آخـــر الـــمـــشـــاركــــات

+ الرد على الموضوع
النتائج 1 إلى 2 من 2

الموضوع: الحكمة عند المتنبي

  1. #1
    عـضــو الصورة الرمزية Saber Mahmoud
    تاريخ التسجيل
    28/09/2006
    المشاركات
    52
    معدل تقييم المستوى
    18

    افتراضي الحكمة عند المتنبي

    الحكمة عند المتنبي

    يعد المتنبي واحدا من أهم شعراء العربية الذين تطرقت أشعارهم إلي أغراض أخري منها الحكمة، لذا رأيت أن أضع هنا بين أيديكم بعضا من أشعاره التي درسنا إياها الدكتور/ مصطفي أبو العلا (جامعة المنيا – مصر)

    دارت الحكمة عند المتنبي حول عديد من قضايا الحياة التي يحياها، فتناولت الأخلاق والمجتمع وعكست ما عنده من الطموح والإخفاق والتشاؤم، وترجمت عن نظرته للدين والدنيا، والجمال والقبح، والمال...الخ. ولا يعني هذا التبويب للمعاني التي عالجتها الحكمة عند المتنبي أن كل حكمة تندرج تحت باب معين من هذه الأبواب وحسب، بل تجد كثيرا من هذه الحكم من الممكن أن تندرج تحت أكثر من باب. كما ينبغي مراعاة أن الشاعر يأتي بالحكمة في سياق قصيدة لها ظروفها وله هو ظروفه. أيضا، فقد تحمل حكمته معني غير مباشر يقصده الشاعر، هذا لو نظرنا للحكمة علي أنها جزء حي ومتفاعل مع كل – هو القصيدة جميعها – والتي صدرت عن عقل وقلب شاعر له حياته ونظرته للحياة، وله فلسفته الخاصة للكون.

    ولعل الحكمة عند المتنبي اتجهت إلي ثلاث مناح رئيسية:
    الأول: وهو يصور إلي حد كبير شخصيته.

    فهو طموح النفس، يدعو إلي الإقدام والإقلاع عما يسبب التخلف حتى ولو كان السبب في ذلك هو الشعر هوايته وحرفته معا:

    إلي كم ذا التخلف والتواني
    وكم هذا التمادي في التمادي

    وشغل النفس عن طلب المعالي
    ببيع الشعر في سوق الكساد

    وإذا لم يكن من الموت بد، وأن طعمه واحد في كل الأحوال، وبمختلف الأسباب، فليمت الإنسان بسبب مطلب عظيم وهدف أسمي عبر عن ذلك بالحكمة التالية:

    فطعم الموت في أمر صغير
    كطعم الموت في أمر عظيم

    وهو يري أن لا جدوى من السعي وانتظار تحقيق الأماني، فقد تأتي الأقدار بما لا يرضي:

    ما كل ما يتمني المرء يدركه
    تجري الرياح بما لا تشتهي السفن

    أما ما يخص جانب القوة فيقول مستصغرا الجبناء:

    وإذا لم يكن من الموت بد
    فمن العجز أن تكون جبانا

    وهو يشجع على الفروسية في قوله:

    أعز مكان في الدُنَي سَرج سابح
    وخير جليس في الزمان كتاب

    ولم تكن القوة عند المتنبي هي القوة المادية فقط. ولكن القوة تكمن في العقل قبل الجسم يبين ذلك في قوله:

    الرأي قبل شجاعة الشجعان
    هي أول وهي المحل الثاني

    فإذا هما اجتمعا لنفس مرة
    بلغت من العلياء كل مكان

    ويقول أيضا:

    ولربما طعن الفتي أقرانه
    بالرأي قبل تطاعن الأقران

    وتكشف نظرته للمال عن نفسه، فالمال عنده مطية المجد والعزة فهو لا يحبه لذاته لكن – فقط – ليصل به إلي ما يصبو إليه:

    وما رغبتي في عسجد أستفيده
    ولكنها في مفخر أستجده

    ويقول:

    ومن ينفق الساعات في جمع ماله
    مخافة فقر فالذي فعل الفقر

    أما عن نظرته للجمال والقبح فهي تتفق مع ذاته التي لا تخدعها المظاهر الكاذبة، فليس الجمال عنده جمال المظهر، بل جمال الجوهر فيقول:

    وما الحسن في وجه الفتي شرفا له
    إذا لم يكن في فعله والخلائق

    ويقول أيضا:

    وما كل وجه أبيض بمبارك
    ولا كل جفن ضيق بنجيب

    وللعقل عند المتنبي وفي شعره أهمية عظمي، فالخسارة في الجسد هينة ما دامت العقول سليمة:

    يهون علينا أن تصاب جسومنا
    وتسلم أعراض لنا وعقول

    ويمتد اهتمامه لأكثر من ذلك، حتى العواطف ينبغي أن تعتمد علي العقل، فإذا دخل العقل في الحب صلح، ويفسد الحب بدون العقل، فلا غني للقلب عن العقل:

    فإن قليل الحب بالعقل صالحُ
    وإن كثير الحب بالجهل فاسدُ

    أما المحور الثاني: فقد تناول فيه المجتمع، يشير إلى ما استشري فيه من فساد ناقدا أهله وتصرفاتهم، جاعلا من نفسه لهم وفيهم حكما وحكيمًا، كاشفا ومحللا لنفوسهم.

    وما كل معذور ببخل
    ولا كل على بخل يلام

    ومنهم المخادع الذي يقدم ويبذل لا سخاء بل لمنفعة ينتظرها:

    ومن يظن نثر الحب جودا
    وينصب لما نثر الشباكا

    ولما أدرك أن طبائع الناس هكذا وأن معظمهم ليس أهلا للثقة، خامره الشك في نواياهم:

    فلما صار ود الناس خِبًا
    جزيت علي ابتسام بابتسام

    وصرت أشك فيمن أصطفيه
    لعلمي انه بعض الأنام

    فهو يخشى منهم، ويشك في نواياهم، فلا يصرح حتى بشكواه اتقاء لشماتتهم وغدرهم:

    ولا تشك إلي خلق فتشمته
    شكوى الجريح إلي الغربان والرَّخَم

    وكن على حذر للناس تستره
    ولا يغرك منهم ثغر مبتسم

    وقلما يجد من يعترف بالفضل ويحفظ الجميل:

    وما قتل الأحرار كالعفو عنهم
    ومن لك بالحر الذي يحفظ اليدا

    إذا أنت أكرمت الكريم ملكته
    وإن أنت أكرمت اللئيم تمردا

    ويترك المكان الذي يفتقد فيه الولاء والصدق:

    إذا صديق نكرت جانبه
    لم تعيني في فراقه الحيل

    في سعة الخافقين مضطرب
    وفي بلاد من أختها بدل

    ويقول شاعرا بالاغتراب:

    شر البلاد مكان لا صديق به
    وشر ما يكسب الإنسان ما يصم

    أما المحور الثالث الذي دارت حوله حكم المتنبي هو (قضية الحياة والموت)

    يقول:

    نبكي علي الدنيا وما من معشر
    جمعتهم الدنيا فلم يتفرقوا

    والخلود محال أما المؤكد من الأمور، زوال الدنيا وفناء الأحبة:

    وما أحد يخلد في البرايا
    بل الدنيا تؤول إلى زوال

    ولا مفر من ضجعة الموت:

    لابد للإنسان من ضجعة
    لا تقلب المضجع عن جنبه

    والموت سارق لا نستطيع إدراكه، أو الإمساك به، فلا يري ولا يسمع من ثم كانت رهبته وفزعه:

    وما الموت إلا سارق دق شخصه
    يصول بلا كف ويسعى بلا رجل

    وبناء علي ما تقدم فهو يذعن للموت مستسلما عاجزا؛ لأن رفض الموت مناف للطبيعة:

    نحن بنو الموتي فما بالنا
    نعاف ما بد من شربه

    والموت مصير جميع البشر، الرفيع والوضيع، المسالم والمحارب، نهاية واحدة وإن اختلفت المنازل في الدنيا:

    يموت راعي الضأن في جهله
    موتة جالينوس في طبــــه

    وغاية المفرط في سلمه
    كغاية المفرط في حربه

    دمتم بالخير وكل عام أنتم بخير!

    صابر محمــود عبد المنطلب

  2. #2
    أستاذ بارز الصورة الرمزية بلقاسم مكريني
    تاريخ التسجيل
    06/07/2007
    المشاركات
    433
    معدل تقييم المستوى
    17

    افتراضي رد: الحكمة عند المتنبي

    الأخ الفاضل صابر محمود
    مجهود يستحق الشكر على كل حال...
    كان بإمكانكم تقديم تحليل أكثر عمقا لحكم أبي الطيب وفلسفته..
    مع تحياتي


+ الرد على الموضوع

الأعضاء الذين شاهدوا هذا الموضوع : 0

You do not have permission to view the list of names.

لا يوجد أعضاء لوضعهم في القائمة في هذا الوقت.

المفضلات

المفضلات

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •