Warning: preg_replace(): The /e modifier is deprecated, use preg_replace_callback instead in ..../includes/class_bbcode.php on line 2958
أحلام فقيرة

آخـــر الـــمـــشـــاركــــات

+ الرد على الموضوع
النتائج 1 إلى 5 من 5

الموضوع: أحلام فقيرة

  1. #1
    أستاذ بارز الصورة الرمزية م . رفعت زيتون
    تاريخ التسجيل
    18/07/2007
    المشاركات
    2,595
    معدل تقييم المستوى
    19

    افتراضي أحلام فقيرة

    أحلام فقيره

    كعادته كل صباح يصحو أبو أحمد على مزيج من الأصوات القادمه من بعيد وقريب , صوت العربات
    في الشارع المحاذي حيث بقع الماء منتشرة في كل مكان وأبواق السيارات وكلها مما جادت به عليه الدنيا
    وزوجته وهي تصرخ على أولادها بصوت كالسياط للذهاب الى مدارسهم وهم صم ّ بكم ٌ فتأتي أم أحمد
    وقد أشاحت بوجهها وتأبطت كل الشرور .تأتي وقد إختلط صوتها بصوت كل تلك الأصوات .ومن
    نكد الدنيا عليه أن وهبه الله زوجة زائغة عن الطاعه ,ولا تراعي فيه إلا ًولا ذمه ,دائمة التذمر
    .ولا يُذهبْ كثير ُ صراخها غوائلَ صدرها
    تأخذ أم أحمد برأس زوجها وتقول قم يا رجل إنهض فلقد تأخرت على عملك وأولادك لم يـُبقوا على شيئ
    من عقلي ...., لماذا لا تفعل شيئا ً أم أنهم أولادي وحدي ....لقد مللت هذه الحياه
    .فلم أذق الراحة والهناء من يوم تزوجتك
    هذه معزوفة ام أحمد الصباحيه بصوتها وعزفها غير المنفرد فأوركسترا الشارع والسيارات والباعه تصحبها
    ليصنعوا معا ً سيمفونية الشقاء الصباحيه التي ما كانت إلا لتزيد معاناة أبي أحمد الذي تكسرت عظامه من
    هذا الفراش الذي إلتصق بالأرض لطول خدمته تحته , فلا يملك أبو أحمد سريرا إلا في احلامه الكثيره
    والتي أصبحت مصيبته وربما كانت هذه الأحلام سرّ بقائه على وجه الأرض الى هذه اللحظه . فهو يعيش
    هذه الاحلام ليل نهار ولا يتخللها ليلاً إلا صوت شخير زوجته التي أصبحت بحجم أربعة نسوة . وقد يصحو
    .من احلامه على ضربة من يدها أو رجلها وهي تتقلب فيتصدى لها هو بجسمه النحيل الذي تضاءل مع الايام
    يصحو أبو أحمد كل يوم على أمل أنه يصحو من رقود أهل القبور بعد الموت ... فكم تمنى كل ليلة أن
    تكون هذه آخر لياليه وكم تمنى أنه يصحو ذات يوم فيقولوا له أنه بُعِث َ من في القبور وأن القيامة قد قامت
    وأنه سيذهب الى ما وعد الله عباده البائسين الصابرين في الآخره ,وكم مرة مرّ على القبور فتمنى أنه لو كان
    مكان من فيها لأنه رجل قد أدبر عنه الخير وإستقبله البلاء ,فسقمـُهُ لا يبرأ وجرحه لا يندمل ْوقد أصاب القحط
    حياته فلازمه كظله وهو رجل صاحب قناعه , يتلطف إذا سأل ويعمل لا يعرف كللا ً أو ملل . وكان الموت
    احد احلامه وأمنياته ولكنه يصحو
    على شيئ آخر , يصحو على عالمه الذي يتجرع مرارته كل يوم ويشرب حسرته كل لحظه , عالمه الذي
    إنغمس فيه بكل هم وغم وكمد فأصبـح كل أولئك جزءا ً من حياته .يصحو المسكين ليجد زوجته فوق رأسه
    وفي يدها مكنسة وبعض شعرها قد ارتفع مع ارتفاع أحد حاجبيها وأبى العودة الى مكانه وجسمها يهتز مثل
    حمر ٍ مستنفره فرّت من قسوره ,تصيـحُ أم أحمد متذمرة ً منه ومن عيشته التي باتت لا تـُحتمل مـُتذكرة ً أيامها
    عند أبيها واهلها .وأبو أحمد لا ينبس ُ ببنت ِ شفه ولا يتفوه بكلمه وكأنه وقع على رأسه الطير فلقد قطعت
    زوجته كل قول , ويصمت المسكين وهو ما زال في فراشه مذهولا ومحدقا بها ويذهب في حلم آخر
    من أحلامه ولكنه الآن حلم يقظه حيث أخذه ذهنه الى البعيد وأعاده عشرين عاما وهو ينظر الى زوجته
    حيث تذكر وجه جارته الحسناء التي هام بها حبا آنذاك والتي كان صوتها كالعندليب عند شقشقة الصباح
    وكان وجهها كالقمر ليلا ً وكانت جارته تمسك في يدها ورده كان قد اهداها إياها ذات مساء , كل ذلك
    وهو ما زال محدقا ً في وجه زوجته وهو لا يدري كيف ذهب خياله الى هذه المقارنه العجيبه بين زوجته
    وصوتها وشعرها ومكنستها وبين جارته وصوتها ووجهها ووردتها , ولكنه هكذا ثمل بالأحلام غارق بها
    حتى انه عندما يحلم يصاب بالصمم والعمى فيدخل في عالم ٍ آخر لا يدخله غيره ويعيش به برهة من
    الوقت الى أن يأتي من يعيده الى واقعه والى حياته وقرفه وشؤمه .وقد إعتاد على تجنب الرد على زوجته
    لأنه علمته التجارب أن يأنف من جهل ٍ لا يسعـُه حلمه وذنب ٍ لا يسعه عفوه وطبعا هذا رغما عنه ,
    يسمع صوتها ثانية بعد سلسلة من الهزات البدنيه وهي تقول ما بالك وماذا دهاك يا رجل ألا تسمعني
    فيـُتمتم أبو أحمد بكلمات ٍ هي أشبه الشتيمه والسباب منها الى شيئ آخر ويصمت مرة أخرى
    لأنه تعلم أيضا رغما عنه أن صمتا ً يسلمُ به خير من نطق ٍ يندمُ عليه ويقوم من فوره متجها الى الحمام
    ليجد نفسه وراء طابور من المنتظرين فيقف خلفهم منتظرا ً ,وايضا يغرق مرة اخرى في احلامه فيجد نفسه
    يدخل الى ذلك البيت المنيف والقصر العظيم الذي دخله مرة مع صاحب المصنع الذي يعمل به فراشا
    لكي يوصل بعض المشتريات لإبنة صاحب المصنع المدلله لأن سيارتها تعطلت يومها .يعود أبو أحمد
    بذاكرته الى الوراء وكأنه هو صاحب هذا القصر بنوافذه المطلة على الحديقه ورائحة العطر التي تفوح
    بين جنباته وزينته وإضاءته التي أنارت كل زاوية فيه حتى جوانب الدرج المعلق والمكسو بالرخام والمحاط
    بالاعمده من جانبيه وبحمامات هذه القصر التي جعلوا فيه حمام خاصا لكل غرفة ٍ من غرفه فوقف هناك
    على أحد أبواب حماماته وإذا بيد إبنته تمتد من خلفه لتذكره أنه ما زال في بيته وان الطابور انتهى وجاء
    دوره .فأفاق من غفوته تلك وهو يلعن تلك الساعه التي كان بها أبا ً لهكذا إبنه , وهي تقول يا أبي
    لا تنسى نفسك بالداخل مثل كل يوم . يدخل أبو احمد الحمام ويخرج منه ويرتدي ثيابه الرّثةالتي مـلـّتْ رائحة
    جسده ونخرت ْ من أثر رطوبةِ المنزل وتفشى فيها العفن ولكنه وفاءً لها ولاسباب اخرى لم يلقها يوما الى
    حاوية النفايات فالوفاء من طبعه حتى مع الثياب,وقد تطورت علاقته بهذه الثياب علاقه لا يفهمه إلا هو والثياب
    يهـِمّ أبو أحمد بالخروج من البيت فتستدعيه زوجته لاعنة ساعته وليلته ونهاره وكل لحظاته وهي تقول
    لماذا لا تأخذ بطريقك كيس النفايات فأخذها وهم ّ بالخروج فنادته ثانية وماذا عن لوازمنا ,وطبعا تقصد
    قائمة طلباتها التي لا تنتهي فيأخذها أبو احمد دون أن يتفوه بكلمه فقد ملّ الرجل من الكلام وأصبح كالآلة
    الكهربائيه أو الميكانيكيه التي تعمل بالديزل بدون مشاعر او أحاسيس فقد فقدها مع كثير من الأشياء.
    والمبادئ والأوهام إلا الكرامه واحلامه فهذه لم يتخلى عنها في حياته فهو رغم ضيق الحال ما تمنى يوماً المحال
    وهو يعرف أن مُـقاساة الفقر هي الموت الأحمر ولكنه يدرك أيضا أن مسألة الناس هي العار الأكبر فلم
    يسأل أحد حتى صاحب مصنعه الذي يملك الكثير من الأموال والمنازل والضياع العامره والغامره وكانت
    حوائجه تتلجلج ُ في صدره دون أن تـُـقضى فتعفُّ نفسه عن المسأله لأن السؤال يذهبُ بالمروءه ثم بالحياء.بعدها
    يخرج أبو أحمد من بيته أقصد تلك الخربه التي يقطن فيها وأولاده وزوجته ليسير في ذلك الشارع الترابي
    الطويل الذي يفصل بين بيته ومحطة الباص الذي يُقله الى العمل ولأنه عاكف على احلامه يدخل مرة أخرى
    الى عالمه فيتصور أنه يسير في طريق مرزوع بالأشجار والورود على جوانبه ويطلّ على ضفة نهر
    وجارته الحسناء على الجانب الآخر من الطريق فيـَهـِم ُّ بقطع الطريق فيصحو على فرملة لسيارة أجره كادت
    أن تودي بحياته لولا لطف الله , ويـُخـْرج ُ السائق رأسه من النافذه شاتما ً إياه بسيل ٍ مما فـُتح عليه من
    بذيئ الشتائم فلا يجيب أبو أحمد لأنه أصبح ينظر في العواقب حتى يسلم من النوائب وهذا رغما عنه أيضا
    يصل بعدها أبو أحمد باص العمل الذي يصله غالبا ً وقد إمتلأ عن آخره فلا يجد مقعدا فارغا يجلس فيه ,
    ويعود أبو أحمد الى أحلامه وهو واقف في الباص يترنح يمينا وشمالا فيتذكر يوم أن ذهب الى قصر صاحب
    العمل مستقلا معه سيارته المرسيدس المكيفه فيشعر بشيئ من البرد رغم حرارة الطقس , وسرعان ما يجد
    نفسه وقد إلتصق بزجاج الباص الامامي بعدما توقف السائق فجأة عند إشارة ضوئيه فينظر حوله وإذا به
    مع من هم مثله ممن شملهم سوء الحال أولئك الذين إنقلب عليهم الزمن فترى وجوههم مصفرة من فقر الدم .
    وأبو أحمد كهؤلاء لكنه يختلف قليلا فمن عادة الزمن أن ينقلب على بني البشر ولكنه كان شأنه مع أبي أحمد مختلفا
    حيث إستقر زمانه على المقلوب وما اعتدل ولا يظن أنه سوف يعتدل يوما .ويصل ْ أبو أحمد الى عمله ممضيا
    ساعاته بين العمل والأحلام التي أصبح منهمكا ً فيها ومدمنا و عاكفا عليها ويعود آخر النهار الى بيته,
    ينتظر ُ ليلا ً آخر وأحلاما ً أخرى ويدخل عليه الليل فيضع رأسه على وسادته يـُحدّق ُ بالسقف ...
    الآيل الى السقوط فيذرف دمعه ويغمض عينيه ويدخل في حلم جديد .

    .


  2. #2
    أستاذ بارز الصورة الرمزية م . رفعت زيتون
    تاريخ التسجيل
    18/07/2007
    المشاركات
    2,595
    معدل تقييم المستوى
    19

    افتراضي أحلام فقيرة

    أحلام فقيره

    كعادته كل صباح يصحو أبو أحمد على مزيج من الأصوات القادمه من بعيد وقريب , صوت العربات
    في الشارع المحاذي حيث بقع الماء منتشرة في كل مكان وأبواق السيارات وكلها مما جادت به عليه الدنيا
    وزوجته وهي تصرخ على أولادها بصوت كالسياط للذهاب الى مدارسهم وهم صم ّ بكم ٌ فتأتي أم أحمد
    وقد أشاحت بوجهها وتأبطت كل الشرور .تأتي وقد إختلط صوتها بصوت كل تلك الأصوات .ومن
    نكد الدنيا عليه أن وهبه الله زوجة زائغة عن الطاعه ,ولا تراعي فيه إلا ًولا ذمه ,دائمة التذمر
    .ولا يُذهبْ كثير ُ صراخها غوائلَ صدرها
    تأخذ أم أحمد برأس زوجها وتقول قم يا رجل إنهض فلقد تأخرت على عملك وأولادك لم يـُبقوا على شيئ
    من عقلي ...., لماذا لا تفعل شيئا ً أم أنهم أولادي وحدي ....لقد مللت هذه الحياه
    .فلم أذق الراحة والهناء من يوم تزوجتك
    هذه معزوفة ام أحمد الصباحيه بصوتها وعزفها غير المنفرد فأوركسترا الشارع والسيارات والباعه تصحبها
    ليصنعوا معا ً سيمفونية الشقاء الصباحيه التي ما كانت إلا لتزيد معاناة أبي أحمد الذي تكسرت عظامه من
    هذا الفراش الذي إلتصق بالأرض لطول خدمته تحته , فلا يملك أبو أحمد سريرا إلا في احلامه الكثيره
    والتي أصبحت مصيبته وربما كانت هذه الأحلام سرّ بقائه على وجه الأرض الى هذه اللحظه . فهو يعيش
    هذه الاحلام ليل نهار ولا يتخللها ليلاً إلا صوت شخير زوجته التي أصبحت بحجم أربعة نسوة . وقد يصحو
    .من احلامه على ضربة من يدها أو رجلها وهي تتقلب فيتصدى لها هو بجسمه النحيل الذي تضاءل مع الايام
    يصحو أبو أحمد كل يوم على أمل أنه يصحو من رقود أهل القبور بعد الموت ... فكم تمنى كل ليلة أن
    تكون هذه آخر لياليه وكم تمنى أنه يصحو ذات يوم فيقولوا له أنه بُعِث َ من في القبور وأن القيامة قد قامت
    وأنه سيذهب الى ما وعد الله عباده البائسين الصابرين في الآخره ,وكم مرة مرّ على القبور فتمنى أنه لو كان
    مكان من فيها لأنه رجل قد أدبر عنه الخير وإستقبله البلاء ,فسقمـُهُ لا يبرأ وجرحه لا يندمل ْوقد أصاب القحط
    حياته فلازمه كظله وهو رجل صاحب قناعه , يتلطف إذا سأل ويعمل لا يعرف كللا ً أو ملل . وكان الموت
    احد احلامه وأمنياته ولكنه يصحو
    على شيئ آخر , يصحو على عالمه الذي يتجرع مرارته كل يوم ويشرب حسرته كل لحظه , عالمه الذي
    إنغمس فيه بكل هم وغم وكمد فأصبـح كل أولئك جزءا ً من حياته .يصحو المسكين ليجد زوجته فوق رأسه
    وفي يدها مكنسة وبعض شعرها قد ارتفع مع ارتفاع أحد حاجبيها وأبى العودة الى مكانه وجسمها يهتز مثل
    حمر ٍ مستنفره فرّت من قسوره ,تصيـحُ أم أحمد متذمرة ً منه ومن عيشته التي باتت لا تـُحتمل مـُتذكرة ً أيامها
    عند أبيها واهلها .وأبو أحمد لا ينبس ُ ببنت ِ شفه ولا يتفوه بكلمه وكأنه وقع على رأسه الطير فلقد قطعت
    زوجته كل قول , ويصمت المسكين وهو ما زال في فراشه مذهولا ومحدقا بها ويذهب في حلم آخر
    من أحلامه ولكنه الآن حلم يقظه حيث أخذه ذهنه الى البعيد وأعاده عشرين عاما وهو ينظر الى زوجته
    حيث تذكر وجه جارته الحسناء التي هام بها حبا آنذاك والتي كان صوتها كالعندليب عند شقشقة الصباح
    وكان وجهها كالقمر ليلا ً وكانت جارته تمسك في يدها ورده كان قد اهداها إياها ذات مساء , كل ذلك
    وهو ما زال محدقا ً في وجه زوجته وهو لا يدري كيف ذهب خياله الى هذه المقارنه العجيبه بين زوجته
    وصوتها وشعرها ومكنستها وبين جارته وصوتها ووجهها ووردتها , ولكنه هكذا ثمل بالأحلام غارق بها
    حتى انه عندما يحلم يصاب بالصمم والعمى فيدخل في عالم ٍ آخر لا يدخله غيره ويعيش به برهة من
    الوقت الى أن يأتي من يعيده الى واقعه والى حياته وقرفه وشؤمه .وقد إعتاد على تجنب الرد على زوجته
    لأنه علمته التجارب أن يأنف من جهل ٍ لا يسعـُه حلمه وذنب ٍ لا يسعه عفوه وطبعا هذا رغما عنه ,
    يسمع صوتها ثانية بعد سلسلة من الهزات البدنيه وهي تقول ما بالك وماذا دهاك يا رجل ألا تسمعني
    فيـُتمتم أبو أحمد بكلمات ٍ هي أشبه الشتيمه والسباب منها الى شيئ آخر ويصمت مرة أخرى
    لأنه تعلم أيضا رغما عنه أن صمتا ً يسلمُ به خير من نطق ٍ يندمُ عليه ويقوم من فوره متجها الى الحمام
    ليجد نفسه وراء طابور من المنتظرين فيقف خلفهم منتظرا ً ,وايضا يغرق مرة اخرى في احلامه فيجد نفسه
    يدخل الى ذلك البيت المنيف والقصر العظيم الذي دخله مرة مع صاحب المصنع الذي يعمل به فراشا
    لكي يوصل بعض المشتريات لإبنة صاحب المصنع المدلله لأن سيارتها تعطلت يومها .يعود أبو أحمد
    بذاكرته الى الوراء وكأنه هو صاحب هذا القصر بنوافذه المطلة على الحديقه ورائحة العطر التي تفوح
    بين جنباته وزينته وإضاءته التي أنارت كل زاوية فيه حتى جوانب الدرج المعلق والمكسو بالرخام والمحاط
    بالاعمده من جانبيه وبحمامات هذه القصر التي جعلوا فيه حمام خاصا لكل غرفة ٍ من غرفه فوقف هناك
    على أحد أبواب حماماته وإذا بيد إبنته تمتد من خلفه لتذكره أنه ما زال في بيته وان الطابور انتهى وجاء
    دوره .فأفاق من غفوته تلك وهو يلعن تلك الساعه التي كان بها أبا ً لهكذا إبنه , وهي تقول يا أبي
    لا تنسى نفسك بالداخل مثل كل يوم . يدخل أبو احمد الحمام ويخرج منه ويرتدي ثيابه الرّثةالتي مـلـّتْ رائحة
    جسده ونخرت ْ من أثر رطوبةِ المنزل وتفشى فيها العفن ولكنه وفاءً لها ولاسباب اخرى لم يلقها يوما الى
    حاوية النفايات فالوفاء من طبعه حتى مع الثياب,وقد تطورت علاقته بهذه الثياب علاقه لا يفهمه إلا هو والثياب
    يهـِمّ أبو أحمد بالخروج من البيت فتستدعيه زوجته لاعنة ساعته وليلته ونهاره وكل لحظاته وهي تقول
    لماذا لا تأخذ بطريقك كيس النفايات فأخذها وهم ّ بالخروج فنادته ثانية وماذا عن لوازمنا ,وطبعا تقصد
    قائمة طلباتها التي لا تنتهي فيأخذها أبو احمد دون أن يتفوه بكلمه فقد ملّ الرجل من الكلام وأصبح كالآلة
    الكهربائيه أو الميكانيكيه التي تعمل بالديزل بدون مشاعر او أحاسيس فقد فقدها مع كثير من الأشياء.
    والمبادئ والأوهام إلا الكرامه واحلامه فهذه لم يتخلى عنها في حياته فهو رغم ضيق الحال ما تمنى يوماً المحال
    وهو يعرف أن مُـقاساة الفقر هي الموت الأحمر ولكنه يدرك أيضا أن مسألة الناس هي العار الأكبر فلم
    يسأل أحد حتى صاحب مصنعه الذي يملك الكثير من الأموال والمنازل والضياع العامره والغامره وكانت
    حوائجه تتلجلج ُ في صدره دون أن تـُـقضى فتعفُّ نفسه عن المسأله لأن السؤال يذهبُ بالمروءه ثم بالحياء.بعدها
    يخرج أبو أحمد من بيته أقصد تلك الخربه التي يقطن فيها وأولاده وزوجته ليسير في ذلك الشارع الترابي
    الطويل الذي يفصل بين بيته ومحطة الباص الذي يُقله الى العمل ولأنه عاكف على احلامه يدخل مرة أخرى
    الى عالمه فيتصور أنه يسير في طريق مرزوع بالأشجار والورود على جوانبه ويطلّ على ضفة نهر
    وجارته الحسناء على الجانب الآخر من الطريق فيـَهـِم ُّ بقطع الطريق فيصحو على فرملة لسيارة أجره كادت
    أن تودي بحياته لولا لطف الله , ويـُخـْرج ُ السائق رأسه من النافذه شاتما ً إياه بسيل ٍ مما فـُتح عليه من
    بذيئ الشتائم فلا يجيب أبو أحمد لأنه أصبح ينظر في العواقب حتى يسلم من النوائب وهذا رغما عنه أيضا
    يصل بعدها أبو أحمد باص العمل الذي يصله غالبا ً وقد إمتلأ عن آخره فلا يجد مقعدا فارغا يجلس فيه ,
    ويعود أبو أحمد الى أحلامه وهو واقف في الباص يترنح يمينا وشمالا فيتذكر يوم أن ذهب الى قصر صاحب
    العمل مستقلا معه سيارته المرسيدس المكيفه فيشعر بشيئ من البرد رغم حرارة الطقس , وسرعان ما يجد
    نفسه وقد إلتصق بزجاج الباص الامامي بعدما توقف السائق فجأة عند إشارة ضوئيه فينظر حوله وإذا به
    مع من هم مثله ممن شملهم سوء الحال أولئك الذين إنقلب عليهم الزمن فترى وجوههم مصفرة من فقر الدم .
    وأبو أحمد كهؤلاء لكنه يختلف قليلا فمن عادة الزمن أن ينقلب على بني البشر ولكنه كان شأنه مع أبي أحمد مختلفا
    حيث إستقر زمانه على المقلوب وما اعتدل ولا يظن أنه سوف يعتدل يوما .ويصل ْ أبو أحمد الى عمله ممضيا
    ساعاته بين العمل والأحلام التي أصبح منهمكا ً فيها ومدمنا و عاكفا عليها ويعود آخر النهار الى بيته,
    ينتظر ُ ليلا ً آخر وأحلاما ً أخرى ويدخل عليه الليل فيضع رأسه على وسادته يـُحدّق ُ بالسقف ...
    الآيل الى السقوط فيذرف دمعه ويغمض عينيه ويدخل في حلم جديد .

    .


  3. #3
    أستاذ بارز الصورة الرمزية محمد فؤاد منصور
    تاريخ التسجيل
    10/05/2007
    العمر
    76
    المشاركات
    2,561
    معدل تقييم المستوى
    19

    افتراضي

    الأخ العزيز رفعت زيتون
    أولاً أحييك على هذه اللغة الرصينة التى تتبدى فيها ثقافة دينية واضحة وإقتباسات قرآنية رصعت بها هذا النص فزانته رغم ماشابه من هنات فى بناء الجملة حيناً وفى الأسلوب حيناً آخر وحتى فى التردد بين أزمنة الفعل فمرة يكون الحديث فى الحاضر واخرى فى الماضى وهكذا دون أن يرتكز السرد على زمن بعينه يمضى به من أول النص إلى آخره.
    هذا من ناحية المعمار اللغوى أما الموضوع فهو عن ذلك الشخص الفقير الذى تراوده أحلام اليقظة أو المنام فتشده من واقع غير محتمل إلى أحلام صعبة المنال، هو وصف تسجيلى ليوم كامل فى حياة رجل فقير،جميل.. ولكن أين الحدث ؟ أين الحكاية ؟ كيف تطورت ؟ بشكل عام لغتك جيدة ويمكن الإشتغال عليها لإخراج أعمال أفضل ..تقبل تحياتى.
    دكتور/ محمد فؤاد منصور
    الأسكندرية

    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

  4. #4
    أستاذ بارز الصورة الرمزية م . رفعت زيتون
    تاريخ التسجيل
    18/07/2007
    المشاركات
    2,595
    معدل تقييم المستوى
    19

    افتراضي

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة دكتور/ محمد فؤاد منصور مشاهدة المشاركة
    الأخ العزيز رفعت زيتون
    أولاً أحييك على هذه اللغة الرصينة التى تتبدى فيها ثقافة دينية واضحة وإقتباسات قرآنية رصعت بها هذا النص فزانته رغم ماشابه من هنات فى بناء الجملة حيناً وفى الأسلوب حيناً آخر وحتى فى التردد بين أزمنة الفعل فمرة يكون الحديث فى الحاضر واخرى فى الماضى وهكذا دون أن يرتكز السرد على زمن بعينه يمضى به من أول النص إلى آخره.
    هذا من ناحية المعمار اللغوى أما الموضوع فهو عن ذلك الشخص الفقير الذى تراوده أحلام اليقظة أو المنام فتشده من واقع غير محتمل إلى أحلام صعبة المنال، هو وصف تسجيلى ليوم كامل فى حياة رجل فقير،جميل.. ولكن أين الحدث ؟ أين الحكاية ؟ كيف تطورت ؟ بشكل عام لغتك جيدة ويمكن الإشتغال عليها لإخراج أعمال أفضل ..تقبل تحياتى.
    دكتور/ محمد فؤاد منصور
    الأسكندرية

    استاذي الكريم

    أشكرك على مرورك وعلى ملاحظتك

    وعلى إطرائك على لغتي وهذا يسعدني ويثلج صدري

    وإنها المره الأولى التي أكتب بها قصه لأنني لا أكتب الا الشعر العمودي


    وكنت أختبر مدى استعدادي لهذا المجال فأحببت أن اكتب شيئا

    وأسمع من ذوي الخبره ... وربما تجعلني كلماتك

    أعود الى دراسة عناصر القصه لأكثر

    وأن أتعلمها جيدا ثم المحاولة من جديد


    تحياتي لك دكتور وشكرا لك على هذه النصائح الغاليه

    ..


  5. #5
    صيدلاني
    تاريخ التسجيل
    20/08/2007
    العمر
    43
    المشاركات
    2,356
    معدل تقييم المستوى
    19

    افتراضي

    كبيرة هي احلام الفقراء والمحرومين بقدر كبرطمع الاغنياء وممتلئي الكروش.
    المهندس الأديب رفعت زيتون تحية لك القصة اعجبتني كثيرا.

    يا قلب صبرا إذا فجرت أحزانـي...لا الصبر يجدي ولا السلوان أنساني
    من يوم فقدبثيــنة ألجمال خبا...للموت أرجو وقد جهزت أكفاني

    أحمدألـــعزام
    sasasa47@hotmail.com

+ الرد على الموضوع

الأعضاء الذين شاهدوا هذا الموضوع : 0

You do not have permission to view the list of names.

لا يوجد أعضاء لوضعهم في القائمة في هذا الوقت.

المفضلات

المفضلات

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •