أنا لا أفكر إذن أنا موجود

لن أذهب بعيدا في عرض مضمون القولة التي أتبناها و أعتبر نفسي رهنا لها إلى إشعار آخر ، رغم عدم تمكني من ترجمتها إلا في الخربشات التي أنسجها عبر السرد خاصة .

لو قرأت معي الجملة من اليسار إلى اليمين ،مع ما تستدعيه من استبدال لاستقامة الدلالة المراد توضيحها ، فإنك ستخلص إلى البنية العميقة التي تتأسس عليها الدلالة ، ارتباطا بالواقع و ما يتناسل فيه من أسباب النزول . أنا موجود إذن أنا لا أفكر .

بين الوجود وعدمه ، وبين التفكير ونفيه ، يتمحور مكون الأنا / الذات ، بكل حمولتها الذهنية المتعددة الأبعاد في الزمان و المكان ، و الأنا / الذات المركبة من الوعي واللاوعي ، ليست حاضرة بالفعل إلا من خلال الغياب بالقوة، ذلك أن القبول بالتواطؤ على النفي من أجل الوجود ، بما يستتبعه ذلك من إلغاء التفكير ، يؤطر القولة ويحكم سياقها ، بحيث يتحقق واقعا إثبات الوجود بنفي التفكير .

يمكن التمثيل على ذلك بالكائن السياسي في التركيبة الذهنية ، أليس النزوع نحو إثبات التفكير بما يحتمله من تبعات مدخلا لنفي الوجود ؟ أليس القبول بنفي التفكير مدخلا لإثبات الوجود ؟

لكن يبقى السؤال الجوهري : عن أي تفكير مراد بالنفي نتحدث لإثبات الوجود ؟ بل عن أي وجود مراد بإثبات الوجود نتحدث لنفي التفكير ؟

أما بعد ، فأنا لا أفكر إذن أنا موجود ، ليست إلا خلاصة تجربة في حيز زمكاني ، وبالتالي ليست بالضرورة منطقا يمكن أن ينسحب على المعقول ، مادامت شروط التجربة في سياقها الموضوعي ، لا تنتج المعنى إلا ضمن اللامعقول / العبثي .

...