Warning: preg_replace(): The /e modifier is deprecated, use preg_replace_callback instead in ..../includes/class_bbcode.php on line 2968
بديل محلي لجوجل .. عملية ليست مستحيلة ... ؟

آخـــر الـــمـــشـــاركــــات

+ الرد على الموضوع
النتائج 1 إلى 2 من 2

الموضوع: بديل محلي لجوجل .. عملية ليست مستحيلة ... ؟

  1. #1
    أستاذ بارز الصورة الرمزية تميم فخري الدباغ
    تاريخ التسجيل
    02/10/2006
    العمر
    60
    المشاركات
    214
    معدل تقييم المستوى
    18

    Neww بديل محلي لجوجل .. عملية ليست مستحيلة ... ؟

    بعد الانتشار الواسع والكاسح الذي حققته محركات البحث ـ خاصة جوجل وياهوو ـ والمدي الذي بلغاه من حيث الحجم والتنوع والقوة والتعقيد‏,‏ أصيبت الأغلبية الساحقة من متخصصي الإنترنت ومستخدميها المصريين والعرب بالصدمة والرعب من مجرد التفكير في مناطحة هذين العملاقين‏,‏ وأصبحت الدعوة للبحث عن بدائل وطنية أو قومية لهما ومحاولة التعامل معهما بندية أشبه بالدعوة لتحرير القدس من الصهاينة عنوة‏,‏ فهي دعوة يقف في طريقها طابور طويل من الخانعين فاقدي الثقة المنسحقين أمام سطوة جوجل وياهوو والمنهزمين سلفا قبل أن يبدأوا أي محاولة أو يدخلوا معركة أو يواجهوا تحديا‏,‏ المفتقدين للخيال والإبداع والمستفيدين دوما من الوضع القائم والبعيدين كل البعد عن إعلاء قيم الاعتماد علي الذات‏,‏ لكن شعبا مثل كوريا يقدم لنا وللعالم تجربة تقول إن مناطحة جوجل وياهوو ممكنة وإيجاد بديل وطني يهمشهما ويطرحهما جانبا أمرا واردا للغاية‏,‏ وأن مفتاح السر يكمن ليس في آلة البحث ذاتها ولكن في الملك الجديد المتوج بلا منازع علي عرش الإنترنت وهو المحتوي المحلي المبني علي الاعتزاز بما هو خاص ومتفرد واستخدامه في بناء النفس ومواجهة سطوة وغزو الآخر‏.‏

    القصة ببساطة أن في كوريا الآن محرك بحث وطنيا محليا يحتل المرتبة رقم واحد هناك‏,‏ والفاصل بينه وبين جوجل وياهوو كبير جدا من حيث الاستخدام والشعبية والانتشار نظرا للفائدة التي يقدمها للمواطنين‏,‏ ولذلك تبدو معادلة القوة في صالحة إلي الدرجة التي جعلت قادة المحركين العملاقين يعترفان علنا بأن كوريا ليست مكانا اعتياديا بالنسبة لهما‏,‏ بل بيئة عصية يضيق عليهما الخناق داخلها حتي باتا غير قادرين علي ممارسة أي نوع من التأثير والسطوة والأخذ بعقول الناس كما هو معتاد بالعالم أجمع‏.‏ فكرة هذا المحرك تقوم علي الوعي بأن المحرك الحقيقي والمفيد علي الشبكة ليس هو آلة البحث في حد ذاتها مهما بلغت شأوا عاليا في شمول البحث وسرعته ودقته‏,‏ وإنما هو المحتوي المناسب للناس‏

    أو المعلومات والبيانات المختلفة نصوص ـ صور ـ فيديو وما يبني عليها من خدمات يبحث عنها الناس في مجتمعهم المحلي ـ شارع أو قرية أو مدينة‏...‏ ألخ ـ علي مدار الساعة وترتبط ارتباطا لصيقا بحياتهم اليومية واحتياجاتهم الحقيقية‏,‏ ثم وضع المحتوي علي الشبكة وبعد ذلك تركيب آلة بحث علي هذا المحتوي تقدم للناس نفائسه وخدماته وكل ما يحتويه من قيمة بالطريقة التي يريدونها ويتوقعونها‏,‏ ولأن أهل مكة أدري بشعابها فإن أفضل من يبني المحتوي المناسب للناس ويضعه علي الإنترنت هم الناس أنفسهم وليس أحد آخر‏.‏

    تأسيسا علي ذلك فإن الطريق إلي بديل محلي لجوجل وياهوو لم يبدأ بتشييد قاعدة بيانات يوضع فيها محتوي الأولوية فيه لمعلومات حول إبداعات اينشتين أو إصدارات البنك الدولي وأمهات الكتب بمكتبة الكونجرس‏,‏ أو ملفات الحربين العالميتين‏,‏ بل بدأ بمعلومات تصف لمواطن في قرية بأعماق الريف لمن يبيع اليوم فائض اللبن الذي تكون لديه بعد أن أخذ كفايته هو وأسرته من ناتج بقرته وبأي سعر‏,‏ أو لمواطن بقلب مدينة كورية كيف سيصل إلي عيادة طبيب في وسط المدينة إذا ما خرج من السلم الغربي لمحطة مترو الأنفاق التي تبعد عن مكان الطبيب مئات الأمتار‏.‏

    هذا التصور حول بناء وتشغيل وإدارة محرك البحث والاستفادة منه‏,‏ لا يمكن أن يجده الكوريون في جوجل وياهوو بأية حال‏,‏ ولا يمكن أن يبنيه سوي كوريين محبين واثقين واعين باحتياجات مواطنيهم التي لن يفهمها مسئولو جوجل وياهوو بالطريقة نفسها‏,‏ وأيضا لا يمكن أن يتم بناؤه إلا إذا كانت روح المشاركة وقادة وجذوة العطاء والانتماء للوطن مشتعلة ورصيد الثقة بالنفس عميقا‏,‏ والإحساس بقيمة ما يبذل مرهفا سواء كان البذل صغيرا أو كبيرا‏.‏

    من رحم هذه الأجواء المفعمة بالتفاؤل والقدرة علي المشاركة والاعتزاز بما هو محلي بدأت فكرة محرك البحث الوطني الكوري وتطورت بسرعة مع إقبال مئات الآلاف من الكوريين علي موقع محرك البحث‏,‏ يغذونه بالمعلومات والبيانات المحلية ويساعدون بعضهم البعض في عرضها وتنظيمها وفهرستها‏,‏ ويجيبون علي أسئلة بعضهم البعض فورا‏,‏ وشيئا فشيئا تشكل محتوي مذهل في تفرده وفي التصاقه بحياة الإنسان الكوري الفرد‏,‏ حتي أنهم أطلقوا عليه اسم نيفر وهو اسم مشتق من كلمتين إنجليزيتين معناهما قريب ومتصفح‏.‏

    ولكي نفهم أكثر الآلية المتبعة في بناء وتشغيل هذا المحرك انظر معي إلي قصة كتبها أحد المراسلين الغربيين وهو يصف ما يجري علي هذا المحرك‏,‏ وتقول القصة أن طفلة كورية تدعي بارك وتبلغ من العمر خمسة عشر عاما أرادت أن تعرف المسار القصير من محطة أتوبيس في جنوب مدينة بوسان الكورية إلي سوق السمك الذي يقع إلي الشرق من المدينة‏,‏ ولم يقدم لها جوجل أو ياهوو بخرائطهما ومعلوماتهما المعلومة التي تريدها‏,‏ فذهبت إلي محرك نيفر الكوري ووضعت سؤالا بالمعلومة التي تريدها‏,‏ وقرأ السؤال عشرات الآلاف من الكوريين الذين كانوا يستخدمون المحرك في هذه اللحظة ومن بينهم المواطن الكوري اتشو إن جون بائع اليانصيب في بوسان والبالغ من العمر‏50‏ عاما‏,‏ والذي قام بنشر إجابة تفصيلية لهذه الطفلة مدعمة بخريطة‏,‏ وتضمنت الإجابة إرشادات عن المكان الذي يجب أن تقوم فيه بتغيير القطارات وأين يجب أن تنزل وأي مخرج من مخارج المحطة الذي يجب أن تخرج منه وما هي المدة التي تستغرقها في المشي من هذا المكان إلي السوق‏,‏ ثم قام بإرفاق خريطة لمنطقة السوق‏,‏ فهل كان أي من جوجل أو ياهوو قادرا علي تقديم إجابة بهذا الشكل عن سؤال هذه الطفلة؟

    في هذه اللحظة تحولت المعلومة التي وضعها بائع اليانصيب إلي جزء من المحتوي الموجود بمحرك البحث ليكون جاهزا ويحصل عليه من يقومون بطرح نفس السؤال يوما ما مستقبلا‏.‏

    بعدما حصلت الفتاة علي الإجابة أعطت تشو التقييم الأعلي‏5‏ نجوم وشكرته من خلال خدمة التراسل الفورية التابعة لموقع نيفر‏,‏ ولمكافأة تشو علي ردوده النشطة والإيجابية في السنتين الماضيتين‏,‏ وضع نيفر اسمه في‏'‏ لوحة شرف‏'‏ وهي اللوحة التي يتم إدراج أسماء المساهمين النشطين في الموقع فيها‏.‏

    حينما سأل المراسل الغربي تشو عما فعل أجاب المواطن الكوري‏'‏ عندما يشكرني أناس لم أقابلهم في حياتي‏,‏ أشعر بالراحة فلا أحد يدفع لي مقابل فعل ذلك لكن مساعدة الآخرين علي الإنترنت هو بمثابة إدمان بالنسبة لي‏,‏ فأنا أقضي ثلاث ساعات في اليوم في هذا العمل وأقتطعها من وقت نومي‏,‏ وأنا لست معلما لكنني أعرف كيفية الوصول من مكان إلي مكان في مدينتي‏'.‏ينشر محرك نيفر تقارير حول المساهمات التي يقدمها الكوريون لبعضهم البعض‏,‏ وتقول هذه التقارير أن تشو وحده قام بالإجابة علي‏2520‏ سؤالا في قاعدة البيانات الملحقة بالمحرك ومعظمها يدور حول المسارات المرورية في بوسان‏

    ويقول مراقبون قاموا بتحليل هذه التجربة أن رغبة المواطنين الكوريين في مساعدة بعضهم البعض هي التي جعلت محرك نيفر رائدا لمحركات البحث بلا منازع في كوريا الجنوبية فهو يعالج أكثر من‏77%‏ من كافة عمليات البحث في كوريا‏,‏ تليه بوابة بحث كورية جنوبية أخري تسمي دوم نيت بلغت حصتها في وقت قصير‏10.8‏ تلتها خدمة ياهو باللغة الكورية الجنوبية بنسبة‏4.4%,‏ أما جوجل التي أصبحت تتربع علي قمة محركات البحث في العالم معتمدة بشكل كبير علي احتياطيها وواجهة استخدامها البسيطة وشهرتها فلا تعالج إلا‏1.7%‏ من عمليات البحث في كوريا الجنوبية‏,‏ وفي كل يوم يقوم في المتوسط‏16‏ مليون شخص بزيارة موقع نيفر مدخلين‏110‏ ملايين استعلام يطلبون خلالها معلومات من المحرك‏

    وفي الوقت نفسه يضيفون وينشرون إجابات علي‏44‏ ألف سؤال يوميا تضاف إلي قاعدة البيانات التفاعلية للأسئلة والأجوبة الملحقة بالمحرك والتي تحمل اسم المعرفة أو نوليدج‏,‏ ويتلقون حوالي‏110‏ آلاف إجابة تترواح بين رد يحتوي علي جملة إلي مقالات كاملة مضافا إليها حواشي وتذييلات‏,‏ ولدي محرك نيفر قاعدة بيانات مجمعة تم إنشاؤها من قبل إدخالات المستخدمين وصلت إلي‏70‏ مليون إدخال‏

    أما الشركة المشرفة علي محرك نيفر فهي في الأصل شركة ألعاب تحمل اسم إن اتش إن‏,‏ والآن أصبحت أعلي شركات الإنترنت أرباحا بكوريا وتوظف‏27‏ ألف عامل وحققت أرباحا‏299‏ مليار وان تعادل‏325‏ مليون دولار‏.‏في ضوء تجربة كوريا فإن الطريق إلي بديل محلي لجوجل وياهوو بمصر يبدأ بمعلومات تقول لمواطن في قرية بأعماق الريف‏:‏ لمن يبيع اليوم فائض اللبن الذي تكون لديه بعد أن أخذ كفايته هو وأسرته من ناتج بقرته وبأي سعر‏,‏ أو لمواطن بقلب القاهرة‏:‏ كيف سيصل إلي عيادة طبيب في باب اللوق إذا ما خرج من السلم الغربي لمحطة مترو الأنفاق بميدان التحرير إذا كان هو قادما من حلوان واختلط عليه الأمر ولم يخرج من المخرج الشرقي‏,‏ أما البدايات الكلاسيكية المعتادة المفتقدة للتميز المحلي فمآلها الفشل لا محالة‏.‏

    إن كوريا ليست وحدها التي خاضت تجربة من هذا النوع‏,‏ فهناك بلدان بل ومدن وربما قري كثيرة اتبعت النهج نفسه ونجح‏,‏ وجميعها تجارب تؤكد أن ميزة الإنترنت الكبري أنها لا تحجب النجاح عن أحد مهما كان صغيرا بعيدا مهمشا‏,‏ ولا تضفي حصانة ضد المنافسة علي أحد مهما كان عملاقا يحتل مركز القلب‏,‏ ولا تمنح صكا أبديا بالنجاح لأحد حتي لو كان نجما فوق العادة ويمتلك مساحة للحركة بطول الشبكة وعرضها‏,‏ وأنها فضاء رحب أمام من يحرص علي أن يبني نفسه بنفسه ويجاهد في صون خصوصيته ويعتز بثقافته‏,‏ لكنها تضيق بما رحبت علي كل من يفتقد العزيمة والثقة وينهزم قبل أن يبدأ وينسحق بلا مبرر وبلا ثمن أمام الآخرين‏,‏ ولذلك أقول أن الطريق إلي بديل محلي لجوجل وياهوو مهمة ليست مستحيلة‏..‏ فهل لا يزال لدينا أحد يسمع أو يرضي بشرف المحاولة؟

    ملاحظة : الموضوع منقول لغرض المناقشة وزيادة المعلومات .


  2. #2
    أستاذ بارز الصورة الرمزية تميم فخري الدباغ
    تاريخ التسجيل
    02/10/2006
    العمر
    60
    المشاركات
    214
    معدل تقييم المستوى
    18

    Neww بديل محلي لجوجل .. عملية ليست مستحيلة ... ؟

    بعد الانتشار الواسع والكاسح الذي حققته محركات البحث ـ خاصة جوجل وياهوو ـ والمدي الذي بلغاه من حيث الحجم والتنوع والقوة والتعقيد‏,‏ أصيبت الأغلبية الساحقة من متخصصي الإنترنت ومستخدميها المصريين والعرب بالصدمة والرعب من مجرد التفكير في مناطحة هذين العملاقين‏,‏ وأصبحت الدعوة للبحث عن بدائل وطنية أو قومية لهما ومحاولة التعامل معهما بندية أشبه بالدعوة لتحرير القدس من الصهاينة عنوة‏,‏ فهي دعوة يقف في طريقها طابور طويل من الخانعين فاقدي الثقة المنسحقين أمام سطوة جوجل وياهوو والمنهزمين سلفا قبل أن يبدأوا أي محاولة أو يدخلوا معركة أو يواجهوا تحديا‏,‏ المفتقدين للخيال والإبداع والمستفيدين دوما من الوضع القائم والبعيدين كل البعد عن إعلاء قيم الاعتماد علي الذات‏,‏ لكن شعبا مثل كوريا يقدم لنا وللعالم تجربة تقول إن مناطحة جوجل وياهوو ممكنة وإيجاد بديل وطني يهمشهما ويطرحهما جانبا أمرا واردا للغاية‏,‏ وأن مفتاح السر يكمن ليس في آلة البحث ذاتها ولكن في الملك الجديد المتوج بلا منازع علي عرش الإنترنت وهو المحتوي المحلي المبني علي الاعتزاز بما هو خاص ومتفرد واستخدامه في بناء النفس ومواجهة سطوة وغزو الآخر‏.‏

    القصة ببساطة أن في كوريا الآن محرك بحث وطنيا محليا يحتل المرتبة رقم واحد هناك‏,‏ والفاصل بينه وبين جوجل وياهوو كبير جدا من حيث الاستخدام والشعبية والانتشار نظرا للفائدة التي يقدمها للمواطنين‏,‏ ولذلك تبدو معادلة القوة في صالحة إلي الدرجة التي جعلت قادة المحركين العملاقين يعترفان علنا بأن كوريا ليست مكانا اعتياديا بالنسبة لهما‏,‏ بل بيئة عصية يضيق عليهما الخناق داخلها حتي باتا غير قادرين علي ممارسة أي نوع من التأثير والسطوة والأخذ بعقول الناس كما هو معتاد بالعالم أجمع‏.‏ فكرة هذا المحرك تقوم علي الوعي بأن المحرك الحقيقي والمفيد علي الشبكة ليس هو آلة البحث في حد ذاتها مهما بلغت شأوا عاليا في شمول البحث وسرعته ودقته‏,‏ وإنما هو المحتوي المناسب للناس‏

    أو المعلومات والبيانات المختلفة نصوص ـ صور ـ فيديو وما يبني عليها من خدمات يبحث عنها الناس في مجتمعهم المحلي ـ شارع أو قرية أو مدينة‏...‏ ألخ ـ علي مدار الساعة وترتبط ارتباطا لصيقا بحياتهم اليومية واحتياجاتهم الحقيقية‏,‏ ثم وضع المحتوي علي الشبكة وبعد ذلك تركيب آلة بحث علي هذا المحتوي تقدم للناس نفائسه وخدماته وكل ما يحتويه من قيمة بالطريقة التي يريدونها ويتوقعونها‏,‏ ولأن أهل مكة أدري بشعابها فإن أفضل من يبني المحتوي المناسب للناس ويضعه علي الإنترنت هم الناس أنفسهم وليس أحد آخر‏.‏

    تأسيسا علي ذلك فإن الطريق إلي بديل محلي لجوجل وياهوو لم يبدأ بتشييد قاعدة بيانات يوضع فيها محتوي الأولوية فيه لمعلومات حول إبداعات اينشتين أو إصدارات البنك الدولي وأمهات الكتب بمكتبة الكونجرس‏,‏ أو ملفات الحربين العالميتين‏,‏ بل بدأ بمعلومات تصف لمواطن في قرية بأعماق الريف لمن يبيع اليوم فائض اللبن الذي تكون لديه بعد أن أخذ كفايته هو وأسرته من ناتج بقرته وبأي سعر‏,‏ أو لمواطن بقلب مدينة كورية كيف سيصل إلي عيادة طبيب في وسط المدينة إذا ما خرج من السلم الغربي لمحطة مترو الأنفاق التي تبعد عن مكان الطبيب مئات الأمتار‏.‏

    هذا التصور حول بناء وتشغيل وإدارة محرك البحث والاستفادة منه‏,‏ لا يمكن أن يجده الكوريون في جوجل وياهوو بأية حال‏,‏ ولا يمكن أن يبنيه سوي كوريين محبين واثقين واعين باحتياجات مواطنيهم التي لن يفهمها مسئولو جوجل وياهوو بالطريقة نفسها‏,‏ وأيضا لا يمكن أن يتم بناؤه إلا إذا كانت روح المشاركة وقادة وجذوة العطاء والانتماء للوطن مشتعلة ورصيد الثقة بالنفس عميقا‏,‏ والإحساس بقيمة ما يبذل مرهفا سواء كان البذل صغيرا أو كبيرا‏.‏

    من رحم هذه الأجواء المفعمة بالتفاؤل والقدرة علي المشاركة والاعتزاز بما هو محلي بدأت فكرة محرك البحث الوطني الكوري وتطورت بسرعة مع إقبال مئات الآلاف من الكوريين علي موقع محرك البحث‏,‏ يغذونه بالمعلومات والبيانات المحلية ويساعدون بعضهم البعض في عرضها وتنظيمها وفهرستها‏,‏ ويجيبون علي أسئلة بعضهم البعض فورا‏,‏ وشيئا فشيئا تشكل محتوي مذهل في تفرده وفي التصاقه بحياة الإنسان الكوري الفرد‏,‏ حتي أنهم أطلقوا عليه اسم نيفر وهو اسم مشتق من كلمتين إنجليزيتين معناهما قريب ومتصفح‏.‏

    ولكي نفهم أكثر الآلية المتبعة في بناء وتشغيل هذا المحرك انظر معي إلي قصة كتبها أحد المراسلين الغربيين وهو يصف ما يجري علي هذا المحرك‏,‏ وتقول القصة أن طفلة كورية تدعي بارك وتبلغ من العمر خمسة عشر عاما أرادت أن تعرف المسار القصير من محطة أتوبيس في جنوب مدينة بوسان الكورية إلي سوق السمك الذي يقع إلي الشرق من المدينة‏,‏ ولم يقدم لها جوجل أو ياهوو بخرائطهما ومعلوماتهما المعلومة التي تريدها‏,‏ فذهبت إلي محرك نيفر الكوري ووضعت سؤالا بالمعلومة التي تريدها‏,‏ وقرأ السؤال عشرات الآلاف من الكوريين الذين كانوا يستخدمون المحرك في هذه اللحظة ومن بينهم المواطن الكوري اتشو إن جون بائع اليانصيب في بوسان والبالغ من العمر‏50‏ عاما‏,‏ والذي قام بنشر إجابة تفصيلية لهذه الطفلة مدعمة بخريطة‏,‏ وتضمنت الإجابة إرشادات عن المكان الذي يجب أن تقوم فيه بتغيير القطارات وأين يجب أن تنزل وأي مخرج من مخارج المحطة الذي يجب أن تخرج منه وما هي المدة التي تستغرقها في المشي من هذا المكان إلي السوق‏,‏ ثم قام بإرفاق خريطة لمنطقة السوق‏,‏ فهل كان أي من جوجل أو ياهوو قادرا علي تقديم إجابة بهذا الشكل عن سؤال هذه الطفلة؟

    في هذه اللحظة تحولت المعلومة التي وضعها بائع اليانصيب إلي جزء من المحتوي الموجود بمحرك البحث ليكون جاهزا ويحصل عليه من يقومون بطرح نفس السؤال يوما ما مستقبلا‏.‏

    بعدما حصلت الفتاة علي الإجابة أعطت تشو التقييم الأعلي‏5‏ نجوم وشكرته من خلال خدمة التراسل الفورية التابعة لموقع نيفر‏,‏ ولمكافأة تشو علي ردوده النشطة والإيجابية في السنتين الماضيتين‏,‏ وضع نيفر اسمه في‏'‏ لوحة شرف‏'‏ وهي اللوحة التي يتم إدراج أسماء المساهمين النشطين في الموقع فيها‏.‏

    حينما سأل المراسل الغربي تشو عما فعل أجاب المواطن الكوري‏'‏ عندما يشكرني أناس لم أقابلهم في حياتي‏,‏ أشعر بالراحة فلا أحد يدفع لي مقابل فعل ذلك لكن مساعدة الآخرين علي الإنترنت هو بمثابة إدمان بالنسبة لي‏,‏ فأنا أقضي ثلاث ساعات في اليوم في هذا العمل وأقتطعها من وقت نومي‏,‏ وأنا لست معلما لكنني أعرف كيفية الوصول من مكان إلي مكان في مدينتي‏'.‏ينشر محرك نيفر تقارير حول المساهمات التي يقدمها الكوريون لبعضهم البعض‏,‏ وتقول هذه التقارير أن تشو وحده قام بالإجابة علي‏2520‏ سؤالا في قاعدة البيانات الملحقة بالمحرك ومعظمها يدور حول المسارات المرورية في بوسان‏

    ويقول مراقبون قاموا بتحليل هذه التجربة أن رغبة المواطنين الكوريين في مساعدة بعضهم البعض هي التي جعلت محرك نيفر رائدا لمحركات البحث بلا منازع في كوريا الجنوبية فهو يعالج أكثر من‏77%‏ من كافة عمليات البحث في كوريا‏,‏ تليه بوابة بحث كورية جنوبية أخري تسمي دوم نيت بلغت حصتها في وقت قصير‏10.8‏ تلتها خدمة ياهو باللغة الكورية الجنوبية بنسبة‏4.4%,‏ أما جوجل التي أصبحت تتربع علي قمة محركات البحث في العالم معتمدة بشكل كبير علي احتياطيها وواجهة استخدامها البسيطة وشهرتها فلا تعالج إلا‏1.7%‏ من عمليات البحث في كوريا الجنوبية‏,‏ وفي كل يوم يقوم في المتوسط‏16‏ مليون شخص بزيارة موقع نيفر مدخلين‏110‏ ملايين استعلام يطلبون خلالها معلومات من المحرك‏

    وفي الوقت نفسه يضيفون وينشرون إجابات علي‏44‏ ألف سؤال يوميا تضاف إلي قاعدة البيانات التفاعلية للأسئلة والأجوبة الملحقة بالمحرك والتي تحمل اسم المعرفة أو نوليدج‏,‏ ويتلقون حوالي‏110‏ آلاف إجابة تترواح بين رد يحتوي علي جملة إلي مقالات كاملة مضافا إليها حواشي وتذييلات‏,‏ ولدي محرك نيفر قاعدة بيانات مجمعة تم إنشاؤها من قبل إدخالات المستخدمين وصلت إلي‏70‏ مليون إدخال‏

    أما الشركة المشرفة علي محرك نيفر فهي في الأصل شركة ألعاب تحمل اسم إن اتش إن‏,‏ والآن أصبحت أعلي شركات الإنترنت أرباحا بكوريا وتوظف‏27‏ ألف عامل وحققت أرباحا‏299‏ مليار وان تعادل‏325‏ مليون دولار‏.‏في ضوء تجربة كوريا فإن الطريق إلي بديل محلي لجوجل وياهوو بمصر يبدأ بمعلومات تقول لمواطن في قرية بأعماق الريف‏:‏ لمن يبيع اليوم فائض اللبن الذي تكون لديه بعد أن أخذ كفايته هو وأسرته من ناتج بقرته وبأي سعر‏,‏ أو لمواطن بقلب القاهرة‏:‏ كيف سيصل إلي عيادة طبيب في باب اللوق إذا ما خرج من السلم الغربي لمحطة مترو الأنفاق بميدان التحرير إذا كان هو قادما من حلوان واختلط عليه الأمر ولم يخرج من المخرج الشرقي‏,‏ أما البدايات الكلاسيكية المعتادة المفتقدة للتميز المحلي فمآلها الفشل لا محالة‏.‏

    إن كوريا ليست وحدها التي خاضت تجربة من هذا النوع‏,‏ فهناك بلدان بل ومدن وربما قري كثيرة اتبعت النهج نفسه ونجح‏,‏ وجميعها تجارب تؤكد أن ميزة الإنترنت الكبري أنها لا تحجب النجاح عن أحد مهما كان صغيرا بعيدا مهمشا‏,‏ ولا تضفي حصانة ضد المنافسة علي أحد مهما كان عملاقا يحتل مركز القلب‏,‏ ولا تمنح صكا أبديا بالنجاح لأحد حتي لو كان نجما فوق العادة ويمتلك مساحة للحركة بطول الشبكة وعرضها‏,‏ وأنها فضاء رحب أمام من يحرص علي أن يبني نفسه بنفسه ويجاهد في صون خصوصيته ويعتز بثقافته‏,‏ لكنها تضيق بما رحبت علي كل من يفتقد العزيمة والثقة وينهزم قبل أن يبدأ وينسحق بلا مبرر وبلا ثمن أمام الآخرين‏,‏ ولذلك أقول أن الطريق إلي بديل محلي لجوجل وياهوو مهمة ليست مستحيلة‏..‏ فهل لا يزال لدينا أحد يسمع أو يرضي بشرف المحاولة؟

    ملاحظة : الموضوع منقول لغرض المناقشة وزيادة المعلومات .


+ الرد على الموضوع

الأعضاء الذين شاهدوا هذا الموضوع : 0

You do not have permission to view the list of names.

لا يوجد أعضاء لوضعهم في القائمة في هذا الوقت.

المفضلات

المفضلات

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •