Warning: preg_replace(): The /e modifier is deprecated, use preg_replace_callback instead in ..../includes/class_bbcode.php on line 2958
الفصل الثالث عشر من رواية الرجل العقرب

آخـــر الـــمـــشـــاركــــات

+ الرد على الموضوع
النتائج 1 إلى 4 من 4

الموضوع: الفصل الثالث عشر من رواية الرجل العقرب

  1. #1
    كاتبة / عضو المجلس الاستشاري سابقاً الصورة الرمزية فايزة شرف الدين
    تاريخ التسجيل
    16/10/2007
    المشاركات
    1,325
    معدل تقييم المستوى
    18

    افتراضي الفصل الثالث عشر من رواية الرجل العقرب

    الاختطاف الفاشل :
    انتاب "عزيز" مزيج من المشاعر المتضاربة ، فهو يحب "سارة" حبا عنيفا ، ويرغب في العيش معها إلى نهاية العمر ، وفي نفس الوقت يخاف عليها من نفسه ومن حبه لها ، فمورثات العقرب التي يحتويها جسده ، قد تكون فيها هلاكها .
    كان الألم يعتصر قلبه وروحه تحترق تحت جلده ، عندما يتخيلها وقد صعقتها الدهشة ، وألجمها الرعب عندما ترى ذيله المميت يتراقص في الهواء ثم يشقه كنصل السكين الحاد ، ويهوي علي جسدها الرقيق ، فتسقط جثة هامدة ، وقد سلب حبه لها حياتها .
    كان يدفع وجهه بين راحتيه ، كأنما يطرد عن ناظريه هذه الصورة الرهيبة .
    تفاقم خوفه عليها من ماضي الدكتور "عزام" ، وحاضره الذي يعيش فيه بعد أن انتحل شخصيته ، فلابد أن يحمل علي كاهله هذين الزمنين ، الماضي بشروره ، والحاضر الذي عليه أن يجني فيه الثمار السامة ، أما المستقبل فهو لا يعرف هل سيأتي عليه غد جديد ؟ وستشرق شمس جديدة تحمل في أحشائها الأمل ، الأمل بالنجاة من الماضي والحاضر ؟! فحياة مثل حياة الدكتور "عزام" لابد أن يحوطها المخاطر ، فالأسرار التي قرأها في القبو السري جعلته يدرك أنه في خطر ، وأن "سارة" قد تدفع ثمن شرور "عزام" ، وتحملها علي كاهلها أيضا .. كأنما جمعهما قدرهما في سفينة واحدة ، وبالرغم من أن هذا الرجل قد غاب بجسده ، فمازالت روحه الشريرة تهيم حولهما وتسيطر علي حياتهما .
    حاول "عزيز" أن ينأى بنفسه ، ويبتعد عن "سارة" ، فباءت محاولاته بالفشل ، فقد كانت الهواء الذي يتنفسه ، ومع كل يوم جديد كان حبه يتغلغل في قلبه ويسيطر علي كيانه .
    بعد انتهاء المحاضرات ، اصطحب "سارة" إلي مكانهما المفضل في أحد الكازينوهات المطلة علي النيل ، وجلسا تحت الأشجار الوارفة الظلال ، وكانت النباتات المتسلقة تلتف حولها وتحتضنها في ألفة ومحبة .
    بعد فترة من الصمت المتأمل ، أشارت "سارة" إلي الشمس الغاربة ، وقد غاصت في الأفق راسمة خطوطا حمراء من اللهب علي صفحة النيل ، وقالت :
    ـ لقد تأخرت ، وسوف يقلق والداي ، فقد قلت لهما أنني سوف أرجع إلي البيت مبكرا .
    ابتسم وهو يقول :
    ـ حبيبتي ، يمكن أن تطمئنيهما بهاتفي المحمول .
    حاولت "سارة" السيطرة على ارتباكها ، فأخذت تمرر يدها علي بعض من خصلات شعرها الأسود الناعم المنسدل علي ظهرها ، ثم أطرقت برأسها إلي المائدة لتخفي ما تفضحه عيناها من كلام.
    قطب "عزيز" ما بين حاجبيه ، وهتف بصوت مرتجف ، وقد شعر بقلق شديد :
    ـ ما بك يا "سارة" ؟! أرجوك لا تخفي عني شيئا .
    غمغمت وقد احمر خداها بلون قاني :
    ـ إنني لا أريد أن أتكلم في الهاتف ، حتي لا أضطر للكذب عليهما .
    طرفت عينا "عزيز" من أثر التوتر والانفعال ، وهتف متسائلا :
    ـ ولماذا تضطرين للكذب عليهما ؟!
    لاحت ابتسامة حزينة علي وجهها ، وهي تقول :
    ـ كنت ساذجة عندما توهمت أن أبي سيبارك مشروع زواجنا ، فعندما أخبرته ، هددني وأمرني بقطع علاقتنا بشكل فوري .
    حاول "عزيز" أن يخفي اضطرابه وخيبة أمله ، فقال بصوت هادئ :
    ـ أرجوك أكملي .
    تلقفت أنفاسها بصعوبة وقالت متهدجة النبرة :
    ـ إنه معترض بسبب فارق السن بيننا ، وقال ثائرا أنك سوف تشعرين بفارق السن بعد سنوات قليلة من زواجكما ، وعند ذلك سيموت الحب .
    ارتسمت ابتسامة ساخرة علي وجه "عزيز" دون إرادة منه ، وكاد يصرخ بأعلى صوته أن حياته في هذه الدنيا لم تزد عن ثمانية عشرة عاما ، وأنه يصغرها في السن ، وأن أبيها قد أخطأ بتفكيره هذا ، وأنه واهم ، وشعر أن بغضه وحقده وصل إلي ذروته القصوى علي الدكتور "عزام" ، فقد منحه خليته العجوز التي يحملها في جسده ، ومع هذا فروحه ما زالت تشعر بالفتوة وحبه لها عنيف جارف يحمل في أحشائه حب الشباب الذي لا يعرف حدودا أو فواصل ، وتكاد تنهار السدود تحت وطأة هذا الفوران العنيف من العشق . غلفهما فترة صمت قاس ، ثم صاحت "سارة" بغضب مفاجئ :
    ـ إن حبنا أقوي من أي شيء في الوجود ، وسوف نقنع أبي في النهاية بمنطق ارتباطنا سويا .
    بدأت السحب المتكاثفة علي وجه "عزيز" في التلاشي ، ولمعت علي وجهه ابتسامة مشرقة لعبارة "سارة" الأخيرة ، وقد ولدت في نفسه الأمل .
    قال بحرارة وهو يمد يديه عبر المائدة ، ويضم يديها بين راحتيه ، ويجذبها برقة :
    ـ هيا يا حبيبتي لننطلق بعيدا عن الخوف والقلق .
    انطلق "عزيز" بصحبة "سارة" ، وركضا في ظل الأضواء الخافتة ، وقد تعانقت ظلالهما أمامهما ، وامتزج صوت تراكض أقدامهما بصوت ضحكاتهما المرحة .
    لم يلمحا في غمرة سعادتهما السيارة التي كانت ترقبهما عن بعد منذ أن غادرا الجامعة ، ولم يدركا أن عيونا متربصة ترصد وتعد خطواتهما ، وأن ثمة خطر غامض يتهددهما .
    أدركت "سارة" بعد فوات الأوان أن الوقت قد سرقهما ، وأنها تأخرت كثيرا عن ميعاد عودتها إلي منزلها ، فصرخت وهي تضع يدها علي خدها بانزعاج :
    ـ لقد تأخرت كثيرا ، وسوف يعنفني أبي علي ذلك .
    هتف "عزيز" محاولا أن يخفف عنها الخوف الذي تملكها :
    ـ هيا يا حبيبتي سوف أوصلك لمنزلكم في وقت قصير.
    نهبت "سيارة" عزيز" مدينة القاهرة ، وكان الليل قد ألقى أستاره ، وعامت المدينة الكبيرة في بحر الضوء المتلألئ ، بينما كان الهواء العليل المندفع داخل السيارة يداعب "شعر "سارة" مسترسل ، فيتطاير ملامسا وجه "عزيز" ، فداخلته "سعادة ليس لها حدود وهو يشم عبقه وشذاه الرقيق .
    عبرت السيارة كوبري قصر النيل ، وكانت تقبع بالقرب منه عوامات كثيرة وتنساب منها موسيقي هادئة ، بينما كانت الأضواء الساطعة تلمع في مياه النيل الهادئة ، فأشار"عزيز" إلى إحدى العوامات ، وصاح بها وقد تملكته رغبة جنونية لاصطحابها إلى رحلة نيلية ويقضيا معا ليلة أسطورية :
    ـ كم أتمني يا "سارة" أن نقضي في هذه العوامة ليلة من ليالي ألف ليلة وليلة ، ولا يهمني أن أعيش بعد ذلك ، لأنني سأموت سعيدا .
    استغرقت "سارة" في الضحك ، ثم قالت بصوت مرح :
    ـ أحيانا أشعر أنك شاب مراهق لم تتعد العشرين من عمرك .
    ثم أضافت وهي تومقه بحنان:
    ـ تصور يا حبيبي أنني أحببتك أكثر ، وأكثر لنزواتك الطائشة .
    نظر إليها "عزيز" بركن عينيه ، ولاحت ابتسامة علي وجهه ، "فسارة" لم تتعد الحقيقة ، فهو لايزال في عمر المراهقة ، وحبه لها أيقظ مشاعر الفتوة والشباب الكامنة وفجرها كالطوفان.
    صاح وقد أخذته نشوة سعادة قاهرة :
    ـ ما رأيك يا عزيزتي لو ناديتني باسم التدليل ؟
    فتحت عينيها دهشة ، وقالت :
    ـ لم تذكر أن لك اسم تدليل ! ما هو يا ترى ؟
    قال وهو ينظر إليها بركن عينيه :
    ـ "عزيز" ، كانت أمي الوحيدة التي تدللني باسم "عزيز" .
    هتفت "سارة" بإعجاب :
    ـ "عزيز" ! اسم جميل وسوف أناديك به دائما .
    امتدت يد "عزيز" وضغطت علي يدها بحرارة ، وهتف :
    ـ أرجوك أريد أن أسمعه من شفتيك مرة أخري يا حبيبتي .
    غمغمت بصوت رقيق ساحر :
    ـ "عزيز" ، "عزيز" .
    وصلت سعادة "عزيز" إلي ذروتها ، فلأول مرة يشعر أن شبح "عزام" يختفي عندما نادته "سارة" باسمه الحقيقي .
    بدأت السيارة تمرق في شوارع أكثر هدوءا ، ثم خلال شوارع متسعة خالية من السيارات والمارة ، فجأة اعترضت طريقهما سيارة لوري كبيرة ، فاضطر "عزيز" إلي الضغط علي فرامل السيارة بقوة ، ففاحت رائحة خانقة من إطارات السيارة التي كادت تحترق تحت الضغط الهائل من احتكاكها بالأسفلت .
    من وراء أحد الأكشاك المهجورة القابعة في ظل الأنوار الخابية ، خرج أربعة رجال وثبوا تجاه السيارة ، وكان أحدهم مشهرا مسدسه صوب "عزيز" ، وقال بلغة عربية ركيكة تدل علي أنه من بلد أجنبي :
    ـ اخرج أنت وهذه السيدة من السيارة حالا .
    من خلال الضوء الداكن استطاع "عزيز" أن يميز ملامحهم ، وكان يبدو عليهم القسوة ، وأنهم لا يتورعون عن سفك الدماء.
    خرجت "سارة" من السيارة ، ثم تردد صراخها مبددا صمت المكان ، وقد تملكها الرعب قبل أن يثب أحد الرجال صوبها ، وما لبث أن وضع يده علي فمها ، وأحاطها بذراعه الأخرى في خشونة ، شعر "عزيز" بغضب هائل وصاح بالإنجليزية :
    ـ اتركها أيها الوغد .
    صاح الرجل صاحب المسدس وهو يلوح به في عنف بإنجليزية طليقة :
    ـ سوف نأخذها معنا رهينة حتي تحقق مطالبنا .
    ثم التفت إلي الرجال الثلاثة . فأشار لهم باصطحاب الفتاة إلي السيارة القابعة في مكان مظلم ، لوح "عزيز" صارخا :
    ـ لا تأخذوها .
    حاولت "سارة" الفكاك من قبضة الرجل القوية ، فلطمها بعنف علي وجهها ، فأغشي عليها ، وتداعي جسدها بين ذراعيه.
    وصل غضب "عزيز" إلي ذروته ، وتردد صوت تمزق سرواله ، عندما بدأ ذنبه القاتل في التمدد ، وفي حركة خاطفة هوى علي الرجل الذي ألجمته المفاجأة فدار حول نفسه عدة لفات قبل أن يتهاوى علي الأرض جثة خامدة من الحياة ، بينما طار مسدسه بعيدا .
    أدرك الرجال الثلاثة الذين أخذتهم الدهشة عدة لحظات أن قائدهم خر صريعا ، فاختفوا بسرعة خلف سيارتهم ، وأخرجوا مسدساتهم وصوبوها تجاه "عزيز" ، وكان قد انتهز الفرصة ليختفي خلف سيارته بسرعة خاطفة ، وكان المسدس لا يزال قابعا في مكانه علي بعد عدة خطوات من مكانه ، فحاول أن يبعد أنظارهم في اتجاه آخر حتي يستطيع التقاطه ، فتناول حجرا صغيرا من علي الأرض ، وقذفه بعيدا إلي إحدى الأشجار فصنعت حفيفا ، فصوب الثلاثة مسدساتهم صوب الصوت الآتي خلفهم ، فوثب "عزيز" في لمح البصر واختطف المسدس ، ليعود إلي مكانه خلف سيارته مرة أخري ، صاح بهم في صوت حازم أجش :
    ـ أعيدوا الفتاة ، وإلا سيكون مصيركم الموت المحقق مثل صاحبكم .
    صاح أحد الرجال :
    ـ أعد إلينا جثة الرجل ، وإلا قتلنا الفتاة .
    كانت الجثة ساكنة بالقرب من مقدمة سيارة"عزيز" ، فأدرك أنه أصبح في موقع القوة ، وأنهم يريدون جثة الرجل ، حتي لا يفتضح أمرهم ، فقال :
    ـ أعطوني الفتاة أولا ، وسوف أبادلكم بالجثة .
    سادت فترة من الصمت ، كان الرجال الثلاثة خلالها يتبادلون الرأي ، ثم صاح أحدهم :
    ـ موافقون .
    صرخ "عزيز" :
    ـ ليحضر أحدكم الفتاة ويضعها في المقعد الأمامي لسيارتي ، ويعد ذلك يمكنكم أخذ جثة رجلكم ، ثم أضاف بنبرة متوعدة :
    ـ وإذا صدر منكم أي خدعة ، فسوف أرد عليكم بعنف . تقدم أحد الرجال حاملا الفتاة المغشي عليها ، ووضعها في مقدمة السيارة ، صوب "عزيز" المسدس صوبه من خلف سيارته ، وصاح بالرجل أمرا :
    ـ ارجع من حيث أتيت .
    تراجع الرجل بسرعة ، وفي لحظة وثب "عزيز" داخل سيارته ، وقادها بسرعة جنونية ، بينما تقدمت سيارة المهاجمين وأصبحت بمحاذاة الجثة ، فانتشلوها ووضعوها في الحقيبة الخلفية .
    بدأت المطاردة في الشوارع الخالية ، واستطاع "عزيز" أن يمرق بسيارته إلي أحد الشوارع الجانبية والتمكن من تضليلهم ، وفي أثناء ذلك أخذت "سارة" تستعيد وعيها ، فأخذت تتأوه بألم وهي تتحسس خدها ، نظر إليها "عزيز" بقلق ، فقد كان ذنبه القاتل يتحرك دون إرادة منه ، وخشي أن تراه علي هذا الوضع.
    هتفت "سارة" بصوت ضعيف :
    ـ ماذا حدث ؟
    نظر إليها وقد أخذته الشفقة الممزوجة بالخوف علي حياتها ، وهتف :
    ـ لقد تعرضنا للاختطاف ، ولكني استطعت التغلب عليهم .
    بدأت "سارة" تتذكر ما حدث لها قبل أن يغشي عليها ، فتساءلت :
    ـ لماذا أرادوا اختطافنا ؟
    غمغم "عزيز" بضيق :
    ـ إنني لا أعرف هوية هؤلاء الرجال ، ويبدو أنهم يريدون الضغط علي من أجل الأبحاث التي أقوم بها في الوقت الحالي .
    كان رأسها مرتخيا علي كتف "عزيز" ، فحاولت أن ترفعه وقد ارتسم علي وجهها علامات الخوف والانزعاج ، فدفعها في رفق إليه وهو يطوقها بذراعه ، وقال يطمئنها وهو يربت علي منكبها في حنان :
    ـ لا تخافي يا حبيبتي لن يصيبك مكروه وأنت معي .
    هتفت "سارة" بجزع :
    ـ إنني خائفة عليك أنت .
    أطلت ابتسامة باهتة علي وجهه ، وهو يقول :
    ـ إنني أستطيع التصرف والتغلب عليهم ، ولكن أرجو منك الحذر في الأيام المقبلة ، فهم سيحاولون مرة أخري .
    بدأ ذنب "عزيز" ينكمش حتي تلاشى تحت المعطف ، فتنفس الصعداء ، ثم قال "لسارة " :
    ـ لقد تأخرت كثيرا ، سأوصلك حتي البيت .
    قالت "سارة" بقلق :
    ـ ماذا سنقول لوالداي وأنا بهذا الشكل الفظيع ؟
    ـ سنقول الحقيقة .
    قالها "عزيز" بهدوء ، وهو يربت علي شعرها بحنو ، ثم أضاف :
    ـ سنقول أنك تعرضت لهجوم من بعض الأشخاص ، وأنني استطعت إنقاذك ، بذلك نكون قد قلنا الحقيقة وفي نفس الوقت نلقي التعاطف والمساندة منهما .
    ابتسمت "سارة" رغم ألمها ، وهتفت :
    ـ إنك عبقري يا "عزيز" !
    وقفت "السيارة" أمام فيلا "سارة" ، وهبط الاثنان منها ، وعبرا البوابة ، ووجدا والديها يقفان عند مدخل الفيلا وهما يترقبان وصول ابنتهما بقلق ، أقبلت والدتها مسرعة ، صاحت بجزع فائق وهي تري ابنتها ، وقد تهدل شعرها الناعم وتورم خدها ، وبدا عليها الإعياء الشديد :
    ـ ماذا حدث يا "سارة"؟
    ثم توجهت بنظرها إلي "عزيز" , هي تصيح في ذعر :
    ـ أرجوك قل ماذا حدث لها ؟
    هتف "عزيز" :
    ـ اطمئني يا سيدتي لم يحدث لها مكروه .
    صاح والدها بقلق وهو يتلقفها في صدره :
    ـ هل أنت بخير يا ابنتي ؟
    أجابت "سارة" بصوت ضعيف :
    ـ لقد أنقذني الدكتور "عزام" من عصابة كانت ترغب في اختطافي ، وقد أبدي شجاعة مذهلة في مواجهتهم .
    لم يرد أبواها الخوض في التفاصيل ، فنظرا إليه بامتنان غامر ، وهتفت والدة "سارة" :
    ـ إنني أشكرك علي رعايتك لابنتنا يا دكتور "عزام" .
    قال "عزيز" بتواضع :
    ـ لا شكر علي واجب .
    صاح الوالد :
    ـ تفضل بالدخول يا دكتور "عزام" .
    قال "عزيز" :
    ـ أرجو المعذرة ، فالوقت متأخر ، وسوف أنام من فوري عند عودتي للبيت بعد هذا اليوم الشاق .

    التعديل الأخير تم بواسطة فايزة شرف الدين ; 03/08/2008 الساعة 11:57 PM

  2. #2
    كاتبة / عضو المجلس الاستشاري سابقاً الصورة الرمزية فايزة شرف الدين
    تاريخ التسجيل
    16/10/2007
    المشاركات
    1,325
    معدل تقييم المستوى
    18

    افتراضي الفصل الثالث عشر من رواية الرجل العقرب

    الاختطاف الفاشل :
    انتاب "عزيز" مزيج من المشاعر المتضاربة ، فهو يحب "سارة" حبا عنيفا ، ويرغب في العيش معها إلي نهاية العمر ، وفي نفس الوقت يخاف عليها من نفسه ومن حبه لها ، فمورثات العقرب التي يحتويها جسده ، قد تكون فيها هلاكها .
    كان الألم يعتصر قلبه وروحه تحترق تحت جلده ، عندما يتخيلها وقد صعقتها الدهشة ، وألجمها الرعب عندما تري ذيله المميت يتراقص في الهواء ثم يشقه كنصل السكين الحاد ، ويهوي علي جسدها الرقيق ، فتسقط جثة هامدة ، وقد سلب حبه لها حياتها .
    كان يدفع وجهه بين راحتيه ، كأنما يطرد عن ناظريه هذه الصورة الرهيبة .
    تفاقم خوفه عليها من ماضي الدكتور "عزام" ، وحاضره الذي يعيش فيه بعد أن انتحل شخصيته ، فلابد أن يحمل علي كاهله هذين الزمنين ، الماضي بشروره ، والحاضر الذي عليه أن يجني فيه الثمار السامة ، أما المستقبل فهو لا يعرف هل سيأتي عليه غد جديد ؟ وستشرق شمس جديدة تحمل في أحشائها الأمل ، الأمل بالنجاة من الماضي والحاضر ؟! فحياة مثل حياة الدكتور "عزام" لابد أن يحوطها المخاطر ، فالأسرار التي قرأها في القبو السري جعلته يدرك أنه في خطر ، وأن "سارة" قد تدفع ثمن شرور "عزام" ، وتحملها علي كاهلها أيضا .. كأنما جمعهما قدرهما في سفينة واحدة ، وبالرغم من أن هذا الرجل قد غاب بجسده ، فمازالت روحه الشريرة تهيم حولهما وتسيطر علي حياتهما .
    حاول "عزيز" أن ينأى بنفسه ، ويبتعد عن "سارة" ، فباءت محاولاته بالفشل ، فقد كانت الهواء الذي يتنفسه ، ومع كل يوم جديد كان حبه يتغلغل في قلبه ويسيطر علي كيانه .
    بعد انتهاء المحاضرات ، اصطحب "سارة" إلي مكانهما المفضل في أحد الكازينوهات المطلة علي النيل ، وجلسا تحت الأشجار الوارفة الظلال ، وكانت النباتات المتسلقة تلتف حولها وتحتضنها في ألفة ومحبة .
    بعد فترة من الصمت المتأمل ، أشارت "سارة" إلي الشمس الغاربة ، وقد غاصت في الأفق راسمة خطوطا حمراء من اللهب علي صفحة النيل ، وقالت :
    ـ لقد تأخرت ، وسوف يقلق والداي ، فقد قلت لهما أنني سوف أرجع إلي البيت مبكرا .
    ابتسم وهو يقول :
    ـ حبيبتي ، يمكن أن تطمئنيهما بهاتفي المحمول .
    حاولت "سارة" أن تخفي ارتباكها ، فأخذت تمرر يدها علي بعض من خصلات شعرها الأسود الناعم المنسدل علي ظهرها ، ثم أطرقت برأسها إلي المائدة لتخفي ما تفضحه عيناها من كلام.
    قطب "عزيز" ما بين حاجبيه ، وهتف بصوت مرتجف ، وقد شعر بقلق شديد :
    ـ ما بك يا "سارة" ؟! أرجوك لا تخفي عني شيئا .
    غمغمت وقد احمر خداها بلون قاني :
    ـ إنني لا أريد أن أتكلم في الهاتف ، حتي لا أضطر للكذب عليهما .
    طرفت عينا "عزيز" من أثر التوتر والانفعال ، وهتف متسائلا :
    ـ ولماذا تضطرين للكذب عليهما ؟!
    لاحت ابتسامة حزينة علي وجهها ، وهي تقول :
    ـ كنت ساذجة عندما توهمت أن أبي سيبارك مشروع زواجنا ، فعندما أخبرته ، هددني وأمرني بقطع علاقتنا بشكل فوري .
    حاول "عزيز" أن يخفي اضطرابه وخيبة أمله ، فقال بصوت هادئ :
    ـ أرجوك أكملي .
    تلقفت أنفاسها بصعوبة وقالت متهدجة النبرة :
    ـ إنه معترض بسبب فارق السن بيننا ، وقال ثائرا أنك سوف تشعرين بفارق السن بعد سنوات قليلة من زواجكما ، وعند ذلك سيموت الحب .
    ارتسمت ابتسامة ساخرة علي وجه "عزيز" دون إرادة منه ، وكاد يصرخ بأعلى صوته أن حياته في هذه الدنيا لم تزد عن ثمانية عشرة عاما ، وأنه يصغرها في السن ، وأن أبيها قد أخطأ بتفكيره هذا ، وأنه واهم ، وشعر أن بغضه وحقده وصل إلي ذروته القصوى علي الدكتور "عزام" ، فقد منحه خليته العجوز التي يحملها في جسده ، ومع هذا فروحه ما زالت تشعر بالفتوة وحبه لها عنيف جارف يحمل في أحشائه حب الشباب الذي لا يعرف حدودا أو فواصل ، وتكاد تنهار السدود تحت وطأة هذا الفوران العنيف من العشق . غلفهما فترة صمت قاس ، ثم صاحت "سارة" بغضب مفاجئ :
    ـ إن حبنا أقوي من أي شيء في الوجود ، وسوف نقنع أبي في النهاية بمنطق ارتباطنا سويا .
    بدأت السحب المتكاثفة علي وجه "عزيز" في التلاشي ، ولمعت علي وجهه ابتسامة مشرقة لعبارة "سارة" الأخيرة ، وقد ولدت في نفسه الأمل .
    قال بحرارة وهو يمد يديه عبر المائدة ، ويضم يديها بين راحتيه ، ويجذبها برقة :
    ـ هيا يا حبيبتي لننطلق بعيدا عن الخوف والقلق .
    انطلق "عزيز" بصحبة "سارة" ، وركضا في ظل الأضواء الخافتة ، وقد تعانقت ظلالهما أمامهما ، وامتزج صوت تراكض أقدامهما بصوت ضحكاتهما المرحة .
    لم يلمحا في غمرة سعادتهما السيارة التي كانت ترقبهما عن بعد منذ أن غادرا الجامعة ، ولم يدركا أن عيونا متربصة ترصد وتعد خطواتهما ، وأن ثمة خطر غامض يتهددهما .
    أدركت "سارة" بعد فوات الأوان أن الوقت قد سرقهما ، وأنها تأخرت كثيرا عن ميعاد عودتها إلي منزلها ، فصرخت وهي تضع يدها علي خدها بانزعاج :
    ـ لقد تأخرت كثيرا ، وسوف يعنفني أبي علي ذلك .
    هتف "عزيز" محاولا أن يخفف عنها الخوف الذي تملكها :
    ـ هيا يا حبيبتي سوف أوصلك لمنزلكم في وقت قصير.
    نهبت "سيارة" عزيز" مدينة القاهرة ، وكان الليل قد ألقي أستاره ، وعامت المدينة الكبيرة في بحر الضوء المتلألئ ، بينما كان الهواء العليل المندفع داخل السيارة يداعب "شعر "سارة" مسترسل ، فيتطاير ملامسا وجه "عزيز" ، فداخلته "سعادة ليس لها حدود وهو يشم عبقه وشذاه الرقيق .
    عبرت السيارة كوبري قصر النيل ، وكانت تقبع بالقرب منه عوامات كثيرة وتنساب منها موسيقي هادئة ، بينما كانت الأضواء الساطعة تلمع في مياه النيل الهادئة ، فأشار"عزيز" إلى إحدى العوامات ، وصاح بها وقد تملكته رغبة جنونية لاصطحابها إلى رحلة نيلية ويقضيا معا ليلة أسطورية :
    ـ كم أتمني يا "سارة" أن نقضي في هذه العوامة ليلة من ليالي ألف ليلة وليلة ، ولا يهمني أن أعيش بعد ذلك ، لأنني سأموت سعيدا .
    استغرقت "سارة" في الضحك ، ثم قالت بصوت مرح :
    ـ أحيانا أشعر أنك شاب مراهق لم تتعد العشرين من عمرك .
    ثم أضافت وهي تومقه بحنان:
    ـ تصور يا حبيبي أنني أحببتك أكثر ، وأكثر لنزواتك الطائشة .
    نظر إليها "عزيز" بركن عينيه ، ولاحت ابتسامة علي وجهه ، "فسارة" لم تتعد الحقيقة ، فهو لايزال في عمر المراهقة ، وحبه لها أيقظ مشاعر الفتوة والشباب الكامنة وفجرها كالطوفان.
    صاح وقد أخذته نشوة سعادة قاهرة :
    ـ ما رأيك يا عزيزتي لو ناديتني باسم التدليل ؟
    فتحت عينيها دهشة ، وقالت :
    ـ لم تذكر أن لك اسم تدليل ! ما هو يا ترى ؟
    قال وهو ينظر إليها بركن عينيه :
    ـ "عزيز" ، كانت أمي الوحيدة التي تدللني باسم "عزيز" .
    هتفت "سارة" بإعجاب :
    ـ "عزيز" ! اسم جميل وسوف أناديك به دائما .
    امتدت يد "عزيز" وضغطت علي يدها بحرارة ، وهتف :
    ـ أرجوك أريد أن أسمعه من شفتيك مرة أخري يا حبيبتي .
    غمغمت بصوت رقيق ساحر :
    ـ "عزيز" ، "عزيز" .
    وصلت سعادة "عزيز" إلي ذروتها ، فلأول مرة يشعر أن شبح "عزام" يختفي عندما نادته "سارة" باسمه الحقيقي .
    بدأت السيارة تمرق في شوارع أكثر هدوءا ، ثم خلال شوارع متسعة خالية من السيارات والمارة ، فجأة اعترضت طريقهما سيارة لوري كبيرة ، فاضطر "عزيز" إلي الضغط علي فرامل السيارة بقوة ، ففاحت رائحة خانقة من إطارات السيارة التي كادت تحترق تحت الضغط الهائل من احتكاكها بالأسفلت .
    من وراء أحد الأكشاك المهجورة القابعة في ظل الأنوار الخابية ، خرج أربعة رجال وثبوا تجاه السيارة ، وكان أحدهم مشهرا مسدسه صوب "عزيز" ، وقال بلغة عربية ركيكة تدل علي أنه من بلد أجنبي :
    ـ اخرج أنت وهذه السيدة من السيارة حالا .
    من خلال الضوء الداكن استطاع "عزيز" أن يميز ملامحهم ، وكان يبدو عليهم القسوة ، وأنهم لا يتورعون عن سفك الدماء.
    خرجت "سارة" من السيارة ، ثم تردد صراخها مبددا صمت المكان ، وقد تملكها الرعب قبل أن يثب أحد الرجال صوبها ، وما لبث أن وضع يده علي فمها ، وأحاطها بذراعه الأخرى في خشونة ، شعر "عزيز" بغضب هائل وصاح بالإنجليزية :
    ـ اتركها أيها الوغد .
    صاح الرجل صاحب المسدس وهو يلوح به في عنف بإنجليزية طليقة :
    ـ سوف نأخذها معنا رهينة حتي تحقق مطالبنا .
    ثم التفت إلي الرجال الثلاثة . فأشار لهم باصطحاب الفتاة إلي السيارة القابعة في مكان مظلم ، لوح "عزيز" صارخا :
    ـ لا تأخذوها .
    حاولت "سارة" الفكاك من قبضة الرجل القوية ، فلطمها بعنف علي وجهها ، فأغشي عليها ، وتداعي جسدها بين ذراعيه.
    وصل غضب "عزيز" إلي ذروته ، وتردد صوت تمزق سرواله ، عندما بدأ ذنبه القاتل في التمدد ، وفي حركة خاطفة هوى علي الرجل الذي ألجمته المفاجأة فدار حول نفسه عدة لفات قبل أن يتهاوى علي الأرض جثة خامدة من الحياة ، بينما طار مسدسه بعيدا .
    أدرك الرجال الثلاثة الذين أخذتهم الدهشة عدة لحظات أن قائدهم خر صريعا ، فاختفوا بسرعة خلف سيارتهم ، وأخرجوا مسدساتهم وصوبوها تجاه "عزيز" ، وكان قد انتهز الفرصة ليختفي خلف سيارته بسرعة خاطفة ، وكان المسدس لا يزال قابعا في مكانه علي بعد عدة خطوات من مكانه ، فحاول أن يبعد أنظارهم في اتجاه آخر حتي يستطيع التقاطه ، فتناول حجرا صغيرا من علي الأرض ، وقذفه بعيدا إلي إحدى الأشجار فصنعت حفيفا ، فصوب الثلاثة مسدساتهم صوب الصوت الآتي خلفهم ، فوثب "عزيز" في لمح البصر واختطف المسدس ، ليعود إلي مكانه خلف سيارته مرة أخري ، صاح بهم في صوت حازم أجش :
    ـ أعيدوا الفتاة ، وإلا سيكون مصيركم الموت المحقق مثل صاحبكم .
    صاح أحد الرجال :
    ـ أعد إلينا جثة الرجل ، وإلا قتلنا الفتاة .
    كانت الجثة ساكنة بالقرب من مقدمة سيارة"عزيز" ، فأدرك أنه أصبح في موقع القوة ، وأنهم يريدون جثة الرجل ، حتي لا يفتضح أمرهم ، فقال :
    ـ أعطوني الفتاة أولا ، وسوف أبادلكم بالجثة .
    سادت فترة من الصمت ، كان الرجال الثلاثة خلالها يتبادلون الرأي ، ثم صاح أحدهم :
    ـ موافقون .
    صرخ "عزيز" :
    ـ ليحضر أحدكم الفتاة ويضعها في المقعد الأمامي لسيارتي ، ويعد ذلك يمكنكم أخذ جثة رجلكم ، ثم أضاف بنبرة متوعدة :
    ـ وإذا صدر منكم أي خدعة ، فسوف أرد عليكم بعنف . تقدم أحد الرجال حاملا الفتاة المغشي عليها ، ووضعها في مقدمة السيارة ، صوب "عزيز" المسدس صوبه من خلف سيارته ، وصاح بالرجل أمرا :
    ـ ارجع من حيث أتيت .
    تراجع الرجل بسرعة ، وفي لحظة وثب "عزيز" داخل سيارته ، وقادها بسرعة جنونية ، بينما تقدمت سيارة المهاجمين وأصبحت بمحاذاة الجثة ، فانتشلوها ووضعوها في الحقيبة الخلفية .
    بدأت المطاردة في الشوارع الخالية ، واستطاع "عزيز" أن يمرق بسيارته إلي أحد الشوارع الجانبية والتمكن من تضليلهم ، وفي أثناء ذلك أخذت "سارة" تستعيد وعيها ، فأخذت تتأوه بألم وهي تتحسس خدها ، نظر إليها "عزيز" بقلق ، فقد كان ذنبه القاتل يتحرك دون إرادة منه ، وخشي أن تراه علي هذا الوضع.
    هتفت "سارة" بصوت ضعيف :
    ـ ماذا حدث ؟
    نظر إليها وقد أخذته الشفقة الممزوجة بالخوف علي حياتها ، وهتف :
    ـ لقد تعرضنا للاختطاف ، ولكني استطعت التغلب عليهم .
    بدأت "سارة" تتذكر ما حدث لها قبل أن يغشي عليها ، فتساءلت :
    ـ لماذا أرادوا اختطافنا ؟
    غمغم "عزيز" بضيق :
    ـ إنني لا أعرف هوية هؤلاء الرجال ، ويبدو أنهم يريدون الضغط علي من أجل الأبحاث التي أقوم بها في الوقت الحالي .
    كان رأسها مرتخيا علي كتف "عزيز" ، فحاولت أن ترفعه وقد ارتسم علي وجهها علامات الخوف والانزعاج ، فدفعها في رفق إليه وهو يطوقها بذراعه ، وقال يطمئنها وهو يربت علي منكبها في حنان :
    ـ لا تخافي يا حبيبتي لن يصيبك مكروه وأنت معي .
    هتفت "سارة" بجزع :
    ـ إنني خائفة عليك أنت .
    أطلت ابتسامة باهتة علي وجهه ، وهو يقول :
    ـ إنني أستطيع التصرف والتغلب عليهم ، ولكن أرجو منك الحذر في الأيام المقبلة ، فهم سيحاولون مرة أخري .
    بدأ ذنب "عزيز" ينكمش حتي تلاشى تحت المعطف ، فتنفس الصعداء ، ثم قال "لسارة " :
    ـ لقد تأخرت كثيرا ، سأوصلك حتي البيت .
    قالت "سارة" بقلق :
    ـ ماذا سنقول لوالداي وأنا بهذا الشكل الفظيع ؟
    ـ سنقول الحقيقة .
    قالها "عزيز" بهدوء ، وهو يربت علي شعرها بحنو ، ثم أضاف :
    ـ سنقول أنك تعرضت لهجوم من بعض الأشخاص ، وأنني استطعت إنقاذك ، بذلك نكون قد قلنا الحقيقة وفي نفس الوقت نلقي التعاطف والمساندة منهما .
    ابتسمت "سارة" رغم ألمها ، وهتفت :
    ـ إنك عبقري يا "عزيز" !
    وقفت "السيارة" أمام فيلا "سارة" ، وهبط الاثنان منها ، وعبرا البوابة ، ووجدا والديها يقفان عند مدخل الفيلا وهما يترقبان وصول ابنتهما بقلق ، أقبلت والدتها مسرعة ، صاحت بجذع فائق وهي تري ابنتها ، وقد تهدل شعرها الناعم وتورم خدها ، وبدا عليها الإعياء الشديد :
    ـ ماذا حدث يا "سارة"؟
    ثم توجهت بنظرها إلي "عزيز" , هي تصيح في ذعر :
    ـ أرجوك قل ماذا حدث لها ؟
    هتف "عزيز" :
    ـ اطمئني يا سيدتي لم يحدث لها مكروه .
    صاح والدها بقلق وهو يتلقفها في صدره :
    ـ هل أنت بخير يا ابنتي ؟
    أجابت "سارة" بصوت ضعيف :
    ـ لقد أنقذني الدكتور "عزام" من عصابة كانت ترغب في اختطافي ، وقد أبدي شجاعة مذهلة في مواجهتهم .
    لم يرد أبواها الخوض في التفاصيل ، فنظرا إليه بامتنان غامر ، وهتفت والدة "سارة" :
    ـ إنني أشكرك علي رعايتك لابنتنا يا دكتور "عزام" .
    قال "عزيز" بتواضع :
    ـ لا شكر علي واجب .
    صاح الوالد :
    ـ تفضل بالدخول يا دكتور "عزام" .
    قال "عزيز" :
    ـ أرجو المعذرة ، فالوقت متأخر ، وسوف أنام من فوري عند عودتي للبيت بعد هذا اليوم الشاق .


  3. #3
    عـضــو الصورة الرمزية فاطمه بنت السراة
    تاريخ التسجيل
    11/09/2007
    المشاركات
    650
    معدل تقييم المستوى
    17

    افتراضي

    :

    غاليتي فايزة
    في هذا الفصل إثارة وتشويق بالغين كأنني أشاهد فلما مصورا.

    متابعة إن شاء الله

    كوني بخير



    من النص:
    ــــــــــــــــ

    وقفت "السيارة" أمام فيلا "سارة" ، وهبط الاثنان منها ، وعبرا البوابة ، ووجدا والديها يقفان عند مدخل الفيلا وهما يترقبان وصول ابنتهما بقلق ، أقبلت والدتها مسرعة ، صاحت بجذع (بجزع) فائق وهي تري ابنتها ، وقد تهدل شعرها الناعم وتورم خدها ، وبدا عليها الإعياء الشديد :

    :

    اقبل الناس على ما هم عليه, وسامح ما يبدر منهم,
    واعلم أن هذه هي سنة الله في الناس والحياة ..

    الدكتور عائض القرني

  4. #4
    كاتبة / عضو المجلس الاستشاري سابقاً الصورة الرمزية فايزة شرف الدين
    تاريخ التسجيل
    16/10/2007
    المشاركات
    1,325
    معدل تقييم المستوى
    18

    افتراضي

    أهلا بك الغالية فاطمة
    لقد غيرت أيضا كلمات أثناء المراجعة .. إنه عنصر التشويق الذي أغرم به غاليتي .. والذي دوما يشد القارئ إلى العمل الروائي .

    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي


+ الرد على الموضوع

الأعضاء الذين شاهدوا هذا الموضوع : 0

You do not have permission to view the list of names.

لا يوجد أعضاء لوضعهم في القائمة في هذا الوقت.

المفضلات

المفضلات

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •