عذري أنا، ودمي، والبوحُ مُتَّكَلُ = واتا لهُ، وفمي، والحبُّ والغزلُ
يا أنسمَ الماءِ زُفّي من سرائرنا = ما كان مِنْ خطأٍ لو حارتِ الحِيلُ
كفّاهُ لي مددٌ، أقلقتُهُ فجرى = مِنْ أرضهِ الماءُ شعراً ساقهُ الأزلُ
أتى بِمفردةٍ الطيرُ حارسُها = والكوثرُ النّهرُ لا تسعى لهُ العِللُ
فقوّمي قلقي يا أرضُ وانتبهي = إنّي إلى العذرِ أغدو والسّما حُلَلُ
هُوَ الذي سرّني حين التقيتُ بهِ = في أرضِ نفْسي، فطارتْ خلفهُ المُقلُ
فقلتُ أنأى بصدرِ الشعرِ أحكمُهُ = وأجتبيهِ هُدىً، إيقاعهُ المُثلُ
فاسمعْ نداءَ دمي يا بلسمي وأخي = كُلّي فداكَ، ولي في قلبكمْ نُزُلُ
بيني وبينكَ ملح الأرضِ متّصِلُ = فاظفرْ بوجد الفتى يا أيّها الرّجلُ
سُدَّ الفراغَ إذا ما اجتاحنا قلقٌ = واعلمْ بأنَّ يدي في الحبِّ تكتحِلُ
قد شاقني عَلَمٌ في لونهِ أملٌ = وانفضَّ عنّي الذي في العينِ ينسدِلُ
إنّي من العشبِ أختارُ الندى فإذا = تطاولَ العُمرُ أمضي ثمَّ أرتحلُ
لا بأس، يبقى دمي في وجدِكمْ، وأنا = أذودُ عن مهجةٍ تبكي وتبتهلُ
لي في السبيلِ سراجٌ، دمعةٌ، وإذا = طارَ الغمامُ، وصدرُ الماءِ مُنْجَفِلُ
أرعى منازلَكمْ في وجهتي، وأنا = أغالبُ الليلَ، مهما اجتاحني الشّغُلُ
بيني وبينكَ ما لا عينُ نازلةٍ = تُصيبُ من ثِقْلِها ما تحتوي السُّبلُ
بيني وبينكَ أرضٌ في صحائفها = حرفٌ تقاطع مع أسرارهِ الرُّسلُ
وقوستْهُ ضلوعُ الهجرِ يا رئةً = يخفى لظاها إذا ما شابها الخجلُ
أنتَ انتسابي هنا في تربةٍ جُبلتْ = أغصانُها من دم، طاووسُها الجُملُ
لا ريحَ تحجُبُ عنّي شمسَ رآيتكم = ولا سهولُ، ولا أطيانُ، لا طللُ
ولا أرائي إذا ما جئتُ ملتفتاً = نحو اصطلائي بجمرٍ بات يشتعلُ
فأنتَ والعمرُ تفّاحٌ سما وعلا = إلى جيوب الندى يا أيّها البطلُ
فكلُّ شبرٍ هنا في أرض مولدكم = لهُ من الحبِّ قلبي عارِضٌ هطِلُ
بيني وبينكَ قالتْ جدّتي ومضتْ = إيقاعُ نفْسٍ طفى في سعيهِ زُحلُ
اثنان نحنُ، وفي جنينَ رقصتنا = شاعتْ، فأرقمَ خصري بعدها الجللُ
لو لم تكنْ من دمي سَرْحاً لذاكرةٍ = لاخترتُ من شعرك الرّيانِ ما أصِلُ
بهِ نواة وجودي في الدنا، فلنا = في كلّ ذاكرةٍ ما تشتهي الدّولُ
الريحُ في مهجة الأقدارِ واقفةٌ = ترعى خِياريَ إذ يسعى هنا البَللُ
ما كنتُ أشطحُ إلا في هوى لغةٍ = عن طينةِ الحربِ تنمو ثمّ تعتدلُ
ولا أراها هنا في غيرِ مسألةٍ = فيها من الموتِ ما يطفو ويشتعلُ
فارفقْ بحالكَ حالي، لا غبارَ هنا = واعذرْ أخي، قد ثوى في ملمحي الزّجلُ
يكفي وجودُكَ في أطيانِ قِبلتنا = يكفي فقد آيسَ الأعذارَ من عَذَلوا
بيني وبينكَ لا عذرٌ، ففي دمنا = حرفُ البيانِ طغى، والكلُّ قد عَقِلوا
المفضلات