آخـــر الـــمـــشـــاركــــات

+ الرد على الموضوع
النتائج 1 إلى 4 من 4

الموضوع: ترجمة مقدمة كتاب "ماوراء الثقافة" لإدوارد هول

  1. #1
    أستاذ علم اللغة - قسم اللغة الإنجليزية
    كلية اللغات والترجمة - جامعة الأزهر
    الصورة الرمزية Prof. Ahmed Shafik Elkhatib
    تاريخ التسجيل
    27/09/2006
    المشاركات
    1,295
    معدل تقييم المستوى
    19

    افتراضي ترجمة مقدمة كتاب "ماوراء الثقافة" لإدوارد ت. هول

    فيما يلي ترجمتي لمقدمة كتاب عالم الأنثروبولوجيا الشهير إدوارد ت. هول، ماوراء الثقافة، أنكور برس/دبلداي، جاردن سيتي، نيويورك، 1981.


    مقدمة



    هناك أزمتان مترابطتان في عالم اليوم. وأولاهما وأكثرهما وضوحا هي أزمة السكان أو البيئة. وثانيتهما وأكثرهما خفاء، وإن كانت تتسم بالقدر نفسه من الخطورة، هي علاقات الإنسانية بامتداداتها ومؤسساتها وأفكارها، وأيضا العلاقات التي تربط بين الأفراد والجماعات التي تقطن الكرة الأرضية.



    وإذا لم يتم حل كلتا الأزمتين معا، فإن لن يتم التوصل إلى حل لأي منهما. وبالرغم من اعتقادنا بالتكنولوجيا واعتمادنا على الحلول التكنولوجية، فإنه ليست هناك حلول تقنية لمعظم المشاكل التي تواجه البشر. وبالإضافة إلى ذلك، فإنه حتى هذه الحلول التقنية التي يمكن تطبيقها على المشكلات البيئية لا يمكن أن تُطبق بصورة عقلانية إلا بعد أن تتجاوز البشرية القيود الذهنية التي تفرضها مؤسساتنا، وفلسفاتنا، وثقافاتنا. وما يجعل من كل هذا أمرا معقدا هو واقع الأحوال السياسية.



    فالسياسة جزء أساسي من الحياة – وهي تبدأ في البيت وتصبح أكثر وضوحا كلما اتضحت السلطة في المؤسسات الأكبر على المستويات المحلية والقومية والدولية. ولا ينبغي أن ننخدع بواجهة أي من السياسة أو المؤسسات السياسية. إذ إن ما نتحدث عنه هو السلطة واستخدامها. ومن المؤكد أن هناك في الحياة ما هو أكثر من السلطة سواء المُقَنَّعة أو السلطة في شكلها الصرف ؛ إذ إن المرء – على أقل تقدير – يأمل في أنه - بمرور الوقت- سوف يرتبط دافع السلطة بوسائل للتقدم أكثر عقلانية وأكثر إنسانية. وبغض الطرف عن السلطة، فإن الثقافة مازالت تلعب دورا بارزا يمكن رؤيته بوضوح في العلاقات بين الروس والغرب، على سبيل المثال. فلقد كانت الثقافة دائما تمثل قضية، ليس بين أوروبا وروسيا فحسب، ولكن فيما بين الدول الأوروبية أيضا. فالألمان، والفرنسيون، والإيطاليون، والإسبان، والبرتغاليون، والإنجليز، بالإضافة إلى الثقافتين الاسكندينافية والبلقانية لها جميعها شخصياتها الخاصة بها، ولغاتها، ونظمها الاتصالية غير اللفظية، وثقافتها المادية، وتاريخها، وطرق عمل الأشياء. ويمثل الجدل الذي نسمعه كثيرا, والذي يقول بأن الثقافات ليست متفردة, واحدا من الأمور غير المنطقية التي نناقشها في الفصول التالية. وفي الوقت الراهن فإن أوروبا تتمتع بالازدهار وبالهدوء المؤقت وتسبب عددا صغيرا من المشكلات. ولكن ماذا عن تصادم الثقافات في الشرق الأوسط الذي يهدد بتورط جميع الدول المستهلكة بكثرة للبترول؟ وماذا عن قيام الصين واليابان؟ إن أي غربي تمت تنشئته خارج الشرق الأقصى ويدَّعي أنه يفهم الصينيين أو اليابانيين فهما حقيقيا أو يستطيع أن يتواصل معهم إنما يخدع نفسه.[1] وفي الأفق تلوح الثقافات المتعددة في إفريقيا والدول الناهضة في أمريكا اللاتينية والتي تطالب – كحق لها – بأن يتم الاعتراف بها. وفي كل هذه الأزمات فإن المستقبل يعتمد على قدرة الإنسان على تجاوز حدود الثقافات كلٍ على حدة. ومع ذلك، فإنه لكي يتمكن من عمل ذلك، فلابد أولا من أن يدرك الأبعاد الخفية العديدة للثقافة الواقعة خارج نطاق الوعي وأن يقبلها، لأن لكل ثقافة شكلها الخفي والفريد من أشكال الثقافة اللاواعية.



    ومما يفاقم مشكلات العالم السياسية والثقافية هي الأزمات البيئية والاقتصادية. وكما أوضح هاردن[2] بحكمة وبعد نظر في مقاله المعنون "مأساة الأرض المشاع"[3] فإن البشرية لا يمكنها الاستمرار في زيادة استهلاك مصادر الثروة المحدودة في العالم. والنظام الإنجليزي التقليدي الخاص باستخدام الأرض المشاع في القرى (وهي الأرض التي يمتلكها ويستخدمها الجميع والمتاحة لكي ترعى فيها الماشية الخاصة) لم تؤدِ إلى صراع بين المصالح العامة والخاصة طالما كانت هناك أراض كافية. ولكن مع ازدياد القطعان أصبحت الأراضي التي أُسرف في الرعي عليها أقل إنتاجا مما اضطر معه الرعاة إلى زيادة قطعانهم لكي يحافظوا على المستوى نفسه، وهكذا تم القضاء على الأراضي المشاع. وتكمن المأساة في أن الأرباح انهالت على الرعاة الانتهازيين الذين كانوا يستغلون الأرض المشاع أكثر من غيرهم، في حين كانت الخسائر يتحملها جميع المستخدمين. أما أولئك الذين مارسوا كبح الجماح فإن عقوبتهم كانت مضاعفة. إذ إنهم لم يعانوا فحسب من الخسائر من جراء إسراف جيرانهم في الرعي، بل أيضا لم يكن بإمكانهم أن يستفيدوا من السوق عن طريق إنتاجهم.



    واليوم، فإن البحر، والجو، والممرات المائية، والتربة, والأرض وما تنتجه قد أصبحت جميعها أرضنا المشاع، وأصبحت جميعها تُستخدم أكثر مما ينبغي. ومن الواضح أن الدعاوى إلى الإيثار قد أصبحت بلا جدوى، وبمعنى من المعاني أصبحت أمرا يتسم بالحماقة. كما أن التكنولوجيا لن تحل هذه الورطة لأن هذه مشكلات إنسانية.



    ويقول هاردن إن طريقة التناول النيوتونية* والأحادية الاتجاه سوف ترضي فقط الساسة والمستغلين الكبار للأراضي المشاع الذين يستفيدون من المبالغة في تبسيط الأمور. ويشعر أن ما نحتاجه هو طريقة تناول داروينية** (ديونيسيوسية***) أكثر شمولا يمكن استخدامها كقاعدة لإرساء الأولويات، والبدائل، والخيارات. وباختصار فإنه إذا لم يستطع البشر أن يتعلموا العمل بانسجام وترشيد الاستهلاك وأنماط الإنتاج، فإنهم يتجهون نحو الكارثة. ومن المستحيل أن يتم تعاون أو أن يتم عمل أي من هذه الأشياء إلا إذا عرفنا طرق تفكير بعضنا البعض.



    وتكمن الإجابة لا في الحد من محاولات الإنسان ولكن في تطوير بدائل جديدة، وإمكانيات جديدة، وأبعاد جديدة، وخيارات جديدة، وسبل جديدة للاستخدامات الإبداعية للبشر القائمة على التعرف على المواهب المتعددة وغير العادية التي تتضح بصورة كبيرة في تنوع الجنس البشري.



    وهذا يؤدي بنا إلى سؤال مهم أخذ يتنامى في ذهني طوال حياتي. ويتعلق هذا السؤال بمواقفنا الكامنة تجاه أنفسنا. ولست أتحدث عن شيء سطحي يمكن ملاحظته أو تجربته بسهولة ولكن عن شيء أعمق وأكثر حساسية مما يبدو على السطح. وهذا السؤال هو: لماذا يشق معظم الناس على أنفسهم دون داع؟ ولماذا لا يستفيدون من مواهبهم بصورة أفضل؟ إن الأمر يبدو كما لو كنا قد غذينا الطفل الكامن في أعماق كل منا، ونظرا لكوننا نتسم بالطفولة، فإننا يخشى بعضنا بعضا. وليست هذه مشكلة بسيطة، بل ربما كانت موجودة في جميع أنحاء العالم. ومن المؤكد أن الجنس البشري لم يبدأ بعد في استغلال إمكانياته، ونظرا لأننا نشك إلى حد ما في هذا القصور، فإننا نلقي باللوم على كل الناس وكل شيء فيما عدا المتهم الحقيقي.



    ونحن نرى دليلا على انتقاص البشرية من نفسها في الفلكلور، والدين، والفلسفات، والمؤسسات، وأيضا في الحياة اليومية. ويبدو أن هذه العمليات لا تدخل في نطاق السيطرة الواعية ولكنها عميقة داخلنا. ولقد أصيب فرويد* بالدهشة من جراء قدرة الجنس البشري على التقليل من شأنه حتى أنه افترض وجود غريزة خاصة بالموت، ووضع نظرياته حول فكرة أن الجنس البشري يتقدم بصورة حتمية على حساب نفسه. وكان فرويد يؤمن بأن الطاقات الأساسية (أي القوى الشهوانية) كان لابد من كبتها حتى يتمكن الناس من العيش في جماعات، وأن الطاقة الجنسية كانت "تتسامى" إلى الدوافع الخلاقة والتعاونية التي أدت إلى قيام المؤسسات الحديثة. وبالنسبة له، فإن الإبداع كان نتيجة ثانوية لضرورة أن يقوم الإنسان بكبح طبيعته البشرية. ولقد كان فرويد، مثله في ذلك مثلنا جميعا، نتاجا لعصره هو، وهو العصر الذي كان يتميز بمثل ذلك التفكير، وفي سياق هذا العصر كان قدر كبير من تفكير فرويد له مغزاه. ومع ذلك فإن دراسة ماضينا، بالإضافة إلى دراسة حاضرنا، لا تؤكد وجهة نظر فرويد القائلة بأن البشر يتقدمون ويبنون المؤسسات عن طريق عملية تسامي الطاقة الجنسية. ويقدم هذا الكتاب بديلا آخر، وهو بالتحديد أنه بمجرد أن بدأ الناس في تطوير إمداداتهم، وبصفة خاصة اللغة، والأدوات، والمؤسسات، فإنهم قد وقعوا في شرك ما أسميه بـ "نقل الامتداد" (الفصل الثاني)، ونتيجة لذلك فإنهم يخطئون في الحكم ويغتربون عن المسوخ التي خلقوها ويعجزون عن السيطرة عليها. وبهذا المعنى، فقد تقدم البشر على حساب ذلك الجزء من أنفسهم الذي تم مده، ونتيجة لذلك فقد انتهى بهم الأمر إلى كبت الطبيعة البشرية بأشكالها المتعددة. وينبغي أن يكون هدف الإنسان من هذا المنطلق هو أن يعيد اكتشاف تلك النفس الطبيعية والمغتربة والمفقودة.



    ومن المؤكد أن هناك مجالات هائلة للصراع بين الإنسان الغربي وإمداداته المادية وغير المادية. فالأدوات التي ابتكرناها تشبه الحذاء غير المريح. وعن طريق ابتداع إمدادات غير مناسبة أو لا تعمل، فشل البشر في تنمية بعض من أهم أوجه إمكانياتهم النفسية والجسدية. ووفقا لما يقوله بعض أبرز دارسي العقل وأكثرهم إدراكا، ربما كان أكثر الأشياء تدميرا وضررا التي يمكن أن تحدث لشخص ما هي أن يفشل في الاستفادة من إمكانياته. إذ يطغى على الناس نوع من الفراغ المزعج، والتشوف، وخيبة الأمل، والغضب في غير محله عندما يحدث هذا. وسواء اتجه الغضب داخليا إلى النفس أو خارجيا تجاه الآخرين، فإن النتيجة هي الدمار المخيف. ونحن نعرف أن البشرية تتميز بموهبة عظمى؛ ونرى دليلا على ذلك في جميع النواحي. ومع ذلك فإن كيفية تطور البشر بهذا الكم الهائل من المواهب المتعددة هو أمر ليس مفهوما تماما. فنحن لم نبحث هذا الأمر، ربما لأننا لا نقدِّر أنفسنا حق قدرها، وربما لأننا نعرف قدرا ضئيلا جدا وليس هناك شيء نُقَوِّم به أنفسنا بمقتضاه.



    ويكمن جزء من المشكلة في التوتر القائم بين الإبداع والتنوع والحاجات المحددة المعينة إلى حد ما الخاصة بالمؤسسات. ومعظم الثقافات والمؤسسات التي ننشئها هي نتيجة الاضطرار إلى تطوير حلول متخصصة بدرجة كبيرة لمشكلات محددة نوعا ما. وعلى سبيل المثال، في إنجلترا خلال الأيام الأولى للثورة الصناعية[4]، عندما تم إحضار القرويين وعمال المزارع إلى المصانع للعمل فيها، فإن الجيل الأول من عمال المصانع لم يكن قد تعود على صفارة المصنع والوقت الذي يتَّبع جدولا خطيا. ومثلهم مثل جميع الشعوب في مرحلة ما قبل الصناعة، عندما كانوا يكسبون ما يكفي لسداد ديونهم والوفاء بمتطلبات العيش لفترة من الزمن، فإنهم كانوا يتركون العمل ويعودون إلى بيوتهم مما كان يؤدي إلى إزعاج هائل لأصحاب المصانع. وكان يمكن لهذا الموقف أن يستمر إلى ما لانهاية إذا لم يكن هناك فخ خفي – الأطفال. ولم يكن هناك فقط قوانين عمل الأطفال حينئذ بل لم يكن هناك أيضا أحد يرعى الأطفال في البيت؛ لذا فإن الأطفال الذين يتميزون بالقابلية للتشكل كانوا يعملون مع آبائهم في المصنع، وبما أنهم كانوا صغارا فإنهم قد تعودوا على الصفارة. وعندما كبروا قاموا بتنشئة أطفالهم هم بالكيفية نفسها، مما نتج عنه البدء في سلسلة من الأحداث وطرق التعامل مع الزمن التي لم تناسب الحاجات النفسية أو الجسمانية للعمال. ومع ذلك فنظرا لأن التكيف مع الجدول الخطي قد أصبح أمرا معتادا وتلقائيا، فقد أصبح يُنظر إليه بحسبانه ميزة وليس عيبا. وقد استغرق الأمر ما يقرب من قرن وربع القرن لكي يبدأ في العمل بصورة مناسبة. وفي يومنا هذا فإن الأطفال تتم تنشئتهم وفقا لنظام زمني مختلف – وهو نظام مرتبط بصورة أقل وضوحا فيما يتعلق بالزمان والمكان، وبمؤسسات فردية ؛ وهناك أيضا ضغط متزايد للتغلب على الصراعات الخاصة بالرتابة والإيقاع بين الإنسان والآلة. ونظرا لأننا قد وضعنا أنفسنا في حديثة حيوان خاصة بنا، فإننا نجد أنه من الصعب أن نتخلص من أسوارها. وبما أن الناس لا يستطيعون أن يحاربوا المؤسسات التي تعتمد عليها حياتهم، فإن النتيجة أنهم أولا يوجهون غضبهم بلا وعي إلى الداخل ثم فيما بعد إلى الخارج.



    ولكي نواصل موضوعنا الرئيسي، فإن إحساس كثير من الناس بقيمتهم يرتبط بصورة مباشرة بعدد المواقف التي يمتلكون فيها القدرة على التحكم، مما يعني أن كثيرا من الناس يعانون من مشاكل تتعلق بالصورة التي لديهم عن أنفسهم لأنه من الواضح أنهم يسيطرون على القليل جدا[5]. وأقصى درجات الحط من قدر الإنسان وإخضاع احتياجاته إلى الأشكال المؤسسية نراه في رواية كِن كيسي[6] طار فوق عش الوقواق. فالممرضة الكبيرة في كتاب كيسي تلخص كل المعاداة للإنسانية والتدميرية، وكل التشويهات لعملية الاتصال، وكل الانتهاكات للمعايير الثقافية التي يجدها المرء في الديوانيات* التي خلقناها. وهذا الكتاب تعبير مجازي ملائم باقتدار عن ضعف الحيلة ونقص توكيد الذات الشائع جدا في زماننا.



    وضعف الحيلة ونقص توكيد الذات يؤديان إلى العدوان، كما يؤكد ذلك مرارا وتكرارا علماء النفس وأطباء الأمراض النفسية. فالضعف النفسي هو نتيجة الأحداث الماضية، ولكن الضعف الناشئ عن المواقف والضعف الثقافي إنما هما أمران موجودان بالفعل. وقد قام السود وغيرهم من الأقليات باضطرابات في السنوات الأخيرة لأنهم رأوا أنفسهم عاجزين عن جعل النظام يعمل. وليست هناك وسيلة أخرى لشرح الانفجار الهائل للغضب الذي أثاره اغتيال مارتن لوثر كنج أو "غزو" كمبوديا. إذ إن الأساس كان قد وُضع قبل ذلك بكثير ، ولكنه كان قد أصبح واضحا فجأة وبصورة طاغية بالنسبة لجماعات الأقليات.



    إن الأمور أكثر هدوءا في الأحياء التي يعيش فيها السود الآن وذلك لأن إيقاع حياة السود يمر بمرحلة هائلة – إذ إنهم يلتقطون أنفاسهم. والأمور أكثر هدوءا في الحرم الجامعي منذ انتهاء حرب فيتنام. ولكن هناك مصدرا كبيرا ومستمرا لخيبة الأمل لأن المواهب الكثيرة للنساء، والسود، والأمريكيين الأصليين، والأمريكيين من أصل إسباني وغيرهم ليست غير معترف بها فحسب بل كثيرا ما تُشوه صورتها على يد أعضاء الجماعة المهيمنة. وإن خيبة الأمل اليومية المزعجة، وعدم القدرة على التواصل أو إرساء علاقات ذات مغزى، هذه كلها أمور تدعو إلى انقباض النفس.



    والدرس الثقافي والنفسي المستفاد والذي من المهم بالنسبة لنا قبوله هو أن إنكار الثقافة وإلقاء الظلال على التأثيرات التي يمكن أن تكون لها على المواهب الإنسانية يمكن أن تكون مدمرة ويحتمل أن تكون ذات نتائج خطيرة مثلها في ذلك مثل إنكار وجود الشر. إذ لابد من أن نتفهم كلا الأمرين. وإن قلة حيلتنا في مواجهة الثقافة ونواحي القصور الثقافية التي نضعها على تطور النفس هي التي يترتب عليها العدوان. ومن الأمور المتناقضة ظاهريا أن الطريقة الوحيدة التي يمكننا عن طريقها الهروب من القيود الخفية للثقافة الكامنة هي أن نشغل أنفسنا بنشاط ووعي في مناحي الحياة نفسها التي نأخذها كأمر مسلم به أكثر من غيرها.



    وهناك حاجة إلى حركة محو أمية ثقافية ضخمة ليست مفروضة ، ولكن تنبع من الداخل. ونستطيع جميعا أن نستفيد من معرفة أعمق بالكيان الذي لا يصدق والذي نتكون منه بحق. ويمكن أن ننمو، وأن نتيه فخرا، وأن نتنفس الصعداء بصورة أفضل لأننا نتمتع بكل هذه المواهب المرموقة. ومع ذلك، فلكي نفعل هذا، فإنه لابد لنا من أن نكف عن تصنيف الناس والمواهب إلى مراتب وأن نقبل حقيقة أن هناك العديد من الطرق التي تؤدي إلى الحقيقة وأنه ليس هناك ثقافة لها منعطف على الطريق أو ثقافة مؤهلة بصورة أفضل من غيرها من الثقافات للبحث عن الحقيقة. وبالإضافة إلى ذلك لا يمكن لإنسان أن يخبر إنسانا آخر كيف يقوم بعملية البحث تلك.



    إن عملية تأليف كتاب هي جهد تعاوني، وفي حين يكون المؤلف مسئولا في النهاية عن المضمون، والشكل، والأسلوب، وترتيب الأفكار، فإنه يعتمد على مساعدة من الآخرين والتي بدونها كانت مهمته ستطول بصورة غير محددة.



    ولذا، فإن امتناني الأول المصحوب بشكري وتقديري إنما هو لملدريد ريد هول، صديقتي، وشريكتي وزوجتي التي كثيرا ما أدى إيمانها بعملي إلى حفزي على الاستمرار في أوقات الشك أو الضغط العصبي. فبالرغم من مسئولياتها الوظيفية الكاملة فقد جعلت من الممكن بالنسبة لي أن يتاح الوقت للكتابة وذلك عن طريق تحملها للأعباء وحمايتي من مطالب الآخرين. كما قامت أيضا بقراءة مسودات عديدة لهذا الكتاب وقامت بنقدها. وبالنسبة للمساعدة في التحرير فإنني مدين بالشكر لروما مكنكل التي كانت مهارتها وخبرتها على أقصى درجة من العون. كما قدم المحرر الأول لكتابي في دار نشر دبل داي وهو ويليام هوايتهد نقدا موسعا وينم عن عمق في التفكير للمسودة الأولى. أما المسودة الثانية للكتاب فقد قامت بمراجعتها وإزالة نواحي الضعف فيها إليزابيث نابمان. ولكلا هذين المحررين في دبل داي أعرب عن شكري. أما وكيل أعمالي روبرت لسشر فقد ساهم أيضا بمساعدة لا تقدر بثمن في مراحل كثيرة من عملية إنتاج أصول الكتاب.



    وأتوجه بشكر خاص للأفراد التاليين الذين قاموا بأعمال أساسية للنشر لا تحصى ولا تعد: كورنيليا لوندز التي فكت طلاسم خطي، وقامت بنسخ العديد من أصول الكتاب، وساهمت بكثير من المقترحات المفيدة، وأيضا للين إتلسون ، وسنثيا بيترز اللذين ساعدا في البحث في المكتبة، وراجعا الهوامش والإشارات إلى المراجع؛ وأيضا لإلين مكوي هول التي ساهمت بالكثير من التعليقات المُقْنِعَة على أصل الكتاب في مراحل عديدة.





    --------------------------------------------------------------------------------

    [1] لا أعني أنه ليس هناك أشخاص موهوبون يبدأون بدايات طيبة. إذ إن ما أتحدث عنه هو الفهم العميق للسياقات في هذه الثقافات الرفيعة بدرجة عالية والمعقدة تعقيدا هائلا.

    [2] هاردن (1968)

    [3] الموضوعات المتعلقة بالأرض المشاع مفصلة في كتاب عنوانه: استكشاف أخلاقيات جديدة من أجل البقاء: رحلة سفينة الفضاء "بيجل"، تأليف جاريت هاردن (1972).

    * نسبة إلى إسحق نيوتن (1643-1727) الرياضي والفيزيائي الإنجليزي الذي وضع قانون الجاذبية العام وقوانين الحركة. (المترجم)

    ** نسبة إلى تشارلز روبرت داروين (1809-1882) عالم الطبيعة البريطاني، وصاحب النظرية الداروينية. أشهر آثاره "في أصل الأنواع" (عام 1859). (المترجم)

    *** ديونيسيوس (430-367 ق.م) طاغية سيراقوسة في صقلية (405-367 ق.م) الذي قاتل القرطاجيين. (المترجم)

    * سيجموند فرويد (1856-1939) طبيب أمراض عصبية نمساوي ، ومؤسس طريقة التحليل النفسي. (المترجم)

    [4] دى جرازيا (1962)

    [5] لا أعني بالسيطرة على الموقف المعنى المتعلق بالقوة. بل أقصد فقط السيطرة على كل منظومات التواصل أو معظمها، سواء أكانت لفظية أم غير لفظية، بحيث يمكن للفرد أن يجعل الآخرين يشعرون بوجوده، ,ان يجعل نفسه جزءا من معادلات الحياة.

    [6] كيسي (1962)

    * اخترنا كلمة "الديوانية" (وجمعها "الديوانيات") ترجمة لكلمة bureaucracy التي كثيرا ما تُعَرَّب إلى "البيروقراطية". (المترجم)

    أ. د. أحمد شفيق الخطيب
    أستاذ علم اللغة - قسم اللغة الإنجليزية - كلية اللغات والترجمة - جامعة الأزهر
    (حاليا أستاذ بكلية التربية للبنات - الطائف - السعودية)
    مشرف على منتدى علم اللغة
    محرر باب (مقالات لغوية (وترجمية)) على بوابة الجمعية

  2. #2
    عـضــو الصورة الرمزية fizaziabdeslam
    تاريخ التسجيل
    16/10/2006
    المشاركات
    157
    معدل تقييم المستوى
    18

    افتراضي

    عزيزي احمد
    اليك مني الف تحية ومحبة
    اعجبت كثيرا بهم مشترك بيننا، حيث قرات لك ترجمة الكتاب الوارد في هذا المحور، واخبرك أنني ترجمت الكتاب كاملا وبعثت به الى دور النشر لكن المشكل طلب مني الترخيص من دار النشر الأصلية كي يتم نشره بطريقة قانونية ،ولقد ترجمته عن الفرنسية وليس عن اللغة الأصل، وبعثت الى دار سوي قصد الحصول على الترخيص إلا ان الدار أجابتني بان اتصل بالدار الأصلية لكن لم أجد لها سبيلا، وسبق لي أن طلبت عن طريق الاعلان في واتا في السنة الماضية عمن يستطيع أن يمنحني بعنوان الدار الأصلية لكن لم يستطع أحد، فهلا وفرت علي هذا العمل وسأكون لك شاكرا، ولعلمك فإن الكتاب يستحق النشر..وفي السنة الماضية نشرته في جريدة مغربية تسمى الصحراء المغربية في ثلاثين حلقة، مما جعل القراء يلحون على نشره لأنه مهم..ولك مني عزيزي الشكر والتحية..ارجو اذن الحصول على الترخيص والعنوان الدقيق للدار كي يتم مراسلتها.
    واسلم عزيزيا
    أخوك عبد السلام فزازي


  3. #3
    أستاذ علم اللغة - قسم اللغة الإنجليزية
    كلية اللغات والترجمة - جامعة الأزهر
    الصورة الرمزية Prof. Ahmed Shafik Elkhatib
    تاريخ التسجيل
    27/09/2006
    المشاركات
    1,295
    معدل تقييم المستوى
    19

    افتراضي

    الأخ الكريم عبد السلام فزازي
    المعلومات الببليوجرافية على صفحة العنوان هي:
    Anchor Books
    Anchor Press/Doubleday
    Garden City, New York
    أما حقوق النشر فهي للمؤلف نفسه، في طبعتي 1976, 1981.

    حبذا لو تفضلتم بنشر بعض الفصول من ترجمتكم على هذا المنتدى.

    تمنياتي بالتوفيق

    أ. د. أحمد شفيق الخطيب
    أستاذ علم اللغة - قسم اللغة الإنجليزية - كلية اللغات والترجمة - جامعة الأزهر
    (حاليا أستاذ بكلية التربية للبنات - الطائف - السعودية)
    مشرف على منتدى علم اللغة
    محرر باب (مقالات لغوية (وترجمية)) على بوابة الجمعية

  4. #4
    عـضــو الصورة الرمزية fizaziabdeslam
    تاريخ التسجيل
    16/10/2006
    المشاركات
    157
    معدل تقييم المستوى
    18

    افتراضي

    عزيزي الكريم تأنشر ما تريد وانا رهن لاشارة
    أخوك عبد السلام فزازي


+ الرد على الموضوع

الأعضاء الذين شاهدوا هذا الموضوع : 0

You do not have permission to view the list of names.

لا يوجد أعضاء لوضعهم في القائمة في هذا الوقت.

المفضلات

المفضلات

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •