Warning: preg_replace(): The /e modifier is deprecated, use preg_replace_callback instead in ..../includes/class_bbcode.php on line 2958
الإنسان بين الروح و النفس... - الصفحة 2

آخـــر الـــمـــشـــاركــــات

+ الرد على الموضوع
صفحة 2 من 2 الأولىالأولى 1 2
النتائج 21 إلى 30 من 30

الموضوع: الإنسان بين الروح و النفس...

  1. #21
    أديب وكاتب الصورة الرمزية سعيد نويضي
    تاريخ التسجيل
    09/05/2007
    العمر
    68
    المشاركات
    6,488
    معدل تقييم المستوى
    23

    افتراضي

    بسم الله الرحمن الرحيم...

    سلام الله على الإخوة الأفاضل الأخت الأستاذة لطيفة و الأخ الفاضل غوردو تحية طيبة...

    حقيقة من الجلي يجب بداية تحديد المصطلحات و بالتالي تحديد المنهج المتبع في البحث حتى نصل إلى نتيجة تكون إلى حد ما أقرب إلى الحقيقة التي يرضى بها الله عز و جل عنا. و فيما سبق ذكره قلت أن المنهج الذي أبتغيه و يبتغيه كل إنسان هو المعرفة اليقينية و العلم الحق. و من هذا المنطلق لن أسمي المنهج بتسمية معينة حتى تتضح معالم تسمية هذا المنهج.فقد يأخذ من المناهج القديمة التي تعتمد الاستنباط و قد تعتمد على الاستقراء كما قد تعتمد على جل المناهج المعاصرة و الحديثة و التي من شأنها أن توضح الصورة بشكل علمي واضح كما هو النهار الذي لا يحتاج إلى دليل.

    وهذا قد يبدو مستحيلا لأن العلم الحديث كما هو معروف يقتضي الاختصاص و بالتالي تحديد المنهج. لذلك عندما طرحت الموضوع بدأت بالتعريف الذي ورد في كتب السلف و التفسير الذي أوردته كان من كتب التفسير المعروفة مع الإشارة من حين لآخر إلى أن العلم الحديث قد بحث الظاهرة في تعقيدها و تشابكها.

    و قد تبدو العلوم الطبيعية التي تعتبر العلوم الحقة أي العلوم التي كشفت حقيقة الظواهر الطبيعية و درستها بشكل تقل فيه نسبة الخطأ إلى درجة كبيرة. و قد امتدت مناهج هذه العلوم إلى العلوم الإنسانية. و حتى ندخل المادي الصرف في الإشكالية المطروحة. يقول العلم الحديث أن الأشياء المحيطة مكونة من جسيمات من الذرة تتآلف فيما بينها و تتفاعل و تنتقل إلى عالمنا الداخلي عن طريق الحواس و عن طريق الشبكات العصبية التي تنطلق من مراكز معينة من المخ جيئة و ذهابا فتحدث عمليات لو تأملت جيدا في تركيبها لأحسست بالقشعريرة لعظمة الخالق...

    فالإنسان الذي يشكل مظهره الخارجي "الجسد" الذي يحتضن "الروح" و " النفس". و المشكلة تنبع من أن الدارس للظاهرة هو الإنسان نفسه و بالتالي يصبح من العسير الحفاظ على الحيادية التامة و الموضوعية المطلقة التي قد نجدها إلى حد ما في العلوم الطبيعية. فصعوبة الدراسة تكمن في مكوناتها و في الاتفاق الأساسي على المصطلحات و مفاهيمها و على المناهج و استعمالاتها...

    و ستجد في الرابط أعلاه ما يوضح إلى حد ما عمق الإشكالية و عظمة الخالق في مخلوقاته...

    http://worldtv.com/scientific_miracle/

    و للحديث بقية إن شاء الله...


  2. #22
    عـضــو الصورة الرمزية يحي غوردو
    تاريخ التسجيل
    19/03/2007
    العمر
    57
    المشاركات
    647
    معدل تقييم المستوى
    18

    افتراضي

    تعريف النفس في علم النفس الوضعي

    لم نجد للنفس في كتب العلوم النفسية التعريف الذي يرضي، وإنما حاول كل صاحب مدرسة نفسية أن يعرفها حسب نظرته الفلسفية السخصية إلى الأشياء، ولقد بقي المهتمون بعلم النفس وحتى منتصف القرن العشرين ينظر أكثرهم إلى النفس والعلوم النفسية على أنها أشياء غير مادية إلى أن تبين لعلماء الكيمياء العضوية أن كل القوى العقلية والانفعالات والتصرفات التي ندرسها اليوم تحت اسم الظواهر والأمراض النفسية والعقلية ما هي إلا نتيجة لتداخلات ومؤثرات مادية بواسطة مواد بيوكيميائية تفرزها مجموعات من الخلايا وتصب كلها في الدم أو السوائل الناشئة منه والذي ينقلها بدوره إلى مختلف أعضاء الجسم التي ستكون مسرح الانفعالات والتصرفات التي ندعوها بالنفسية، سواء كانت هذه الظواره سليمة أو مرضية من حبور وسرور وانشراح أو غضب وخوف وقلق وهلوسة وضياع.

    ولقد اكتشف العلم منذ بدء الستينات مئات المواد الكيميائية في داخل الجسم وخارجه وكلها تتحكم في الظواهر والأمراض النفسية، ونتنقل أو توجد أو تصب في الدم الذي ينقلها إلى مختلف أعضاء الجسم التي ستكون مسرح العوارض النفسية، وهكذا تتضح الصورة تدريجيا، فإذا عرفنا النفس بأنها الدم، فهذا التعريف الموجز الجامع البسيط هو ما بدأ العلم بإثباته، وهو ما فهمناه من آيات القرآن الكريم والاحاديث الشريفة التي ذكرت فيها كلمة النفس، والله أعلم.

    ...
    ...
    ...

    إِنْ أُرِيدُ إِلَّا الْإِصْلَاحَ مَا اسْتَطَعْتُ وَمَا تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ(88)


    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

  3. #23
    عـضــو الصورة الرمزية يحي غوردو
    تاريخ التسجيل
    19/03/2007
    العمر
    57
    المشاركات
    647
    معدل تقييم المستوى
    18

    افتراضي

    وقفة علمية مع آية كريمة في النفس

    (ونفس وما سواها) (الشمس، 7)

    إنها آية قسم، ولقد درسنا آيات القسم في القرآن الكرم، فوجدنا أن المولى عز وجل، أقسم بكل المخلوقات(فلا أقسم بما تبصرون وما لا تبصرون) تنبها للقارئ العاقل ليفكر في عظمة صنعة الباري، لأن كل مخلوق من مخلوقات الله من الذرة إلى المجرة هو إعجاز متقن الصنع (صنع الله الذي أتقن كل شيء) ولقد خص المولى بعض مخلوقاته ومنها النفس بالقسم، وفي هذه الأية قسمان وليس قسم واحد، فالمولى يقسم بالنفس ككل أولا ثم بما تتألف منه من مكونات "سوية" ثانيا وسبحانه لم يخلق شيئا إلا كان سويا أي في غاية التمام والكمال والابداع (سبح اسم ربك الأعلى الذي خلق فسوى)
    ومن الحق علينا أن نشرح للقارئ وبمنتهى التبسيط والاختصار المعاني العلمية التي تكمن في هذه الآية الكريمة فلا شيء يثبت المؤمن في إيمانه، ويجعله يتعلق بكتاب الله الكريم ويلتزم بتعاليمه، كتدبر آياته وفهمها فهما علميا في العمق (أفلا يتدبرون القرآن أم على قلوب أقفالها)

    1- النفس بمعنى الدم ككل:

    إِنْ أُرِيدُ إِلَّا الْإِصْلَاحَ مَا اسْتَطَعْتُ وَمَا تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ(88)


    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

  4. #24
    أديب وكاتب الصورة الرمزية سعيد نويضي
    تاريخ التسجيل
    09/05/2007
    العمر
    68
    المشاركات
    6,488
    معدل تقييم المستوى
    23

    افتراضي

    بسم الله الرحمن الرحيم...

    سلام الله عليكم
    الأخ يحي غوردو ليتسع صدر كل منا حتى نصل إلى تطابق الحقيقة الدينية مع الحقيقة العلمية...
    و الله المستعان

    وَلَقَدْ ضَرَبْنَا لِلنَّاسِ فِي هَذَا الْقُرْآَنِ مِنْ كُلِّ مَثَلٍ وَلَئِنْ جِئْتَهُمْ بِآَيَةٍ لَيَقُولَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا مُبْطِلُونَ (58)سورة الروم.

    فمن كل العلوم ضرب الله عز و جل مثلا في القرآن الكريم كإشارة لإحاطته بكل شيء علما و أنه عليم بكل شيء و ما توصل إليه الإنسان من علم ما هو إلا جزء يسير بل ضئيل مما علمه الله عز و جل من علمه الذي لا يحده حد سبحانه عما يصفون. و من ذلك يتحدث القرآن الكريم عن الأجهزة العصبية.

    كيف ذلك؟

    التفسير الذي اهتدى إليه الدكتور جمال ماضي أبو العزائم مستشار الطب النفسي و أمين عام الجمعية العالمية الإسلامية للصحة النفسية بتوفيق من الله عز و جل لبعض آيات القرآن الكريم لا يتعارض مع ما يراه الآخرون من آراء و هذا سر من أسرار القرآن الكريم و إعجازه مصداقا لقوله عز و جل:" إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ لِلْعَالَمِينَ (87) وَلَتَعْلَمُنَّ نَبَأَهُ بَعْدَ حِينٍ (88) سورة ص.

    يقول الدكتور جمال ماضي أن الجهاز العصبي الذي يكون رقيبا على الإنسان إبان حياته شاهدا عليه بعد بعثه.يقول الدكتور جمال و معه علم الأجنة أن الإنسان في أيام حياته الأولى ولم يبلغ طوله ثلاثة سنتمترات تبدأ طبقة جلدية في الانغماس عند منصف ظهره و تكون أنبوبة تحت جلده. يتضخم الجلد ثم ينغمس ثم يكون أنبوبة مفتوحة تنغلق الأنبوبة ثم تنفصل نهائيا عن الجلد و بتالي تتكون الأنبوبة العصبية. و عند عنقه بالذات تبدأ هذه الطبقة الجلدية بالتكاثر هما فصا المخ في مستقبل حياة الإنسان و اللذان يحويان أكثر من مائة بليون خلية تشمل كل الأحاسيس المختلفة الآتية من الجسم و تنقلها إلى الجهاز العصبي المركزي و منه إلى المراكز العليا إلى أجهزة الجسم المختلفة المسئولة عن الانفعال و الحركة لتنفيذ عمل أو مخطط محسوب و على كلا الجناحين أو الفصين المتفرعين عند العنق و اللذين يسكنان في فراغ الجمجمة تتكون خلايا الذاكرة التي تسجل كل أحداث حياة الإنسان و تكون رقيبة عليه طول حياته تسجل كل ما يبدو منه مصداقا لقوله عز و جل:" وَكُلَّ إِنْسَانٍ أَلْزَمْنَاهُ طَائِرَهُ فِي عُنُقِهِ وَنُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كِتَابًا يَلْقَاهُ مَنْشُورًا (13) اقْرَأْ كِتَابَكَ كَفَى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيبًا (14) سورة الإسراء.

    فما هي الخلية العصبية؟

    يقول العلم الحديث أن الجهاز العصبي يتكون من أكثر من بليون خلية.و الخلية لا تتجدد إذا ماتت، مثلها مثل خلايا القلب.مع العلم أن كل خلايا الجسم تتجدد.و الخلية العصبية في غاية الدقة، و لا ترى بالعين المجردة. و إذا نظرنا إليها بالمكبرات نجدها عبارة عن جسم به مادة تسمى"البتروبلازم" في حركة مستمرة ليلا و نهارا و لا يتوقف عن الحركة إلا عند الممات. و بوسط الجسم توجد النواة التي تحفظ داخلها أخلاط عديدة تسمى" كرموزومات" أو كما يسميها القرآن الكريم "أمشاج" بمعنى الأخلاط. و يخرج من الجسم أهداب هي الروافد العصبية. فتستقبل الموجات الكيموكهربية" القادمة من الخلايا الأخرى. و يخرج من هذا الجسم موصلا أساسيا طويلا هو عصب الخلية و هو عبارة عن شعرة ذهنية توصل الخلية بخلية أخرى و تحمل الشحنة الكهربية من الخلية بعد أن عملت مدلولها و أضافت إليها طاقة من طاقاتها تؤهلها بعمل خاص و إشارة عضلة خاصة فتتحرك عضلة معينة استجابة لذلك.

    لما تحدثت في الفقرة السابقة على أن الإنسان هو القائم بالبحث على موضوع يتعلق بالبحث، كنت أحاول أن أشير إلى أن "الأداة التي ندرس بها الموضوع" هي تقريبا نفس الأداة التي نحاول تفسيرها و تحديد بعض الجوانب منها انطلاقا من قول الله عز و جل و من الأحاديث النبوية. من هنا يتبين أن الموضوع له فروع متعددة ترتبط فيما بينها برابط أساسي هو رابط "الروح" الذي استأثر به علم الله عز وجل. مع العلم أنه في بعض التفاسير تكون الروح مرادفة للنفس ، إلا أن النفس ليست هي الروح قطعا، بدليل أن النفس تموت و الروح لا تموت لأنها من الله جل و علا.

    و إذا عدت لأناقشك من جديد بأن الدم ليس هو النفس بالمعادلة التي تطرحها دون إضافة بعض العناصر، بمعنى النفس = الدم ، ففي نظري هذا إجحاف و تقصير لدور العناصر الأخرى. فالموجات الكيموكهربية لها دور كبير في المساهمة في سير نظام الجسم بشكل يصعب معه الحسم بأن الدم هو العنصر الوحيد و الأساسي المكون للنفس.و لكي تتضح الفكرة و الصورة معا.النفس = الدم + الموجات الكيموكهربية + الهواء[الذي يعتبر شرط من شروط الحياة] و [الذي يشكل تعريف آخر للنفس، بحيث يدخل للجسم عن طريق الأنف و الفم]+ الماء [العنصر الأساسي، الذي قال عنه الحق جل و علا:"...و جعلنا من الماء كل شيء حي] فالنفس في الجسد بلا حياة تجعل من الجسد جثة و ليست جسدا...و قد تكون هناك عناصر أخرى تشكل الدائرة التي تحيط بالنفس و التي تتكون منها. لذلك أعتقد أنه الحسم بعنصر لا ثاني له كتعريف للنفس في نوع من ظلم النفس لنفسها.

    و أنت أخي غوردو تعلم جيدا أن مثلا مفردة،كمفردة"الماء" وردت في القرآن في آيات متعددة و في أماكن مختلفة، الشيء الذي جعل منها تأخذ دلالات تبعا لموقعها في الحالة التي وردت فيها، و للإشارة التي تريد أن توضحها من استعمالها. فالله عز و جل هو الواحد الأحد الذي لا شريك له، له الأسماء الحسنى، فهل مثلا إذا قلنا "العليم" أو قلنا "الخالق" فإننا لا نعني الله جل في علاه و هو الأعز من قائل:" و له الأسماء الحسنى فادعوه بها"...و الفهم العادي للرجل العادي عندما يقول: " يا شافي " ألا يدعو الله عز و جل في علاه. فسبحانه هو الواحد الأحد الذي خلق من كل شيء زوجين اثنين. فإذا كانت "النفس" تعتبر من قبيل "الشيء" الذي خلقه الله عز و جل ، فهي بالضرورة خاضعة لقوله، فهي مخلوقة من عنصرين اثنين. فالذرة لها سالب و موجب، الماء ذرتان من الأكسجين و ذرة الهيدروجين، الدم كرويات حمراء و أخرى بيضاء، هناك الذكر و الأنثى...و هكذا تأخذ عملية خلق الأشياء زوجين اثنين من كل نوع و من كل جنس و من أي شيء خلقه الله عز و جل. لذلك أعتقد حصر النفس في عنصر واحد أو مردها إلى عنصر واحد فيه نظر...

    أما الروح فهي من عند الذي "ليس كمثله شيء، وهو السميع البصير" وبتالي فهي ليس "شيء" و لا تشبه شيئا و لا يمكن القياس على شكلها أو عناصرها أو مكوناتها...و هذا لا اختلاف فيه.

    و للحديث بقية إن شاء الله عز و جل...


  5. #25
    عـضــو الصورة الرمزية يحي غوردو
    تاريخ التسجيل
    19/03/2007
    العمر
    57
    المشاركات
    647
    معدل تقييم المستوى
    18

    افتراضي

    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
    أخي الحبيب سعيد لا خلاف بيني وبينك إن شاء الله كل منا يكمل الآخر...
    كل ما في الأمر أنني أردت أن أطرح مفهوما واحدا من مفاهيم النفس وأتعمق فيه بالبحث
    ألا وهو مفهوم النفس/ الدم ولم يكن قصدي أن النفس = الدم ولا معنى غيره أو أن هذا هو المعنى الأول والأخير للنفس...
    تعريف : النفس بمعنى الدم، انطلاقا من القرآن والسنة المطهرة وعلم النفس..
    قد يقول قارئ أن النفس تعني الماء نقول له عليك أن تثبت ذلك انطلاقا من الآيات والأحاديث الشريفة..
    ويقول آخر النفس بمعنى الموجات الكيموكهربية نطلب منه أن يستدل على ذلك انطلاقا من القرآن والسنة ..
    وربما يقول رابع هناك معنى آخر للنفس عليه أن يثبت ذلك من القرآن والسنة والعلم...
    هناك معاني كثيرة حسب المقام والمقال
    وعليك أخي سعيد أن تجمع شتات هذه المفاهيم لتصوغ لنا مفهوما قد يكونا شاملا يغني عن كل تعريف..

    آثرت أن أشاركك في موضوعك عن النفس الذي أعتبره موضوع شائك ومتشعب وصعب ويحتاج لوقت طويل حتى نستطيع أن نسلط بعض الضوء عليه،
    آثرت أن أشارك بمفهوم النفس / الدم وأتمنى أن تبحث أنت والاخوة والاخوات المشاركين بمعاني أخرى للنفس حتى تكتمل الدائرة...
    والله من وراء القصد


    تقبل مروري بصدر رحب بارك الله فيك وأعانك لما يحبه ويرضاه

    للحديث بقية
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

    التعديل الأخير تم بواسطة يحي غوردو ; 12/08/2008 الساعة 05:25 PM
    إِنْ أُرِيدُ إِلَّا الْإِصْلَاحَ مَا اسْتَطَعْتُ وَمَا تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ(88)


    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

  6. #26
    أديب وكاتب الصورة الرمزية سعيد نويضي
    تاريخ التسجيل
    09/05/2007
    العمر
    68
    المشاركات
    6,488
    معدل تقييم المستوى
    23

    افتراضي


    بسم الله الرحمن الرحيم...

    سلام الله على الإخوة الأفاضل...

    و لن يكون هناك خلاف بيننا يا أخي غوردو...مادام الهدف هو رضا الله عز و جل و البحث عن الحقيقة و الحق في ما يروج من معارف عن الإنسان في هذه الجوانب بالذات...

    لذلك أعتقد أن التعمق في مسألة النفس هو تعمق في دراسة الإنسان ككل، و الدراسة اقتضت أن يكون المنطلق هو الفصل في حقيقة قد تكون قد غابت عن الكثير من مفكرينا و هي الفصل في المعنى بين "الروح" و "النفس و ما يسري في فلكها"...

    و أعتقد أن هذه الحقيقة لا خلاف فيها...فإن كان كذلك انتقلت أو انتقلنا بمشاركاتكم المثمرة إلى غير ذلك لتكملة الصورة الذي انطلقت منها حتى نحاول الإلمام بموضوع شائك و صعب للغاية...

    و الصعوبة تكمن في أن الحقيقة الدينية لا يمكنها بحال من الأحوال أن تتناقض مع الحقيقة العلمية...مع العلم أن الحقيقة الدينية المستمدة من الكتاب الكريم و السنة النبوية هي الأصل و أن الحقيقة العلمية هي من باب التأكيد و من باب ما قاله إبراهيم الخليل عليه السلام" ... قَالَ أَوَلَمْ تُؤْمِنْ قَالَ بَلَى وَلَكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي..." سورة البقرة260

    فتحديد "النفس" بكل مكوناتها انطلاقا من التصور الديني لا يمكن إلا أن يعتمد على القرآن الكريم و السنة النبوية و من التفاسير التي ساقها السلف و الخلف لمفهوم "النفس" الوارد في المصدرين الأصليين و من العلوم الإنسانية و تحديدا من "علم النفس" و بما وصل إليه من حقائق علمية...

    قال الشيخ الألباني : صحيح سند الحديث : حدثنا أحمد بن محمد بن شبويه المروزي حدثني عبد الرزاق أخبرنا معمر عن الزهري عن علي بن حسين عن صفية قالت: " كان رسول الله صلى الله عليه وسلم معتكفا فأتيته أزوره ليلا فحدثته ثم قمت فانقلبت فقام معي ليقلبني وكان مسكنها في دار أسامة بن زيد فمر رجلان من الأنصار فلما رأيا النبي صلى الله عليه وسلم أسرعا فقال النبي صلى الله عليه وسلم على رسلكما إنها صفية بنت حيي قالا سبحان الله يا رسول الله قال إن الشيطان يجري من الإنسان مجرى الدم فخشيت أن يقذف في قلوبكما شيئا أو قال شرا."

    و هذا الحديث هو من باب تأكيد مجموعة من الحقائق العلمية...

    فهو من جهة يثني على الفكرة التي حددت بها النفس و التي تصف "النفس بالدم" أو تعرفها و أعتقد أنه من باب أولى أن نقول تصف و لا تعرف. لأنه من باب تحديد المصطلحات أن نقول أن التعريف يستند إلى تحديد الخصائص المكونة للشيء محل التعريف، كالقول مثلا أن الماء هو الغيث أو المطر فهذا وصف و ليس تعريف. أما التعريف فهو مثلا:الماء هو السائل الشفاف الذي يتكون من ذرتين هيدروجين و ذرة أوكسجين...

    فهل قياسا على ذلك يمكن القول أن النفس هي الدم و الدم هو عبارة عن نسيج من سائل أحمر اللون و يتكون من البلازما و الكرويات الحمراء و الكرويات البيضاء و الصفائح الدموية؟

    و للحديث بقية إن شاء الله...


  7. #27
    عـضــو الصورة الرمزية يحي غوردو
    تاريخ التسجيل
    19/03/2007
    العمر
    57
    المشاركات
    647
    معدل تقييم المستوى
    18

    افتراضي

    1- النفس بمعنى الدم ككل:

    يحوي جسم الانسان بين خمسة وستة ليترات من الدم تجري في شبكة توزيع مؤلفة من الشرايين والأوردة والأوعية الشعرية هي من الامتداد والتشعب بحيث توصل الدم وما يرشح منه من مكونات إلى لك خلية من خلايا الجسم الانساني وعددها ما يقرب من مئة ألف مليون خلية ولقد قدروا أن هذه الشبكة التي يجري فيها الدم يبلغ طولها تقريبا إذا وضعت في خط مستقيم ما يقرب من مئة ألف ميل!

    الدم هو موسوعة، بل مجموعة موسوعات، من المواد الكيميائية، التي يتطلب دراستها والكتابة عنها عشرات الموسوعات الطبية في علم الكيمياء العضوية، وعلم الوراثة وعلوم الأمراض وغيرها، ويكفي أن نذكر بأن دم الانسان يحتوي تقريبا على خمسة وعشرين بليون كرية حمراء يهلك منها في كل ثانية مليونان ونصف من الكريات يجددها تلقائيا مخ العظام، كما أنه يحتوي على ثلاثين مليون خلية بيضاء، هي جنود الجسم وعدته في المناعة والدفاع، وهناك أيضا ما يقرب من مليار صفيحة لها الدور الرئيسي في تخثر الدم.

    أما مكونات الدم الكيميائية فاللائحة طويلة إذ تتعدى المئات بل الألاف من المواد الكيميائية المعقدة، وبمقدور المختبرات اليوم أن تفحص وتزن القليل منها وتجعلها فحوصات روتينية في متناول الجمهور...




    2- بعض التفاصيل العلمية لمكونات الدم:
    أي الشرح العلمي لقوله تعالى: (ونفس وما سواها)


    * كرية الدم الحمراء:

    قطرها يبلغ سبعة ميكرونات (الميكرون يساوي جزءا من الالف من المليمتر) ولها من الخاصية بحيث أنها تتكيف لتصل إلى أوعية شعرية هي أصغر منها قطرا، حاملة إلى كل خلية من خلايا الجسم الأوكسجين، كما تخلصه من فضلات الاحتراق أي ثاني أوكسيد الكربون، في رحلة تقطع فيها في خلال حياتها التي تدوم مائة وعشرين يوما مسافة 1150 كيلومترا تقريبا وبمعدل دورة دموية يوميا تقريبا، أما ما تتألف منه كرية الدم الحمراء فنذكر فقط الخضاب (hémoglobine) الذي يؤلف المادة الكيميائية الرئيسية فيها والمولجة بنقل الأوكسحين واستخراج غاز ثاني أوكسيد الكربون، يتألف من أربعمائة وخمسين حامضا أمينيا، أمضى آلاف العلماء من المختصين بالكيمياء البيولوجية وعلوم الدم الوراثية معظم سنين حياتهم في دراسته وما يزالون كل يوم يكتشفون في هذه الكرية العجيبة وفي خضابها خصائص وأمراض جديدة.

    أليست هذه الكرية الحمراء هي التي أقسم بها المولى، من بين ما أقسم له بقوله: (ونفس وما سواها) أو بقوله تعالى (فلا أقسم بالخنس) أي الأشياء المختفية عن العين المجردة، (الجواري الكنس) أي التي تجري في الجسم وتكنس خلاياه من فضلات الاحتراق الذي يحصل داخل الخلايا. فهناك أشياء "خنس كنس" داخل الجسم كما رآها الأطباء، وخنس وكنس كما رآها العلماء في الكون وذلك مصداقا لقوله تعالى : ( سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ)

    تدبر أخي الكريم هذه الآية الاعجازية: أيات الله ترى في الآفاق (الفضاء) وفي أنفسنا ( أي الدماء)...

    والله أعلم...

    ...

    التعديل الأخير تم بواسطة يحي غوردو ; 18/08/2008 الساعة 01:51 AM
    إِنْ أُرِيدُ إِلَّا الْإِصْلَاحَ مَا اسْتَطَعْتُ وَمَا تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ(88)


    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

  8. #28
    أديب وكاتب الصورة الرمزية سعيد نويضي
    تاريخ التسجيل
    09/05/2007
    العمر
    68
    المشاركات
    6,488
    معدل تقييم المستوى
    23

    افتراضي


    بسم الله الرحمن الرحيم...

    الإخوة الأعزاء الأخ الفاضل يحي غوردو سلام الله عليكم...

    قال الشيخ الألباني : صحيح سند الحديث : حدثنا أحمد بن محمد بن شبويه المروزي حدثني عبد الرزاق أخبرنا معمر عن الزهري عن علي بن حسين عن صفية قالت:

    كان رسول الله صلى الله عليه وسلم معتكفا فأتيته أزوره ليلا فحدثته ثم قمت فانقلبت فقام معي ليقلبني وكان مسكنها في دار أسامة بن زيد فمر رجلان من الأنصار فلما رأيا النبي صلى الله عليه وسلم أسرعا فقال النبي صلى الله عليه وسلم على رسلكما إنها صفية بنت حيي قالا سبحان الله يا رسول الله قال إن الشيطان يجري من الإنسان مجرى الدم فخشيت أن يقذف في قلوبكما شيئا أو قال شرا.

    فسبحان الله لو تأملنا معا هذا الحديث...لوجدنا مجموعة من الحقائق العلمية و الدينية على حد سواء. فمن جهة رؤية مشهد خارج الذات. هذا المشهد ينتقل إلى داخل الإنسان عن طريق حاسة النظر. باعتبار أن المشهد هو مجموعة من الموجات الكهربائية تنتقل إلى مكان في مؤخرة الدماغ كرسالة حاملة لمجموعة من المعلومات. و عن طرق تفاعل الخلايا العصبية مع هذه المعلومات تنطلق مجموعة أوامر تنقلها الشبكة العصبية لتمر عبر جهاز مركزي في الذات ألا و هو القلب،هذا الأخير يعطيها الوصف أو التعبير أو التأويل أو التفسير الذي تستحق، ثم يوصلها إلى الأطراف المسئولة عن القيام بالحركة التي تمت الأوامر للقيام بها.

    ففي حديث الرسول الكريم صلى الله عليه و سلم يبدو جليا أن المشهد الذي كان عليه رسول الله صلوات الله عليه يوحي للآخر بفكرة، بنية، بتفسير، بتأويل للمشهد على غير حقيقته. فلما رآه، أي رأيا النبي عليه الصلاة و السلام يتحدث مع زوجه أم المؤمنين صفية رضي الله عنها أدرك بفطرته السليمة و بنور الله عز و جل، ولأنه لا ينطق عن الهوى، أن الشخصين الذين رأياه و هما من الأنصار، سوف يؤثر فيهما "المشهد" و بالتالي سيحدثان نفسيهما بشيء يكون السبب فيه هو وجود "الشيطان" الذي يقذف في نفسيهما "بشيء على غير حقيقة الحال".

    فقوله صلى الله عليه و سلم "أن الشيطان يجري في الإنسان مجرى الدم فخشيت أن يقذف في قلوبكما شيئا أو شرا"، يبين بشكل جلي أن العالم الخارجي يأخذ تفسيرا أو تحليلا أو وصفا داخل " ذات " الإنسان، و من تم تتكون " فكرة" أو " نية " عن المشهد الخارجي. فإذا كان التأويل على غير حقيقة واقع الحال كان للشيطان دخل في ذلك أو كما يقال على سبيل المجاز ، له يد في تحريف حقيقة الحال. فالشيطان يجري في الإنسان مجرى الدم. و بالتالي فالدم يسري في كل مناطق جسم الإنسان، و من تم فإنه يصل إلى المناطق المسئولة عن التفسير و التأويل و جل العمليات الذهنية، و ما دام الأمر كذلك فهو قادر على تزيف الحقيقة إلا إذا تم تصحيح الفهم للمشهد الواقعي ببيان حقيقة الوضع.

    و من هنا يمكن القول لماذا استعمل الرسول الكريم صلى الله عليه و سلم كلمة الدم و لم يستعمل كلمة النفس؟ فلو كانت النفس هي الدم، دون أن تتعدى كلمة النفس لمعاني و دلالات أخرى لكان الأصح هو قوله "إن الشيطان يجري في الإنسان مجرى النفس و ليس الدم" من هنا أعتقد أن الدم هو عنصر أساسي من العناصر المكونة للنفس.

    و إذا انتقلنا إلى الآية الكريمة " و نفس و ما سواها" فقبل النظر فيما ذكرت أريد أن أشير إلى وجود بعض الآيات لها علاقة بنفس المعنى و منها مثلا: "

    الَّذِي خَلَقَ فَسَوَّى (2) سورة الأعلى

    التفسير فتح القدير[2- "الذي خلق فسوى" صفة أخرى للرب. قال الزجاج: خلق الإنسان مستوياً، ومعنى سوى: عدل قامته. قال الضحاك: خلقه فسوى خلقه، وقيل خلق الأجساد فسوى الأفهام، وقيل خلق الإنسان وهيأه للتكليف.]

    الَّذِي خَلَقَكَ فَسَوَّاكَ فَعَدَلَكَ (7) سورة الانفطار

    التفسير لفتح القدير["الذي خلقك فسواك فعدلك" أي خلقك من نطفة ولم تك شيئاً، فسواك رجلاً تسمع وتبصر وتعقل، فعدلك: جعلك معتدلاً. قال عطاء: جعلك قائماً معتدلاً حسن الصورة. وقال مقاتل: عدل خلقك في العينين والأذنين واليدين والرجلين، والمعنى: عدل بين ما خلق لك من الأعضاء. قرأ الجمهور "فعدلك" مشدداً، وقرأ عاصم وحمزة والكسائي بالتخفيف، واختار أبو حاتم وأبو عبيد القراءة الأولى. قال الفراء وأبو عبيد: يدل عليها قوله: "لقد خلقنا الإنسان في أحسن تقويم" ومعنى القراءة الأولى: أنه سبحانه جعل أعضاءه متعادلة لا تفاوت فيها، ومعنى القراءة الثانية: أنه صرفه وأماله إلى أي صورة شاء، إما حسناً وإما قبيحاً، وإما طويلا وإما قصيراً.]

    ثُمَّ كَانَ عَلَقَةً فَخَلَقَ فَسَوَّى (38) القيامة

    التفسير لفتح القدير["ثم كان علقة" أي كان بعد النطفة علقة: أي دماً "فخلق" أي فقدر بأن جعلها مضغة مخلقة "فسوى" أي فعدله وكمل نشأته ونفخ فيه الروح.]

    فالعنصر الأول المكون للإنسان هو "ماء" نطفة" قطرة ماء " ثم علقة "دم" ثم مضغة مخلقة،أي قطعة لحم لم تأخذ شكلا معينا ثم بقدرة الله جل و علا تتكون الأجهزة ، الهيكل العظمي و الجهاز العصبي و سائر الخلايا حتى يأخذ صورة معينة على الشكل الذي أراده الله جل و علا.

    ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَامًا فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْمًا ثُمَّ أَنْشَأْنَاهُ خَلْقًا آَخَرَ فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ (14) سورة المؤمنون
    التفسير لفتح القدير ["ثم خلقنا النطفة علقة" أي أنه سبحانه أحال النطفة البيضاء علقة حمراء "فخلقنا العلقة مضغة" أي قطعة لحم غير مخلقة "فخلقنا المضغة عظاماً" أي جعلها الله سبحانه متصلبة لتكون عموداً للبدن على أشكال مخصوصة "فكسونا العظام لحماً" أي أنبت الله سبحانه على كل عظم لحماً على المقدار الذي يليق به ويناسبه "ثم أنشأناه خلقاً آخر" أي نفخنا فيه الروح بعد أن كان جماداً، وقيل أخرجناه إلى الدنيا، وقيل هو نبات الشعر، وقيل خروج الأسنان، وقيل تكميل القوى المخلوقة فيه، ولا مانع من إرادة الجميع، والمجيء بثم لكمال التفاوت بين الخلقين "فتبارك الله أحسن الخالقين" أي استحق التعظيم والثناء.]

    فإذا قرأنا الآية الكريمة " وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا (7) سورة الشمس

    التفسير لفتح القدير[ونفس وما سواها " الكلام في ما هذه كما تقدم، ومعنى سواها خلقها وأنشأها وسوى أعضاءها. قال عطاء: يريد جيمع ما خلق من الجن والإنس، والتنكير للتفخيم، وقيل المراد نفس آدم.]

    فالتسوية التي وردت في الآيات السالفة الذكر تفيد إجمالا نفس المعنى و هو حسن الخلقة بما يتناسب و التكليف الذي وجدت من أجله...فالعبادة و منها الصلاة مثلا تتطلب حركات تتناسب و البناء الهندسي لهيكل الإنسان. فالركوع و السجود لله عز و جل لا يتناسب مع هيكل كهيكل فيل مثلا. مع العلم أن الله عز و جل يقول :" أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يُسَبِّحُ لَهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالطَّيْرُ صَافَّاتٍ كُلٌّ قَدْ عَلِمَ صَلَاتَهُ وَتَسْبِيحَهُ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِمَا يَفْعَلُونَ (41) سورة النور.

    و إذا أخذنا مثلا معجزة الخلق في صنع "اليد" نجدها من جملة الأعضاء- المعجزة التي تمت بخلق و صنع من الله عز و جل. فلو تأملت لحركتها في الإمساك بالقلم لكي تخط بسم الله جل جلاله ، أو لتطوي كتاب، أو لتقوم بتركيب أجزاء لآلة معينة، أو لاستعمال الأصابع على الكيبورد، لتبين للمتأمل قدرة الله عز و جل في تسوية بقية أعضاء الجسم. و التسوية هي عدم التفاوت في الخلق، فكل ذرية بني آدم هي على شكل واحد، من حيث الوجه و اليدين و الرجلين و العينين و الأذنين إلى آخر الأعضاء، فلا هذا يتمتع بأربعة أيادي و لا ذاك له رأسين و لا الآخر له جناحين. يقول الله عز و جل في تعظيم شأن تعظيم عضلة القلب:" مَا جَعَلَ اللَّهُ لِرَجُلٍ مِنْ قَلْبَيْنِ فِي جَوْفِهِ...الآية 4سورة الأحزاب.

    و على هذا الأساس لو تمعنت بالشكل الذي قمت به من حيت الخلية العصبية، و الجهاز العصبي و طول شرايينه لوصلت تقريبا إلى نفس الإعجاز في الخلق مثلما الذي توصل إليه العلم الحديث في اكتشاف مكونات الدم من الكرويات الحمراء و البيضاء و الصفائح الدموية و كذا البلازما. و مثله الجلد و مثله العظام و كل جهاز في ذات الإنسان. لذلك أقول من جديد أن النفس ليست هي الدم بمفرده بل هو عنصر أساسي في تشكيل "بنية" النفس.

    و لتوضيح ذلك لنتأمل الآية الكريمة التي أشرت إليها و إن شاء الله عز و جل ستوضح الفكرة أكثر.
    و كانت إشارتك خفيفة "الآفاق" يقابلها "الفضاء" و أنفسهم" تقابلها "الدماء"...

    "سَنُرِيهِمْ آَيَاتِنَا فِي الْآَفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ (53)" سورة فصلت.

    ["سنريهم آياتنا في الآفاق" أي سنريهم دلالات صدق القرآن وعلامات كونه من عند الله في الآفاق "وفي أنفسهم" الآفاق جمع أفق وهو الناحية. والأفق بضم الهمزة والفاء، وكذا قال أهل اللغة. ونقل الراغب أنه يقال أفق بفتحهما، والمعنى: سنريهم آياتنا في النواحي وفي أنفسهم حوادث الأرض. وقال مجاهد: في الآفاق فتح القرى التي يسر الله فتحها لرسولها وللخلفاء من بعده ونصار دينه في آفاق الدنيا شرقاً وغرباً، ومن الظهور على الجبابرة والأكاسرة، وفي أنفسهم فتح مكة، ورجح هذا ابن جرير. وقال قتادة والضحاك: في الآفاق وقائع الله في الأمم، وفي أنفسهم في يوم بدر. وقال عطاء: في الآفاق: يعني أقطار السموات والأرض من الشمس والقمر والنجوم والليل والنهار والرياح والأمطار والرعد والبرق والصواعق والنبات والأشجار والجبال والبحار وغير ذلك، وفي أنفسهم من لطيف الصنعة وبديع الحكمة، كما في قوله: "وفي أنفسكم أفلا تبصرون" "حتى يتبين لهم أنه الحق" الضمير راجع إلى القرآن، وقيل إلى الإسلام الذي جاءهم به رسول الله، وقيل إلى ما يريهم الله ويفعل من ذلك، وقيل إلى محمد صلى الله عليه وسلم أنه الرسول الحق من عند الله، والأول أولى " أولم يكف بربك أنه على كل شيء شهيد " الجملة مسوقة لتوبيخهم وتقريعهم وبربك في موضع رفع على أن الفاعل ليكف، والباء زائدة، وأنه بدل من ربك والهمزة للإنكار. والمعنى: ألم يغنهم عن الآيات الموعودة المبينة لحقية القرآن أنه سبحانه شهيد على جميع الأشياء. وقيل المعنى: أو لم يكف بربك يا محمد أنه شاهد على أعمال الكفار. وقيل أو لم يكف بربك شاهداً على أن القرآن منزل من عنده، والشهيد بمعنى العالم، أو هو بمعنى الشهادة التي هي الحضور. قال الزجاج: ومعنى الكناية ها هنا أن الله عز وجل قد بين لهم ما فيه كفاية في الدلالة، والمعنى: أو لم يكف ربك أنه على كل شيء شهيد شاهد للأشياء لا يغيب عنه شيء.]

    المعجم الوسيط:

    ( أفق ) أفقا ضرب في الآفاق و فلانا و عليه تفوق فهو آفق و أفاق للمبالغة
    ( أفق ) أفقا بلغ النهاية في الكرم و العلم فهو أفق و أفيق
    ( تأفق ) فلان بالقوم ألم بهم غير متلبث
    ( الآفقة ) الخاصرة ( ج ) أوافق
    ( الأفاق ) الضارب في آفاق الأرض و من لا ينتسب إلى وطن
    ( الأفق ) الناحية و خط دائري يرى فيه المشاهد السماء كأنها ملتقية بالأرض و يبدو متعرجا على اليابس ومكونا دائرة كاملة على الماء ( مج ) و مدى الاطلاع يقال في المعرفة و الرأي فلان واسع الأفق أو ضيق الأفق ( ج ) آفاق و يقال فلان جواب آفاق و في التنزيل العزيز ) سنريهم آياتنا في الآفاق وفي أنفسهم (
    ( الأفق ) الأفق
    ( الأفقي ) نسبة إلى الأفق و من الناس من لا ينسب إلى وطن و من الخطوط خط مستقيم يوازي سطح الأرض المستوية و في الصحيفة ما يمتد من اليمين إلى اليسار
    ( الأفيق ) الجلد ( ج ) أفق و آفقة.

    الواضح من التفسير لفتح الله القدير و ما جاء في المعجم الوسيط أن كلمة "الآفاق" هي العالم الخارجي، العالم الذي يحيط بالإنسان سواء كان ذاك العالم متعلق بالفضاء و السماوات و الأراضي أو بالعوالم الأخرى كعالم الكائنات التي تعتبر من مخلوقات الله عز و جل أو كما يقال و هو تشبيه جميل جدا العوالم الموجودة ما بين الذرة و المجرة. أما الأنفس فقد ذكر في فتح القدير آية كريمة: " وَفِي أَنْفُسِكُمْ أَفَلَا تُبْصِرُونَ (21) سورة الذاريات.
    التفسير لفتح القدير["وفي أنفسكم أفلا تبصرون" أي وفي أنفسكم آيات تدل على توحيد الله وصدق ما جاءت به الرسل، فإنه خلقهم نطفة ثم علقة ثم مضغة ثم عظماً إلى أن ينفخ فيه الروح، ثم تختلف بعد ذلك صورهم وألوانهم وطبائعهم وألسنتهم، ثم نفس خلقهم على هذه الصفة العجيبة الشأن من لحم ودم وعظم وأعضاء وحواس ومجاري ومنافس، ومعنى "أفلا تبصرون" أفلا تنظرون بعين البصيرة، فتستدلون بذلك على الخالق الرزاق المتفرد بالألوهية، وأنه لا شريك له وال ضد ولا ند، وأن وعده الحق، وقوله الحق وأن ما جاءت إليكم به رسله هو الحق الذي لا شك فيه ولا شبهة تعتريه، وقيل المراد بالأنفس الأرواح: أي وفي نفوسكم التي بها حياتكم آيات.]

    فعالم " النفس" و هو عالم يتضمن الظاهر و الباطن، فالظاهر و هو ما تم شرحه من قبيل النطفة ثم العلقة ثم المضغة إلى أن يصبح خلقا آخر كما شاء الله عز و جل، و عالم غير ملموس لكنه محسوس و هو الباطن، و المحسوس ليس بالضرورة مادة كما هو الماء و الدم و الموجات الكهركيماوية و الخلايا العصبية، فهذا العالم الباطن هو محسوس و هو الذي يشكل لب الحث على استعمال العضوي للانتقال لما هو غير عضوي فمن البصر إلى البصيرة "أفلا تبصرون" أفلا تنظرون بعين البصيرة، أفلا الغرض منها للتوبيخ، للتنبيه، فالبصر خاضع للقياس لكن البصيرة غير خاضعة للقياس، ولكن البصيرة تدركها و تحس بها بفضل من الله عز و جل و بما أتاك الله من فطرة سليمة و فكر قويم و تفكير سديد.

    و للحديث بقية إن شاء الله عز وجل


  9. #29
    شـاعر وأديب الصورة الرمزية أيمن أحمد رؤوف القادري
    تاريخ التسجيل
    04/04/2007
    العمر
    57
    المشاركات
    1,665
    معدل تقييم المستوى
    19

    افتراضي

    الأستاذ
    سعيد نويضي
    السلام عليكم
    بارك الله فيك
    لقد أحسنت الاختيار
    وأجدت في العرض
    أشكرك نيابة عن كل من قرأ، وبالأصالة عن نفسي.


  10. #30
    أديب وكاتب الصورة الرمزية سعيد نويضي
    تاريخ التسجيل
    09/05/2007
    العمر
    68
    المشاركات
    6,488
    معدل تقييم المستوى
    23

    افتراضي

    بسم الله الرحمن الرحيم...

    الشاعر الأديب
    الدكتور أيمن أحمد رؤوف القادري
    الأخ الفاضل سلام الله عليك و على الأحبة في الله زوار هذه الصفحة المتواضعة
    لكم الشكر الجزيل و نفعنا الله عز و جل بما علمنا و أرشدنا جميعا لأقرب من هذا رشدا...
    و منكم نستفيد بمداخلاتكم و بتعليقاتكم و مناقشاتكم المثمرة و الجادة و الصادقة و التي لا تبتغي غير الحق و الحقيقة لوجه الله العليم الحكيم و ابتغاء مرضاته و رضوانه....

    و للحديث بقية إن كان في العمر بقية إن شاء الله جل و علا...

    و كل عام و أنتم بألف ألف خير إن شاء الله و أهل واتا العزيزة في بناء فكر جديد و عقل سديد و قلب سليم...


+ الرد على الموضوع
صفحة 2 من 2 الأولىالأولى 1 2

الأعضاء الذين شاهدوا هذا الموضوع : 0

You do not have permission to view the list of names.

لا يوجد أعضاء لوضعهم في القائمة في هذا الوقت.

المفضلات

المفضلات

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •