فتح تتهم وحماس تنفي... إلى متى يستمر هذا الحال؟!!

حركة فتح لا تملك ما تقدمه للشعب الفلسطيني لتكسب تأييده وتعاطفه، فقد ارتبطت صورة فتح في أذهان الشعب والعالم كله بالفساد الإداري والحكومي والسياسي والمالي والأخلاقي، وباللفلتان الأمني، وبالتنازل المجان للاحتلال عن الحقوق والثوبت، وبمشاركة الاحتلال في قمع المقاومة وملاحقة المقاومين من خلال التنسيق الأمني معه لحماية كيانه، وبالخنوع لإملاءات الصهاينة والصليبيين من الأمريكان والأوروبيين، وبالاستهانة بحقوق شعبنا وكرامته والتفاوض مع قتلته الصهاينة الملطخة إيديهم النجسة بدماء شعبنا، وبالتحكم في إزراق شعبنا ومساومته على إرادته وخياره، وباحتكار السلطة وعرقلة الإصلاح، وبسيطرة تيار متصهين على قراراتها ومواقفها وممارساتها....

فتح الآن لا تملك تحسين صورتها، ولا يهمها أن تحسن هذه الصورة، وكل ما يهمها هو تشويه صورة حماس، التي جعلت فتح منها عدوا لدودا لها، بل فاقت هذه العداوة عداوة فتح للاحتلال وألد أعداء الشعب الفلسطيني. ولهذا فقد وضعت فتح خططها وبرامجها لتشويه صورة حماس من خلال نشر الإشاعات الباطلة وبالاعتماد كليا على الكذب الذي أصبح بضاعتها الوحيدة.

وتأتي جهود حركة فتح للنيل من صورة حماس منسجمة مع السنة الكونية التي لا تتغير والتي تتمثل في كيد الكافرين والمنافقين للمؤمنين، وقد أخبرنا الله تبارك وتعالى بذلك، حيث قال: { وَلا يَزَالُونَ يُقَاتِلُونَكُمْ حَتَّى يَرُدُّوكُمْ عَنْ دِينِكُمْ إِنْ اسْتَطَاعُوا }[البقرة:217] ويقول تبارك وتعالى: { وَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ كَمَا كَفَرُوا فَتَكُونُونَ سَوَاءً }[النساء:89].

وفتح عندما تتهم حماس لا تسعى إلى الإصلاح أو تقديم النصح لحماس، وإنما تسعى إلى وصمها بما اقترفته فتح وما وقعت فيه جراء الخنوع للاحتلال والأمريكان ومشاركتهم في تصفية القضية الفلسطينية، بمعنى أن فتح تمارس إسقاطا نفسيا على حماس، فكل اتهام توجه فتح لحماس يأتي في سياق إشاعة أن حماس وقعت فيما وقعت فيه فتح، فقط للنيل من صورة حماس المشرقة والمشرفة.

وهذه الإشاعات كثيرة ويزداد عددها كلما نجحت حماس في إفشال المؤامرات التي تحاك ضدها، وآخر هذه الإشاعات ما افتراه الطيب عبد الرحيم من أن حماس "تتوسل" لعقد اجتماعات مع إسرائيل لبحث "إرساء الأمن مقابل السماح بتوفير الماء والكهرباء ودخول المواد إلى القطاع"، متهما حماس أنها استبدلت "قاعدة الأرض مقابل السلام بقاعدة الأمن مقابل الغذاء". وهو اتهام باطل جملة وتفصيلا، أنكرته حماس ونفته، والواقع كذلك ينكره وينفيه. الأمر المدهش أن فتح هي التي تحفظ كيان الاحتلال وتقمع المقاومة في الضفة الغربية وقبل ذلك في قطاع غزة، كما أنها هي التي حولت القضية الفلسطينية إلى قضية رواتب، وقادتها في رام الله يجتمعون بالقتلة المجرمين الصهاينة ويستجدونهم لأتفه الأمور، وهي التي وقعت اتفاقية أوسلو التي جعلت حياتنا مرهونة بمعابر الاحتلال وبالكهرباء والاقتصاد، فدمرت إمكانية استقلال الاقتصاد الفلسطيني عن الاحتلال، وأعطت للاحتلال الحق في التحكم في أرزاقنا وأقواتنا وتنقلاتنا...

شراسة هذه الدعاية المضدة والحملة الإعلامية المسعورة وحجم الشائعات التي تنشرها فتح لتشويه صورة حماس وكثرة الأدوات الإعلامية المشاركة في هذه الحملة وتنوعها سلبت من حماس المبادرة وجعلتها في موقع المدافع عن نفسها. وحيث إن فتح لا تكترث بما يقال عنها ولا تبالي بصورتها المشوهة، لا بد البحث عن وسائل أكثر فاعلية للجم الأفواه الكاذبة ووضع حد لهذه الأكاذيب، وهذا لا يتم إلا من خلال حملة دعائية مضادة مكثفة وعنيفة، واتخاذ مجموعة من القرارات السياسية التي تحسم العلاقة مع هؤلاء الأفاكين، واتخاذ مواقف سياسية واضحة وحاسمة.