Warning: preg_replace(): The /e modifier is deprecated, use preg_replace_callback instead in ..../includes/class_bbcode.php on line 2958
نعم...نحن ندعي امتلاك الحقيقة المطلقة وإن رغمت أنوف!!

آخـــر الـــمـــشـــاركــــات

+ الرد على الموضوع
النتائج 1 إلى 10 من 10

الموضوع: نعم...نحن ندعي امتلاك الحقيقة المطلقة وإن رغمت أنوف!!

  1. #1
    عـضــو الصورة الرمزية راضي عبد المنعم
    تاريخ التسجيل
    13/10/2007
    المشاركات
    187
    معدل تقييم المستوى
    17

    افتراضي نعم...نحن ندعي امتلاك الحقيقة المطلقة وإن رغمت أنوف!!

    الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين.
    وبعد:
    فقد لاحظت أن كثيرا من أعداء الحق يتهمون المسلمين بأنهم يقولون عن أنفسهم "نحن أصحاب الحقيقة المطلقة ومذاهب مخالفينا باطل وزور.."وقد يجد المسلم حرجا في نفسه، وضيقا من تشنيع خصمه، فيستعظم أن يكون وحده على حق وملايير الناس على باطل...وقد يتلكأ أو يتنازل بعض تنازل وفي ذلك هلاكه قطعا..

    نعم..

    ندعي امتلاك الحقيقة المطلقة وإن رغمت أنوف!!

    قال الحق جل وعلا:
    {فَذَلِكُمُ اللّهُ رَبُّكُمُ الْحَقُّ فَمَاذَا بَعْدَ الْحَقِّ إِلاَّ الضَّلاَلُ فَأَنَّى تُصْرَفُونَ }يونس32

    وقال أهل الأهواء بمختلف صنوفهم:
    "لا يحق لأحد أو لجماعة أن تدعي امتلاكها للحقيقة المطلقة"

    هذا هو سلاحهم الجديد الذي يشهرونه ،تلوكه ألسنتهم وقد جاؤوا من شتى النحل:
    -فمنهم فلول البلشفية/ الماركسية/الداروينية الذين كانوا نظريا يعتقدون الجدل والتطور فلا شيء يثبت على حال ولا حقيقة تستقر ،أقول "نظريا" لأنهم عمليا كانوا من أكثر الناس جمودا على عقيدتهم..فالماركسية هي العلم الذي لا علم غيرها،وتفسيرهم للتاريخ هو التفسيرالذي لا يعول إلا عليه،وكل ما عدا ذلك اديولوجية وفكر بورجوازي..وقد بلوناهم قديما في الحوار فكان" المناضل" منهم يكتفي بوصف فكرة خصمه بأنها امبريالية ورجعية وينهي الحوار منتفشا كالطاووس!.

    -ومنهم حشود المتأمركين/البراجماتيين/البرلمانيين..وهؤلاء في خاصتهم أبعد الناس عن نسبية المعرفة رغم صراخهم بها وإلا أي تفسير يعطى لمذهبهم عن نهاية التاريخ، وأي مسوغ يقدم لسعيهم لإدخال "نمط العيش الأمريكي"في كل ركن من أركان المعمور،ويحاربون بلا هوادة كل من تسول له نفسه أن يعيش على نحو مغاير،وقد يقصفون شعبا بعيدا عنهم بآلاف الأميال لا لشيء إلا لأنه لا يحب لبس "الجينز "ولا الذهاب إلى السينما ،ولا الوقوف كل صباح أمام المرآة ليحلق ذقنه !!
    يقصفونهم بلا رحمة ويقولون هؤلاء يدعون امتلاك الحقيقة المطلقة فلا مكان لهم في عصرنا!!

    -ومنهم الشذوذيون/الشهوانيون/الكلبيون.
    وهؤلاء لا علاقة لهم بفكر أو فلسفة وإنما مصلحتهم في اضطراب المعايير وتمييع الموازين حتى لا ينكر على واحد منهم شذوذا ولا انحرافا..ويصرخ في وجهك :الشذوذ هو عن قاعدة ،والقواعد نسبية متعددة فلماذا تصفني بالشذوذ!!

    -ومنهم غيرهم...

    {فَذَلِكُمُ اللّهُ رَبُّكُمُ الْحَقُّ فَمَاذَا بَعْدَ الْحَقِّ إِلاَّ الضَّلاَلُ فَأَنَّى تُصْرَفُونَ }يونس32
    الآية تدحض مزاعمهم في نسبية الحقيقة بصورة حجاجية منيفة لا يعارضها إلا مكابر:
    اشتملت الآية على أمرين:
    -التنبيه على وجود حقيقة واحدة أجمع عليها العقلاء إلا من كابر منهم.
    -تكذيب مذهب " نسبية المعرفة" نهائيا ودحضه استنادا على ما شهد به الخصم قبل قليل...فإما أن يتناقض مدعي النسبية و إما أن يتخلى عن باطله...

    بيان ذلك :
    صاحب مذهب النسبية يدعي أنه لا حقيقة مطلقة أبدا وكل حقيقة هي بالضرورة تاريخية، يعني تنشأ لظروف ثم تختفي لظروف أخرى ،ولا يمكن للحقيقة أن تخرج عن التاريخ فتكون حقيقة في كل زمان ومكان...هذا المذهب شبيه ببيت العنكبوت فحصاة صغيرة تخربه ..يكفي أن نبرهن له عن وجود حقيقة واحدة مطلقة ليصبح مذهبه متهافتا..
    فيقال لبعض الإسلاميين الذين يقولون بنسبية المعرفة:هل الله حق أم باطل؟أم هو حق من وجه وباطل من وجه؟أم هوحق في عصر وباطل في عصر آخر؟

    الجواب على السؤال حاسم جدا:
    فلا فرصة للتلاعب بالأفكار أو العبث بالكلمات.
    هو الكفر أو الإسلام ولا جواب غير ذلك أبدا...
    فإن أقر أن الله حق، وأن عبادته حق في السماء والأرض، وفي الماضي والمستقبل فقد أقر بوجود حقيقة مطلقة وانهار مذهبه لأنه لا يمكن أن يجمع في مذهبه بين الثبات والتغير ..
    فَمَاذَا بَعْدَ الْحَقِّ إِلاَّ الضَّلاَلُ فَأَنَّى تُصْرَفُونَ...
    القرآن ينفي "المنطقة الرمادية"ويؤسس ثنائية حادة:إما حق وإما باطل...أما شيء حق وباطل في آن واحد، أو لا حق ولا باطل فهذا لا يوجد..
    أقول لا يوجد احترازا من الظهور...فقد يظهرللمرء الشيء حقا وباطلا في آن واحد، وهذا ما يسمى بالاشتباه وليس معدودا من نسبية المعرفة في شيء...ولسان حال المرء يقول:
    نعم اختلط علي الحق والباطل ولكن بالتأكيد هنا حق أو باطل عرفه من عرفه وجهله من جهله...

    خلاصة المسألة:
    -الحقائق مطلقة مثل وجود الله واستحقاقه للعبادة ووجود نفس من يقول بالنسبية .-من المضحك جدا أن يدعي النسبي أنه هو نفسه نسبي لأنه عندما قال"أنا"فقد جعل كل ما عداه لا-أنا فكيف تجوز النسبية هنا!-
    -وجود الحقائق لا يعني معرفتها فقد يخفيها اتباع الهوى أو كسل الذهن أو تقليد الآباء أو دقة الحقيقة في ذاتها...واختلاف الناس فيها خطأ حقا، ولا ينبغي اتخاذ هذا الخطأ مذهبا يأتي على الأخضر واليابس فنزعم أن تعدد أخطاء الناس دليل على تعدد الحقيقة نفسها...
    ولنتذكر دائما الجغرافية المعرفية القرآنية:إما أن تكون في إقليم الحق أو في أقاليم الباطل.
    فَمَاذَا بَعْدَ الْحَقِّ إِلاَّ الضَّلاَلُ ..
    هذه أيضا حقيقة مطلقة!

    قضي الأمر إلى الأبد.!!

    (منقول)

    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

  2. #2
    مترجم اللغة العثمانية / باحث ومفكر الصورة الرمزية منذر أبو هواش
    تاريخ التسجيل
    08/10/2006
    العمر
    73
    المشاركات
    3,361
    معدل تقييم المستوى
    21

    احتكار الحقيقة وادعاء امتلاكها ... حقيقة ...

    احتكار الحقيقة وادعاء امتلاكها ... حقيقة ...

    الحقيقة دائما واحدة ومطلقة وثابتة، وأما من يقول إنها متعددة ونسبية ومتغيرة فهو كاذب مخادع. وأما الشيء المتعدد والنسبي والمتغير فهو نظرة الإنسان إلى الأمور من حيث كونها حقيقة أم باطلا. وذلك لأن الأمور إما أن تكون حقا، وإما أن تكون باطلا. غير أن من الناس من ينظر إلى الحقيقة فيراها حقيقة، ومنهم من ينظر إلى الباطل فيعتقد أنه حقيقة. ومن أجل ذلك فقد كان الدعاء الإسلامي: "اللهم أرنا الحق حقا وارزقنا اتباعه، وأرنا الباطل باطلا وارزقنا اجتنابه".

    الحقيقة أن الناس كلهم يحتكرون الحقيقة. هذا هو ما يفعله الناس باستمرار، وهذا بلا شك من حقهم، وهو بلا شك من بديهيات الأمور، وهو أيضا مسألة طبيعية وأمر منطقي. فهل هناك ما هو أكثر منطقية وعقلانية من أن يقف الإنسان خلف رأيه ومبدأه ويدافع عنهما حتى الرمق الأخير؟ ألم يقل الشاعر: "قف دون رأيك في الحياة مجاهدا ... إن الحياة عقيدة وجهاد".

    المسلمون وغير المسلمين يحتكرون الحقيقة في واقع الأمر، والذين اخترعوا تهمة احتكار الحقيقة هم أيضا يحتكرون الحقيقة وإن هم كابروا وأنكروا وتنصلوا من ذلك ... إنها حقيقة الحقائق ... إنها حقيقة لا ننكرها ... وهي حقيقة لا يمكن تجاهلها أو إغفالها ... فلماذا يصر العلمانيون وغير المسلمين على إلصاقها بالمسلمين وحدهم دون غيرهم وينسون أنفسهم؟ الحقيقة أن الحقيقة مطلقة وليس لها إلا وجه واحد ... ولا تصح الحقيقة ولا تكون الحقيقة حقيقة إلا إذا كانت بوجه واحد ... فلماذا يريد العلمانيون وغير المسلمين اقناعنا بأن الحقيقة متعددة ... وأن لها عدة أوجه بحسب زعمهم؟

    الحقيقة حق ... ولكي لا يضيع هذا الحق علينا أن نحتكره، وأن نطالب به، وأن نعلن باستمرار ملكيتنا له. الذين يريدون حرماننا من هذا الحق يستهدفوننا، ويتهموننا بالزيف والبطلان، وبأشياء كثيرة أقلها الإرهاب الفكري، يريدون بهذا تسفيهنا وإدانتنا وتجريمنا باعتبارنا خروجا عن الاتجاه العام وعن النظام العلماني الذي يحلمون به ويسعون إلى تحقيقه على حساب الإسلام والمسلمين.

    إنهم يوظفون كل شيء من أجل إقصاءنا، ويوظفون اللغة ويسخرونها من خلال اختراع المصطلحات التي لا يريدون بها إلا باطلا ... إنه باطلهم الذي يحتكرونه، ويتملكونه، ويدعون أنه حقيقة نسبية في مواجهة الحقيقة المطلقة.

    والله أكبر،

    منذر أبو هواش

    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

    خبير اللغتين التركية و العثمانية
    Munzer Abu Hawash
    Turkish - Ottoman Translation
    Munzer Abu Havvaş
    Türkçe - Osmanlıca Tercüme
    munzer_hawash@yahoo.com

  3. #3
    أستاذ بارز الصورة الرمزية طه خضر
    تاريخ التسجيل
    28/07/2007
    العمر
    53
    المشاركات
    4,092
    معدل تقييم المستوى
    21

    افتراضي

    الإسلام هو دين الله منذ الأزل، ولم يأت المسلمون بدين ٍ جديد ٍ كما يزعم البعض؛ فرسالة الإسلام الخالدة أتت متممة لما قبلها ومعدّلة لما طرأ على الديانات السماويّة الموحّدة من تغيير وتبديل لحاجات في نفوس البشر جعلت منها أقرب إلى الوثنيّة، هذا إن لم تكن أضل منها؛ فالوثنيّة آمنت بآلهة متعددة في أسوأ حالاتها، وجاء من استلم الامر بعد الرسل فأحدثوا وبدّلوا وغيّروا وزّوّجوا الله وجعلوا له ولدا وشركاء في الملك " تعالى عن ذلك علوّا كبيرا"؛ فأتت رسالة الإسلام مصححة للخلل العظيم الذي أودى بالبشريّة وجعل عامتهم وهملهم وصالحهم وطالحهم في التجديف والكفر سواء؛ ففي الوقت الذي باتت فيه الحنيفيّة المسلمة لا تكاد تذكر ولا أثر لمتبعيها، كانت الوثنيّة بأشكالها المختلفة تطغى على الأرض وتتحكم بمصائر البشر، وعمّ الطوفان حتى علا وألجم وأغرق كل من كان له عقل أو وعى وأدرك، وبعد أن انحدرت البشريّة إلى هذه المرحلة والدركات كانت رسالة خاتم الرسل والنبيين محمد صلى الله عليه وسلم موحـّدة لله ومذكّرة بما كان سائدا قبل أن يعتري الديانات ما اعتراها من تحريف وتبديل وتشويه ساوى الله في بعض حالاته بالبشر؛ فدين الله واحد ولا يقبل التجزئة، والحقيقة المطلقة واحدة، بل ويؤمن بها كل من آمن بالله الواحد الفرد الصمد الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد وبإرساله للرسل تترا أو متفرقين، وشرع الله واحد ولا يتجزأ، وكل من يقول بغير هذا القول فهو ضال ولا يملك من الحقيقة إلا اسمها المجرّد!!.

    للواحد ِ الأحد ِ الولاءُ ... وليسَ للبشر ِ الخضوعْ

  4. #4
    عـضــو الصورة الرمزية راضي عبد المنعم
    تاريخ التسجيل
    13/10/2007
    المشاركات
    187
    معدل تقييم المستوى
    17

    افتراضي

    أستاذنا الكبير الثبت العملاق منذر أبو هواش ،
    حياك الله وبياك وشكر لك مرورك الكريم وتعقيبك المفيد .

    ومما لا شك فيه أنه لا يوجد ما يسمى بـ "نسبية الحقيقة" تبعاً لـ "نسبية الأفهام" ، فالأفهام ليست طرفاً فى تأصيل الحقائق ولا علاقة لها بوجود الشئ أو عدمه ، ولا يمكن أن يكون أى منهما دليل على وجود أو نفى الآخر ، بمعنى أن عدم الفهم أو تشعبه واختلافه لا يعنى أن الحق مفقود بينهم ، أو أنهم جميعاً يمثلون الحقيقة فى مجموعها وتم توزيعها عليهم بقدر أفهامهم ، كما أنه لا يعنى أيضاً ومن باب أولى أن عدم الإدراك يعنى العدم ، فالموجودات لا يؤثر فى كينونتها عدم إدراكها ، وفى الوقت نفسه فإن الحقيقة فى وجودها المجرد لا تستقى شرعيتها من القدرة على فهمها أو إدراكها ، فهى موجودة مقررة وإن تناثرت حولها الآراء الفاسدة والباطلة !

    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

  5. #5
    عـضــو الصورة الرمزية راضي عبد المنعم
    تاريخ التسجيل
    13/10/2007
    المشاركات
    187
    معدل تقييم المستوى
    17

    افتراضي

    أستاذي الفارس النبيل طه خضر ،
    جزاك الله خيرًا على مرورك الكريم وكلامك الذي هو حق لا مرية فيه .

    وإن كان لأمريكا أن تجمع بضع دول في تحالف عسكري في مخالفة لما يسمونه "الشرعية الدولية" وعكس إرادة "مجلس الأمن" للقيام بغزو دولة حرة مثل العراق لنشر الديمقراطية الغربية المستوردة ، وكضربة استباقية ضد "الإرهاب" ، فأي لوم على المسلمين في جهاد الطلب ونشر الإسلام بالسيف علمًا بأن الغزاة المسلمين لم يسعوا أبدًا لفرض دينهم على الشعوب ، بل اقتصروا على إسقاط الأنظمة الحاكمة الظالمة الفاسدة وإقامة حكم الله تعالى ..

    وها هي دول الغرب تجد وتسعى في الغزو والحرب لنشر الديمقراطية الأمريكية ، فأي لوم وأي عتاب علينا ونحن إنما سبقناهم بالحق الذي نملكه لا بالباطل !

    ونحن لما سألناهم : هل الديمقراطية حق مطلق لا خطأ ولا عيب فيه ؟
    قالوا : بل فيها عيوب وليست حقيقة مطلقة !

    يا الله !
    أيفعلون كل هذه الأفاعيل ويعلنونها حربًا على الملايين حرقًا وهلاكًا وتدميرًا وسفكًا للدماء وانتهاكًا للأعراض من أجل حقيقة نسبية باعترافهم ، ولا ننهض نحن للجهاد في سبيل الله وفي سبيل الحق المطلق الذي نملكه ؟!!

    وعش ملكًا أو مت كريمًا وإن تمت == وسيفك مشهور بكفك تعذر

    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

  6. #6
    عـضــو
    تاريخ التسجيل
    20/09/2007
    المشاركات
    111
    معدل تقييم المستوى
    17

    افتراضي

    الأخ الكريم راضي عبد المنعم :
    أعتقد أنه من الأهمية بمكان أن نفرق ما بين حقيقة وجود (الحقيقة المطلقة ) وما بين امتلاكنا لها وحيازتها.. لأنه إن لم نفعل ذلك فسنقع في مطبات ومزالق نحن في غنى عنها..!
    فالحديث عن الحقيقة المطلقة والبحث عنها وإثباتها أمام الرافضين لها ، ينبغي أن يبقى مفصولا بالكلية عن الزعم بامتلاكها أو القدرة على استيعابها مطلقا..لسببين :
    الأول : إننا كمخلوق ضعيف لم نُعطَ القدرات ولا الملكات ولا الإمكانات لاستيعاب حقائق المطلق بشكل مطلق .. ودليل ذلك قوله عليه السلام (تفكروا في خلق الله ولا تتفكروا في ذاته)..لأنه تعالى حقيقة مطلقة فلا نستطيع استيعاب شأنه (كل يوم هو في شأن) ,,
    والثاني: لأن سر وجودنا في هذه الحياة يقوم على أساس البحث عن الحقيقة ..حيث جعلت هذه الدار دار بلاء وامتحان(الذي خلق الموت والحياة ليبلوكم ) ..هذا البلاء وذاك الإمتحان لا ينتهيان ما دام في الإنسان نَفَس يدخل ويخرج.. فالإدعاء بامتلاك الحقيقة المطلقة يناقض فلسفة وجود الإنسان على الأرض ..اللهم إلا إذا كان المقصود بالإمتلاك هنا هو الإمتلاك النسبي ..وهو كذلك.. ونستدل على هذا الفهم من قوله تعالى(واعبد ربك حتى يأتيك اليقين) أي الموت وسماه يقينا وبعد الموت نستطيع استيعاب المطلق لأننا خرجنا من دائرة البلاء الى دار الحقيقة .. لاحظ قوله عليه السلام (الناس نيام فإذا ماتوا انتبهوا)

    ولكن ما دمنا ندب على الأرض فإن تعلقنا بما نعتبره حقائق مطلقة لا يكون إلا بطريقة نسبية ،، وتتفاوت النسبية هنا بتفاوت استعدادات الناس العقلية والذهنية لهضم هذه الحقائق واستيعابها ..

    فرسالة الإسلام حقيقة مطلقة لا مراء فيها ولا جدال .. ولكن حقيقة استيعاب المسلمين لهذا الإسلام هي نسبية متفاوتة.. !!
    وما بين الحقيقة المطلقة ونسبية استيعابها وهضمها بون شاسع.. فما بالك لو تفحصنا مقدار ما نطبق على أرض الواقع مما استوعبناه جزئيا من الحقيقة المطلقة!!!
    وفي المحصلة النهائية فإن كوني وكونك مسلمين لا يعني بالضرورة امتلاكنا للحقيقة المطلقة للإسلام بل نحن وغيرنا نمتلك الحقيقة النسبية عن الحقيقة المطلقة وهي الإسلام..

    تحياتي

    سنكسرُ الحصار..
    ونرفض الصَغار..
    ونمنعُ الدمار..
    ونجلُوَا الغبار..

  7. #7
    مترجم اللغة العثمانية / باحث ومفكر الصورة الرمزية منذر أبو هواش
    تاريخ التسجيل
    08/10/2006
    العمر
    73
    المشاركات
    3,361
    معدل تقييم المستوى
    21

    بين الحق والباطل ...

    أخي عبد السلام معلا،

    أعتقد أنه ينبغي الانتباه إلى أن المداخلات جميعها بأعلاه قد جاءت في سياق الرد على المناهضين للإسلام الذين تفننوا في محاولات التشكيك والتدليس، ومحاولات إلقاء الظلال والشكوك على حقيقة الدعوة الإسلامية التي يتولى المسلمون مهمة حملها وتبليغها إلى العالمين بمختلف الطرق والوسائل.

    وقد نوهنا إلى أن هؤلاء المناهضين للحقيقة الإسلامية (وهي كذلك في نظرنا واعتقادنا) يستهدفوننا، ويتهموننا بالزيف والبطلان، وبأشياء كثيرة أقلها الإرهاب الفكري. لذلك فقد خصصنا هذه المداخلات من أجل فضح الملابسات حول الغاية من هذا الاتهام المتهافت والمتكرر لكل الداعين إلى الإسلام والمدافعين عنه. هذا الاتهام الذي يلمح إلى أن تمسك المسلمين بعقيدتهم ودفاعهم المستميت عنها إنما هو احتكار للحقيقة ... تلك الاتهامات الخبيثة تندرج في إطار الإرهاب الفكري المناهض للإسلام، وفي إطار الحملة الدولية عليه التي تدخل بدورها ضمن سياقات المحاولات العدوانية المتهافتة من أجل الالتفاف على الإسلام، ومحاصرة أتباعه وأنصاره ومفكريه.

    إن اتهام المسلمين بادعاء احتكار الحقيقة يعني بكل بساطة اتهام المسلمين بأنهم لا يملكون الحقيقة، وهو طعن مبطن في صحة الإسلام، وهو استدراج خبيث للمسلمين من أجل تشكيكهم في صحة دينهم، وأخذ موافقتهم الضمنية على احتمال أن تكون عقيدتهم عقيدة باطلة.

    ليس هذا بحثا في الحقيقة وأنواع الحقيقة كما يبدو في ظاهر الأمر، وإنما هو إعلان رفض لمحاولات وضع الإسلام في خانة الشك والاتهام، ونحن هنا لسنا في سياق البحث في حقيقة الإسلام أو إثباتها أمام الرافضين ... بل نحن هنا في سياق الرد على ادعاءات الرافضين واتهاماتهم ... ومطالبتهم لنا بالتخلي عن اعتقادنا بصحة ديننا ... أو بإبداء نوع من التنازل أو التراخي حول اعتقادنا الثابت بحقيقة ديننا ... وهذا موضوع آخر ...

    إنه يا أخي حديث عن حقيقة ومنطق الأمور ... إنهم يحاولون تشكيكنا في عقيدتنا ... يقولون لنا إن تمسككم بعقيدتكم وإيمانكم بصواب دعواكم ليس مطلقا، وإنما هو مجرد ادعاء يحتمل الصواب والخطأ ... إنهم يتحدثون عن الحقيقة وهم يقصدون الإيمان والعقيدة ...

    لسنا هنا في وارد الحديث عن حقائق الكون ... وإنما هو حديث عن الحق والباطل ... إنه حديث يتعلق بالمزايدات التي يقوم بها أهل الباطل حول ما نؤمن بأنه الحق ... إنه دفاع عن المسلمين ضد المشككين والمدلسين من أعداء الإسلام ...

    إن حديثنا هنا يدخل في سياق عبارتك الكريمة "فرسالة الإسلام حقيقة مطلقة لا مراء فيها ولا جدال" ... فلنلتزم هنا بهذا السياق ...

    تحية ملتزمة ... وبالله التوفيق ...

    منذر أبو هواش

    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

    خبير اللغتين التركية و العثمانية
    Munzer Abu Hawash
    Turkish - Ottoman Translation
    Munzer Abu Havvaş
    Türkçe - Osmanlıca Tercüme
    munzer_hawash@yahoo.com

  8. #8
    عـضــو الصورة الرمزية راضي عبد المنعم
    تاريخ التسجيل
    13/10/2007
    المشاركات
    187
    معدل تقييم المستوى
    17

    افتراضي

    أخي الكريم الفاضل عبد السلام معلا ،
    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ،

    أخشى أنه قد وقع سوء فهم لمعنى (الامتلاك) ولمعنى (الحقيقة المطلقة) ، وإليك البيان :

    (1)
    امتلاك فكرة ما لا يعني أنني أقتنيها بالمفهوم المادي للامتلاك ، بل يعني أني أحمل هذه الفكرة وأؤمن بها وأعتقد صحتها وسلامتها ، وأي سوء فهم لهذا المعنى سيجرنا إلى جدل عقيم حول إحاطة المحدود بغير المحدود وهكذا .
    فتحرير المصطلحات وما يُعني بها مهم جدًا قبل الشروع في أي مناقشة للمحتوى .

    (2)
    الحقيقة المطلقة ليس المقصود بها الحقيقة الكاملة الكلية ، فهذه مما اختص به الله تعالى ، بل المقصود بها هو ما يسميه القرآن (الحق) في مقابل (الظن) ؛ فوجود الله حق ، وعبادته حق ، والحكم بشرعه حق ، ونبوة محمد حق ، والقرآن حق ، والجنة حق والنار حق ، .. إلخ ..
    والحق - أو الحقيقة المطلقة بتعبير العلمانيين - يأتي من عند الله ، فما عنده حق ، وما عند غيره مجرد ظن ، والظن لا يغني من الحق شيئًا .

    فنحن عندما نتكلم عن الحقيقة المطلقة إنما نقصد بها ما أخبرنا به الله وأخبرنا به رسوله وفقهه عن رسول الله الصحابة الكرام وأفهموه للتابعين وهكذا حتى وصلتنا الحقيقة ناصعة ..
    ولم لا وهو الذي تركنا على المحجة البيضاء ليلها كنهارها لا يزيغ عنها إلا هالك ، وهدانا إلى الصراط المستقيم لا صراط المغضوب عليهم ولا صراط الضالين ؟

    وهذا هو الرد على كلامك بكوننا عاجزين عن استيعاب المطلق بقدراتنا المحدودة ، فليس القصد من الحقيقة هو ما عنيته حضرتك باستيعاب المطلق أو الإحاطة الكاملة الكلية بالأمور ، فهذا ليس لأحد ولا حتى لمجموع الأمة ، بل هو مما اختص الله به تعالى ، وليس هو موضوع كلامنا إطلاقًا ، إنما الكلام عن مطابقة إيماننا واعتقادنا للحقيقة ..
    نحن نؤمن بوجود الله وندركه ، وهناك فرق كبير بين الإدراك والإحاطة ، فنحن ندرك وجود الله وندرك أنه عليم سميع بصير ، لكننا بالطبع لا نحيط علمًا بهذا الوجود ولا نحيط بعلم الله تعالى ولا سمعه ولا بقية صفاته ، ورغم هذا فإن إيماننا بكون الله موجودًا عليمًا سميعًا بصيرًا هو إيمان بحقيقة مطلقة نملكها وندعو إليها .

    فما نملكه هو هذا الإيمان أو الاعتقاد ، وهو مطابق للحقيقة ، وهذا هو معنى امتلاكنا للحقيقة المطلقة .

    (3)
    أما قول حضرتك إن سر وجود الإنسان هو البحث عن الحقيقة ، فقول لا أوافق عليه ، بل هو قول شنع عليه كثير من أهل العلم وأنكره أهل السنة والجماعة ..
    وأصله هو متكلمو المعتزلة الذين أوجبوا أول واجب على المكلف وهو النظر في أدلة وجود الله ثم أدلة جواز إرسال الرسل ثم إثبات نبوة محمد وهكذا حتى يبلغ المرء عقيدته كاملة من خلال النظر العقلي ، وأخذ عنهم هذا الأصل الفاسد متأخرو الأشاعرة ..
    وعندهم أن الإنسان إذا بلغ سن التكليف وجب عليه النظر ثم الإيمان واختلفوا فيمن مات قبل النظر أو في أثنائه ، أيحكم له بالإسلام أم بالكفر ؟!
    وينكرون المعرفة الفطرية ويقولون إن من آمن بالله بغير طريق النظر فإنما هو مقلد ورجح بعضهم كفره واكتفى بعضهم بتعصيته ، وهذا ما خالفهم فيه الحافظ ابن حجر رحمه الله ونقل أقوالاً كثيرةً في الرد عليهم وإن لازم قولهم تكفير العوام بل تكفير الصدر الأول (انظر فتح الباري 3/ 357، 361، 13/347- 358) .
    كذلك رد عليهم شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في الأجزاء 7-8-9 كلها تقريبًا من سفره الموسوعي (درء تعارض العقل والنقل) .

    إنما سبب وجود الإنسان هو عبادة الله تعالى وطاعته فهذا قوله تعالى : "وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون" ، وقوله : "ولقد بعثنا في كل امة رسولاً أن اعبدوا الله واجتنبوا الطاغوت" ، وقوله : "واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئًا" ..
    وعن ابن مسعود رضي الله عنه أنه قال : من أراد أن ينظر إلى وصية محمد صلى الله عليه وسلم التي عليها خاتمه فليقرأ قوله تعالى "قل تعالوا أتل ما حرم ربكم عليكم - إلى قوله - وأن هذا صراطي مستقيما" .
    وقول رسول الله صلى الله عليه وسلم : "حق الله على العباد أن يعبدوه ولا يشركوا به شيئًا ، وحق العباد على الله أن لا يعذب من لا يشرك به شيئًا" وهو في الصحيحين .

    (4)
    أما قول حضرتك أننا نمتلك الحقيقة النسبية عن الحقيقة المطلقة التي هي الإسلام ، فأرجو أن تلاحظ أننا لا نتكلم عن اختلافات فقهية أو مسائل اجتهادية ، بل نتكلم عن ثوابت الإسلام وما هو معلوم من الدين بالضرورة ، وهو الحق من ربك وما بعد الحق إلا الضلال ، فلازم قولك أننا كلنا على ضلال والعياذ بالله !
    وطبعًا سيادتك لا تقصد ذلك ، إنما هو لازم القول كما هو واضح .

    وفي الختام :
    أحييك أخي الفاضل الكريم عبد السلام معلا وأشكرك على تعقيبك وجزاك الله خيرًا على مناقشتك لأخيك ، ودعواتي لك بدوام الصحة والعافية والتوفيق في كل أمورك .

    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

  9. #9
    عـضــو
    تاريخ التسجيل
    20/09/2007
    المشاركات
    111
    معدل تقييم المستوى
    17

    افتراضي

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة راضي عبد المنعم مشاهدة المشاركة
    أما قول حضرتك إن سر وجود الإنسان هو البحث عن الحقيقة ، فقول لا أوافق عليه ، بل هو قول شنع عليه كثير من أهل العلم وأنكره أهل السنة والجماعة ..
    وأصله هو متكلمو المعتزلة الذين أوجبوا أول واجب على المكلف وهو النظر في أدلة وجود الله ثم أدلة جواز إرسال الرسل ثم إثبات نبوة محمد وهكذا حتى يبلغ المرء عقيدته كاملة من خلال النظر العقلي ، .
    أخي الكريم راضي عبدالمنعم:

    عندما قلت إن سر وجود الإنسان هو البحث عن الحقيقة ، لم أقصد أبدا بان هذا الإنسان وُجِد هملا ومقطوعا عن السياقات المعرفية والمرجعيات التبصيرية.. التي تفتح منافذ احساسه وتوجهها نحو الحقيقة والنور،، وأنه ينبغي عليه الإنطلاق في بحر متلاطم مستخدما عقله المجرد ليبحث عن حقائق الكون والحياة والخلق..!! وكل ما أقصده أن الإنسان مكلف بالبحث والتنقيب في ملكوت الله ليتعرف على عظمة الله ( الحقيقة)،، ويترتب على كون الإنسان مكلف بالبحث عن المعرفة أن الحقيقة لا تُمنح له وإلا لسقط التكليف ولانتفى الحساب ،، ولانعدم التفاضل بين الناس ..،، وكل هذا لا يناقض أن الإنسان وجد ليعبد الله تعالى (وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون) إذ يذهب أوجَه التفاسير الى تقرير معنى العبادة هنا الى المعرفة ،،(معرفة الله) ..

    وأنا متأكد من أنني وإياكما الأستاذان الفاضلان منذر أبو هواش وراضي عبدالمنعم .. ندندن حول ذات الفكرة والموضوع.. ولكنني أدرك في ذات الوقت عجز الكلمات والعبارات (أقصد خاصتي) عن الإفصاح الواضح عما يجول في الفكر ويعتمل في الوجدان..

    بارك الله فيكما وزادكما من فضله.

    سنكسرُ الحصار..
    ونرفض الصَغار..
    ونمنعُ الدمار..
    ونجلُوَا الغبار..

  10. #10
    أديب وكاتب الصورة الرمزية سعيد نويضي
    تاريخ التسجيل
    09/05/2007
    العمر
    68
    المشاركات
    6,488
    معدل تقييم المستوى
    23

    افتراضي رد: نعم...نحن ندعي امتلاك الحقيقة المطلقة وإن رغمت أنوف!!

    بسم الله الرحمن الرحيم...

    السلام عليكم ورحمة الله و بركاته...نفعنا الله عز و جل بما قدمتم في هذه الكلمة "الحقيقة" التي تشع نورا ساطعا لا ريب في صحته و في حقيقته...

    و لي كلمة بسيطة أمام أساتذتي الكبار في هذا المجال...و ما أثارني لذلك هو كلمة قالها الأستاذ عبد السلام معلا..."ندندن حول ذات الفكرة والموضوع...."

    "قال الشيخ الألباني : صحيح سند الحديث : حدثنا يوسف بن موسى القطان ثنا جرير عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لرجل :ما تقول في الصلاة قال أتشهد ثم أسأل الله الجنة وأعوذ به من النار أما والله ما أحسن دندنتك ولا دندنة معاذ فقال حولها ندندن "...

    هناك من بني جلدتنا من يعتبر العبادة مقصورة على ما سموه الفقهاءب"العبادات" و ما عدا ذلك سموه ب"المعاملات" و هو تقسيم له ما يبرره و هو لا يتناقض مع ما ورد ذكره في ما سبق...و لكن أردت أن أدندن معكم بهذه الكلمة...

    يقول الحق جل و علا : وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ (56)سورة الذاريات

    إذن كما تفضلتم بتوضيحه فسر وجود الإنسان هو العبادة...فمتى تبتدأ العبادة و متى تنتهي في حياة الإنسان؟
    تبتدأ من لحظة التكليف لما يصل الفرد إلى مرحلة البلوغ في مراحل حياته...لكن على مستوى اليوم تبدأ من لحظة استيقاظه من نومه...و تنتهي لما يضع مضجعه لينام و يأخذ قسطه من الراحة...تدبر معي قول الله جل و علا في مسألة قد تبدو للبعض بسيطة هينة و عند الله عظيمة جليلة...

    وَإِذَا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ حَسِيبًا (86)سورة النساء

    فسبحان الله العظيم...يحاسب الله جل و علا الإنسان على التحية فيجزيه بالحسنة أو يكافؤه بالسيئة على قدر رده للتحية...لذلك فالعبادة تبدأ من لحظة الاستيقاظ إلى لحظة النوم...فمسافة اليقظة تحسب كلها مسافة زمنية للعبادة...لذلك ذكرنا الرسول الكريم صلى الله عليه و سلم...لحظة النوم بآخر قول على المسلم أن يقدمه خيرا لنفسه هو الدعاء...

    "قال الشيخ الألباني : صحيح سند الحديث : حدثنا مسدد ثنا المعتمر قال سمعت منصورا يحدث عن سعد بن عبيدة قال حدثني البراء بن عازب قال قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم :إذا أتيت مضجعك فتوضأ وضوءك للصلاة ثم اضطجع على شقك الأيمن وقل اللهم أسلمت وجهي إليك وفوضت أمري إليك وألجأت ظهري إليك رهبة ورغبة إليك لا ملجأ ولا منجى منك إلا إليك آمنت بكتابك الذي أنزلت وبنبيك الذي أرسلت قال فإن مت مت على الفطرة واجعلهن آخر ما تقول قال البراء فقلت استذكرهن فقلت وبرسولك الذي أرسلت قال لا وبنبيك الذي أرسلت".

    فالحقيقة المطلقة موضوع لا يمكن الإحاطة بها كما تفضلتم بشرحه لأن الله عز و جل هو الذي يملكها...و لكن الإنسان المؤمن الذي هداه الله عز و جل للإسلام يؤمن بمالك هذه الحقيقة و يؤمن إيمانا مطلقا لا نسبيا في وجودها و في صحة ما بلغه من اصطفاه و كلفه بتبليغها لنا و للعالمين...و كلف أن يبلغ الحاضر الغائب و هذا مافعله الصحابة الكرام و من تبعهم إلى أن وصلتنا ليلها كنهارها...حقيقة وجود الله عز و جل و كتابه الكريم و رسوله المبعوث رحمة للعالمين...

    و الإشكالية التي انطلقت من سنة الاختلاف بين كل شيء و في أي شيء بطبيعة الحال ستمس أعظم شيء يمتلكه الإنسان و هو الحقيقة التي يعتبرها "مطلقة" و ليست " نسبية" فالكل يدعي الامتلاك...و الكل لا يملك حتى أبسط شيء في الوجود...و لكن يملك الإيمان بأنه على حق و الآخر على باطل...لأن الحجج و البراهين التي تثبت ذلك تنطلق من مسلمة مطلقة و ليست نسبية...أعتقد هذا هو الفرق بين من يدعي الحق و بين من يجعل الباطل حقا و يريد أن يقنع الآخر بصحة معتقده فإن لم يقتنع فرض عليه ذلك بمنطق القوة كما هو الواقع...في حين أن مالك الحقيقة المطلقة التي نؤمن بها أمرنا أن نجادلهم بالتي هي أحسن..." فَإِنْ آَمَنُوا بِمِثْلِ مَا آَمَنْتُمْ بِهِ فَقَدِ اهْتَدَوْا وَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا هُمْ فِي شِقَاقٍ فَسَيَكْفِيكَهُمُ اللَّهُ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (137) سورة البقرة...فإن آمنوا فقد اهتدوا و إن لم يؤمنوا فحسابهم عند الله جل و علا...لكن إذا اعتدوا عليكم فاعتدوا عليهم ..."الشَّهْرُ الْحَرَامُ بِالشَّهْرِ الْحَرَامِ وَالْحُرُمَاتُ قِصَاصٌ فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ (194) سورة البقرة...

    و الطعن في الدين بشتى الوسائل هو اعتداء و بالتالي يكون المسلم ملزما برد الاعتداء بالمثل...و المثل يكون بعدم الاعتداء على ما لا يحق الاعتداء عليه لأن التقوى هي الميزان هي المعيار هي الإطار لسلوك المؤمن المسلم...فهم على سبيل المثال سبوا الرسول عليه الصلاة و السلام فليس المثل أن نسبوا رسولهم بل أن نوضح لهم الحقيقة " المطلقة" التي هم عنها غافلون و بها جاهلون...

    "قُولُوا آَمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنْزِلَ إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى وَمَا أُوتِيَ النَّبِيُّونَ مِنْ رَبِّهِمْ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ (136) سورة البقرة"فالإيمان بالحقيقة المطلقة ليس هو امتلاكها بل هو العلم و المعرفة بصحتها و بصدق ما تدعو إليه...

    فالعم الذي هو طريق للمعرفة و للحقيقة قد بين الله عز وجل بما لا شك فيه أنه علم قاصر على أن يحيط بكل شيء و لا يعلمون إلا ما شاء الله عز وجل أن يعلموه...

    "اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ لَا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلَا نَوْمٌ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلَا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ إِلَّا بِمَا شَاءَ وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَلَا يَئُودُهُ حِفْظُهُمَا وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ (255) سورة البقرة"

    فالنسبية قائمة على حقيقة ما نعلم لا على الإيمان بالسبيل المؤدي لمن يعلمنا ما لا نعلم...و على سبيل المثال لا الحصر حقيقة علمنا على النار "وقانا الله جميعا عذابها" هي ضيئلة بالمقارنة مع حقيقة الإحاطة بها...فلا يحيطها بها إلا خالقها...و لكن حذرنا منها و ضرب لنا الأمثال لكي نتعلم و نعلم حقيقة وجودها...كما بين ذلك الرسول الكريم عليه أفضل الصلاة و أزكى التسليم...و الجنة كذلك جعلنا الله عز و جل من أهلها برحمته و مغفرته...ضرب لنا الأمثال لنؤمن بها و بحقيقة وجودها الفعلي لا الظني أو النسبي...و لكن الإحاطة بما فيها فذاك علم استأثر به الحق جل وعلا و رسوله صلى الله عليه و سلم لما أطلعه عليها...

    " كَمَا أَرْسَلْنَا فِيكُمْ رَسُولًا مِنْكُمْ يَتْلُو عَلَيْكُمْ آَيَاتِنَا وَيُزَكِّيكُمْ وَيُعَلِّمُكُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُعَلِّمُكُمْ مَا لَمْ تَكُونُوا تَعْلَمُونَ (151) سورة البقرة"

    لكن السؤال الذي اعتقد أنه صعب التحقيق في الوقت الراهن...هل بلغنا للآخر هذه "الحقيقة المطلقة" لأن اليقين هو الحق...و ما بعد الحق إلا الضلال...

    "وَمِنْ حَيْثُ خَرَجْتَ فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَحَيْثُ مَا كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَيْكُمْ حُجَّةٌ إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ فَلَا تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِي وَلِأُتِمَّ نِعْمَتِي عَلَيْكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ (150) سورة البقرة"

    و الآخر هنا قد يكون من بني جلدتنا الذي لا زال يراوده الشك في هذه الحقيقة...

    فاللهم اغفرنا و ارحمنا
    اللهم علمنا ما ينفعنا و نفعنا بما علمتنا و اجعلنا من أهل الجنة آمين يا رب العالمين...


+ الرد على الموضوع

الأعضاء الذين شاهدوا هذا الموضوع : 0

You do not have permission to view the list of names.

لا يوجد أعضاء لوضعهم في القائمة في هذا الوقت.

المفضلات

المفضلات

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •