كونـــــدي
أنيابها كأنياب الأفعى، أم أنياب الأفعى كأنيابها، لها فحيح كفحيحها، ولها عيون كعيونها، إنهما تشتركان في أكثر من صفة، وفي أكثر من حال.. مـــــا تختلفان فيه أن الأولى تنتشر على الأرض عموديا، أما الأخرى فزاحفة..
كوندي تحرص على أحمر الشـــــفاه، وتحرص على أن تظــــهر بكامـــل أناقتها، لتغطية ملامح العبودية التي وضعت فيها من أجلها؛ وضــــعت هنالك لتـــــلتهم اللحوم الآدمية، وليتلــــذذ بأكلها واضعوها، تمــتص دماء الصبية، وتشرب دماء العجائز حتى الثمالة، فإذا سكرت تقـــيأت الجمـــــاجم والعظام الآدمــــــــية..
احتارت الثانية في أمرها، ووقفــــت ترقبها، وتراها كيف تتـــــمكن مـــن فريستها بكل سهولة ويسر، وما أن تصطادها حتى تخدرها بسمها الناقع، ثـم تلتهمها على مراحل من دون أن تشعر فريستها أنها تبتلعها.. لهـا قدرة فائقة على المناورة والإيقاع بالفريسة.. وأحيانا تتردد على مكان فريســــتها مرات متظاهرة بالود والقرب من دون إظهار أي عدوانية حتى إذا اطمأنت عــــــلى صيدها انقضت عليه، فلا يملك إلا أن يستسلم للأمر الواقع..
كوندي من فصيلة الأفاعي الآدمية التي زحفت إلى الشــــــمال، وهــــــذه الأفاعي السوداء لا يشتد بطشها بالناس إلا إذا هاجرت من مواطنها الأصلية، فتكون أشد بلاء على أقرب الخلق إليها؛ ذلك أنها ترسل في ثوب غــير الثوب الذي هاجرت به، لتصطاد فرائسها من هؤلاء الذين كان يفترض أن تتـــعايش معـــــــــهم ..
كوندي يستخدمها رجل الشمال في الانقضاض على فريسته المفضلة من الجنوب، ويجلس متفرجا على اللعبة من مدرجات الملعب الكبير، في لعبة الكبار، أو لعبة النبلاء..! وهــي لعبة قديمة قدم التاريخ، حين كان النبلاء يخرجون العبيد المحكوم عليهم ليصارعوا الأسود أو الثعابـــــين الكبيرة في ملاعب أعدت خصـــــيصا، ويجلسون على المـــــدرجات لمتابـعة المنازلة متفكهين ومتندرين وضاحكين.. ولن ينجو العبد إلا إذا قضــــى على الخصـــــــــم.. !
كوندي امرأة لا كالنساء، وأفعى لا كالأفـاعي.. ولكن لــــــها رأس امرأة وجسم أفعى.. تتناسل كالبشر، ولكن من غير الأسياد.. ويتم غـــالبا في أوان قيئها حين تفقد وعيها، فتكون في متناول السكارى والشـــذاذ والمأبونين..
وحملها لا يصلح إلا نادرا، وإذا قدر له أن يكون فهو لا يحــمل اسما، وإنما يـنـتسب لأمه التي عهرت به مع أراذل الناس الذين ليس لهم بطاقات هوية..
كوندي خنثى تمشي مشية الرجال، وتفعل أفعال الرجال، وتتشبه بهــــم، وتمارس رجولتها على أشباه الرجال الذين تعرف أين تجـدهم كلــما تحركت غريزتها البهيمية اللوطية.. تراهم يتوددون لها تـودد الكلب لسيده، وتراهــا تمعن في إذلالهم وقهرهم، ولها في ذلك شهوة، ولهم فيه لذة..كلما رأوهــا انبطحوا، وكلما رأتهم فتحت كل أزرارها وأقفالها حتى يصل سمـــها إلى كـل مفصل من مفاصلهم المسترخية .. وهي لا تعرف الكلل أو الملل فـي الدوران عليهم جميعا حتى تشبع نهمهم، وتطفئ فيهم الظمأ الأزلي الذي جبلوا عليه منذ ورثوا هذه المملوكيات والعروش الخاوية .. إنـها تسقيهم سما زعــــــافا بمقدار، وعلى فترات متباعدة، يعرفون أنه قاتل ولكن لذته أنستهم أنفـــسهم حتى تمنوا لو بقيت سكرتهم حتى الفناء!!..
كوندي تحب المناطق الحارة، وتحب أن تتسلل في العباءات الفضــــفاضة التي تخفي كل شيء، لذلك كان لعابها يسيل كلما أبصرت عباءة أو عمامة !!
أوت/2006
المفضلات