الوحيد في الجسم الذي نستطيع أن نقول بأنه مصدر جيمع الظواهر العضوية والنفسية التي ننسبها إلى النفس. وكما بدأ علم الكيمياء العضوية وعلم معالجة الأمراض النفسية بالمواد الكيميائية يثبت ذلك.

    منذ منتصف القرن العشرين بدأ علماء الكيمياء العضوية يكتشفون تباعا أن كل القوى العقلية والانفعالات والتصرفات التي تدرس اليوم تحت اسم الظواهر والأمراض النفسية والعقلية ما هي إلا نتيجة لتداخلات ومؤثرات مادية بواسطة مواد بيوكميائية تفرزها مجموعات من الخلايا، وتصب كلها في الدم أو السوائل الناشئة منه والذي ينقلها بدوره إلى مختلف أعضاء الجسم التي ستكون مسرح الانفعالات والتصرفات التي ندعوها بالنفسية، سواء كانت سليمة أو مرضية: من حبور وسرور وانشراح أو غضب وخوف وقلق أوهلوسة وضياع...

    والله أعلم
    ************************************************** ****
    (...)

    إِنْ أُرِيدُ إِلَّا الْإِصْلَاحَ مَا اسْتَطَعْتُ وَمَا تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ(88)


    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

  11. #11
    أديب وكاتب الصورة الرمزية سعيد نويضي
    تاريخ التسجيل
    09/05/2007
    العمر
    68
    المشاركات
    6,488
    معدل تقييم المستوى
    23

    افتراضي رد: الإنسان بين الروح و النفس...


    بسم الله الرحمن الرحيم...

    سلام الله عليكم ورحمته و بركاته...
    الأخ الفاضل غوردو بداية أشكرك تفاعلك البناء مع الموضوع و نسترسل في استكشاف هذا العالم المجهول المسمى"النفس"...

    حقيقة لا يمكن التغافل في بحث الموضوع دون الأخذ في الاعتبار "علم النفس" و ما وصل إليه العلم بصفة عامة. ولكن هل ما سبق قوله لا يمت للعلم بصلة و بالتالي فهو مجرد كلام على عواهنه لا يمت للحقيقة بصلة؟

    أعتقد أن الحقيقة هي ما يبحث عنها العلم و هي ما يقيم الدنيا و لا يقعدها حتى يتأكد من صدقها و من صحتها. فإذا كان التقسيم الثلاثي للنفس لا يمت للعلم بصلة و للحقيقة بميثاق، فكيف سيكون هذا العلم؟ الخطأ الذي أعتقد لا زال لم يتم توضيحه للكثير، وقد أكون مخطئا، و هو أن حقيقة العلم لا تقتصر على ما تصل إليه الأبحاث المادية الصرفة و التجارب المختبرية،فقط بل حقيقة العلم تتعدى ذلك إلى ما هو غير خاضع لا للتجربة و لا للبحث المادي.

    و من هنا يكون البحث في "النفس" لا علاقة له بالحديث عن "الروح" لأن الروح حسم الله عز و جل في أمرها و لم يمدنا بشيء و لو ضئيل للخوض فيها، لأنه كما سبقت الإشارة "هي من أمر ربي"...أما بخصوص النفس فالله عز و جل بين لنا ذلك الثلاتي من حيث النظر إليها من زاوية "الفعل"...فالأمر بالسوء "فعل" و اللوم هو كذلك "فعل" و الاطمئنان هو حالة ناتجة عن "فعل"...

    و إذا ابتدأنا من الحديث الذي استشهدت به كمقدمة لمعرفة حقيقة النفس و بالتالي تعريفها و الإحاطة بعناصرها.

    "رجعنا من الجهاد الأصغر إلى الجهاد الأكبر" من السلسلة الضعيفة [منكر]

    تخريج السيوطي : (حم م ت) عن أنس (م) عن أبي هريرة (حم في الزهد) عن ابن مسعود موقوفا.
    تحقيق الألباني : (صحيح) انظر حديث رقم: 3147 في صحيح الجامع.‌"حفت الجنة بالمكاره وحفت النار بالشهوات . ‌"

    زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاءِ وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنْطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالْأَنْعَامِ وَالْحَرْثِ ذَلِكَ مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَاللَّهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الْمَآَبِ (14 سورة آل عمران.

    قوله 14- "زين للناس" إلخ: كلام مستأنف لبيان حقارة ما تستلذه الأنفس من هذه الدار، والمزين قيل: هو الله سبحانه، وبه قال عمر كما حكاه عنه البخاري وغيره، ويؤيد قوله تعالى: "إنا جعلنا ما على الأرض زينة لها لنبلوهم". وقيل: المزين هو الشيطان، وبه قال الحسن، حكاه عبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم عنه. وقرأ الضحاك زين على البناء للفاعل. وقرأه الجمهور على البناء المفعول. والمراد بالناس: الجنس. والشهوات جمع شهوة، وهي نزوع النفس إلى ما تريده. والمراد هنا المشتهيات عبر عنها بالشهوات مبالغة في كونها مرغوباً فيها أو تحقيراً لها لكونها مسترذلة عند العقلاء من صفات الطبائع البهيمية، ووجه تزيين الله سبحانه لها ابتلاء عباده كما صرح به في الآية الأخرى. وقوله: "من النساء والبنين" في محل الحال: أي زين للناس حب الشهوات حال كونها من النساء والبنين إلخ. وبدأ بالنساء لكثرة النفوس إليهن لأنهن حبائل الشيطان، وخص البنين دون البنات لعدم الاطراد في محبتهن. والقناطير جمع قنطار وهو اسم للكثير من المال. قال الزجاج: القنطار مأخوذ من عقد الشيء وإحكامه: تقول العرب قنطرت الشيء: إذا أحكمته، ومنه سميت القنطرة لإحكامها. وقد اختلف في تقديره على أقوال للسلف ستأتي إن شاء الله. واختلفوا في معنى المقنطرة، فقال ابن جرير الطبري: معناها المضعفة، وقال القناطير: ثلاثة، والمقنطرة تسعة. وقال الفراء: القناطير جمع قنطار، والمقنطرة جمع الجمع، فتكون تسع قناطير وقيل: المقنطرة المضروبة، وقيل: المكملة كما يقال: بدرة مبدرة، وألوف مؤلفة، وبه قال مكي وحكاه الهروي. وقال ابن كيسان: لا تكون المقنطرة أقل من سبع قناطير. وقوله: "من الذهب والفضة" بيان للقناطير، أو حال "والخيل المسومة" قيل هي المرعية في المروج والمسارح، يقال: سامت الدابة والشاة: إذا سرحت، وقيل: هي المعدة للجهاد، وقيل: هي الحسان، وقيل: المعلمة، من السومة وهي العلامة: أي التي يجعل عليها علامة لتتميز عن غيرها. وقال ابن فارس في المجمل المسومة: المرسلة وعليها ركبانها. وقال ابن كيسان: البلق. والأنعام هي الإبل والبقر والغنم، فإذا قلت نعم فهي الإبل خاصة قاله الفراء وابن كيسان، ومنه قول حسان: وكانت لا يزال بها أنيس خلال مروجها نعم وشاء والحرث: اسم لكل ما يحرث، وهو مصدر سمي به المحروث، يقول: حرث الرجل حرثاً، إذا أثار الأرض فيقع على الأرض والزرع. قال ابن الأعرابي: الحرث: التفتيش. قوله: "ذلك متاع الحياة الدنيا" أي ذلك المذكور ما يتمتع به ثم يذهب ولا يبقى، وفيه تزهيد في الدنيا وترغيب في الآخرة. والمآب: المرجع آب يؤوب إياباً: إذا رجع، ومنه قول امرئ القيس: لقد طوفت في الآفاق حتى رضيت من الغنيمة بالإياب.[فتح القدير. الشوكاني]...

    فعلم النفس في جانب من جوانبه يركز على الغرائز التي تشكل الدوافع المحركة لحاجات الإنسان و بالتالي تعتبر هذه الغرائز هي الأسس التي تنطلق منها الرغبات و الشهوات. فالنفس في علاقتها بالإنسان تشكل "الذات" التي تجمع ما بين الجسد في حالة الحياة و الجثة في حالة الموت. فالنفس من هذه الزاوية هي "الذات" و الذات البشرية الإنسانية و هي المختلفة عن الذات الإلهية المنزهة عن التشبيه أو التجسيم ...فقوله عز و جل: تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي وَلَا أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ إِنَّكَ أَنْتَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ(116) المائدة فالواضح من الآية الكريمة أن علم الله عز و جل وسع كل شيء و تشبيه الذات الإلهية الجليلة بالنفس بالذات البشرية هو من باب تقريب فكرة القدرة اللامتناهية و اللامحدودة لعلم الله عز و جل بالمقارنة مع علم الإنسان المحدود.

    كذلك تبين الآية الكريمة أن النفس المقصود بها الذات البشرية الإنسانية :

    وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ وَالْعَيْنَ بِالْعَيْنِ وَالْأَنْفَ بِالْأَنْفِ وَالْأُذُنَ بِالْأُذُنِ وَالسِّنَّ بِالسِّنِّ وَالْجُرُوحَ قِصَاصٌ فَمَنْ تَصَدَّقَ بِهِ فَهُوَ كَفَّارَةٌ لَهُ وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ (45) سورة المائدة.

    فالغرائز المحركة إلى حد ما لسلوك الذات[الإنسان] هي الشهوات بلغة القرآن...و حديث رجعنا من الجهاد الأصغر إلى الجهاد الأكبر ولو أن الحديث بحسب الشيخ الألباني ضعيف.يشكل الجهاد "فعل" يضاف إلى الأفعال الثلاثة التي تجعل من النفس أمارة و لوامة و مطمئنة الذي يلخصها الحديث الصحيح "حفت الجنة بالمكاره و حفت النار بالشهوات"...فآخر مطاف الذات و نهاية المصير إما الجنة [إن شاء الله برحمته] إما النار[و نرجو من الله عز وجل أن يجنبنا عذابها] و من تم تظل الأفعال "الأربعة" في حلبة من التجاذب و الصراع و الأخذ و الرد لتتحقق نتيجة نهائية في آخر المطاف.و الله أعلم باليقين

    و للحديث بقية إن شاء الله...


  12. #12
    أديب وكاتب الصورة الرمزية سعيد نويضي
    تاريخ التسجيل
    09/05/2007
    العمر
    68
    المشاركات
    6,488
    معدل تقييم المستوى
    23

    افتراضي رد: الإنسان بين الروح و النفس...

    بسم الله الرحمن الرحيم...

    سلام الله على الإخوة الأحباء...

    ففي الفقرة التي ذكرت في مداخلتك السابقة أخي غوردو ما يلي
    "أما بقية الآيات الكريمة التي وردت فيها كلمة النفس، فإننا نستطيع أن نستخلص من خلالها القول بأن النفس هي مخلوق له كيانه الخاص وصفاته المميزة. فالنفس تموت وتفنى كبقية المخلوقات (كل نفس ذائقة الموت) (ولا تقتلوا النفس التي حرم الله إلا بالحق) والانسان قد يظلم نفسه:(قالا ربنا ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين)(الأعراف)."

    و هذا ما يؤكد ما قلته من أن "النفس" هي "الذات" الحاملة للروح...فالنفس هي التي تحيى و تموت...أما الروح فلا تعرف الموت لأنها من أمر ربي و لأنها من عند "الحي الذي لا يموت"...

    لذلك تتوفر النفس على شقين شق مادي و شق معنوي...و الشق المادي هو كل الأجهزة العضوية التي تشكل الذات...أما الشق المعنوي فهو الشق الأكثر تعقيدا في البحث...لذلك اختلفت مدارس علم النفس في هذا الجانب و تشعبت و تضاربت آراؤها تارة و تكاملت فيما بينها تارة أخرى...أما المدرسة التي اعتمدت على الشق الأول ،على أساس أن الشق المادي هو الشق الوحيد الذي يشكل السلوك الإنساني و ما عدا ذلك فهو من قبيل الفلسفة أو الخرافة أو شيء من هذا القبيل، أي ذلك القول الذي لا يمت إلى العلم بصلة. و هذا الاتجاه نظر إلى الحقيقة ، حقيقة النفس،من زاوية غير مكتملة، لكنه أتى بحقائق أفادت جانب من جوانب هذا العالم المتشعب المسمى" بالنفس"

    و الدم كما أشرت إلى ذلك هو من باب الشق المادي في تحديد هوية"النفس" و تعريفها، لكنه ليس هو النفس،لأن النفس أكبر من اختزالها في عنصر واحد من العناصر المكونة "للذات"...و الله أعلم باليقين

    و للحديث بقية إن شاء الله جل و علا


  13. #13
    عـضــو الصورة الرمزية يحي غوردو
    تاريخ التسجيل
    19/03/2007
    العمر
    57
    المشاركات
    647
    معدل تقييم المستوى
    18

    افتراضي رد: الإنسان بين الروح و النفس...

    باسم الله الرحمان الرحيم

    الأخ العزيز سعيد تحية طيبة وبعد،

    حاولت قراءة بحثك عدة مرات حتى أستطيع أن أفهم جيدا إلا أنني عجزت عن تتبع الخيط الرابط بين ما جاء فيه خاصة من ناحية الألفاظ المستعملة والمحتوى الدلالي لها...

    أنت تعلم أن كل بحث ، لكي يفهمه القارئ، يجب أن يحدد مصطلحاته جيدا حتى لا يلتبس على القارئ فهم محتواه وحتى لا يخلط بين الألفاظ ومدلولاتها المفاهيمية:

    بحث لا شك ثري بالمعلومات لكن ما ينقصه ، من وجهة نظري القاصرة، هو التحديد الدقيق للألفاظ المستعملة... أضرب لك مثلا حتى أكون عمليا:
    ما معنى الانسان؟
    الذات؟
    الروح؟
    النفس؟
    العقل؟
    الوعي؟
    المادي؟
    الغير مادي؟

    إذا لم نحدد بدقة كل لفظ وما يعنيه فإننا سنتوه عن إيجاد الفهم الصحيح

    تقول مثلا:
    الإنسان باعتباره من بني آدم فهو أولا من مادة
    ثم نفخ الله عز و جل من روحه في هذا المخلوق من طين
    ...فالإنسان عنصران ...عنصر" مادي" و عنصر "روحي"


    نفهم من ذلك أن الانسان هو : 1- مادة 2- روح


    وتقول أن الروح أمرها محسوم فيه وبالتالي فالنفس ليست هي الروح وهذا ما يقودنا إلا أن النفس -بما أنها ليست روحا- فهي تنتمي إلى العنصر الأول أي "المادة"
    يفهم القارئ من هذا الكلام أن النفس شيء مادي

    لكنك تقول بعد ذلك تقول:
    و من تم فالحديث عن النفس و مستوياتها و تجلياتها و مظاهرها هو المجال الذي يمكن اعتباره خاضع للدراسة و البحث و التأمل و التدبر و القياس و الملاحظة و حتى التجربة على أساس أن الوعاء الذي يحتضن النفس "كشيء غير مادي" هو الجسد " و هو شيء مادي"...

    هنا نرى أنك تراجعت عن التعريف الأول وقلت بإنها "شيء غير مادي" على غرار الجسد الذي هو مادي

    يفهم القارئ إلى حدود هذه النقطة أن النفس ليست مادية أليس كذلك؟ المادي هو الجسد

    لكننك تفاجؤنا بالقول :
    لذلك تتوفر النفس على شقين شق مادي و شق معنوي...و الشق المادي هو كل الأجهزة العضوية التي تشكل الذات...أما الشق المعنوي فهو الشق الأكثر تعقيدا في البحث...

    فنفهم أنك تراجعت عن تعريفك للنفس وقسمتها هي نفسها إلى شق مادي وشق غير مادي
    وتقول أن الأجهرية العضوية (الشق المادي) يشكل الذات : أليس الأجهزة العضوية هي الجسد؟


    ثم بعد ذلك تقول أن النفس هي الذات (ثم تعطيها تعريفا آخر هو الجسد في حالتي الحياة والموت( وتقول بأنه هو النفس:
    فالنفس في علاقتها بالإنسان تشكل "الذات" التي تجمع ما بين الجسد في حالة الحياة و الجثة في حالة الموت. فالنفس من هذه الزاوية هي "الذات"

    أكتفي بهذا القدر وأرجو أن تتحملني بعض الشيء
    للحديث بقية

    إِنْ أُرِيدُ إِلَّا الْإِصْلَاحَ مَا اسْتَطَعْتُ وَمَا تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ(88)


    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

  14. #14
    أديب وكاتب الصورة الرمزية سعيد نويضي
    تاريخ التسجيل
    09/05/2007
    العمر
    68
    المشاركات
    6,488
    معدل تقييم المستوى
    23

    افتراضي رد: الإنسان بين الروح و النفس...

    بسم الله الرحمن الرحيم...

    الأخ العزيز يحيى غوردو سلام الله عليك و رحمته و بركاته...

    حقيقة قد يبدو أن هناك تراجع أو تناقض في البحث أو عدم تحديد لبعض المصطلحات، ولكن للتوضيح لك ما تريد إن كانت نظرتي صائبة فذاك فضل من الله و إن كانت خاطئة فمن نفسي و من الشيطان و الله المستعان...

    عنوان البحث يطرح من تسميته ثلاثة عناصر متشعبة في علاقاتها بعضها ببعض. و ليس من البساطة أن تعطي تحديدا لكل مصطلح مع العلم أن البحث برمته يحاول تحديد هذه المصطلحات و إعطاءها تعريفا يحاول الإحاطة بكل الجوانب أو بجل الجوانب على أقل تقدير.

    فعنوان البحث هو : الإنسان بين الروح و النفس و الجسد.
    فلو حددنا بلغة الرياضيات أن الإنسان انطلاقا من مكوناته و ليس من معناه؟ لأنك تعلم أكثر مني أن معنى الشيء، ليس هو تكوين الشيء...و من تحديد العناصر المكونة للشيء نصل إلى معناه...على حد علمي البسيط...فمكونات الإنسان هي :
    الإنسان= الروح + النفس+ الجسد.

    الروح لا أقول تساوي لأني لو قلتها فإني أكون ملزم بتحديد عناصرها ، و هذا ما لم يفتح به الله عز و جل على الإنسان و استأثر به علمه و لم يطلع أحدا عليه حتى صفوة الخلق ممن اصطفافهم لتبيان و توضيح الخفي و الغامض لذرية آدم عليه أفضل الصلاة و أزكى التسليم ، و من تم أقول ما قال الله عز و جل:" و يسألونك عن الروح قل الروح من أمر ربي و ما أوتيتم من العلم إلا قليلا"...لكن مصدرها من الله عز و جل كما هو شأن كل شيء..." فنفخنا فيه من روحنا" و من أسماء الله الحسنى "الحي" أي الذي لا يموت و الذي يمد الكائنات بالحياة و منها الإنسان.و الحياة تكون بأمر الله عز و جل و من أمره...لذلك كان قوله جل و علا "وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا (85)سورة الإسراء.

    العنصر الثاني في المعادلة هي "النفس" و هي موضوع البحث...و لما ذكرت أن الموضوع شائك و متشعب و ليس بالبسيط كان قصدي أنه يمكن النظر إلى النفس من عدة زوايا.كل زاوية تبين بشكل من الأشكال هذا "العالم" الغامض. لذلك حاولت الانطلاق من مسلمة بديهية و هي أن كل ظاهرة من الظواهر لها شقين.شق ظاهر و شق باطن. فالظاهر هو ما يبدو لنا و تلتقطه حواسنا. و باطن وهو الخفي عن الأنظار و الذي يشتغل بحسب قوانينه و مكوناته. فالشق المادي في النفس كظاهرة من الظواهر الإنسانية هو ما يشكله الجسد و هو الظاهر.و الشق المعنوي الذي تقوم عليه النفس كظاهرة لها باطن وهو الشق الخفي الذي يشتغل طبقا لقوانين وضع الخالق جل و علا.

    و من باب التوضيح يكون المثل هو التجسيد الفعلي للفكرة.

    و في هذا المجال لنأخذ مثلا إنسان يحتاج لشربة ماء لأن به من العطش ما يحركه لتلبية حاجته. فالحاجة إلى الماء هي حاجة مادية انطلقت من خصاص ألم بالجسم فضرب ناقوسا معينا و أرسل رسالة خاصة للجهة المعنية بوجود خصاص في مادة معينة و هي الماء في مثالنا هذا. فقام الجهاز بقراءة الرسالة ثم أعطى أوامره للحواس التي تشكل المنافذ التي يتعامل معها الباطن مع الظاهر لتجد وسيلة أو طريقة تلبي بها الحاجة و من تم تحركت الأطراف الرجلين ثم اليدين لتقوم بعملية صب الماء في الكوب و تناوله كمظهر خارجي واضح للعيان. و إلى هذا الحد فالأمر طبيعي...فأين هو التقسيم الثلاثي "للنفس الأمارة بالسوء" و "النفس اللوامة" و "النفس المطمئنة" قلت أن هذه التقسيمات هي تقسيمات "لأفعال". لذلك لو حاولنا أن ننظر على أن الشهوات بلغة القرآن الكريم هي الغرائز بلغة "علم النفس" نجد أن الآية الكريمة تبين أن الإنسان تحركه مجموعة من الشهوات تدفعه دفعا لتلبيتها وتحقيقها على أرض الواقع. " زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاءِ وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنْطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالْأَنْعَامِ وَالْحَرْثِ ذَلِكَ مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَاللَّهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الْمَآَبِ (14) سورة آل عمران. و هذه الشهوات هي طبيعية لكن الطريقة التي تقتضي تلبيتها هي الإشكالية الكبرى التي جاءت من أجلها الشرائع و الأديان. فمن هذه الطرق ما هو مقبول شرعا لمن يحتكم للشرع الإلهي. و منها ما هو مرفوض من يحتكم لهواه . و هنا تكون الأفعال الثلاثة للنفس في حركتها المستمرة و صراعها من أجل إرضاء الشهوة من جهة و البقاء على حالة من التوازن النفسي للفرد من جهة ثانية.

    فالشهوة المكونة لوجه من وجوه النفس تدخل في علاقة مع الأفعال الثلاث.فإذا كانت الشهوة ليس فيها مرض من الأمراض التي قد تصيب الإنسان.مثلا شهوة "القتل" فهذه من النفس الأمارة بالسوء أو أكل مال اليتيم أو الغنى على حساب الضعفاء أو التكبر أو غير ذلك مما تأمر به النفس الأمارة بالسوء، تتدخل النفس اللوامة لتعيد التوازن النفسي للفرد ،إن كان الفرد لديه من الإيمان القدر الكافي و القوة الكافية للتغلب على النفس الأمارة بالسوء.فإن توفر ذلك دخل الفرد في مرحلة النفس المطمئنة بشكل مؤقت.لأن النفس المطمئنة تحتاج دائما إلى زاد يجعلها تعيش و تحس حالة الطمأنينة التي قد تفسدها النفس الأمارة بالسوء بحكم و جود الشهوات من جهة و وجود الشيطان من جهة أخرى...

    و الله أعلم باليقين
    و للحديث بقية إن شاء الله


  15. #15
    أديب وكاتب الصورة الرمزية سعيد نويضي
    تاريخ التسجيل
    09/05/2007
    العمر
    68
    المشاركات
    6,488
    معدل تقييم المستوى
    23

    افتراضي رد: الإنسان بين الروح و النفس...

    سلام الله عليك رحمته و بركاته...

    أما إشكالية العقل و الوعي و الفكر فهي في نظري المتواضع هي "جوهر النفس"...

    لو انطلقنا من الآيات الكريمة التي أكرمنا الله عز و جل بها لتبين لنا ما صعب علينا فهمه و ما غمض علينا إدراكه و استعنا كذلك بأحاديث الصادق المصدوق التي تبين لنا كذلك ما نحن في حاجة إلى فهمه لأدركنا إلى حد ما حقيقة النفس في شموليتها و في أوجهها المتعددة.

    العقل اسم و الفعل عقل يعقل و الجمع" يعقلون" و هو الفعل الذي استخدم في القرآن الكريم لمخاطبة الناس أجمعين و قد ورد ذكره في اثنين و عشرين آية...وكلها وردت تؤكد على أن الإنسان لا يستعمل عقله بالطريقة السوية أو بالطريقة المستقيمة التي ترضي الله عز و جل و التي هي في نفس الوقت لا يكون فيها إلا الخير سواء للذات و للمجتمع و للإنسانية جمعاء.و إذا استعملها بالطريقة القويمة وصل إلى نتائج مرضية لله عز و جل و للذات و للآخر.

    و مع قليل من الصبر و التأني قد نصل إلى توضيح ما هو غامض إن شاء الله ذلك.

    يقول الله عز و جل: " وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ قَالُوا بَلْ نَتَّبِعُ مَا أَلْفَيْنَا عَلَيْهِ آَبَاءَنَا أَوَلَوْ كَانَ آَبَاؤُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ شَيْئًا وَلَا يَهْتَدُونَ (170) وَمَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُوا كَمَثَلِ الَّذِي يَنْعِقُ بِمَا لَا يَسْمَعُ إِلَّا دُعَاءً وَنِدَاءً صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لَا يَعْقِلُونَ (171) سورة البقرة

    هنا دعوة صريحة لاستعمال العقل و عدم الإتباع دون هداية و كذلك دعوة لاستعمال الحواس على الطريقة السليمة و الصحيحة و ليس تعطيلها حتى لا تتعطل "الأداة" المسماة "العقل".

    يقول الله عز و جل: " أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَا أَوْ آَذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ (46) سورة الحج.

    و أعتقد أن الآية الكريمة واضحة أن فعل التعقل يقوم به القلب و ليس الرأس بما فيه المخ كما يعتقد العديد من أصحاب الفكر. قد يبدو غريبا هذا عن الفكر السائد الذي اعتقد زمنا طويلا في أن المخ هو مركز العمليات العقلية السليمة في حين أن الآة صريحة لا تحتاج إلى المجلدات لكي يتم شرحها. فحديث الرسول الكريم قد افادنا في ذلك بما لا يحتاج إلا إلى قليل من البصيرة لندرك حقيقة و جوهر الآية الكريمة. يقول الرسول الكريم صلى الله عليه و سلم: " الحلال بين والحرام بين وبينهما أمور مشتبهات لا يعلمها كثير من الناس فمن اتقى الشبهات فقد استبرأ لعرضه ودينه ومن وقع في الشبهات وقع في الحرام كراع يرعى حول الحمى يوشك أن يواقعه ألا وإن لكل ملك حمى ألا وإن حمى الله تعالى في أرضه محارمه ألا وإن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله وإذا فسدت فسد الجسد كله ألا وهي القلب . ‌" " تخريج السيوطي : (ق 4 ) عن النعمان بن بشير. تحقيق الألباني : (صحيح) انظر حديث رقم: 3193 في صحيح الجامع.‌"

    فالأرض الذي جعلها الله عز و جل مسرحا للإنسان لكي يسير فيها و يكتشف آياته في خلقه و مخلوقاته، أمده الله عز و جل بكل الأدوات الضرورية لمعرفة "الحقيقة" " الحقيقة المطلقة" و هي وجود الله عز و جل" و الحقيقة النسبية" التي تعددت بتعدد الظواهر الموجودة فوق هذه الأرض. و من تم فالفعل هو المظهر المادي للشهوة أو الرغبة من جهة وقد يكون هو التجسيد المادي للفكرة و المعتقد ، و بالتالي فهو المنوط بالتفريق بين هذا "حلال و هذا حرام" و اختيار سلوك معين و من تم فالمسئول عن إدراك هذا الفرق بين الأفعال هو القلب الذي يعتبر بمثابة العقل الذي يفصل بين الأمور كلها.

    فإذا كان صالحا أي غير مشوب بمرض من الأمراض الاجتماعية التي قد تسببها العادات الفاسدة أو التقاليد المنافية للشرع و التي يكون مصدرها "النفس الأمارة بالسوء" أو التي يكون سببها إتباع الهوى عوض إتباع الهدى، صلح الجسد كله نسبة إلى ذات الفرد و بالتالي يكون صلاح المجتمع برمته. و الإشارة إلى القلب بصريح العبارة تفيد ما في الصدر و ليس ما في الرأس...

    و من هنا يمكن القول أن العقل كأداة من الأدوات التي تتوفر عليها النفس كما تتوفر العين على النظر و الأذن على السمع فالقلب يتوفر على العقل كوظيفة تأخذ معلوماتها من المخ الذي يعتبر الوعاء الذي يضم الأجهزة المسئولة عن برمجة المعطيات الداخلية للذات و المعطيات المنبعثة من المحيط الخارجي.

    لكن الإشكالية التي ليس من السهل الخوض فيها و رغم ذلك سأحاول بعون من الله عز و جل إتمامها هو كيف يتم ذلك فالقلب كجهاز عضوي يضخ الدم و يفرقه على الجسد كله و يغدي كل خلية بما يفيدها و يقوم بعملية الدفاع عن "الذات" و غير ذلك من الوظائف العضوية و هذا ظاهره فكيف يشتغل باطنه؟و كيف تتصرف "النفس اللوامة" التي قد يسميها البعض "بالضمير"؟ و من تم كيف يستطيع الإنسان أن يصل إلى حالة"النفس المطمئنة" و الحفاظ عليها على قدر المستطاع؟

    و سيأتي الحديث عن الوعي و كذلك الفكر إن شاء الله ذلك...

    و الله أعلم باليقين
    و للحديث بقية إن شاء الله


  16. #16
    عـضــو الصورة الرمزية يحي غوردو
    تاريخ التسجيل
    19/03/2007
    العمر
    57
    المشاركات
    647
    معدل تقييم المستوى
    18

    افتراضي

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة سعيد نويضي مشاهدة المشاركة
    سلام الله عليك رحمته و بركاته...

    أما إشكالية العقل و الوعي و الفكر فهي في نظري المتواضع هي "جوهر النفس"...

    النفس بمعنى الدم:

    هناك قاعدة تعتمد في التفسير فعندما لا نستطيع استخلاص معنى الكلمة من كتاب الله نلجأ إلى الحديث الشريف التزاما بقوله تعالى: (وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نزل إليهم ولعلهم يتفكرون) (النحل 44)
    وإن لم نجد، ونادرا ما يحصل ذلك، نلجأ إلى معاجم اللغة.


    روي عن الرسول الكريم قوله: "ما ليس له نفس سائلة، فإنه لا ينجس الماء إذا مات فيه... كل شيء له نفس سائلة فمات في الإناء ينجسه".
    والواضح أنه عليه أفضل الصلوات وأزكى التحيات قد عني بالنفس السائلة: الدم (عن لسان العرب رواه النخعي).

    وتشير معاجم اللغة أن من معاني كلمة "النفس" "الدم" يقال امرأة "نفساء" أي ولدت حديثا، وكذلك قول الشاعر:
    تسيل على حد الظبات(السيوف) نفوسنا(دماؤنا) = وليس على غير الظبات تسيل

    استنادا إلى ما سبق، يمكن أن نعرف النفس بأنها الدم.
    فالدم هو المخلوق الوحيد في الجسم الذي تستطيع أن نقول بأنه مصدر جيمع الظواهر العضوية والنفسية التي ننسبها إلى النفس. وكما بدأ علم الكيمياء العضوية وعلم معالجة الأمراض النفسية بالمواد الكيميائية يثبت ذلك.

    منذ منتصف القرن العشرين بدأ علماء الكيمياء العضوية يكتشفون تباعا أن كل القوى العقلية والانفعالات والتصرفات التي ندرسها اليوم تحت اسم الظواهر والأمراض النفسية والعقلية ما هي إلا نتيجة لتداخلات ومؤثرات مادية بواسطة مواد بيوكيائية تفرزها مجموعات من الخلايا، وتصب كلها في الدم أو السوائل الناشئة منه والذي ينقلها بدوره إلى مختلف أعضاء الجسم التي ستكون مسرح الانفعالات والتصرفات التي ندعوها بالنفسية، سواء كانت سليمة أو مرضية من حبور وسرور وانشراح أو غضب وخوف وقلق وهلوسة وضياع...
    ولقد اكتشف العلم منذ بدء الستينات مئات المواد الكيميائية في داخل الجسم وخارجه وكلها تتحكم في الظواهر والأمراض النفسية، وتنتقل أو توجد أو تصب في الدم ينقلها إلى مختلف أعضاء الجسم التي ستكون مسرح العوارض النفسية، وهكذا تتضح الصورة تدريجيا. فإذا عرفنا النفس بأنها الدم، فهذا التعريف الموجز الجامع البسيط يتوافق مع ما بدأ علم كيمياء العوارض النفسية بإثباته. وهذا علم جديد لا يتجاوز عمره بضع سنين، فكل العوارض النفسية من حبور وغضب وهلوسة وهدوء تتحكم فيها بالحقيقة مواد كيميائية ينقلها الدم إلى مختلف أعضاء الجسم التي هي مسرح الانفعالات.
    مثلا: الخوف: هو عارض نفسي له ظواهر نفسية وعضوية، وتسببه مواد كيميائية، كذلك القلق والإحباط النفسي. ومنعا لكل تساؤل من أننا إذا عرفنا النفس بأنها الدم، يصبح معنى ذلك أننا نستطيع تغيير نفسية الإنسان بتغيير دمه، نقول:
    المسألة ليست بهذه السهولة، فالمواد الكيميائية التي تسبب الظواهر النفسية تفرزها الغدد الصم ومختلف المراكز العصبية التي تصب هذه المواد في الدم.
    فالدم هو مستقر ومستودع لمئات المواد الكيميائية التي تتأتى من مختلف أجزاء الجسم: كالجهاز الهضمي والغدد الصم، والخلايا العصبية المنتشرة في مختلف أعضاء الجسم والدماغ، لذلك فإن القول بأننا نستطيع تغيير نفسية الإنسان بتغيير دمه هو قول سطحي ومرفوض.



    علاقة النفس بالجسد والعقل والروح:
    البعض يجعل من النفس والروح شيئاً واحداً والبعض الآخر يجعل من النفس والجسد أو العقل شيئاً واحداً أيضاً، والحقيقة أن النفس والجسم والروح هي أشياء مختلفة.
    النفس ليست الجسد، فالجسد أو الجسم أو البدن هو وعاء النفس، وقد عرَّفناها بالدم، ومسرح تأثيراتها وعوارضها وتصرفاتها، والدماغ المفكر العاقل، هو آلة العقل، وهو الذي يجب أن يكون السيد والمسيطر على النفس ومُسيِّرها وإلا أصبح تَبَعاً لها. أما الروح ونُعرِّفها بأنها أمر من المولى ومخلوق له كيان روحي فقط، وسر من أسرار المولى، فهي علة الحياة في كل خلق. وإذا سيطر العقل على النفس وفقاً لتعاليم الخالق، ارتاح الجسد والروح ووصل الانسان إلى السعادة الحقيقية أي الطمأنينة والسكينة، فالنفس والبدن والروح، هي مخلوقات رئيسية ثلاثة في الانسان، تتفاعل تفاعلاً وثيقاً مع بعضها البعض، ولكي يسعد الانسان يجب أن يسيطر العقل المفكر وفق تعاليم الخالق على النفس وأهوائها ونزواتها، أما إذا انعكست الآية فأصبح العقل المفكر تبعاً للنفس الأمارة بالسوء فذلك مُتعب للروح وهي الجوهر، وهي لا تسعد إلا إذا اتبع الانسان تعاليم الخالق. والذين لا يعتقدون بالروح لن يستطيعوا أن يفهموا في العمق أسرار العوارض النفسية وأسرار السعادة والسكينة عند المؤمنين، ومن هنا كان وصفهم الخاطئ للدين بأنه أفيون الشعوب، والحقيقة أنه سعادة الشعوب. أما الإلحاد، فهو سبب الشقاء والقلق والتعاسة التي تلف الأفراد والمجتمعات، غير المؤمنة اليوم، مهما بلغت من رقي مادي.

    بعض الأدلة القرآنية:
    أولاً: فَرّق القرآ، الكريم بين النفس والبدن، ففي قوله تعالى مخاطباً فرعون الخروج الذي لحق بسيدنا موسى وأغرقه المولى في البحر نجد أن نفس الفرعون قد ماتت مصداقاً لقوله تعالى: (كلُّ نفس ذائقة الموت). أما بدن الفرعون فقد قضت حكمة المولى أن تبقيه منذ ثلاثة آلاف سنة ونيف إلى يومنا هذا، ليكون بدن الفرعون آية وبرهاناً مادياً محسوساً قاطعاً للذين يأتون بعد الفرعون، على صدق التنزيل، فبدن، أي مومياء الفرعون الذي لحق بموسى موجود حتى اليوم في متحف القاهرة بمصر.
    نقرأ في سورة يونس: (وجاوزنا ببني إسرائيل البحر فأتبعهم فرعون وجنوده بغياً وعدواً، حتى إذا أدركه الغرق قال آمنت أنه لا إله إلا الذي آمنت به بنوا إسرائيل وأنا من المسلمين. الآن وقد عصيت قبل وكنت من المفسدين. فاليوم ننجيك ببدنك لتكون لمن خلفك آية وإن كثيراً من الناس عن آياتنا لغافلون) (يونس/ 90 – 92). وسبحان الذي لا تبديل لكلماته. فلقد غفل أكثر الباحثين في القرآن الكريم عن معاني هذه الآية في العمق إلى أن أتى الدكتور "موريس بوكاي" في أواخر القرن العشرين، ليحقق علمياً وتاريخياً في كل كلمة من هذه الآيات ويؤكد صدقها. وقد نشر ذلك في كتابه القيم "التوراة، الإنجيل، القرآن والعلم"، فليرجع إليه مَن يريد الزيادة. بالاضافة إلى ذلك تجدر الاشارة إلى أن التحنيط أي حفظ الأبدان لا يصح ويثبت إلا باستخراج وطرح الدم والسوائل التي تكونه أو تنشأ عنه، وفي ذلك دليل علمي آخر على أن النفس غير البدن، علماً أن الأبدان وكل شيء سيفنى ويموت مع مرور الزمن، إذ ثبت اليوم علمياً أن كل الأشياء تفنى وتندثر مصداقاً لقوله تعالى: (كلُّ شيء هالك إلا وجهه). (كل مَن عليها فان. ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام).

    ثانياً: والنفس ليست الروح كما اعتقد وكتب الكثيرون، وإلا فما الذي يصعد إلى البرزخ عند الموت إذا كانت النفس هي الروح (كل نفس ذائقة الموت) ومَن يطلب من المولى الرجوع إلى الحياة بعد الموت إذا كانت النفس هي الروح (حتى إذا جاء أحدهم الموت قال رب ارجعون. لعلي أعمل صالحاً فيما تركت كلا إنها كلمة هو قائلها ومن ورائهم برزخ إلى يوم يبعثون) (المؤمنون/ 99 – 100).
    وإذا كانت النفس هي الروح فما هو الذي يعرض على النار من آل فرعون بعد موتهم في قوله تعالى: (النار يعرضون عليها غُدُواً وعشياً ويوم تقوم الساعة أدخلوا آل فرعون أشدّ العذاب) (غافر/ 46)، وبماذا تزوج النفس يوم البعث إذا كانت هي البدن أو الروح في قوله تعالى: (وإذا النفوس زوِّجت)؟
    فالروح هي الجوهر المُسبب والمُحرك الأول لكل حياة، والعقل المفكر وآلته الدماغ الانساني هو الذي أعطاه المولى السيادة والذي يجب أن يسيطر على الدماغ الحيواني فينا والذي بوساطته تحقق النفس نزواتها وأهواءها. "في دماغ الانسان مراكز تسمى بالدماغ الجديد أو الدماغ المفكر، ومراكز تسمى بالدماغ الحيواني مصدر الانفعالات والظواهر النفسية والعضوية من غضب وحبور ولذة وتعاسة وقلق وطمأنينة وغيرها".

    نحن نعتقد من زاوية إيمانية قرآنية أن الروح مركزها الرئيسي في الصدر والقلب، ومن القلب تتوزع الروح بواسطة النفس أي الدم إلى كل خلية من خلايا البدن فتبعث فيها الحياة، ومن هذه الزاوية نستطيع أن نفهم شيئاً من أسرار الآيات الكثيرة التي وردت فيها كلمة القلب والصدر، فالله يبتلي ما في صدورنا ويمحص ما في قلوبنا (وليبتلي ما في صدوركم وليمحص ما في قلوبكم) (آل عمران/ 154)، وينزل سكينته في قلوبنا (هو الذي أنزل السكينة في قلوب المؤمنين ليزدادوا إيماناً مع إيمانهم). ونحن نفقه بواسطة قلوبنا ويطبع ويختم على قلوبنا: (لهم قلوب لا يفقهون بها). (كذلك نطبع على قلوب المعتدين). (ختم الله على قلوبهم). (كلا بل ران على قلوبهم ما كانوا يكسبون)، ولو لم يودع المولى في هذا العضو الكثير من أسراره كالروح والإيمان وغيرهما لما كرمه هذا التكريم.

    بكلمة مختصرة قريبة من الأذهان: إن القلب الذي تسكنه الروح وأسرار إلهية أخرى هو محطة البث والإرسال الرئيسية في الجسم والنفس أي الدم، هي موجات الأثير التي ينتقل عليها ما يبثه القلب إلى الدماغ المفكر الذي يشكل شاشة الاستقبال والتوزيع إلى مختلف بقية أعضاء الجسم. وإذا اختلت محطة الإرسال والبث اختلت وظيفة بقية أعضاء الجسم ومن هنا أهمية القلب ليس من الناحية العضوية، ولكن من الناحية الروحية أيضاً ولقد وردت كلمة القلب في القرآن الكريم في مئة واثنتين وثلاثين آية كريمة تدليلاً على أهميته عند الانسان.
    ولا نستطيع أن نفهم العوارض والانفعالات والأمراض النفسية ومسبباتها وانعكاساتها العضوية في الجسد وتأثير الروح والعقل سلباً أو ايجاباً في كل هذه المظاهر النفسية ـ العضوية إلا إذا سلمنا، وحسب الهدي القرآني، أن في الانسان نفساً وعقلاً وروحاً، وأن الروح هي العلة الأولى، وسبب الحياة، هي الجوهر، وهي تتفاعل تفاعلاً وثيقاً حميماً مع العقل والنفس، التي هي مصدر جميع الانفعالات والظواهر النفسية وما يتبعها من انعكاساتها عضوية بالجسم، وبقدر ما نسمو بالجوهر ونبتعد به عما نهى عنه الله بواسطة العقل المفكر، تصفو الروح وترتاح النفس وتكون عواطفنا وانفعالاتنا النفسية وانعكاساتها العضوية سليمة وصافية وبعيدة عن المظاهر المرضية.
    وكل المدارس والنظريات المادية التي لا تعترف بالروح، لم تستطع أن تفهم أو تشرح في العمق الظواهر النفسية، ولذلك لم تجد حتى الآن الدواء الشافي لها لأنها أهملت حلقة رئيسية في ترابط النفس والجسد أي الروح، والثلاثة أي الروح والنفس والجسد هي، تسلسلاً، علة ومصدر ومسرح الظواهر النفسية ويتأثر بعضها ببعض سلباً أو إيجاباً.


    العقل المفكر إذن هو خارج النفس بل يتحكم فيها ويسيطر عليها وهو من يمكن أن نفهمه من قوله تعالى:
    {وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى }النازعات40 ، العقل المفكر المتدبر الذي نجده عند أولي الألباب هو الذي ينهى النفس عن الهوى وهو الذي يوجهها إلى الفجور أو التقوى...


    هذا العقل الذي يخاطبه الله في آيات كثيرة
    والله أعلم

    {وَمَا تَوْفِيقِي إِلاَّ بِاللّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ}...

    للحديث بقية

    إِنْ أُرِيدُ إِلَّا الْإِصْلَاحَ مَا اسْتَطَعْتُ وَمَا تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ(88)


    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

  17. #17
    أديب وكاتب الصورة الرمزية سعيد نويضي
    تاريخ التسجيل
    09/05/2007
    العمر
    68
    المشاركات
    6,488
    معدل تقييم المستوى
    23

    افتراضي

    بسم الله الرحمن الرحيم...

    السلام عليكم و رحمة الله و بركاته...الأخ العزيز غوردو بعد التحية و السلام من الصعب جدا حسم معادلة بحجم تعقيد هذا الكون الصغير الذي يقطن بين جدران الجسد في مسألة تساوي النفس=الدم...و لكن كما قلت الدم مكون اساسي من مكونات النفس للأسباب الآتية و قد يكون غيرها موجود لكن ما توصلت إليه هو الآتي بناء كما سبق القول على كتاب الله و سنة رسوله الكريم صلى الله عليه و سلم...

    هل النفس هي الدم؟

    إن الميت تحضره الملائكة فإذا كان الرجل صالحا قال اخرجي أيتها النفس الطيبة كانت في الجسد الطيب اخرجي حميدة وأبشري بروح وريحان ورب غير غضبان فلا يزال يقال لها ذلك حتى تخرج ثم يعرج بها إلى السماء فيستفتح لها فيقال من هذا فيقول فلان فيقال مرحبا بالنفس الطيبة كانت في الجسد الطيب ادخلي حميدة وأبشري بروح وريحان ورب غير غضبان فلا يزال يقال لها ذلك حتى ينتهي بها إلى السماء التي فيها الله تبارك وتعالى ; فإذا كان الرجل السوء قال اخرجي أيتها النفس الخبيثة كانت في الجسد الخبيث اخرجي ذميمة وأبشري بحميم وغساق وآخر من شكله أزواج فلا يزال يقال لها ذلك حتى تخرج ثم يعرج بها إلى السماء فيستفتح لها فيقال من هذا فيقال فلان فيقال لا مرحبا بالنفس الخبيثة كانت في الجسد الخبيث ارجعي ذميمة فإنها لا تفتح لك أبواب السماء فترسل من السماء ثم تصير إلى القبر ; فيجلس الرجل الصالح في قبره غير فزع ولا مشعوف ثم يقال له فيم كنت فيقول كنت في الإسلام فيقال له ما هذا الرجل فيقول محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم جاءنا بالبينات من عند الله فصدقناه فيقال له هل رأيت الله فيقول ما ينبغي لأحد أن يرى الله فيفرج له فرجة قبل النار فينظر إليها يحطم بعضها بعضا فيقال له انظر إلى ما وقاك الله تعالى ثم يفرج له فرجة قبل الجنة فينظر إلى زهرتها وما فيها فيقال له هذا مقعدك ويقال له على اليقين كنت وعليه مت وعليه تبعث إن شاء الله ; ويجلس الرجل السوء في قبره فزعا مشعوفا فيقال له فيم كنت فيقول لا أدري فيقال له ما هذا الرجل فيقول سمعت الناس يقولون قولا فقلته فيفرج له فرجة قبل الجنة فينظر إلى زهرتها وما فيها فيقال له انظر إلى ما صرف الله عنك ثم يفرج له فرجة إلى النار فينظر إليها يحطم بعضها بعضا فيقال هذا مقعدك على الشك كنت وعليه مت وعليه تبعث إن شاء الله . ‌
    تخريج السيوطي : (هـ) عن أبي هريرة. تحقيق الألباني : (صحيح) انظر حديث رقم: 1968 في صحيح الجامع.‌
    انطلاقا من هذا الحديث هل يصح قولا و منطقا أن نقول أن "النفس" هي الدم، بطبيعة الحال لا يصح ذلك و مع ذلك "فالنفس" تعني من جملة المعاني التي تحتضنها في "صدرها الرحب" المتسع و الشاسع كما هو حال اللغة العربية كلغة متعددة المعاني، أنها تحمل معنى "الدم". و لكن إن صح معنى النفس في سياق معين من القول و بحسب الحال فإنه لا يصح في مجال آخر. ففي نفس: النَّفْس: الرُّوحُ، قال ابن سيده: وبينهما فرق ليس من غرض هذا
    الكتاب، قال أَبو إِسحق: النَّفْس في كلام العرب يجري على ضربين: أحدهما قولك خَرَجَتْ نَفْس فلان أَي رُوحُه، وفي نفس فلان أَن يفعل كذا وكذا أَيفي رُوعِه، والضَّرْب الآخر مَعْنى النَّفْس فيه مَعْنى جُمْلَةِ الشيء وحقيقته، تقول: قتَل فلانٌ نَفْسَه وأَهلك نفسه أَي أَوْقَتَ الإِهْلاك بذاته كلِّها وحقيقتِه، والجمع من كل ذلك أَنْفُس ونُفُوس؛[لسان العرب]. و في هذا المعنى و الذي يقصد بها الروح ورد حديث تخريج السيوطي : (حم د ابن خزيمة ك هب الضياء) عن البراء. تحقيق الألباني : (صحيح) انظر حديث رقم: 1676 في صحيح الجامع.‌ إن العبد المؤمن إذا كان في انقطاع من الدنيا وإقبال من الآخرة نزل إليه من السماء ملائكة بيض الوجوه كأن وجوههم الشمس معهم كفن من أكفان الجنة وحنوط من حنوط الجنة حتى يجلسوا منه مد البصر ثم يجيء ملك الموت حتى يجلس عند رأسه فيقول أيتها النفس الطيبة اخرجي إلى مغفرة من الله ورضوان فتخرج فتسيل كما تسيل القطرة من في السقاء فيأخذها فإذا أخذها لم يدعوها في يده طرفة عين حتى يأخذوها فيجعلوها في ذلك الكفن وفي ذلك الحنوط ويخرج منها كأطيب نفحة مسك وجدت على وجه الأرض فيصعدون بها فلا يمرون على ملأ من الملائكة إلا قالوا ما هذا الروح الطيب فيقولون فلان بن فلان بأحسن أسمائه التي كانوا يسمونه بها في الدنيا حتى ينتهوا به إلى سماء الدنيا فيستفتحون له فيفتح له فيشيعه من كل سماء مقربوها إلى السماء التي تليها حتى ينتهي إلى السماء السابعة فيقول الله عز وجل اكتبوا كتاب عبدي في عليين وأعيدوا عبدي إلى الأرض فإني منها خلقتهم وفيها أعيدهم ومنها أخرجهم تارة أخرى ; فتعاد روحه فيأتيه ملكان فيجلسانه فيقولان له من ربك فيقول ربي الله فيقولان له ما دينك فيقول ديني الإسلام فيقولان له ما هذا الرجل الذي بعث فيكم فيقول هو رسول الله فيقولان له وما علمك فيقول قرأت كتاب الله فآمنت به وصدقت فينادي مناد من السماء أن صدق عبدي فأفرشوه من الجنة وألبسوه من الجنة وافتحوا له بابا إلى الجنة فيأتيه من روحها وطيبها ويفسح له في قبره مد بصره ويأتيه رجل حسن الوجه حسن الثياب طيب الريح فيقول أبشر بالذي يسرك هذا يومك الذي كنت توعد فيقول له من أنت فوجهك الوجه يجيء بالخير فيقول أنا عملك الصالح فيقول رب أقم الساعة رب أقم الساعة حتى أرجع إلى أهلي ومالي ; وإن العبد الكافر إذا كان في انقطاع من الدنيا وإقبال من الآخرة نزل إليه من السماء ملائكة سود الوجوه معهم المسوح فيجلسون منه مد البصر ثم يجيء ملك الموت حتى يجلس عند رأسه فيقول أيتها النفس الخبيثة اخرجي إلى سخط من الله وغضب فتفرق في جسده فينتزعها كما ينتزع السفود من الصوف المبلول فيأخذها فإذا أخذها لم يدعوها في يده طرفة عين حتى يجعلوها في تلك المسوح ويخرج منها كأنتن ريح جيفة وجدت على وجه الأرض فيصعدون بها فلا يمرون بها على ملأ من الملائكة إلا قالوا ما هذا الروح الخبيث فيقولون فلان بن فلان بأقبح أسمائه التي كان يسمى بها في الدنيا فيستفتح له فلا يفتح له ثم قرأ { لا تفتح لهم أبواب السماء } فيقول الله عز وجل اكتبوا كتابه في سجين في الأرض السفلى فتطرح روحه طرحا فتعاد روحه في جسده ; ويأتيه ملكان فيجلسانه فيقولان له من ربك فيقول هاه هاه لا أدري فيقولان له ما دينك فيقول هاه هاه لا أدري فيقولان له ما هذا الرجل الذي بعث فيكم فيقول هاه هاه لا أدري فينادي مناد من السماء أن كذب عبدي فأفرشوه من النار وافتحوا له بابا إلى النار فيأتيه من حرها وسمومها ويضيق عليه قبره حتى تختلف أضلاعه ويأتيه رجل قبيح الوجه قبيح الثياب منتن الريح فيقول أبشر بالذي يسوؤك هذا يومك الذي كنت توعد فيقول من أنت فوجهك الوجه يجيء بالشر فيقول أنا عملك الخبيث فيقول رب لا تقم الساعة . ‌
    و من خلال الحديث يتبين أن "النفس" ليس المقصود منها الروح التي من أمر ربي و لكن الروح التي بها أمد النفس بالحياة بالكينونة بالوجود. وهي تقترب من نفس المعنى الذي ورد في الحديث الأول التي لم يأت فيها على ذكر الروح و لكن تم الحديث عن الجسد كوعاء يحتضن "النفس"...
    و يظل تعريف النفس = الدم له نصيب من الصحة في بعض المجالات التي يكون فيها أثر "النفس" على بعض أوجه النشاط الذي يسلكه الإنسان في بعض جواب الحياة. فمثلا لا يعقل أن نقول "أن الله عز و جل حرم قتل النفس إلا بالحق فهو قتل الدم" على أساس معادلة أن النفس= الدم. ولكن نجد في الحديث الذي ذكره الشيخ الألباني رحمه الله ما يقترب في المعنى قال الشيخ الألباني : صحيح م دون الزيادة سند الحديث : حدثنا موسى بن إسماعيل أخبرنا حماد عن قتادة وثابت وحميد عن أنس بن مالك أن رجلا جاء إلى الصلاة وقد حفزه النفس فقال الله أكبر الحمد لله حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه فلما قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاته قال أيكم المتكلم بالكلمات فإنه لم يقل بأسا فقال الرجل أنا يا رسول الله جئت وقد حفزني النفس فقلتها فقال لقد رأيت اثني عشر ملكا يبتدرونها أيهم يرفعها وزاد حميد فيه وإذا جاء أحدكم فليمش نحو ما كان يمشي فليصل ما أدركه وليقض ما سبقه.
    الواضح من قول الرجل الذي حضر إلى الصلاة مع النبي صلى الله عليه و سلم و قد[حفزني] أي كان دافعي. فهنا قد يكون المعنى التي تأخذه كلمة"النفس" بالدافع أو مجموعة الدوافع باعتبار أن الإنسان تحفزه مجموعة من الدوافع.
    كذلك نجد حديث آخر لدى الشيخ الألباني رحمه الله يقترب من ما يمنك تسميته بمستوى الحالة النفسية التي أشرت إليها من التفاعلات التي تحدث على مستوى الغدد الصماء و مستوى ضغط الدم و ما إلى ذلك من النشاطات الانفعالية يقول الشيخ الألباني رحمه الله قال الشيخ الألباني : صحيح سند الحديث : حدثنا عبد الله بن مسلمة عن مالك عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال يعقد الشيطان على قافية رأس أحدكم إذا هو نام ثلاث عقد يضرب مكان كل عقدة عليك ليل طويل فارقد فإن استيقظ فذكر الله انحلت عقدة فإن توضأ انحلت عقدة فإن صلى انحلت عقدة فأصبح نشيطا طيب النفس وإلا أصبح خبيث النفس كسلان.

    هذا جانب من معاني النفس التي يمكن العثور عليها في الأحاديث الصحيحة وهي معاني متعددة كما هو الحال في قاموس لسان العرب.بحيث تتعدد المعاني كما قلت سابقا بتعدد الحالات التي يمكن أن تشير إليها الوقائع التي لها علاقة بهذا المصطلح الشاسع جدا.
    و منها كذلك ما جاء في لسان العرب : . قال ابن بري: أَما النَّفْس الرُّوحُ والنَّفْسُ ما يكون به التمييز فَشاهِدُهُما قوله سبحانه: اللَّه يَتَوفَّى الأَنفُس حين مَوتِها،فالنَّفْس الأُولى هي التي تزول بزوال الحياة، والنَّفْس الثانية التي تزول بزوال العقل؛ وأَما النَّفْس الدم فشاهده قول السموأَل:تَسِيلُ على حَدِّ الظُّبَّاتِ نُفُوسُنَا،،،،ولَيْسَتْ عَلى غَيْرِ الظُّبَاتِ تَسِيلُ
    وإِنما سمي الدم نَفْساً لأَن النَّفْس تخرج بخروجه، وأَما النَّفْس بمعنى الأَخ فشاهده قوله سبحانه: فإِذا دخلتم بُيُوتاً فسلموا على أنفسكم، وأَما التي بمعنى عِنْد فشاهده قوله تعالى حكاية عن عيسى، على نبينا محمد وعليه الصلاة والسلام: تعلم ما في نفسي ولا أَعلم ما في نفسك؛ أَي تعلم ما عندي ولا أَعلم ما عندك.

    و يبدو من هذا التقسيم أن هناك نفس عاقلة و هي التي توجد بها ملكة التعقل و القدرة على التفكير. و هو الشيء الذي أشرت إليه في كون العقل و الوعي و الفكر هما من نشاطات "النفس" المتعددة الوجوه.

    لذلك أعتقد ان الدراسات التي تمت على المواد الكيمائية و التأثير الذي تمارسه و التفاعلات التي تحدثها في الجسم الإنساني لا مجال للشك في مفعولها بدليل ما تحدثه المخدرات كمواد كيمائية و الخمر و ما شابه ذلك من التخدير في العمليات الجراحية. بالإضافة إلى ما وصلت إليه الدراسات العلمية من حيث تأثير المواد الغذائية في الجسم البشري. فالله عز و جل زود الإنسان بمجموعة من الأجهزة و منها بعض الغدد التي تفرز سوائل سواء في المعدة لتسهيل عملية الهضم و كذا الامتصاص الذي يتم على مستوى الأمعاء للفيتامينات التي ينقلها الدم إلى باقي الأجهزة المكونة للجسم ، بالإضافة إلى نقل هذا الأخير للأكسجين للخلايا و أخذه لثاني أكسيد الكربون، و بصفة عامة فالعلاقة بين ما هو عضوي و ما هو نفسي لا يمكن الفصل بينهما، بحيث يؤثر بعضهما في البعض في حركة متبادلة تتم بطريقة يعجز العقل البشري على ضبط حركتها و سرعة تفاعلها فيما بينها. فالعطش كظاهرة حقيقية هو جزء من إحساسي برغبة ملحة أو معتدلة في تحقيق نوع من التوازن في الذات.و كل ظاهرة تخضع في جوهرها لأسباب متعددة تشكل حركتها سواء في داخل الجسم كما هو شأن كل الأجسام من الذرة إلى المجرة. يقول أحد الباحثين: "و أسباب العطش تكمن في استهلاك الجسم لهذه المادة الحيوية و بالتالي يحدث نقص في هذه المادة. هذا الخصاص يحدث نوع من المشاعر تحدث على مستوى اللاوعي مجموعة من التفاعلات سماها بعض العلماء بالعمليات "النيروبيولوجية". فنقص الماء سوف يسبب "اختلالا في التوازن الملحي" في الجهاز،لأن نسبة الأملاح في الماء تجعل نسبة الملح متزايدة، هذا التزايد يقدم مادة تسمى "أنغيوتنسين" تنتقل هذه المادة إلى داخل" الهيبوثالاماس" و تؤثر في سرعة الشرارات العصابية.و ما يعرف الآن هو أن سرعة الشرارات العصابية المختلفة تسبب الشعور بالعطش.[من كتاب العقل تأليف جون.ر.سيرل ترجمة أ.د.ميشيل حنا متياس]."

    يقول الدكتور جمال ماضي أبو العزائم كذلك في مؤلفه " الصحة النفسية في القرآن الكريم" :و قد تم في السنين الأخيرة اكتشاف مادة كيميائية تفرزها خلايا المخ خاصة القشرة العليا من فصي المخ و أطلق العلماء على هذه المادة"اندروفين" و وجدوا أن هذه المادة الكيميائية تزداد في دم الإنسان كلما زاد صبر على الآلام المختلفة و كلما زادت إرادته في إنجاز عمل خاص، و أن هذه المواد الكيميائية تعين الإنسان على وقف الألم و على زيادة التحمل و على استقرار طاقات الإنسان و هو يواجه الصعوبات و المخاطر و لذا أطلقوا عليها " أفيونات المخ". و يضيف الدكتور جمال أن الأطباء اكتشفوا أنه كلما زاد الصبر زادت نسبة هذه المادة في الدم مما يساعد على تضاعف حجم الصبر .[انتهى كلام الدكتور]. و كأن الصبر كحالة من حالات النفس تستمد تجدد طاقتها من هذه المادة كلما تضاعفت هذه المادة في الدم.

    الحقيقة أني أردت بالمثالين السابقين توضيح فكرة العلاقة بين ما هو عضوي مادي و ما هو غير ذلك، على أساس أن النفس هي ذات شقين: شق مادي يجد قاعدته العضوية في الأجهزة و الغدد و مما يتكون منه الجسم و بالأساس الدم الذي يشكل مع باقي العناصر الأخرى الجانب المادي في تعريف النفس و مكوناتها. و الشق اللامادي و هو المكون للعقل و الوعي و الفكر. كما سبقت الإشارة إلى ذلك...

    و للحديث بقية إن شاء الله...


  18. #18
    أديب وكاتب الصورة الرمزية سعيد نويضي
    تاريخ التسجيل
    09/05/2007
    العمر
    68
    المشاركات
    6,488
    معدل تقييم المستوى
    23

    افتراضي

    بسم الله الرحمن الرحيم...

    الأخت الأستاذة لطيفة الحياة أهلا بك في أعظم صرح للفكر و الإبداع على مستوى الشبكة العنكبوتية...

    الحقيقة التي لا مفر منها في عصرنا الحالي و هي الأخذ بالعلم كمنهج يساعد على تقريب القارئ المختص و العادي من الحقيقة، حقيقة أي شيء سواء له علاقة بالإنسان أو بما يحيط الإنسان من ظواهر طبيعية أو تاريخية أو اجتماعية أو غير ذلك...لكن هذا لا يعني أن من سبقونا لم يأخذوا بالعلم، بل أخذوا بما يسره الله عز و جل لهم من أصناف العلم ما ساعدهم على الفهم و قربهم من الحقيقة...

    و لكل عصر مشكلاته و لكل زمان مفكروه...لكن الحقيقة المطلقة واحدة و هي الله عز و جل في علاه...و ما سواها حقائق متعددة بتعدد نشاطات الإنسان...و سنة التطور الذي جعلها الله عز و جل من سنن الكون في الرقي المعرفي أن ينتقل الإنسان من عصر إلى آخر مكتشفا الجديد و مضيفا لما هو قديم ما يجدد حياة الإنسان و يساعده على الانتقال لما هو أفضل...لذلك كان حديث الرسول الكريم صلى الله عليه و سلم: "إنما بعثت لأتمم مكارم (و في رواية صالح) الأخلاق" حديث أبي هريرة ورد في الصحيحة تحت رقم 45 من الأحاديث الصحيحية للشيخ الألباني رحمه الله.

    و الموضوع الذي تناولته يطرح إشكالية المفاهيم و تعدد المعاني التي يحملها المصطلح الواحد. لذلك انطلقت بعون من الله عز و جل من كتاب الله الكريم و من الأحاديث الصحيحة لتحديد مصطلح "الروح و النفس و الجسد" العناصر الثلاثة المكونة للإنسان...مع الأخذ بعين الاعتبار ما قاله السلف بحكم اقترابهم زمنيا من المنبع الصافي و ما استخلصه الخلف بما استجد من تطور على مستوى الفكر و المعرفة بصفة عامة...

    و حتى لا نتيه في العموميات فمصطلح "الروح" كما سبقت الإشارة لا يمكن بأي حال تحديد مفهومه تحديدا جامعا مانعا و خاصة المتعلق بالإنسان...لأن الله عز و جل حسم في ذلك بقوله الكريم: {وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُم مِّن الْعِلْمِ إِلاَّ قَلِيلاً }الإسراء85...و قد سبق توضيح ذلك في عدة أماكن من هذا البحث المتواضع.

    أما الآيات الواردة في القرآن الكريم و التي أتت على ذكر الروح من غير تلك المتعلقة بالإنسان، فإني بصدد تهيئ كلمة أتمنى أن تكون أن تلامس الحقيقة في بعض جوانبها و التي يرضى بها عنا رب العالمين...

    أما القول بأن لغة الله عز و جل ليست كلغة البشر فهذا صحيح.لأن الله عز و جل "...لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ (11) سورة الإسراء...

    لكن الحقيقة أنه لما أرسل رسوله بالهدى و دين الحق أرسله ليخاطب الناس بلغتهم التي يفهمونها...كما هو معروف أنه ما من رسول إلا و خاطب قومه بلسان حالهم و ليس بلسان غيرهم...كما جاء في الآية الكريمة: وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا بِلِسَانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ فَيُضِلُّ اللَّهُ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (4) سورة إبراهيم.

    أما القول بأن مفردات القرآن الكريم لا تقبل الترادف و لا الاشتراك اللغوي ففيه نوع من تضيق المعاني التي تحملها المفردات. ولذلك نجد في [مفردات القرآن] ما يلي:
    { نزل به الروح الأمين } [ الشعراء / 193 ] سمي به جبريل وسماه بروح القدس في قوله : { قل نزله روح القدس } [ النحل / 102 ] { وأيدناه بروح القدس } [ البقرة / 253 ] وسمي عيسى عليه السلام روحا في قوله : { وروح منه } [ النساء / 171 ] وذلك لما كان له من إحياء الأموات وسمي القرآن روحا في قوله : { وكذلك أوحينا إليك روحا من أمرنا } [ الشورى / 52 ]. فتحديد مفردة وردت في القرآن الكريم تكون بالآية في كليتها، و ليس بمعزل عما سبق من سياق الآية الكريمة في شموليتها...و مع ذلك يظل تأويله أو معرفته معرفة يقينية من حيث الدلالة لا يعلمها إلا الله عز و جل و الراسخون في العلم و من فتح الله عليهم و نور عقولهم.

    و كذلك القول بأن "الروح مفردة قرآنية" قد لا تكون لها علاقة بفهم السلف فيه نوع من التقصير في حق من عاشروا من نزل عليه القرآن الكريم صلى الله عليه و سلم و هذا لا يجوز في اعتقادي.فلا يمكن بتاتا أن نستند إلى العلم الحديث في مناهجه المتعددة و المختلفة لتحديد خاصة مصطلح "الروح" لأنه من أمر رب العالمين. أما النفس فقد جعلها الله عز و جل محل بحث و تنقيب بشتى الوسائل التي أباحها الله عز و جل للوصول إلى الحقيقة المطلقة لا للإحاطة بها بل للإيمان بها و من مثل ذلك ما قاله جل و علا : وَفِي أَنْفُسِكُمْ أَفَلَا تُبْصِرُونَ (21) سورة الذاريات.

    و للحديث بقية إن شاء الله عز و جل...


  19. #19
    أديب وكاتب الصورة الرمزية سعيد نويضي
    تاريخ التسجيل
    09/05/2007
    العمر
    68
    المشاركات
    6,488
    معدل تقييم المستوى
    23

    افتراضي

    بسم الله الرحمن الرحيم...

    الأخت لطيفة سلام الله عليك...

    السنة هي التطبيق الفعلي لكلام الله عز و جل في شخص الرسول عليه الصلاة و السلام..."كان خلقه القرآن " تخريج السيوطي : (حم م د) عن عائشة. تحقيق الألباني : (صحيح) انظر حديث رقم: 4811 في صحيح الجامع. فالحديث الصحيح يبين أن الرسول عليه الصلاة و السلام هو من فغسر القرىن الكريم بشكل ملموس في واقع الحياة.فكيف لا يتم الرجوع إلى قوله أو فعله أو تقريره لتوضيح معنى و دلالة آية من آيات الله الموجودة في "التنزيل الحكيم"...

    أما الفكرة الثانية التي وردت في مداخلتك بشأن الفرق بين الأمر و القول في كلام الله جل و علا ، فلا أعتقد أن هناك فرق بينهما و الشاهد على ذلك آيات عديدة منها على سبيل المثال لا الحصر:
    بَدِيعُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَإِذَا قَضَى أَمْرًا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ (117) سورة البقرة
    قَالَتْ رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لِي وَلَدٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ قَالَ كَذَلِكِ اللَّهُ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ إِذَا قَضَى أَمْرًا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ (47) سورة آل عمران.
    إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ (82) سورة يس ‌

    و الحقيقة أن المشكلة ليست في اللغة التي نزل بها القرآن الكريم، و لأنها لغة بالغة الحكمة،لذلك جعلها الله الحكيم العليم لغة آخر كتاب أنزله ليبن للناس ما اختلفوا فيه، فالمشكلة في الإنسان الحامل لهذه اللغة، التي قد يرى فيها نقصا أو عيبا لا يستوعب معطيات العلم و العصر الحديث،و لكن الحقيقة العيب في حامل اللغة و ليس في اللغة في حد ذاتها...

    و للحديث بقية إن شاء الله عز و جل...


  20. #20
    عـضــو الصورة الرمزية يحي غوردو
    تاريخ التسجيل
    19/03/2007
    العمر
    57
    المشاركات
    647
    معدل تقييم المستوى
    18

    افتراضي

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة سعيد نويضي مشاهدة المشاركة
    [color="navy"]بسم الله الرحمن الرحيم...

    السلام عليكم و رحمة الله و بركاته...الأخ العزيز غوردو بعد التحية و السلام من الصعب جدا حسم معادلة بحجم تعقيد هذا الكون الصغير الذي يقطن بين جدران الجسد في مسألة تساوي النفس=الدم...و لكن كما قلت الدم مكون اساسي من مكونات النفس للأسباب الآتية و قد يكون غيرها موجود لكن ما توصلت إليه هو الآتي بناء كما سبق القول على كتاب الله و سنة رسوله الكريم صلى الله عليه و سلم...

    هل النفس هي الدم؟

    color]

    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
    الأخ الفاضل سعيد نويضي شكرا لك على تحمل أسئلتي ومداخلاتي كما لا أنسى أن أشكر الأستاذة الفاضلة لطيفة الحياة على مشاركاتها المميزة ومرحبا بها في هذا السرح العالمي : واتا

    لن أختلف معك أخي سعيد في الكثير من الأمور التي أثيرت في موضوعك ... لكن يبقى دائما تحديد المصطلحات الواردة أمرا لا بد منه...
    ولا يمكن أن نصوغ تعريفا شاملا للفظ أو مصطلح دون الأخذ بعين الاعتبار السياق الذي ورد فيه فاللفظ: قد يشحن بالكثير من التفاصيل والجزئيات التي يجب أن تفصل عن بعضها البعض حتى نتمكن من دراستها في السياق الذي أوجدها... وحتى نعطيها المضمون الذي يناسبها حسب المقام والمقال...
    لذلك أرى أخي الكريم ضرورة تحديد كل لفظ قبل الشروع في تكوين تعريفه العام مثل لفظ "نفس" كما يحدد اصحاب اللسانيات أقصد بالتحديد علم الدلالة (la sémantique) ألفاظ دراستهم..


    أنت تعلم أن السيمنتيقا (la sémantique) هي الدراسة العلمية للمعنى وتتطلب تقنيات ووسائل خاصة ومنهجية علمية ، على العكس من الفنلوجياphonologie أوالنحو syntaxe حيث نجد تقاربا عاما حول الطرق المستعملة فإن السمنتيقا تختص بتنوع مقاراباتها.
    هذا التنوع يفسره اعتمادها على عدة مستويات متعلقة بالمعطيات المختلفة ، تبدأ من الكلمة ثم الجملة ثم العلاقة بين الجمل داخل الخطاب المدروس وتنتهي بالعلاقات البرجماتية التي تضع الخطاب في سياق أعم ومتنوع ضمن وضعيات مختلفة (المكان، الزمان، نبرة الصوت، الديكور والمحيط....)

    أرى أخي سعيد ضرورة توضيح منهجية تناول موضوع النفس والروح من الناحية الدلالية على الأقل وترتقي لتصل إلى دراسة هذين المصطلحين ضمن السياق الذي يتواجدان فيه ثم إطارهما العام علاقتهما بالمتلقي..
    ثم علاقتهما بالعلوم التي درست تجلياتهما كالفلسفة وعلم النفس والطب...

    استعمال القواميس يمكن أن يكون أول خطوة لتحديد مفهوم النفس والروح
    كما أننا يمكن أن نقسم هذه التعاريف لخطوط سيمنتيقية أو خصائص تميز كل مرادف عن الأخر

    مثلا:
    [نفس] = /مخلوق/ +/مادي/+/معنوي/+/دم/+/عقل/ + /مطمئنة/ + / لوامة/ + .....
    [روح] = /مخلوق/ /من أمر الله/ /ملك/ /تقبض/ ....

    هذا مجرد مثال يحتاج لتنقيح
    ثم بعد ذلك نأتي للسياق الذي ورد في ونرى ما هي الخطوط التي تصمد وتلك التي تزول

    مثلا : نفس جارية : هنا نفس نرى أنها احتفظت بخطوط وتخلت عن أخرى

    المنهج الذي نستعمله يجب أن يكون واضحا حتى نصل إلى خلاصات لها وزن

    ولكم مني ألف تحية نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

    لنا عودة إن شاء الله

    التعديل الأخير تم بواسطة يحي غوردو ; 06/08/2008 الساعة 10:48 PM
    إِنْ أُرِيدُ إِلَّا الْإِصْلَاحَ مَا اسْتَطَعْتُ وَمَا تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ(88)


    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

+ الرد على الموضوع
صفحة 1 من 2 1 2 الأخيرةالأخيرة

الأعضاء الذين شاهدوا هذا الموضوع : 0

You do not have permission to view the list of names.

لا يوجد أعضاء لوضعهم في القائمة في هذا الوقت.

المفضلات

المفضلات

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •