... سلسة كتاباتي ...
كتاباتي المطبوعة
كتاب الطريقة القندرجية في المقام العراقي واتباعها
دراسة تحليلية فنية نقدية لاحدى طرق الغناء المقامي البارزة في القرن العشرين
تاليف حسين اسماعيل الاعظمي / بغداد 2002
الصادر عن المؤسسة العربية للدراسات والنشر / بيروت شباط February 2007
الحلقة (8)

الباب الثاني
الباب الثاني/ الفصل الاول
- رشيد القندرجي
رشيــد القـــندرجي
- اتباع رشيد القندرجي
- جذور الطريقة القندرجية
- بعض مزايا رشيد وطريقته
- التسجيلات الصوتية لرشيد القندرجي
- وصف موجز لبعض مقامات القندرجي
-
التسجيـــلات الصوتية لرشيد القندرجي
كان من الممكن الاستفادة بصورة كبيرة من تسجيلات رشيد القندرجي الصوتية التي غنَّى فيها الكثير من المقامات العراقية من الناحية الجمالية التي اضفى عليها القندرجي ذوقا رفيعا في صياغتها ، إلا أن هذه التسجيلات كما مرَّ بنا , كانت قد سجلت في فترة كان رشيد على غير ما يرام .. ان موضوعاتها الجمالية والذوقية عموما غير معقدة حتى تتكشف وتتضح من خلال الاسلوب والتركيب واداء الاصول التـــقليدية المتبعة توارثا ، ومن ثم انماء العمل الادائي كعمل فني موحد .. فرشيد يمتلك القدرة على تهيئة صوته لغناء اصعب المقامات مثل قدرته على عرضها ، وهكذا نستمع الى مقاماته بشغف لأنها تجسيدا لحبكة ادائية ناجحة جمع فيها القندرجي كل مواد عمله وصياغتها بصورة فنية مثيرة ولنستمع اليه في مقام العجم عشيران بقصيدة أبي نؤاس ..

دع عنك لومي فإن اللوم اغـــــراء
وداوني بالتي كانت هي الـــــداء
صفراء لاتنزل الاحزان ساحتهـــــا
ان مسَّها حجر مـــسته ضــــراء
قامت بابريقها والليل معتـــــــكر
فلاح من وجهها في البيــــت لألاء
فارسلت من فم الابريق صـــافيـــة
كأنما اخذها في العــــــين اغفاء
فلو مزجت بها نورا لمـــازجـــها
حتى تولّد انوار واضــــــــواء
دارت على فتية دار الزمان بــــهم
فما نصيــــــــبهم إلا بما شاؤوا

ورغم ان حالة الغموض في بعض تسجيلاته موجودة لاسباب سبق ان تحدثنا عنها ، إلا أننا ندرك بأن هناك صورا محسوسة استطاع القندرجي ان يعبِّر عنها كمطرب معاصر لحقبته الزمنية .. ومثال على ذلك مقام الابراهيمي ومقام النوى ومقامي العريبــون ومقام السيكاه .. الخ هذه المقامات التي توصف بالقوة في هذه النواحي .. ان نجاح هذه المقامات المسجلة بصوت رشيد القندرجي تبدو اول كل شيء في صياغتها الاحترافية المتناهية الدقة في ضبط اصول هذه المقامات في عناصرها التقليدية ..
ان المقامات التي يغنيها رشيد القندرجي والاسلوب الذي يعبِّر به ، فيه الكثير من الاشارة الى المسؤولية التي تحملها رشيد القندرجي في توصيل هذا التراث الغناسيقي العريق الى اللاحقين ، فهذا التراث قبل كل شيء ، حصيلة محيط بيئي .. وتاريخ شعب باكمله .. كذلك فإن نتاج فنان فرد كرشيد القندرجي او غيره مهما كانت قيمة هذا النتاج الفني ، ليس الى درجة كبيرة ناتجا عن امكانية ذلك الفنان الفرد او ثقافته بمقدار ما هو ناتج عن امكانية وثقافة المجتمع ككل ، لأن الفرد نتاج المجتمع ، وهو جزء منه ويعبِّر عنه ، فالنتاجات الفنية عموما وخاصة التراثية منها ، باعتبارها تعبير حقيقي عن المجموع ، او أي جانب آخر في الحياة ، هي اشبه بتقرير يكشف عن امكانيات المجتمع من شتى هذه المجالات ومنها الموسيقى والغناء .. ان اهمية مثل هذا القول بالنسبة لنا ، هو ان رشيد القندرجي كان يرى الحياة بسيطة جدا كما يبدو .. لذلك فإنه طبعا ، يرى قلَّة الحاجة الى الابداعات الفنية التي يمكن الافادة منها كثقافة جديدة من خارج حدود الوطن ، وظل معتمدا في ابداعاته الادائية على الخزائن اللحنية الموجودة في كيان المقام العراقي عبر تاريخه الطويل ، والامر يبقى شبه طبيعي ، لكون تطور اجهزة الاتصال والنشر والحفظ لازالت في بداياتها زمنذاك ، فعموم البيئات شبه مغلقة على نفسها وداخل محيطها ، ترافقها ثقافة تماثلها .. لذا فإن اساليب وتعابير رشيد القندرجي كانت بمعنى حقيقي جدا ..
فاستمع عزيزي القارئ الى هذه القــصيدة التي غناها القندرجي بمقام الطاهر لأبي فراس الحمداني ..

اراك عصي الدمع شيمتك الصــــبر
اما للهوى نهي عليـــك ولا امر
بلا انا مشتاق وعندي لوعـــــــة
ولكن مثلي لا يـــذاع له سر
اذا الليل اضناني بسطت يد الــــهوى
واذللت دمعا من خلائــــقه الكبر
تكاد تضيء النار بين جوانــــحي
اذا هي اذكتها الصــــبابة والفكر
معللتي بالوصل والموت دونــــه
اذا مت ظمــــآنا فلا نزل القطر
وحاربت اهلي في هواك وانـــــهم
واياي لولا حـــــبك الماء والخمر
تسألني من انت وهي عليـــــمة
بحالي وبالمــــقدور لي عندها خبر
فقلت كما شاءت وشاء لها الهـــــوى
محبك قالت ايهم فهــــــــم كثر
فقالت لقد ازرى بك الدهر بعــــدنا
فقلت مـــــعاذ الله بل انت لا الدهر

صورة /فنانة القرن العشرين مائدة نزهت صورة /عازف الطبلة الشهير سامي عبد الاحد
صورة /الثنائي الشهير الرائد لفرقة الجالغي البغدادي الحاج هاشم الرجب وشعوبي ابراهيم

تمتع رشيد القندرجي كما تمتع احمد الزيدان من قبل , بفترة نجاح محترمة منذ السنوات الاولى لهذا القرن ، باعتباره رمز عصرها ، مما ساعد ذلك على ارساء دعائم روح جديدة وديناميكية منوعة للطرق القديمة التي جسدها في غنائه بصورة جديدة .. وقد مهَّدَ ذلك السبيل ايضا لنجاحات طيبة لمغنين ذوي مواهب صوتية ساروا على طريقتة التي صاغها بدقة ورسوخ تفوق فيها فنيا على مغني عصره ، مما لا ريب فيه ان هذا المستوى الغنائي ، هو الذي اوصله كمغني للمقامات الى قمة العطاء والنجاح ..
وصف موجز لبعض مقامات القندرجي
ان مقام السيكاه المؤدى من قبل رشيد القندرجي ، وهو من المقامات الرئيسة ، يعد من افضل مقاماته المغناة بصوته ، وهو بحق من اكثرها شهرة ، لأن غناءه في هذا المقام نجح كما لم تنجح اغلبية مقاماته في الوصول الى هذا المستوى من الخبرة الغنائية ، ولنستمع الى هذا المقام بقصيدة ابي نؤاس ..

نَضتْ عنها القميص لصبِّ ماءٍ
فورَّدَ خدَّها فرطُ الحياءِ
وقابلت الهوا ء وقد تعرَّتْ
بمعتدلٍ ارقُّ من الهواء
ومدَّتْ راحة كالماء منها
الى ماءٍ معد ٍّ في اناء
ولما ان قضت وطرا وهمَّتْ
على عجلٍ لتأخذ بالرداء
رأت شخص الرقيب على التداني
فأسبلتْ الظلا م على الضياء
وغاب الصبح منها تحت ليلٍ
وظلَّ الماء يجري فوق ماء
فسبحان الاله وقد براها
كأحسن ما تكون من النساء

في هذا الوصف والتعبير الموجز لرشيد القندرجي في محاولة تجسيد احداث المضمون التعبيري للمقام ، تصبح فيه الانفعالات الحسية امرا واقعا واكثر وضوحا ، اذ فرض ذلك القندرجي من خلال اسلوبه المعبِّر في رسم الحدث ، لأن ما يجعل هذا المقام على هذا القدر من التأثير هو سيطرة رشيد القندرجي على طرح فكرة العمل ككل وبصورة مقنعة ...
وهناك اثار لاسلوب رشيد القندرجي المميز في الوصف الدقيق للظروف الجمالية ومحيط الحياة التي كانت سائدة زمنذاك في مقام النوى الذي غناه بهذه القصيدة لعبد الله ابن المعتز ..

ومقرطق يسعى الى الندماء
بعقيقــــة في درة بيضـــاء
والبدر في افق السماء كدرْهمٍ
ملقىً على ديباجةٍ زرقاء
كم ليلة قد سرَّني بمبيته
عندي بلا خوف من الرقباء
ومهفهف عقدَ الشرابُ لسانهُ
وحديثه بالرَّمز والايماء
حركته بيدي فقلت له انتبه
يا فرحة الخلطاء بالندماء
فأجابني والشكر يخفض صوته
بتلجلج كتلجلج الفأفاء
اني لافهم ما تقول وانما
غلبت عليَّ سلافة الصهباء
دعني افيق من الخمار الى غد
وافعل بعبدك ما تشا مولائي

صورة /مطرب المقام العراقي يونس يوسف صورة /العازف والمطرب الكردي عيسى برواري

في هذا المقام تحكُّمٌ من قبل رشيد القندرجي تتوضح فيه استاذيته وتفسيره الجمالي مما يحويه من تنويعات غنائية مثيرة لوجهة النظر المعبرة عن احاسيس رومانسية يمتاز بها هذا المقام بالذات .. وكذلك الامر بالنسبة الى مقام المنصوري الذي يغنيه بقصيدة الشاعر كاظم الازري ..

أي عذر لمن رآك ولامــــا
عميت عنك عينه ام تعامى
اوَ لم ينظر اللواحظ تهدي
سقما و الشفاه تشفي السقاما
او يرى ذلك القوام المفدى
خيزرانا يقل بدرا تماما
لاهنيئا و لا مريئا لقوم
شربوا من سوى لماك المداما
اتراهم توهموها عصيرا
من محياك حين شبت ضراما
ما لمن يترك السلافة في فيك
حلالا و يستحل الحراما
ان للناس حول خديل حوما
كالفراش الذي على النار حاما

أي و عينيك ما المدام مدام
يوم تجفو و لا الندامى ندامى
ايها الريم ما ذكرتك الا
واحتقرت الاقمار و الاراما
بابي انت من خليل ملول
لم يدم عهده اذا الظل داما
لك خد ومبسم علم الور د
ابتهاجا و الاقحوان ابتساما
ليس من يشرب المدامة احيانا
كمن يشرب المدام دواما
كلما رمت ان ابثك شكوا ي
تلجلجت هيبة و احتراما

وهناك مقام منصوري آخر يغنيه بقصيدة الشاعر ابي نؤاس ..
(الا فاسقني خمرا وقل لي هي الخمر ...............................)
اضافة الى ان هناك أعمال مقامية أخرى للقندرجي يعكس فيها أيقاع الحياة التي عاشها , وخيالا جيدا للصور التقليدية الشعبية واليك عزيزي القارئ بعض القصائد التي غناها القندرجي في مقاماته ففي مقام الحجاز ديوان غنى هذه القصيدة الصوفية لشاعر الصوفيين عمر أبن الفــارض .

صورة/ قديمة لجوق الجالغي البغدادي يظهر في وسطها رشيد القندرجي وبجانبه من اليمين جلال الحنفي وعن يساره عباس كمبير الشيخلي في السنوات الاولى للقرن العشرين ..

خفف السير وأتئد ياحــــــادي
أنما أنت سائق بفـــؤادي
ما ترى العيش بين شوق وتوق
لربيع الربوع غرني صوادي
لم تفق لها المهامة جسما
غير جلد على عظام بوادي
وتحققت أخفافها فهي تمشي
من جواها في مثل جمر الرماد
وبراها البين فحل براها
خلها ترتوي ثماد الوهاد
شفها الوجدان عدمت رواها
فاسقاها الوحد من جفار المهاد
وأستبقاها وأستبقها فهي مما
تترامى به الى خير واد
وتلطف وأذكر لهم بعض مابي
من غرامي ما أن له من نفاد
يا أخلاي هل يعود التداني
منكم بالحمى يعود رقاد
ما أحد الفراق ياجيرة الحي
وحلى التلافي يعد أنظراي
كيف يلتذ في الحياة معنى
بين أخاه كورى زشاد
عمره وأصطياره في أنتحاقت
وجواه ووجده في أزدياد
فغرامي القديم غرامي
وودادي كما عهدتهم وادي
والقلب يظمأ مراشف ثغره
ظمأ السكارى لانيه المنقود
ليت الذي منع التدائي بيننا
وقضى علي بوحشة التبعيد
بلوى فيسعفنني الخطى
ويفلك من أسر الفراق قيدوني

وفي مقام الأوج غنى هذه القصيدة ..

بها غير معذور فداو خمــــــارها
وصل بعشيات الغبوق أبتكارها
فقم أنت وأحس كاسها غير صاغر
ولاتشق الا خمرها وعقارها
فقام يكاد الكاس تحرق كفه
من الشمس أم من وجنتيه أستعارها
ظللنا بايد ينا نتعتع روحها
فتأخذ من أقدامنا الراح ثارها
موردة من كف ظبي كانما
تناولها من خده فادارها

ثم مقام دشت العرب بقصيدة هذا مطلعها..

(تركت حبيب القلب لاعن ملا لة لكن جنى ذ نب يؤول الى الترك)

وفي مقام الصبا يغني قصيدة عنتر بن شداد ..

الا ياحمامات اللوى عدن عــــــودة
اني الى أصواتكم حزين
فعدن ولما عدن كدن يمتنني
وكدت باسراري لهن ابين
فلم تر عيني مثلهن حمائما
بكين ولم تدمع لهن عيون

وله مقام صبا أخر يغني فيه قصيدة تبدأ بهذا الصدر من مطلع القصيدة..

( هذا الصبوح وسار ع بالاخلة --------....................)

صورة / قديمة اخرى من بدايات القرن العشرين يظهر فيها من اليمين رشيد القندرجي جالسا مع فرقة الجالغي البغدادي..

وبهذه النتاجات الغنائية للمقامات العراقية لرشيد القندرجي وغيرها , والحقائق التي أمتازت بها تكون أقرب الى قمة الاعمال المقامية التي أنجزت في غناء المقامات العراقية على مدى العصور ..
**************************
القصيـدة الرصافــــــــية
القصيدة التي فتن بها علي ابن الجهم الادباء بمطلعها وبنسج القصص حولها , وعدد ابياتها ثلاثة واربعون بيتا على وفق ترتيب خليل مردم , وقد شرح ديوان ابن الجهم وطبعه وقدم له , جمعها من مصادر شتى , ووردت متفرقة في كتب الادب , واهم مصادرها .. حماسة ابن الشجري , ومرآة الزمان لسبط ابن الجوزي , وعيون التواريخ لابن شاكر , والكشكول للبهاء العاملي الذي اورد منها 24 بيتا , ومن الطف ما نسج حولها من القصص ما حكاه ابن الجوزي في كتاب الاذكياء , قال .. قعد رجل على جسر بغداد , فاقبلت امراة بارعة الجمال من جهة الرصافة الى الجانب الغربي , فاستقبلها شاب , فقال لها .. رحم الله علي ابن الجهم , فقالت .. رحم الله ابا العلاء المعري .. وما وقفا بل سارا , قال الرجل فتبعت المراة , فقلت لها .. والله الا ما قلت ما اراد بابن الجهم , فضحكت وقالت .. اراد به ..

عيون المها بين الرصــــــافة والجسر جلبن الهوى من حيث ادري ولا ادري
واردت انا بابي العلاء قوله ..

فيا دارها بالخـــــــــــيف ان مزارها قريب , ولكــــــــــــن دون ذلك اهوال

***********************

القصيدة الرصافية

عيون المها بين الرصافــــــــــــــــــــــة والجسر
جلبن الهوى من حيـــــــــــث ادري ولا ادري
أعـَدْنَ ليَ الشوقَ القـــــــــــــــــــــــديمَ , ولم اكن
سلوت , ولكن زدن جمـــــــــــــــرا على جمر
سلِمْن َواسْـلـَمن القلـــــــــــــــــــــــــــوبَ , كانما
تـُشـَكّ ُباطراف الـــمُـثــَقـَّـــــــــــــــفةِ السُّمر
وقلن لنا , نحن الاهـــــــِــــــــــــــلـــَّة ُ, انما
تضيء لمن يسري بليـــــــــــــــــل ولا تغري
فلا بذل الا ما تزوَّد ناظـــــــــــــــــــــــــــــــــر
ولا وصل الا بالخـــــــــــــــــــيال الذي يسري
أزَحـْن رسيس القلب عن مُستــــــــــــــــــــــقرِّه
وألهبن ما بين الجــــــــــــــــــــــوانح والصدر
فلو قبل ان يبــــــــــــــــــــــــدو المشيب بدأنني
بيأس مبين او جنحــــــــــــــــــــــن الى الغدر
ولكنه اودى الشبــــــــــــــــــــــــــــــاب , وانما
تصاد المها بين الشبيـــــــــــــــــــــــبة والوفر
أما ومشيـــــــــــبٍ راعهــــُـــــــــــــــــن َّ لربـَّما
غمزن بنانا بين سَحــــــــْـــــــــــــر ٍالى نحر
وبتنا على رغم الوشــــــــــــــــــــــــــــــاة كأننا
خليطـــــــــــــــــــان من ماء الغمامة والخمر
فان حـُلـْن َاو انكرْنَ عهــــــــــــــــــــــــدا عهدته
فغيـــــــر بديع للغــــــــــــــــواني ولا نكري
خليلي , ما احــــــــــلى الهــــــــــــــــوى وامرَّه
واعلمني بالحـــــــــــــــــــــــلو منه وبالمر!
كفى بالهوى شغلا , وبالشيــــــــــــــــب زاجرا
لو ان الهــــــــــــــوى مما يـُنـَهـْنـَه ُبالزجر
بما بيننــــــــــــــــــــــــــا من حرمة , هل رايتما
ارقَّ من الشكــــــــــــــوى واقسى من الهجر؟
وافصح من عين المحــــــــــــــــــــــــــب لسره
ولا سيما ان اطلــــــــــــــقت عبرة تجري ؟
وما أنسَ مِلأشياء**لا أنس قـــــــــــــــــــولـَها
لجارتها , ما اولـــــــــــــــــــــع الحب َّبالـُحرِّ!
فقالت لها الاخرى , فما لصديقـــــــــــــــــــــــنا
مـُعــَنّـًى؟ وهل في قتلــــــــــــــه لك من عذر؟
صِلـِيه , لعل الوصل يحييــــــــــــــــــه, واعلمي
بان اسير الحب في اعـــــــــــــــــــظم الاسر
فقالت , اذود النــــــــــــــــــــــــاس عنه , وقلــَّما
يطيب الهـــــــــــــــــــــــوى إلا لمنهتك الستر
وايقنتا ان قـــــــــــــــــــــــــــــد سمعت , فقالتا ,
من الطـــــــــارق المصغي الينا وما ندري ؟
فقلت , فتىً ان شئتمــــــــــــــــــــــا كتم الهوى
والا فخَــــّلاع الاعــــــــــــــــنــــَّة والعذر
على انه يشـــــــكو ظلـــــــــــــــــــــوما وبخلها
عليه بتســــــــــــــــــــــــــليم البشاشة والبشر
فقالت , هـُجِــينا , قلت , قـــــــــــــد كان بعض ما
ذكرت , لعل الشــــــــــــــــــــــرَّ يـُدفع بالشرِّ
فقالت , كأني بالقـــــــــــــــــــــــــــوافي سوائرا
يـَرِدْن َبنا مصراً, ويـُصْدِرْنَ عن مـــــــصر
فقلت , أسأت الظنَّ بي , لست شاعــــــــــــــــــرا
وان كان احيــــــــــــــانا يجيش به صدري!
فما كل من قاد الجياد يســــــــــــــــــــــــــوســُها
ولا كل من أجرى يقـــــــــــــال له , مـُجـْري
صلي واسألي من شئت يخــْـــــــــــــــــبرْكِ أنـَّني
على كل حال نِعمَ مُسْـــــــــــــــتــَودَعُ السر
وما انا ممن سار بالشـــــــــــــــــــــــــــــعر ذكره
ولكن اشعاري يسيـــــــــــــــــــــرها ذكري
وللشعر اتبـــــــــــــــــــــــــــــــاع كثير , ولم اكن
له تابعـــــــــــــــــــا في حال عسر ولا يسر
وما الشعر مما أستـــــــــــــــــــــــــــــــظلُّ بظله
ولا زادني قــــــــــــــدرا ولا حـَط َّمن قدري

وبقية القصيدة ثلاثة عشر بيتا في مدح الخليفة ,

هامش
**ملأشياء.. من الاشياء , لغة لاحدى القبائل ..
من (كتاب , بغداد في الشعر العربي , تصنيف جمال الدين الالوسي , مط المجمع العلمي العراقي , 1407هج1987م , ص49 و 50 و 51 و 52 )





*****************