السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
ذات يوم في فصل الشتاء , وكانت قد تراكمت الثلوج على الجبال اثر عاصفه ثلجيه كست الارض ببساط ناصع البياض شديد البروده حجزت السكان ومواشيهم في المنازل وكان والدي يذيب الثلج في ( دست) وعاء
كبير من النحاس يضعه قوق الموقد ليسقي المواشي من غنم وماعز وبقر كان يهتم بتربيتها , وبعد انحسار الموجه وعودة النشاط الى عادته عدنا الى مدرسة ابو فؤاد , ولكن المعلم كان مصابا با الزكام , والدتي كانت طبيبة القريه فهي تتقن وصف العلاج با الاعشاب وهي القابله لمساعدة النساء علي الولاده ففي كل الناحيه لايوجد طبيبا اوطبيبه حتي قلما تجد متعلما يتقن القرائه والكتابه , با الوراثه وبا المران ان لم نقل كما يقال في العاميه المصريه با العافيه امتهنت والدتي الطبابه وبدون مقابل , كانت تقول لوجه الله تعالى , وقد ارسلت معي صره صغيره من الاعشاب (زهورات ) مع وصفه طبيه غير مكتوبه , ان يجلب من العطار ابو رفعت نشوقا للزكام .
البلده كلها تعلم بالوعكه الصحيه , فا المعلم صبيانه في كل بيت , ووالدتي الطبيب المعالج لكل حاله وهي تعود المرضى بدون دعوه وتقدم العون والمشوره لكل محتاج فكيف با المربي ابو فؤاد من يقرأ الرسائل من يزود با الاخبار عن العالم ان لم يشرح ابو فؤاد , فا القريه كل بيت فيها مشغولا بصحة الاستاذ ..
وصلت الوصفه الطبيه غير مكتو به مع الاعشاب الطبيه , والان
من سيجلب الترياق الشافي ( قارورة النشوق ) تبصر بالامر معلمنا وضرب اخماسه بالاسداس ثم قلع الطربوش ليهرش فروة رأسه مكررا هذه الحركه حتى اختمرت الفكره بان يوفد كبير الصف فا المهمه يلزمها
مشقه حيث المسافه بعيده وثمن الماسوره لايجوز التفريط به , وتحسبا لكل طاريء .
وبأشاره من سبابته تم اختيار الساعي وكان اشعث الشعر حتى شعيرات ذقنه , مناولا اياه ورقه نقديه بقيمة ماية غرش صادره عن بنك سوريا ولبنان , مع وصايا تزيد عن العشر لاتتأخر لاتعتمد الا طريق الشجره ذهابا وايابا اياك ان تفقد النقود احرص عليها كل الحرص , ادخل اللمدينه من ناحية الغرب ولا تتحدث مع احد اياك ان تزور خالتك ام وهبي , لاتنس ان الماسوره للزكام , لاتنس ان تسلم علي حسن افندي لا لا ........... والوصيه الاهم اياك ان تفتح الماسوره او تستعملها .
وكانت الوصيه الاخيره وكأنها لم تدخل اذني غوار كما كان يلقب وكانت اذناه زادت كبرا لان جميع الصبيه جربوا شمطها مرارا وتكرارا وقد يكون الوحيد الذي لم تمتد يده الي اي اذن , سمعها جيدا ولم يسمع اياك ان
تستعملها , والانسان عادة ما تجر رجله الحشريه لمعرفة المجهول , وغوار استلم المهمه وعمل بكل وصاياها ولكن الماسوره وصلت فارغه
لانه انتعش بها ولمنخاريه الكبيرين قوه في الشفط تعادل عشرة بغال .
استلم ابو فؤاد ضالته وبعد ان تفقدها ورأى شريط الامان ممزقا فقد عقله واتزانه واستولت عليه نوبه شديده من الغضب
اختار من رزم قضبانه او قل من ترسانته الحربيه اشد الاسلحه واقواها
قضيبا من شجر التوت قائلا قبل الفلقه انا سأربيك يا............. افتح يدك ورفع القضيب عاليا ليحقق قصفا موفقا ولكن غوار سحب يده بسرعه وكانت الجوله اصابة المعلم بهستيريا طالبا افتح كفك ومد ايدك وما ان حاول ان يسحب يده ثانيه كانت الطلقه اسرع فأصابت من الاصابع اولها
ومن غوار هلعا حيث اركن الي الفرار موليا الادبار
***-
الشاعر اللبناني
ابو شوقي
المفضلات