ترتبط التحيات غالبا بظروف الخطاب ومقتضيات الحال.فالعلاقة بين قطبي الخطاب تحكمها اعتبارات نفسية واخلاقية وقد يتدخل السن والجنس والمستوى الثقافي لتوجيه التحية وتخصيصها بميزة معينة تعكس دلالة يريدها الكاتب ان تصل الى عين القارئ مشحونة بانطباعاته وتصوراته...فحين نختم تدخلنا بكلمة(تحية واتاوية) فهذا لا يقتصر فقط على عنصر الانتماء الى هذا المجتمع الافتراضي ,بل يتعداه الى تبني فكره والتقوقع داخل دائرة توجهه والدفاع عنه والانتاج حسب رؤيته الخاصة به.
ان التحية الختامية داخل واتا تختلف من شخص الى اخر ,وهذا راجع الى تعدد التخصصات واختلاف الثقافات وقصدية كل فرد منا من التحية .ومن المعروف الى حد الابتذال ,ان معاني الخطاب تخرج من قناة المرسل الى قناة المستقبل اليه محملة بدلالات معينة ,وما ان يتم فك شفرتها او تاويلها حتى تلبس دلالات جديدة .من هنا كانت اللغة اداة لعدم التفاهم اكثر منها اداة للتواصل.
عندما اقرأ التحية الختامية استطيع ان اتلمس موقف صاحبها وانطباعه حول الموضوع.فقد يكون مجاملا او متهكما او صريحا او منفعلا او مقتنعا او معجبا...فالعلاقة بين التعليق والتحية هي علاقة تكامل وليست علاقة تنافر,لذلك غالبا ما تجد التحية مكملة لمحتوى التعليق وان بدت في شكلها الخارجي منمقة الا انها في الحقيقة استمرار لخطاب مبني على نوعية العلاقات الافقية والعمودية التي تحكم المتخاطبين وكذا ظروف انتاج الخطاب.
وكمثال على ما ذكرت ,نرى ان انتاج التحية لاناس نعرفهم ونقدرهم او ربما نجاملهم باعتبار العلاقات التي تحكمنا ,يكون غالبا موشوما بالافتخار والانبهار والمدح والتاييد.فحين يكتب مثلا الاستاذ عامر العظم ,تجد الكثير يتسارعون الى تمجيد فكره والقاء التحية الختامية المتشبعة بحبهم واخلاصهم واعتزازهم بانتمائهم لجمعيته.بينما قد لا يلقى اخر غير معروف نفس الاقبال ونفس التحية وان كان فكره او مواقفه متسمة بالنضج والابداع.
وما اثار انتباهي هو نوع التحية التي يلقيها الاستاذ العظم,فالتحية عنده مرتبطة بالمقام ولا تخرج عن سياق الكلام.وهذا يعني انه يجعل التحية الختامية مترجمة لموقفه من الموضوع المطروح ومراة لنوع السلوك الذي يتبناه.
وقد اخذ منه كثيرون في المنتدى هذا السلوك في التعامل مع التحية الختامية وتبنوه عن رضا لانه فعلا يلبي حاجة نفسية تبعدهم عن سياقات المجاملات الخطابية التي تصبح لاحقا ك(تحرشات) لا طائل من ورائها.
والسلام
المفضلات